الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المشار إليه فيها، وبقيت معه (1) أيَّده اللَّه حتى الآن.
[وقرأت بخطِّ بعض فُضلاء الشاميِّين أن المستقرَّ فيها بعد العلاء بن الصَّيرفي ولده سراج الدين، فانتزعها القطبُ منه، ويشبه أن يكون ذلك بعناية مخدومه البهاء بن حجِّي، ثم التمس مِنْ صاحب الترجمة أن يفعل ما تقدم، فنقوى حُجَّة البهاء على الشَّاميْين، وإلَّا فهُم كانوا يستصغرونه عن ذلك](2).
[وظيفة الفقه:]
ويليها الفقه. وكان قد ولي تدريس الفقه بالشَّيخونية في سنة إحدى عشرة وثمانمائة، رغب له عنه الإمام نور الدين علي بن سيف (3) الأبياري، بعد أن استقرَّ فيها، ودرس بها يومًا واحدًا، ورغب عنها لصاحب الترجمة، فدرس فيها إلى. . . . (4)، رغب عنه للقاضي شهاب الدين الأموي، عرف بابن المحمّرة.
[ثم وليه الونائي، ثم القاياتي، ثم العلاء القلقشندي، ثم السِّراج الوروري، ثم التقي القلقشندي، ثم البدر بن القطَّان، ثم الشهاب الأبشيهي. أولُ مَنْ وليه البهاءُ أبو حامد بن تقي الدين السُّبكي، ثم بعد موته استقرَّ فيه الشيخ ضياء الدين](2).
وولي تدريس الفقه بالشَّريفية الفخرية التي بحارة الجَوْدَرِيَّة، وهي الآن مع الشيخ شمس الدين اليامي، سنة ثمان وثمانمائة، كما ذكره هو في ترجمة أحمد بن يوسف مِنْ "معجمه"، عوضًا عَنِ الشَّيخ زين الدين حرمي عم البهاء بن حرمى وأخيه البدر، ثم رغب عنها للشيخ نور الدين علي القِمَني، ثم أخذها عنه الشهاب اليامي والد المذكور.
(1) في (ب): "مع قطب الدين الخيضري".
(2)
ما بين حاصرتين لم يرد في (ب).
(3)
في (ب): "يوسف"، تحريف. وانظر الضوء اللامع 5/ 230.
(4)
بياض في الأصول.
وكذا ولي تدريس الفقه بالكهاريَّة، ورغب عنه للبدر بن الأمانة أيضًا.
[وأظن شيخنا تلقَّاه عن النُّور الرشيدي، وهو عن الكمال الدَّميري، فان الكمال تلقَّاه بعد موت شيخه البهاء أبي حامد أحمد بن السُّبكي، وهو عن أبيه التَّقي](1).
وولي تدريس الفقه بالمؤيدية أول ما فُتحت في ثالث جمادى الأولى سنة اثنتين وعشرين وثمانمائة، فلمَّا استقرَّ في القضاء، أنهى الشيخ شمس الدين البرماوي إلى السُّلطان أنَّ شرط المؤيد أن لا يكون المدرس بمدرسته قاضيًا، وأعانه قوم آخرون، فانتزع التدريس المذكور مِنْ صاحب الترجمة، ودرس فيه يسيرًا، حتى أظهر كتاب الوقف، وليس فيه ذكر للشرط المذكور، فاُعيدَ لوظيفته، وعُوِّضَ البرماوي بأن ينوبَ عن عليِّ حفيد العراقي في جهاته بثلث المعلوم، فباشر ذلك.
ولما أُعيد التدريسُ لشيخنا، أنشد الشّمس محمد بن علي الهيثمي (2) قوله التالي لبيت ما أحببتُ ذكره من أجل البرماوي لجلالته وعلمه:
وأعاد أشرف عالمٍ سلطانُنا
…
فادعوا بنا للأشرفِ السُّلطان
واستمرَّ بيده حتَّى مات، فقرَّر فيه أحد جماعته العلامة جلال الدين المحلي، وصار لشيخ شمس الدين بن المرخِّم.
واستقر في تدريس الفقه بالخرُّوبية البدرية بمصر، رغب له عنه المحب محمد بن علي بن أحمد البكري؛ عُرف بابن أبي الحسن، في ثامن عشر رمضان سنة إحدى وثلاثين وثمانمائة بعد نحو شهرين (3) مِنَ استقراره فيه، فإنَّ المحبَّ استقرَّ فيه برغبة الشيخ عبد السلام بن داود القدسي في خامس عشر رجب من السنة.
(1) ما بين حاصرتين لم يرد في (ب).
(2)
في (ب، ط): "وأنشد بعضهم".
(3)
"شهرين" ساقطة من (أ).
[ثم أعاده شيخُنا للمحبّ، واستمرَّ معه حتى مات، فاستقرَّ فيه شيخنا البرهان بن خضر، ثم البهاء بن القطَّان، ثم زين العابدين بن الشرف المناوي، وهو الآن مع البدري بن القطان، ثم انتقل لغيره](1).
