الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
موسى) . وكان بلغها أنهما قالتا: نحن أكرم على رسول الله منها، نحن أزواج رسول الله، وبنات عمه.
وعن صفية أن النبي صلى الله عليه وسلم حج بنسائه، فلما كان ببعض الطريق برك بصفية جملها فبكت وجاء رسول الله صلى الله عليه وسلم حين أخبر بذلك فجعل يمسح دموعها بيده وجعلت تزداد بكاء وهو ينهاها، فنزل رسول الله صلى الله عليه وسلم بالناس، فلما كان عند الرواح قال لزينب بن جحش:(يا زينب أفقري أختك جملا) وكانت من أكثرهن ظهرا قالت: أنا أفقر يهوديتك؟ فغضب النبي صلى الله عليه وسلم حين سمع ذلك منها فلم يكلمها أيام منى حتى قدم مكة. وفي سفره حتى رجع إلى المدينة ومحرم وصفر فلم يأتها ولم يقسم لها، ويئست منه، فلما كان شهر ربيع الأول دخل عليها فلما رأت ظله قالت: هذا ظل رجل وما يدخل علي إلا رسول الله فدخل النبي صلى الله عليه وسلم، فلما رأته قالت: يا رسول الله، ما أصنع؟ قال: كانت لها جارية تخبؤها من النبي صلى الله عليه وسلم فقالت: فلانة لك. قال: فمشى النبي صلى الله عليه وسلم إلى سريرها وكان قد رفع فوضعه بيده ورضي عن أهله.
وروى عنها علي بن الحسين قالت: جئت إلى النبي صلى الله عليه وسلم أتحدث عنده وكان معتكفا في المسجد فقام معي يبلغني بيتي فلقيه رجلان من الأنصار قالت: فلما رأيا رسول الله صلى الله عليه وسلم رجعا فقال: (تعاليا فإنها صفية) . فقالا: نعوذ بالله سبحان الله يا رسول الله! فقال: (إن الشيطان ليجري من ابن آدم مجرى الدم) . وتوفيت سنة ست وثلاثين. وقيل: سنة خمسين - رحمها الله تعالى.
الملكة صفية والدة السلطان سليمان الثاني ابن السلطان إبراهيم
كانت مولدة من بنات الجركس جاءت السراي الهمايونية وهي صغيرة وبعد مدة ظهرت نجابتها وبان رونقها وجمالها فاستحظى بها السلطان سليمان، وبقيت عنده مكرمة معززة حتى مات، وتولى الملك ولدها المشار إليه، فصارت أعز مما كانت عليه، وكثرت نفقاتها على فعل الخير والبر والإحسان.
ومن مآثرها الجامع المنسوب إليها الكائن بمصر القاهرة. قال الأمير علي باشا مبارك في (خطط مصر التوفيقية) إن هذا المسجد بجهة الحبانية في حارة الداودية عن يسار الذاهب من شارع محمد علي إلى قلعة الجبل بمصر، وهو مرتفع الأرضية نحو أربعة أمتار وله بابان يصعد إلى كل منهما بعدة سلالم متسعة مستديرة، وله صحن متسع بدائرة، إيوان مسقف بقباب على أعمدة من الحجر والرخام وفي مقصورة الصلاة منبر خشب ودكة في دائرها شبابيك لها أبواب من الخشب عليها نقوش ومطهرته بمرافقها منفصلة عنه بالطريق، وشعائره مقامة بنظر ديوان الأوقاف المصرية، وهو من إنشاء عثمان أغاة بن عبد الله أغاة دار السعادة، ثم آل بطريق شرعي لسيدته الملكة صفية كما في كتاب وقفيته.
وملخص ذلك أن الملكة علية الذات، صفية الصفات، والدة السلطان، قد وكلت عن نفسها، فخر الخواص والمقربين، وذخر أصحاب العز والتمكين عبد الرزاق أغا بن عبد الحليم أغاة دار السعادة وفي دعواه أن عثمان أغا - المذكور - هو عبدها ومملوكها إلى الآن، فحضر بالمحكمة الشرعية، وأشهد بوكالته شاهدين عدليين، وقرر دعواه بحضور فخر إلا ما جد داود أغا بن عبد الدائم المتولى على وقف الجامع الشريف بجهة الحبانية الذي بناه المرحوم عثمان أغا بن عبد الله فقال ذلك الوكيل في الدعوى أن عثمان - المذكور - هو عبد ومملوك موكلتي المشار إليها وأنه ليس مأذونا ببناء الجامع ولا بإيقاف بلده الملك له المعروفة بزاوية تميم من ولاية منوف المشتملة على أربعمائة فدان ولا بإيقاف المنزل المملوك له بطريق (بولاق) قرب قنطرة الدوادار المشتمل على أربعة مخازن وبيت وقهوة واثنين وثلاثين دكانا وخمس عشرة خزانة، وخمس طواحين وإصطبل وخمس آبار عذبة الماء ومدبغ بقر، ومدبغ غنم، ومسلخ بقر فذلك الإيقاف
غير صحيح وأريد ضبطه لموكلتي الملكة - المشار إليها - وسائر أمواله حيث إنه مملوكها.
