الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
مَا لَمْ يُعْرَفُوا وَلِيَتَمَكَّنَ الْخَصْمُ مِنْ جَرْحِهِمْ إذَا عَرَفَهُمْ (فَلَا يَكْفِي) قَوْلُ الْفَرْعِ (أَشْهَدَنِي عَدْلٌ) أَوْ نَحْوُهُ لِأَنَّ الْحَاكِمَ قَدْ يَعْرِفُ جَرْحَهُ لَوْ سَمَّاهُ وَلِأَنَّهُ يَسُدُّ بَابَ الْجَرْحِ عَلَى الْخَصْمِ (وَلِفَرْعٍ تَزْكِيَةُ أَصْلٍ) لَهُ لِأَنَّهُ غَيْرُ مُتَّهَمٍ فِيهَا (لَا) تَزْكِيَةُ (أَحَدِ الشَّاهِدَيْنِ الْآخَرَ) لِأَنَّهَا مِنْ تَتِمَّةِ شَهَادَتِهِ هُنَا وَالْمُزَكِّي قَائِمٌ بِأَحَدِ شَطْرَيْ الشَّهَادَةِ فَلَا يَصِحُّ قِيَامُهُ بِالثَّانِي وَبِمَا قَالَهُ عُلِمَ أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ فِي شَهَادَةِ الْفَرْعِ تَزْكِيَةُ الْأَصْلِ بَلْ لَهُ إطْلَاقُهَا ثُمَّ الْقَاضِي يَبْحَثُ عَنْ عَدَالَتِهِ وَأَنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ أَنْ يَتَعَرَّضَ فِي شَهَادَتِهِ لِصِدْقِ أَصْلِهِ لِأَنَّهُ لَا يَعْرِفُهُ بِخِلَافِ مَا إذَا حَلَفَ الْمُدَّعِي مَعَ شَاهِدِهِ حَيْثُ يَتَعَرَّضُ لِصِدْقِهِ لِأَنَّهُ يَعْرِفُهُ وَبِذَلِكَ صَرَّحَ الْأَصْلُ (فَرْعٌ) لَوْ اجْتَمَعَ أَصْلٌ وَفَرْعَا أَصْلٍ آخَرَ قُدِّمَ عَلَيْهِمَا فِي الشَّهَادَةِ كَمَا لَوْ كَانَ مَعَهُ مَاءٌ لَا يَكْفِيه يَسْتَعْمِلُهُ ثُمَّ يَتَيَمَّمُ قَالَهُ صَاحِبُ الِاسْتِقْصَاءِ
(الْبَابُ السَّادِسُ فِي الرُّجُوعِ) عَنْ الشَّهَادَةِ
(فَإِنْ رَجَعُوا) أَيْ الشُّهُودُ (عَنْ الشَّهَادَةِ) قَبْلَ الْحُكْمِ بِهَا (لَمْ يُحْكَمْ بِهَا وَإِنْ أَعَادُوهَا) سَوَاءٌ أَكَانَتْ فِي عُقُوبَةٍ أَمْ غَيْرِهَا لِأَنَّ الْحَاكِمَ لَا يَدْرِي أَصَدَقُوا فِي الْأَوَّلِ أَوْ فِي الثَّانِي فَيَنْتَفِي ظَنُّ الصِّدْقِ (وَلَا يُفَسَّقُونَ) بِرُجُوعِهِمْ (إلَّا أَنْ قَالُوا تَعَمَّدْنَا) شَهَادَةَ الزُّورِ فَيُفَسَّقُونَ
(وَلَوْ رَجَعُوا) عَنْ شَهَادَتِهِمْ (فِي زِنًا حُدُّوا) حَدَّ الْقَاذِفِ وَإِنْ قَالُوا غَلِطْنَا لِمَا فِيهِ مِنْ التَّعْبِيرِ وَكَانَ حَقُّهُمْ التَّثَبُّتَ وَكَمَا لَوْ رَجَعُوا عَنْهَا بَعْدَ الْحُكْمِ (وَرُدَّتْ شَهَادَتُهُمْ) وَإِنْ أَعَادُوهَا لِمَا مَرَّ (فَإِنْ قَالُوا) لِلْحَاكِمِ بَعْدَ شَهَادَتِهِمْ (تَوَقَّفْ) عَنْ الْحُكْمِ (ثُمَّ قَالُوا) لَهُ (اُحْكُمْ) فَنَحْنُ عَلَى شَهَادَتِنَا (حَكَمَ) لِأَنَّهُ لَمْ يَتَحَقَّقْ رُجُوعُهُمْ وَلَا بَطَلَتْ أَهْلِيَّتُهُمْ وَإِنْ عَرَضَ شَكٌّ فَقَدْ زَالَ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَيُشْبِهُ أَنْ يُقَالَ يُرْجَعُ فِي ذَلِكَ إلَى اجْتِهَادِ الْقَاضِي فَإِنْ لَمْ يَبْقَ عِنْدَهُ رِيبَةٌ حَكَمَ وَإِنْ دَامَتْ أَوْ دَلَّتْ قَرِينَةٌ عَلَى تَسَاهُلٍ فَلَا قَالَ الْبُلْقِينِيُّ وَيَنْبَغِي أَنْ يَسْأَلَهُمْ عَنْ سَبَبِ التَّوَقُّفِ هَلْ هُوَ لِشَكٍّ طَرَأَ أَمْ لِأَمْرٍ ظَهَرَ لَهُمْ فَإِنْ قَالُوا لِشَكٍّ طَرَأَ قَالَ لَهُمْ بَيِّنُوهُ فَإِنْ ظَهَرَ مَا لَا يُؤَثِّرُ عِنْدَ الْحَاكِمِ لَمْ يَمْنَعْهُ مِنْ الْحُكْمِ (بِلَا إعَادَةِ شَهَادَةٍ) مِنْهُمْ لِأَنَّهَا صَدَرَتْ مِنْ أَهْلٍ جَازِمٍ وَالتَّوَقُّفُ الطَّارِئُ قَدْ زَالَ
(وَإِنْ رَجَعُوا) عَمَّا شَهِدُوا بِهِ (بَعْدَ الْحُكْمِ وَهُوَ بِمَالٍ أَوْ عَقْدٍ وَلَوْ نِكَاحًا نَفَذَ الْحُكْمُ) بِهِ وَاسْتَوْفَى إنْ لَمْ يَكُنْ اسْتَوْفَى إذْ لَيْسَ هُوَ مِمَّا يَسْقُطُ بِالشُّبْهَةِ حَتَّى يَتَأَثَّرَ بِالرُّجُوعِ (أَوْ بِعُقُوبَةٍ وَلَوْ لِآدَمِيٍّ لَمْ يَسْتَوْفِ) لِتَأَثُّرِهَا بِالشُّبْهَةِ وَوُجُوبِ الِاحْتِيَاطِ فِيهَا (وَإِنْ رَجَعُوا بَعْدَ الِاسْتِيفَاءِ فِي قَتْلٍ أَوْ رَجْمٍ أَوْ جَلْدٍ مَاتَ مِنْهُ أَوْ قَطْعٍ بِجِنَايَةٍ أَوْ سَرِقَةٍ وَقَالُوا تَعَمَّدْنَا اُقْتُصَّ مِنْهُمْ مُمَاثَلَةً) أَوْ أُخِذَتْ مِنْهُمْ الدِّيَةُ الْمُغَلَّظَةُ مُوَزَّعَةً عَلَى عَدَدِ رُءُوسِهِمْ كَمَا مَرَّ فِي الْجِنَايَاتِ وَلَا يَضُرُّ فِي اعْتِبَارِ الْمُمَاثَلَةِ عَدَمُ مَعْرِفَةِ مَحَلِّ الْجِنَايَةِ مِنْ الْمَرْجُومِ وَلَا قَدْرِ الْحَجْرِ وَعَدَدِهِ قَالَ الْقَاضِي لِأَنَّ ذَلِكَ تَفَاوُتٌ يَسِيرٌ لَا عِبْرَةَ بِهِ وَخَالَفَ فِي الْمُهِمَّاتِ فَقَالَ يَتَعَيَّنُ السَّيْفُ لِتَعَذُّرِ الْمُمَاثَلَةِ وَيُخَالِفُ مَا تَقَرَّرَ مَا لَوْ رَجَعَ الرَّاوِي عَنْ رِوَايَةِ خَبَرٍ يُوجِبُ الْقَوَدَ فَإِنَّهُ لَا قِصَاصَ فِيهِ وَلَا دِيَةَ لِأَنَّ الرِّوَايَةَ لَا تَخْتَصُّ بِالْوَاقِعَةِ فَلَمْ يَقْصِدْ الرَّاوِي الْقَتْلَ.
