الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَكَذَا الْمُسْتَأْجَرُ وَنَحْوُهُ إذَا أَتْلَفَهُ ذُو الْيَدِ أَمَّا غَيْرُ الْحُرَّيْنِ الْكَامِلَيْنِ فَسَيَأْتِي حُكْمُهُمَا.
(فَرْعٌ) لَوْ (تَجَاذَبَا حَبْلًا) لَهُمَا أَوْ لِغَيْرِهِمَا (فَانْقَطَعَ وَسَقَطَا، وَمَاتَا فَعَلَى عَاقِلَةِ كُلٍّ) مِنْهُمَا (نِصْفُ دِيَةِ الْآخَرِ، وَهُدِرَ الْبَاقِي) ؛ لِأَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا مَاتَ بِفِعْلِهِ، وَفِعْلِ الْآخَرِ سَوَاءٌ أَسَقَطَا مُنْكَبَّيْنِ أَمْ مُسْتَقِلَّيْنِ أَمْ أَحَدُهُمَا كَذَا وَالْآخَرُ كَذَاك (فَإِنْ قَطَعَهُ غَيْرُهُمَا فَمَاتَا فَدِيَتُهُمَا عَلَى عَاقِلَتِهِ) ؛ لِأَنَّهُ الْقَاتِلُ لَهُمَا (وَإِنْ مَاتَ أَحَدُهُمَا بِإِرْخَاءِ الْآخَرِ) الْحَبْلَ (فَنِصْفُ دِيَتِهِ عَلَى عَاقِلَتِهِ) ، وَهُدِرَ الْبَاقِي؛ لِأَنَّهُ مَاتَ بِفِعْلِهِمَا (وَإِنْ كَانَ الْحَبْلُ لِأَحَدِهِمَا) وَالْآخَرُ ظَالِمٌ (فَالظَّالِمُ هَدَرٌ، وَعَلَى عَاقِلَتِهِ نِصْفُ دِيَةِ الْمَالِكِ وَالْمَجْنُونَانِ وَالصَّبِيَّانِ) وَالْمَجْنُونُ وَالصَّبِيُّ فِي اصْطِدَامِهِمَا (كَالْكَامِلَيْنِ) فِيهِ (إنْ رَكِبَا بِأَنْفُسِهِمَا، وَكَذَا لَوْ أَرْكَبَهُمَا الْوَلِيُّ لِمَصْلَحَتِهِمَا)، وَكَانَا مِمَّنْ يَضْبِطَانِ الْمَرْكُوبَ فَلَا ضَمَانَ عَلَى الْوَلِيِّ إذْ لَا تَقْصِيرَ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ فِي شَرْحِ الْمِنْهَاجِ: وَيُشْبِهُ أَنَّ الْوَلِيَّ مَنْ لَهُ وِلَايَةُ التَّأْدِيبِ مِنْ أَبٍ وَغَيْرِهِ خَاصٍّ وَغَيْرِهِ، وَقَالَ فِي الْخَادِمِ ظَاهِرٌ، وَكَلَامُهُمْ أَنَّهُ وَلِيُّ الْمَالِ وَاَلَّذِي يَقْتَضِيهِ كَلَامُ الشَّافِعِيِّ أَنَّهُ وَلِيُّ الْحَضَانَةِ الذَّكَرُ، وَبِهِ جَزَمَ الْبُلْقِينِيُّ (فَلَوْ أَرْكَبَهُمَا أَجْنَبِيٌّ) بِغَيْرِ إذْنِ الْوَلِيِّ، وَلَوْ لِمَصْلَحَتِهِمَا (فَعَلَى عَاقِلَتِهِ دِيَتَاهُمَا، وَعَلَيْهِ قِيمَةُ دَابَّتَيْهِمَا) لِتَعَدِّيهِ بِذَلِكَ (أَوْ) أَرْكَبَهُمَا (أَجْنَبِيَّانِ كُلٌّ وَاحِدًا