المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌في وصف آلات الحرب - الذخائر والعبقريات - جـ ٢

[البرقوقي]

فهرس الكتاب

- ‌عبقريات شتَّى تندرج في الأبواب السابقة

- ‌سموّ أخلاق الخلفاء الراشدين

- ‌طلحة بن عبيد الله

- ‌حادث تلاقى فيه الكرم بالشجاعة والمروءة والحياء والنُّبل

- ‌حلم وأدب وسمو خلق

- ‌خير ما يُرْزقه العبد

- ‌لا تزال العرب عرباً ما حافظت على زيها

- ‌توقير العالم والشريف والكبير والترفع عن الوضيع

- ‌لا تشْكُ إلى غير الله

- ‌نبالة ومروءة

- ‌دعوة الله

- ‌كلمات في السؤال

- ‌كانوا يرون أنّ الملوك لا يُستحى من مَسألتهم

- ‌مثلٌ في الرياء

- ‌الهم نصف الهرم

- ‌مثلُ الدنيا وآفاتها والخوف من نهايتها

- ‌عمرو بن العاص يصف حاله في احتضاره

- ‌ماذا قال عبد الله بن الزبير حين أتاه خبر مقتل أخيه المصعب

- ‌إِذا ضيقت شيئاً ضاق جداً

- ‌لا تلهفنَّ على ما فاتك

- ‌ومن قولهم في الحث على التعزي

- ‌لكل غد طعام

- ‌اللئام مولعون بإيذاء الكرام

- ‌أبيات في الصبر والشجاعة والكرم

- ‌أبيات حكيمة

- ‌أبياتٌ مَنْ لم يروِها فلا مروءةَ له

- ‌حكم ومواعظ

- ‌في الموت

- ‌طائفة من عبقرياتهم في التعازي

- ‌التسلية بعد وقوع المحذور

- ‌من دواعي التّسلّي قُرْبُ اللّحوقِ بالميّت

- ‌من تعازي الملوك وتَسلّيهم بأنّ الناسَ جميعاً مُصابون

- ‌التسلّي بأنه مُعَزّى لا مُعَزًّى به

- ‌التسلّي عمَّن مَضى بِمَنْ بقي

- ‌مَنْ تسلّى بما له من الثوابِ وبعض تعازيهم

- ‌مَنْ ماتَ له كثيرٌ مِنْ أهلِه فَصَبِرَ

- ‌ومِنْ أدْعَيتِهمْ لِذوي المصيبة

- ‌عبقرياتهم في الطب والمرض وعيادة المرضى

- ‌معنى الطب

- ‌وصف طبيب حاذق

- ‌الطبيب الجاهل

- ‌مدح الحمية وذمّها

- ‌شُرْبُ الدَّواء

- ‌سياسةُ الأبْدانِ بِما يُصلِحُها من الطعام وغيرِه

- ‌مَنْ تَناولَ طعاماً وتحقَّقَ تولُّد عِلّة منه

- ‌الحمى

- ‌الرمد

- ‌النقرس

- ‌عَودٌ إلى عبقرياتهم في التّداوي والأدوية

- ‌شهوة المريض إلى الطعام

- ‌شكوى العلة

- ‌فضل الصحة والعافية

- ‌نفع المرض

- ‌وصفُ العِلَّةِ بأنّها تنال الأماثِلَ

- ‌عيادة المريض

- ‌وجوبُ عيادة المريض

- ‌أدب عيادة المريض

- ‌شكايةُ مَنْ لا يعودُه إخوانُه

- ‌الاعتذار عن ترك العيادة

- ‌من عاده ممرّضه

- ‌مريض عاد صحيحاً

- ‌حثهم العائد على تنشيط المريض

- ‌حثُّهم على تخويفه ليتجنبَ المضارَّ

- ‌تغير اللون

- ‌تهنئة مَنْ برأ من المرض

- ‌تفدية المريض

- ‌عبقريات شتى في الطب والمرض والعيادة

- ‌الباب الرابع في كتمانِ السرِّ وإفشائهوعبقرياتهم في ذلك وفيما يجري هذا المجرىمن الشورى والاستبداد بالرأي والنصح والأناة والعجلة

