الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
واليك أشكو مِنْ أذى متحكِّمٍ
…
قد نوَّع المكروه لي أنواعا
لم يُبدِ منِّي قطُّ شيئًا ساءَهُ
…
ويسوؤني ما يفتريه سماعا
مِنْ غيبة ونميمةٍ وسِعَايةٍ
…
لي بي عليَّ محرَّمٌ إجماعا
وأنا الذي بالفضل منك بدأتني
…
وجعلتني بين الأنامِ مُطاعا
حاشاك تَنزعُ مِنْ عُبَيْدِكَ قوَّةً
…
فيصيرُ ذاك النَّزع مه نزاعا
إن دام ذا الإعراضُ عني منك لي
…
ودَّعتُ أيَّامَ الحياة وداعا
[وممَّا يُنسب لصاحب الترجمة.
وقالوا عِدَى الوالي عليه تجمَّعُوا
…
فقلتُ سيَلْقَوْن الإهانةَ والبِلَى
وسوف نراهم واحدًا بعد واحدٍ
…
مع اثنين مِنْ أصحابه متمثِّلًا
وأفاد شيخُنا في تلك الأيام نقلًا عن بعض المفسرين في قوله تعالى: {رَبَّنَا لَا تَجْعَلْنَا فِتْنَةً لِلَّذِينَ كَفَرُوا} [الممتحنة: 5] أي: لا تُريهم أنَّهم على حقٍّ ونحن على باطل] (1).
فصل
فيمن رافقه من قضاة بقيَّة المذاهب وجماعة من أعيان نوَّابه ونحوهم
فأمَّا الأول، فمن الحنفية: الزين التَّفَهْنِي، والبدر العِنتابي، والسعد بن الدَّيري، ومِنَ المالكية: البساطي، وناهيك بكلٍّ منهم، وابن التّنسي، ومن الحنابلة: العلاء بن المُغلي، والمحب بن نصر اللَّه، وغيرُ خافيةٍ جلالتهما، والبدر البغدادي.
وأما الثاني، فقد استخلف عند توجُّهه إلى آمد في قضاء الشافعية
(1) ما بين حاصرتين لم يرد في (ب)، وزاده المصنف بخطه في هامش (ح).
القاضي محبَّ الدين بن الأشقر الحنفي صهرَه بعد أن سأله غيرُه في ذلك، فيقال: إنه قال له: يأتي الجوابُ مِنَ الخانقاه، أو كما قال.
ومن نوّابه: البدر أبو محمد بن الأمانة، أحد المُفتين بالدِّيار المصرية والمدرسين فيها بعِدَّة أماكن، والشهاب أبو العباس الأموي، عُرف بابن المحمِّرة، الذي وَلِيَ قضاء الشافعية للشاميين ومشيخة سعيد السعدا وغيرهما، والشيخ جمال الدين عبد اللَّه الزيتوني، والعز عبد السلام القُدسي الذي وَلِيَ مشيخة الصَّلاحية ببيت المقدس، والسراج عمر الحمصي قاضي الشام وغيرهما من البلاد، وشيخ الصَّلاحية المجاورة للشافعي وبيت المقدس أيضًا، والنور بن سالم قاضي الشافعية بصفد، ومن درَّس للمحدثين بالحسنِيّة والجمالية، والشَّرف عيسى الأقفهسي، والكمال الأسيوطي، والشهاب أحمد بن ناصر الدين البلقيني، والمحب محمد بن أبي الحسن مدرس الخرُّوبيَّة بمصر، والعلاء بن آقبرس جَليس السلطان وناظر الأوقاف وغير ذلك، والبرهان الكركي شيخ القرّاء، والبهاء بن القطَّان، وأبو العدل البلقيني الذي باشر نظر الجوالي ودرَّس بأماكن، والشهاب الشيرجي، والعز بن عبد السلام، والبرهان بن المَيْلَق، والمحب أبو البركات الهيثمي، وغيرهم رحمة اللَّه عليهم أجمعين.
وكذا في الأحياء جماعةٌ منهم، تركتهم رعايةً لعدمِ الجفاء من باقيهم. [وكذا تركت غير واحدٍ من أعيان بقية المذاهب ممَّن ناب عنه](1).
وقد كان رحمه الله في ألم بسبب كثير منهم، بحيثُ كان يقول بأخَرَة: ليس في نوَّابي مَنْ تنفتح عليه العين مَنْ أرضى ولايته يأبى الولاية، ومن لا فيراغِمُني بالرَّسائل، وكلُّ مَنْ ظننتُ فيه أنه أخفُّ أمرًا منَ الآخر، يظهر أنه أرجح منه، فأنا كما كان غيري يقول مِنْ أئمة القُضاة الفحول: بواسطتهم تكتب عليَّ السَّيِّئات، وأنا في أقرب الحالات إلى ربّ الأرضين والسماوات.
وكان كثيرًا ما يرسل إليهم مراسيمه بالتَّحذير والإنذار والتَّخويف مِنْ
(1) ما بين حاصرتين لم يرد في (ب)، وزادها المصنف في هامش (ح) بخطه.