فَعَلَى عَاقِلَةِ كُلٍّ) مِنْهُمَا (نِصْفُ دِيَتِهِمَا، وَعَلَى كُلٍّ مِنْهُمَا نِصْفُ قِيمَةِ الدَّابَّتَيْنِ) ؛ لِأَنَّهُ أَتْلَفَ النِّصْفَيْنِ مُتَعَدِّيًا (وَ) عَلَى كُلٍّ مِنْهُمَا ضَمَانُ (مَا أَتْلَفَتْهُ دَابَّةُ مَنْ أَرْكَبَهُ) قَالَ فِي الْأَصْلِ قَالَ فِي الْوَسِيطِ فَلَوْ تَعَمَّدَ الصَّبِيُّ وَالْحَالَةُ هَذِهِ، وَقُلْنَا عَمْدُهُ عَمْدٌ احْتَمَلَ أَنْ يُحَالَ الْهَلَاكُ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّ الْمُبَاشَرَةَ مُقَدَّمَةٌ عَلَى السَّبَبِ، وَهَذَا احْتِمَالٌ حَسَنٌ وَالِاعْتِذَارُ عَنْهُ تَكَلُّفٌ. انْتَهَى. وَقَضِيَّةُ كَلَامِ الْجُمْهُورِ أَنَّ ضَمَانَ الْمُرْكِبُ بِذَلِكَ ثَابِتٌ، وَإِنْ كَانَ الصَّبِيَّانِ مِمَّنْ يَضْبِطَانِ الْمَرْكُوبَ، وَقَضِيَّةُ نَصِّ الْأُمِّ أَنَّهُمَا إنْ كَانَا كَذَلِكَ فَهُمَا كَمَا لَوْ رَكِبَا بِأَنْفُسِهِمَا، وَبِهِ جَزَمَ الْبُلْقِينِيُّ أَخْذًا مِنْ النَّصِّ الْمُشَارِ إلَيْهِ (وَإِنْ وَقَعَ) الصَّبِيُّ (فَمَاتَ ضَمِنَهُ الْمُرْكِبُ) إنْ لَمْ يَكُنْ أَرْكَبَهُ لِغَرَضٍ مِنْ فَرُوسِيَّةٍ وَنَحْوِهَا، وَإِنْ أَرْكَبَهُ لِذَلِكَ، وَهُوَ مِمَّنْ يَسْتَمْسِكُ عَلَى الدَّابَّةِ لَمْ يَضْمَنْهُ، وَقَوْلُ الْمُتَوَلِّي لَا فَرْقَ فِيهِ بَيْنَ الْوَلِيِّ وَالْأَجْنَبِيِّ حَمَلَهُ ابْنُ الرِّفْعَةِ فِي الْأَجْنَبِيِّ عَلَى مَا إذَا أَرْكَبَهُ بِإِذْنٍ مُعْتَبَرٍ (وَإِنْ أَرْكَبَهُ الْوَلِيُّ جَمُوحًا ضَمِنَ) لِتَعَدِّيهِ.
(وَلَوْ اصْطَدَمَ حَامِلَانِ فَمَاتَتَا مَعَ الْجَنِينَيْنِ لَزِمَ كُلَّ وَاحِدَةٍ) فِي تَرِكَتِهَا (أَرْبَعُ كَفَّارَاتٍ) لِاشْتِرَاكِهِمَا فِي إهْلَاكِ أَرْبَعَةِ أَنْفُسٍ (وَعَلَى عَاقِلَةِ كُلٍّ) مِنْهُمَا (نِصْفُ دِيَةِ الْأُخْرَى) كَغَيْرِهِمَا (وَنِصْفُ الْغُرَّتَيْنِ) ؛ لِأَنَّ الْحَامِلَ إذَا جَنَتْ عَلَى نَفْسِهَا فَأَلْقَتْ جَنِينَهَا لَزِمَ عَاقِلَتَهَا الْغُرَّةُ فَلَا يُهْدَرُ مِنْهَا شَيْءٌ بِخِلَافِ الدِّيَةِ؛ لِأَنَّ الْجَنِينَ أَجْنَبِيٌّ عَنْهُمَا بِخِلَافِ أَنْفُسِهِمَا.
