الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فأخْلِفْ وأتْلِفْ إنَّما المالُ عارةٌ
…
فَكُلْه مَعَ الدَّهرِ الذي هو آكِلُهْ
فأهْونُ مَفْقودٍ وأيْسرُ هالِكٍ
…
عَلى الحَيِّ مَنْ لمْ يَبْلغِ الحَيَّ نائِلُهْ
فأخلف: يريد استفد خلف ما أتلفت، وقد أخلف فلان لنفسه: إذا ذهب له شيء فجعل مكانه آخر، وعارة: معار، والعارة والعارية: ما يُتداول بين الناس ويقول جرير:
وإنّي لأسْتَحْيي أخي أن أرَى له
…
عليَّ مِنَ الحَقِّ الذي لا يَرى لِيا
يقول جرير: إني لأستحيي أخي أن يكون له عليَّ فضلٌ ولا يكونَ لي عليه فضل ومني إليه مكافأة، فأستحيي أن أرى له عليَّ حقاً لما فعل إليّ ولا أفعل إليه ما يكون لي به عليه حقٌّ، قال المبرد: وهذا من مذاهب الكرام ومما تأخذ به أنْفُسَها
أبياتٌ مَنْ لم يروِها فلا مروءةَ له
وهذه أبيات كانوا يقولون: إنه من لم يروِها فلا مروءة له. وهي لشاعر يسمى أيمن بن خريم بن فاتِك الأسدي، شاعر شريف فارس، وكان يتشيع، وأبوه خريم له صحبة، وهو ممن اعتزل الجمل وصفِّين وما بعدهما من الأحداث، وقيل: إن هذه الأبيات للأقيشر، وهو شاعر إسلامي، قال:
وصَهْباَء جُرجانيّةٍ لمْ يَطُفْ بها
…
حَنيفٌ ولمْ تَنْغَرْ بها ساعةً قِدْرُ
ولَمْ يَحْضُرِ القُسُّ المُهَيْنِمُ نارَها
…
طُروقاً ولمْ يَشْهَدْ على طَبْخِها حَبْرُ
أتاني بِها يَحيى وقدْ نِمْتُ نَوْمةً
…
وقدْ غابتِ الشِّعْرى وقدْ طَلَعَ النَّسْرُ
فقُلْتُ: اغْتَبِقْها أوْ لِغَيْرِيَ فاسْقِها
…
فما أنا بَعْدَ الشِّيبِ وَيْبَكَ والخَمْرُ
تَعَفَّفْتُ عَنها في العُصورِ الّتي خَلَتْ
…
فكيفَ التَّصابي بَعْدَ ما كَلأ العُمْرُ
إذا المَرْءُ وفّى الأرْبَعينَ ولمْ يَكُنْ
…
لهُ دونَ ما يأنى حَياءٌ ولا سِتْرُ
فَدَعْهُ ولا تَنْفَسْ عليهِ الّذي ارْتأى
…
وإنْ جَرَّ أسْبابَ الحياةِ لهُ الدَّهْرُ
الصهباء: الخمر، سميت بذلك للونها - والصُّهبة من الألوان: الشقرة - قيل: الصهباء هي الخمر التي عصرت من عِنبٍ أبيضَ، وقيل: هي التي تكون من العنب ومن غيره إذا ضَربت إلى البياض، وقال أبو حنيفة الدَّيْنوري: الصهباء اسم للخمر كالعلم. وجرجانية: نسبة إلى جُرجان، وكانت مشهورة بنوع من الخمر والحنيف: المُسلم، ونغرت القدر: غلت، والمهينم: الذي يقرأ بصوت خفي غير بيّن لا يُفهم، والطُّروق: الحضور ليلاً، والحبر واحد الأحبار: رئيس من رؤساء الدين المسيحي، ورئيس الكهنة عند اليهود، وقوله: وقد غابت الشعرى. . . . . قال البكري شارح الأمالي: هذه الرواية أما الرواية: وقد غابت الشعرى وقد جنح النسر، فهي خطأ، قال: لأن الشعرى العَبور إذا كانت في أفق المغرب كان النسر الواقع طالعاً من أفق المشرق على نحو سبع درجات، وكان النسر الطائر لم يطلع، وإذا كانت الشعرى الغُميضاء في أفق المغرب كان النسر الواقع حينئذ غير مُكبِّد - كبد النجم السماء: تَوسّطها - فكيف أن يكون جانحاً؟ وكان النسر الطائر حينئذ في أفق المشرق طالعاً على نحو سبع درجات أيضاً قال الشاعر:
وإنّي وعبدَ الله بَعْدَ اجْتِماعِنا
…
لَكالنَّسْرِ والشِّعْرى بِشَرْقٍ ومَغْربِ
يلوحُ - إذا غابت من الشَّرقِ - شَخْصُه
…
وإنْ تَلُحِ الشِّعْرى لهُ يَتَغَيَّبُ
وقال أبو نواس:
وخَمَّارةٍ نبَّهتُها بعد هَجْعةٍ
…
وقد لاحتِ الجَوْزاء وانْغَمَسَ النَّسْرُ
فقالت: مَنِ الطُّرَّاقُ؟ قلت: عصابةٌ
…
خِفافُ الأداوى يُبْتَغى لَهُمُ الخَمْرُ
والشِّعْرى سابقةٌ في الطلوع للجَوْزاء ولذلك سميت كلبَ الجبار، والجبار