غضب العزيز الجبار، وأنه لا يوجد في أُجرة اليمين ولا الدرهم الواحد، وفي الثبوت والعقود لا يتعدى القدر الزَّائد، وأن يخشى البلس، ويجمع بإقامة العدل قلوبَ الناس، ومن لم يفعل منهم، يُخف إثقاله عنَّا خوفًا للمؤاخذة مِنَ اللَّه، ثمَّ منا، فإنَّا عنه وعن غيره نُسأل، وكأننا بطالب لا يغفل، ومَنْ خالف شيئًا مِما نهيناه، كان معزولًا مِنْ جميع ما ولَّيناه، ونؤكد في ذلك كلِّه غاية التَّأكيد، بحيث لا يكون على ما ذكر من مزيد.
ورُفِعَتْ له رحمه الله قائمة فيها ذكرُ خصائل بعض النُّواب بنواحي الغربية، فكتب: من يثبُتُ عليه خصلة مِنْ هذه الخصال المذكورة والوقائع الشَّنيعة المشهورة، حقيقٌ بالطرد والبعاد، وأن تُراح منه البلادُ والعبادُ، لجوره في الأحكام، ومخالفته شريعة النبي علبه أفضل الصلاة والسلام، ولم يستحق الولاية ولا التوقير، بل العزل والتَّعزير، والزيادة على ذلك العزل المخلَّد والتعزير المجدّد، فإن تاب ورجع، قُبِلت توبتُه، وإلَّا حلَّت عليه مِنَ اللَّه تعالى نقمته، وما يتذكر إلَّا أولو الألباب، واللَّه تعالى أعلم بالصواب.
وكان ينبِّه مَنْ يعلم اتِّصافَه بصفةٍ ذميمة بها، رجاءَ رجوعه عنها، كقوله لبعض مَنْ سأله الاستمرار في النِّيابة عنه: حتى يتوب مِنْ شهادة الزور، ولبعض من سأله في ابتكار ولايته حتى تتوب من كذا. . كلُّ ذلك قصدًا لزجر مرتكبه، إلى غير ذلك.
وكانوا يكلفونه مرة للتَّعيين عليهم، ومرَّة للدُّعاء لهم، ومرة لمشيختهم، وعندي مِنْ أخبارهم في ذلك جملةٌ لا أحبُّ إثبات شيءٍ منها، وهم على طبقات: الأولى: من لم يباشر (1) في الأيام العلمية، وعكسه مَنْ يمتنع صاحب الترجمة مِنْ ولايته، ومن يُعين عليه غالبًا، ومَنْ لا يُعين عليه إلا نادرًا، ومَنْ يقتصر على الاسم ولا يتعاطى الأحكام إلَّا نادرًا، واللَّه تعالى يتجاوز عنه بسببهم، ويغفرُ لهم أجمعين.
(1) في (ط): "من مباشر".
وباشر النقابة عنده الشيخُ شهاب الدين أبو العباس أحمد بن يعقوب الأطفيحي الأزهري الشافعي صهر شيخ الإسلام الزين العراقي على ابنته، ونقيب ولده الشيخ وليِّ الدين، وهو كان القائم بأعباء الأمور غالبًا، وكان إليه الغاية في سرعة إدراك مقاصده بأدنى إشارة، وعندي من أخباره في ذلك جملة، مع ما اشتمل عليه مِنَ الوضاءة والظَّرف والبشاشة والتواضع، والمداومة على التهجُّد والضُّحى، وصوم الإثنين والخميس والتصدق، وغير ذلك من أنواع العبادات.
[وكفاه فخرًا أن أستاذه صاحب الترجمة كتب عنه في السّفرة الآمديَّة بعض الأحاديث كما أسلفته. وبلغني أنَّ شيخنا دعا يوم الولاية، فقال: اللهمَّ يَسِّرْ لي نقيبًا أحمدُ عاقبته فاللَّه أعلم.
وحكى لي الشهابُ الحجازي أنه اتفق له حين اختار شيخنا وبين يديه نقيبه ابن يعقوب هذا بعد البروز مِنْ خانقاة بيبرس بشباكها، والشهاب يقرأ في وظيفته أنه كان يقرأ في قوله تعالى:{وَكَذَلِكَ يَجْتَبِيكَ رَبُّكَ وَيُعَلِّمُكَ مِنْ تَأْوِيلِ الْأَحَادِيثِ وَيُتِمُّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكَ وَعَلَى آلِ يَعْقُوبَ} [يوسف: 6]، فتفاءل بذلك شيخُنا، وحرَّك رأسه متعجِّبًا مِنَ اتِّفاق ذلك.
وكذا باشر النقابة عنده] (1) التاج عبد الوهاب بن عمر الزرعي الحنفي، والشريف جلال الدين محمد بن اْحمد الجرواني نقيب الحنفي، لكنه في الولاية الثالثة فقط، وفي الآخر بعد وفاة ثانيهم، استقر الفخر بن جَوْشن، لاختصاصه بولده وكان في خدمته أيضًا مِنَ الأتباع عمر بن أبي بكر بن أحمد السِّكندري، والشهاب أحمد، وهما ممَّن ذكر في وصيته، والزين عبد الغني العطو، وهو أكثر الثلاثة به اختصاصًا (2)، ثم الشهاب، وإن كان أوَّلُهم أقدمَهم له خدمةً.
وباشر فرشَ بساطه كلَّ ليلةٍ بعد العشاء مدَّةً شمسُ الدين محمد بن
(1) من قوله: "وكفاه فخرًا" إلى هنا لم يرد في (ب).
(2)
في (ب): "وهو أكثرهم اختصاصًا".