(وَقُدِّمَ حَدُّ قَذْفٍ) لَزِمَهُمْ عَلَى قَتْلِهِمْ لِيَتَأَتَّى الْجَمْعُ بَيْنَهُمَا (أَوْ) قَالُوا (أَخْطَأْنَا) فِي شَهَادَتِنَا (فَدِيَةٌ مُخَفَّفَةٌ مُوَزَّعَةٌ عَلَى عَدَدِ رُءُوسِهِمْ) فَتَكُونُ فِي مَالِهِمْ (لَا عَلَى عَاقِلَةٍ كَذَّبَتْ) لِأَنَّ إقْرَارَهُمْ لَا يَلْزَمُ الْعَاقِلَةَ مَا لَمْ تُصَدِّقْهُمْ وَأَفَادَ كَلَامُهُ أَنَّهَا تَلْزَمُ الْعَاقِلَةَ مَعَ سُكُوتِهَا وَكَلَامُ الْأَصْلِ فِي هَذَا مُتَدَافِعٌ لَكِنَّ ظَاهِرَ كَلَامِ كَثِيرٍ عَدَمُ اللُّزُومِ فِيهِ (وَلَا يَمِينَ عَلَيْهَا) لَوْ ادَّعَوْا أَنَّهَا تَعْرِفُ خَطَأَهُمْ وَأَنَّ عَلَيْهِمْ الدِّيَةَ وَأَنْكَرَتْ ذَلِكَ نَقَلَهُ الْأَصْلُ عَنْ ابْنِ الْقَطَّانِ ثُمَّ نُقِلَ عَنْ ابْنِ كَجٍّ احْتِمَالُ أَنَّ لَهُمْ تَحْلِيفَهَا لِأَنَّهُمْ لَوْ أَقَرُّوا لَغَرِمُوا.
قَالَ الْإِسْنَوِيُّ قَدْ جَزَمَ الرَّافِعِيُّ فِي بَابِ الْعَاقِلَةِ بِأَنَّ الْجَانِيَ إذَا
ــ
[حاشية الرملي الكبير]
يَسْتَعْمِلُهُ أَوَّلًا ثُمَّ يَتَيَمَّمُ كَمَا قَالَهُ صَاحِبُ الِاسْتِقْصَاءِ وَهُوَ الرَّاجِحُ وَسَيَأْتِي فِي الشَّرْحِ وَلَوْ شَهِدَ عَلَى شَهَادَةِ آخَرَ أَنَّ الْأَرْضَ الَّتِي حُدُودُهَا كَذَا لِفُلَانٍ وَلَمْ يَعْرِفْ شَاهِدُ الْفَرْعِ عَيْنَ الْأَرْضِ وَهِيَ مَعْلُومَةٌ عِنْدَ شَاهِدِ الْأَصْلِ قَالَ الرُّويَانِيُّ يُحْتَمَلُ أَنْ يُقَالَ تَصِحُّ لِأَنَّهُ نَاقِلٌ لِلشَّهَادَةِ غَيْرُ مُبْتَدِئٍ لَهَا كَمَا أَنَّ النَّاقِلَ لِلْخَبَرِ عَنْ الصَّحَابِيِّ لَا تُعْتَبَرُ شَهَادَتُهُ لِلنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَإِنْ اُعْتُبِرَ ذَلِكَ فِي الْمَنْقُولِ عَنْهُ
[الْبَابُ السَّادِسُ فِي الرُّجُوعِ عَنْ الشَّهَادَةِ]
(الْبَابُ السَّادِسُ فِي الرُّجُوعِ)(قَوْلُهُ رَجَعُوا عَنْ الشَّهَادَةِ) كَقَوْلِهِمْ رَجَعْنَا عَنْهَا أَوْ أَبْطَلْنَاهَا أَوْ فَسَخْنَاهَا أَوْ رَدَدْنَاهَا أَوْ هِيَ بَاطِلَةٌ وَفِي مَعْنَى الرُّجُوعِ طُرُوُّ مَا يَمْنَعُ مِنْ قَبُولِ الشَّهَادَةِ وَكَتَبَ هَلْ يَلْتَحِقُ بِالرُّجُوعِ مَا لَوْ تَضَمَّنَتْ الشَّهَادَةُ ذَلِكَ كَمَا لَوْ شَهِدَ أَنَّ زَيْدًا وَكَّلَ عَمْرًا فِي كَذَا وَلَكِنْ نَعْلَمُ رُجُوعَهُ فِي وَكَالَتِهِ قَالَ الصَّيْمَرِيُّ وَفِيهِ جَوَابَانِ أَحَدُهُمَا لَا يَسْمَعُ هَذِهِ الشَّهَادَةَ وَالثَّانِي يَسْمَعُهَا بِالْوَكَالَةِ فَإِنْ ادَّعَى مُدَّعٍ الرُّجُوعَ حِينَئِذٍ تُسْمَعُ شَهَادَتُهُمْ حَكَاهُ فِي الْبَحْرِ قُبَيْلَ بَابِ الشَّهَادَةِ عَلَى الْوَصِيَّةِ وَصَرِيحُ الرُّجُوعِ رَجَعْت عَنْ شَهَادَتِي وَلَوْ قَالَ أَبْطَلْت شَهَادَتِي أَوْ فَسَخْتهَا أَوْ رَدَدْتهَا فَهَلْ يَكُونُ رُجُوعًا فِيهِ وَجْهَانِ فِي رَوْضَةِ شُرَيْحٍ قَالَ وَلَوْ قَالَ شَهَادَتِي بَاطِلَةٌ كَانَ رُجُوعًا وَمَا ذَكَرَهُ قَبْلَ الْحُكْمِ ظَاهِرٌ فِيمَا يَتَوَقَّفُ بَعْدَ الْأَدَاءِ عَلَى الْحُكْمِ فَأَمَّا مَا يَثْبُتُ وَإِنْ لَمْ يُحْكَمْ فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ كَمَا بَعْدَ الْحُكْمِ. اهـ. وَأَرْجَحُ الْوَجْهَيْنِ أَنَّهُ رُجُوعٌ (قَوْلُهُ قَبْلَ الْحُكْمِ بِهَا) قَالَ النَّاشِرِيُّ هَلْ الرُّجُوعُ مَعَهُ كَذَلِكَ أَمْ لَا يُنْظَرُ فِي ذَلِكَ
(قَوْلُهُ قَالَ الْبُلْقِينِيُّ) أَيْ وَغَيْرُهُ
