الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
عليه بالنفي المؤبد وبعد أسابيع قليلة حاول واحد آخر أن يطلق عليها طبنجة، فحكم عليه بالسجن.
وسنة 1849 م حاول رجل إرلندي قتلها ورماها بالرصاص فلم يلحق بها ضرراً فحكم عليه بالنفي سبع سنوات.
وفي السنة التالية هجم عليها أحد الجنود وضربها بالعصا على وجهها فحكم عليه بالنفي سبع سنوات.
وسنة 1872 م أطلق عليها شاب طبنجة محاولاً قتلها فلم يصبها ولدى النظر في أمره وجد مجنوناً فأودع البيمارستان. وفي تلك السنة أرسل بعضهم رسالة إلى السير "هنري بولسونبي" يتهدد به المكلة بالقتل فهذه حياة الملوك وهذا هو خلها وخمرها.
وللملكة فكتوريا مؤلفان شهيران الأول في تاريخ حياة زوجها ألفة الجنرال "غراي" بإرشادها. والثاني: تاريخ حياتها معه من سنة 1841 م إلى سنة 1861 م وأتبعته بكتاب آخر من نوعه نشرته في أواخر سنة 1883 م وهو يمتد من سنة 1862 م إلى سنة 1882 م.
أما زوجها البرنس "ألبرت" فهو ابن دوق "سكس كوبرج كوثا" وهي ولاية في سكسونيا ولد في السادس والعشرين من شهر آب (أغسطس) سنة 1819 م ودرس العلوم العالية في مدرسة بون الجامعة، وبعد أن تخرج في العلوم السياسية تعلق بالكيمياء والتاريخ الطبيعي والتصوير والموسيقى ويقال: إنه نظم رواية من نوع الأوبرا مثلت في لندن بعدئذٍ. وكان بديع المنظر ماهراً بالفروسية.
ولما اقترنت به الملكة "فكتوريا" على ما تقدم كان في الحادية والعشرين من عمره فمنح الإعانة الإنكليزية وأعطيت له قيادة ألاي من الفرسان ورقي إلى رتبة قليد مرشال، ثم وجهت إليه ألقاب ورتب كثيرة لأن الشعب الإنكليزي رأى منه رجلاً حازماً ساعياً في خير الأمة من غير أن يعرض نفسه للمسائل السياسية التي تعرض لمقاومة حزب من حزبي المملكة والملكة وجدته زوجاً أميناً محباً. أما السبيل الذي اختاره للسعي في خير الأمة من غير أن يعرض نفسه لمقاومة أهل السياسة فهو تنشيط العلوم والفنون فجعل رئيساً لمدرسة كمبرج الجامعة لكثير من المجامع العلمية، ولما كان رئيساً للمجمع العلمي البريطاني سنة 1859 م أعرب عن رأيه من جهة العلم معتمداً على إحسان المحسنين بل يخاطب الدولة كما يخاطب الابن أمه واثقاً بحنوها ورغبتها في نجاحه، وستجد الدولة في العلم عنصراً من عناصر قوتها ونجاحها وبسعيه فتح المعرض العام ببلاد الإنكليز سنة 1851 م ولكن لم يفسح الله له في الأجل فوافته المنية وله من العمر اثنتان وأربعون سنة.
فكتوريا ودهول
إن هذه السيدة من بنات أمريكا الجديرين بالذكر والمدح وممن يفتخر بهن في الاجتهاد والتقدم لأنها ربيت مع أختها "تنيس كلفن" في بلاد أمريكا تربية حسنة ومن عهد نشأتهما ربيت معهما ملكة التقدم وحب التظاهر ومناظرة الرجال بالأعمال اليدوية والمضاريب التجارية، ومن شدة رغبتها في التقدم قام بفكرهما أن يسويا بين الرجال والنساء في الحقوق والمعاملات، فأخذتا على عهدتهما من بدء نشأتهما نشر هذه الأفكار والبرهنة على كفاءة النساء في إدارة الأعمال المالية وغيرها مما لم يقم بأدائه إلى الآن سوى الرجال، وبالفعل فإنهما قد أسستا بيتاً مالياً كتبتا عليه عنوانهما، فتعجب من ذلك أصحاب المضاربات (البنوكة) وتضاعف اندهاشهم لما سمعوا بعد تأسيس المحل المذكور بعدة أسابيع أن صاحبتيه
اكتسبتا عدة ملايين من الريالات وقد أعقب ذلك وقوع أرباب البنوكة ذوي اللحى والشوارب في وهدة الإفلاس.
