المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ ‌[المطارحات] وأما المطارحات، وقد أتيتُ بما وقفتُ عليه منها مرتبًا على - الجواهر والدرر في ترجمة شيخ الإسلام ابن حجر - جـ ٢

[السخاوي]

فهرس الكتاب

- ‌ الإملاء

- ‌[وظائفه]

- ‌[وظيفة التفسير:]

- ‌[وظيفة الوعظ:]

- ‌[وظيفة الحديث:]

- ‌[وظيفة الفقه:]

- ‌[وظيفة الإفتاء:]

- ‌[وظيفة المشيخة:]

- ‌[وظيفة الخطابة:]

- ‌[وظيفة خزن الكتب:]

- ‌[دروس ابن حجر:]

- ‌[التفسير:]

- ‌[فتاويه:]

- ‌[خُطَبُه:]

- ‌[القضاء:]

- ‌[آفات القضاء]

- ‌[بعض أعماله في القضاء:]

- ‌ذكر الإشارة إلي محنته التي شارك فيها غيره من السادات بسبب ولده

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌الباب الخامسفيما علمته من تصانيفه ومَنْ حصَّلها مِنَ الأعيان وتهادي الملوك بها إلى أقصى البلدان وما كتبه بخطه مِنْ تصانيف غيره ليظهر حسن قصده وعظم خبره

- ‌[مصنفات ابن حجر]

- ‌الأربعينات

- ‌المعاجم والمشيخات

- ‌تخريجه لشيوخه وغيرهم

- ‌الطرق

- ‌الشروح

- ‌علوم الحديث

- ‌فنون الحديث

- ‌الرجال

- ‌[صفات المؤرخ]

- ‌الفقه

- ‌أصول الدين

- ‌أصول الفقه

- ‌العروض والأدب

- ‌[اعتناء الملوك بتصانيف ابن حجر]

- ‌[مشاهير من نسخ مصنفات ابن حجر]

- ‌[وليمة فتح الباري]

- ‌[مَنْ كَتَبَ فتح الباري]

- ‌[شروح البخاري]

- ‌فصل

- ‌الباب السادسفي سياق شيء من بليغ كلامه نظمًا ونثرًا وفيه فصول

- ‌[تقريظ كتاب نزول الغيث للدماميني]

- ‌[تقريظ بديعيه الوجيه العلوي]

- ‌[ما كتبه على قطعة لابن ناهض]

- ‌[تقريظ سيرة ابن ناهض]

- ‌[تقريظ بديعية ابن حجّة]

- ‌[تقريظ آخر على بديعية ابن حجّة]

- ‌[وقد قرض شيخنا لابن حجّة قصيدته الثانية التي امتدح بها البدري بن مزهر حسبما أشار إليه النواجي في "الحجة"، فينظر]

- ‌[تقريظ عجاله القرى للتَّقي الفاسي]

- ‌[تقريظ الزهور المقتطفه من تاريخ مكة المشرقة للتقي الفاسي]

- ‌[تقريظ تحفة الكرام للتقي الفاسي]

- ‌[تقريظ مجموع تقي الدين الكرماني]

- ‌[تقريظ ديوان الملك الأشرف]

- ‌[تقريظ ديوان الملك الكامل]

- ‌[تقريظ الرد الوافر لابن ناصر الدين الدمشقي]

- ‌[تقريظ شرح عقود الدرر في علوم الأثر لابن ناصر الدين]

- ‌[تقريظ وجهة المختار لابن سويدان]

- ‌[تقريظ شرح منهاج البيضاوي لابن إمام الكاملية]

- ‌[تقريظ الأربعين لجلال الدين البلقيني]

- ‌[تقريظ نزهة القصَّاد للشريف النسَّابة]

- ‌[تقريظ الغيث الفائض في علم الفرائض للحسيني]

- ‌[تقريظ مسألة الساكت للسوبيني]

- ‌[تقريظ في منظومة الشغري في النحو]

- ‌[تقريظ البرهان الواضح للناس لابن أبي اليُمن المكي]

- ‌[تقريظ زهر الربيع في شواهد البديع لابن قرقماس]

- ‌[تقريظ الجامع المفيد في صناعة التجويد للسنهوري]

- ‌[تقريظ تحفة الأنفس الزكية لأبي حامد القدسي]

- ‌[تقريظ كتب السخاوي]

- ‌[تقريظ مرثية لابن الغرز]

- ‌[تقريظ موشح]

- ‌[تقريظ على درج الجمال ابن حجاج]

- ‌[تقريظ نظم لعبد السلام البغدادي]

- ‌الفصل الثاني فيمن عرض محافيظه عليه أو كتب له إجازة ممن تردَّد إليه

- ‌[الكتب المعروضة علي ابن حجر]

- ‌[إجازات ابن حجر]

- ‌ رسائله

- ‌الفصل الرابع في‌‌ المقترحاتوالمطارحات والألغاز البديعة الإيجاز

- ‌ المقترحات

- ‌[المطارحات]

- ‌الألغاز

- ‌[مقاطيعه]

- ‌الفصل الخامس فيما ورد عليه من الأسئلة المنظومة وجوابه عنها بفكرته المستقيمة

- ‌الفصل السادس في نبذة مِنْ فتاويه المهمة المتلقاة بالقبول بين الأئمة

- ‌ المكيات:

- ‌ المدنيات:

- ‌ القدسيات:

- ‌ اليمنيات:

- ‌ الشاميات:

- ‌[حديث الجسَّاسة]

- ‌فصل

- ‌[ترجمة الكسائي]

- ‌فصل

- ‌[بيان الحديث الحسن]

- ‌ الحلبيات:

- ‌ المصريات:

- ‌[بدعة الزيادة في الأذان]

- ‌ القاهريات:

- ‌[تضعيف حديث الماء المشمس]

- ‌[حديث: مَنْ مَلَكَ ذا رحم محرم فهو حرّ]

- ‌[حديث فضل الصلاة في المسجد النبوي]

- ‌[حكم لبس الأحمر]

- ‌[زنة خاتم النبي صلى الله عليه وسلم

- ‌[حديث بريدة في خاتم الحديد]

- ‌[حديث الظالم عَدْلُ اللَّه في الأرض]

- ‌[حديث لا يدخل الجنة ولد زنا]

- ‌[حديث مَنْ كان ذا مال ولم يحج]

- ‌[المفاضلة بين عائشة وفاطمة رضي الله عنهما]

- ‌[هل أذَّن الرسول صلى الله عليه وسلم

- ‌[المراد بالأحرف السبعة]

- ‌[رواية الحسن البصري عن علي]

- ‌[خرقة التصوف]

- ‌[الشيخ عبد القادر الكيلاني]

- ‌[حديث ازهد في الدنيا يحبك اللَّه]

- ‌[هيئة الخطوة المفسدة للصلاة]

- ‌[تفسير قوله تعالي: وأن ليس للإنسان إلا ما سعى]

- ‌[توثيق الإمام أبي حنيفة]

- ‌ معنى قوله تعالى: {مُسَوِّمِينَ} [

- ‌[السيدة نفيسة بنت الحسن والإمام الشافعي]

- ‌[ترجمة السيدة نفيسة]

- ‌[قبر الحسين]

- ‌[بدع القرّاء]

- ‌[حكم الغلط في النسخ]

- ‌[الاعتراض علي القاضي عياض]

- ‌[شروط العمل بالحديث الضعيف]

- ‌ أصول الفقه:

- ‌ أصول الدين:

- ‌[تعقبه على النووي في الأذكار]

- ‌[اختياراته:]

الفصل: ‌ ‌[المطارحات] وأما المطارحات، وقد أتيتُ بما وقفتُ عليه منها مرتبًا على

[المطارحات]

وأما المطارحات، وقد أتيتُ بما وقفتُ عليه منها مرتبًا على الحروف.

