الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بالنار.
ولم بلغ "إدورد الثالث" من العمر اثنتي عشرة سنة أخذته والدته الملكة "إيزابيلا" المذكورة إلى فرنسا ولبثت ملكية "شارل الرابع" وفي ولا يتي "غينا" و"نبتيو" اللتين وهبه إياهما أبوه "إدورد الثاني" وهناك عقدت الملكة "إيزابيلا" بين "إدورد" وبين "فيليب" عقد زواج فتزوجها في 24 يونيو سنة 1328 م. ولما اسر "إدورد الثاني" وسمي "إدورد الثالث" ملكا لإنكلترا أمرت الملكة "إيزابيلا" بتعيين أربعة أساقفة وعشرة أشراف لكي يقرروا وكالة الملك وكان أكثرهم من حزبها فقرروا لها ول "مورتيمر" الذي صار آرل "مرنش" حق إدارة المملكة من تلك الأثناء فقضى "روبرت تروسل" شروط الهدنة التي كانت بينه وبين مملكة إنكلترا وأنفذ جيشا عظيما تحت قيادة "رندولف" و"زغلاس" فحملوا في كتيبة "كمبرلانه" وألقوا فيها الخراب والدمار فأرسلت "إيزابيلا" ولدها "إدورد" إلى "انشيمال" بجيش يزيد عن الأربعين ألف مقاتل وهناك حصل بينه وبين الأسكوتسيين وجرى له معهم موقعتان وهم في مراكز منيعة جدا فلم يتمكن من التغلب عليهم ويقال: إنه بكى لما رأى جماعة يسيرة قد استظهروا عليه وإنها تلك الحرب المشؤومة. فعقد معاهدة اعترف فيها باستقلال "أسكوتسيا" تماما وهذه الحالة ألقت
المس
ؤولية على "إيزابيلا" و"مرتيمر" وكانا قد غاظا الشعب بأفعالهما ضد "أرل أف مونت" فإنهما سعيا في قتله لخيانة كبرى اتهمته بها وذلك سنة 1330 م.
وفي السنة نفسها استبد "إدورد" بالسلطة وتخلص من طاعة أمه ومحبيها وقتل " مرتيمر" لخيانة بدت منه وأما "إيزابيلا" فأمر بحبسها طول حياتها في قصر "رشتتغ" حتى توفيت كما تقدم.
إيزابيلا البافارية ملكة فرنسا
وهي ابنة دوق "بابريا" ولدت سنة 1371 م، وتوفيت سنة 1435 م تزوجت "شارل السادس" سنة 1385 م فلما جن سنة 1392 م جعلت رئيسة لمجلس الوكالة الملكية وكان من أعضائه دوق "أوليان" أخو الملك و"جان" دوق "بورغونيا" الملقب بعديم الخوف فحصل بين هذين الأميرين منظرة شديدة نشأ عنها الخصام الذي جرى بين البورغونيين والأرمنياكيين، وكانت "إيزابيلا" تميل إلى دوق "أورليان".
ويقال: إنه كان بينهما علائق حبية فأضمر لها دوق "بورغونيا" الشر وقتل خصمه سنة 1407 م رغبة في الانتقام منها فغمها الأمر جدا ولكنها رضيت بمعاهدة القاتل لتحفيظ لنفسها السلطان، ولما قتل دوق "بورغونيا" نفسه سنة 1419 م واطأت خلفه "فيليب لوبون" على تسليم فرنسا ليد أجنبية حارمة بذلك من الملك نفس ابنها "شارل السابع" ووقعت على معاهدة "تروا" التي بموجبها وجه تخت فرنسا إلى "هنري الخامس" ملك إنكلترا وذلك سنة 1420 م وقلت أهميتها بعد وفاة "شارل السادس" و"هنري الخامس" سنة 1422 م فلم تكن تتداخل في الأحكام وفي سنة 1435 م، توفيت مصحوبة باحتقار الشعب غير مأسوف عليها.