(وَإِنْ اصْطَدَمَ عَبْدَانِ فَمَاتَا فَهَدَرٌ) ، وَإِنْ تَفَاوَتَا قِيمَةً لِفَوَاتِ مَحَلِّ تَعَلُّقِ الْجِنَايَةِ نَعَمْ لَوْ امْتَنَعَ بَيْعُهُمَا كَأَنْ كَانَا ابْنَيْ مُسْتَوْلَدَتَيْنِ لَمْ يُهْدَرَا؛ لِأَنَّهُمَا حِينَئِذٍ كَالْمُسْتَوْلَدَتَيْنِ (أَوْ) مَاتَ (أَحَدُهُمَا فَنِصْفُ قِيمَتِهِ فِي رَقَبَةِ الْحَيِّ) ، وَإِنْ أَثَّرَ فِعْلُ الْمَيِّتِ فِي الْحَيِّ نَقَصَا تَعَلَّقَ غُرْمُهُ بِنِصْفِ قِيمَةِ الْعَبْدِ الْمُتَعَلِّقِ بِرَقَبَةِ الْحَيِّ، وَجَاءَ التَّقَاصُّ فِي ذَلِكَ الْمِقْدَارِ (أَوْ) اصْطَدَمَ (عَبْدٌ، وَحُرٌّ فَمَاتَ الْعَبْدُ فَنِصْفُ قِيمَةِ الْعَبْدِ عَلَى عَاقِلَةِ الْحُرِّ) ، وَهُدِرَ الْبَاقِي (أَوْ مَاتَ الْحُرُّ فَنِصْفُ دِيَتِهِ تَتَعَلَّقُ بِرَقَبَةِ الْعَبْدِ، وَإِنْ مَاتَا مَعًا فَنِصْفُ قِيمَةِ الْعَبْدِ عَلَى عَاقِلَةِ الْحُرِّ) وَ (يَتَعَلَّقُ بِهَا) الْأَوْلَى بِهِ (نِصْفُ دِيَةِ الْحُرِّ) ؛ لِأَنَّ الرَّقَبَةَ فَاتَتْ فَتَتَعَلَّقُ الدِّيَةُ بِبَدَلِهَا فَيَأْخُذُ السَّيِّدُ مِنْ
ــ
[حاشية الرملي الكبير]
[فَرْعٌ تَجَاذَبَا حَبْلًا فَانْقَطَعَ وَسَقَطَا وَمَاتَا]
قَوْلُهُ: فَلَا ضَمَانَ عَلَى الْوَلِيِّ إذْ لَا تَقْصِيرَ إلَخْ) يُؤْخَذُ مِنْهُ مَا بَحَثَهُ الْبُلْقِينِيُّ بِقَوْلِهِ وَيَنْبَغِي أَنْ يُضَافَ إلَى ذَلِكَ أَنْ لَا يُنْسَبَ الْوَلِيُّ إلَى تَقْصِيرٍ فِي تَرْكِ مَنْ يَكُونُ مَعَهُمَا مِمَّنْ جَرَتْ الْعَادَةُ بِإِرْسَالِهِ مَعَ الصِّبْيَانِ (قَوْلُهُ: قَالَ الزَّرْكَشِيُّ فِي شَرْحِ الْمِنْهَاجِ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ. (فَرْعٌ) فِي فَتَاوَى الْقَفَّالِ إنَّهُ لَوْ بَعَثَ صَبِيًّا بِقَمْقَمَةٍ إلَى الْحَوْضِ لِيَسْتَقِيَ مِنْهُ الْمَاءَ فَسَقَطَ فِي الْحَوْضِ نُظِرَ فَإِنْ كَانَ الصَّبِيُّ مُمَيِّزًا يَعْقِلُ وَيُمَيِّزُ وَيُسْتَعْمَلُ مِثْلُهُ فِي ذَلِكَ الْأَمْرِ لَمْ يَضْمَنْ سَوَاءٌ كَانَ الْبَاعِثُ قَيِّمًا أَوْ غَيْرَهُ، وَإِنْ كَانَ مِمَّنْ لَا يَعْقِلُ، وَلَا يُسْتَعْمَلُ فِي مِثْلِهِ ضَمِنَ (قَوْلُهُ: فَلَوْ أَرْكَبَهُمَا أَجْنَبِيٌّ إلَخْ) كَمَا لَوْ دَفَعَ لِصَبِيٍّ سِكِّينًا فَوَقَعَتْ مِنْهُ ثُمَّ وَقَعَ عَلَيْهَا فَإِنَّهُ يَضْمَنُهُ كَمَا ذَكَرَهُ ابْنُ الْحَدَّادِ وَغَيْرُهُ وَالْمُرَادُ بِالْأَجْنَبِيِّ مَنْ لَا وِلَايَةَ لَهُ عَلَيْهِمَا فَلَوْ أَرْكَبَهُمَا بِإِذْنِ وَلِيِّهِمَا كَانَ كَإِرْكَابِ وَلِيِّهِمَا (قَوْلُهُ: قَالَ فِي الْأَصْلِ، قَالَ فِي الْوَسِيطِ إلَخْ) أَشَارَ شَيْخُنَا إلَى تَضْعِيفِهِ (قَوْلُهُ: وَالِاعْتِذَارُ عَنْهُ تَكَلُّفٌ) يَعْنِي قَوْلَهُ فِي الْبَسِيطِ فِي جَوَابِهِ أَنَّهُ لَمَّا لَمْ تَكُنْ مُبَاشَرَتُهُ عُدْوَانًا لِصِبَاهُ أَمْكَنَ أَنْ تُجْعَلَ كَالتَّرَدِّي مَعَ الْحَفْرِ (قَوْلُهُ: وَقَضِيَّةُ كَلَامِ الْجُمْهُورِ أَنَّ ضَمَانَ الْمُرْكِبِ بِذَلِكَ ثَابِتٌ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ.
