الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وإني لأستحييه والترب بيننا
…
كما كنت أستحييه حين يراني
فعجبا منها ثم انحزنا فجلسنا بحيث لا ترانا لننظر ما تصنع فأنشأت:
يا صاحب القبر يا من كان يؤنسني
…
وكان يكثر في الدنيا موالاتي
قد زرت قبرك في حلي وفي حلل
…
كأنني لست من أهل المصيبات
لزمت ما كنت تهوى أن تراه وما
…
قد كنت تألفه من كل هيآت
فمن رآني رأى عبري مولهة
…
مشهورة الزي تبكي بين أموات
ثم انصرفت فتبعناها حتى عرفنا مكانها، فلما جئنا إلى الرشيد قال: حدثني بأعجب ما رأيته. فأخبرته بأمر لطيفة فكتب إلى عامله على البصرة أن يمهرها عشرة آلاف درهم، ففعل ووجه بها إليه، وقد أنهكها السقم، فتوفيت بالمدائن.
قال الأصمعي: فلم يذكرها الرشيد مرة إلا ذرفت عيناه.
لويزا ماري كارولين
"لويزا" كونتة "أليني" زوجة. آخر رجل من عائلة "ستورت". ولدت في "منس" من بلجيكا سنة 1753 م، وتوفيت في فلورنسا سنة 1824 م. وهي ابنة البرنس "غستاقوس أدولغوس". تزوجت سنة 1772 م "بشارل أدورد ستورت" حفيد "جمس الثاني"، وكان يدعي بحق الجلوس على تخت ملك بريطانيا، ويعرف بكونت "أليني".
وكان أكبر منها بثلاثين سنة، ويقال: إنه تزوجها أملاً أن يولد له منها وارث شرعي لبيت "ستورت" الذي كان مناظرا لملك إنكلترا إلا أنهما لم يتفقا فإنها كانت جميلة فتينة، مهذبة عاقلة. وكان هو هرماً خشن الطباع سيء الخلق، فعاش في "فلورنسا" وهناك تعرفت ب" الغيارى" الشاعر فحصل لها عنده اعتبار عظيم ويقال: إنه عشقها عشقاً مفرطاً وإنها هي التي حركته إلى تأليف تراجيدياته، ولم تتهم قط بخيانة زوجها إلا أن شدة فظاظته حملتها أخيراً على تركه فالتجأت إلى دير في فلورنسا، ثم انتقلت إلى دير في روميه.
وسنة 1783 م تمكنت من فسخ زواجها بتوسط "غستاقوس الثالث" ملك أسوج "وسعى لها "غستاقوس" _المذكور_ بمرتب عينته لها الحكومة الفرنساوية، غير أنه قطع عنها عند حدوث الثورة. ويقال: إنها بعد نحو سنتين من وفاة زوجها سنة 1788 م تزوجت "الغيارى" سراً وكان لها في فلورنسا سطوة عظيمة جداً في المصالح السياسية ونفوذ بين أكابر رجال الدولة فكان "نابوليون" يخافها وبعد وفاة "الغيارى" _المذكور_ كانت تصرف معظم وقتها في فلورنسا ويقال: إنها جرى لها هنا مع "فرنسوا كرافيه فاقر" وهو مصور فرنسوي علائق ودادية متينة، ولما توفيت دفنت في كنيسة "سنتا كروتشا" في فلورنسا في نفس القبر الذي دفن فيه الغيارى وأقام لها "كانوقا" فوقه قبة جميلة.
ليلى الأخيلية
هي ليلى بنت عبد الله بنت الرحال بن شداد بن كعب بن معاوية، وهو الأخيل من بني عامر بن صعصعة، وهي من النساء المتقدمات في الشعر من شعراء الإسلام وكان توبة بن الحمير بن عقيل الخفاجي يهواها ويقول فيها الشعر، فخطبها إلى أبيها، فأبى أن يزوجه إياها وزوجها في بني الأدلع فجاء يوماً كما يجيء لزيارتها فإذا هي سافرة ولم ير منها إليه بشاشة فعلم أن ذلك الأمر ما كان فرجع إلى راحلته فركبها ومضى وبلغ بني الأدلع أنه أتاها فتبعوه. فقال توبة في ذلك قصيدته المشهورة هي:
نأتك بليلى دارها لا تزورها
…
وشطت نواها واستمر مريرها
وخفت نواها من جنوب عفيرة
…
كما خف من نبل المرامي جفيرها
يقول رجال لا يضيرك نأيها
…
بلى كل ما شق النفوس يضيرها
أليس يضر العين أن تكثر البكى
…
ويمنع منها نومها وسرورها
لكل لقاء نلتقيه بشاشة
…
وإن كان يوماً كل حول نزورها
خليلي روحا راشدين فقد أبت
…
ضرية من دون الحبيب وتيرها
يقر بعيني أن أرى العيس تعتلي
…
بنا نحو ليلى وهي تجري صقورها
