الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
أسند وصيته إليه أن يُخفي أوراقه إلى بعد عشرين سنة مِنْ مماته، فأجرى اللَّه عز وجل عليه سُنَّته في عباده، وألبسه ممَّا أضمره رداءً بين الناس عُرف به، بحيث لا أعلم -واللَّه- أحدًا مِنْ خلق اللَّه تعالى معه ظاهرًا وباطنًا، بل صرح هو غير مرَّة بقوله: ما صحبت أحدًا وفارقته وأنا طيِّبُ الخاطر منه سوى اثنين، قلت: وأحدهما غايةٌ في الإهمال. ولمَّا كثرت وقائعُ هذا الرجل، حَسُنَ التصدي لسيرته، وإفراد ذلك في تأليف، فالجزاء مِنْ جنس (1) العمل. ألهمنا اللَّه رشدَنا، وأعاذنا مِنْ شرور أنفسنا، بمنَّه وكرمه.
[صفات المؤرخ]
وقد قال صاحب الترجمة ما نصَّه: الذي يتصدَّى لكتابة التاريخ قسمان:
قسم يقصد ضبط الوقائع، فهو غير متقيِّد بصنف منه، ولكن يلزمه التحري في النقل (2)، فلا يجزم إلا بما يتحققه، ولا يكتفي بالنَّقل الشائع، ولا سيما إن ترتب على ذلك مفسدة مِنَ الطَّعن في حقِّ أحدٍ من أهل العلم والصلاح، وإن كان في الواقعة أمر قادح في حقِّ المستور، فينبغي أن لا يُبالغ في إفشائه، ويكتفي بالإشارة، لئلا يكون المذكور وقعت منه فلتة، فإذا ضبطت عليه لزمه عارها أبدًا، فيحتاج المؤرِّخ أن يكون عارفًا بمقادير الناس وبأحوالهم وبمنازلهم، فلا يرفع الوضيع، ولا يضع الرفيع.
والقسم الثاني: مَنْ يقتصر على تراجم الناس، فمنهم من يعمِّم، ومنهم من يتقيَّد، وعلى كل منهما أن يسلُكَ المسلك المذكور في حقِّ مَنْ يترجمُهم، فالمشهور بالخير والدين والعلم لا يتَّبع مساوئه، فانه غير معصوم، والمستور قد تقدَّم حكمه، والمجاهر بالفسق والفجور إذا خُشي مِنْ ستر حاله ترتُّبُ مفسدة، كالاغترار بجاهه أو ماله أو نسبه، فيُضمُّ إلى مَنْ ليس على طريقته، فهذا يجوز له بهذا القصد أن يبين حاله بالنسبة لرفيقه أو أخيه أو قريبه، كأخوين مثلًا- اشتهرا بالعلم، وأحدهما كان مشهورًا بالعفّة
(1) في (أ، ب): "حسن".
(2)
في (ط): "الفعل"، تحريف.
والديانة، والآخر بعكسه، وربما وجب عليه بيانُ حال هذا المجاهر إذا كان هناك مَنْ يغترُّ به.
وقد بسط شيخ الإسلام النووي القول في ذلك في آخر كتاب "الأذكار" وبيَّن حال مَنْ يُباح ذكره. بما فيه، وأحال عليه في زياداته في "الروضة"، فمن أراد الوقوف عليه، فقد أرشدته إليه.
ومن جملته بيان حال المحدِّث، ثم الذي يتقيَّد بصنف من الناس تارة يكون محدثًا، وتارة يكون غير محدث، فالمحدث أصلُ وَضْع فنِّه بيانُ الجرح والتعديل، فمن عابه بذكره لعيب المجاهر بالفسق، فهو جاهل أو ملبِّسٌ أو مشارك للمجاهر في صفته، فيُخشى أن يسري إليه الوصف. ثم هذا المحدث يكون تارة بلغ رتبة الاجتهاد في الجرح والتعديل، وتارة يكون ناقلًا عن غيره، فالأول هو الذي تقدَّم تفصيل حاله، والثاني يلزمه تحرّي الصدق في النقل، ولا يعتمد على مجرّد التشنيع من كل أحدٍ، فإن للناس أغراضًا متفاوتة، بل ينظر في الناقل له، فإن كان ثقة، ليس بمتَّهم في المنقول عنه فليعتمده، وإن سماه، فهو أبرأُ لساحته، وإن شك فيه، فليقتصر على الإشارة، ولا يجزم بما يتردَّد فيه، بل يأتي فيه بصيغة التمريض، وإن كان الناقلُ له ممَّن يُنسب إلى المجازفة، أو كان بينه وبين المنقول عنه حظُّ نفسٍ، فليجتنب النَّقل عنه، فإن اضطر إلى ذلك، فليكشف أمره.
وقد خاض في ذلك مَنْ لم يُشَكْ في ورعه، كالإمام أحمد والبخاري، وهو القائل: ما اغتبت أحدًا منذ علمتُ أنَّ الغيبة حرامٌ. ومِنَ المتأخرين الحافظ تقي الدين عبد الغني صاحب "الكمال في معرفة الرجال" الذي هذَّبه المزيُّ، ولقد كان من الورع بمكان مشهور. انتهى.