- ‌حفظ اللسان

- ‌منعُ إظهارِ السِّرِّ قبل تمامه

- ‌حثهم على حفظ السرّ

- ‌من يُكْره اطِّلاعُه على السر

- ‌المُفْتَخِر بحفظ السر

- ‌الممدوح بحفظ السر

- ‌صعوبة حفظ السرّ

- ‌من لا يحفظ سِرَّه ويَسْتَحْفظُه غيرَه

- ‌ذمُّ مَنْ يُفشي السرَّ

- ‌الأحوال التي يفشو فيها السرّ

- ‌المُساررة في المحافل

- ‌المتبجِّح بإظهار أسرار أصدقائه

- ‌الرُّخصة في إفشاء السرّ إلى الصديق

- ‌عبقريات شتى في كتمان السر

- ‌عبقرياتهم في المشورة

- ‌والاستبداد بالرأي

- ‌مدح المشورة

- ‌حثهم على مُشاورةِ الحازمِ اللبيب

- ‌استشارة الكبار والصغار ومن يُعْتمد على مَشورته ورويَّته

- ‌من يجب أن تجتنب استشارتَه

- ‌وجوب نَصيحةِ مُستشيرِك

- ‌الحثّ على قبول النصح وإن كان مُرّاً

- ‌عتاب من لم يقبل النصح

- ‌ضياع النصح لمن لا يقبله

- ‌معاتبة من يستنصح الناس ويستغشّ الناصح

- ‌الناصح متهم

- ‌وصف غاش في نصحه

- ‌الاستبداد وكراهة المشورة

- ‌المتفادى من أن يُستشار

- ‌الأناةُ والرَّويَّةُ والعَجلة

- ‌مَدْحُ الأناة والروية وذمّ العجلة

- ‌مدح العجلة وانتهاز الفرص

- ‌عبقريات شتى في المشورة

- ‌عبقرياتهم في الوعظ والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر

- ‌نهي من لم يتعظ عن الوعظ

- ‌حثهم على الوعظ بالفَعال دونَ المَقال

- ‌التلطّف واللين في الوعظ

- ‌الحث على الاتعاظ

- ‌وعظ مَنْ لا يتعظ

- ‌حثهم على قبول وعْظِ مَنْ ليسَ بمُتَّعظ

- ‌النهي عن الاقتداء بذوي الزّلات

- ‌الحث على الأمر بالمعروف والحال التي يجوز فيها

- ‌الباب الخامس في الحلم وكظم الغيظوالعفو والغضب والانتقام وما إلى هذه المعاني

- ‌الممدوحُ بالحلم وتمدُّحهم به

- ‌فضل كظم الغيظ

- ‌الغضب وألوانه

- ‌وما يسكن به ثورانه

- ‌من اجتُهد في إغْضابِه فَحَلِمَ

- ‌حثهم على ترك الغضب

- ‌المؤدي إلى الاعتذار

- ‌حثّهم على التصامُم عن القبيح

- ‌حثهم على العفو مطلقاً

- ‌التحلُّم عنِ الخدمِ

- ‌الرحمةُ ومَدْحُ ذويها

- ‌ما يُستحسنُ فيه الحِلْمُ من الكبار وما يُسْتقبح

- ‌حثهم على درء الحدود

- ‌حث القادر على العفو

- ‌ذمُّ المُتشفّي من الغيظ

- ‌مدح من صَفح عند القدرة

- ‌الحث على إقالة من سَلِمَ ظاهرُه

- ‌العفو عمن سلم باطنه

- ‌عتب من يحفظ الذنب بعد تقادمه

- ‌العفو عن المقرّ المعترف

- ‌حسن العفو عن المصِرِّ

- ‌اسْتِعفاء من خلط إقراراً بإنكار

- ‌معتذر مع إنكار

- ‌مُعْتذرٌ بتكذيبِ نَفْسِه

- ‌استعفاء من زعم أن ذنبه كان خطأ

- ‌مستعفٍ سأل أن يقوّم ويؤدّب

- ‌مستعف سأل العفو لفرط خوفه

- ‌مستعف اتكل على سالف حرمته

- ‌الاستعفاءُ لِمُذْنبٍ من قومٍ مُحْسِنين

- ‌متوصل إلى العفو بمراجعة أو حجة

- ‌مستعف ذكر فرط خوفه من الوعيد

- ‌من اسْتَعْفى واسْتَوهب معاً

- ‌المتوصل إلى العفو بالتثبت إلى حين التبيُّن

- ‌نهي العافي عن التثريب

- ‌نهيهم عن الاعتذار وصعوبته

