الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
طلق اليدين لفعل الخير ذو فخر
…
ضخم الدسيعة بالخيرات أمار
في رفقة حار حاديهم بمهلكه
…
كأن ظلمتها في الطخية القار
كان دمعي لذكراه إذا خطرت
…
فيض يسيل على الخدين مدرار
تبكي خناس على صخر وحق لها
…
إذ رابها الدهر إن الدهر إن الدهر ضرار
وتوفيت الخنساء في البادية في خلافة معاوية بن ابي سفيان رحمه الله عليها.
تماضر زوجة زهير
كانت من بنات بني عبس الأكابر الذين ورثوا المجد كابرا عن كابر، تزوجت بالملك زهير العبسي على محبة ووفاق وزادت به شرفا ومقاما، وإجلالا وإكراما، وولدت له جملة أولاد نجباء، منهم: قيس، ومالك ابنا زهير، وزوجها زهير ملك بني عبس، ولها رثاء قليل في ولدها مالك قتله حذيفة بن بدر، ومن قولها:
كأن العين خالطها قذاها
…
لغيبتكم فلم تعط كراها
على ولد وزين النسا طرا
…
إذا ما النار لم تر من صلاها
لئن حزنت بنو عبس عليه
…
فقد فقدت بنو عبس فتاها
فمن للضيف إن هبت شمال
…
مزعزعة يجاوبها صداها
أسيدكم وحاميكم تركتم
…
على الغبراء منهدما رحاها
نرى الشم الجحاجح من بغيض
…
تبدد جمعها يوما رآها
فيتركها إذا اضطربت بطعن وينهبها إذا اشتجرت قناها
حذيفة لا سقيت من الغوادي
…
ولا روتك هاطلة نداها
كما أفجعتني بفتى كريم
…
إذا وزنت بنو عبس وفاها
فدمعي بعده أبدا هطول
…
وعيني دائم أبدا بكاها
تنوسة جارية علية بنت المهدي العباسي
كانت ذات حسن وجمال، وبها وكمال، وأدب ما له مثال. تعلمت الغناء حتى صارت أحسن المغنين والمغنيات، وساعدها على ذلك صوتها وحدة ذهنها وشدة استحضارها. وكانت تختلف إلى الأمير محمد بن عبد الله بن طاهر وترتاح لمنادمته، وهو يشتاق لسماع صوتها.
وقيل: إن محمد بن عبد الله جلس يوما في مجلس أنسه وكان عنده صديقه الحسن بن محمد بن طالوت، وكان أخص الناس به فقال له: لا بد لنا في يومنا هذا من ثالث نطيب بمعاشرته، ونلتذ بصحبته ومؤانسته حتى نسمع صوت "تنوسة" فمن ترى أن يكون طاهر الأعراق غير دنس الأخلاق، فأعمل فكره الحسن وأمعن نظره وقال: أيها الأمير قد خطر ببالي رجل ليست علينا في مجالسته كلفه قد خلا من إبرام المجالسة وبرئ من ثقل المؤانسة خفيف الوقفة إذا أحببت، سريع الوثبة إذا أمرت. قال: ومن ذاك؟ قال: "مان الموسوس". قال: أحسنت والله فتقدم إلى أصحاب الأرباع بطلبه، فما كان بأسرع من أن اقتنصه صاحب ربع الكرخ فسار به إلى باب بالأمير فأدخل الحمام وأخذ من شعرهن وألبس ثيابا نظافا، ثم ادخل عليه فقال: السلام عليك يا أمير. فقال: عليك السلام يا "مان"، ألم يأن أن
تزورنا على حين توقان منا إليك، ومنازعة قلوبنا نحوك. فقال "مان": الشوق شديد، والمزار بعيد، والحجاب عتيد، والبواب فظ عنيد ولو سهل الإذن لسهلت علينا الزيارة. قال: لقد ألطفت في الاستئان، فلا تمنع في أي وقت جئت من ليل أو نهار، ثم أذن له فجلس، ثما دعا له بالطعام فأكل، ثم غسل يديه وأخذ مجلسه. وكان محمد قد تشوق إلى السماع من "تنوسة" جارية ابنة المهدي، فأحضرت فكان أول ماغنت:
ولست بناس إذا غدوا فتحملوا
…
دموعي على الأحباب من شدة الوجد
وقولي وقد زالت بليل حمولهم
…
بواكر تخدى لا يكن آخر العهد
فقال "مان": أحسنت والله، ألا زدت فيه:
أقمت أناجي الفكر والدمع حائر
…
بمقلة موقوف على الجهد
ولم يعدني هذا الأمير بعزه
…
على ظالم قد لج في الهجر والبعد
فاندفعت تغنيه، فرق محمد بن عبد الله له وقال: أعشاق أنت يا "مان"؟ قال: فاستحيا وغمزه ابن طالوت أن لا يبوح له بشيء فيسقط من عينه فقال: بل هلع، وطرب اعز الله الأمير وشوق كان كامنا فظهر وهل بعد المشيب من صبوة، ثم اقترح محمد على "تنوسة" هذا الصوت من شعر أبي العتاهية:
حجبوها عن الرياح لأني
…
قلت يا ريح بلغيها السلاما
لو رضوا بالحجاب هان ولكن
…
منعوها يوم الرحيل الكلاما
فغنته فطرب محمد، ثم دعا برطل فشربه فقال "مان": ما على قائل هذا الشعر لو زاد فيه:
فتنفست ثم قلت لطيفي
…
آه لو زرت طيفها إلماما
خصها بالسلام سترا وإلا
…
منعوها لشقوتي أن تناما
فكان أبعث للصبابة بين الأحشاء وألطف تغلغلا على كبد الظمآن من زلال الماء مع حسن تأليف نظامه وانتهائه إلى غاية تمامه قال محمد: أحسنت والله يا "مان"، ثم أمر "تنوسة" بإلحاقها هذين البيتين بالأولين ففعلت ثم غنت هذين البيتين من شعر أبي نواس:
يا خليلي ساعة لا تريما
…
وعلى ذي صبابة فأقيما
ما مررنا بدار زينب إلا
…
فضح الدمع سرنا المكتوما
فاستحسنه محمد فقال "مان": لولا رهبة التعدي لأضفت إلى هذين البيتين بيتين لا يردان على سمع ذي لب إلا صد استحسانه لهما. فقال محمد: الرغبة فيما تأتي به حائلة دون كل رهبة فهات ما عندك فقال:
ظبية كالغزال لو تلحظ الصخ
…
ر بطرف لغادرته هشيما
وإذا ما تبسمت خلت ما تبدى
…
من الثغر لؤلؤا منظوما
قال محمد: أحسنت والله فأجز:
لم تطب اللذات إلا لمن
…
طابت له لذات تنوسة
غنت بصوت أطلقت عبرة
…
كانت بحسن الصبر محبوسة
فقال "مان":
وكيف صبر النفس عن غادة
…
تظلمها إن قلت طاووسه
وجرت إن شبهتها بانة
…
في جنة الفردوس مغروسة