الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وقد توفيت في القرن العاشر من الهجرة رحمها الله رحمة واسعة.
عائشة بنت السيد عبد الرحيم الرفاعي
كانت والهة في الله خاشعة، تتكلم على الخواطر، وكانت عد من أعظم أهل الحال، وقفت مرة فوق سطح الدار والفقراء يتواجدون في الرواق فقالت للنساء اللواتي حولها: أعطاني الله حالا إن أردت منعت عن هؤلاء ما هم فيه.
فقالت النساء لها: بالله يا سيدتنا إلا ما فعلت، فرمقت حلقة الفقراء، فسكن القوم كأن لم يكن هناك ذكر ولا وجد، وفضحك أخوها السيد شمس الدين محمد.
وقال لولده: اذهب فقبل رأس عمتك وقل لها: فلتنفض على الناس مما أفاض الله لها. ففعل، فرمقت القوم مرة ثانية، فرجعوا لوجدهم وما كانوا عليه.
توفيت بأم عبيدة في بغداد سنة 635 هجرية ودفنت بمشهدها المبارك رضي الله عنها.
عائشة عصمت بنت إسماعيل باشا تيمور بن محمد كاشف تيمور
أديبة فاضلة، حكيمة عاقلة، بارعة باهرة، شاعرة ناثرة، رضعت أفاويق الأدب وهي في مهد الطفولية وتحلت بحلى لغات العرب قبل تضلعها باللغات التركية، وفاقت على أقرانها فصاحة عند بلوغها سن الرشاد، وصارت ندرة زمانها بين أهل الإنشاء والإنشاد، ولم تدع لولادة مقالا، ولم تترك للأخيلية مجالا، وقد أخنست الخنساء وأنستها صخر، وسارت في مضمار أدباء هذا العصر.
تعلمت العلم والدب في مصر القاهر على أساتذة أفاضل بين أبويها، وكان أكثر ميلها إلى علم النحو والعروض حتى بلغت في الشعر حدا لم يبلغه غيرها من نساء عصرها. ولدت سنة 1256 هجري بمدينة القاهرة والدتها جركسية الأصل معتوقة والدها إسماعيل باشا تيمور، ولما انطوى بساط مهدها، وفرقت بين أبيها وجدها بادرت والدتها إلى تعليمها فن التطريز واستحضرت لها آلات التعليم، وكانت أفكارها غير متجهة لتلك بل جل مرغوبها تعلم القراءة والكتابة، وقد علم منها هذا الميل من ائتلافها مع كتاب والدها، وكلما كانت والدتها تمنعها عن الحضور مع الكتاب وتجبرها على تعلم التطريز تزداد هي نفورا من طلب والدتها.
ولما رأى والدها تلك المحاورات تفرس فيها النجابة وقال لوالتدها: دعيها فإن ميلها إلى القراءة أقر. وأحضر لها اثنين من الأساتذة: أحدهما: يدعى إبراهيم أفندي مؤنس كان يعلمها القرآن والخط والفقه. والثاني: يدعى خليل أفندي كان يعلمها علم الصرف واللغة الفارسية.
وبعدما تعلمت القرآن الشريف تاقت نفسها إلى مطالعة الكتب الأدبية - وأخصها الدواوين الشعرية - حتى تربت عندها ملكة التصورات لمعاني التشبيهات الغزلية وخلافها، ولما صارت قريحتها تجود بمعان مبتكرة لم يسبقها عليها غيرها رأى والدها أن يستحضر لها أساتذة عروضيين من النساء الأديبات، وقبل إتمام ذلك صار زواجها من السيد الشريف محمود بك الإسلامبولي ابن السيد عبد الله أفندي الإسلامكبولي كاتب ديوان همايوني بالأستانة سابقا، وذلك كان في سنة 1271 هجرية.
وهنالك اقتصرت عن المطالعة وإنشاد الأشعار والتفت إلى تدبير المنزل وما يلزم له وخصوصا حينما رزقت بالأولاد والبنات، وبقيت على ذلك حتى كبرت لها بنت كان اسمها توحيدة فألفت إليها زمام منزلها، وكان في تلك الفترة توفي والدها في سنة 1289 هجرية، وزوجها في سنة 1292 هجرية، وصارت حاكمة نفسها، فأحضرت لها اثنتين لهما إلمام بالنحو والعروض: إحداهما: تدعى فاطمة الأزهرية. والثانية: ستيتة الطبلاوية - وصارت تأخذ عليهما النحو والعروض حتى برعت وأتقنت بحوره وأحسنت الشعر، وصارت تنشد القصائد المطولة
والأزجل المتنوعة، والموشحات البديعة التي لم يسبقها أحد على معانيها ومن ذلك قد جمعت ثلاثة دواوين بالثلاث لغات: العربية، والتركية، والفارسية.
وقبل أن تشرع في طبعها توفيت كريمتها توحيدة وهي في سن الثامنة عشرة من عمرها فاستولى على الترجمة الحزن والأسف الشديد حيث أنها كانت مدبرة منزلها، ولم تحوجها لأحد سواها، وهناك تركت الشعر والعروض والعلوم وجعلت ديدنها الرثاء والعديد والنوح مدة سبع سنوات حتى أصابها رمد العيون، وهنالك كثرت لواحيها وعواذلها من أولادها وصويحباتها ونهوها لتقلع عما هي فيه، وأخيرا سمعت قول الناصحين وقللت شيئا فشيئا من البكاء والنوح حتى شفاها الله من مرض العيون فجمعت ما وجدته من أشعارها فوجدت بعضه والباقي تفرق مدة حزنها، فجاء منه ديوان بالتركي سمته (شكوفة) وهو تحت الطبع الآن بالأستانة العلية، وديوان عربي سمته (حلية الطراز) وقد طبع ونشر وكان له وقع عظيم في النفوس وقبول زائد عند أهل الدب، وبعد ذلك رأت نفسها أنها قادرة على التأليف فألفت كتابا سمته (نتائج الأحوال) فجاء غريبا في بابه وقد طبع ونشرا أيضا، ولما انتشرت مؤلفاتها - المذكورة - سارت في حديثها الركبان إلى أقصى العمران، وطار صيتها في الآفاق، ووردت إليها التقاريظ من كل جهبذ أديب، ولوذعي أريب.
وجميع ما ورد لها من التقاريظ مكتوب في مؤلفاتها - المذكورة - التي منها هذا التقريظ الآتي من السيدة وردة اليازجي الذي أبدعت فيه لرقة معانيه على ديوان حلية الطراز وهذا نصه:
(سيدتي ومولاتي، إنني قد تشرفت باطلاعي على حلية طرازكم التي تحلى بها جيد العصر، وأخجلت بسبك معانيها خنساء صخر، ألا وهي الدرة اليتيمة التي لم تأت فحول الشعراء بأحسن منها، وقصر نظم الدر عنها، وشنفت بحسن ألفاظها مسامعنا حتى غدا يحسدها السمع والبصر، وسارت في آفاقنا مسير الشمس والقمر، ولقد تطفلت مع اعترافي بالعجز والتقصير بتقريظ لها وجيز حقير، فكنت كمن يشهد للشمس بالضياء، أو بالسمو للقبة الزرقاء، راجية من لدنكم قبوله بالإغضاء، ولا زلتم للفضل منارا يسطع، وبين الأدباء في المقام الأرفع بمن الله وكرمه:
حبذا حلية الطراز أتت من
…
مصر تزهو باللؤلؤ المنظوم
حلية لعقول لا حلية الو
…
شي وكنز المنطوق والمفهوم
أنشأته كريمة من ذوات ال
…
مجد والفخر فرع أصل كريم
شمس علم تأتي القصائد منها
…
سائرات في الأفق سير النجوم
كل بيت بكل معنى بديع
…
ما على السكر فيه من تحريم
قد أعاد الزمان عائشة ف
…
يها فعاشت آثار علم قديم
هام قلبي على السماع وأمسى
…
ذكرها لذتي وفيها نعيمي
هام قلبي على السماع وأمسى
…
ذكرها لذتي وفيها نعيمي
هي فخر النساء بل وردة في
…
جيد ذا العصر زينب بالعلوم
فأدام المولى لها كل عز
…
ما بدا الصبح بعد ليل بهيم
ومن تقاريظ كتاب (نتائج الأحوال) التقريظ الآتي ذكره من السيدة وردة اليازجي أيضا وهو (سيدتي ومولاتي،
أعرض أنني بينما أنا ألهج بذكر ألطافكم السنية، وأتنسم شذا أنفاسكم العبقرية، وأترقب لقاء أثر من لدنكم يتعلل به الخاطر، ويكتحل بإثمد مداده الناظر، وصلتني مشرفتكم الكريمة، وفريدة عقد وردكم اليتيمة، فجلت عن العين أقذاءها، وردت إلى النفس صفاءها، فتناولها بالقلب لا بالبنان، وتصفحت ما في طيها من سحر البيان. فقلت:
هذا الكتاب الذي هام الفؤاد به
…
يا ليتني قلم في كف كاتبه
لعمري إنه كتاب حوى بدائع المنثور والمنظوم، وتحلى من درر الفصاحة فأخجلت لديه دراري النجوم، وقد تطفلت على مقامكم العالي بهذا الجواب ناطقا بتقصيري، وضمنته من مدح سجاياكم الغراء وما يشفع لدى مكارمكم في قبول معاذيري، لا زلتم للفضل معدنا وذخرا وللأدب كنزا وفخرا:
أتت فشفت بطيب الوصل قلبي
…
فتاة تيمت قلبي المحب
بديعة منظر سلبت فؤادي
…
ومن لي أن أطالبها بسلبي
جلت وجها كبدر التم لكن
…
يلوح من الغدائر تحت حجب
لها وشم كخط السحر وافى
…
لديه الخال بالتنقيط يسبي
فصيحة منطق ناغت بلفظ
…
كسلسال من الصهباء عذب
أتت تروي لنا عن لطف ذات
…
غدت باللطف تسبي كل لب
وقد أهدت تحيات تحاكي
…
شذا النسمات عاطرة المهب
رسول للولاء دعت فؤادي
…
فبادر عند دعوتها يلبي
ولاء كريمة من خير قوم
…
سموا شرفا على عجم وعرب
سراة شاع ذكرهم فأمسى
…
مناط المدح فيشرق وغرب
لقد ورثوا المعالي من قديم
…
وصانوها بشفرة كل غضب
هم النجب الأولى كرموا وطابوا
…
ولم يلدوا كذلك غير نجب
وحسبك منهم خود تبدت
…
بهذا العصر تخجل كل ندب
فتاة زينب جيد المعالي
…
بدر من حلي الآداب رطب
أهيم بها على بعد وماذا
…
على الأقدار إن سمحت بقرب
على مصر السلام وساكنيها
…
وما في مصر من ماء وترب
على ربع به قلبي مقيم
…
ومن لي أن أقيم مكان قلبي
ألا يا من سمت فيكل فضل
…
ونالت كل خلق مستحب
ومن فاضت مكارمها فأحيت
…
لدي من القريحة كل جدب
لقد أوليتني كرما وجودا
…
بمدح من صفاتك جاء ينبي
ثاء لست منه غير أني
…
به فاخرت أترابي وصحبي
ورب مؤلف كالروض أجرت
…
عليه سما البلاغة أي سحب
تهادت فيه أبكار المعاني
…
تجر من الفصاحة ذيل عجب
لقد طابت فكاهته وأهدى
…
لأسقام القرائح خير طب