الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
لا تأمن الموت في حل وفي حرم
…
إن المنيات تفني كل إنسان
واسلك طريقك هو لا غير مكترث
…
فسوف يأتيك ما يجني لك الجاني
فقال: والله لولا أني أعلم أنك غنيت بما في قلبك لصاحبك وإنك لم تنذريني لمثلت بك ولكن خذوا بيدها فأخرجوها فأخرجت.
ولما مات علي هشام جاء النوائح فطرح بعض من حضر من مغنياته عليهن نوحاً من نوح متيم، وكان حسناً جيداً فأبطأ نوح النوائح التي جئن لحسنه وجودته، وكانت زين حاضرة فاستحسنته جداً وقالت: رضي الله عنك يا متيم كنت علماً في السرور، وأنت علم في المصائب.
وماتت متيم هي وإبراهيم بن المهدي وبذل في آن واحد، وكانت للمعتصم جارية ذات مجون فقالت: يا سيدي، أظن أن في الجنة عرساً فطلبوا هؤلاء إليه فنهاها المعتصم عن هذا القول وأنكره، فلما كان بعد أيام وقع حريق في حجرة هذه القائلة فاحترق كل ما تملكه وسمع المعتصم الجلبة فقال: ما هذا؟ فأخبر عنه، فدعا بها فقال: ما قصتك؟ فبكت وقالت: يا سيدي احترق كل ما أملكه. فقال: لا تجزعي فإن هذا لم يحترق وإنما استعاره أصحاب ذلك العرس.
مرغريتا الفرنساوية ملكة إنكلترا
هي "مرغريتا أف أنجو" زوجة "هنري السادس" كانت من النساء العاقلات العالمات بضروب السياسة والأحكام، تربت تربية مجد وشرف.
ولما اقترن بها "هنري السادس" استحوذت على قلبه وملكت الشعب الإنكليزي بحسن سياستها وتدبيرها ملكاً لم يسبق لغيرها من الملكات قبلها وكانت ظالمة عاتية على المذنبين لديها.
وكان زوجها حليماً قليل الهمة سليم الطباع لا يلاقي الحوادث بقوة ونشاط حتى نشأ من سبب ضعفه وعدم اقتدار "مرغريتا" بمفردها على تدبير المملكة رجوع عائلة "بورك" على ما كانت تدعيه سابقاً من حقوق التملك، وكان كبار حزب "لنكستر" وهم: الكردينال "بوفورت"، ودوق "دولدفورد"، ودوق "دوغلوستر" الذين دبروا الملك لما كان "هنري السادس" قاصراً قد توفوا عن آخرهم فقام "رتشرد" دوق "بورك" وهو والد "إدوارد الرابع" وأخذ يظهر بكل رفق ودقة حقه في الملك فعضده في ذلك أرل "ورويك" وارل " سلزيري".
وكان من أعيان إنكلترا الأقوياء فجرد السيف لمقاتلة "سمرست" آخر الأشراف الكبار من عائلة "لنكستر" فانتصر في "سنت البنس" سنة 1455 م، وكان ذلك الانتصار بداية الحرب بين حزب "وردة لنكستر الحمراء" وحزب "وردة بورك البيضاء" وتقلبت الأحوال على "رتشرد" فكان ينجح مرة، ثم يصادف فشلاً مرة أخرى إلى أن كسرته الملكة "مرغريتا" وذبحته في "ويكفيلد" سنة 1460 م فتقلد ابنه "إدوارد" رياسة جيش موات من سكان حدود "ولس" ومن سكان الجبال وهزم عساكر جرارة تحت قيادة ارل "بميروك" وارل "أرمند" بالقرب من "هردفرد".
ثم سار إلى الجهة الجنوبية وأتي لنجدته ارل "ورويك" الذي انكسر في برنت فسار إلى لندن فدخلها من دون ممانعة، واستمال إليه الناس بحداثة سنه وجراءته وجماله، وأقره المجلس العالي على تخت الملك في 4 آذار (مارس) سنة 1461 م، فصار للمملكة ملكان وجيشان ملكيان مختلفان في البلاد، واستعد الفريقان للقتال كل الاستعداد واجتمع في "توتون" بالقرب من "بورك" 100 ألف مقاتل من الإنكليز من كلا الفريقين واصطفوا للقتال وقر الرأي على أنه لا يعفى عن أسرى الحرب. وانتدأت الموقعة في 29 آذار (مارس) سنة 1461 م
والمظنون أنها أشد موقعة جرت في إنكلترا فإنها دامت أكثر من يوم وقتل فيها 30 ألف رجل، وانكسر حزب "لنكستر" الذي كانت قائدته الملكة "مرغريتا" انكساراً تاماً، وثبت الملك "لإدورد الرابع" فسافرت "مرغريتا" إلى فرنسا، وطلبت مساعدة ملك الفرنسويين.
وفي سنة 1464 م رجعت إلى "اسكوتسيا" بخمسمائة مقاتل من الفرنسويين، واجتمع إليها قوم من الاسكوتسيين فأضرمت نار الحرب وجرى لها مع اللورد "مونتا كيوت" الجنرال الإنكليزي موقعة بالقرب من "هكسام" فدارت عليها الدائرة وأسر الملك هنري زوجها وكثيرون من الرؤساء والقواد، وأما هي فهربت إلى فرنسا أيضاً وذبح إدوارد أعداءه ذبحاً ذريعاً في أوائل الانتصار.
ثم عمد إلى الحلم والرفق بالرعية، وانتهز فرصة غياب "مرغريتا" فأطلق لنفسه العنان، وتزوج سراً بامرأة اسمها "إليزابيت" أرملة السارجون "غراي" وابنة "رتشرد دوفيل" وهو البارون "ريفرس" وكان قد قابلها في بيت أبيها وهو في العيد في غابة غرفتون وفي شهر أيلول (سبتمبر) أعلن جهاراً أنها زوجته وملكة إنكلترا، ووجه إلى أبيها لقب أرل فساء هذا الاقتران أرل "ورويك" العاتي المتكبر لأن "إدوارد" كان يود أن يقترن بالبرنسيس بونه دوساقوا عهد إليه مخابرتها بذلك واستمالتها إليه فنجح في مخابرته فكان من "إدوارد" ماتقدم فكبر الأمر على الأرل واستعظمه واتحد مع شقيق "إدوارد" -وهودوق كلارنس- وجاهر بالعصيان سنة 1469 م.
فظهرت في الحال نتيجة اتحاده مع أشراف البلاد وأكابرها غير المرتضين بتصرفات "إدوارد" وامتدت الثورات في كل جهات البلاد وجند "روبين" من رد سذال في كونيتة بورك 60 ألف مقاتل وشهر الحرب فسار إليه "إدوارد" وكان "ورويك" قد ذهب إلى فرنسا فاستمال إليه لويس الحادي عشر وصالح "مرغريتا" عدوته القديمة، ورجع إلى إنكلترا بعساكر قليلة، فنزل في "درتموت" ولم يمض إلا أيام قلائل حتى صار عنده 60 ألف مقاتل ونيف لأن الشعب كان يحبه كثيراً فتقدم إلى الشمال، وكان تقدمة سبباً لانحلال عزائم الجنود الملكية فهرب إدوارد إلى هولاندة سنة 1470 م، وأخرج خصمة من القصر الذي كان محبوساً فيه، فسمع الناس في أزقة لندن وشوارعها تضج مرة أخرى بذكر اسمه والتأم المجلس العالي بأمر الملك الجديد فحكم فيه على "إدوارد" بأنه غاصب وصادف المتحزبون له إهانة واحتقاراً نقضت كل الأعمال التي جرت في أيامه وكانت سطوة "مرغريتا" في الشعب الإنكليزي نافذة، وأحزابها كثيرون، وكلما أرادت الثورة تجد من يساعدها وآلت على نفسها أن لا تدع إنكلترا في راحة ما دامت على قيد الحياة، ولذلك صارت تلقي الدسائس والفتن، وكلما سمعت بثورة كانت أول من بادر إليها إلا أن دوق برغنديا كان يساعد "إدوارد" سراً فجمع "إدوارد" جيشاً من الفلمنك في مدة قصيرة، وسار بهم إلى "رافنسبور" وتقدم إلى داخلية البلاد متظاهراً أنه لم يأت إنكلترا إلا للحصول على الأملاك التي ورثها من آبائه.
وكان يوصي رجاله بأن يصرخوا قائلين: فليعش الملك هنري إلى أن وردت إليه نجدات كافية لمقاتلة أعدائه فجاهر بالعدوان، والتقت العساكر في برنت في 14 نيسان (أبريل) سنة 1471 م فدارت الدائرة على اللنكستريين، وقتل "ورويك" فاستولى "إدوارد" على لندن مرة ثانية، وقبض على "هنري" أيضاً وأرجعه إلى الحبس. وفي تلك الأثناء خرجت "مرغريتا" من فرنسا وأتت إنكلترا مع ولدها "إدوارد" وكان له من العمر 18 سنة، فنزلت في "ويموت" بجيش فرنسوي في نفس النهار الذي جرت فيه موقعة برنت وحدث بينها وبين دوق "سر مرنت" قتال في "تيوكسبري" في 4 أيار (مارس) سنة 1471 م، فانكسرت جنودها وقتل ابنها، وأسرت هي. فبقيت في الأسر خمسة سنين إلى أن افتداها ملك فرنسا. أما زوجها الملك "هنري"