وأبرز فتوى من شيخ الإسلام بان الإيقاف - المذكور - غير شرعي، وكانت صورتها تملك عمرو عبد هند أملاكا، وبنى جامعاً ووقف ذلك عليه.
ثم توفي قبل عتقه فهل لهند أن لا تقبل وقف عبدها عمرو، وأن تتملك جميع موقوفاته، فأجيب بأن وقف عمرو غير صحيح وأن لسيدته ضبط جميع أملاكه كسائر أمواله.
ثم سئل حضرة داود أغا المتولي - المذكور - فأجاب بأن المرحوم عثمان أغا معتوق قبل وفاته وأنه بنى الجامع ووقف البلد وغيرها بإذن معتقه الست صفية وحسن رضاها فأنكر عبد الرزاق الوكيل - المذكور - عتق المتوفى، وأنكر إذنها له في بناء الجامع، ووقف تلك الأوقاف فطلبت البينة من داود أغا، فعجز عن إقامتها وطلب تحليفها اليمين الشرعي، فأرسل القاضي عدلين إلى حضرة الملكة لتحليفها.
ثم رجع المندوبان وأخبر القاضي بأنها حلفت اليمين الشرعية بحضور المتولي على طبق دعواها منه، فحكم القاضي بان الجامع والقرية وجميع الأصقاع هي ملك لها ووقفها باطل، ونبه على داود أغا برفع يده وتحرر في أواخر شوال سنة 1101 هجرية.
وبعد أن دخلت هذه الموقوفات من القرى والضياع والأصقاع والمزارع والرباع في ملك الملكة وتصرفاتها جددت وقفها وقفا صحيحا شرعيا مؤدبا مخلدا بحدودها وجعلت النظر على تلك الأوقاف لفخر الخواص عبد الرزاق أغا بن عبد الحنان الأمير بدار السعادة، وأطلقت له التصرف في الموظفين بالعزل والتولية وجعلت له عشرين قطعة ومن بعده لا يخرج النظر عن أغوات دار السعادة، واشترطت أن الناظر هو الذي يعطي تقريرات الموظفين، وأن يرتب لضبط الريع وصرفه رجلا أمينا، دينا عفيفا، ماهرا في الكتابة والحساب يوميا عشرون قطعة، ولكاتب أمين طاهر يقيد كل جزئية بالدفتر كل يوم خمس قطع ولجاب متصف بتلك وله اقتدار على التحصيل، ولا يترك بذمة أحد شيئا من حقوق الوقف، ولا يحتال بحيلة في أخذ حبة من حقوق الوقف كل يوم خمس قطع، ولواعظ صالح عالم ورع، فقيه بمذهب النعمان، عارف بأحكام القرآن، يعظ الناس في الجمع والمواسم، ويختم الوعظ بالفاتحة لأرواح الأنبياء والمرسلين، والأولياء والصالحين، ولأرواح السلاطين الماضين مع الدعاء للسلطان بدوام دولة الخلافة ولحضرة الواقفة الجليلة بازدياد العمر ووفور الشوكة ولسائر المسلمين بحصول المرام كل يوم خمس قطع.
واشترطت أن يكون الخطيب عالما مجودا زاهدا كريم الأخلاق حسن الفعال يخطب فيه على منوال الشرع الشريف في الجمع والأعياد خطبة تناسب الأيام والفصول، وتوافق الطباع، وليس له أن ينيب عنه أحدا بدون عذر شرعي، وله خمس قطع وأن يرتب إمامان عالمان عاملان بعلمهما لهما وقوف على التجويد ورسوم القراءات والروايات، وقدرة على آداب الإمامة يتناوبان الإمامة في أوقات الصلوات الخمس على طريق السنة والجماعة، ولا ينيبان أحدا بدون عذر شركي ولكل منهما خمس قطع وأن يرتب أربعة مؤذنون عارفون بعلم الميقات أصحاب عفة وديانة وأصوات حسنة وأخلاق مستحسنة يتناوبون الأذان على المنارة اثنين اثنين، ويجتمعون في أذان يوم الجمعة، ويقرأن التسبيح بعد صلاة الجمعة بالتهليل والتكبير، وفي الثلث الأخير من كل ليلة قرب الصبح يجتمعون على المنارة ويرفعون أصواتهم بالتسبيح والتحميد والدعاء، ولك منهم في اليوم ثلاث قطع، وأن يرتب موقت صالح أمين عارف بالميقات يحضر في كل وقت يعلم المؤذنين بدخول الوقت مع الاحتراس التام، وله في اليوم قطعتان.
ويرتب عشرة من حملة القرآن يقرأ كل منهم عشرا في محفل الجماعة قبل صلاة الجمعة وأتقنهم للقراءة عليه البدء والختم، وله العزل فيهم والتولية بالامتحان على الوجه الحق، وله خاصة في اليوم قطعتان، ولك