فكتب له البرهانُ إبراهيم بن إسماعيل الجُحاني في ربيع الآخر سنة ثمانمائة، وهو بتعر، قصيدةً يمدحه بها ويهنئه بالسَّلامة، فقال:

شُكرًا لِسَير السَّابقاتِ العِرَابْ

الأعوجِيَّاتِ بناتِ الغرابْ

وللمهارى الَّتي لم تَزَلْ

تخوضُ في الفَيْفَا لُجَّ السَّرابْ

كالسَّيْل في السَّيْر انْسِكَابًا فما

الغَبْراءُ في ذلك أو ماءٍ سكابْ

وللجواري المُنْشَآتِ الَّتي

كأنَّها بَيْنَ الحَباب الحُبابْ

يا حُسْنَها ماذا تلقت لنا

بُطون هدي مِنْ ظُهورِ الرِّكابْ

ما إنْ رأيْنَا أبدًا مِثْلَها

ولا سمعنا في الحَدِيثِ العُجَابْ

شَفَتْ عُبابَ البَحْرِ فاعْجَبْ لها

وقُوفها بحرَ علومٍ عُبابْ

شكرًا لها شُكْر رياضِ الرُّبى

على الَّذي أوَّلَتهُ أيدي السَّحَابْ

قرَّبْنَ مِنَّا بَعْدَ بُعْدِ (1) المَدَى

إنسَانَ عَيْنِ الأدَبِ المُسْتَطابْ

مُحيي مواتِ الأدبِ المُنْتَقَى

أحمدًا المحْمُود (2) عالي الجنابْ

كنَّا عَنِ الآدَابِ في ظُلْمِةٍ

حتَّى انجَلَتْ عنَّا بضَوْءِ الشِّهَابْ

(1) في (أ): "أبعد"، خطأ.

(2)

في (ط): "المحبوب".

ص: 783

ترشفُ آذانُنا منه ما

يفُوقُ في الأفْوَاهِ رَشْفَ الرُّضَابْ

كأنَّما الطَّائيُّ مِنْ قَبْلُ قَدْ

كُوشِفَ فيه فَرَضِي بالإيابْ

نَظْمٌ أرانا أو سَهْمُ نَعْجةٍ

يرى أبَاهُ حجرًا كالتُّرابْ

وهذه الأحجار لا تستوي

كم حجر يجري بتِبْرٍ مذابْ

تخالنا منها سكارى وما

دارت بأيدينا كؤوس الشَّرابْ

أطربنا حتى ظنّناه قد

عاودنا بعدَ المشيبِ الشبابْ

قريحةٌ ما حَاوَلَتْ مُشْكِلًا

إلَّا أصابَتْ منه عَيْنَ الصَّوابْ

فكَلَّفَتْني بعد إغْلاقِ باب

للمَدْحِ في مَدْحي له فَتْحَ بَابْ

وكنت في مندوحةٍ عنه لو

وقفت ما سطرتُه في كتابْ

يَظُنُّ نَظْمَ الشِّعرِ إرثًا (1) ومَنْ

صَوَّبَ فيه الفِكْرَ ألفَاهُ صَابْ

فاسْتُر شِهابَ الدِّين ما لَاحَ مِنْ

عُيوبِ شعر حقُّه أن يُعابْ

وهاكها عاجرةً لمْ أقُل

خُذْهَا حياءً مِنْكَ بكرًا كعَابْ

أسْبِلْ عَلَيْهَا ثَوْبَ سِتْرٍ يَكُنْ

إسبال ثَوْبِ السِّتْرِ عَنْها ثَوَابْ

لا أقْتَضِي عَنْهَا جَوابًا سِوَى

الإغضاءِ فالإغضاءُ أوْفَى جَوَابْ

وافْخَرْ وَقُلْ ما شِئْتَ واسْعَدْ فَقَدْ

أُوتِيتَ يا أحمدُ فَصْل الخِطَابْ

فأجابه:

أهلًا بها حسناء رُودِ الشَّباب

وافت لنا سافرة للنِّقابْ

مفترَّةٍ عَنْ جوهرٍ رائع

لكنَّ مأواه البُحورُ (2) العذابْ

جادت بوصلٍ ناعمٍ أنعَشَتْ

به فؤادَ الصَّبِّ بعدَ التِهَابْ

فأسكَرَتْنَا بأحاديثها

فلم نَذُق منه كأس الشَّرابْ

(1) في (أ): "إربًا".

(2)

في ديوان ابن حجر: "الثنايا".

