الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فقال الناصري لعلي: أجِزْهُ، فقال: وحياة أبيك السلاري والفرس، وكانا ثمينين، فقال: هما لك مِنْ غير مهلة وتراخٍ، فقُلْ، فقال:
وخرَّبَ البيتَ وخلا وراحْ
[مَنْ كَتَبَ فتح الباري]
وممَّن أعلمه كتب "الشرح":
قارئه العلامة ابن خِضْر. ووصفه شيخنا بالإمام العالم العلامة الفاضل الباهر الماهر المُعين، مفيد الطالبين، جمال المدرسين، حفظ اللَّه عليه ما وهبه، وختم له بالخيرات حتى يفوز بالمرغبة ويأمن المرهبة. وكان شيخنا يجلُّه، ما أعلم أنه يُقدم عليه أحدًا من أصحابه، حتى قرأت بخطه حيث أرَّخ وفاته ما نصُّه: ولم يخلف بعده في مجموعة مثله، صيانة وديانة وفهمًا وحافظة، وحسن تصور، وانجماعًا عن أكثر الناس إلا من يستفيد منه علمًا، أو يفيده، وعدم التردُّد إلى الأكابر، مع ضيق اليد والعائلة، وبسط النفس، والتوسعة على الأقارب والأجانب، وتَرْك التَّشكِّي، والصبر المستمر. إلى أن قال: وعند اللَّه أحتسبه.
وقال في موضع آخر: الشيخ الفاضل العالم المحدث الفقيه الفرضي المفنن، الفائق في جلّ العلوم. ثم قال: فرحمه اللَّه، فلقد كان لي به سرورٌ وانتفاع في الغيبة والحضور، فعند اللَّه أحتسب مصيبتي فيه، وأسألُه خير العِوَض.
والشمس (1) السندبيسي، والشيخ شمس الدين بن قمر، كتبه مرتين، والقاضي شهاب الدين الزفتاوي، والبهاء أحمد بن عبد الرحمن بن حرمي، والزين عبد الغني بن محمد القِمَني، والشريف سعيد بن عبد الجليل الجزائري، والشيخ عز الدين بن عبد العزيز بن يوسف السنباطي، كتبه نحو ثلاث مرات (2)، منها واحدة -وهي أهمها- للقاضي كمال الدين بن البارزي بِيعتْ في تركته بدون ثلاثمائة دينار. وفخر الدين بن نصر اللَّه الناسخ، كتبه
(1) في (ح): والعلامة.
(2)
فى (ط): "أكثر من ثلاث مرات"، وفي ترجمته من الضوء اللامع 4/ 238: وكتب الكثير، ومن ذلك أربع نسخ من "فتح الباري"، أجلُّها النسخة الكاملية البارزية.
مرتين، إحداهما لسبط المؤلف، صارت بمكة. والشهاب أحمد الناسخ، كتبه مرتين. والبهاء بن المصري (1)، والمحب البكري، ولم تكمل نسخته إلا بعد وفاته. وابن أخي المنُوفي (2)، كتبه نحو مرَّتين. والشريف أحمد الأسيوطي، كتبه مرتين. والزين اليماني، كتبه مرتين، وهما مِنْ أقلِّ النُّسَخ حجمًا، كل واحدة منهما في ستة أسفار. وكاتبه [وهي التي صار- بحمد اللَّه المعوَّل عليها بالقاهرة لتيسُّر عاريتها](3).
وكتب غالبه: الشيخ رضوان، والشيخ أبو عبد اللَّه الطَّبِّي (4)، والزين قاسم الزُّبَيْري (5).
والكثيرَ منه: شمس الدين بن حسان، والتقي عبد الغني المنوفي القاضي، والشيخ محيي الدين الطُّوخي، والمحب محمد بن البهاء عبد اللطيف ابن الإمام، وابن الشيخ علي (6)، والشيخ شهاب الدين بن
(1) في (أ): "البهاء المصري"، وفي (ب):"المصدي" بالدال. وهو البهاء خضر بن محمد بن الخضم، ويعرف بابن المصري. توفي سنة 870 هـ. ترجمه المصنف في الضوء اللامع 3/ 179 - 180، وقال: كتب الكثير بخطه.
(2)
عرف بهذا اللقب، وهو نور الدين علي بن أحمد بن محمد، المتوفى سنة 889 هـ. قال المصنف في ترجمته: وكتب بخطه الكثير جدًا لنفسه وغيره ومما كتبه "فتح الباري" غير مرة، و"الإصابة"، وما يفوق الوصف. (الضوء اللامع 5/ 180 - 181).
(3)
ما بين حاصرتين لم يرد في (ب).
(4)
هو محمد بن إسماعيل بن أحمد بن حلبان، شمس الدين الطبي الشافعي، المتوفى سنة 840 هـ. ترجمه الحافظ ابن حجر في إنباء الغمر 8/ 443 وعنه تلميذه المصنف في الضوء اللامع 7/ 135 - 136، فقال: لازمني نحو ثلاثين سنة، وكتب أكثر تصانيفي، كأطراف المسند وما كمل من فتح الباري -وهو أحد عشر سفرًا. والمشتبه ولسان الميزان وتخريج الرافعي، وعدة كتب، والأمالي وهي في قدر أربع مجلدات بخطه، وكتب لمسه من تصانيف غيري.
(5)
في (أ): "الزيني" تحريف. وهو زين الدين قاسم بن محمد بن يوسف الزبيري النويري. توفي سنة 856 هـ. قال المصنف في ترجمته من الضوء اللامع 6/ 192: أكثر من الحضور عند شيخنا في الأمالي وغيرها، وكتب عنه غالب "شرح البخاري".
(6)
هو شمس الدين محمد بن علي بن عبيد، يعرف بابن الشيخ علي المخبزي، توفي سنة 856 هـ. قال المصنف في الضوء اللامع 8/ 195. كتب من "فتح الباري" قديمًا قطعة، وكذا من غيره.
أسد، والشيخ بهاء الدين المشهدي.
ولم يتفق قراءة الكتاب عليه في غير المرَّة الماضي ذكرُها، نعم، قُرىء عليه نحو النِّصفِ الأول منه بعد ذلك، قرأه عليه العلامة بدر الدين القطان، وابتدأ قراءته من حديث ابن عباس رضي الله عنهما "اللهم فقهه (1) في الدين وعلّمه التأويل" من كتاب العلم، بناءً على قراءة غيره، وقابلتُ حيئنذٍ عليه ما كنتُ كتبتُه منه، وقرأت بنفسي كثيرًا منه.
وبمكة مِنَ الكتاب المذكور عدّة نُسَخٍ، وكذا بدمشق، وهو أيضًا بالمدينة النبوية وببيت المقدس وبلد الخليل وحلب والإسكندرية، وغيرها من الأماكن.
وعَظُمَ الانتفاع به في سائر الآفاق، لكن أكثر النُّسخ التي سارت في الآفاق فيها سُقمٌ كثير، مع كونها قبل الملحق المتجدِّد. نعم، في الغرب -فيما أظنُّ- نسخةُ السَّندبيسي، وهي معتمدة، وكذا أُولى (2) النسخ بمكة نسخة بخط الشيخ (3) ابن قمر (4) عند قاضيها الشافعي، كان اللَّه له، وأخرى بخط ابن نصر اللَّه عند أخيه الفخر أبي بكر.
وصرح كثيرٌ مِنَ العلماء أنه لم يشرح "البخاري" بنظيره، ولو تأخر ابن خلدون حتى رآه أو بعضهَ، لقرَّ عينًا، حيث يقول -وهو متأخر عن شرحي الكرماني وابن الملقن، وإن لم يسلَّم- قوله:"شرح البخاري دَيْنٌ على هذه الأمة".
قلت: وامتاز بجمع طرق الحديث التي ربَّما يتبين من بعضها ترجيح أحد الاحتمالات شرحًا وإعرابًا.
(1) في (أ): "وفقه".
(2)
في (ح): "وأصح". وجاء في هامشها ما نصه: لفظة "أصح" ولفظة "الحافظ" من تبديل صاحب النسخة المعروف، قبيله اللَّه ما أجرأه على اللَّه!.
(3)
في (ح): "الحافظ"، وانظر التعليق رقم (2).
(4)
في (ط): "ابن عمر"، تحريف. وهر شمس الدين محمد بن علي بن عمر، أبو عبد اللَّه القاهري الحسيني، المتوفى سنة 876 هـ. قال المصنف: كتب الكثير من تصانيف شيخنا، حتى إنه كتب "فتح الباري" مرتين وباعها.
