الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وقال أبو تمام:
شَكَوْتُ وما الشَّكْوى لِمِثليَ عادةٌ
…
ولكِنْ تَفيضُ الكأسُ عِنْدَ امْتِلائِها
وقالوا: لا يزالُ المَرْءُ في كُرْبةٍ ووَحْشةٍ ما لَمْ يجدْ مَنْ يشكو إليه. . . وممّا يتصل بهذا أنْ يخبرَ المريضُ طَبيبَه بِكُنْه دائِه.
وقال محمود الوراق:
إذا كَتمَ الصديقُ أخاه سِرّاً
…
فما فَضْلُ الصَّديقِ على العَدوِّ
عبقريات شتى في كتمان السر
قال المُهلَّب بن أبي صُفرة: أدنى أخلاقِ الشريف كتمانُ السرّ، وأعلا أخلاقِه نسيانُ ما أسِرَّ إليه.
ويُروى أنّ معاوية بن أبي سفيان أسرَّ إلى ابنِ أخيه عثمانَ بنِ عنبسة بن أبي سفيان حديثاً، قال عثمان: فجِئْتُ إلى أبي فقلت: إنّ أميرَ المؤمنينَ أسرَّ إليَّ حديثاًََََََ أفأحدِّثُك به فقال: لا، إنّه من كتمَ حديثَه كانَ الخيارُ إليه ومنْ أظْهَره كانَ الخيارُ عليه، فلا تَجْعلْ نفسَك مَمْلوكاً بعدَ أنْ كُنْتَ مالِكاً، فقلت له: أوَيَدْخلُ هذا بينَ الرَّجلِ وأبيه؟ فقال: لا، ولكنّي أكْرَه أنْ تُذلِّلَ لِسانَك بإفْشاءِ السرّ! قال: فرجعت إلى معاوية فذكرْتُ ذلك له، فقال معاوية: أعْنَقك أخي من رِقِّ الخطإِ. . . .
وكان معاوية يقول: أعِنْتُ على عليٍّ رحمه الله بأربعٍ: كنتُ رجلاً
أكْتمُ سرّي، وكان رجلاً ظُهَرَةً وكنْتُ في أطْوَعِ جندٍ وأصْلحِه، وكان في أخْبثِ جندٍ وأعْصاه، وتركْتُه وأصحابَ الجملِ وقلتُ: إنْ ظَفِروا به كانوا أهْونَ عليَّ منه، وإنْ ظَفِرَ بهم اعتَدَدْتُ بِها علَيْه في دينه، وكنتُ أحبَّ إلى قُريْشٍ منه. . .
وجاء رجلٌ إلى القاضي شُرَيح فكلّمه بشيءٍ وأخفاه، فلما خرجَ قال له رجلٌ: يا أبا أميّةَ، ما قال لكَ؟ قال: يا ابنَ أخي، أوَ ما رأيتَه سَتَرَه عنك!
وأسرَّ رجلٌ إلى صديقٍ له حديثاً فلما استقصاه قال: أفهِمْتَ؟ قال: لا، بل نَسيتُ. .
وقال عبيدُ الله بن عبد الله بن عتبةَ بن مسعود الفقيه:
إذا كان لي سِرٌّ فَحَدَّثتُه العِدا
…
وضاقَ به صَدْري فَلَلناسُ أعْذَرُ
هُوَ السِّرُّ ما اسْتُودِعْتَه وكَتَمْتَه
…
ولَيْسَ بِسرٍّ حينَ يفشو ويَظْهرُ
ويقال: إذا انتهى السرُّ مِن الجَنانِ إلى عَذَبةِ اللّسانِ فالإذاعةُ مُستوليةٌ عليه. . . .
وقال عمر بن عبد العزيز: القلوبُ أوعيةٌ للأسْرارِ، والشِّفاهُ أقفالها والألسنُ مفاتيحُها، فلْيَحْفظ كلُّ امْرئٍ مِفتاحَ سِرِّه. . . .
وقال شاعر:
صُنِ السِّرَّ عَنْ كُلِّ مُسْتَخْبِرٍ
…
وحاذِرْ فما الحَزْمُ إلا الحَذَرْ
أسيرُك سِرُّك إنْ صُنْتَه
…
وأنْتَ أسيرٌ له إنْ ظَهَرْ
وقال جَميلُ بن مَعْمَر:
أموتُ وألقى اللهَ يا بَثْنُ لمْ أبُحْ
…
بِسِرِّك والمُسْتَخْبِرونَ كَثيرُ
وقال عمر بن أبي ربيعة:
ولمّا تلاقَيْنا عَرَفْتُ الّذي بِها
…
كَمِثْلِ الذي بي حَذْوَكَ النَّعْلَ بالنَّعْلِ
فقالتْ وأرْخَت جانِبَ السِّتْرِ إنّما
…
مَعي فتَكلَّمْ غيرَ ذي رِقْبةٍ أهْلي
فقلتُ لها ما بي لهمْ مِنْ تَرقُّبٍ
…
ولكنَّ سِرِّي ليسَ يَحْمِلُه مثلي
يُريد: أنه ليس يحمله أحدٌ مثلي في صيانتِه وستره، أي فلا يبديه لأحدٍ
وقال شاعر:
أخْفِضِ الصَّوْتَ إنْ نَطقْتَ بِلَيْلٍ
…
والْتَفِتْ بالنَّهارِ قبلَ الكلامِِ
وقال مسلم بن الوليد صريعُ الغواني في الكتاب يأتيك فيه السرّ:
الحَزْمُ تَخْريقُه إنْ كنتَ ذا حَذرٍ
…
وإنّما الحَزْمُ سوءُ الظّنِّ بالنّاسِ
إذا أتاكَ وقدْ أدَّى أمانَتَه
…
فاجْعلْ صيانَتَه في بَطْنِ أرْماسِ
أرْماس جمع رَمْس وهو القبر، والمراد إخفاؤه وتعفيتُه حتى لا يبقى له أثر
وقال المعرّي:
فظُنَّ بِسائِرِ الإخْوانِ شَرّاً
…
ولا تَأمَنْ على سِرٍّ فُؤادا
وقبله:
نلومُ على تَبلُّدِها قُلوباً
…
تُكابدُ مِن مَعيشتِها جِهاداً
إذا ما النَّارُ لمْ تُطعَمْ وَقوداً
…
فأوْشِكْ أنْ تمُرَّ بِها رَمادا
فظُنَّ. . . . . . . . . . . . . . .
…
. . . . . . . . . . . . . . . البيت
وبعده:
فلَوْ خَبَرَتْهمُ الجَوزاءُ خُبْري
…
لَما طلَعَتْ مَخافَة أنْ تُكادا