وهذا فصل نافع أحببتُ أن لا أخلي الترجمة منه، وإن خرجتُ عن المقصود.
[وكذا سمعتُ غير واحد من المعترضين يذكر أنه أودع في "تاريخه" عدة حوادث انفرد بها، ولم نسمع أحدًا ممن كان في ذلك المكان بذلك الوقت يذكرها.
ويُجاب عَنْ ذلك -على تقدير تسليمه- بأنه رحمه الله في المرتبة العليا مِنَ الثِّقة والإتقان، ولكنه لم يكن ممَّن يتوجَّه إلى هذا النوع بكلِّيته، ويقلد في كثير منه بعضَ مَنْ يغلب على ظنِّه تثبُّته. وقد لا يكون ذاك (1) مشاهدة (2)، بل تلقاه عن غير ضابط. والأمر في ذلك سهل] (3).
206 -
تراجم جماعة من أعيان المائة التاسعة. رأيت بخطه منه بدمشق مجلدًا لطيفًا إلى سنة اثنتين وثلاثين عند الشهاب ابن اللبودي (4).
207 -
الإعلام بمن سُمِّي محمدًا قبل الإسلام.
208 -
تعريف الفئة بمن عاش مِنْ هذه الأمة مائة. ويُسمَّى أيضًا: الفوائد العلية في معرفة مَنْ عاش مائة مِنَ الأمة المحمدية.
جمعه لدفع من أنكر وقوع ذلك، مستدلًا بحديث جابر رضي الله عنه في "صحيح مسلم""ما من نفس منفوسة تبلغُ مائة سنة. . . " الحديث. وهو في مجلدة في المسوّدة. [وقد سبقه الذهبي وغيره لذلك](5).
209 -
القصد الأحمد في مَنْ كنيته أبو الفضل واسمه أحمد. في المسوَّدة. وقد جمع في المعنى السِّلَفي وأبو نعيم والدِّمياطي وغيرهم.
210 -
حواشي طبقات السُّبكي له.
جردتها في مجلد بعد وفاته، ومن قبلي في حياته جردها صاحبنا القاضي قطب الدين الخَيْضَري، ثم أضافها لكتاب عمله في طبقات الشافعية [وعتب عليه حيث لم ينسبها إليه، مع نسبته إلى المقريزي أشياء عمدتُه فيها
(1) من هنا إلى نهاية الفقرة سقط من (ط).
(2)
في (ح): "شاهده".
(3)
من قوله: "وكذا سمحت. . " إلى هنا لم يرد في (ب).
(4)
وقد ذكره ابن اللبودي في زياداته على مصنفات ابن حجر التي ذكرها شيخه البقاعي، والتي أشرنا إليها في الحاشية (1)، ص 660، من هذا الجزء، فقال: ذيل الدرر الكامنة، مرتب على الستين، عندي بخطه.
قلت: وقد طبع هذا الكتاب عن هذه النسخة المشار إليها، بتحقيق د. عدنان درويش في معهد المخطوطات بالقاهرة سنة 1412 هـ - 1992 م.
(5)
ما بين حاصرتين لم يرد في (ب).
صاحب الترجمة كما سأشير إليها في الباب السابع] (1).
211 -
الأجوبة الأبنية عن الأسئلة العينية، سأله إياها البدر العيني.
212 -
أرجوزة، نظم فيها "وفيات الأعيان للذهبي"، وصل فيها إلى سنة إحدى ومائتين.
213 -
تجريد الوافي للصفدي.
مرَّ على أكثره، وكان يشتغل فيه قبيل موته بيسير، وكأنه لم يكن عنده التجريد المنسوب إليه عملًا وإرشادًا قديمًا.
وقال في خطبته: إنه لم يكتب مِنْ ترجمة الشخص إلا اسمه ونسبه وشهرته ومولده إن ظفر به. ووفاته. قلت: بحيث لا تزيد الترجمة على سطر غالبًا، ولا يكتب فيه مَنْ فى "التهذيب"، بخلاف الذي قبله، أو أعرض عَنْ هذا، لكونه اشترك معه في عمله غيره بإرشاده، فإنه قال فيه: ولقد عرض لي بعد أن كتبتُ مِنْ هذا الجزء قطعةً عارضٌ، فسألتُ صاحبنا بدر الدين الدمشقي في تكملة تجريده على الشرط الذي قدمه. انتهى.
وقد رأيت هذا الكتاب في مجلد ضخم بخط صاحبنا النجم بن فهد الهاشمي، وأخبرني أنه كتبه مِنْ نسخة يمنية في مجلدين غاية في السُّقم.
[وقال لي العز الكناني الحنبلي: قد عملت أنا ذلك، فجاء في سبعة مجلدات صغار](2).
214 -
أسماء ما اشتملت عليه المتباينات له، على الحروف مِنْ غير تراجم في كراسة.
215 -
النبأ الأنبه في بناء الكعبة. عمله للمؤيد في كائنة سنة اثنتين وعشرين وثمانمائة.
216 -
شرح ألفية العراقي في السيرة. شرع فيه.
(1) و (2) ما بين حاصرتين لم يرد في (ب).