ص: 784

فما كؤوس الشُّرْب مَلأى طِلَا

أرفعُ مِنْهَا للنُّهى بانتهابْ

وما الرِّياضُ الزَّاهِرَاتُ الرُّبى

جادَ لها الغيثُ بفرْطِ انْسكابْ

غنّى غَنِيَّ الوُرْقِ أوراقَها

فَنَقَطَتْ عُجْبًا بدُرِّ السِّحابْ

فراقتِ الأبصارَ أغصانُها

وأطرب الأسماع (1) وقعُ الرَّبابْ

يومًا بأبْهَى مِنْ حديثٍ لَهَا

أحيا مواتَ الأدَبِ المُسْتَطابْ

أهدى لنا كانونُ أزهارِها

فقلتُ يا بُشْرايَ نيسانُ آبْ

قبَّلْتُها ثمَّ ترشَّفْتُها

وما تجاوَزْتُ الرِّضَا بالرُّضَابْ

كأنها نابَتْ قصيدًا زَهَتْ

مِنْ نظمِ إبراهيمَ أدنى منابْ

ذُو النَّظمِ كالغَيْثِ انسجَامًا إذا

دعاه لا يخطىءُ صَوبَ الصَّوابْ

والسَّجْعُ يُزْري بحمامِ الحِمَى

بالحكمة الغَرَّا وفَصْلِ الخِطَابْ

فالنَّثْرُ كالنَّثْرَة والشِّعر كالشِّعرى

ضياءً فاق ضَوءَ الشِّهابْ

هذا إلى عِلْمٍ وحِلْمٍ إلى

فصلٍ وفضلٍ جائدٍ للطِّلابْ

مولاي هذي خِدْمَةٌ قصَّرَتْ

بالعجزِ عَنْ نظمٍ إذا طالَ طابْ

بتُّ بها في ليلتي ظامِئًا

أرومُ تَغويضَ الشَّرابِ السَّرابْ

أضرِبُ أخماسي بأسداسِها

ولا يدورُ النَّظمُ لي في حِسَابْ

أُثِبْتُ عَنْ مُرجانِكم بالحَصَى

فاللَّه يَجْزيكَ جزيلَ الثَّوابْ

اللَّهَ في صبِّ جَفَاهُ الكَرَى

والأهْلُ والدَّارُ وطِيبُ الشَّبابْ

عطفًا على مبتدأ تابع

مِلَّةَ إبراهيم فيما أجابْ

فافتح له بالصِّفْحِ بابَ الرِّضا

وسُدَّ عَنْ أخلالِه كلَّ باب

وهاتِ فَسِّرْ ما اسمُ ذاتٍ إذا

ما صَحَّفُوه كان مأوى الرُّضَاب

وإن تبدّل بعد ذا أولًا

منه ترى لُغزًا يَرُومُ الجَوَابْ

(1) في (ط): "للأسماع".

ص: 785

وابْقَ قريرَ العَيْنِ تَحْظَى بها

مِنْ نعم عالي الذُّرَى والجَنَابْ

ما لاحَ نجمٌ في رِيَاضٍ ومَا

أشرقَ في أُفْق سماءٍ وغابْ

فكتب إليه الجُحَافي المذكورُ مجيبًا له مِنَ الشعر (1) المذكور، ومُلغزًا على سبيل المداعبة، وذلك في توجّه صاحب التَّرجمة إلى عدن، فقال:

أروضةٌ جادَ عليها العمام

غنَّاء غنَّى في رُباها الحَمَامْ

أم فارةُ المِسْكِ الذّكِيِّ التي

تضوَّعت إن فُضَّ عنها الخِتَامْ

أم غادةٌ زُفَّتْ إلى مُغْرَمٍ

بها مُعَنَّى كَلِفٌ مُستهامْ

أم الدَّاراري الزُّهْرُ قد قُلِّدَتْ

بالدُّرِّ نَظْمًا واللآلي التزَامْ

أم نظمُ شعرٍ فائقٍ رائقٍ

خُصِصْتَ فيه دُونَ كلِّ الأنامْ

فضاءَ مِنْ ضَوْءِ شِهابِ الهُدى

والدين حظي وتجلَّى الظَّلامْ

كفَضْلِه فليكُنِ الفَضْلُ أوْ

كفعله فليكُ فَعْلُ الكرامْ

مَنْ كان في فنٍّ إمامًا فها

ذا أحمدُ في كلِّ فنٍّ إمامْ

يستخدمُ النَّجم ولا غَرْوَ أن

يستخدمُ الشُّهْبَ الشهابُ الإمامْ

عجبتُ منه (2) كيف يرضى

بتلقيب شهابٍ وهو بَدْرُ التَّمامْ

عوَّضني عن سَبَجٍ جوهرًا

وزانه فَضْلًا بِحُسْنِ النِّظامْ

هذا هو السِّحر الحلالُ الذي

غدا على مُنْتَحِليه حرامْ

فلم أزَلْ أحمد يا أحمدُ ما

أولَيْتَنيه مِنْ أيادٍ جِسَامْ

أنْعَشْتَ فكري بعد ما كنتُ قد

أهملتُ شعري منذُ عشرينَ عامْ

وجاءني اللُّغزُ الذي قد نبا

عَنْ فضلِه سيفُ افتكاري الكَهَامْ

فقلتُ لمَّا جاءني منك ما

معناه يُزري بالمعاني الوسام

(1) في (أ، ط): "الثغر".

(2)

في (ب): "منك".

ص: 786

تَعَزَّ يا مولايَ حتَّى ترى

عزيزَ مصر في المعالي وشامْ

وهاك ذا اسمٌ هو فعلٌ مَتَى

وافيتُموه ورحَلْتُم أقامْ

وإن ترد عكسًا تدع عكسَه

كيلا تراه مسافرًا للِّثامْ

وكم ودِدنا بعد تصحيفه

ومَنْ لنا فيه بعَذْبِ الغمامْ

واعذُر مُحِبًّا لم يَذُقْ طرفُه

بعدك معنى مِنْ معاني الكلامْ

وقِفْ وسافِر حيثُ ما تشتهي

عليكَ منِّي حيثُ كنتَ السَّلامْ

وكتب في سنة تسع وتسعين إلى الشيخ برهان الدين إبراهيم بن زُقَاعة:

تطلبتُ إذنًا بالرِّواية عنكمُ

فعادَ بكم إيصالُ برٍّ وإحسانِ

لترفعَ مقداري وتخفِضَ حاسدي

وأفخرُ بَيْنَ الطَّالبين ببُرهانِ

فأجابه البرهان (1):

أجزتُ شهابَ الدِّين دامت حياتُه

بكلِّ حديثٍ جازَ سمعي بإتقانِ

وفقهٍ وتاريخٍ وشعرٍ روَيْتُهُ

وما سَمِعَتْ أذْني وقال لِسَاني

وكتب إليه القاضي العلَّامة الشَّرفُ إسماعيلُ بن أبي بكر بن المقرىء صاحب "عنوان الشرف"، ومِنْ خطّه نقلت:

قُلْ للشهاب ابنِ عليِّ ابنِ حَجَرْ

سُورًا على مودتي مِنَ الغِيَرْ

فسُور وُدِّي فيك (2) قد بيَّنْتُه

مِنَ الصفا والمَرْوَتين والحَجَرْ

(1) في (ب): زيادة "مخطئًا للوزن في البيت الثاني". وجاء في هامشها ما نصه: لا خطأ فيه، وها هو لديك، فإن لفظ "إذني" بسكون الياء (هكذا). قلت: وهذه الزيادة كانت موجودة في (ح) ثم شطب عليها.

(2)

في (ط): "فيه".

