الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
عبقريات شتى في الطب والمرض والعيادة
قال جالينوس: المرضُ هرمٌ عارض، والهرمُ مرضٌ طبيعي؛ وله: مجالسةُ الثقيلِ حُمَّى
الرُّوح.
وقال ثابت بن قُرَّة: ليس شيء أضرّ بالشيخ من أن تكون له جارية حسناء، وطبَّاخٌ حاذق؛ لأنه يُكثر من الطعام فيَسقم، ومن الجماعِ فيَهرمُ: وقال آخر: ليس لثلاثٍ حيلةٌ: فقرٌ يخالِطه كسل، وخصومةٌ يخامِرها حسد، ومرضٌ يمازِجُه هرم. . .
وقالوا: ثلاثةُ يُعْذَرون على سوء الخُلق: المريض، والمسافر، والصائم. . .
وقالوا: فرط الغمِّ والسرور يقتلان، أما الغَمّ فإنه يجمِّد الدم. والسرور يُلهبه حتى تعلوَ حرارتُه على الحرارة الغريزية. . . وقال كسرى لوزيريه يوماً: أيُّ الفراش ألذّ؟ فقال أحدُهما: ألذُّ الفراش الخَزُّ مَحْشواً، وقال الآخر: ألذُّ الفراشِ الحريرُ محشوّاً - وكان بين يديه غلامٌ من الحُجّاب فقال: أيّها الملك، أتأذنُ لي في الكلام؟ فقال: نعم، قال: ألذُّ الفراش الأمْنُ، قال: صدقت، قال: فما ألذُّ الطعام؟ فقال: ما لا يهيج على طبيعة علةً، ولا يَعْقِدُ في عنق آكله مِنّةً، فقال: أحسنت، فما ألذُّ الشراب؟ فقال: ما لا يُزيلُ عقلاً عن محلّه ولا يهيج على طبيعة شيئاً من عِلل؛ قال: أحسنت، فما ألذُّ الريحان؛ قال: الولد السارُّ ريحانُ أبيه في حياته وخلفٌ له بعد وفاته؛ فرفع محله وألحقه بأكابر حشمه. . .
ونالت أبا الطبيب المتنبي وهو بمصر عِلّةٌ، فكان بعض إخوانِه المصريين
يكثر الإلمامَ به، فلما أبلَّ قطعه، فكتب إليه: وصلتَني - أعزَّك اللهُ - مُعْتَلاً، وقطعتني مُبِلاً، فإنْ رأيتَ أن تُكدِّر الصحةَ عليَّ، وتحبِّب العلَّة إليّ، فعلتَ. . .
وقال شاعر:
إنَّ الجَهول تَضُرُّني أخلاقُه
…
ضررَ السُّعالِ لمَنْ بهِ اسْتِسقاءُ
وقال البُسْتي:
أنا كالورْدِ فيهِ راحةُ قَوْمٍ
…
ثمّ فيهِ لآخَرينَ زُكامُ
وقال المتنبي:
لعلَّ عَتْبَكَ مَحْمودٌ عواقِبُه
…
ورُبَّما صَحَّتِ الأجْسامُ بالعِلَلِ
وقال:
أعيذُها نَظراتٍ مِنْكَ صادِقةً
…
أنْ تَحْسِبَ الشَّحْمَ فيمَنْ شَحْمُه وَرَمُ
وقيل لبعض الأطباء وقد نهكتْه العلّة: ألا تتعالج؟ فقال: إذا كان الدّاءُ من السماء، بَطل
الدواء، وإذا قدَّر الربُّ بَطلَ حذرُ المَرْبوب، ونِعمَ الدواءُ الأملُ، وبئس الداءُ الأجلُ.
ومن أدْعيتهم: أغناك الله عن الطِّبِّ والأطباء، بالسَّلامة والشفاء، وجعل علَّتك تَمْحيصاً لا تنغيصاً، وتذكيراً لا تنكيراً، وأدَباً لا غضباً.