وما لحقت حتى تقلقل عرضها
…
وسامح من بعد المرام عسيرها
وأشرف بالأرض اليفاع لعلني
…
أرى نار ليلى أو يراني بصيرها
فناديت ليلى والحمول كأنها
…
مواقير نخل زعزعتها دبورها
فقالت أرى أن لا تفيدك صحبتي
…
لهيبة أعداء تلظى صدورها
فمدت لي الأسباب حتى بلغتها
…
برفقي وقد كاد ارتفاقي يغيرها
فلما دخلت الخدر أطت نسوعه
…
وأطراف عيدان شديد سيورها
فأرخت لنضاخ الذفار منصة
…
وذوي سيرة قد كان قدماً يسيرها
وإني ليشفيني من الشوق أن أرى
…
على الشرف النائي المخوف أزورها
وأن أترك العيس الحسير بأرضها
…
يطيف بها عقبانها ونسورها
حمامة بطن الواديين ترنمي
…
سقاك من الغر الغوادي مطيرها
أبيني لنا لا زال ريشك ناعماً
…
ولا زلت في خضراء دان بريرها
وقد تذهب الحاجات يسترها الفتى
…
فتخفى وتهوى النفس ما لا يضيرها
وكنت إذا ما زرت ليلى تبرقعت
…
فقد رابني منها الغداة سفورها
وقد رابني منها صدود رأيته
…
وإعراضها عن حاجتي وقصورها
أترك حياض الموت ليلى وأفنا
…
عيون نقيات الحواشي تديرها
ألا يا صفي النفس كيف بقولها
…
لو أن طريداً خائفاً يستجرها
تجير وإن شطت بها غربة النوى
…
ستنعم ليلى أو يفادى أسيرها
وقالت أراك اليوم أسود شاحباً
…
وأنى بياض الوجه حر حرورها
وغيرني أن كنت لما تغيرت
…
هو أجر لا أكتنها وأسيرها
إذا كان يوم ذو سموم أسيره
…
وتقصر من دون السموم ستورها
وقد زعمت ليلى بأني فاجر
…
لنفسي تقاها أو عليها فجورها
فقل لعقيل ما حديث عصابة
…
تكنفها الأعداء ناء نصيرها
فإن لا تناهوا يركب اللهو نحوها
…
وخفت برجل أو جناح يطيرها
لعلك يا قيساً ترى في مريرة
…
معذب ليلى إن رآني أزورها
وأدماء من حر الهجان كأنها
…
مهاة صوار غير ما مس كورها
من الناعبات المشي نعباً كأنما
…
نياط بجذع من أراك جريرها
من العركانيات حرف كأنها
…
مريرة كيد شد شداً مغيرها
قطعت بها موماة أرض مخوفة
…
مخوف رداها حين يستن مورها
ترى ضعفاء القوم فيها كأنهم
…
دعاميص ماء نش عنها غديرها
وقسورة الليل التي بين نصفه
…
وبين العشا قد ريب منها أسيرها
أبت كثرة الأعداء أن يتجنبوا
…
كلابي حتى يستشار عقورها
وما يشتكي جهلي ولكن غرتي
…
تراها بأعدائي لبيثاً طرورها
أمخترمي ريب المنون ولم أزر
…
جواري من همدان بيضاً نحورها
تنوء بإعجاز ثقال وأسواق
…
خدال وإقدام لطاف خصورها
أظن بها خيراً وأعلم أنها
…
ستنفك يوماً أو يفك أسيرها
أرى اليوم يأتي دون ليلى كأنما
…
أتت حجة من دونها وشهورها
علي دماء البدن إن كان بعلها
…
يرى لي ذنباً غير إني أزورها
وأني إذا ما زرتها قلت يا اسلمي
…
ويا بأبي قولي اسلمي ما يضيرها
قيل: وكان توبة إذا أتى ليلى الأخيلية خرجت إليه في برقع فلما شهر أمره شكوه إلى السلطان فأباحهم دمه إن أتاهم، فكمنوا له في الموضع الذي كان يلتقاها فيه، فلما علمت به خرجت سافرة حتى جلست في طريقه فلما رآها سافرة فطن لما أرادت، وعلم أنه قد رصد وأنها أسفرت لذلك تحذره، فركض فرسه، فنجا وذلك قوله: وكنت إذا ما جئت ليلى تبرقعت -البيت المتقدم ضمن القصيدة- وقيل أيضاً: إنه كان يكثر زيارتها، فعاتبه أخوها وقومها، فلم يعتب، وشكوه إلى قومه فلم يقلع. فتظلموا منه على السلطان فأهدر دمه إن أتاهم، وعلمت ليلى بذلك وجاءها زوجها -وكان غيوراً- فحلف لئن لم تعلمه بمجيئه ليقتلنها، ولئن أنذرته بذلك ليقتلنها. قالت ليلى: وكنت أعرف الوجه الذي يجيئني منه فرصدوه بموضع ورصدته بآخر، فلما أقبل لم أقدر على كلامه لليمين فسفرت وألقيت البرقع عن رأسي، فلما رأى ذلك أنكره فركب راحلته ومضى، ففاتهم.