ص: 787

قلت: ولما اجتمع بالوليِّ العراقي رحمهما اللَّه، قال له أنت القائل:(قل للشهاب)، وذكرهما، [قال: نعم] (1) فأجابه [صاحب الترجمة](2):

عوذت سُورَ الوُدِّ فيكَ بالسُّورْ

فهو على العلماء بالحُكْمِ حَجَرْ

يا مِنْ رقى في المجدِ أنْهَى غايةٍ

بالحقِّ أعْيَتْ مَنْ مَضَى ومَنْ غَبَرْ

فضلُ سواكَ مدَّعى أو ناقصٌ

كأنه "إنَّ" أتَتْ بلا خَبَرْ

وأنتَ إسماعيلُ بالصِّدْقِ له

وصفٌ على الوَرَى به قَدْ افْتَخَرْ

ذو قعدة في أُفْقِ مَجْدٍ ثابتٍ

بمدحها طيرُ السُّعودِ قد صَفَرْ

وهِمِّة في السَّبْقِ لمَّا أن سَمَتْ

لم تَرَ عَيْنٌ في الثَّرى لها أثَرْ

يا أيُّها القاضي الذي مرادُه

يأتي به حُكْمُ القضاء والقدَرْ

إذا أرادَ اللَّه أمرًا لم يَكُنْ

له (3) تأخُّرٌ إلَّا كَلَمْحٍ بالبَصَرْ

فاضت بفضله المحالب التي (4)

فاقت بمجده الذي قد اشتهرْ

دَرَّ له ضَرْعُ الكلام (5) حافلًا

حتَّى احتوى على المعاني واقتدرْ (6)

وكتب إليه الأمير غرسُ الدين خليل ما سمعتُه ينشده لصاحب الترجمة، وهو قوله:

وقائلةٍ مَنْ في القُضاة بأسرِهِمْ

يُلازِمُ تقوى اللَّه طُرًّا بلا ضَجَرْ

ويرؤُفُ في الأحكامِ بالخَلْقِ كلِّهم

ويدعو لهم في كلِّ ليلٍ إلى السَّحَرْ

فقلتُ لها: فهو الإمام أولو النُّهى

وذاك شهابُ العسقلاني بني حجرْ

له كتبٌ في كلّ فنٍّ لقارىءٍ

وشرحٌ عجيبٌ للبخاري مِنَ الخَبَرْ

(1) و (2) ما بين حاصرتين لم يرد في (ب).

(3)

في (ح): "إذا أراد الأمر لم يكن له. . . ".

(4)

في (ب، ط، ح): "الذي". وكتب في هامش (ح): "خ التي".

(5)

في (ط): "المعاني".

(6)

في هامش (ط): "وقت در".

ص: 788

وفي النَّحوِ والتَّصريفِ لم يُرَ مثلُه

كذا في المعاني والبيان وفي الأثَرْ

فأجابه صاحب الترجمة بما كتبته عنه أيضًا:

أيا غرسَ فضلٍ أثمرَ العلمَ والنَّدى

فلّلهِ ما أزكى وما أطْيَبَ الثَّمرْ

يجودُ ويُنشي بالغًا ما أرادَهُ

فمستطلعُ دُرًّا ومستنزلُ الدُّرَرْ

لكَ الخيرُ قد حرَّكْتَ بالنَّظْمِ خاطرًا

له مدّةٌ في العُمْرِ ولَّت (1) وما شَعَرْ

وقلَّدْتَ جيدي طَوْقَ نُعْمَاك جائدًا

فعالًا ونطقًا صادَفَ الخُبْرَ والخَبَرْ

مناسبةُ اسْمَيْنا خليلٌ وأحمدٌ

لرأسِ أولِي النَّظْمِ الإمام الذي غَبَرْ

وكتب إليه أيضًا مطالعة تتضمَّن وُقوعَ الطَّاعونِ بالشَّام، أولها:

نسأل اللَّه بمدحٍ وغَرَلْ

عادلٍ في الحُكْمِ ولَّى وعزلْ

أنْ يمتِّعكُمْ بعمرٍ لم يَزَلْ

في حماية ربِّنا ممَّا نزلْ

فأجابه بقوله:

أسألُ الرحمن لي عز وجل

ولكم حِفْظًا وصَوْنًا مِنْ وجلْ

أنتَ نِعْمَ الذُّخْرِ والمولى الأجَلْ

وخليل الودِّ ما دامَ الأجلْ

وكتب في سنة عشرٍ وثمانمائة لقاضي القُضاة جلال الدين البلقيني يعاتبه على تركه عيادته وهو ضعيف:

قُلْ لقاضي القُضاة ما ضرَّ لو

عُدْتَ فتًى جِسْمُه ضنًى مجذوذُ

لي عليكُم دُونَ الأنامِ حقُوقٌ

سبعةٌ ذِكْرُهُنّ عندي لذيذُ

صاحبٌ تابعٌ محبُّ نسيبٌ

بلديٌّ مجاورٌ تلميذُ

إن يكُنْ هجرُكُمْ لذنبٍ فبالَّـ

ـلهِ تعالى مِنْ زلَّتي أستعيذُ

(1) في (ط): "ولى".

ص: 789

فأجابه، ومِنْ خطّه نقلت:

ليس في صُحبتي وصحَّة حُبي

قادحٌ مُضْعِفٌ وليس شُذُوذُ

أنا لا أنثني عَنِ الوُدِّ دهري

كيف إمكانُه وكلِّي أخيذُ

خاطري عندكُم كذلك بالي

وعلى سُقْمِكُم فقلبي حَنيذُ

غيبتي هَفْوَةٌ فعفُوكَ عنها

إنني بالولا فيك أعوذُ

وكتب إليه الزَّين عبد الرحيم، ومِنْ خطه نقلت:

أمُسْتَعِبدَ الأحرارِ بالعلم قد رأوا

وبِرِقِّهِمْ فضلًا عليهم وواجِبَهْ

وملحقَ إحسانٍ بسابق مثلِه

جزيل عطاياه بغير محاسبَهْ

وناصبَ فخٍّ للقُلوب بفضله

فكم صادَ مِنْ قلبٍ ولا زال ناصِبَهْ

لئنْ جاء شقيقي سائلًا في كتابِكُم

فلي شأْوُ سُبَّاقٌ ولي فيه شائبهْ

تغاضِيكَ أغراني إلى طمعٍ به

وإهمالِ أزمانٍ وتركِ المطالبَهْ

وقد أحضر المملوكُ ما كان قَبْلَه

فما خُوطب المملُوك فيه بخاطبهْ

ولي فيك آمالٌ إلى الآن ما انقضَتْ

مدى الدّهر ما أرجعتها قطُّ خائبهْ (1)

وعوَّدتها صدق الوَفا فتَعوَّدت

وفي كلّ ما تولى بها منك صائبَهْ

متى كنت مأمولَ المكارم والعطا

وأرجَعْتَ مَنْ يأتي بآمال كاذِبَهْ

فعجِّل بما أرجُوه يا لك مُحسِنًا

بإحسانه كلُّ الخلائق قاطِبَهْ

وأما أخي فالصَّالحيُّ يُجيبُه

بأنِّيَ مِنْ قبلُ التمسْتُ مواهِبَهْ

بظاهره فاكتُبْ بما أنتَ أهلُه

فكم لك أمثالي (2) أرِقّا مكاتبَهْ

فأجابه على الفور:

(1) هذا البيت لم يرد في (أ).

