الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
واسمه محمد بن عُميرةَ، وهو شاعر كِنديٌّ إسلاميٌّ، وكان أحسن الناس وجهاً فإذا سَفَرَ لُقِعَ، أي أصابتْهُ العينُ، فيمرضُ ويلحقُهُ عَنَتٌ، فكان لا يمشي إلا مُقنَّعاً، قال من أبياتٍ جيِّدة تراها في حماسة أبي تمام وغيرها:
ولا أحْمِلُ الحِقْدَ القَديمَ عليْهِمُ
…
وليْسَ رَئيسُ القَوْمِ مَنْ يَحْملُ الِحِقْدا
ذمّ الحقد ومدحه
أما عبقرياتهم في ذمّ الحقد: فمن ذلك ما يُروى: أنّه قيل للأحنف بن قيس: من أسْودُ الناس؟ فقال: الأخْرقُ في ماله المُطَّرِحُ لِحِقْده. .
وقال ابن الرومي يذمُّه بعد أن مدَحَه، كما سيأتي:
يا مادِحَ الحِقْدِ مُحتالاً لَه شَبَهاً
…
لَقدْ سَلَكْتَ إليهِ مَسْلَكاً وَعَثا
لَنْ يَقْلِبَ العيبَ زَيْناً مَنْ يزيِّنُه
…
حتَّى يَرُدَّ كبيراً عاتِياً حَدَثا
إنَّ القبيحَ، وإنْ صنَّعْتَ ظاهِرَه
…
يَعودُ ما لُمَّ مِنْه مرَّةً شَعِثا
كم زَخْرَفَ القوْلَ ذو زورٍ ولبَّسَه
…
على القلوبِ ولكنْ قَلَّما لَبِثا
قد أبْرمَ اللهُ أسبابَ الأمورِ معاً
…
فلَنْ نَرى سَبَباً مِنْهنَّ مُنْتَكِثا
يا دافِنَ الحِقْدِ في ضِعْفَيْ جوانِحِه
…
ساَء الدَّفينُ الذي أمْسَتْ له جَدَثا
الحِقْدُ داءٌ دويٌّ لا دَواَء له
…
يَري الصُّدورَ إذا ما جَمْرُه حُرِثا
فاسْتَشْفِ مِنْهِ بِصَفْحٍ أو مُعاتبةٍ
…
فإنّما يَبْرأ المَصْدورُ ما نَفَثا
واجْعل طِلابَكَ بالأوْتارِ ما عَظُمَتْ
…
ولا تكنْ لِصَغيرِ الأمْرِ مُكْتَرِثا
والعَفْوُ أقْرَبُ للتَّقْوى وإنْ جُرُمٌ
…
مِنْ مُجْرِمٍ جَرَحَ الأكْبادَ أوْ فَرَثا
يكفيكَ في العَفْوِ أنَّ اللهَ قرَّظه
…
وَحْياً إلى خيرِ مَنْ صلَّى ومَنْ بُعِثا
شَهِدْتُ أنَّك لوْ أذْنَبْتَ ساَءك أنْ
…
تلقى أخاكَ حَقوداً صَدرُه شَرِثا
إذنْ وسَرَّكَ أنْ يَنْسى الذُّنوبَ مَعاً
…
وأنْ تُصادِفَ مِنْه جانِباً دَمِثا
إنّي إذا خَلَطَ الأقوامْ صَالِحَهُمْ
…
بِسَيّئِ الفِعْلِ جِدّاً كان أو عَبَثا
جَعَلْتُ صَدْري كظَرْفِ السَّبكِ حينَئذٍ
…
يَسْتَخْلِصُ الفِضَّةَ البَيْضاَء لا الخَبَثا
ولَسْتُ أجعلُه كالحَوْضِ أمدحُه
…
بِحِفْظِ ما طابَ مِنْ ماءٍ وما خَبُثا
وقال يمدح الحقد:
حَقَدتُ عليكَ ذنباً بعدَ ذَنْبِ
…
ولَوْ أحْسَنْتَ كانَ الحِقْدُ شُكْرا
أديمي مِنْ أديمِ الأرْضِ فاعْلَمْ
…
أُسيء الرَّيْعُ حينَ تُسيء بَذْرا
ولَمْ تكُ، يا لَكَ الخيراتُ، أرْضٌ
…
لِتُزْرَعَ خَرْبَقاً فَتُريعَ بُرّا
أؤدِّي إنْ فعلتَ الخيرَ خيراً
…
إليكَ وإنْ فعلْتَ الشَّرَّ شرَّا
ولَسْتَ مُكافِئاً بالنُّكرِ عُرْفاً
…
ولَسْتُ مُكافِئاً بِالعُرْفِ نُكْرا
يُسَمّى الحِقْدُ عيباً وهْوَ مَدْحٌ
…
كما يَدْعونَ حُلْوَ الحَقِّ مُرّا
الخربق: نباتٌ كالسُّمِّ ورقُه أبيض وأسود، والبُرّ: القمح
وأراد يحيى بن خالد بن برمك وزيرُ الرشيد أن يَضعَ من عبد الملك بن صالح فقال له: يا عبد الملك بلغني أنّك حقودٌ! فقال عبد الملك: أيّها الوزير، إنْ كان الحقدُ هو بقاءَ الخيرِ والشرّ إنّهما لباقيانِ في قلبي، فقال الرشيد: ما رأيْتُ أحداً احتجَّ للحقد بأحسنَ مما احتجّ به عبدُ الملك، وقال ابنُ الرومي يمدح الحقد أيضاً وقد عابه عائِبٌ:
لَئِنْ كُنْتَ في حِفظي لِما أنا مُودَعٌ
…
مِنَ الخَيْرِ والشَّرِّ انْتَحَيْتَ على عِرْضي
لَما عِبْتَني إلا بِفَضْلِ إبانَةٍ
…
ورُبَّ امْرئٍ يُزري على خُلُقٍ مَحْضِ
ولا عيبَ أنْ تُجزى القُروضُ بِمِثْلها
…
بلِ العيبُ أنْ تَدّانَ دَيْناً ولا تقضي