ألمس
المغنية الشهيرة التي فاقت كافة أرباب الألحان وآلات الطرب، وحازب شهرة عظيمة لا مزيد عليها وقد جمعت أموالا كثيرة حتى قيل فيها إنها سلبت أموال القطر المصري برقة صنعتها وحلاوة صوتها الشاجي وكانت ابنة رجل فقير يتعاطى صنعة الصباغة، وكان ظهورها في أواخر أيام سعيد باشا وأوائل حكم إسماعيل باشا الخديوي وكانت في ذلك الوقت سائدة على مغنيات مصر لاسيما "ساكنة" المغنية الشهيرة وكانت قد أسنت وكانت "ألمس" صغيرة لا تتجاوز على مابلغني الثانية عشرة من سنيها وكان اسمها الحقيقي "سكينة" ولكنها في مبادئ ظهورها لقبت باسم "ألمس" وقد غلب على الاسم الأصلي فشهرت به، وفي أول ظهورها قد طلبت إحدى سيدات العائلة الخديوية جملة بنات من بنات الأهالي حسنات الأصوات لأجل نعليمهن الألحان فجاءتها إحدى أتباعها بما طلبت ومن جملتهن "ألمس"، فاختبرت أصوات الجميع فلم يرق لها سوى صوت المترجمة
فطلبت إليها الإقامة عندها فامتنعت واعتذرت أنها لا تقدر على ترك والدها الفقير فقبلت عذرها بكل أسف وأنعمت عليها بشيء من النقود وانصرفت ثم بعد ذلك اشتهرت بين سيدات مصر وذواتها فكثر طلبها وتحدث بذكرها الرجال والنساء.
ولما رأت "ساكنة" المغنية ذلك خافت على مركزها وشهرتها أن تسترها "ألمس" بما منحها الله من حسن الصوت ورقة الصنعة فضمتها إليها وصارت "ساكنة" لا يعبأ بها فداخلها الحسد والحقد، فساءت معاملتها ولما رأت المترجمة ذلك انفصلت عنها وجعلت لها تختا خصوصيا وكبر شأنها وطلبها ولاة مصر وذواتها وتركت "ساكنة" ونسي أمرها فزاد الحقد والحسد لها من جميع مغنين ومغنيات مصر وكان عبده الحمولي المغني الشهير هو المشهور بين الرجال في ذلك الوقت فأخذه الخوف على شهرته وارتعب من إطفاء اسمه كما حصل ل "ساكنة" فأظهر ل "ألمس" في بادئ الأمر العداوة ووقع الخلاف حتى صار إذا أراد أن يزين أفراحه ويجعل لها رونقا جمع ما بينهما في سامر واحد فيظهر كل منهما ما عنده من حسن الصنعة ورقة الصوت فيطرب السامعين ويصح فيهم المثل السائر:"تشاحنت المراكبيه بسعد الركاب".
ولما رأى عبده الحمولي وأن الأهالي متجهة أفكارها إلى جهة "ألمس" وكثر مادحوها، وقل الالتفات إلى جهته عمد إلى الحيلة والمكر اللذين يتهم بهما النساء وأظهر لها الحب والود الذي لا يشك فيه، وطلب إليها الاقتران وبذل جهده في إتقان الحلية حتى قبلت اقترانها به وكانت من قبل تزوجت برجل إيراني وانفصلت منه لا أعلم إن كان بموت أو بالحياة.
ولما دخلت على عبده كان آخر العهد بها فمنعها عن الغناء وتقدم هو فرجعت له شهرته الأولى إذ لم يبق غيره في القطر المصري وأسف الأهالي جميعا من غياب سناء "ألمس" عن عيونهم وحزن الكثير من هذا الاقتران.
ولما صارت تحت حكمه سلمت له كل مالها وما تملكه ففتح محل تجارة وحيث إنه كان مسرفا في بذل الأموال لم تدم تجارته إلا قليلا فقفل محله التجاري.
وكانت المترجمة جملت منه ولم تلد، بل توفاها الله بحملها وهي في نضارة الشباب وعنفوان الصبا فأسف عليها المصريون مل الأسف وكان لها يوم مشهود جمع أكابر مصر وأصاغرها واحتفل بمشهدها تقله أعناق الرجال وتسقى الأرض بأنهر من الدمع المدرار.
وحزن عبده عليها الحزن الشديد وحاقه الندم على ما فرط منه في معاملتها بالقسوة حيث إنه كان يعاملها بكل فظاظة وهجر حتى قيل: إنه كان يقصد خسارة أموالها فيركب العربة تقلها الخيل الجياد من خليها فلا يحملانه أكثر من الأسبوع وخسرت التجارة وما ينوف عن الثلاثين ألف جنيه وغير ذلك من الخسائر الباهظة غير ما عاملها به من الهجر والإعراض فلحقها الغم وندمت من حيث لا ينفع الندم حتى قيل: إن ذلك سبب موتها لما لحقها من الكدر.
فأثر هذا الأمر في عبده بعد موتها وثابر على الحزن مدة من الزمن وغنى عليها بألحان محزنة نذكرها على سبيل الاستئناس وهو: مذهب:
شربت الصبر من بعد التصافي
…
ومر الحال ما عرفتش أصافي
يغيب النوم وأفكاري توافي
…
عدمت الوصل آه يا قلبي علي
دور:
يقضي لوم يكفاني ملامه
…
وزاد بي الحال يا الله السلامه
مضت بهجة فؤادي يا ندامه
…
عدمت الوصل آه يا وعدي علي