(2)

في (ب): "مثلي".

ص: 790

أمولاي زينَ الدِّينِ والفاضل الذي

بِصيدِ الثَّنَا صحّت لديه المناصِبَهْ

أتاني سؤالٌ فيه مدحٌ ومطلبٌ

فللَّه مَدْحًا ما أعزَّ مطالبَهْ

يقولُ الذي أغرى إلى طمعٍ به

تمادي أزمانٍ وتَرْكِ المطالبَهْ

فديتُك ماذا مذهبُ العبدِ بل عَزَوْا

إلى مالكٍ قولًا ضعيفَ المناسبَهْ

فإن كان مولانا يقولُ بقولهِ

فليتك حقًّا مالكي بلا شِبَهْ

ولكن مقامُ العبدِ لا يرتقي إلى

مقامِ الموالي فاعذُروا في المكاتبَهْ

ولو كان مولانا أشارَ إشارةً

ولو كان بالإيماءِ أسرعْتُ ذاهِبَهْ

ولو أن مَنْ نرجوه غيرُ شقيقِكم

ولو أنَّه النُّعمان لم أرْعَ جانِبَهْ

ولكن لأجل الوُدِّ بينكما أرى

كلكما في ذاك ترك المخاطبهْ (1)

وقلتُم بأنَّ الصَّالحيَّ يُجيبه

بأنَّك مِنْ قبلُ التَّمسْتَ مواهِبَهْ

أحاشيكَ هذا الصَّالحيُّ عهدتُه

له عَنْ أكاذيبِ المقالِ مجانبَهْ

ولا سيما والكذبُ يُفْطِرُ صائمًا

فحقٌّ له في الصَّوم يهجرُ طالِبَهْ

فهذا رعاك اللَّه عُذريَ قد بدا

فهل مِنْ قَبولٍ مِنكَ أشكر واجبَهْ

وكتب إليه الموفقُ أبو الحسن علي بن الحسن بن أبي بكر الزَّبيدي قوله: أمتع اللَّه بطلعَتِكَ المضيَّة، وشمائلك المرضية، وحُزْتَ خيرًا، ووُقِيتَ ضَيْرًا. . . (2)

وكتب إليه قاضي القضاة العلاء علي (3) بن محمود ابن المغلي الحنبلي، وأرسل إليه مع ذلك بثوب بعلبكِّي هديةً، وذلك عند ختم ولده القاضي بدر الدين محمد القرآن، وصلاته للنَّاس في رمضان سنة ست

(1) في (أ): "المطالبة".

(2)

بياض في الأصول.

(3)

"علي" ساقطة مِنْ (أ)، وفي (ط): العلاء علاء الدين محمود، خطأ. وانظر ترجمته في إنباء الغمر 8/ 86 - 88 والضوء اللامع 6/ 34 - 36.

ص: 791

وعشرين وثمانمائة بالخانقاه البيبرسية بحضُور الأعيان، فقال، ومِنْ خطِّه نقلت:

ليهن أبا العبَّاس ذا النَّجل إذ بدا

هلالُ شهاب الدين بل جاء مُبْدِرا

فحُقَّ له الإنشادُ في عُظْمِ شأنه

لشِعْرٍ له معناه ظنِّي مُضمرا

(بلغنا السَّماء مجدَنا وجُدودنا

وإنَّا لنرجوا فوقَ ذلك مظهرا)

عساك تُجيرُ العبدَ إذ صحَّ ودُّه

بحُسْنِ قَبُولِ النزرِ يا حافِظَ الورى

فأجابه صاحب الترجمة، ونقلتُه مِنْ خطه:

نعم بلغَ العبدُ السَّماء تعاليًا

بمدحِ علاء الدِّين أعلمِ مَنْ أرى

لقد فُقْتَ في كل العلومِ بلا مرا

وفي البِرِّ للطُّلاب بالفضل والقرى

ورُمْتَ بإهداء البِطَانَةِ سُتْرَةً

وهيهات يأبى الجودُ أن يتستَّرا

كساني ولم أستَكْسه فحمدتُه

أخًا لك يُوليكَ الجميل لتشكرا

واتَّفق أن وقع على لفظة (1)"أستكسه" علامةُ الإهمال على السِّين التي قبل الهاء، فصارت كالضَّمة، فكتب العلاءُ إلى صاحب الترجمة في ذلك ما نصُّه:

أجبتَ فلبَّاكَ القريضُ حقيقةً

وعوَّضت عن نظمي الحصى منك جوهرا

وأدخلتَ في التَّضمين بيتَ تنازُعٍ

فها أنا نحوه ولكن مُحرَّرَا

حباني ولم أستدعه فاشْكُرن له

أخ لي يُوليني الجميل معذَّرا

فإن قلم ألقاه سبقًا فإنَّه

عقيدتنا أولى لمعنى فخبِّرا

فأجابه بقوله:

أخبِّركم أنَّ الصواب محقَّقٌ

لديكم وسَبْقُ الضَّبْطِ مِنْ قَلَمٍ جرى

(1) في (أ): "حفظ"، خطأ.

ص: 792

رأى قدرَكُمْ بالرَّفعِ أليقَ فارتضى

مخالفةً للكسْرِ هذا الَّذي أرى

حويْتَ علاء الدِّين والعِلْمِ والنُّهى

ومَهْما رفعتَ الدَّهر فالضِّدُّ كُسًرا

دعوتَ فلبَّاك اعتذاري مطابقًا

بقولٍ ولو حُلِّفْتُ كنتُ مقصِّرا

وكتب إلى العلامة البدر محمد بن إبراهيم البشتكي في رمضان:

أليس عجيبًا بأنَّا نصومُ

ولا نشتكي مِنْ أذى الصَّوم غمّا

ونسغُبُ -واللَّه- يا سيِّدي

إذا نحن لم نروِ نثرًا ونظما

فكتب إليه البدر بعد ذلك:

أيا شهابًا رقى في العلا

فأمطرَنَا نوْؤه العَذْبُ قَطْرا

إلى فقرة منك يا فقرنا

ونَسْتَغْنِ إن قُلْتَ نظمًا ونثرا

وكتب إلى العلامة البدر (1) محمد بن أبي بكر بن عمر الدَّماميني في المحرَّم بقوله:

أيا بَدْرًا سما فضلًا وأرضى

رعيَّتَه وفي الظَّلماء ضاءَ

ويا أقضى القُضَاةِ ومُرْتَضَاها

وأحسَنَها لما يُقضى أداءَ

تهنَّ العامُ أقبلَ في سُرورٍ

وأبْدَى للهناء بكمُ هناءَ

روى وأشارَ مُقْتَبِسًا إليكم:

"خيارُ النَّاسِ أحسَنُهُم قَضَاءً"

وبقوله:

يا بدرَ دينِ اللَّه إنَّ مدائحي

تروي لك البُشرى عن ابن هلالِ

بالحَوْلِ بل في كلِّ حالٍ أقبَلَتْ

فلكَ الهنَا في سائرِ الأحوالِ

فأجابه -ومِنْ خطِّه نقلت- بقوله:

(1) في (ط): "بدر الدين".

