الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
هي المايعز على قابض
…
ويمنع زبدته من مخض
ومن كلام ابن زيدون فيها قصيدته المشهورة التي منها:
بنتم وبنا فما ابتلت جوانحنا
…
شوقا إليكم ولا جفت مآقينا
تكادحين تناجيكم ضمائرنا
…
يقضي علينا الأسى لولا تأسينا
وأخبارها مع ابن زيدون كثيرة: وكان لها مداعبات مع الأدباء ومنهم الأصبحي المشهور فقالت تهجوه يوما:
يا أصبحي اهنأفكم نعمة
…
جاءتك من ذي العرش رب المنن
قد نلت بإست ابنك ما لم ينل
…
بفرج بوران أبوها الحسن
وحكاية بوران مفصلة بترجمتها. ولولادة حكايات غير ما ذكر في جملة كتب متفرقة لم يمكن الحصول عليها لعزة وجودها وماتت لليلتين خلتا من صفر سنة ثمانين. وقيل: أربعة وثمانين وأربعمائة رحمها الله تعالى.
حرف اللام ألف
لانيلسون المغنية الأسوجية
هي من أشهر مغنيات الإفرنج ولدت هذه الفتاة من أبوين فقيرين من الفلاحين في أسوج ولكنها اشتهرت شهرة عظيمة فأحرزت قصب السبق والتقدم على أقرانها ونالت الحظوة عند الملوك والعظماء فلم يبق أحد من رؤساء الحكومات إلا أتحفها بوسام أو شيء من علامات الشرف بحيث لو أرادت أن تتزين بكل ما عندها من النياشين لما وسعها صدرها وتزوجت الكنت دي ميراندا وعند ذهابها أخيرا إلى بلادها أسوج ونوج مع المسيو سترا كوف احتفل مواطنوها باستقبالها احتفالا عظيما، وأطلق لها مائة مدفع ومدفع إجلالا لشأنها، ولما سافرت سنة 1870 م إلى أميركا بلغ مدخولها اليومي ثلاثين ألف فرنك جمعت في الشهور الستة الأول من إقامتها هناك ما ينيف عن ستة ملايين فرنك أو ثلثمائة ألف ليرة فليتأمل.
لادي رسل ابنة توماروتسلي وزير مالية إنكلترا
ولدت سنة 1636 م وتزوجت بأمير إرلندي اسمه اللورد فوغان سنة 1653 م، فتوفي عنها بعد أربع سنوات، ثم اقترن بها الشريف وليم رسل فأحبها وأحبيته حبا مفرطا، وكان رسل شهما مقداما نافذ الكلمة. فاستعان به بعض أهل الثورة الخارجين على الملك فمالأهم على قصدهم، ثم كشف الأمر فقبض عليه وألقي في السجن وهي تجهل السبب الذي سجن لأجله، ولما قيد إلى المحكمة وقفت بجانبه، وسمعت الحكم الذي صدر عليه بالموت، وعادت معه إلى السجن مظهرة الجلد الشديد لكي لا تكسر قلبه، وجعلت تشدد عزائمه وتذاكره في الوسائط التي يمكن استخدامها لتخفيف قصاصه ولتأجيله وكان يعلم أن السعي في ذلك
يذهب سدى ولكنه تركها تسعى لأنه قال في نفسه لو تركتني إلى التقادير بدون أن تستعمل كل الوسائط الممكنة لنجاتي لما وجدت إلى الصبر عني سبيلا، فانتجعت كل روض وألقت دلوها في كل حوض، ولكنها عادت "بخفي حنين" لأنها لم تجد للقضاء مردا وجعلت تشدد عزائم زوجها وكان لسان حالها يقول:
جانب السلطان واحذر بطشه
…
لا تعاند من إذا قال فعل
ثم ودعته الوداع الأخير فودعها وهو يقول: إنني أودع الحياة طيب النفس قرير العين لأنني تركت أولادا لا يفقدون شيئا بفقدي وزوجة عفيفة فاضلة فيها الكفاية لأن تدبر أمورها وأمور أولادها على أتم المراد قد وعدتني أنها تقيني بنفسها من أجل أولادها، وهذا حسبي ولما قضى عليه أرسل الملك يخبرها أنه غير قاصد أن ينتفع بموت زوجها فيبقى لها لأولادها كل مقتنياته فرأت أن حبها لأولادها يدعو إلى شكره ولو مكرهة فأرسلت إليه كتابا تشكره به وكانت من فريدات عصرها في الكتابة والإنشاء.
ثم انتقلت بأولادها إلى الريف وأطلقت العنان للزفرات والعبرات التي كانت قد حجبتها مخافة شماتة الأعداء، وكتبت في ذلك الحين إلى أحد القسوس الفضلاء تقول له: أنت تعرفنا تماما فلا تلمني على الحزن ولو أفرط نعم أن كثيرات أصبن بما أصبت ولكن أين فقيدهن من فقيدي حتى يتجدد حزنهن كما يتجدد حزني، وكتبت بعد ذلك تقول: اللهم ارني مقاصد عنايتك فيما ابتليتني به لكي لا أسقط تحت قتل كأبتي إني أستحق هذا القصاص ولا أشكو منه ولكن قلبي جزين وقد عزت السلوى لأن رفيق الحياة وقسيم أفراحي وأحزاني ليس معي أواه أن نفسي تتوق إلى مسامرته ومساكنته ومواكلته، قد صارت الحياة علي حملا ثقيلا، ولكن لا بد من الصبر على مضض الأيام والترفع فوق أفراح الدهر وأحزانه.
ثم دالت تلك الدولة وصار الملك إلى الملك الذي كان زوجها من حزبه فغمر حماها وابنها بالأنعام تعويضا لهما عما فقداه بفقد زوجها ولكن ابنها لم يعش طويلا حتى يتمتع بهذا الإنعام لأن الجدري وافاه وهو في الثلاثين من عمره، وقصف غصن شبابه وعاشت بعد ذلك سنين كثيرة وماتت عن سبع وثمانين من العمر.
وقد اجتمع في هذه المرأة الفاضلة لطف النساء وصبرهن وفطنتهن وهمة الرجال وحكمتهم وإقدامهم، وعاشت وماتت طاهرة السيرة والسريرة. ولها رسائل كثيرة تحلها محلاً رفيعاً بين مشاهير الكتبة. انتهى.