وخرج يوماً شخص من بني كلاب، ثم من بني الصحمة يبتغي إبلاً له حتى أوحش وأرمل، ثم أمسى بأرض فنظر إلى بيت براز فأقبل حتى نزل حيث ينزل الضيف فأبصر امرأة وصبياناً يدورون بالخباء، فلم يكلمه أحد، فلما كان بعد هدأة من الليل سمع جرجرة إبل رائحة وسمع فيها صوت رجل حتى جاء بها فأناخها على البيت ثم تقدم فسمع الرجل يناجي المرأة ويقول: ما هذا السواد حذاءك. قالت: راكب أناخ بنا حين غابت الشمس ولم أكلمه.
فقال لها: كذبت ما هو إلا بعض خلانك. ونهض يضربها وهي تناشده. قال الرجل: فسمعته يقول: والله لا أترك ضربك حتى يأتي ضيفك هذا فيغيثك. فلما عيل صبرها قالت: يا صاحب البعير، يا رجل وأخذ الصحمي هراوته ثم أقبل يحضر حتى أتاها وهو يضربها فضربه ثلاث ضربات أو أربعاً، ثم أدركته المرأة فقالت: يا عبد الله ما لك، ولنا نح عنا نفسك.
فانصرف فجلس على راحلته وأدلج ليلته، كلها وقد ظن أنه قتل الرجل وهو لا يدري من الحي بعد حتى أصبح في أخبية من الناس، ورأى غنماً فيها أمة مولدة فسألها عن أشياء حتى بلغ بها الذكر فقال: أخبريني عن أناس وجدتهم بشعب كذا وكذا.
فضحكت وقالت: إنك تسألني عن شيء وأنت به عالم. فقال: وما ذاك لله بلادك فو الله ما أنا به عالم. قالت: ذاك ليلى الأخيلية وهي
أحسن الناس وجهاً وزوجها رجل غيور فهو يعزب بها عن الناس فلا يحل بها معهم والله ما يقربها أحد ولا يضيفها فكيف نزلت أنت بها قال: إنما مررت فنظرت إلى الخباء ولم أقربه وكتمها الأمر وتحدث الناس عن رجل نزل بها فضربها زوجها فضربه الرجل ولم يدر من هو، فلما أخبر باسم المرأة وأقر على نفسه تغنى بشعر دل فيه على نفسه فقال:
ألا يا ليلى أخت بني عقيل
…
أنا الصحمي إن لم تعرفيني
دعتني دعوة فجزعت عنها
…
بصكات رفعت بها يميني
فإن تك غيرة أبريك منها
…
وإن تك قد جننت فذا جنوني
وكان الحجاج يقول لليلى الأخيلية: إن شبابك قد ذهب واضمحل أمرك وأمر توبة فأقسم عليك ألا صدقتني هل كانت بينكما ريبة قط؟ أو خاطبك في ذلك قط فقالت: لا والله أيها الأمير إلا أنه قال لي ليلة وقد خلونا كلمة ظننت أنه قد خضع فيها لبعض الأمر فقلت له:
وذي حاجة قلنا له لا تبح بها
…
فليس إليها ما حييت سبيل
لنا صاحب لا ينبغي أن نخونه
…
وأنت لأخرى صاحب وخليل
فلا والله ما سمعت منه ريبة بعدها حتى فرق بيننا الموت قال لها الحجاج فما كان منه بعد ذلك قالت: وجه صاحباً له إلى حضرنا. فقال: إذا أتيت الحاضر من بني عبادة بن عقيل فاعل شرفاً ثم اهتف بهذا البيت:
عفا الله عنها هل أبيتن ليلة
…
من الدهر لا يسرى إلي خيالها
فلما فعل الرجل ذلك عرفت المعنى فقلت له:
وعنه عفا ربي وأحسن حفظه
…
عزيز علينا حاجة لا ينالها
ولم يزل على ذلك حتى فرق بينهما الموت ومات توبة في بعض الغزوات قتله بنو عوف بن عقيل في خبر يطول شرحه. وكان ذلك سنة 85 هجرية و695 مسيحية، فلما بلغ خبر قتله ليلى الأخيلية رثته بمراث كثيرة منها:
نظرت وركن من دنانين دونه
…
مفاوز حوضي أي نظرة ناظر
لآنس إن لم يقصر الطرف عنهم
…
فلم تقصر الأخبار والطرف قاصري
فوارس أجلى شأوها عن عقيرة
…
لعاقرها فيها عقيرة عاقر
فآنست خيلاً بالرقي مغيرة
…
سوابقها مثل القطا المتواتر
قتيل بني عوف ويثبر دونه
…
قتيل بني عوف قتيل لجابر
توارده أسيافهم فكأنما
…
تصادرن عن اقطاع أبيض باتر
من الهند وانيات في كل قطعة
…
دم زل عن أثر من السيف ظاهر
أتته المنايا دون زغف حصينة