- ‌تأسُّف من يعاتب من غير ذنب

- ‌عبقرياتهم في ذمِّ الحِلْمِ ومَدْحِ العِقاب

- ‌النَّهْيُ عن الحِلم إذا كان يسبب ذُلاً أو ضَرّاً

- ‌دَفْعُ الجهل بالجهل

- ‌من نهي عن الاغترار بحلمه

- ‌الحلم مُغْرٍ وضارّ مُذل

- ‌نهيهم عن إكرام اللّئام

- ‌الاستعانة بالجهل لدى الحاجة إليه

- ‌حث القادر على العقاب قبل فَوْته

- ‌التبجح بقسوة القلب وقلة الرحمة

- ‌أخذ البريء بذنب الجاني

- ‌عذر من بدر منه سخط

- ‌طائفة من عبقرياتهم في العداوات

- ‌الاحتراسُ من غرس العداوة

- ‌نَهْيُهم عَنِ الاغترارِ بالوُدّ تُسْتَبطنُ معه العداوةُ

- ‌نهيهم عن السكون إلى من تقدّم منك إليه إساءة

- ‌نهيهم عن احتقار العدو

- ‌المتبجح بإظهار الليان وإضمار العداوة

- ‌العدو يكاشرك إذا حضرك

- ‌من نظرُه ينبئ عن عداوته

- ‌ثبات العداوة الذاتية

- ‌حمد المداجاة طلباًَ للفرصة

- ‌المسرة بوقوع العداء بين أعدائك

- ‌دنيءٌ يُعاديك بلا سبب

- ‌تأسُّف من يعاديه لئيم أو دنيء

- ‌حثهم على العداوة بالقول لا بالفعل

- ‌طائفةٌ من عبقرياتهم

- ‌في‌‌ الناسوما جُبل عليه السوادُ الأعظم من الحقد والحسد

- ‌ الناس

- ‌وسوء الظنِّ والشماتة وما جرى هذا المجرى

- ‌لا يزالُ الناسُ بخير ما تَبايَنوا

- ‌وجدت الناس اخْبُر تَقْلَهْ

- ‌الناس كإبل مائة لا تجد فيها راحلة

- ‌لو تكاشفتم ما تدافنتم

- ‌الغوغاء

- ‌قلة الوفاء في الناس وشيوع الغدر والمكر في عامتهم

- ‌الأنذال واللئام

- ‌الظن

- ‌الشماتة

- ‌الحقد

- ‌ذمّ الحقد ومدحه

- ‌الحسد

- ‌المزاح

- ‌نهيهم عن المزاح

- ‌حمدهم القصد في المزح ومزاح الأماثل

- ‌نهيهم عن الغضب في المَزْح

- ‌الممدوح بأن فيه الجدَّ والهزل

- ‌عذر من يضحك وهو محزون

- ‌نهيهم عن كثرة الضحك

- ‌إيراد جِدٍّ في مسلك هزل

- ‌صدرٌ من عبقرياتهم في الغيبة والنميمة

- ‌حقيقة الغيبة والنميمة

- ‌ذمّ الغيبة والنميمة

- ‌من سمحت نفسه بأن يكون في حِلٍّ

- ‌من قلّت مبالاتُه بمن اغتابه

- ‌ذم ناقص يغتاب فاضِلاً

- ‌من رمى غيره بعيبه

- ‌اغتياب المرء غيرَه يدلُّ على عيبه

- ‌تشهي الغيبة واستطابتها

- ‌من اغتاب فاغتيب

- ‌نهيهم عن الإصغاء إلى المُغتاب

- ‌الممدوح بصيانة مجلسه عن الغيبة

- ‌حثهم على التثبّت فيما يُسمع من السعاية

- ‌صعوبة التخلص من اغتياب الناس

- ‌ذم ناقل الغيبة

- ‌الموصوف بالنميمة

- ‌من اغتاب غيره فرآه

- ‌من لا يحرم اغتيابه

- ‌حثهم على التحرز

- ‌الباب السادس في التواضع والكبروما إليهما

- ‌حدّ التواضع والكبر

- ‌حثهم على التواضع

- ‌ذمّهم التكبّر

- ‌بعض دواعي التكبر

- ‌متكبِّر دنيء أو فقير

- ‌مدحهم معرفةَ الرجل قدرَ نفسه

- ‌وذمهم الصّلف

- ‌وبعض نوادر المزهوّين

- ‌معتذر لعجبه وعزته

- ‌التكبر على ذوي الكبر

- ‌ذمهم الإفراط في التواضع

- ‌حمد تعظيم الكبار

- ‌الباب السابع في الشجاعة وعبقرياتهم فيهاوفي الصبر في القتال وسائر ما يتصل بالحرب