وقد رسم بعض المصورين هاتين البنتين وعلى رأس كل منهما تاج رمزاً على القوة والتسلط وأطلقت الجرائد ألسنتها بالثناء الجميل والشكر الجزيل على مهارتهما وتغالت في ذلك حتى إن جريدة تلغراف نيويورك نشرت في صدر أحد أعدادها صورة تمثل البنتين راكبتين على عجلة يجرها رؤساء أكبر البيوت المالية فقامت جريدة نيويورك "هرالد" تصوب نحوهما سهام الانتقاد والتعزير وقالت: إن الشرائع الأمريكية وعادتها الأهلية تمنع النساء من السير في المناهج السياسية والدخول في ميادين الأعمال الاجتماعية مهما بلغت بهن درجة العلم والمعرفة. ولما اتصل بهما هذا الكلام لم تعبآ به بل أخذتا في اتباع طريقهما الأول وحثتا السير فيه، وانتهى الأمر بهما إلى أن أسستا جريدة أسبوعية بلغ عدد مشتركيها في زمن يسير (50000) نفس.
ولما كانت القوانين الأميركية تخول لجميع أبناء الوطن الذين بلغوا رشدهم الحق في إعطاء أصواتهم بشرط أن يدفعوا ما عليهم من العوائد والرسوم التي اقتضتها نظامات الحكومة، وكانت السيدة "ودهول" من بنات الوطن اللاتي توفر فيهن شروط بلوغ الرشد ولكنها لم تدفع ما استحق عليها من العوائد والرسوم فقد عرضت على هيئة الحكومة أن تعطي لها الإذن بالدخول في مصاف الهيئة الاجتماعية، وشفت عن استعدادها لدفع الرسوم المطلوبة، ثم أخذت تبرهن بعبارات فصيحة وقياسات صحيحة على وجوب مساواة النساء بالرجال في الحقوق الوطنية وتحزب لمذهبها جم غفير من الناس وخمسمائة عضو من مجلس النواب نائبين عن ست وعشرين مقاطعة.
وقد أخذ نجاح الأختين يتدرج في مدارك الزيادة والنمو حتى إنهما عولتا على نشر مبدئهما الحميد ألا وهو تحسين أحوال المرأة في العائلة وكانتا في كل أقوالهما وكتاباتهما توجهان سهام الانتقاد والتبكيت على كيفية تعليم الفتيات وقالتا: إنها مشحونة بقواعد طويلة مملة ومبادئ تميل بهن إلى اتخاذ التملق والخلق الذميم آلة لنوال مآربهن، وذكرتا غير مرة أن البنت تتعلم لتكون في المستقبل امرأة صالحة ووالدة مربية لا لتزويقها وتهيئتها لأن تكون داعية لاستلفات أنظار الشبان وأن أهلها وذوي قرابتها ومعلماتها يخفون عنها أنها لتكون في يوم من الأيام ربة بيتها ومديرة شؤون عائلة ستكون هي قوام نظامها، وركن سعادتها ودعامة عزها وشوكتها. ثم إنهم فوق ذلك لا يذكرونها بواجبها إذا صار بينها وبين الزواج زمن يسير.
وبالجملة فكانت جميع هذه الأقوال باعثة على قيام الجميع ضد هاتين الأختين فاتهموهما بنشر المبادئ الفاسدة والعبث بصفة النساء الطاهرات الذيل وقد تغالوا في اتهامهما فنسبوهما إلى بث المبادئ العاطلة في العادات السليمة والأخلاق الحالية. وبناء عليه صاروا يغلوا في غياهب السجن ورغماً عن كون المحكمة قد برأتهما وأطلقت سراحهما فإن الناس استمروا يسومونهما الحيف والخسف وقالت إحدى الجرائد الأمريكية في ذلك ما نصه: كانت إذا احتاجت "فكتوريا ودهول" أن تستأجر حجرة لتبيت فيها وكانت أجرة هذه الحجرة 2000 ريال لا يسمح لها بسكناها بأقل من 3000 ريال، وإذا نزلت بإحدى الفنادق كانت تدفع عشرة أمثال ما يدفعه غيرها وكثيراً ما قضيت الليالي خارج المنازل لعدم قبول أحد أن يضيفها في منزله.
ولما وصلت إلى هذا الحد حالتهما ورأتا عدم طيب المقام بارحتا أمريكا قاصدتين مدينة "لوندره" حيث