الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
غلب السرور علي حتى إنه
…
من عظم ما قد سرني أبكاني
وبعده البيت السابق وبعد هذا البيت الآتي:
فاستقبلي بالبشر يوم لقائه
…
ودعي الدموع لليلة الهجران
أم بسطام بن قيس النصراني سيد بني شيبان
كانت من نساء العرب المتقدمات في الأدب ذات شعر رائق، ومعنى فائق، فمن قولها ترثي ولدها بسطام حين قتل يوم الشقيقة قتله بنو ضبة:
لبيك ابن ذي الجدين بكر بن وائل
…
فقد بان فيها زينها وجمالها
إذا ما غدا فيها غدون كأنهم
…
نجوم سماء بينهن هلالها
فيا لله عينا من رأى مثله فتى
…
إذا الخيل يوم الروع هب نزالها
عزيز مكر لا يهد جناحه
…
وليث إذا الفتيان زلت نعالها
وحمال أثقال وعائذ محجر
…
وليث إذا الفتيان زلت نعالها
سيبكيك عان لم يجد من يفكه
…
وتبكيك فرسان زلت رحالها
وتبكيك أسرى طالما قد فككتهم
…
وأرملة ضاعت وضاع عيالها
مفرج حومات الخطوب ومدرك ال
…
حروب إذا صالت وعز صيالها
فغشى بها حيا كذاك ففجعت
…
تميم بها أرماحها ونبالها
فقد ظفرت منا تميم بعثرة
…
وتلك لعمري عثرة لا تقالها
أصيبت به شيبان والحي يشكر
…
وطير يرى أرسالها وحبالها
أم حكيم ابنة عبد المطلب الهاشمية الملقبة بالبيضاء
كانت من النساء الحكيمات العاقلات في بني هاشم جمعت مع الحكمة وفرة الأدب، ومع البلاغة فصاحة العرب كانت مع أخواتها رثت أباها في حياته كطلبه بهذه الأبيات:
ألا يا عين جودي واستهلي
…
وبكى ذا الندى والمكرمات
ألا يا عين ويحك أسعديني
…
بدمعك من دموع هاطلات
وبكى خير من ركب المطايا
…
أباك الخير تيار الفرات
طويل الباع شيبة ذا النعالي
…
كريم الخيم محمود الهبات
وصولا للقرابة هبرزيا
…
وغيثا في السنين الممحلات
وليثا حين تشتجر العوالي
…
تروق له عيون الناظرات
عقيل بني كنانة والمرجي
…
إذا ما الدهر أقبل بالهنات
ومفزعها إذا ما هاج هيج
…
بداهية خصيم المعضلات
فبكيه ولا تسمي بحزن
…
وبكى ما بقيت الباكيات
أم حكيم ابنة قارظ
هي حليلة عبد الله بن العباس بن عبد المطلب كانت من فصحاء نساء العرب وأحسنهن أدبا وجملا، وأثبتهن جنانا، وكانت تقول الشعر وأكثر أشعارها رثاء على ولديها وكانا صغيرين، اسم أحدهما عبد الرحمن، والآخر
قثم. فلما فاز معاوية بعد تحكيم الحكمين بعث بالضحاك بن قيس، وبسر بن أرطأة بجيش وأمرهما أن يقتلا كل من كان من شيعة على بن أبي طالب حتى الأطفال والحرم فذهب بسر إلى اليمن وكان عبيد الله بن العباس عاملا هناك فلما لم يجده أغار على بيته فعثر بولديه المذكورين فذبحهما بشفرة كانت معه فجزعت أمهما عليهما جزعا شديدا، وخالط عقلها تطوف الأحياء وتقصد المنتديات في المواسم وحيثما رأت مجتمعا رفعت صوتا يقطعه البكاء وتنشد مراثي يرق لها الجلمود ومن مراثيها قولها:
يا من أحس بابني اللذين هما
…
كالدرتين تشظى عنهما الصدف
يا من أحس بابني اللذين هما
…
سمعي وقلبي فقلبي اليوم مردهف
يا من أحس بابني اللذين هما
…
مخ العظام فمخي اليوم مختطف
نبئت بسرا وما صدقت ما زعموا
…
من قولهم ومن الإفك الذي اقترفوا
أنحى على ودجي ابني مرهفة
…
مشحوذة وكذاك الإفك يقترف
حتى لقيت رجالا من أرومته
…
شم الأنوف لهم في قولهم شرف
فالآن ألعن بسرا حق لعنته
…
هذا لعمر أبي بسر هو السرف
من دل والهة حرى مولهة
…
على حبيبين ضلا إذ غدا السلف
فكان كل من يسمعها تنفجر منابع عينيه حزنا عليها وتنفطر صفاة قلبه رثوا إليها فسمعها يوما يماني ذو نفس أبية ونخوة جاهلية، فذهب إلى بسر وتلطف بالتزلف إليه حتى وثق به فخرج يوما بولديه إلى وادي أوطاس وقتلهما ثم فر وأنشد:
يا بسر بسر بني أرطاة ما طلعت
…
شمس النهار ولا غابت عن الناس
خير من الهاشميين اللذين هما
…
عين الهدى وصمام إلا سوق القاسي
ماذا أردت إلى طفلي مولهة
…
تبكي وتنشد من أثكلت في الناس
أما قتلتهما ظلما فقد شرفت
…
من صاحبيك قناتي يوم أوطاس
فاشرب بكأسهما ثكلا كما شربت
…
أم الصبيين أو ذاق ابن عباس
ومن قولها أيضا:
ألا يا من سبى الأخوي
…
ن أمهما هي الثكلى
تسائل من رأى ابنيها
…
وتستسقي فما تسقى
فلما استيأست رجعت
…
بعبرة واله حرى
تتابع بين ولولة
…
وبين مدامع تترى
وقيل: إنه لما بلغ علي بن أبي طالب قتل "بسر" الصبيين جزع لذلك جزعا شديدا ودعا على "بسر" بقوله: اللهم اسلبه دينه ولا تخرجه من الدنيا حتى تسلب عقله. فأصابه ذلك، وفقد عقله وكان يهذي بالسيف ويطلبه فيؤتى بسيف من خشب، ويجعل بين يديه زق منفوخ، فلا يزال يضربه حتى يسأم.
وقيل: دخل عبيد الله بن العباس على معاوية بن أبي سفيان وعنده بسر بن أرطأة فقال له عبيد الله: أنت قاتل الصبيين أيها الشيخ؟ قال: نعم، أنا قاتلهما. فقال عبيد الله: لوددت أن الأرض كانت أثبتتني عنك.
قال: فقد أثبتتك الآن عندي فقاما فقال عبيد الله: ألا سيف. فقال له "بسر": هاك سيقي فلما أهوى عبيد الله إلى السيف ليتناوله أخذه معاوية ثم قال ل "بسر" أخزاك الله شيخا، قد كبرت وذهب عقلك وذاك رجل من بني هاشم قد وترته وقتلت ابنيه تدفع إليه سيفك إنك لغافل عن قلوب بني هاشم والله لو تمكن منه لبدأ بي قبلك. قال عبيد الله: أجل والله، وكنت أثني به.