- ‌حقيقة الشجاعة

- ‌الأسباب المشجعة

- ‌حثهم على الثبات والإقدام

- ‌ونهيهم عن الإحجام والفكر في العواقب

- ‌المبادر إلى الحرب غير مبال بها

- ‌حثّ من دُعي إلى المبارزة على الإجابة

- ‌المُنازل وقت المنازلة

- ‌صدر من عبقرياتهم في الصبر

- ‌الخدعة والحيلة والتحرّز في الحرب

- ‌ما ينبغي أن يتصف به أمراء الجيوش

- ‌حثهم على التفكير قبل التقدم

- ‌من يؤثر الموت في العز على الحياة في الذل

- ‌نهيهم عن مخافة القتل

- ‌وحثُّهم على تصور الموت

- ‌وتمدُّحهم بذلك

- ‌الجود بالنفس

- ‌وحبُّ الموت في الوغى

- ‌وأنفتهم من الموت على الفراش

- ‌من يخوض الحرب

- ‌في القتل حياة

- ‌تأثير الخوف والمخوف منه

- ‌والموفى على الجماعة

- ‌المتبرِّم بالحرب والسخرية منه

- ‌الممدوح بقوة نفسه دون جسمه

- ‌القصد إلى العدى مُجاهرةً

- ‌المقاتل عن حريمه

- ‌المستنكف من السلب

- ‌الشبان والكهول في الحرب

- ‌العاجز أعاديه عن إصلاح ما أفسده وعكس ذلك

- ‌من تصحبه الطيور والسباع في القتال

- ‌عذر من يلبس الدروع

- ‌ونحوها في الحرب والمُستغني بشجاعته ويقينِه عنها

- ‌تحريم الملاهي على المحارب

- ‌طائفة من عبقرياتهم في الصلح

- ‌والتحذير من الحرب

- ‌الحرب تصيب جانيها وغير جانيها

- ‌الممتنع من الصلح

- ‌ضارع يطلب الصلح

- ‌التحذير من صغير يفضي إلى كبير

- ‌طائفة من عبقرياتهم في التهديد والوعيد

- ‌قلة غناء الوعيد

- ‌مَنْ يتهدَّد بظهر الغيبِ ولا يُغْني غَناءً

- ‌من لا يبالي بتهديده

- ‌طائفة من عبقرياتهم

- ‌في الهزيمة والخوف وأنّ الفِرارَ لا يقي من الموت

- ‌تفضيل القتل على الهرب

- ‌الممتنع من الفرار

- ‌المعيَّر بانهزامه

- ‌ترك اتباع المنهزم

- ‌الفارّ وقت الفِرار والثابت وقت الثبات

- ‌المتفادي من حضور الحرب

- ‌والمحتجُّ لانهزامه بالخوف من القتل

- ‌هارِبٌ يعتذر عن هربه

- ‌بأنّه نَبْوَة أو قَدَر

- ‌المتخلفُ عن قومه

- ‌من نجا وقد استولى عليه الخوف

- ‌تسلية المُنهزم

- ‌صدر من عبقرياتهم في الجبن

- ‌من يظهر الشجاعة خارجَ الحرب ويجبُنُ فيها

- ‌عبقريات شتى في الشجاعة والحرب

- ‌ما غُزي قومٌ قطّ في عقر دارهم إلا ذلُّوا

- ‌صدر من عبقرياتهم

- ‌في وصف آلات الحرب

الفصل: ‌في وصف آلات الحرب

والإشادةَ بها تكاد تكون أحدَ شَطْرَيْ ما يتمدّحون به ويُنوِّهون بفضله، أمّا الشَّطْرُ الآخرُ فهو الجودُ والكرم، وبِحَسْبك بهاتَيْن الخَلَّتين، وإنّهما دَعامَتا سائرِ الفَضائل، ولْنَجْتَزِئ بِهذا المقدار وإنْ كانَ قَطْراً من بَحْرٍ

‌صدر من عبقرياتهم

‌في وصف آلات الحرب

قال البُحتري يَصِف السيف:

يَتَناوَلُ الرُّوْحَ البَعيدَ مَنالُه

عَفْواً، ويَفْتَحُ في القَضاءِ المُقْفَلِ

ماضٍ وإنْ لَمْ تُمْضِهِ يَدُ فارِسٍ

بَطلٍ، ومَصْقولٌ وإنْ لَمْ يُصْقَلِ

يَغْشى الوَغى فالتُّرْسُ لَيْسَ بِجُنَّةٍ

مِنْ حَدِّه والدِّرْعُ ليسَ بِمَعْقِلِ

مُصْغٍ إلى حُكْمِ الرَّدى، فإذا مَضى

لَمْ يَلْتَفِتْ، وإذا قَضى لَمْ يَعْدِلِ

مُتألّقٌ يَفْري بِأوَّلِ ضَرْبَةٍ

ما أدْرَكَتْ ولَوَ انّها في يَذْبُلِ

وإذا أصابَ فَكُلُّ شَيْءٍ مَقْتَلٌ

وإذا أُصيبَ فَما لَه مِنْ مَقْتَلِ

وقال عبدُ الله بن المعتز يصفُه:

ولي صارِمٌ فيهِ المَنايا كَوامِنٌ

فَما يُنْتَضى إلا لِسَفْكِ دِماءِ

تَرى فوقَ مَتْنَيْه الفِرِنْدَ كأنَّه

بَقيّةُ غَيْمٍ رَقَّ دونَ سَماءِ

وقال ابن الرُّومي:

خَيْرُ ما اسْتَعْصَمَتْ بهِ الكَفُّ عَضْبٌ

ذَكَرٌ هَزُّهُ أنيثُ المَهَزِّ

ص: 296

ما تَأَمَّلْتَه بِعَيْنِكَ إلا

أُرْعِدَتْ صَفْحَتاهُ مِنْ غَيْرِ هَزِّ

مِثْلُه أفْزَعَ الشُّجاعَ إلى الدِّرْ

عِ فَغالى بِها عَلى كُلِّ بَزِّ

ما يُبالي أصَمَّمَتْ شَفْرتاهُ

في مَحَزٍّ أمْ حادَتا عَنْ مَحَزِّ

ولما صار الصمصامةُ سيفُ عَمْرو بن مَعْد يكربَ إلى موسى الهادي أذِنَ للشُّعراءِ أنْ يَصِفُوه، فبَدَأهُمْ ابْنُ يامينَ فقال:

حازَ صَمْصامةَ الزُّبَيْدِيِّ مِنْ دو

نِ جَميعِ الأنامِ موسى الأمينُ

سَيْفَ عَمْرٍو وكانَ فيما سَمِعْنا

خَيْرَ ما أغْمِدَتْ عليهِ الجُفونُ

أخْضَرَ المَتْنِ بينَ حَدَّيْهِ نورٌ

مِنْ فِرِنْدٍ تَمْتَدُّ فيهِ العُيونُ

أوْقَدَتْ فوقَه الصَّواعِقُ ناراً

ثُمَّ شابَتْ بهِ الذُّعافَ القُيونُ

فإذا ما سَلَلْتَهُ بَهَرَ الشَّمْ

سَ ضِياءً فلَمْ تَكَدْ تَسْتَبينُ

يَسْتَطيرُ الأبْصارَ كَالقَبَسَ الْمُشْ

عَلِ ما تَسْتَقِرُّ فيهِ العُيونُ

وكَأنَّ الفِرِنْدَ والرَّوْنَقَ الجا

رِيَ في صَفْحَتَيْهِ ماءٌ مَعينُ

وكأنَّ المَنونَ نيطَتْ إلَيْه

فَهْوَ مِنْ كُلِّ جانِبَيْهِ مَنونُ

ما يُبالي مَنِ انْتَضاهُ لِضَرْبٍ

أشِمالٌ سَطَتْ بهِ أمْ يَمينُ

قال أبو هلال العسكري: وقد أُخِذ عليه في هذه الأبيات تشبيهُه السيفَ بالشمس ثم بالقَبَس، لأنّه قد حطّه درجاتٍ. . .

ولمناسبة عَمْرِو بنِ مَعْدِيكرب وصَمْصامتِه يُروى أنّ عُمرَ بن الخطاب بعث إلى عمرٍو أن يبعثَ إليه بسَيْفه الصَّمصامةِ هذا، فبعثَ إليه به، فلمّا

ص: 297

ضرب به وجدَه دون ما بلغَه عنه، فكتب إليه في ذلك، فأجابه يقول: إنما بَعَثْتُ إلى أمير المؤمنين بالسيف ولم أبْعَثْ له بالسَّاعِدِ الذي يَضْرِبُ به. وسأله عمرُ يوماً عن السلاح فقال: ما تقول في الرُّمح؟ قال: أخوك ورُبَّما خانك فانْقَصف؛ قال: فما تقولُ في التُّرس؟ قال: هو المِجَنُّ وعليه تدور الدّوائر، قال: فالنَّبل؟ قال: منايا تُخْطِئ وتُصيب، قال: فما تقول في الدِّرع؟ قال: مَثْقَلَةٌ للرّاجِلِ مَشْغَلَةٌ للرّاكِبِ، وإنّها لَحِصنٌ حَصين؛ قال: فما تقول في السيف؟ قال: هُنالك قارَعَتْكَ أمُّك عن الثُّكل؛ قال: بل أمُّك! قال: بل أمُّكَ يا أميرَ المؤمنين! فَعَلاه أمير المؤمنين بالدِّرّة، وقيل: بلْ قال له - لمّا قال عمر بل أمُّك - قال: أمِّي يا أميرَ المؤمنين الحُمَّى أضْرَعَتْني لك أراد: أنّ الإسلامَ قيّدني، ولَوْ كنتُ في الجاهليّةِ لَمْ تُكلِّمني بهذا الكلام، وهو مثلٌ تضربُه العربُ إذا اضْطُرّت للخضوع.

ومثلُ ذلك قولُ الأغرِّ النهشلي لابنه لمّا بعثَه لحضور ما وقع بينَ قَومه فقال: يا بُنَيَّ، كُنْ

يَداً لأصْحابِك على مَنْ قاتَلَهم، وإيّاكَ والسيفَ فإنّه ظِلُّ الموتِ، واتَّقِ الرُّمْحَ فإنّه رِشاءُ المَنيَّة، ولا تَقْرَبِ السِّهامَ فإنَّها رُسُلٌ تَعْصي وتُطيع، قال: فبِمَ أقاتل؟ قال: بِما قال الشاعر:

جَلاميدُ أمْلاءُ الأكُفِّ كأنَّها

رُؤوس رِجالٍ حُلِّقَتْ في المَواسِمِ

ص: 298

فعَليكَ بِها وألْصِقْها بالأعْقابِ والسُّوق. قولُه: جلاميدُ أملاءُ الأكُفِّ. . . البيت هو أحدُ أبياتٍ أوردها المُبرِّد وهي:

تُغطِّي نُمَيْرٌ بِالعَمائِمِ لُؤْمَها

وكَيْفَ يُغطِّي اللِّؤْمَ طَيُّ العَمائِمِ

فإنْ تَضْرِبونا بالسِّياطِ فإنَّنا

ضَرَبْناكُمُ بالمُرْهَفاتِ الصَّوارِمِ

وإنْ تَحْلِقوا مِنّا الرُّؤوسَ فإنّنا

حَلَقْنا رُؤوساً باللَّها والغَلاصِمِ

وإنْ تَمْنَعوا مِنَّا السِّلاحَ فَعِنْدَنا

سِلاحٌ لَنا لا يُشْترى بالدِّراهِمِ

جَلاميدُ أمْلاءُ الأكُفِّ كأنَّها

رُؤوس رِجالٍ حُلِّقَتْ في المَواسِمِ

قولُه: حلقنا رؤوساً: يُريدُ أزلْناها بالسُّيوف، واللَّها بفتح اللام جمع لَهاة وهي لَحْمة مُشرفة على عَكَدَةِ اللّسان، والغَلاصم جمع الغَلصمة وهي لَحْمةٌ بينَ الرأسِ والعُنق، والجَلاميد جمع جلمود وهو الحَجَر تأخذُه بيدك وهو بيانٌ لقوله سِلاحٌ لنا لا يُشترى بالدراهم

وقال المعرِّي:

كأنَّ أراقِماً نَفَثَتْ سِماماً

عَلَيْهِ فعادَ مُبْيَضّاً نَحيلا

ومَنْ تَعْلَقْ بِه حُمَةُ الأفاعي

يَعِشْ - إنْ فاتَه أجَلٌ - عَليلا

كأنَّ فِرِنْدَهُ واليَوْمُ حَمْتٌ

أفاضَ بِصَفْحِه سَجْلاً سَجيلا

تَردَّد ماؤُه عُلْواً وسُفْلاً

وهَمَّ فَما تَمَكَّنَ أنْ يَسيلا

يَكادُ سَناهُ يُحْرِقُ مَنْ فَراهُ

ويُغْرِقُ مَنْ نَجا مِنْه كُلولا

كأنّ أراقماً. . . البيت يقول: كأنَّ الحيّاتِ نفخت السُّمومَ على هذا السيفِ فصارَ أبيضَ ناحلاً، وذلك أن السُّمَّ موصوفٌ بالبياضِ، ومَنْ نَكَزَتْه الحيّةُ ونفثت فيه سُمَّها نَحَلَ جِسْمُه، فجَعَلَ البياضَ في السَّيْفِ لَوْناً للسُّمِّ والنَّحافةَ فِعْلَه، وقوله: ومَنْ تَعْلَقْ به: البيت لمّا وصفَ السيف

ص: 299

بالنُّحولِ لمّا نفثت الأراقمُ عليه سِمامَها حقَّقَ وجْهَ نُحوله، وهو أنّ مَنْ خالطَه سُمُّ الأفاعي هلك في غالبِ الأمر، وإن فاتَه الهلاكُ عاش عليلاً، والعليل نحيلُ الجسم لا محالة، وقوله: كأنَّ فِرنده. . . البيت فالفِرِنْد: جوهرُ السيف وماؤه، ويومٌ حَمْتٌ: شديد الحر،

والسَّجْل الدَّلْو، إذا كان فيها ماءٌ، ولا يُقال لها وهي فارغة: سَجْلٌ ولا ذَنوب، والسَّجيل: الضخم العظيم، يصف بياضَ السيف وبريقَه، أي كأنَّ جوهرَ السيف وقد صُبَّ بوجْهِه دَلْوٌ من الماء في يومٍ شديد الحرّ، فهو أبيضُ بَرّاق كأنّه ماء، وإنّما ذكر شِدّة الحرّ لأنّه إذا كان اليومُ شديدَ الحر كانت الحاجة إلى الماء أشدَّ، أو لأن الماء مع إشراق الشمس أشدُّ بريقاً ولمعاناً. وقوله: تردَّد ماؤه. . . البيت لمّا شبّه فرند السيف بالماء وصفه بأنّ الماء كأنّه يتردَّد فيه من أعلاه إلى أسفله ومن أسفله إلى أعلاه، ويَهُمُّ الماء أنْ يسيلَ من صفحته فلا يتمكّن من السَّيلان، لأنه محصورٌ في أجزائه، وقوله: يكاد سَناه. . . . البيت فالسَّنا: الضَّوء، وفَراه: قَطَعه، وكلَّ السيفُ والرُّمْحُ يَكِلُّ كُلولاً: إذا نَبا عن العمل، يقول: إنّ هذا السيفَ جمعَ بين النار والماء فهو يُحْرِقُ مَنْ قَطَعه ويُغْرِقُ بمائِه مَنْ كَلَّ السيفُ عنه فَنجا مِنه.

وقال إسحاق بن خلف:

ألْقى بِجانِبِ خَصْرِه

أمْضى مِنَ الأجَلِ المُتاحِ

وكأنَّما ذَرُّ الهَبا

ءِ عَلَيْهِ أنْفاسُ الرِّياحِ

وقال النابغة:

تُطيرُ فِضاضاً بَيْنَهُمْ كلّ قَوْنَسٍ

ويَتْبَعُها مِنْهُمْ فَراشُ الحَواجِبِ

ص: 300

تَقُدُّ السَّلوقيَّ المُضاعَفَ نَسْجُه

وتُوقِدُ بالصُّفَّاحِ نارَ الحُباحِبِ

فَضَضْتُ الشَّيْءَ أفضُّه فَضّاً فهو مَفْضوضٌ وفَضيضٌ: كَسَرْتُه وفَرَّقْتُه، وفُضاضه وفِضاضه: ما تكسَّر مِنْه وتفرّق، والقونس: مُقَدَّم الرأس، وقونَسُ البَيْضةِ من السّلاح: أعْلاها، والفَراش: عَظْمُ الحاجب، أو قشرةٌ تكونُ على العظم دونَ اللّحم، ويقال: ضَرَبَه فأطارَ فَراشَ رأسِه وذلك إذا طارت العِظامُ رِقاقاً من رأسِه، والسَّلوقيُّ: الدِّرْع المنسوبة إلى سَلوق، وهي قريةٌ باليمن تعرف بِسَلَقْيَة وإليها تُنْسَبُ أيضاً الكِلابُ السَّلوقيّة، والصُّفّاحُ جمع صُفّاحة وهي: كلُّ عريضٍ من الحجارة ونحوها، والحُباحِب: الشَّررُ الذي يسقط من الزِّناد يقول في البيت الثاني: إنّ هذه السيوف تَقُدُّ - تقطع - الدِّرْعَ التي ضُوعِفَ نسجُها والفارس والفرس وتصل إلى الأرْضِ فتَقْدحُ النارَ بالصُّفَّاح.

وقال البحتري يصِف الدِّرْعَ:

يَمْشونَ في زَرَدٍ كأنَّ مُتونَها

في كُلِّ مُعْتَرَكٍ مُتونُ نِهاءِ

بَيْضٌ تَسيلُ على الكُماةِ فُضولُها

سَيْلَ السَّرابِ بِقَفْرَةٍ بَيْداءِ

وإذا الأسِنَّةُ خالَطَتْها خِلْتَها

فيها خَيالُ كَواكِبٍ في ماءِ

وقال عبد الله بن المعتز:

كَمْ بَطَلٍ بارَزَني في الوَغى

علَيْهِ دِرْعٌ خِلْتُها تَطَّرِدْ

كأنَّها ماءٌ عليهِ جَرى

حتَّى إذا ما غابَ فيهِ جَمَدْ

وقال المتنبي:

تَرُدُّ عَنْهُ قَنا الفُرْسانِ سابِغَةٌ

صَوْبُ الأسِنَّةِ في أثْنائِها دِيَمُ

ص: 301

تَخُطُّ فيها العَوالي لَيْسَ تَنْفُذُها

كأنَّ كُلَّ سِنانٍ فوقَها قَلَمُ

يقول في البيت الأول: تمنع الرِّماحَ مِنَ النفوذِ في عَدوِّ الممدوح دِرْعٌ سابغة قد تلطّخت بالدماء التي تسيل من الأسِنّةِ عليها، أو أنّ وقْعَ الأسِنّةِ في هذه الدِّرْعِ كديمةِ المَطر تَتابُعاً. ويقول في البيت الثاني: إنَّ الرِّماحَ تؤثِّر في دِرْعه، أي تَجْرحُها، ولا تنفذها إلى جِسْمِه، حتّى كأنَّ أسِنَّتَها أقلامٌ تَخُطُّ في القِرْطاس ولا تَخْرُقه. وقال المعري:

إذا طُوِيَتْ فالقَعْبُ يَجْمَعُ شَمْلَها

وإنْ نُثِلَتْ سالَتْ مَسيلَ ثِمادِ

وما هي إلا رَوْضةٌ سَدِكٌ بِها

ذُبابُ حُسامٍ في السَّوابِغِ شادِ

على أنَّها أمُّ الوَغى وابْنَةُ اللَّظى

وأخْتُ الظُّبَى في كُلِّ يَوْمِ جِلادِ

القعْبُ: القَدَحُ الصغير، ونَثَلَ الدِّرْعَ ينثلها: إذا ألْقاها على نفسِه وصبَّها عليه، والثِّمادُ جمعُ ثمد وهو: الماءُ القليل. يقول: إذا طُوِيَتْ صَغُرَ حجمُها بالطّي حتى يَسعَها القعب. وإنْ لُبست سالت على البَدنِ كالماء. وقوله: وما هي إلا روضةٌ. . . . البيت، فسَدك بالشيء: لَزِمَه، وشدا يشدو فهو شادٍ: إذا رفع صوتَه بالغناء، شبَّه هذه الدِّرْعَ بالرّوضة، والذُّبابُ يجتمع في الرّياض ويُصوِّت فيها، يقول: إنّ هذه الدرعَ روضةٌ قد أولِعَ بها ذُبابُ السيف، وهو: حَدّه الذي يتغنّى في الدّرع، أي أنّها دِرْعٌ لا تزال على بطلٍ مُحاربٍ تَرِدُها سيوفُ الأقرانِ وتقارعُها فيُسْمع صوتُ وقْعِها. وقوله: على أنّها. . . البيت فالجِلاد: الضِّرابُ بالسّيوف، وجعل الدّرْعَ أمَّ الوغى - أي الحرب - إذْ أنّها تجري مَجْرى الأصل والملجأ الذي يُلْجأ إليه، وجعلها ابنةَ اللَّظى - أي النار - لأنّها إنّما عُمِلَتْ بالنار، وأختُ الظُّبَى -

جَمْعُ ظُبَةٍ وهي حدُّ السيف - إذْ لا تزال

ص: 302

تَرِدُها ظُباتُ السّيوفِ وتقارنُها ولا تؤثّر فيها، وصَفها بهذه الأسماءِ المُنْبِئَةِ عن القرابات مُريداً بِها ما يُناسبُها مِنَ المعنى.

ولأبي العلاء المعرّي في الدُّروع مقطوعاتٌ كثيرة، لقد افْتَنَّ فيها افْتِناناً، وأبْدعَ ما شاءَتْ عبقريَّتُه تَراها في سَقطِ الزّند.

ص: 303