ثم تدريس الفقه بالصَّلحية، عِوَضًا عَنْ حفيد الشيخ ولي الدين العراقي في سنة ثلاث وثلاثين.
ثم صار بعد ذلك مضافًا لوظيفة القضاء، لكنه لمَّا انفصل عن القضاء آخر مرَّة، انتزع له تدريسها تطييبًا لخاطره، ولبس خُلعةً لذلك، على ما حكاه لي صاحبنا الشيخ جلال الدين بن الأمانة. قال: وكت في الصَّالحية حين مجيئه، فقمت ومشيت في خدمته، وجلست مع الجماعة، فقرؤوا شيئًا مِنَ القرآن، ودعا الشهاب بن يعقوب، وعندما وصل إلى الدعاء له، أشار له إشارة يتعجب مَنْ فَهِمَ المقصودَ منها؛ لكن دل آخر الأمرِ عليها، وأنه أمره بالدُّعاء للسُّلطان أولًا.
وبلغ قاضي الحنابلة البدرَ البغدادي مجيءُ شيخنا، فبادر لتهنئته، واستصحب معه حلوى في مجامع، فجلس بحافة الإيوان (2)، وأمر بالحلوى، فوُضعت بين يدي شيخنا، ففرَّقها على الحاضرين، وانتهى المجلس، فقام فسلم عليه الحنبلي، فلم يُقبِل عليه شيخنا بكلِّيَّته، ولا تحدَّث معه، بل استمرَّ الحنبليُّ ماشيًا بين يديه بعيدًا منه وهو في غاية ما يكون مِنَ التأثير لذلك، حتى قال الحاكي: إنه رأى وجهه وقد زاد تغيُّره فلمَّا وصلا لمحل ركوب شيخنا سلَّم عليه الحنبليُّ ليفارقه، فقال له شيخُنا: بل نتوجه معكم إلى المنزل، ودخل معه إلى المدرسة الأخرى محلَّ سكنه، ففي الحال تهلَّل وجهه سرورًا، رحمهما اللَّه.
ثم تدريس الفقه بالمدرسة الصلاحية المجاورة للإمام الشافعي ونظرها تلقاهما عن العلامة العلاء أبي الفتوح القلقشندي بحكم انفصاله عنها، وذلك في يوم الإثنين ثاني عشري (3) رجب سنة ست وأربعين وثمانمائة، وكان
(1) ما بين حاصرتين لم يرد في (ب).
(2)
في (ط): "الأبواب"، تحريف.
(3)
في (أ): "عشر".
العلاءُ تلقَّاها بمساعدة الأمير تغري بردي الدوادار عن (1) الشيخ نور الدين التّلواني بحكم وفاته، فباشرها شيخنا، وتألَّم العلاءُ لذلك.
وحضرنا السَّماع هناك في مجمع حافل -منهم الناصري ابن الظاهر جقمق- لقراءة "مناقب الشافعي" رضي الله عنه تصنيف صاحب الترجمة بالقبَّة المجاورة للمدرسة المذكورة عند رأس قبر الإمام المطَّلبي رضي الله عنه في يوم واحد ثامن جمادى الآخرَة سنة سبع وأربعين وثمانمائة، بقراءة أخي المعزول، صاحبنا الشيخ تقي الدين القلقشندي، وكان يومًا مشهودًا.
وممَّن حضر معه الدَّرس أول يوم محقق العصر القاياتي، والكمال بن البارزي وخلق، تكلَّم فيه على أول خطبة "الرسالة"، وساق نسبَ الإمام الشافعي، وذكر مَنْ في أجداده، وكذا مَنْ يلتقي بهم مِنَ الصَّحابة، ممَّا لا يشاركه في معرفته غيره مِنَ الموجودين، كما بيَّنه في المناقب.
ثم إنَّ العلامة الونائي لما رجع من الشَّام منفصلًا عن قضائها، سعى في تدريسها، لكونها كانت وظيفة صهره التَّلواني. قال شيخنا: فتركتُه له اختيارًا، وذلك في صفر (2) سنة ثمان وأربعين، فباشرها سنة ونيِّفًا ثم ضعُف، فامتد (3) ضعفُه نحو الشهرين، ومات في صفر سنة تسع وأربعين وثمانمائة، واستقر بعده القاياتي إلى أن مات، فاستقر بعده الشيخُ ولي الدين السفطي، ثم استقرَّ بعده فقيهُ الشَّافعية المناوي، ثم الحمصي، ثم المناوي إلى الآن، بورك في حياته.
فدروسه ممتعة محقَّقة، كثيرة الفوائد والفروع المنقَّحة والقواعد المحرَّرة، تقرُّ العيونُ بمشاهدتها، وتثلج الصدورُ بفهم واضحاتها ومشكلاتها، لا كمن جلس نائيًا في بعض الدُّروس المعيَّنة للفقه، فتكلَّم فيها بما قال كثيرٌ مِنَ الأئمة: إنه لا يليق بمثله الخوضُ فيه. وقال بعض
(1) في (ب): "عوضًا عن".
(2)
في (ب): "المحرم".
(3)
في (أ): "واستمر" وفي (ح): "وامتد".