…
وأسمر خطى وخوصاء ضامر
على كل جرداء السراة وسابح
…
لهن بشباك الحديد وزافر
عوابس تعد والثعلبية ضمراً
…
وهن شواج بالشكيم السواجر
فلا يبعدنك الله توبة إنما
…
لقاء المنايا دارعاً مثل حاسر
فإن لا تك القتلى بواء فإنكم
…
ستلقون يوماً ورده غير صادر
وإن السليل إذ يباري قتيلكم
…
كمرجومة من عركها غير طاهر
فإن تكن القتلى بواء فإنكم
…
فتى ما قتلتم آل عوف بن عامر
فتى لا تخطاه الرفاق ولا يرى
…
لقدر عيالاً دون جار مجاور
ولا تأخذ الكوم الجلاد رماحها
…
لتوبة في نحس الشتا الصنابر
إذا ما رأته قائماً بسلاحه
…
اتقته الخفاف بالثقال البهازر
قرى سيفه منهن شاسا وضيفه
…
سنام البهاديس البساط المشافر
وتوبة أحي من فتاة حيية
…
وأجرأ من ليث يخفان خادر
ونعم فتى الدنيا وإن كان فاجراً
…
وفوق الفتى إن كان ليس بفاجر
فتى ينهل الحاجات ثم يعلها
…
فيطلعها عنه ثنايا المصادر
كأن فتى الفتيان توبة لم ينخ
…
قلائص يفحصن الحصى بالكراكر
ولكم يبن إيراد إعتاقاً لفتية
…
كرام ويرحل قبلهم في الهواجر
ولم يتجل الصبح عنه وبطنه
…
لطيف كطي السب ليس بحاذر
فتى كان للمولى سناء ورفعة
…
وللطارق الساري قرى غير ياسر
ولم يدع يوماً للحفاظ وللعدا
…
وللحرب ترمي نارها بالشرائر
وللبازل الكوماء يرغو خوارها
…
وللخيل تعدو بالكماة المساعر
كأن لم تكن تقطع فلاة ولم تنخ
…
قلاص لذي بأومن الأرض غابر
ويصبح بموماة كأن صريفها
…
صريف خطاطيف المدى في المحافر
طوت نفعها عنا كلاب وأثرت
…
بنا أجهلوها بين غلو وشاعر
وقد كان حقاً أن تقول سراتهم
…
لما لأخينا عائشاً غير عاثر
ودوية قفر يحاربها القطا
…
تخطيتها بالناعجات الضوامر
فتالله تبني بيتها أم عاصم
…
على مثله إحدى الليالي الغوابر
فليس شهاب الحرب توبة بعدها
…
بغاز ولا غاد بركب مماقر
وقد كان طلاع النجاد وبين
…
اللسان ومدلاج السرى غير فاتر
وقد كان قبل الحادثات إذا انتحى
…
وسائق أو مغبوطة لم يغادر
وكنت إذا مولاك خاف ظلامة
…
دعاك ولم يعدل سواك بناصر
فإن يك عبد الله آسى ابن أمه
…
وآب بأسلاب الكمي المغاور
فكان كذات البو تضرب عنده
…
سباعاً وقد ألقيته في الحواجر
فإن تك قد فارقته لك غادرا
…
وأنى لحي غدر من في المقابر
فأقسمت أبكي بعد توبة هالكاً
…
وأحفل من نالت صروف المقادر
على مثل همام ولابن مطرف
…
لتبكي البواكي أو لبشر بن عامر
غلامان كان استوردا كل سورة
…
من المجد ثم استوثقا في المصادر
ربيعي حياً كانا يفيض نداهما
…
على كل مغمور تراه وغامر
كأن سنا باريهما كل شتوة
…
سنا البرق يبدو للعيون النواظر
وقالت ترثيه أيضاً:
أيا عين بكي توبة بن الحمير
…
بسح كفيض الجدول المتفجر
لتبك عليه من خفاجة نسوة
…
بماء شؤن العبرة المتحدر
سمعت بهيجاً أرهقت فذكرنه
…
ولا يبعث الأحزان مثل التذكر
كأن فتى الفتيان توبة لم يسر
…
بنجد ولم يطلع من المتغور
ولم يرد الماء الدام إذا بدا
…
سنا الصبح في بادي الحواشي منور
ولم يغلب الخصم الضحاح ويملأ ال
…
جفان سديفاً يوم نكباء صرصر
ولم يعل بالجرد الجياد يقودها
…
بسبرة بين الأشمسات قياصر
وصحراء موماة يحاربها القطا
…
قطعت على هول الجنان بمنسر
يقودون قباً كالسراحين لاحها
…
سراهم وسيراً لراكب المتهجر
فلما بدت أرض العدو سقيتها
…
مجاج بقيات المزاد المقبر
ولما أهابوا بالنهاب حويتها
…
بخاطي البضيع كرة غير أعسر
يمر ككر الأندري مثابر
…
إذا ما ونين مهلب الشد محضر
