الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وإن أراد ما يحرُمُ به صيدُه مِنَ المدينة على رأي مَنْ ذهب إلى ذلك، فالمُضاعَفَةُ مختصَّةٌ بالمسجد النبوي، إما مع الزيادة أو مع الاختصاص. وأمَّا ما عدا ذلك، فلا خلافَ في عدم مضاعفة الصَّلاة فيه، وهذا بخلاف مكَّة، فإنه وقع الاختلافُ: هل تختص المضاعَفةُ بالكعبة وما حولها، أو تزيدُ إلى المطاف أو تزيدُ إلى جميعِ المسجدِ المُحَوَّطِ الآن، أو تزيد بدخول الجدران (1)، أو تمتد إلى جميع مكة، أو إلى جميع الحرم. وفي تحرير ذلك ونقله طُولٌ، وبقية السؤال يُعرَفُ جوابه ممَّا تقدَّم. واللَّه أعلم بالصواب.
[حكم لبس الأحمر]
ومنها أنه سئل عن لُبس الأحمر مِنَ الصُّوف والكتَّان والجُوخ: أحرامٌ أم مكروهٌ؟ وإذا كُرِهَ، فما السَّبب في كراهته، وهل يعزَّرُ مَنْ قال: إنَّه حرامٌ؟
فأجاب: لا يحرُمُ لُبْسُ الأحمر، وإنَّما الخلاف في الكراهية بين العلماء فيه مشهور، فلبسه خلاف الأولى عند مِنْ يعتقدُ أن لا كراهية فيه للخروج مِنَ الخلاف.
والقائلُ بتحريمه ينظر فيه، فإن كان مِنْ أهل العلم، سئِل عَنْ مستنده فيه، وأُزيلتْ شبهتُه، وإن كان بخلاف ذلك فإنه يؤدبُ بما يليق به، لإقدامه على القَولِ بما لا عِلْمَ له به والحالة هذه، واللَّه سبحانه وتعالى أعلم.
[زنة خاتم النبي صلى الله عليه وسلم
-]
ومنها أنه سئل عن زنَة خاتمه صلى الله عليه وسلم وإذا عُلِمَتْ، فهل تجوزُ الزِّيادَةُ عليها، وهل تحرم الزيادة على المثقال للحديث الوارد فيه؟
فأجاب: هذه المسألة لم أرَ مَنْ تعرض لها مِنْ الأئمة الشافعية إلا
(1) في (ب): "الجدار"، وفي (ح):"الجدُر".
صاحب "القوت"، فإنه قال: لم يتعرَّضوا لمقدار الخاتم المباح، ولعلهم اكتفوا بالعرف، فما (1) خرج عنه كان إسرافًا كما قالوا في خلخال المرأة. قال: ولكن الصواب الضبط بما نص عليه الحديثُ، وهو ما أخرجه أبو داود وصحَّحهُ ابنُ حِبان عن أبي هريرة رضي الله عنه، أنّ النبيَّ قال للابس خاتم الحديد:"ما لي أرى عليك حِلْيَةَ أهل النَّار"؟ فطرحه، وقال: يا رسول اللَّه، مِنْ أيِّ شيء أتخذُه؟ قال صلى الله عليه وسلم:"اتَّخِذْهُ مِنْ ورِق ولا تِتمَّه مثقالًا". انتهى.
ونسْبَةُ الحديثِ إلى أبي هريرة رضي الله عنه سهوٌ، فهو في الكتابين المذكورين مِنْ حديث بُريدة بن الحصيب رضي الله عنه.
وأخرجه أيضًا النَّسائي والتِّرمذي، وقال: غريب. وأخرجه أيضًا أحمد بن حنبل وأبو يعلى في "مسنديهما"، وأورده (2) الحافظ الضياء المقدسي في "الأحاديث المختارة مما ليس في الصحيحين"، ورجاله رجال الصَّحيح، إلا عبد اللَّه بن مسلم، المعروف بأبي طيبة، فهو محدِّثٌ مشهور، وتصحيحُ ابن حبان لحديثه دالٌّ على قَبُوله. فأقلُّ أحواله أن يكونَ مِنْ درجة الحسن.
وقوله: إنَّهم لم يتعرضُوا له إلا ما استنبطه مِنْ مسألة الخلخال، فيه نظر، فإنَّه يُؤخَذُ مِنْ كلام بعضهم اعتباره بما دلَّ عليه هذا الحديث، وذلك أنَّ الفُوراني قال: يُكْرَهُ الخاتمُ مِنْ حديد أو شَبَهٍ، لحديثٍ ورد فيه. انتهى.
والحديثُ المذكور هو المراد، فإنَّ فيه ذكر الحديد والشَّبَه. فإذا احتج به لكراهة الحديد مِنْ جهة ما ذُكِرَ، لزمه الاحتجاجُ به لمنع أن يبلُغ به مثقالًا لصريح النَّهي فيه. وقد جزم بعض مَنْ أدركناه مِنَ الشُّيوخ بأنَّ الحديثَ المذكور إن ثبت، وجبَ الضَّبط به. وقد بيّنت أنه صالحٌ للحجة، فليُضْبَط به، واللَّه الهادي للصواب.
(1) في (ب): "كما".
(2)
في (أ): "ورواه".