(قَوْلُهُ أَوْ عَقْدٍ) أَيْ أَوْ فَسْخٍ (قَوْلُهُ وَجَلْدٍ) أَيْ وَمَاتَ مِنْ الْجَلْدِ كَمَا قَيَّدَهُ الْمُحَرَّرُ وَغَيْرُهُ وَهُوَ مَعْنَى قَوْلِ الْمُصَنِّفِ مَاتَ مِنْهُ قَالَ الْبُلْقِينِيُّ لَا يَأْتِي فِي الْجَلْدِ مَا ذَكَرَهُ مِنْ الْحُكْمِ فَإِنْ جُلِدَ الْحَدَّ لَا يُقْتَلُ غَالِبًا فَلَا قِصَاصَ وَلَا تُغَلَّظُ الدِّيَةُ تَغَلَّظَ الْعَمْدِ الْمَحْضِ فَإِنْ خَرَجَ الْجَلْدُ عَنْ الْحَدِّ حَتَّى صَارَ يَقْتُلُ غَالِبًا فَقَدْ خَرَجَ عَنْ الْمَقْصُودِ قَالَ وَلَمْ يَذْكُرْ مَا إذَا لَمْ يَمُتْ مِنْ الْجَلْدِ وَحُكْمُهُ أَنَّهُمْ يُعَزَّرُونَ وَإِنْ حَصَلَ أَثَرٌ يَقْتَضِي الْحُكُومَةَ وَجَبَتْ وَلَمْ أَرَ مَنْ تَعَرَّضَ لَهُ مِنْ الْأَصْحَابِ وَفِي نَصِّ الْمُخْتَصَرِ مَا يَقْتَضِيهِ حَيْثُ قَالَ وَمَا لَمْ يَكُنْ مِنْ ذَلِكَ فِيهِ قِصَاصٌ أَغْرَمُوهُ وَعَزَّرُوا اهـ صُورَةُ الْمَسْأَلَةِ فِيمَنْ يَقْتُلُهُ ذَلِكَ الْجَلْدُ غَالِبًا (قَوْلُهُ وَأَفَادَ كَلَامُهُ أَنَّهَا تَلْزَمُ الْعَاقِلَةَ مَعَ سُكُوتِهَا) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ قَالَ الْإِسْنَوِيُّ قَدْ جَزَمَ الرَّافِعِيُّ فِي بَابِ الْعَاقِلَةِ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ وَكَتَبَ عَلَيْهِ قَدْ جَزَمَ بِهِ الْمُصَنِّفُ ثُمَّ
اعْتَرَفَ بِالْخَطَأِ وَكَذَّبَتْهُ الْعَاقِلَةُ فَلَهُ تَحْلِيفُهُمْ عَلَى نَفْيِ الْعِلْمِ فَيَكُونُ الصَّحِيحُ خِلَافَ مَا قَالَهُ ابْنُ الْقَطَّانِ فَإِنَّ الشَّاهِدَ فَرْدٌ مِنْ أَفْرَادِ مَا دَخَلَ ثَمَّ فِي كَلَامِهِ انْتَهَى عَلَى أَنَّ ابْنَ الْقَطَّانِ لَمْ يَجْزِمْ بِذَلِكَ بَلْ حَكَى وَجْهَيْنِ كَمَا حَكَاهُ الْأَذْرَعِيُّ وَغَيْرُهُ عَنْ حِكَايَةِ الدَّارِمِيِّ عَنْهُ قَالَ الْإِمَامُ وَقَدْ يَرَى الْقَاضِي فِيمَا إذَا قَالُوا أَخْطَأْنَا تَعْزِيرَهُمْ لِتَرْكِهِمْ التَّحَفُّظَ نَقَلَهُ عَنْهُ الْأَصْلُ وَأَقَرَّهُ وَحَذَفَهُ الْمُصَنِّفُ لِقَوْلِ الْإِسْنَوِيِّ الْمَعْرُوفِ عَدَمِ التَّعْزِيرِ فَقَدْ جَزَمَ بِهِ الْقَفَّالُ وَالْقَاضِي أَبُو الطِّيبِ وَالْبَنْدَنِيجِيّ وَابْنُ الصَّبَّاغِ وَالْبَغَوِيُّ وَالرُّويَانِيُّ وَالْقَاضِي مُجَلِّي لَكِنْ جَمَعَ الْأَذْرَعِيُّ بَيْنَ الْكَلَامَيْنِ بِأَنَّ هَؤُلَاءِ أَرَادُوا أَنَّهُ لَا يَتَحَتَّمُ التَّعْزِيرُ بَلْ هُوَ رَاجِعٌ إلَى رَأْيِ الْحَاكِمِ كَمَا قَالَ الْإِمَامُ (وَرُجُوعُ الْقَاضِي وَحْدَهُ كَرُجُوعِهِمْ) فَإِنْ قَالَ تَعَمَّدْت الْحُكْمَ بِشَهَادَةِ الزُّورِ لَزِمَهُ الْقِصَاصُ أَوْ الدِّيَةُ الْمُغَلَّظَةُ أَوْ أَخْطَأْت فَدِيَةٌ مُخَفَّفَةٌ عَلَيْهِ لَا عَلَى عَاقِلَةٍ كَذَّبَتْهُ
(فَإِنْ رَجَعُوا) أَيْ الْقَاضِي وَالشُّهُودُ (مَعًا فَالْقِصَاصُ عَلَى الْجَمِيعِ) إنْ قَالُوا تَعَمَّدْنَا (وَالدِّيَةُ) عَلَيْهِمْ (مُنَاصَفَةً) لِاعْتِرَافِهِمْ بِسَبَبِ قَتْلِهِ عَمْدًا عُدْوَانًا قَالَ فِي الْأَصْلِ كَذَا نَقَلَهُ الْبَغَوِيّ وَغَيْرُهُ وَقِيَاسُهُ أَنْ لَا يَجِبَ كَمَالُ الدِّيَةِ عِنْدَ رُجُوعِهِ وَحْدَهُ كَمَا لَوْ رَجَعَ بَعْضُ الشُّهُودِ انْتَهَى وَرُدَّ الْقِيَاسُ بِأَنَّ الْقَاضِيَ قَدْ يَسْتَقِلُّ بِالْمُبَاشَرَةِ فِيمَا إذَا قَضَى بِعِلْمِهِ بِخِلَافِ الشُّهُودِ وَيُرَدُّ أَيْضًا بِأَنَّهُ يَقْتَضِي أَنَّهُ لَا يَجِبُ كَمَالُ الدِّيَةِ عِنْدَ رُجُوعِ الشُّهُودِ وَحْدَهُمْ مَعَ أَنَّهُ لَيْسَ كَذَلِكَ (وَإِنْ رَجَعَ الْوَلِيُّ) لِلدَّمِ وَلَوْ (مَعَهُمْ فَعَلَيْهِ دُونَهُمْ) الْقِصَاصُ أَوْ الدِّيَةُ لِأَنَّ الْمُبَاشِرَ وَهُمْ مَعَهُ كَالْمُمْسِكِ مَعَ الْقَاتِلِ (أَوْ) رَجَعَ (الْمُزَكِّي) لِلشُّهُودِ وَلَوْ قَبْلَ شَهَادَتِهِمْ (لَزِمَهُ الْقِصَاصُ أَوْ الدِّيَةُ) لِأَنَّهُ بِالتَّزْكِيَةِ أَلْجَأَ الْقَاضِيَ إلَى الْحُكْمِ الْمُفْضِي إلَى الْقَتْلِ وَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ قَوْلِهِ عَلِمْت كَذِبَهُمْ وَقَوْلِهِ عَلِمْت فِسْقَهُمْ وَبِهِ صَرَّحَ الْإِمَامُ وَقَالَ الْقَفَّالُ مَحِلُّهُ إذَا قَالَ عَلِمْت كَذِبَهُمْ فَإِنْ قَالَ عَلِمْت فِسْقَهُمْ لَمْ يَلْزَمْهُ شَيْءٌ لِأَنَّهُمْ قَدْ يُصَدَّقُونَ مَعَ فِسْقِهِمْ (وَلَوْ قَالَ كُلُّ وَاحِدٍ) مِنْ شَاهِدَيْنِ (تَعَمَّدْت وَأَخْطَأَ صَاحِبِي فَلَا قِصَاصَ) لِانْتِفَاءِ تَمَحَّضَ الْعَمْدِ لِعِدْوَانٍ فِي حَقِّ كُلٍّ مِنْهُمَا بِإِقْرَارِهِ بَلْ يَلْزَمُهُمَا دِيَةٌ مُغَلَّظَةٌ (أَوْ قَالَ أَحَدُهُمَا تَعَمَّدْت وَصَاحِبِي أَخْطَأَ أَوْ) قَالَ تَعَمَّدْت (وَلَا أَدْرِي أَتَعَمَّدَ صَاحِبِي أَمْ لَا وَهُوَ مَيِّتٌ أَوْ غَائِبٌ) لَا يُمْكِنُ مُرَاجَعَتُهُ أَوْ اقْتَصَرَ عَلَى تَعَمَّدْت وَقَالَ صَاحِبُهُ أَخْطَأْت (فَلَا قِصَاصَ) لِمَا مَرَّ
ــ
[حاشية الرملي الكبير]
قَوْلُهُ لِقَوْلِ الْإِسْنَوِيِّ الْمَعْرُوفِ عَدَمَ التَّعْزِيرِ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ وَكَتَبَ عَلَيْهِ لِأَنَّ الْخَطَأَ جَائِزٌ عَلَيْهِمْ
(قَوْلُهُ فَالْقِصَاصُ عَلَى الْجَمِيعِ) قَالَ الْبُلْقِينِيُّ هَذَا مُخَالِفٌ لِمَا ذَكَرَهُ فِي الْوَلِيِّ وَالشُّهُودِ مِنْ أَنَّهُمْ إذَا رَجَعُوا اخْتَصَّ الْقِصَاصُ بِالْوَلِيِّ لِأَنَّهُ مُسْتَقِلٌّ كَالْوَالِي فَإِنَّهُ يُمْكِنُهُ أَنْ لَا يَحْكُمَ وَلَا يُقَالُ هُوَ مَلْجَأٌ لِأَنَّ رُجُوعَهُ وَاعْتِرَافَهُ بِالتَّعَمُّدِ يَمْنَعُ مِنْ ذَلِكَ فَالْأَصَحُّ أَنَّهُ يَخْتَصُّ الْقِصَاصُ بِالْقَاضِي كَمَا يَخْتَصُّ بِالْوَلِيِّ اهـ الْفَرْقُ بَيْنَهُمَا وَاضِحٌ
(قَوْلُهُ وَقِيَاسُهُ أَنْ لَا يَجِبَ كَمَالُ الدِّيَةِ عِنْدَ رُجُوعِهِ وَحْدَهُ إلَخْ) أَجَابَ عَنْهُ الْبُلْقِينِيُّ بِأَنَّ الْقَتْلَ حَصَلَ بِجِهَةِ الشَّهَادَةِ وَهِيَ الْحَامِلَةُ بِشَهَادَتِهَا عَلَى الْقَتْلِ وَبِجِهَةِ الْحُكْمِ وَهِيَ الْفَاعِلَةُ لِلْقَتْلِ وَلِكُلٍّ مِنْهُمَا نَوْعُ اسْتِقْلَالٍ وَنَوْعُ مُشَارَكَةٍ فَإِذَا اخْتَصَّتْ إحْدَى الْجِهَتَيْنِ بِالرُّجُوعِ لَزِمَهَا الْقِصَاصُ أَوْ الدِّيَةُ الْمُغَلَّظَةُ نَظَرًا إلَى اسْتِقْلَالِهَا فِي جِهَتِهَا وَلِهَذَا نَقُولُ فِي الشُّهُودِ إذَا رَجَعُوا: إنَّهُ يَلْزَمُهُمْ الْقِصَاصُ عِنْدَ التَّعَمُّدِ أَوْ الدِّيَةُ الْمُغَلَّظَةُ وَلَمْ يَنْظُرُوا إلَى جِهَةِ الْحُكْمِ حَتَّى تُوجِبَ عَلَى الشُّهُودِ نِصْفَ الدِّيَةِ نَظَرًا إلَى اسْتِقْلَالِهِمْ فِي جِهَةِ الشَّهَادَةِ فَكَذَلِكَ الْقَاضِي إذَا رَجَعَ وَحْدَهُ وَجَبَ عَلَيْهِ كُلُّ الدِّيَةِ نَظَرًا إلَى اسْتِقْلَالِ جِهَةِ الْحُكْمِ كَاسْتِقْلَالِ جِهَةِ الشَّهَادَةِ فَإِذَا رَجَعَتْ الْجِهَتَانِ فَلَا تَرْجِيحَ وَتَثْبُتُ الْمُشَارَكَةُ وَفِي قَاتِلِي أَبِي جَهْلٍ «قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم كِلَاكُمَا قَتَلَهُ» وَخَصَّ بِالسَّلْبِ مَنْ وَجَدَ لَهُ مُرَجِّحًا كَذَلِكَ هُنَا يَخُصُّ الضَّمَانُ مَنْ وُجِدَ مِنْهُ الرُّجُوعُ وَيُجْمَعُ بَيْنَهُمَا إذَا رَجَعَا قَالَ وَفِي الْمَطْلَبِ أَنَّ الْأَصْحَابَ وَجَّهُوا الْقَوْلَ بِوُجُوبِ الْغُرْمِ عَلَى الْقَاضِي وَالشُّهُودِ عِنْدَ رُجُوعِهِمْ بِأَنَّهُمْ بِمَنْزِلَةِ الْقَاتِلِينَ وَذَلِكَ يَقْتَضِي عِنْدَ الِانْفِرَادِ الْقَطْعَ بِإِيجَابِ الْجَمِيعِ لِأَنَّ أَحَدَ الْقَاتِلَيْنِ لَوْ انْفَرَدَ لَغَرِمَ الْجَمِيعُ وَفَارَقَ رُجُوعَ أَحَدِ الشُّهُودِ فَإِنَّهُمْ بِجُمْلَتِهِمْ كَالْقَاتِلِ الْوَاحِدِ إذْ لَا يَنْفَرِدُ أَحَدُهُمْ بِالْقَتْلِ وَهَذَا كَلَامٌ عَجِيبٌ فَإِنَّا إذَا نَزَّلْنَاهُمَا مَنْزِلَةَ الْقَاتِلِينَ فَكَانَ يَنْبَغِي تَوْزِيعُ الدِّيَةِ فِي حَالَةِ الِانْفِرَادِ وَحَالَةِ الِاجْتِمَاعِ وَأَمَّا فَرْضُ انْفِرَادِ أَحَدِ الْقَاتِلِينَ فَإِنَّهُ لَا يَأْتِي هُنَا لِأَنَّ الْوَاقِعَ أَنَّ الْقَتْلَ وُجِدَ مِنْ الْكُلِّ فَلَا يُفْرَضُ خِلَافُهُ اهـ.
وَقَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ يَلْزَمُ عَلَى مَا قَالَهُ الرَّافِعِيُّ أَنَّهُ لَا يَجِبُ عَلَى الشُّهُودِ إذَا انْفَرَدُوا بِالرُّجُوعِ سِوَى النِّصْفِ بَلْ لَا يُطَالَبُونَ بِشَيْءٍ بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْكُلَّ إذَا رَجَعُوا يَخْتَصُّ الْغُرْمُ بِالْوَلِيِّ وَأَنْ لَا يُطَالِبَ الْقَاضِي بِشَيْءٍ عِنْدَ انْفِرَادِهِ بِنَاءً عَلَى أَنَّ النِّصَابَ إذَا بَقِيَ بَعْدَ الرُّجُوعِ لَا يَغْرَمُ الرَّاجِعُ شَيْئًا بَلْ الْوَاجِبُ أَنَّهُمْ كَالشَّرِيكَيْنِ وَلَوْ انْفَرَدَ أَحَدُهُمَا اخْتَصَّ بِالْغُرْمِ وَلَا كَذَلِكَ الشُّهُودُ فَإِنَّهُمْ كَالْقَاتِلِ الْوَاحِدِ (قَوْلُهُ وَإِنْ رَجَعَ الْوَلِيُّ لِلدَّمِ وَلَوْ مَعَهُمْ فَعَلَيْهِ دُونَهُمْ) قَالَ الْبُلْقِينِيُّ مَحِلُّهُ فِي غَيْرِ قَطْعِ الطَّرِيقِ أَمَّا فِيهِ فَلَا أَثَرَ لِرُجُوعِ الْوَلِيِّ وَحْدَهُ لِأَنَّ الْقَتْلَ لَا يَتَوَقَّفُ عَلَى طَلَبِهِ وَلَا يَسْقُطُ بِعَفْوِهِ وَصَدَّرَ الْإِمَامُ وَالْغَزَالِيُّ الْمَسْأَلَةَ بِمَا إذَا بَاشَرَ الْوَلِيُّ الْقَتْلَ وَظَاهِرُهُ أَنَّهُ لَوْ أَنَابَ فِيهِ غَيْرَهُ لَا يَكُونُ الْحُكْمُ كَذَلِكَ قَالَ فِي الْمَطْلَبِ وَحِينَئِذٍ فَالظَّاهِرُ تَخْرِيجُهُ عَلَى الْإِكْرَاهِ الْعَادِي كَتَقْدِيمِهِ الطَّعَامَ فَإِنْ قُلْنَا إنَّهُ إكْرَاهٌ كَانَ كَالْمَسْأَلَةِ قَبْلَهَا وَإِلَّا فَقَدْ شَابَهَ حَالُهُ مَعَ الشُّهُودِ مَعَ الْقَاضِي إذَا رَجَعُوا دُونَ الْوَلِيِّ لِأَنَّ الْقَتْلَ مُسْتَنِدٌ لِقَوْلِ الْجَمِيعِ مَعَ أَنَّهُ لَا إكْرَاهَ فِيهِ فَيَجِبُ الْقَطْعُ بِإِيجَابِهِ الْقِصَاصَ عَلَى الْجَمِيعِ. اهـ. تَصْوِيرُ الْإِمَامِ وَالْغَزَالِيِّ لِلْمَسْأَلَةِ جَرَى عَلَى الْغَالِبِ (قَوْلُهُ أَوْ رَجَعَ الْمُزَكِّي لِلشُّهُودِ إلَخْ) وَصُورَةُ الْمَسْأَلَةِ أَنْ يَكُونَ عَالِمًا بِشَهَادَةِ الشُّهُودِ بِالْقَتْلِ.
(تَنْبِيهٌ) لَوْ رَوَى خَبَرًا فِي وَاقِعَةِ قِصَاصٍ لَا يَرَاهُ الْحَاكِمُ فَاقْتَصَّ ثُمَّ رَجَعَ وَقَالَ تَعَمَّدْت فَعَنْ الْقَفَّالِ وَغَيْرِهِ فِي آخِرِ الْأَقْضِيَةِ الْمَنْعُ بِخِلَافِ الشَّهَادَةِ لِأَنَّ الرِّوَايَةَ لَا تَخْتَصُّ بِالْوَاقِعَةِ وَفِي فَتَاوَى الْبَغَوِيّ يَنْبَغِي أَنْ يَجِبَ الْقَوَدُ كَالشَّاهِدِ إذَا رَجَعَ وَقَوْلُهُ فَعَنْ الْقَفَّالِ وَغَيْرِهِ إلَخْ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ وَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ قَوْلِهِ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ
وَقِسْطُ الْمُتَعَمِّدِ مِنْ الدِّيَةِ مُغَلَّظٌ وَقِسْطُ الْمُخْطِئِ مِنْهَا مُخَفَّفٌ أَوْ قَالَ تَعَمَّدْت وَتَعَمَّدَ صَاحِبِي وَهُوَ غَائِبٌ (أَوْ مَيِّتٌ اُقْتُصَّ مِنْهُ أَوْ) قَالَ (كُلٌّ) مِنْهُمَا (تَعَمَّدْت وَلَا أَعْلَمُ حَالَ صَاحِبِي) أَوْ تَعَمَّدْت وَتَعَمَّدَ صَاحِبِي كَمَا فَهِمَ بِالْأَوْلَى (أَوْ اقْتَصَرَ عَلَى) قَوْلِهِ (تَعَمَّدْت اُقْتُصَّ مِنْهُمَا وَإِنْ اعْتَرَفَ) أَحَدُهُمَا (بِعَمْدِهِمَا وَالْآخَرُ بِعَمْدِهِ وَخَطَّأَ صَاحِبَهُ) أَوْ بِخَطَئِهِ وَحْدَهُ أَوْ بِخَطَئِهِمَا (اُقْتُصَّ مِنْ الْأَوَّلِ) لِاعْتِرَافِهِ بِتَعَمُّدِهِمَا جَمِيعًا لَا مِنْ الثَّانِي لِأَنَّهُ لَمْ يَعْتَرِفْ إلَّا بِشَرِكَةِ مُخْطِئٍ أَوْ بِخَطَأٍ (أَوْ رَجَعَ) أَحَدُهُمَا (وَحْدَهُ وَقَالَ تَعَمَّدْنَا لَا) إنْ قَالَ (تَعَمَّدْت اُقْتُصَّ مِنْهُ وَلَا أَثَرَ لِقَوْلِهِمْ) بَعْدَ رُجُوعِهِمْ (لَمْ نَعْلَمْ أَنَّهُ يُقْتَلُ) بِقَوْلِنَا كَمَنْ رَمَى سَهْمًا إلَى رَجُلٍ وَاعْتَرَفَ بِأَنَّهُ قَصَدَهُ لَكِنْ قَالَ لَمْ أَعْلَمْ أَنَّهُ يَبْلُغُهُ (إلَّا لِقُرْبِ عَهْدٍ) مِنْهُمْ (بِالْإِسْلَامِ) أَوْ نَشْأَتِهِمْ بِبَادِيَةٍ بَعِيدَةٍ عَنْ الْعُلَمَاءِ (فَيَكُونُ شِبْهَ عَمْدٍ) لِانْتِفَاءِ تَمَحَّضَ عَمْدِ الْعُدْوَانِ فَعَلَيْهِمْ وَاجِبُهُ (فِي مَالِهِمْ مُؤَجَّلًا ثَلَاثَ سِنِينَ) إلَّا أَنْ تُصَدِّقَهُمْ الْعَاقِلَةُ فَيَجِبُ عَلَيْهَا
(وَلَوْ رَجَعَا) عَنْ شَهَادَتِهِمَا بِمَا يُوجِبُ التَّفْرِيقَ بَيْنَ الزَّوْجَيْنِ (بَعْدَ تَفْرِيقِ الْقَاضِي بَيْنَهُمَا بِالْبَيْنُونَةِ) بِطَلَاقٍ أَوْ رَضَاعٍ أَوْ لِعَانٍ أَوْ نَحْوِهَا (غَرِمَا) لِلزَّوْجِ لِأَنَّهُمَا فَوَّتَا عَلَيْهِ مَا يَتَقَوَّمُ كَمَا لَوْ شَهِدَا بِعِتْقِ عَبْدٍ ثُمَّ رَجَعَا فَيَغْرَمَانِ (مَهْرَ الْمِثْلِ وَلَوْ قَبْلَ الدُّخُولِ) أَوْ بَعْدَ إبْرَاءِ الزَّوْجَةِ زَوْجَهَا عَنْ الْمَهْرِ نَظَرًا إلَى بَدَلِ الْبُضْعِ الْمُفَوَّتِ بِالشَّهَادَةِ إذْ النَّظَرُ فِي الْإِتْلَافِ إلَى الْمُتْلِفِ لَا إلَى مَا قَامَ بِهِ عَلَى الْمُسْتَحِقِّ سَوَاءٌ أَدَفَعَ الزَّوْجُ إلَيْهَا الْمَهْرَ أَمْ لَا بِخِلَافِ نَظِيرِهِ فِي الدَّيْنِ لَا يَغْرَمَانِ قَبْلَ دَفْعِهِ لِأَنَّ الْحَيْلُولَةَ هُنَا قَدْ تَحَقَّقَتْ (كَمَا لَوْ شَهِدَا بِطَلَاقٍ وَفَرْضٍ لِمُفَوِّضَةٍ قَبْلَ دُخُولٍ) وَحَكَمَ الْقَاضِي بِالطَّلَاقِ ثُمَّ رَجَعَا فَإِنَّهُمَا يَغْرَمَانِ مَهْرَ الْمِثْلِ (وَكَذَا لَوْ لَمْ يَشْهَدَا بِالْفَرْضِ) لِأَنَّهُمَا فَوَّتَا عَلَى الزَّوْجِ الْبُضْعَ وَالتَّصْرِيحُ بِالْأُولَى مِنْ زِيَادَتِهِ وَهِيَ مَفْهُومَةٌ بِالْأَوْلَى مِمَّا فِي الْأَصْلِ مِنْ أَنَّهُمَا لَوْ شَهِدَا بِطَلَاقِ مُفَوِّضَةٍ قَبْلَ الدُّخُولِ وَالْفَرْضِ وَقَضَى الْقَاضِي بِالطَّلَاقِ وَالْمُتْعَةِ ثُمَّ رَجَعَا غَرِمَا مَهْرَ الْمِثْلِ دُونَ الْمُتْعَةِ
(وَلَوْ رَجَعَا) عَنْ شَهَادَتِهِمَا (فِي طَلَاقٍ رَجْعِيٍّ فَلَا غُرْمَ) عَلَيْهِمَا (حَتَّى تَنْقَضِيَ الْعِدَّةُ) لِأَنَّهُمَا لَمْ يُفَوِّتَا عَلَى الزَّوْجِ شَيْئًا لِقُدْرَتِهِ عَلَى الْمُرَاجَعَةِ فَإِنْ لَمْ يُرَاجِعْهَا حَتَّى انْقَضَتْ عِدَّتُهَا غَرِمَا كَمَا فِي الْبَائِنِ قَالَ الْبُلْقِينِيُّ وَهَذَا غَيْرُ مُعْتَمَدٍ وَالْأَصَحُّ الْمُعْتَمَدُ أَنَّهُمَا لَا يَغْرَمَانِ شَيْئًا إذَا أَمْكَنَ الزَّوْجُ الرَّجْعَةَ فَتَرَكَهَا بِاخْتِيَارِهِ وَقَدْ يُتَوَقَّفُ فِيمَا قَالَهُ لِأَنَّ الِامْتِنَاعَ مِنْ تَدَارُكِ دَفْعِ مَا يَعْرِضُ بِجِنَايَةِ الْغَيْرِ لَا يُسْقِطُ الضَّمَانَ كَمَا لَوْ جَرَحَ شَاةَ غَيْرِهِ فَلَمْ يَذْبَحْهَا مَالِكُهَا مَعَ التَّمَكُّنِ مِنْهُ حَتَّى مَاتَتْ (وَلَوْ غَرِمَا) لِرُجُوعِهِمَا عَنْ شَهَادَتِهِمَا بَعْدَ الْحُكْمِ (فِي الطَّلَاقِ ثُمَّ قَامَتْ بَيِّنَةٌ تَقْتَضِي أَنْ لَا نِكَاحَ) بَيْنَ الزَّوْجَيْنِ (اسْتَرَدَّا مَا غَرِمَا) لِأَنَّا تَبَيَّنَّا أَنَّ شَهَادَتَهُمَا لَمْ تُفَوِّتْ عَلَى الزَّوْجِ شَيْئًا (أَوْ) شَهِدَا (أَنَّهُ تَزَوَّجَهَا بِأَلْفٍ وَدَخَلَ) بِهَا (ثُمَّ رَجَعَا) بَعْدَ الْحُكْمِ (غَرِمَا لَهَا مَا نَقَصَ عَنْ مَهْرِ مِثْلِهَا) إنْ كَانَ الْأَلْفُ دُونَهُ بِخِلَافِ مَا لَوْ رَجَعَا قَبْلَ الدُّخُولِ لَا يَغْرَمَانِ
ــ
[حاشية الرملي الكبير]
قَوْلُهُ لَا إنْ قَالَ تَعَمَّدْت) تَعَقَّبَهُ الْبُلْقِينِيُّ بِأَنَّ إصْرَارَ صَاحِبِهِ يَقْتَضِي أَنَّهُ تَعَمَّدَ فَهُوَ قَاصِدٌ لِقَتْلِهِ بِحَقٍّ فَكَانَ كَشَرِيكِ الْقَاتِلِ قِصَاصًا أَوْ الْقَاطِعِ حَدًّا وَذَلِكَ مُقْتَضٍ لِإِيجَابِ الْقِصَاصِ عَلَى الَّذِي قَالَ تَعَمَّدْت. اهـ. الْفَرْقُ بَيْنَهُمَا ظَاهِرٌ (قَوْلُهُ أَوْ نَشْأَتِهِمْ بِبَادِيَةٍ بَعِيدَةٍ عَنْ الْعُلَمَاءِ) أَوْ قَالُوا ظَنَنَّا أَنَّهَا تَجْرَحُ بِأَسْبَابٍ تَقْتَضِي الْجَرْحَ
(قَوْلُهُ بَعْدَ تَفْرِيقِ الْقَاضِي) قَالَ الْبُلْقِينِيُّ لَا يَكْفِي التَّفْرِيقُ بَلْ لَا بُدَّ مِنْ الْقَضَاءِ بِالتَّحْرِيمِ وَالتَّفْرِيقُ يَتَرَتَّبُ عَلَى ذَلِكَ لِأَنَّ الْقَاضِيَ قَدْ يَقْضِي بِالتَّفْرِيقِ مِنْ غَيْرِ حُكْمٍ بِالتَّحْرِيمِ كَمَا فِي النِّكَاحِ الْفَاسِدِ وَإِنَّمَا لَمْ يُرِدْ الْفِرَاقَ لِأَنَّ قَوْلَهُمَا فِي الرُّجُوعِ مُحْتَمَلٌ وَلَا يُرَدُّ الْقَضَاءُ بِقَوْلٍ مُحْتَمَلٍ.
(قَوْلُهُ بِالْبَيْنُونَةِ) بِطَلَاقٍ بَائِنٍ بِعِوَضٍ أَوْ بِغَيْرِهِ كَالثَّالِثَةِ أَوْ الطَّلْقَاتِ الثَّلَاثِ مَجَّانًا وَكَتَبَ أَيْضًا دَخَلَ فِي عِبَارَتِهِمْ مَا لَوْ شَهِدُوا عَلَى رَجْعِيَّةٍ بِطَلَاقٍ بَائِنٍ قَالَ الْبُلْقِينِيُّ وَهُوَ الْأَرْجَحُ عِنْدِي لِأَنَّهُمْ قَطَعُوا عَلَيْهِ مِلْكَ الرَّجْعَةِ الَّذِي هُوَ كَمِلْكِ الْبُضْعِ وَلَمْ أَرَ مَنْ تَعَرَّضَ لِذَلِكَ وَيُسْتَثْنَى مِنْ وُجُوبِ مَهْرِ الْمِثْلِ صُوَرٌ إحْدَاهُمَا إذَا لَمْ يَرْجِعُوا إلَّا بَعْدَ مَوْتِ الزَّوْجِ لَمْ يُغَرِّمُوا الْوَرَثَةَ شَيْئًا كَمَا قَالَهُ الْبُلْقِينِيُّ لِأَنَّ الْغُرْمَ لِلْحَيْلُولَةِ بَيْنَهُ وَبَيْنَ بُضْعِهِ وَلَا حَيْلُولَةَ هُنَا قَالَ وَهَذَا فِقْهٌ ظَاهِرٌ وَلَمْ أَرَ مَنْ تَعَرَّضَ لَهُ الثَّانِيَةُ إذَا لَمْ يَرْجِعُوا إلَّا بَعْدَ أَنْ أَبَانَهَا بِطَرِيقٍ مِنْ الطُّرُقِ عَلَى زَعْمِهِ فِي بَقَاءِ عِصْمَتِهِ فَلَا غُرْمَ أَيْضًا عَلَى قِيَاسِ مَا تَقَدَّمَ بَلْ أَوْلَى لِتَقْصِيرِهِ بِالْبَيْنُونَةِ بِاخْتِيَارِهِ الثَّالِثَةَ إذَا قَالَ الزَّوْجُ بَعْدَ الْإِنْكَارِ إمَّا قَبْلَ رُجُوعِهِمْ أَوْ بَعْدَهُ إنَّهُمْ مُحِقُّونَ فِي شَهَادَتِهِمْ فَلَا رُجُوعَ لَهُ الرَّابِعَةَ إذَا رَجَعُوا عَنْ شَهَادَتِهِمْ بِالطَّلَاقِ عَلَى عِوَضٍ عَلَى الْمَرْأَةِ أَوْ أَجْنَبِيٍّ قَدْرَ مَهْرِ الْمِثْلِ أَوْ أَكْثَرَ فَلَا غُرْمَ عَلَى مَا فِي أَصْلِ الرَّوْضَةِ عَنْ ابْنِ الْحَدَّادِ وَالْبَغَوِيِّ فِيمَا إذَا شَهِدُوا أَنَّهُ طَلَّقَهَا بِأَلْفٍ وَمَهْرُهَا أَلْفَانِ أَنَّ عَلَيْهَا أَلْفًا.
وَقَدْ وَصَلَ إلَيْهِ مِنْ الْمَرْأَةِ أَلْفٌ لَكِنْ قَالَ الْبُلْقِينِيُّ الْأَرْجَحُ التَّغْرِيمُ فَلَا يُسْتَثْنَى هَذِهِ الصُّورَةُ لَا فِي عَدَمِ الْغُرْمِ وَلَا فِي غُرْمِ تَكْمِلَةِ مَهْرِ الْمِثْلِ فِيمَا إذَا كَانَ الْعِوَضُ الْمَشْهُودُ بِهِ أَلْفًا وَكَانَ مَهْرُ مِثْلِهَا أَلْفَيْنِ الْخَامِسَةُ إذَا كَانَ الْمَشْهُودُ عَلَيْهِ قِنًّا فَلَا غُرْمَ كَمَا قَالَهُ الْبُلْقِينِيُّ لَا لَهُ لِأَنَّهُ لَا يَمْلِكُ شَيْئًا وَلَا لِمَالِكِهِ لِأَنَّهُ لَا تَعَلُّقَ لَهُ بِزَوْجَةِ عَبْدِهِ فَلَوْ كَانَ مُبَعَّضًا غَرِمَ لَهُ الشُّهُودُ بِقِسْطِ الْحُرِّيَّةِ قَالَ وَلَمْ أَرَ مَنْ تَعَرَّضَ لِشَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ قَالَ وَلَوْ كَانَ الرُّجُوعُ عَنْ الشَّهَادَةِ عَلَى مَجْنُونٍ أَوْ غَائِبٍ فَالْأَرْجَحُ أَنَّ لِوَلِيِّهِ أَوْ وَكِيلِهِ تَغْرِيمَهُمْ وَيُحْتَمَلُ خِلَافُهُ لِأَنَّهُ لَمْ يُوجَدْ مِنْهُ إنْكَارٌ (قَوْلُهُ سَوَاءٌ أَدَفَعَ الزَّوْجُ إلَيْهَا الْمَهْرَ أَمْ لَا) أَوْ قَدَرَ عَلَى الِاجْتِمَاعِ بِهَا أَوْ لَا
(قَوْلُهُ ثُمَّ قَامَتْ بَيِّنَةٌ تَقْتَضِي أَنْ لَا نِكَاحَ إلَخْ) وَكَذَا لَوْ اعْتَرَفَ الزَّوْجُ بِذَلِكَ وَشَمِلَتْ عِبَارَتُهُ مَا لَوْ قَامَتْ بَيِّنَةٌ بِأَنَّهُ كَانَ طَلَّقَهَا قَبْلَ ذَلِكَ ثَلَاثًا وَمَا لَوْ حَدَثَ الرَّضَاعُ بَعْدَ الشَّهَادَةِ لِكَوْنِهِ صَغِيرَةً وَلَوْ رَجَعَ الشَّاهِدَانِ بِأَنَّهُ لَا نِكَاحَ بَيْنَهُمَا غَرَّمَهُمَا مَهْرَ الْمِثْلِ
(فَرْعٌ) لَوْ شَهِدَا لِامْرَأَةٍ عَلَى رَجُلٍ بِأَنَّهُ تَزَوَّجَهَا ثُمَّ ظَهَرَ أَنَّهُ أَخُوهَا لَمْ يَضْمَنَا لِأَنَّهُمَا شَهِدَا بِالْعَقْدِ وَلَمْ يَعْلَمَا الْغَيْبَ وَكَذَا لَوْ شَهِدَا بِبَيْعِ عَبْدٍ ثُمَّ اُسْتُحِقَّ أَوْ بِخُلْعٍ ثُمَّ ظَهَرَ أَنَّهُ كَانَ طَلَّقَهَا قَبْلَ ذَلِكَ ثَلَاثًا أَوْ شَهِدَا لَهُ أَنَّهُ أَقْرَضَهُ كَذَا فِي وَقْتِ كَذَا ثُمَّ قَامَتْ بَيِّنَةٌ بِأَنَّ الْمُقْرِضَ أَبْرَأَهُ لَمْ يَضْمَنَا وَإِنَّمَا يَغْرَمُ الْقَابِضُ لِأَنَّهُمَا شَهِدَا عَلَى إقْرَارٍ ظَاهِرٍ
شَيْئًا كَمَا نَقَلَهُ ابْنُ الصَّبَّاغِ عَنْ بَعْضِهِمْ ثُمَّ قَالَ وَيَنْبَغِي إنَّهُمَا إذَا رَجَعَا قَبْلَ الدُّخُولِ ثُمَّ دَخَلَ بِهَا يَغْرَمَانِ مَا نَقَصَ وَهُوَ مَا أَطْلَقَهُ ابْنُ كَجٍّ وَهَذَا الْبَحْثُ نَقَلَهُ الْأَصْلُ عَنْهُ وَلَمْ يَنْقُلْ عَنْهُ مَنْقُولَهُ وَقِيلَ لَا غُرْمَ عَلَيْهِمَا مُطْلَقًا لِأَنَّهُمَا لَمْ يُتْلِفَا شَيْئًا بَلْ الْمُتْلِفُ هُوَ الزَّوْجُ وَتَرْجِيحُ الْأَوَّلِ مِنْ زِيَادَةِ الْمُصَنِّفِ.
