الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
يُغلُّ له: أي يعطي الطبيب من الغَلّة - وهي الدخل - مالا يعطيه لصاحبه، وذلك أنّ حمْلَ الغصن الواحد من كل شجرة مشمش من أشجار ذلك البستان إذا أكله إنسان فإنّه ينقلب مريضاً فيلجأُ إلى الطبيب
الحمى
قال المتنبي:
وزائِرَتي كأنَّ بِها حَياءً
…
فلَيْسَ تَزورُ إلا في الظَّلامِ
بَذَلْتُ لَها المَطارِفَ والحَشايا
…
فَعافَتْها وباتَتْ في عِظامي
يَضيقُ الجِلْدُ عِنْ نَفْسي وعَنْها
…
فَتُوسِعُه بأنْواعِ السَّقامِ
إذا ما فارَقَتْني غَسَّلَتْني
…
كأنَّا عاكِفانِ على حَرامِ
كأنَّ الصُّبحُ يَطْرُدها فَتَجْري
…
مَدامِعُها بأرْبعةٍ سِجامِ
أراقِبُ وَقْتَها مِنْ غَيْرِ شَوْقٍ
…
مُراقَبَةَ المَشوقِ المُسْتَهامِِ
ويَصْدُقُ وَعْدُها والصِّدقُ شَرٌّ
…
إذا ألْقاكَ في الكُرَبِ العِظامِ
وقوله: وزائرتي. . . البيت يقول: إنّ الحمُّى التي كانت تأتيه ليلاً، كأنّها حَيِيَّةٌ فليست تزورُ إلا في الليل. . . والمطارِف في البيت الثاني: جمع مُِطْرَف وهي: أرْديةٌ مُربَّعةٌ من خَزٍّ في جنبها علمانِ، والحشايا جمع حَشيّة: ما حُشِي من الفرش مما يُجْلَس عليه، يقول: إنّ هذه الزائرة - الحُمّى - لا تُبيت في الفِراش وإنما تَبيتُ في عظامي. وقوله: يضيق الجلد. البيت يقول: يضيق جِلْدُه فلا يَسعها ولا يَسَعُ أنفاسي التي أتنفّسها، وهي مع ذلك تذهب بِلَحْمي فتوسِعُ جلدي بما تُورد عليه من ضُروبِ السقم، وقوله: إذا ما فارقتني غسّلتني. . . يقول: إنه يَعْرَق عِنْدَ فراقها، فكأنّها
تغسله لِعُكوفِهما على ما يُوجب الغُسْل، وإنّما خَصَّ الحَرام لأنّه جعلها زائرة غريبة ولم يَجْعلْها زوجةً ولا مملوكةً. . . وقوله: كأنّ الصبحَ. . . البيت يقول: إنّها تفارقه عند الصبح فكأنَّ الصُّبحَ يطردها، وأنّها إذا فارقته تجري مدامعُها من أربعةٍ سِجامٍ، يريد كثرةَ العرق - عرق الحمُّى - فكأنّها تبكي عند فراقِه لِحُبِّها إياه، وأراد بالأربعة: اللَّحاظين والمُوقَين للعينَين. وقوله: أراقبُ وقتها إلخ يقول: أنتظر وقتَ مجيئِها كما ينتظرُ المَشوقُ مجيءَ حبيبه، وذلك أنّ المريض يجزعُ لوُرودِ الحُمّى، فهو يُراقب وقتها خوفاً لا شوقاً. ثم قال: ويَصدق وعدُها، يقول: إنّها صادقةُ الوعد في الورود وذلك الصدق شَرٌّ من الكذب، لأنه صدقٌ يضر ولا ينفع كمن أوْعدَ ثم صَدقَ في وعيدِه. . . وقال المتنبي أيضاً:
ومَنازلُ الحُمَّى الجسومُ فقلْ لَنا
…
ما عُذْرُها في تَرْكِها خَيْراتِها
أعْجَبْتها شَرفاً فطالَ وُقوفُها
…
لِتأمُّلِ الأعْضاءِ لا لأذاتِها
يقول المتنبي لهذا الممدوح - وكان مُصاباً بالحمُّى - إنَّ جِسمكَ خيرُ الأجْسامِ فلا عُذْرَ للحمُّى في تركه، لأنّ محلَّها الأجْسام! ثمّ قال: إنّ الحمُّى لمَّا رأتْكَ في المَحَلِّ الأرْفعِ من الشرفِ والكرمِ والنُّبْل أعْجَبْتها فأقامَتْ في بدنِكَ لتأمُّلِ أعْضائِكَ التي اشْتَملتْ على تلك المحامِدِ، لا لأنّها تريد أن تؤذيَك. . . وقال الشاعر أبو الفتح كُشاجم في عليّ بن سليمان الأخفش:
ولقَدْ أخْطأ قَوْمٌ زَعَموا
…
أنّها مِنْ فَضْلِ بَرْدٍ في العصَبْ