الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ذلك في تعب زائدٍ بالكشف، فسهَّل عليهم، حيث اقتدَوْا بصاحب التَّرجمة في ترتيب أسماء المستحقين بالخانقاه على الحروف.
وممَّن كان يحمل المصحف مِنْ محراب البيبرسية حتى يضعه بين يدي صاحب الترجمة -على عادة الشيوخ- سيدي الشيخ سعد العجلوني، نفع اللَّه به، مع أنَّه كان مقيمًا بالجامع الأزهر، وعُدَّ ذلك مِنْ كرامات صاحب الترجمة، رحمهما اللَّه وإيانا.
وأمَّا الأنظار سوى ما تقدَّم، فإنّه كان استقرَّ في النَّظر على حمَّام ابن الكُويك بتفويضٍ مِنَ التَّقيِّ المقريزي، واستمر معه حتى مات، ورام القاضي علم الدين أخذه منه في بعض عزلاته، متمسكًا بأنه من متعلقات القضاء، فأرسل إليه صاحب الترجمة بتفويضِ المقريزي إليه، فسكت.
[وظيفة الخطابة:]
وأمَّا الخطابة، فكان رحمه الله قد ولي الخطابة بالجامع الأزهر -[أظنه لمشاركة غيره له في رفعها](1) عوضًا عن التاج محمد بن علاء الدين [محمد بن محمد بن عبد المحسن بن عبد اللطيف ابن قاضي القضاة تقي الدين محمد بن حسن العامري الحموي الأصل المصري، عرف](2) بابن رزين المتوفى -حسبما أخبرني به ولده عبد الرحيم رئيس المؤذنين بجامع الحاكم- في سنة تسع عشرة وثمانمائة، برغبة منه لصاحب الترجمة عنها. [وكان التاج تلقَّاها عن أبيه العلاء الذي كتب عنه صاحب الترجمة، ومات في سنة خمس وثمانمانة](3).
ولما كان الناصر فرج بن برقوق بالشام في سنة خمس عشرة وثمانمائة، وخلعه الخليفة وهو إذ ذاك بالشام أيضًا، وورد الخبر بخلعه، ثم جاء من عند الناصر ساعٍ بأنه ملتجىء إلى القلعة، وقدم بعض الأمراء وعليه
(1) و (2) و (3) ما بين حاصرتين لم يرد في (ب).
خُلعة الخليفة وكتابٌ لمن بالقاهرة باستقرار الخليفة في السَّلطنة، أرسلوا بالكتاب لصاحب الترجمة بالجامع الأزهر، فقرأه على المنبر وقت الجُمعة، وكذا فعل غيرُه مِنْ أعيان الخطباء.
وفي يوم الجمعة ثاني عشري ربيع الآخر سنة تسع عشرة، وكان عقب موت شيخه فريد العصر العز محمد بن أبي بكر بن جماعة، فإنه توفي يوم الأربعاء، وصُلِّي عليه صبيحة يوم الخميس، فأورد صاحبُ الترجمة في خطبته قول ابن الحنفيَّة لمَّا مات ابن عباس رضي الله عنهم: مات -واللَّه- اليوم حَبرُ هذه الأمَّة، فقال:[ولقد دفنَّا بالأمس عالم هذه الأمَّة](1)، أو كما قال.
وبواسطة كونه كان خطيبه، كان يكثر الصلاة على الغائبين من العلماء والصَّالحين، حيث يشير بذلك لمعرفته بمنازلهم، فكان ممَّن صلَّى عليه صلاة الغائب العزُّ أبو البقاء محمد بن خليل الحاضري الحنفي، الذي قال فيه البرهان الحلبي الحافظ: لا أعلمْ بالشَّام كلِّه في مجموعه مثله] (2).
وفي رجب من السنة، أمر السلطانُ الخطباء، إذا وصلوا إلى الدعاء إليه في الخطبة أن يهبطوا مِنَ المنبر درجةً أدبًا، ليكون ذكرُ اللَّه ورسولِهِ في مكان أعلى مِنَ المكان الذي يُذكر هو فيه، ففعل صاحب التَّرجمة ذلك بالجامع الأزهر، وكذا غيرُه مِنَ الأعيان، لكنه ما تمَّ، وكان مقصدُ السلطان في ذلك جميلًا.
ولمَّا سافر المؤيَّدُ لتمهيد البلاد الشمالية (3) في سنة عشرين، وورد كتابه من حلب بشرح سيرته في السَّفرة المذكورة في بلاد الرُّوم وما ملك مِنَ القلاع التي لم يملكها أحدٌ مِنَ التُّرك قبله وغير ذلك، قرأه صاحبُ التَّرجمة في الجامع الأزهر، وكان يومًا مشهودًا، وصلى للناس في الجامع الأزهر صلاة الكسوف في ثالث عشري ربيع الأول على الوصف المعروف في الأحاديث الصحيحة. بركوعين مطوَّلين، وقيامين مطولين (4)، وكذا في
(1) و (2) ما بين حاصرتين لم يرد في (ب).
(3)
في (ب): "الشامية".
(4)
"مطولين" ساقطة من (أ).
جميع الأركان المقصودة وغير المقصودة، ثم خطب بهم، فانقضى ذلك بعد أن انجلت الشَّمسُ، وللَّه الحمد.
وقد صلى بالنَّاس أيضًا صلاة الكسُوف وهو بحلب بجامعها الكبير سنة ست وثلاثين وثمانمائة، فما سلَّم إِلا وقد انجلت وغربت الشَّمسُ، فصلَّوا المغربَ بالجامع، وانصرفوا بغير خطبة.
وخطب بجامع القلعة بالسُّلطان على جاري عادة قضاة الشافعية.
وكان ربما خطب عنه نيابةً أحدُ نوابه أبو العباس الزركشي والقاضي صدر الدين بن رَوْق، ثم بعد موت ابن روق السيد صلاحُ الدين الأسيوطي، فيما قيل.
ومنعهم شيخُنا مِنْ شرب المشروب وهم بالجامع على ما أخبرني به الشرف بن الخشاب، لكنه ما استمر، وأمره أن يقول بين يديه زيادة على ما أحدثوه: ومن لغا فلا جمعة له. وكذا أمر المرقي أن يقول [بعد إيراد الحديث الذي أُحدث ذكرُه بين يدي الخطيب، وقبل قوله](1): أنصتوا: رواه البخاري، وذلك لما توهَّم السلطانُ أنها مِنْ نفس الحديث.
وكذا خطب بالسُّلطان بجامع بني أمية في سنة آمد كما سبق (2)، ثم خطب بجامع عمرو بن العاص رضي الله عنه في آخر يوم من رمضان سنة ثمان وثلاثين وثمانمائة، وكان استقرَّ فيها، فإنه قايضَ الشيخ شمس الدين محمد بن يحيى بما كان معه منْ خطابة الأزهر عمَّا معه من نصف خطابة جامع عمرو رضي الله عنه، ثم استكمل (3) الوظيفة، بعد ذلك استنزل البدر محمد بن العلَّامة مجد الدين البرماوي عن نصفها الآخر، بل ولي نظر الجامع أيضًا (4)، [وذلك في جمادى الأولى سنة ثمان وأربعين، ونزل إلى مصر، وكان يومًا مشهودًا، كما بيَّنته في الحوادث من "تاريخي"](5)، وسمعنا خطبته هناك مرارًا.
(1) ما بين حاصرتين ساقط من (ط).
(2)
في (ط): "كما سيأتي".
(3)
في (أ): "استعمل".
(4)
في (ب): "على ما تحرّر".
(5)
ما بين حاصرتين لم يرد في (ب).
ورأيناه يشتد إنكاره وهو على المنبر على مَنْ يدخلُ مِنَ العوامِّ فيجلس، فإذا تمت الخطبة الأولى قام فصلَّى.
وكذا رأيناه ينكر ما يفعله الجهَّالُ مِنْ كتابة أوراق في آخر جمعة مِنْ رمضان والخطيب على المنبر، يسمونها حفيظة رمضان، ويبالغ في ذلك، وهذه الحفيظة أمرُها منتشر، بحيث وُجِدَ بخط محمد بن الشرف إسماعيل بن المقرىء، والفقيه إسماعيل بن محمد الأمينين اليمنيَّيْن، الأول نقلًا عَنْ خط النَّفيس سليمان بن إبراهيم العلوي محدث اليمن، والثاني عن خط الموفق علي بن عمر بن عفيف الحضرمي، عن خط الجمال محمد بن عبد اللَّه الرَّيمي، عن كتاب إبراهيم بن عمر العلوي -قلت (1): وهو والد النَّفْيس المذكور في السَّند الأول فيما وجداه -أعني النَّفْيس ووالده- منسوبًا إلى الفقيه الإمام محمد بن الحسين الصِّمعي بلفظه أو معناه، أنه يكتب في آخر جمعة مِنْ رمضان بعد صلاة العصر على ما ورد به الأثر: لا آلاء إِلا آلاؤكُ يا اللَّه (2) إنك سميع عليم محيط به علمك (3)، كعهون (4)، وبالحقِّ أنزلناه وبالحق نزل. وقال: ما كانت في بيت فاحترق ولا سُرق، ولا في مركب فغرق. قال البرهان العلوي: فسألتُ عَنْ ذلك شيخي الفقيه شهاب الدين أحمد بن أبي الخير بن منصور الشّماخي، فقال: لا بأس به وأقرَّه. قال: وإن كان في الحديث شيءُ، فذلك مِنْ باب التَّرغيب والترهيب (5).
قال الأمين إسماعيل: وأهل زبيد الآن يكتُبون هذا في آخر جمعة مِنْ رمضان والإمام يخطُبُ لصلاة الجمعة، وكذا أهل تعز وغيرها من بلاد اليمن. قلت: وكذا مصر والقاهرة والمغرب ومكة. وليس لها أصل صحيح، بل ولا ضعيف مِنَ السُّنَّة، خلافًا لما هو ظاهرُ كلامِ الشماخي، واللَّه الموفق.
(1) بياض في (ب).
(2)
في (ب، ط): "باللَّه".
(3)
في (ط): "عملك"، تحريف،
(4)
في (ط): "كمشلهون".
(5)
"والترهيب" لم ترد في (ح).