فألوت عناق طوال وراعها
…
صلاصل بيض سابغ وسنور
ألم تر أن العبد يقتل ربه
…
فيظهر جد العبد من غير مظهر
قتلتم فتى لا يسقط الروع رمحه
…
إذا الخيل جالت في قنا متكسر
فيا توب للهيجا ويا توب للندا
…
ويا توب للمستنج المتنور
ألا رب مكروب أجبت ونائل
…
بذلت ومعروف لديك ومنكر
وقالت ترثيه:
أقسمت ارثي بعد توبة هالكا
…
أحفل لمن دارت عليه الدوائر
لعمرك ما بالموت عار على الفتى
…
إذا لم تصبه في الحياة المعاير
وما أحد حي وإن عاش سالما
…
بأخلد ممن غيبته المقابر
ومن كان مما يحدث الدهر جازعا
…
بلا بد يوماً أن يرى وهو صابر
وليس لذي عيش عن الموت مقصر
…
وليس على الأيام والدهر غابر
ولا الحي مما يحدث الدهر معتب
…
ولا الميت إن لم يصبر الحي ناشر
وكل شباب أو جديد إلى بلى
…
وكل امرئ يوماً إلى الله صائر
وكل قرينى ألفة لتفرق
…
شتاتاً وإن ضنا وطال التعاشر
فلا يبعدنك الله حياً وميتا
…
أخا الحرب إن دارت عليك الدوائر
ويروى:
فلا يبعدنك الله يا توب هالكا
…
أخا الحرب إن دارت عليك الدوائر
فآليت لا أنفك أبكيك ما دعت
…
على فنن ورقاء أو طار طائر
قتيل بني عوف فيا لهفتا له
…
وما كنت إياهم عليه أحاذر
ولكنما أخشى عليه قبيلة
…
لها بدروب الروم باد وحاضر
وقالت ترثيه:
كم هاتف بك من باك وباكية
…
يا توب للضيف إذ تدعى وللجار
وتوب للخصم إن جاروا وإن عندوا
…
وبدلوا الأمر نقصاً بعد إمرار
إن يصدروا الأمر تطلعه موارده
…
أو يوردوا الأمر تحلله بإصدار
وقالت ترثيه:
هراقت بنو عوف دماً غير واحد
…
له نبأ نجد به سيغور
تداعت له أفناء عوف ولم يكن
…
له يوم هضب الرهدتين نصير
وقالت ترثيه:
يا عين بكي بدمع دائم السجم
…
وابكي لتوبة عند الروع واليهم
على فتى من بني سعد فجعت به
…
ماذا أجن به في الحفرة الرجم
من كل صافية صرف وقافية
…
مثل السنان وأمر غير مقتسم
ومصدر حين يعي القوم مصدرهم
…
وجفنة عند نحس الكوكب الشئم
وقالت لقابض وتعذي عبد الله أخا توبة:
دعا قابضاً والموت يخفق ظله
…
وما قابض إذا لم يجب بنجيب
وآسى عبيد الله ثم ابن أمه
…
ولو شاء نجى يوم ذاك حبيبي
وسأل معاوية بن أبي سفيان يوماً ليلى الأخيلية عن توبة بن الحمير فقال: ويحك يا ليلى أكما يقول الناس كان توبة؟ قالت: يا أمير المؤمنين، ليس كل ما يقول الناس حقاً، والناس شجرة بغي يحسدون أهل النعم حيث كانت وعلى من كانت، ولقد كان يا أمير المؤمنين سبط البنان حديد اللسان شجا للأقران، كريم المختبر، عفيف المئزر، جميل المنظر وهو يا أمير المؤمنين كما قلت له. قال: وما قلت له؟ قالت: قلت ولم أتعد الحق وعلمي فيه:
بعيد الثرى لا يبلغ القوم قفزه
…
ألد ملد يغلب الحق باطله
إذا حل ركب في ذاره وظله
…
ليمنعهم مما تخاف نوازله
حماهم بنصل السيف من كل فادح
…
يخافون حتى تموت خصائله
فقال لها معاوية: ويحك، يزعم الناس أنه كان عاهراً خارباً. فقالت من ساعتها ارتجالاً:
معاذ إلهي كان والله سيداً
…
جواداً على العلات جماً نوافله
أغر خفاجياً يرى البخل سبة
…
تحلب كفاه الندى وأنامله
عفيفاً بعيد الهم صلباً قناته
…
جميلاً محياه قليلاً غوائله
وقد علم الجوع الذي بات سارياً
…
على الضيف والجيران أنك قاتله
وأنك رحب الباع يا توب بالقرى
…
إذا ما لئيم القوم ضاقت منازله
يبيت قرير العين من بات جاره
…
ويضحى بخير ضيفة ومنازله