وطريقته في الأحاديث المكرَّرة أنه يشرح في كلِّ موضع ما يتعلَّق بمقصد البخاري بذكره فيه، ويحيل بباقي شرحه على المكان المشروح فيه. وكثيرًا ما كان المصنِّف بقول: أودُّ لو تتبَّعت الحوالات التي تقع فيه، فإن لم يكن المُحالُ به مذكورًا، أو ذكر في مكانٍ آخر غير المحالِ عليه، فينبِّهُني عليه ليقع إصلاحه، فما فُعِلَ ذلك فأعلمه، وكذا ربما يقع له وترجيحُ أحد الأوجه في الإعراب أو غيره مِنْ الاحتمالات أو الأقوال في موضع، ثم ترجح في موضع آخر غيره، إلى غير ذلك مما لا طعن عليه بسببه، بل هذا أمر لا ينفك عنه كثير مِنَ الأئمة المعتمدين.
وكان يقول -كما أشرت إليه قبلُ-: لو التقط منه بيان ما وقع للكرماني في "شرحه"، وللزركشي في "تنقيحه"، لكان -وهو قدر مجلد أو أكثر بانضمامه للكتابين المذكورين- شرحًا حسنًا، يسَّر اللَّه ذلك.
وقد تصدَّى لاختصار الشرح المذكور شيخنا الإمام الرُّحلة المكثر شرف الدين أبو الفتح المراغي المدني نزيل مكة، فلم يُصب، حيث حذف منه ما يجب إثباته، وكذا شرع في اختصاره غيرُ واحدٍ من الشيوخ والطلبة.
[والتقط منه صاحبنا القاضي قطب الدين الخيضري أسئلة وأجوبة يُبديها في مجالسه، فيقع لها من الفضلاء بهجة](1).
وكلٌّ يدعي وصلًا لليلى
…
وليلى لا تقرُّ لهم بذاكا
ولقد سمعت مصنِّفَه صاحبَ الترجمة رحمه الله مرارًا ينكر إمكان اختصاره، ويقول: ما أعلمُ فيه شيئًا زائدًا عن المقصود. وأقول: إن ذلك بالنسبة لما لم يقع منه السَّهوُ في تكريره، حيث يكرر الأحاديث مما لا يتعلَّق بالأحكام غالبًا، ولكن صاحب البيت أدرى بالذي فيه.
(1) ما بين حاصرتين لم يرد في (ب) وزاده المصنف في هامش (ح) بخطه.
وقد انتدب يعض المعاصرين لشيخنا ممّن أخذتُ عنه، وقرَّض لي بعض تصانيفي لشرح البخاري، مدَّعيًا أنه لم يُشرح شرحًا يشفي العليل، ويُروي الغليل، مع كون معظم استمداده مِنْ شرح شيخنا السابق، لكن من غير عزوٍ إليه، بحيث يقضي كل واقف عليه العجب مِنْ ذلك، وربما اعترض بما لا طائل تحته.
وقد عمل شيخُنا -كما أسلفته- مصنفًا حافلًا، سمّاه "انتقاض الاعتراض"(1) بيَّن فيه المأخوذ من "شرحه" برمَّته، وأجاب عمّا زاده من الاعتراضات، لكنه لم يحرِّره قبل وفاته، وللَّه در القائل:
وكم مِنْ عائبٍ قولًا صحيحًا
…
وآفته مِنَ الفهم السقيم
[وقول الآخر:
كم مِنْ كلامٍ قد تغمَّر حكمةً
…
نال الكسادَ بسُوقِ مَنْ لا يفهَمُ
وكان الشافعي رحمه الله ينشد لغيره.
رُبَّ عَيَّابٍ له منظرٌ
…
مشتمل الثَّوب على العيبِ] (2)
وممَّا يُنسب لصاحب التَّرجمة قوله:
شرحي الذي سر في الآفاق سائرةً
…
ونال مِنْ وِرْدِه الدَّاني مع القاصي
وأنت شرحُك في البيت اختليتَ به
…
مثل الذُّنوب التي يخلو بها العاصي
قلت: وإنَّما لم أجزم بنسبتهما لشيخنا، لكونهما في "ديوان ابن خطيب داريا" شاعر الشام. لكن بلفظ "الشعر" بدل "الشرح" في الموضعين، فاللَّه أعلم.
(1) وهو الذي رد فيه على بدر الدين العيني.
(2)
ما بين حاصرتين لم يرد في (ب).