(تَنْبِيهٌ) سُئِلَ الْبُلْقِينِيُّ عَنْ رَجُلٍ زَارَ بِزَوْجَتِهِ أَصْهَارَهُ مِنْ بَلَدٍ إلَى بَلَدٍ فَأَرْكَبَهَا فَرَسًا، وَعَمَّرَهَا نَحْوَ خَمْسَ عَشَرَ سَنَةً، وَلَا عَادَةَ لَهَا بِرُكُوبِ الْخَيْلِ، وَأَعْطَاهَا اللِّجَامَ فَجَفَلَتْ الْفَرَسُ، وَلَهَا عَادَةٌ بِذَلِكَ، وَهُوَ يَعْلَمُ بِأَنَّهَا جُفَالَةٌ، وَهُوَ رَاكِبٌ الْحِمَارَ مَعَهَا فَسَقَطَتْ عَنْ ظَهْرِهَا وَاشْتَبَكَتْ رِجْلُهَا فِي الرِّكَابِ وَغَارَتْ الْفَرَسُ فَمَاتَتْ الْمَرْأَةُ فِي أَثْنَاءِ عَدْوِ الْفَرَسِ فَهَلْ يَلْزَمُ الَّذِي أَرْكَبَهَا الضَّمَانُ أَمْ لَا وَالْفَرَسُ الْمَذْكُورَةُ نَفَرَتْ بِصَبِيٍّ آخَرَ قَبْلَ هَذِهِ الْوَاقِعَةِ، وَلَكِنَّهُ أُخِذَ عَنْ ظَهْرِهَا فَسَلِمَ، وَإِذَا خَلَّفَتْ مَصَاغًا وَصَدَاقًا وَغَيْرَ ذَلِكَ هَلْ يَرِثُ الزَّوْجُ مِنْهُ شَيْئًا، وَإِذَا تُوُفِّيَ الزَّوْجُ، وَلَهُ تَرِكَةٌ هَلْ يُؤْخَذُ جَمِيعُ دِيَتِهَا مِنْ تَرِكَتِهِ أَمْ لَا؟ . فَأَجَابَ نَعَمْ ضَمَانُ دِيَةِ الْمَرْأَةِ الْمَذْكُورَةِ عَلَى عَاقِلَةِ الزَّوْجِ الَّذِي قَصَّرَ بِمَا ذُكِرَ، وَلَا مِيرَاثَ لَهُ مِنْ الْمَذْكُورَةِ، وَيُؤْخَذُ مِنْ تَرِكَتِهِ ذَلِكَ الْمِيرَاثُ الَّذِي كَانَ اسْتَوْلَى عَلَيْهِ فِي حَيَاتِهِ، وَعَلَيْهِ الْكَفَّارَةُ، وَقَوْلُهُ هَلْ يُؤْخَذُ جَمِيعُ دِيَتِهَا إلَخْ بِخَطِّ شَيْخِنَا - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - (قَوْلُهُ: حَمَلَهُ ابْنُ الرِّفْعَةِ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ: وَإِنْ أَرْكَبَهُ الْوَلِيُّ جَمُوحًا) أَوْ شَرِسَةً
(قَوْلُهُ: نَعَمْ لَوْ امْتَنَعَ بَيْعُهُمَا كَأَنْ كَانَا مُسْتَوْلَدَتَيْنِ) أَيْ أَوْ مَوْقُوفَيْنِ أَوْ مَنْذُورَ إعْتَاقِهِمَا وَكَتَبَ أَيْضًا لَوْ كَانَا مَغْصُوبَيْنِ لَزِمَ الْغَاصِبَ فِدَاؤُهُمَا بِالْأَقَلِّ وَاسْتَثْنَى الْبُلْقِينِيُّ أَيْضًا مَا إذَا أَوْصَى أَوْ وَقَفَ لِأَرْشِ مَا يُجَنَّبُهُ الْعَبْدُ إنْ قَالَ فَيُصْرَفُ لِسَيِّدِ كُلِّ عَبْدٍ نِصْفُ قِيمَةِ عَبْدِهِ، قَالَ: وَهَذَا، وَإِنْ لَمْ يَتَعَرَّضُوا لَهُ فِقْهُهُ وَاضِحٌ
الْعَاقِلَةِ نِصْفَ الْقِيمَةِ، وَيَدْفَعُ مِنْهُ أَوْ مِنْ غَيْرِهِ لِلْوَرَثَةِ نِصْفَ الدِّيَةِ.
(وَلِوَرَثَتِهِ) أَيْ الْحُرِّ (مُطَالَبَةُ الْعَاقِلَةِ) أَيْ عَاقِلَتِهِ بِنِصْفِ الْقِيمَةِ، وَإِنْ كَانَ مِلْكًا لِلسَّيِّدِ لِيَتَوَثَّقُوا بِهِ، نَقَلَهُ الْأَصْلُ عَنْ الْإِمَامِ وَنَقَلَ عَنْهُ أَيْضًا أَنَّهُ يَثْبُتُ لِلْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ مُطَالَبَةُ قَاتِلِ الْجَانِي بِالْقِيمَةِ فِيمَا إذَا تَعَلَّقَ أَرْشٌ بِرَقَبَةِ عَبْدٍ فَقَتَلَهُ أَجْنَبِيٌّ، وَأَنَّهُ يَثْبُتُ لِلْمُرْتَهِنِ مُطَالَبَةُ قَاتِلِ الْمَرْهُونِ بِالْقِيمَةِ لِيَتَوَثَّقَ بِهَا ثُمَّ قَالَ وَلْيَكُنْ هَذَا مَبْنِيًّا عَلَى أَنَّ الْمُرْتَهِنَ هَلْ لَهُ أَنْ يُخَاصِمَ الْجَانِيَ، وَفِيهِ خِلَافٌ سَبَقَ وَالْأَصَحُّ الْمَنْعُ. انْتَهَى. فَمَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ مَبْنِيٌّ عَلَى قَوْلِ الْإِمَامِ الْقَائِلِ بِأَنَّ لِلْمُرْتَهِنِ أَنْ يُخَاصِمَ، وَهُوَ ضَعِيفٌ (أَوْ) اصْطَدَمَ (مُسْتَوْلَدَتَانِ) لِاثْنَيْنِ فَمَاتَتَا (فَنِصْفُ قِيمَة كُلٍّ) مِنْهُمَا (عَلَى سَيِّدِ الْأُخْرَى) ؛ لِأَنَّ ضَمَانَ جِنَايَةِ الْمُسْتَوْلَدَةِ عَلَى سَيِّدِهَا كَمَا سَيَأْتِي فِي مَحَلِّهِ.
(وَيُهْدَرُ النِّصْفُ الْآخَرُ) مِنْ كُلٍّ مِنْهُمَا لِشَرِكَتِهَا الْأُخْرَى فِي قَتْلِ نَفْسِهَا (وَإِنَّمَا يَلْزَمُهُ) أَيْ كُلًّا مِنْ السَّيِّدَيْنِ (الْأَقَلُّ مِنْ أَرْشِ الْجِنَايَةِ، وَقِيمَةِ مُسْتَوْلَدَتِهِ) عَلَى الْقَاعِدَةِ فِي إتْلَافِهَا (وَيَتَقَاصَّانِ، وَيَرْجِعُ) أَحَدُهُمَا عَلَى الْآخَرِ (بِمَا زَادَ) لَهُ إنْ كَانَتْ زِيَادَةً فَلَوْ كَانَتْ قِيمَةُ إحْدَاهُمَا مِائَةً وَالْأُخْرَى مِائَتَيْنِ رَجَعَ سَيِّدُهَا عَلَى سَيِّدِ الْأُولَى بِخَمْسِينَ؛ لِأَنَّ نِصْفَ قِيمَةِ كُلٍّ مِنْهُمَا هَدَرٌ كَمَا مَرَّ وَنِصْفُهَا الْآخَرُ يَتَعَلَّقُ بِبَدَلِ الْأُخْرَى فَتَسْقُطُ خَمْسُونَ بِمِثْلِهَا فَيَفْضُلُ لِمَالِكِ النَّفِيسَةِ خَمْسُونَ (فَإِنْ) كَانَتَا حَامِلَيْنِ، وَقَدْ (مَاتَ جَنِينَاهُمَا) مَعَهُمَا (وَهُمَا رَقِيقَانِ فَعَلَى كُلٍّ) مِنْ السَّيِّدَيْنِ (مَعَ نِصْفِ الْقِيمَةِ) أَيْ قِيمَةِ مُسْتَوْلَدَةِ الْآخَرِ (نِصْفُ عُشْرِهَا) أَيْ عُشْرِ قِيمَتِهَا لِنِصْفِ جَنِينِهَا؛ لِأَنَّ الْجَنِينَ الرَّقِيقَ يُضْمَنُ بِعُشْرِ قِيمَةِ أُمِّهِ (أَوْ) ، وَهُمَا (حُرَّانِ) فَإِنْ كَانَا (مِنْ شُبْهَةٍ فَعَلَى سَيِّدِ كُلٍّ) مِنْهُمَا مَعَ نِصْفِ قِيمَةِ الْأُخْرَى (نِصْفُ غُرَّتَيْ جَنِينِهِمَا أَوْ مِنْ السَّيِّدَيْنِ فَعَلَى كُلٍّ) مِنْهُمَا مَعَ نِصْفِ قِيمَةِ الْأُخْرَى (نِصْفُ غُرَّةِ جَنِينِ الْأُخْرَى، وَيُهْدَرُ الْبَاقِي) ؛ لِأَنَّ الْمُسْتَوْلَدَةَ إذَا جَنَتْ عَلَى نَفْسِهَا، وَأَلْقَتْ جَنِينَهَا كَانَ هَدَرًا، وَيَتَقَاصَّانِ بِمِثْلِ مَا مَرَّ.
لَكِنَّ مَحَلَّهُ فِي الْغُرَّةِ عِنْدَ إعْوَازِ الرَّقِيقِ (نَعَمْ إنْ كَانَ لِأَحَدِ الْجَنِينَيْنِ) مَعَ سَيِّدِ أُمِّهِ (جَدَّةٌ) أُمُّ أُمٍّ وَارِثَةٌ، وَإِنْ عَلَتْ، وَلَا يَرِثُ مَعَهُ غَيْرُهَا (فَإِرْثُهَا فِي الْغُرَّةِ السُّدُسُ، وَقَدْ أُهْدِرَ نِصْفُهُ) أَيْ السُّدُسِ (لِأَجْلِ) عَدَمِ اسْتِحْقَاقِ (سَيِّدِ بِنْتِهَا) أَرْشَ جِنَايَتِهَا (فَيُتَمِّمُ) لَهَا السُّدُسَ (مِنْ نَصِيبِهِ) بِنِصْفِ سُدُسٍ وَالتَّصْرِيحُ بِهَذِهِ مِنْ زِيَادَتِهِ عَلَى الرَّوْضَةِ، وَمِثْلُهَا مَا لَوْ كَانَتْ إحْدَاهُمَا حَامِلًا فَقَطْ، وَكَانَ لِجَنِينِهَا جَدَّةٌ، وَهِيَ الَّتِي فِي الرَّوْضَةِ، وَلَوْ كَانَ لِكُلٍّ مِنْ الْجَنِينَيْنِ جَدَّةٌ فَلَهَا عَلَى كُلِّ سَيِّدٍ نِصْفُ سُدُسِ الْغُرَّةِ، وَيَقَعُ مَا بَقِيَ لِلسَّيِّدَيْنِ فِي التَّقَاصِّ عَلَى مَا مَرَّ، وَقَوْلُهُ مِنْ نَصِيبِهِ مِنْ تَصَرُّفِهِ، وَلَيْسَ قَيْدًا؛ لِأَنَّ كُلَّ جَدَّةٍ لَهَا عَلَى كُلِّ سَيِّدٍ نِصْفُ سُدُسِ غُرَّةٍ فِي ذِمَّتِهِ يُخْرِجُهُ مِنْ أَيِّ مَالٍ مِنْ أَمْوَالِهِ شَاءَ، وَظَاهِرٌ أَنَّ الْجَدَّةَ إنَّمَا تَسْتَحِقُّ مَا ذُكِرَ إذَا كَانَتْ قِيمَةُ كُلِّ أَمَةٍ تَحْتَمِلُ نِصْفَ غُرَّةٍ فَأَكْثَرَ؛ لِأَنَّ السَّيِّدَ لَا يَلْزَمُهُ الْفِدَاءُ إلَّا بِأَقَلَّ الْأَمْرَيْنِ كَمَا مَرَّ، وَبِمَا تَقَرَّرَ عُلِمَ حُكْمُ مَا لَوْ كَانَ أَحَدُ الْجَنِينَيْنِ مِنْ سَيِّدٍ، وَالْآخَرُ مِنْ أَجْنَبِيٍّ أَوْ كَانَ أَحَدُهُمَا رَقِيقًا وَالْآخَرُ حُرًّا.
(وَإِنْ اصْطَدَمَ سَفِينَتَانِ بِفِعْلِ صَاحِبَيْهِمَا) أَيْ مُجْرِيهمَا وَغَرِقَتَا بِمَا فِيهِمَا (وَهُمَا، وَمَا فِيهِمَا) مِلْكٌ (لَهُمَا فَكَاصْطِدَامِ الرَّاكِبَيْنِ) فِيمَا مَرَّ فَيُهْدَرُ نِصْفُ بَدَلِ كُلِّ سَفِينَةٍ وَنِصْفُ مَا فِيهَا، وَيَلْزَمُ كُلًّا مِنْهُمَا لِلْآخَرِ نِصْفُ بَدَلِ سَفِينَتِهِ وَنِصْفُ مَا فِيهَا فَإِنْ مَاتَا بِذَلِكَ لَزِمَ كُلًّا مِنْهُمَا كَفَّارَتَانِ، وَلَزِمَ عَاقِلَةَ كُلٍّ مِنْهُمَا نِصْفُ دِيَةِ الْآخَرِ، وَاسْتَثْنَى الزَّرْكَشِيُّ مِنْ التَّشْبِيهِ الْمَذْكُورِ مَا إذَا كَانَ الْمَلَّاحَانِ صَبِيَّيْنِ، وَأَقَامَهُمَا الْوَلِيُّ أَوْ أَجْنَبِيٌّ فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَا يَتَعَلَّقُ بِهِ ضَمَانٌ؛ لِأَنَّ الْوَضْعَ فِي السَّفِينَةِ لَيْسَ بِشَرْطٍ؛ وَلِأَنَّ الْعَمْدَ مِنْ الصَّبِيَّيْنِ هُنَا هُوَ الْمُهْلِكُ وَاسْتُثْنِيَ مِنْهُ أَيْضًا كَغَيْرِهِ بِالنِّسْبَةِ لِلْقِصَاصِ وَلِلدِّيَاتِ مِنْ حَيْثُ عَدَمُ تَحَمُّلِ الْعَاقِلَةِ لَهَا مَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ بِقَوْلِهِ (وَإِنْ حَمَلَا أَنْفُسًا، وَأَمْوَالًا فِي سَفِينَتَيْهِمَا وَتَعَمَّدَا كَسْرَهُمَا) الْأَوْلَى قَوْلُ الْأَصْلِ وَتَعَمَّدَ الِاصْطِدَامَ (بِمُهْلِكٍ غَالِبًا اُقْتُصَّ مِنْهُمَا لِوَاحِدٍ بِالْقُرْعَةِ، وَدِيَاتُ الْبَاقِينَ وَضَمَانُ الْأَمْوَالِ وَالْكَفَّارَاتُ) حَالَةَ كَوْنِهَا (بِعَدَدٍ مَنْ أَهْلَكَا مِنْ الْأَحْرَارِ وَالْعَبِيدِ فِي مَالِهِمَا) فَلَوْ كَانَ فِي كُلِّ سَفِينَةٍ عَشَرَةُ أَنْفُسٍ، وَمَاتُوا مَعًا أَوْ جُهِلَ
ــ
[حاشية الرملي الكبير]
(قَوْلُهُ: وَفِيهِ خِلَافٌ سَبَقَ وَالْأَصَحُّ الْمَنْعُ)، قَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ: أَمَّا الْخِلَافُ فِي مُخَاصَمَةِ الْمُرْتَهِنِ فَمَشْهُورٌ عِنْدَ غَصْبِ الْمَرْهُونِ وَادَّعَى مَنْ فِي يَدِهِ أَنَّهُ مِلْكُهُ وَيُتَخَيَّلُ فَرْقٌ بَيْنَهُ وَبَيْنَ مَا نَحْنُ فِيهِ مِنْ جِهَةِ أَنَّ مَنْ هُوَ عَلَيْهِ مُقِرٌّ بِهِ، وَأَنَّ الْحَقَّ قَدْ تَعَلَّقَ بِهِ عَلَى سَبِيلِ التَّوَثُّقِ وَلِهَذَا، قَالَ الْأَصْحَابُ إذَا أَقَرَّ الْجَانِي عَلَى الْمَرْهُونِ وَصَدَّقَهُ الْمُرْتَهِنُ دُونَ الرَّاهِنِ غَرِمَ الْمَرْهُونُ وَوُفِّيَ مِنْهُ الدَّيْنُ، وَإِنْ كَانَ مَا أَوْرَدَهُ الرَّافِعِيُّ مَوْجُودًا فِيهِ عَلَى أَنَّا نَقُولُ إذَا قُلْنَا لِغُرَمَاءِ الْمُفْلِسِ الْحَلِفُ فَحَلَفُوا ثَبَتَ الْحَقُّ ضِمْنًا إذَا لَمْ يَحْصُلْ مِنْ الْغُرَمَاءِ إبْرَاءٌ فَجَازَ أَنْ نَقُولَ هُنَا كَذَلِكَ عَلَى أَنَّهُ يَجُوزُ أَنْ يُقَالَ يَتَسَلَّمُ الْأَرْشَ الْحَاكِمُ لِأَجْلِ تَعَلُّقِ حَقِّ الْمُرْتَهِنِ بِهِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ الْمَرْهُونُ فِي يَدِهِ تَوَصُّلًا إلَى وُصُولِ الْحَقِّ لَدَيْهِ نَعَمْ وَيُتَخَيَّلُ بَيْنَ مَسْأَلَةِ الرَّهْنِ وَالْعَبْدِ الْجَانِي فَرْقٌ إنْ صَحَّ فِي مُطَالَبَةِ الْمُرْتَهِنِ خِلَافٌ، وَهُوَ أَنَّ حَقَّ الْمُرْتَهِنِ، وَإِنْ تَعَذَّرَ فِي الْوَثِيقَةِ لَمْ يَفُتْ؛ لِأَنَّهُ ثَابِتٌ فِي ذِمَّتِهِ حَتَّى يُقْبَلَ الْيَسَارُ بَعْدَ الْإِعْسَارِ، وَلَوْ بَعْدَ الْمَوْتِ، وَلَا كَذَلِكَ حَقُّ مُسْتَحِقِّ أَرْشِ الْجِنَايَةِ لَا مَحَلٌّ لِحَقِّهِ غَيْرِ الْأَرْشِ حَالًا، وَمَآلًا خُصُوصًا إذَا قُلْنَا لَا يَثْبُتُ فِي ذِمَّةِ الْعَبْدِ، وَقَدْ مَاتَ فَقَوِيَ الْحَقُّ هَاهُنَا وَتَأَكَّدَ الطَّلَبُ بِسَبَبِهَا فَانْحَطَّ الرَّهْنُ عَنْهُ فَامْتَنَعَ إلْحَاقُهُ بِهِ وَلِهَذَا الْمَعْنَى قَدَّمْنَا حَقَّ الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ عَلَى حَقِّ الْمُرْتَهِنِ تَقَدَّمَ أَوْ تَأَخَّرَ، وَهَذَا بَحْثٌ يَتَعَلَّقُ بِالْإِمَامِ م.
(قَوْلُهُ: مَلَّاحِيهِمَا)، قَالَ الْجَوْهَرِيُّ سُمِّيَ مَلَّاحًا لِمُعَالَجَتِهِ الْمَاءَ الْمِلْحَ بِإِجْرَاءِ السَّفِينَةِ عَلَيْهِ مِنْهُ (قَوْلُهُ: وَاسْتَثْنَى الزَّرْكَشِيُّ) مَا اسْتَثْنَاهُ كَالْبُلْقِينِيِّ مَمْنُوعٌ بَلْ الْخَطَرُ فِي إقَامَتِهِ مَلَّاحًا بِالسَّفِينَةِ أَشَدَّ مِنْهُ فِي إرْكَابِهِ الدَّابَّةَ (قَوْلُهُ: فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَا يَتَعَلَّقُ بِهِ ضَمَانٌ إلَخْ) مَا اسْتَظْهَرَهُ مَرْدُودٌ إذْ الضَّرَرُ الْمُتَرَتِّبُ عَلَى غَرَقِ السَّفِينَةِ أَشَدُّ مِنْ الضَّرَرِ الْحَاصِلِ مِنْ الْمَرْكُوبِ (قَوْلُ اُقْتُصَّ مِنْهُمَا لِوَاحِدٍ بِالْقُرْعَةِ) ، وَلَوْ مَاتَ أَحَدُهُمَا دُونَ الْآخَرِ اُقْتُصَّ مِنْهُ بِنَاءً عَلَى إيجَابِ الْقِصَاصِ عَلَى شَرِيكِ جَارِحِ نَفْسِهِ