فقال لها معاوية: ويحك يا ليلى، لقد جزت بتوبة قدره. فقالت: والله يا أمير المؤمنين لو رأيته وخبرته لعرفت أني مقصرة في نعته وأني لا أبلغ كنه ما هو أهله. فقال لها معاوية: من أي الرجال: كان؟ فقالت:
أتته المنايا حين تم تمامه
…
وأقصر عنه كل قرن يصاوله
وكان كليث الغاب يحمي عرينه
…
وترضى به أشباله وحلائله
غضوب حليم حين يطلب حلمه
…
وسم زعاف لا تصاب مقاتله
فأمر لها بجائزة عظيمة وقال لها: خبريني بأجود ما قلت فيه من الشعر. قالت: يا أمير المؤمنين ما قلت فيه شيئاً إلا والذي فيه من خصال الخير أكثر منه ولقد أجدت حين قلت:
جزى الله خيراً والجزاء بكفه
…
فتى من عقيل ساد غير مكلف
فتى كانت الدنيا تهون بأسرها
…
عليه ولا ينفك جم التصرف
ينال الذوب بل أسدي الخلايا شبيهة
…
بدرياقة من خمر بيسان قرقف
فيا توب ما في العيش خير ولا ندى
…
يعد وقد أمسيت في ترب نفنف
وما نلت منك النصف حتى ارتمت بك ال
…
منايا بسهم صائب الوقع أعجف
فيا ألف إلف كنت حياً مسلماً
…
لا لقاك مثل القسور المتطرف
كما كنت إذ كنت المرجى من الردى
…
إذا الخيل جالت بالقنا المتقصف
وكم من لهيف محجر قد أجبته
…
بأبيض قطاع الضريبة مرهف
فأنقذته والموت يحرق نابه
…
عليه ولم يطعن ولم يتنسف
قيل: وكان الحجاج جالساً إذ استؤذن لليلى فقال الحجاج: وأي ليلى؟ قيل: الأخيلية. قال: أدخلوها. فدخلت امرأة طويلة، دعجاء العينين، حسنة المشية، فسلمت. فرد الحجاج عليها ورحب بها وأمر الغلام فوضع لها وسادة فجلست فقال: ما أقدمك. قالت: السلام على الأمير والقضاء لحقه والتعرض لمعروفه. قال: وكيف خلفت قومك؟ قالت: تركتهم في حال خصب وأمن ودعة. أما الخصب ففي الأموال وأما الأمن فقد أمنهم الله عز وجل بك، وأما الدعة فقد خامرهم من خوفك ما أصلح بينهم. ثم قالت: ألا أنشدك؟ قال: إن شئت. فقالت:
أحجاج لا يفلل سلاحك إنما ال
…
منايا بكف الله حيث تراها
إذا هبط الحجاج أرضاً مريضة
…
تتبع أقصى دائها فشفاها
شفاها من الداء العضال الذي بها
…
غلام إذ هز القناة سقاها
سقاها دماء المارقين وعلها
…
إذا جمحت يوماً وخيف أذاها
إذا سمع الحجاج صوت كتيبة
…
أعد لها قبل النزول قراها
أعد لها مصقولة فارسية
…
بأيدي رجال يحسنون غذاها
أحجاج لا تعطي العصاة مناهم
…
ولا الله يعطي للعصاة مناها
ولا كل حلاف تقلد بيعة
…
فأعظم عهد الله ثم شراها
فقال الحجاج ليحيى بن منقذ لله بلادها: ما أشعرها. ثم أقبل على جلسائه فقال لهم: أتدرون من هذه. قالوا: لا والله ما رأينا امرأة أفصح ولا أبلغ منها، ولا أحسن إنشاداً. قال: هذه ليلى صاحبة توبة، ثم قال لها: أي النساء تختارين أن تنزلي عندها؟ قالت: سمهن لي. فسماهن، فاختارت هند بنت أسماء، فدخلت عليها فصبت هند حليها عليها حتى أثقلتها لاختيارها إياها ودخولها عليها دون سواها، ولما كان الصباح قال الحجاج لعبيد بن موهب -حاجبه-: مر لها بخمسمائة درهم واكسها خمسة أثواب أحدها خز، ثم قالت: أصلح الله الأمير قد أضر بنا العريف في الصدقة، وقد خربت بلادنا وانكسرت قلوبنا فأخذ خيار المال فقال الحجاج: اكتبوا إلى صاحب اليمامة بعزل العريف الذي شكته.
وقيل: إن ليلى لما دخلت على الحجاج فلما قالت: (غلام إذا هز القناة سقاها) قال لها: لا تقولي غلام وقولي همام، فأمر لها بمائتين فقالت: زدني. فقال: اجعلوها ثلثمائة. فقال بعض جلسائه: إنها غنم. قالت الأمير أكرم من ذلك، وأعظم قدراً من أن يأمر لي إلا بالإبل. قال: فاستح وأمر لها بثلثمائة بعير وإنما كان أمر لها بغنم لا إبل.
وبينما الحجاج بن يوسف جالس يوماً دخل عليه الآذن فقال: أصلح الله الأمير بالباب امرأة تهدر كما يهدر البعير. قال: أدخلها فلما دخلت استنسبها فانتسبت له فقال: ما أتى بك يا ليلى؟ قالت: إخلاف النجوم وكلب البرد، وشدة الجهد، وكنت لنا بعد الله المرد. قال: فأخبريني عن الأرض. قال: الأرض مقشعرة، والفجاج مغبرة، وذو الغنى مختل، وذو الحد منفل. قال: وما سبب ذلك؟ قالت: أصابتنا سنون مجحفة مظلمة لم تدع لنا فصيلاً ولا ربعاً، ولم تبق عافطة ولا نافطة، فقد أهلكت الرجال ومزقت العيال، وأفسدت الأموال ثم أنشدته الأبيات التي ذكرناها متقدماً. وقال في الخبر، قال الحجاج: هذه التي يقال فيها:
نحن الأخايل لا يزال غلامنا
…
حتى يدب على العصا مشهوراً
تبكي الرماح إذا فقدن أكفنا
…
جزعاً وتعرفنا الرفاق بحوراً
ثم قال لها: يا ليلى، أنشدينا بعض شعرك في توبة، فأنشدته قولها: لعمرك بالموت عار على الفتى -القصيدة- فقال: الحجاج لحاجبه: اذهب فاقطع لسانه. فدعا لها بالحجام ليقطع لسانها فقالت: ويلك إنما قال لك الأمير: اقطع لسانها بالصلة والعطاء، فارجع إليه واستأذنه، فرجع إليه فاستأمره فاستشاط عليه وهم بقطع لسانه، ثم أمر بها فدخلت عليه فقالت: كاد وعهد الله يقطع مقولي وأنشدته:
حجاج أنت الذي لا فوقه أحد
…
إلا الخليفة والمستغفر الصمد
حجاج أنت سنان الحرب إن بهجت
…
وأنت للناس في الداجي لنا نقد
ودخل عبد الملك بن مروان على زوجته عاتكة بنت يزيد بن معاوية فرأى عندها امرأة بدوية أنكرها فقال لها: من أنت؟ قالت له: أنا الوالهة الحري ليلة الأخيلية. قال: أنت التي تقولين:
أريقت جفان ابن الخليع فأصبحت
…
حياض الندى زلت بهن المراتب
فلهى وعفى بطن قودي وحوله
…
كما انقض عرش البئر والورد عاصب
قالت: أنا التي أقول ذلك. قال: فما أبقيت لنا. قالت: الذي أبقاه الله لك. قال: وما ذاك؟ قالت: نسباً قرشياً وعيشاً رخياً وامرأةً مطاعةً قال: أفردته بالكرم. قالت: أفردته بما أفرده الله به.
قالت عاتكة: إنما جاءت تستعين بنا عليك في عين تسقيها وتحميها لها، ولست ليزيد إن شفعتها في شتى من حاجاتها لتقديمها أعرابياً جلفاً على أمير المؤمنين فوثبت ليلى على رجلها واندفعت تقول:
ستحملني ورحلي ذات رحل
…
عليها بنت آباء كرام
إذا جعلت سواد الشام جيشاً
…
وغلق دونها باب اللئام
فليس بعائد أبداً إليهم
…
ذوو الحاجات في غلس الظلام
أعاتك لو رأيت غداة بنا
…
عزاء النفس عنكم واعتزامي
إذا لعلمت واستيقنت أني
…
مشيعة ولم ترعى ذمامي
أأجعل مثل توبة في نداه
…
أبا الذبان فوه الدهر دامي
معاذ الله ما عسفت برحلي
…
تغد السير للبلد التهامي
أقلت خليفة فسواه أحجى
…
بامرته وأولى باللثام
لثام الملك حين تعد بكر
…
ذوو الأخطار والخطى الحسام
فقيل لها: أي الكعبين عنيت؟ قالت: ما إخال كعباً ككعبي.
وقيل: إن ليلى الأخيلية دخلت على عبد الملك بن مروان وقد أسنت وعجزت فقال لها: ما أرى توبة فيك حين هويك؟ قالت: ما رآه الناس فيك حين ولوك. فضحك عبد اللمك حتى بدت له سن سوداء كان يخفيها. وكانت دخلت على مروان بن الحكم يوماً فقال لها: ويحك يا ليلى بالغت في نعت توبة! فقالت: أصلح الله الأمير والله ما قلت إلا حقاً، ولقد قصرت وما رأيت رجلاً قط كان أربط منه على الموت جأشاً، ولا أقل إيحاشاً يحتدم حين يرى الحرب ويحمى الوطيس بالضرب، فكان وعهد الله كما قلت:
فتى لم يزل يزداد خيراً لمذنب
…
على أن علاه الشيب فوق المسائح
تراه إذا ما الموت حل بورده
…
ضروباً على أقرانه بالصفائح
شجاع لدى الهيجاء بيت مشابح
…
إذا انحار عن أقرانه كل سائح
فعاش حميداً لا ذميماً فعاله
…
وصولاً لقرباه يرى غير كالح
فقال لها مروان: كيف يكون توبة على ما تقولين وقد كان خارباً والخارب سارق الإبل خاصة فقالت: والله ما كان خارباً، ولا للموت هائباً، ولكنه فتى له جاهلية ولو طال عمره وأنسأه لا رعوى قلبه ولقضى في حب الله نحبه وأقصر عن لهوه ولكنه كما قال عمه مسلم بن الوليد:
فلله قوم غادروا ابن حمير
…
قتيلاً صريعاً للسيوف البواتر
لقد غادروا جزماً وعزماً ونائلاً
…
وصبراً على اليوم العبوس القماطر
إذا هاب ورد الموت كل غضنفر
…
عظيم الحوايا ليته غير حاضر
مضى قدماً حتى تلاقي بورده
…
وجاد بسيب في السنين القواشر
فقال لها مروان: يا ليلى، أعوذ بالله من درك الشقاء، وسوء القضاء، وشماتة الأعداء. فو الله لقد مات توبة وإن كان لمن فتيان العرب وأشدائهم ولكنه أدركه الشقاء. فهلك على أحوال الجاهلية. وكان بينها وبين الجعدي مهاجاة وذلك أن رجلاً من قشير يقال له: ابن الحيا وهي أمه واسمه سوار بن أوفى بن سبرة هجاه وسب أخواله من أزد في أمر كان بين قشير وبين بني جعده وهم بأصبهان فأجابه النابغة بقصيدته التي يقال لها الفاضحة (سميت بذلك لأنه ذكر فيها مساوئ قشير وعقيل وكل ما كانوا يسبون به وفخر بمآثر قومه وبما كان من بطون بني عامر سوى هذين الحيين من قشير وعقيل) فقال:
جهلت علي ابن الحيا وظلمتني
…
وجمعت قولاً جاء بيتاً مضللا
وقال أيضاً في هذه القصة التي أولها:
أما ترى ظلل الأيام قد حسرت
…
عني وشمرت ذيلاً كان ذيالا
وهي طويلة يقول فيها:
ويوم مكة إذا ما جدتم نفرا
…
جاموا على عقد الأحساب أزوالا
عند النجاشي إذ تعطون أيديكم
…
مقرنين ولا ترجون إرسالا
إذ تستحقون عند الخذل أن لكم
…
من آل جعدة أعماماً وأخوالا
لو تستطيعون أن تلقوا جلودكم
…
وتجعلوا جلد عبد الله سربالا
يعني عبد الله بن جعدة بن كعب:
إذا تسربلتم فيه لينجيكم
…
مما تقول ابن ذي الجدين إن قالا
حتى وهبتم لعبد الله صاحبه
…
والقول فيكم بإذن الله ما قالا
تلك المكارم لا قعبان من لبن
…
شيباً بماء فعادا بعد أبوالا
يعني بهذا البيت أن ابن الحيا فخر عليه بأنهم سقوا رجلاً من جعدة أدركوه في سفر وقد جهد عطشاً لبناً وماء فعاش فلما ذكر النابغة ذلك وفخر بما له وغض مما لهم دخلت ليلى الأخيلية بينهما فقالت:
وما كنت لو فارقت جل عشيرة
…
لأذكر قعبي خازر قد تثملا
فلما بلغ النابغة قولها قال:
ألا حييا ليلى وقولا لها هلا
…
فقد ركبت أمراً أغر محجلا
وقد أكلت بقلاً وخيماً نباته
…
وقد شربت من آخر الصيف إبلا
دعي عنك تهجاء الرجال وأقبلي
…
على أدلعي يملأ إستك فيشلا
وكيف أهاجي شاعرً رمحه إسته
…
خضيب البنان لا يزال مكحلا
فردت عليه ليلى فقالت:
أنابغ لم تنبغ ولم تك أولاً
…
وكنت صنياً بين صدين مجهلا
أنابغ إن تنبغ بلؤمك لا تجد
…
للؤمك إلا وسط جعدة مجعلا
تعيرني داء بأمك مثله
…
وأي نجيب لا يقال له هلا
فغلبته فلما أتى بني جعدة قولها هذا اجتمع ناس منهم فقالوا: والله لنأتين صاحب المدينة وأمير المؤمنين فليأخذن لنا بحقنا من هذه الخبيثة فإنها قد شتمت أعراضنا وافترت علينا فتهيؤا لذلك وبلغها أنهم يريدون أن يتسعدوا عليها فقالت:
أتاني من الأنباء أن عشيرة
…
بشوران يزجون المطي المذللا
يروح ويغدو وفدهم بصحيفة
…
ليستجلدوا لي ساء ذلك معملا
وأخبر بعض الرواة قال: بينما معاوية يسير يوماً إذ رأى راكباً فقال لبعض شرطه: ائتني به وإياك أن تروعه. فأتاه، فقال: أجب أمير المؤمنين. فقال: إياه أردت. فلما دنا الراكب حدر لثامه فإذا هي ليلى الأخيلية، ثم أنشأت تقول: