الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
كُلاًّ بَلَوْتَ فلا النَّعْماءُ تُبْطِرُني
…
ولا تَخَشَّعْتُ مِنْ لأوائِها جَزَعا
لا يَمْلؤ الهَوْلُ صَدْري قَبْلَ مَوْقِعه
…
ولا أضيقُ بهِ ذَرْعاً إذا وَقَعا
على طرق يُروى: على خلق، والفظع: مصدر فَظُع الأمرُ فَظاعة: اشتدَّ وشَنُع وجاوز المِقدار، وتُبْطِرني: تحملني على البَطَرِ، وهو: الطُّغْيانُ في النّعمة، واللأواء: الشدّة والمَشَقّةُ وضيقُ العيش، وقوله: لا يملؤ الهول. . . البيت من أحسن ما قيل في الشجاعة وقال الحطيئة من أبيات يمدح بها بعض الأجواد:
فَتًى غَيْرُ مِفراحٍ إذا الخَيْرُ مَسَّهُ
…
ومِنْ نائِباتِ الدَّهْرِ غَيْرُ جَزوعِ
وذاكَ فَتًى إنْ تاتِهِ في صَنيعةٍ
…
إلى مالِهِ لا تأتِهِ بِشَفيعِ
الصنيعة: اسم لكل ما تسديه من إحسان يد وصلة معروف
وأنشدوا:
إذا اشْتَملَتْ على اليأسِ القُلوبُ
…
وضاقَ بِما بهِ الصَّدْرُ الرَّحيبُ
وأوْطنَتِ المَكارِهُ واطْمَأنَّتْ
…
وأرْسَتْ في مَكامِنِها الخُطوبُ
ولَمْ تَرَ لانْكِشافِ الضُّرِّ وَجْهاً
…
ولا أغْنى بِحيلَتِه الأريبُ
أتاكَ على قُنوطٍ مِنْكَ غَوْثٌ
…
يَمُنُّ بهِ اللَّطيفُ المُسْتَجيبُ
وكلُّ الحادِثاتِ وإنْ تَناهَتْ
…
فَمَقْرونٌ بها الفَرَجُ القَريبُ
أبيات حكيمة
وإليك أبياتاً حكيمةً لشاعرٍ جاهِليٍّ قديمٍ يُسمَّى: الأضبط بن قُريع بن عوف بن كعب بن سعد، رهط الزِّبْرِقانِ بن بدر، وهو الذي أساء قومُه
مُجاورَته، فانتقل عنهم إلى آخرين
ففعلوا مثل ذلك، فقال: أينما أُوَجّه ألْقَ سعدا وقال: بكلِّ وادٍ بنو سعد وإليك هذه الأبياتَ:
لكلِّ ضيقٍ مِنَ الهُمومِ سَعَهْ
…
والمُسْيُ والصُّبْحُ لا فلاحَ مَعَهْ
ما بالُ مَنْ غَيُّهُ مُصيبُكَ لوْ
…
يَملِكُ شيئاً من أمْرِه وَزَعَهْ
أذودُ عنْ حَوْضِه ويَدْفَعُني
…
يا قومُ مَنْ عاذِرِي مِنَ الخُدَعَهْ
حَتَّى إذا ما انْجَلَتْ عَمايَتُهُ
…
أقْبَلَ يَلْحى وغَيُّهُ فَجَعَهْ
قدْ يَرْقَعُ الثَّوبَ غَيرُ لابِسهِ
…
ويَلْبَسُ الثَّوبَ غَيرُ مَنْ رَقَعَهْ
فاقْبَلْ مِنَ الدَّهْرِ ما أتاكَ بهِ
…
مَنَّ قرَّ عَيْناً بِعَيْشِه نَفَعَهْ
وصِلْ حِبالَ البَعيدِ إنْ وَصَلَ الْ
…
حَبْلَ وأقْصِ القَريبَ إنْ قَطَعَهْ
ولا تُهينَ الفَقيرَ عَلَّكَ أنْ
…
تَرْكَعَ يَوْماً والدَّهْرُ قدْ رَفَعَهْ
المُسْيُ: اسْمٌ من الإمساء، والصبح: اسمٌ من الإصباح، والفلاح هنا: البقاء والعيش
قال عبيد بن الأبرص:
أفْلِحْ بِما شِئْتَ فَقَدْ يُدْ
…
رَكُ بِالضَّعْفِ وقدْ يُخْدَعُ الأريبُ
يقول لا بقاء مع كرّ الليل والنهار. والفلاح أيضاً: الفوز ومنه قوله في الأذان: حيَّ على الفلاح، والغَيُّ: الخيبة والحرمان قال المرقّش الأكبر:
فَمَنْ يَلْقَ خَيراً يَحْمَدِ الناسُ أمرَه
…
ومَنْ يَغْوَ لا يَعْدَمْ عَلى الغَيِّ لائِماً
وجملة: لو يملك؛ حاليَّة، ووَزَعَه: منعه وكفّه، يقول: ما بال من تتألم لخيبته وسوء حاله فإذا وجد شيئاً من الخير كفه عنك، ويُروى هذا البيت على وجه آخر، وقوله أذود عن حوضه: هو مثل للحماية ودفع المكروه عنه، والخُدَعة: قوم من بني سعد بن زيد مناة بن تميم. . . . . .
والعَماية: الشدة التي تلتبس منها الأمور، يقال: عَمِيَ عليه الأمر: إذا التبس، وأقبل: شرع، ويلحى: يلوم، وغَيّه: ضلاله، وفجعه: أصابه بمكروه
وصل حبال البعيد. . . البيت يعني: تقرب إلى البعيد النسب إذا طلب قربك واهجر القريب النسب إذا هجرك، أخذه الأعشى فقال:
ولا تُدْنِ وصْلاً مِنْ أخٍ مُتباعِدٍ
…
ولا تَنأَ عن ذي بِغضةٍ إن تَقرّبا
فإنَّ القريبَ مَنْ يُقرِّبُ نفْسَه
…
لَعَمْرُ أبيكَ الخيرِ لا مَنْ تَنَسَّبا
وقوله ولا تهينَ الفقير الخ فالإهانة: الإيقاع في الهون (بضم الهاء) والهوان وهما بمعنى
الذل والحقارة، وعَلّ: لغة في لعل وهي هنا بمعنى عسى، والركوع أراد به الانحطاط في المرتبة والسقوط في المنزلة، ومثل هذا البيت في المعنى قول القائل:
عَسى سائِلٌ ذو حاجةٍ إنْ مَنَعْتَه
…
في اليومِ سُؤْلاً أنْ يكونَ لهُ غَدُ
وهذا البيت يستشهد به النحاة على أن نون التوكيد الخفيفة تحذف لالتقاء الساكنين والأصل تُهيننْ بالنون الخفيفة، ويروى: ولا تعاد ويروى لا تحقرن الفقير فلا شاهد فيه؛ وفي معنى هذا البيت أيضا يقول عبّاد بن عباد بن حبيب بن المهلّب:
إذا خَلَّةٌ نابَتْ صَديقَك فاغْتَنِمْ
…
مَرَمَّتَها فالدَّهْرُ بالناسِ قُلَّبُ
وبادِرْ بِمَعروفٍ إذا كنتَ قادِراً
…
زَوالَ اقْتدارٍ أو غِنىً عنكَ يُعْقِبُ
الخلة: الحاجة والفقر وفي المثل الخَلَّة تدعو إلى السَّلَّةِ السَّلَّة: السرقة ومرمَّتها: إصلاحُ ما فسدَ منها، وقلّب: كثير التقلب من حال إلى حال، وزوال: مفعول لبادر، وعنك: متعلق بزوال، ويعقب: صفة له، يقول: يأتي الزوال عقب الاقتدار والغنى ويقول تميم بن مقبل: