الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ولما وصلت لها هذه الهدية سرت سروراً لا مزيد عليه وأكرمته إكراماً زائداً، وبالجملة فإن هذه الملكة لم يتول تخت روسيا من النساء مثلها.
[كبشة بنت معدي كرب الزبيدي]
كبشة بنت معدي مرب الزبيدي أخت عمرو بن معد يكرب المشهور صاحب الصمصامة.
كانت مشهورة بين نساء زمانها بالحسن والجمال، والذكاء والشجاعة، والإقدام. وكانت تقول الشعر ويغلب على شعرها الحماسة، وطالما كانت تعرض على أخيها عمرو وتفاخره، وكانت تزوجت عبد الله بن منقذ الهلالي وقد ائتلفت معه ائتلافاً شديد وأحبته حباً لا مزيد عليه، ومكثت معه مدة وهما على غاية ما يرام من الراحة والرفاهية حتى كان ذات يوم غزا غزوة في العرب فكان فيها يومه وبلغ الخبر كبشة فشقت عليه الجيوب ولطمت الخدود، ورثته بمرات كثيرة منها قولها:
وأرسل عبد الله إذ حان يومه
…
إلى قومه لا تعقلوا لهم دمي
ولا تأخذوا منهم إفالاً وأبكرا
…
وأترك في بيت بصعدة مظلم
ودع عنك عمراً إن عمراً مسالم
…
وهل بطن عمرو غير شبر لمطعم
فإن أنتم لم تثأروا واتديتم
…
فمشوا بآذان النعام المصلم
ولا تشربوا إلا فضول نسائكم
…
إذا ارتملت أعقابهن من الدم
كبك خاتون زوجة السلطان أوزبك
قال ابن بطوطة "كبك خاتون (بفتح الكاف الأولى وفتح الباء الموحدة) بنت الأمير نغطى. (بنون وغين معجمة وطاء مهملة مفتوحات وياء مسكنة) ، وأبوها كان مبتلى بعلة النقرس". قال: "وقد رأيته في غد دخولنا على الملكة دخلنا على هذه الخاتون فوجدناها على مرتبة تقرأ في المصحف الكريم وبين يديها نحو عشر من النساء القواعد ونحو عشرين من البنات يطرزن ثياباً، فسلمنا عليها وأحسنت في السلام والكلام وقرأ قارؤنا فاستحسنته، وأمرت بالقمز فأحضر، وناولتني القدح بيدها كمثل ما فعلته الملكة، وانصرفنا عنها.
وقد أجزلت لنا العطاء وهكذا عادتها فإنها تكرم كل من تسمع به إنه غريب ولها مآثر حسنة وخيرات واسعة ومبرات على الفقراء والمساكين لم يسبقها عليها أحد من نساء زمانها".
كريمة بنت محمد بن حاتم
جاوزت بمكة المكرمة وروت صحيح البخاري عن الكشميهني وروايتها من أصح روايات البخاري، وروت عن زاهر السرخسي، وكانت تصنف كتبها وتقابل بنسخها وهي في الفهم والنباهة وحدة الذهن بحيث ترحل إليها أفضل العلماء، وكان لها مجلس بمكة المكرمة تجتمع فيه الطلبة والأفاضل من رجال كل علم وهي تلقي على كل نوع مما يطلبه فصيحة المأخذ مفهومة المعنى، وكان أكثر ميلها إلى الحديث حتى بلغت فيه حداً لم يبلغه غيرها ولم تتزوج قط وبلغ عمرها 100 سنة، وتوفيت بمكة المكرمة.
كيلوباتره ملكة مصر
هي من الملوك البطالسة الذين تغلبوا على مصر عقيب دولة الفراعنة اقترنت بأخيها "بطليموس ديوينسيوس"
سنة 52 قبل الميلاد وكان في سن الثالثة عشرة وهي في سن السابعة عشرة فراودتها نفسها على الاستئثار بالعرش دونه، فقاومها رجال البلاط وأوصياء زوجها القاصر حتى إذا أعيتها الحيلة عمدت على الاستنصار بأغسطوس قيصر الرومان، فألف ذات بينهما، ولكنها بعد قليل تزوجت بأخيها الثاني ولم يكن قد أتى عليه إحدى عشرة سنة، فنودي به بأمر قيصر ملكاً على مصر.
ثم مات هذا مسموماً بعد زواجه بأربعة أعوام، ولما خلا العرش من ملك بعث أنطنيوس أحد مشتركي دولة الرومان الأربعة، فاستدعى كليوباترة إلى طرسوس حيثما كان ذاهباً إلى محاربة بروتوس الروماني فلبت الدعوة وسارت على أجنحة الرياح حتى بلغت نهر طرسوس، وهنالك اتخذت لها سفينة فاخرة الأثاث أرجوانية السجف والقلاع مزدانة ببديع الأواني ونفائس الجوهر، وأفرغت على قدها الفتان حلة كسروية مدبجة بالدر، وكللت جبينها الوضاح بتاج وهاج، وألبست وصائفها الحور ثياباً خضراً من سندس واستبرق، وتصدرت بينهن كأنها الشمس وكأنهن البدور وهن يضربن بالعيدان والقياثير، ويطلقن البخور والند حتى عبق الشاطئ برياحها، وماج النهر طرباً بنغمات أعوادهن ولألأ محياهن.
فلما لقيها أنطونيوس استطار فؤاده شغفاً وذهب رشده هياماً وكلفاً فما عتم أن عاد معها إلى الإسكندرية، وهنالك زفت عليه حليلة فلم يستطع بعد على فراقها صبراً، فغادر واجباته ومهامه إلى التقادير، وأصبح لا يستفيق من خمرة جبها سكراً.
ولما طار الخبر إلى زوجته الأولى "أوكتافيا" نزغها من شيطان الغيرة نازغ، فأغرت أخاها "أوكتافيوس" أحد الشركاء الأربعة على مخاصمته والانتقام منه. فحشد جيشاً خميساً وقصد به الديار المصرية، فتغلب عليها بعد نزال بشيب لهوله الوليد. ولما حمى الوطيس وأحس "أنطونيوس" بسوء المنقلب سقط في يده ولات حين ندامة، فتناول مدية وطعن بها ثديه فكانت القاضية.
وأما كليوباترة فلما لم تنطل أساليبها على "أوكتافيوس" ولم تقو على اختلابه بما أوتيت من الجمال الباهر واللطف الساحر بفوات عرشها بعد أن أحاطت به جواريها وأترابها، وكانت قد زينت رأسها بالتاج، وأفرغت على جسدها البلوري حلة من نفيس الديباج، ثم زحزحت غلالتها عن نهديها العاجيين وأطلقت حية خبيثة على صفحة صدرها المزري باللجين، فلدغتها لدغة مشوق ملهوف أوردها حياض الحتوف، وكان ذلك سنة 30 قبل المسيح وبموتها قرض الله دولة البطالسة بعد أن حكمت مصر 294 عاماً فسبحانه إذا قضى أمراً فإنه يقول له: كن فيكون.
كانت مدة ملك كليوباترة 22 سنة، وكانت حكيمة متفلسفة مقربة للعلماء معظمة للحكماء، ولها كتب مصنفة في الطب والزينة وغير ذلك من الحكمة مترجمة باسمها منسوبة إليها معروفة عند صنعة الطب. وقال العلامة المسعودي في كتابه المسمى "مروج الذهب ومعادن الجوهر" أن سبب وفاة كليوباترة كانت عند ما جمعت في مجلسها أصناف الرياحين استحضرت حية من الحيات التي تكون بين الحجاز ومصر والشام وهي نوع من الحيات التي تراعي الإنسان حتى إذا تمكنت من النظر إلى عضو من أعضائه قفزت أذرعاً كثيرة كالرمح فلم تخطئ ذلك العضو بعينه حتى تتفل عليه سماً فتأتي على الإنسان ولا يعلم بها لخموده من فوره ويتوهم الناس أنه قد مات حتف أنفه فجاءت بحية وضعتها في إناء بلوري.
ثم لما علمت أن "أغسطس أوكتافيوس" أراد الدخول في قصر ملكها أمرت بعض جواريها ومن أحبت فناءها قبلها، وأن لا يلحقها العذاب بعدها فسمتها بإناء، فخمدت من فورها ثم جلست كليوباترة على سرير ملكها ووضعت تاجها على رأسها وعليها ثيابها وزينة ملكها، وجعلت أنواع الرياحين والزهور والفاكهة والطيب وما يجمع بمصر