ص: 793

شُكرًا شهابَ الدِّين للنَّظمِ الذي

قلَّدْتني مِنْ عقده بلآلِ

أحكَمْتَ بيتًا فيه جلَّ مقامُه

عن سعي ذي التَّقصير مِنْ أمثالي

فثَمِلْتُ سُكرًا حين حيَّا بالهَنا

وأدار أكْؤُسَ رفعةٍ وجلالٍ

وملكتُ رقَّ الفضل ملكًا ثابتًا

جمَّ الحُقوق فلستُ بالمختال

يا مَنْ يصُوغُ مِنْ البَيانِ قلائدًا

يُنسي لهُنَّ محاسِنَ الخلخالِ

عندي فراغٌ مِنْ سواكَ لأنَّني

حُزتُ الكمال بفضلِك المُتَوالي

وملأتُ فكري في امتداحك فاعتَجِبْ

مِنْ ذي فراغٍ في مقامِ كمالِ

وبقوله:

ألا يا شهابًا أخْجَلَ البدرَ نورُه

فقَلَّت لديه أنْجُمُ الشُّكر والثَّنا

تَهَنّ به عامًا مَلَكْتَ سُعودَه

ونجمُكَ فيه قد علا فلَكَ الهَنا

وبقوله:

أفدي شهابَ الدِّين مولىً بَارِعًا

قد أضعَفَ الحُسَّادَ قوَّةُ قولِه

حفَّتْه أفلاكُ الهناءِ بعامهِ

فانظر لأنْجُمِ سَعْدِه مِنْ حولِه

وكتب إليه بقوله:

لقد سما ابنُ عليِّ كلَّ ذي أدبٍ

فلا يشارَكُ في فَهْمٍ وإدْرَاكِ

ولم يَزَلْ بالمعاني الغُرِّ مُنْفَرِدًا

يصيدُها وحدَه مِنْ غير إشْراكِ

فكتب إليه صاحبُ التَّرجمة بما قرأته بخطه.

خُلقُكَ بدرَ الدِّين مثلُ الظِّبا

فَدَيْتُهُ مِنْ لُطفه بالمُقَلْ

قد جُبِلَ النَّاسُ على حُبِّه

حتَّى عَجِبْنَا مِنْ لطيفٍ جبلْ

وكتب إليه بقوله على طريقة تفْعُلا:

ص: 794

أُنَزِّهُ طرفي في محاسِنِك التي

أنَزِّهُه عمَّا سواهُ وإن زها

وما رُمتُ عنها أيها البدرُ سُلْوَةً

وعن غيرها طرفي وفيها تنزَّها

فأجابه البدر:. . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

. . . . . . . . . .. . . . . . . . . (1) فتولّها

وكتب إليه البدرُ بقوله:

حمى (2) ابنُ عليٍّ حَوزَةَ المجدِ والعُلا

ومُذْ رَامَ أشتاتَ الفضائل حازَها

وكَمْ مُشكِلاتٍ مِنْ بيانٍ بفَهْمِه

يُبيِّنُها مِنْ غير عُجْبٍ وما (3) زها

فأجابه بما قرأتُه بخطِّه:

برُوحِيَ بدرٌ في النَّدى ما أطاعَ مَنْ

نهاهُ وقد حازَ المعالي فزانَها

أُسائِلُ أن ينْهَى عَنِ الجُودِ كفَّه

وها هو قد برَّ العُفاةَ وما نَهى

قال شيخنا: وسمع هذا المجدُ بن مكانس، فنظم على هذه الطريقة بقوله (4):

أقولُ لحبِّي قُمْ وامْشِ يا مُعذِّبي

كميسةِ خُودٍ نكَّسَ السُّكْرُ راسَها

ولا تسر عن شيء إذا ما حَكيتَها

فقام كغُصْنِ البان لِينًا وماسَها

[وكتب إليه البدرُ أيضًا](5) بقوله وفد تفرَّجا في الجيرة:

لجيزة مصر يا أبا الفَضْل سِرْتَ بي

فذكَّرتني مِنْ طَيِّب العَيْشِ ما مضى

(1) بياض في الأصول.

(2)

في (أ، ط): "حوى".

(3)

في (ب): "ولا زها".

(4)

في (أ، ب، ح): "فنظم على هذه الطريقة وآخر بيته الثاني (وماسها) " ولم يرد البيتان فيهما.

(5)

ما بين حاصرتين لم يرد في (ب).

ص: 795

وأبْدَيْتَ في ذاك الفضاءِ فضائلًا

فطِبْتُ ولم أبْرَحْ أميلُ إلى القَضَا

فأجابه بقوله الذي نقلتُه مِنْ خطه:

شهدتُ بأني عَنْ عُلاك مقصِّرٌ

وأنَّك بدرٌ بالجميل تَطَوَّلا

وأهدي فلاحًا في الفلالي مُنَعَّما

فلا زالَ في الحالَيْن يَنعَمُ بالفلا

ولما ولي قضاء المالكية بالإسكندرية، كتب إليه صاحبُ التَّرجمة يهنئه:

تهنَّ ببدرِ الدِّين يا مَنْصِبَ القَضا

وسَلْ في بقاه أن يدوم (1) إلهَهُ

فقد حُزْتَ منه أيَّدَ اللَّه حكمه

وخلَّد في الدُّنيا عُلاه وجاهَهُ

وكذا هنأه المجد ابن مكانس، فقال:

أمولاي بدرَ الدِّين هُنِّئتَ منصبًا

سما بِكَ في أُفْقِ العُلا وتزيَّنا

وسو يسارًا خَوْفَ شؤمٍ بذي الأذى

ولكنَّه لمَّا رآك تيمَّنا

وكتب إليه العلَّامةُ البدر أبو عبد اللَّه محمد بن أبي بكر بن سلامة المارديني الحنفي نزيل حلب يستدعي منه تقريظًا على تصانيف له بقوله (2) الذي سمعه منه أخوه البدر أبو محمد الحسن، وكتبه عن الحسن صاحبُنا النَّجمُ بن فهد الهاشمي:

لبَدْرُ سنا علياكَ أبهى مِنَ الدُّرِّ

وطلعتُك الزَّهراءُ كالكوكَبِ الدُّرِّي

مُحَيَّاكَ بدرٌ بالجمالِ منوَّرٌ

ويُمنَاكَ بحرٌ بالجميل مَعَ اليُسْرِ

(1) في (ط): "يديم".

(2)

في "المختصر" للسفيري بعد هذا:

قلت: وبيض له السخاوي في "الجواهر والدرر" في النسخة التي انتخبت منها، وكأنه لم يقف عليه حال التصنيف للجواهر، وتبعه في التبييض، ثم إني رأيت أواخر سنة 939 هذا الاستدعاء والتقريظ بخط بعض أهل العلم، فنقلته هنا، فقال. . . ثم أورد الشعر.

ص: 796

جنابُك محروسٌ وجدُّكَ صاعدٌ

وقولُك مقبولٌ لدى النَّهْي والأمرِ

وطلعتُك الغرَّاء شمسٌ مُنيرةُ

وهِمَّتُك العَلياءُ في الأنْجُمِ الزُّهرِ

جمعت العُلا والجُودَ بعد تفرُّقٍ

وفرَّقْتَ شَمْلَ المالِ يا طيِّبَ الذِّكرِ

وذكْرُكَ في شرْقِ البلادِ وغربها

كمِسْكٍ ذكيِّ نشرُه طيِّبُ النَّشْرِ

وإنَّ زمانًا أنتَ فيه رئيسُه

لأيَّامُه بالخيرِ باسِمَةُ الثَّغرِ

أطالبَ حلَّ المشكلات فلُذْ بِمَنْ

بديهتُه تُبدي الصَّوابَ بلا فِكرِ

له نُورُ علم كاشفٌ كلَّ غَيْهَبِ

فلا زالت الطُّلاب في نوره تسري

وألفاظُه الدُّرّ الثَّمينُ نفاسةً

ولا غروَ أنَّ الدُّرَّ مِنْ لُجَّة البحرِ

وفي علم تفسير الكتاب "مجاهدٌ"

وفي الفقه والأصلين مجتهدُ العصرِ

ويروي أحاديثَ الرَّسولِ بِشَرْحها

وكم ناقلٍ يروي الحديث وما يدري

وفي النَّحو أضحى سيبويه زمانه

يزيدُ على زيدٍ ويعلو على عَمْرِو

بديعُ معانيه جلا ببيانِه

بتلخيص أبحاثٍ أدقّ مِنَ الشَّعرِ

وفي الجدّ والبُرهان أبدى عجائبًا

يحارُ ابنُ سينا عندها وأبو نصرِ

وأوضحَ في علمِ الحسابِ دقائقًا

مقابلة يومًا لقد فاز بالجبرِ

له في عَرُوضِ الشِّعر أيدٍ تطاولت

فخلَّا خليلًا عندها وأبا عمرِو

أقاضي قُضاة المسلمين وحبرَهُم

وبَحرَهُمُ الطَّامي وغيثَهُمُ المُثري

يُوالِيكَ بالإخلاص نَجْلُ سلامةٍ

ويدعو لك الرَّحمنَ في السِّرِّ والجهرِ

وهاك عروسَ النَّظمِ بِكرًا زفَفْتُها

إلى بابك العالي ومنشؤها فِكْري

وما مهرُها إلَّا شُمُولُ عنايةٍ

وحُسْنُ قَبُولٍ منك يا طيِّبَ الذِّكْرِ

فإنِّيَ مِنْ بيتٍ له الزُّهدُ والتُّقى

شعارٌ وفخرٌ بالفضائل لا الشِّعْرِ

ودأبيَ تحصيلُ العلوم وجمعُها

وتقريرُ أبحاث لها الحَبر يستقري

وكنت سألتُ اللَّهَ يجمعُ بينَنا

فجادَ ولم أُزْجِ المطيَّ إلى مصرِ

فحقِّقْ رجائي إذا أتيتُ مدَرْوَزًا

إلى بابك العالي يا طيِّبَّ الذِّكرِ

ص: 797

ولاحِظْ طروسًا أودَعَتْها قريحتي

فنونَ علومٍ شرْحُها في سما يزري

ولكن أُرَجِّي أن يُسَكِّنَ روعها

بنفثِ يراعٍ منك في طِرْسِها يجري

فحقِّقْ بفضلٍ منكَ ما قد قصدتُه

وكُنْ جابرًا باللَّه يا سيِّدي كسري

فلا زِلْتَ في فضلٍ مديدٍ وكاملٍ

بسيطٍ طويلِ العُمرِ بالعزَّ والنَّصرِ

فأجابه في حالة السَّفر صحبةَ الرِّكاب السُّلطاني في سنة ستٍّ وثلاثين، وسمعها منه (1) النَّجم ابن فهد بقراءة (2) البقاعي في سنة ثمان وثلاثين بالقاهرة:

بَدَتْ في سماءِ الحُسْنِ تزهَرُ كالدُّرِّ

منورة تروي الحديث عَنِ الزُّهري

بديعةُ حُسْنٍ قد سَبَى وجهُ طِرْسِها

القلوبَ ورَقْمُ النَّقْشِ كالخال والثَّغرِ

رقوم (3) سطور في طُروسٍ تحيَّرت

أُعَوِّذُها بالفجرِ واللَّيل إذ يسري

وفي طيِّها ما عبقَ الأفقَ نَشْرُه

فيا حُسْنَ ما طيٍّ ويا طِيبَ ما نشري

ولا عجبٌ مِنْ دُرَّةٍ مثلَ زهرةٍ

إذا ما أضافوها إلى البحر والبدْرِ

تفاءلْتُ إذ وافَتْ مِنْ ابن سلامةٍ

نهارَ رحيلي بالسَّلامة والنَّصرِ

إمامٌ له في المجد بيتٌ قد اغتنى

به عن بيوت الشَّعر فضلًا عَنِ الشِّعرِ

وبالبحر يدعُوه الصِّحَابٌ لعِلْمِه

وبالرِّفْقِ بالطُّلاب يُنْعَتُ بالبَرِّ

إذا ما نحا نَصْبَ البحوث ترَفَّعَتْ

له هِمَمٌ لم يخشَ يومًا مِنَ الكَسْرِ

مباحثُ في الأصلَيْن وافَتْ لسامعٍ

وذي نظرٍ يُبدي أدقَّ مِنَ الشَّعرِ

لو أنَّ خطيبَ الرَّيِّ يخطُبَ بِكْرَهَا

ليحظى لزادَت في الفَخارَ على الفَخْرِ

وفي الفقه والتَّفسير والخَبَر الَّذي

يصحُّ لقد أربى العيان على الخبرِ

(1) هكذا كانت في (ح)، ثم غيرها أحدهم، فأصبحت "وسمعها الحافظ. . . " وكتب غيره في الهامش:"الظاهر أنها كانت "صاحبنا"، فأبدلها بالحافظ كعلامة. قبيلُه اللَّه".

(2)

عُدّل مكان هذه الكلمة في (ح)، فأصبحت "الهاشمي" وعُلْق على ذلك في الهامش "موضع الهاشمي مُصلح باقتنائه. قبيله اللَّه!.

(3)

في (ب): "رقم".

ص: 798

وأمَّا تفاعيلُ العَرُوضِ فطبعه السَّـ

ـليم بها يُغني عَنِ الخوض في البَحْرِ (1)

وقد رامَ تقريظي تصانيفه الَّذي

تضاءل عمرٌو عندها وأبُو عَمرِو

وزيدٌ وبكرٌ والخليلُ وثعلبٌ

ويحيى وعبدُ القاهر الحبرُ والخبري

وماذا عسى فكري يطيع لواجب الـ

ـمديحِ (2) وما قَدْرُ الشِّهاب مِنَ البدرِ

ولا سيَّما مَعْ غُربةٍ وفُراقِ مَنْ

ألِفْتُ وقد مُدَّت إليَّ يدُ القَهرِ

وقد كنتُ مِنْ مصر بكيتُ تعتُّبًا

فلمَّا تغرَّبنا بكيتُ على مِصْرِ

فلم يأت ما أرضى ولم أرضَ ما أتى

ولكن تعوَّدنَا بطاعة ذي الأمرِ

ونزرتُ لأعيا بل الذِّهنُ لا يعي

لتقسيمه فأفصِحْ (3) أخا الحكم عَن نزري

فهذا لعمري الجهدُ منِّي بذلتُه

ولكن سأقضي الدَّين إن مُدَّ في عُمري

عبرتُ زمانًا والقَرِيضُ يُطيعني

فيا ليتَ شعري هل يُضيء سنا شعري

فقد لاح عُذري يا إمامَ زمانِه

وفُرْقَةُ إلْفِي علَّمتني الهوى العُذري

ورفقةُ قومٍ صار ذو الفَضْل فيهمُ

وأبناءُ أهلِ الجهلِ سيَّان في القَدْرِ

جنيتُ على نفسي بتقليد أمرهم

فلم أجْنِ تمرًا بل تحيَّرتُ في أمري

ولكنَّ حُسْنَ الظَّنِّ باللَّه حفَّني

فداركني اللُّطفُ الخفيُّ ولا أدري

لك الحمدُ في الأولى والأخرى وإنني

عليه أعتمادي في السَّريرة والجهرِ

ومنه على خير الأنام محمَّدٍ

صلاةٌ وتسليمٌ وبِرُّ إلى برِّ

ولا زال بدرُ الدِّين يُشرقُ نورُه

على طالبي العلم الشَّريف مدى الدَّهرِ (4)

وكتب إلى الزَّين أبي بكر محمد بن محمد بن محمد بن علي، المدعو بزين الخوافي لمَّا قدم القاهرة:

(1) في (ط): "يغني عن الحصر"، خطأ.

(2)

في (ط): "المدح".

(3)

في (ب، ط): "فاصفح".

(4)

هذا البيت لم يرد في (ب).

ص: 799

قَدِمَتَ لمصرَ يا زَيْنَ المعالي

فوافتها الأماني والعوافي

وما سَرَتِ القوافلُ مُنذ دهرٍ

بمثل سَري القوادِم بالخوافي

فأجابه الزين المذكور بقوله:

أيا مَنْ فاق أهل العصر (1) فضلًا

وعلمًا بالحديثِ بالاعترافِ

تقدَّسَ سِرُّكَ الصَّافي فأحيا

مِنَ الآثار مُنْدَرِسَ المطافِ

سألتُ اللَّه أن يبقيك حتَّى

تفيضَ على القوادم والخوافي

وأجابه أولاده أيضًا، لكن أحسنُهم جوابًا ولدُه إسماعيل، فاقتصرت عليه، فقال:

أقمتَ بمصر يا صدرَ الأعالي

وصِيتُكَ في العوالمِ غيرُ خافي

وزيَّنْتَ الورى جيلًا فجيلًا

فشرَّفْتَ القوادِمَ والخوافي

ثم بدا لي كتابةُ الجميع، فقال ولدُه الآخَرُ إبراهيم:

شهاب المجدِ مِنْ شَرَفٍ وقَدْرٍ

علا مُسْتَغْنيًا عَنْ إتّصافِ

محيطُ العلمِ طَوْدُ الحلم حقًّا

له الفضلُ العظيمُ بلا خلافِ

وقال ولده الآخر محمد:

أيا مَلِكَ العُلا شمسَ المعالي

ضياؤُكَ للورى كافٍ ووافي

بنورك (2) قد تجوهر كلُّ جسمٍ

بعارِضِ جودِكَ ارْتَوَتِ الفَيافي

بنظمك قد نَثرْتَ مِنَ اللآلي

على الآفاق وأظْهَرْتَ الخَوافي

بقيتَ لمحْوَرِ الإسلامِ قطبًا

بذاتك قائمٌ كلُّ العوافي

(1) في (ط): "العلم".

(2)

في (ط): "لنورك".

ص: 800

وكتب إليه الشيخ شمسُ الدِّين محمد الهيثمي فيما رأيتُه منسوبًا إليه، ولا أتحقَّق هل هو الآتي (1) في المُلغزين (2) أو غيره -ما نصُّه:

يا سيدًا حفَّني مِنْ ذاته شرفٌ

وعمَّني (مِنْ)(3) أيادي جُوده تُحَفُ

الهيثميُّ إلى الباب الكريم أتى

كالسَّعْدِ يَمكُثُ أو كالهَمِّ ينصَرِفُ

فأجاب:

أهلًا بشمس أتى للفضل يغترف

إني (4) له بجميع الفضل أعترفُ

ادخل إلى منزلٍ يشتاق رُؤْيتكُم

ومِنْ ثمارِ الهَنا والعِزِّ يقتطِفُ

يا أيها الشمسُ يا بدرٌ ويا قمرٌ

محمدٌ لم يكن في البأس ينصرِفُ

وكتب (5) إليه بعضهم (6):

ما يقولُ سيِّدي (7) المفتيُّ في

مُهَفْهَفٍ بمقلةٍ كَحْلَى وفي

وأغيدٍ ذو (8) حاجِبٍ سودٍ وفي

ماذا يقولُ سيِّدي فيه وفي

فأجابه:

وافى الحبيبُ سيِّدي وما تَفِي

كم عاشقٍ متيَّمٍ قد ماتَ في

بادرْ إلى وَصْلِ الحَبِيبِ لتَنْتَفي

عنك الهموم وقمْ إليه وأنتَ في

(1) في (ط): "أهو الآتي".

(2)

ص 843 مِنْ هذا الجرء.

(3)

في ساقطة مِنْ (ب).

(4)

في (ط): "إن".

(5)

لم ترد هذه المقطوعة في (ب). وورد مكانهما مقطوعتان ستردان في ص 884 - 885. وقد كانت هاتان المقطوعتان هنا في (ح)، ثم شطب عليهما.

(6)

في هامش (ح) ما نصه: "هو صدر الدين بن العجمي محتسب القاهرة. هكذا أخبرني بذلك الشريف المصري الرسولي".

(7)

في (ط): "سيدنا".

(8)

في (ط): "ذا".

ص: 801