وَقَالَ الزَّرْكَشِيُّ الرَّاجِحُ الثَّانِي وَهُوَ الَّذِي أَوْرَدَهُ الشَّيْخُ أَبُو عَلِيٍّ فِي شَرْحِهِ عَلَى الْمَذْهَبِ (أَوْ) شَهِدَا (أَنَّهُ طَلَّقَهَا) أَيْ زَوْجَتَهُ (أَوْ أَعْتَقَهَا) أَيْ أَمَتَهُ (بِأَلْفٍ وَمَهْرُهَا أَوْ قِيمَتُهَا أَلْفَانِ) ثُمَّ رَجَعَا بَعْدَ الْحُكْمِ (غَرِمَا أَلْفًا) وَقِيلَ يَغْرَمَانِ مَهْرَ الْمِثْلِ أَوْ الْقِيمَةَ كَمَا لَوْ لَمْ يَذْكُرَا عِوَضًا وَأَمَّا الْأَلْفُ فَمَحْفُوظٌ عِنْدَهُ لَهَا إنْ قَبَضَهُ لِأَنَّهُ لَا يَدَّعِيهِ وَإِلَّا فَيُقِرُّ عِنْدَهَا حَتَّى تَدَّعِيهِ وَالتَّصْرِيحُ بِالتَّرْجِيحِ مِنْ زِيَادَتِهِ لَكِنْ قَضِيَّةُ مَا مَرَّ قَرِيبًا فِي التَّفْرِيقِ بِالْبَيْنُونَةِ تَرْجِيحُ الثَّانِي كَمَا نَبَّهَ عَلَيْهِ الْأَذْرَعِيُّ وَغَيْرُهُ قَالُوا وَبِهِ جَزَمَ الدَّارِمِيُّ عَلَى أَنَّ الرَّافِعِيَّ أَشَارَ إلَى أَنَّهُمَا يَغْرَمَانِ فِي مَسْأَلَةِ الْعِتْقِ كُلَّ الْقِيمَةِ وَفَرَّقَ بَيْنَهَا وَبَيْنَ مَسْأَلَةِ الطَّلَاقِ بِأَنَّ الْعَبْدَ يُؤَدِّي مِنْ كَسْبِهِ وَهُوَ لِلسَّيِّدِ وَالزَّوْجَةِ بِخِلَافِهِ
(أَوْ) شَهِدَا (بِعِتْقٍ) لِرَقِيقٍ (وَلَوْ لِأُمِّ وَلَدٍ) ثُمَّ رَجَعَا بَعْدَ الْحُكْمِ (غَرِمَا الْقِيمَةَ) وَالْعِبْرَةُ فِيهَا بِوَقْتِ الشَّهَادَةِ كَمَا نَقَلَهُ الرُّويَانِيُّ عَنْ ابْنُ الْقَاصِّ وَهُوَ مَحْمُولٌ عَلَى مَا إذَا اتَّصَلَ بِهَا الْحُكْمُ لِأَنَّهُ وَقْتَ نُفُوذِ الْعِتْقِ وَبِهِ عَبَّرَ الْمَاوَرْدِيُّ عَلَى أَحَدِ وَجْهَيْنِ ثَانِيهِمَا اعْتِبَارُ أَكْثَرِ قِيمَةٍ مِنْ وَقْتِ الْحُكْمِ إلَى وَقْتِ الرُّجُوعِ وَظَاهِرٌ أَنَّ قِيمَةَ أُمِّ الْوَلَدِ وَالْمُدَبَّرِ تُؤْخَذُ مِنْهُمَا لِلْحَيْلُولَةِ حَتَّى يَسْتَرِدَّاهَا بَعْدَ مَوْتِ السَّيِّدِ كَمَا لَوْ غُصِبَا تُؤْخَذُ قِيمَتُهُمَا لِلْحَيْلُولَةِ نَبَّهَ عَلَيْهِ ابْنُ الرِّفْعَةِ وَشَرَطَ لِاسْتِرْدَادِهَا فِي الْمُدَبَّرِ أَنْ يَخْرُجَ مِنْ الثُّلُثِ فَإِنْ خَرَجَ مِنْهُ بَعْضُهُ اسْتَرَدَّ قَدْرَ مَا خَرَجَ
(أَوْ) شَهِدَا (بِإِيلَادٍ أَوْ تَدْبِيرٍ) ثُمَّ رَجَعَا بَعْدَ الْحُكْمِ (غَرِمَا) الْقِيمَةَ (بَعْدَ الْمَوْتِ) لَا قَبْلَهُ لِأَنَّ الْمِلْكَ إنَّمَا يَزُولُ بَعْدَهُ (أَوْ شَهِدَا بِتَعْلِيقِ طَلَاقٍ) أَوْ عِتْقٍ بِصِفَةٍ ثُمَّ رَجَعَا بَعْدَ الْحُكْمِ (فَبَعْدَ وُجُودِ الصِّفَةِ) يَغْرَمَانِ الْمَهْرَ أَوْ الْقِيمَةَ لِمَا مَرَّ (أَوْ) شَهِدَا (بِكِتَابَةٍ) لِرَقِيقٍ (ثُمَّ رَجَعَا) بَعْدَ الْحُكْمِ (وَعَتَقَ بِالْأَدَاءِ) ظَاهِرًا (فَهَلْ يَغْرَمَانِ الْقِيمَةَ) كُلَّهَا لِأَنَّ الْمُؤَدِّيَ مِنْ كَسْبِهِ وَهُوَ لِسَيِّدِهِ (أَوْ نَقَصَ النُّجُومُ عَنْهَا) لِأَنَّهُ الْفَائِتُ وَجْهَانِ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ أَشْبَهُهُمَا الثَّانِي وَعَزَاهُ الدَّارِمِيُّ لِابْنِ سُرَيْجٍ وَلَمْ يَحْكِ غَيْرَهُ (أَوْ) شَهِدَا (أَنَّهُ وَقَفَهُ عَلَى مَسْجِدٍ) أَوْ جِهَةٍ عَامَّةٍ أَوْ عَلَى مُعَيَّنٍ كَمَا اقْتَضَاهُ كَلَامُ الرُّويَانِيِّ وَالدَّارِمِيِّ وَغَيْرِهِمَا (أَوْ) أَنَّهُ (جَعَلَ شَاتَه أُضْحِيَّةً) ثُمَّ رَجَعَا بَعْدَ الْحُكْمِ (فَالْقِيمَةُ) يَغْرَمَانِهَا (وَيَغْرَمَانِ لِذِي مَالٍ) شَهِدَا عَلَيْهِ بِهِ لِآخَرَ وَلَوْ كَانَ عَيْنًا ثُمَّ (حُكِمَ بِهِ وَغَرِمَهُ) لَهُ وَفِي نُسْخَةٍ وَدَفَعَهُ ثُمَّ رَجَعَا لِأَنَّهُمَا فَوَّتَا عَلَيْهِ بِشَهَادَتِهِمَا مَا غَرِمَهُ (وَ) يَغْرَمَانِ (لِعَاقِلَةٍ) شَهِدَا عَلَى مَنْ تَحَمَّلَتْ عَنْهُ بِجِنَايَةٍ أَوْجَبَتْ مَالًا وَحُكِمَ بِهَا وَ (غَرِمَتْ) ثُمَّ رَجَعَا (وَ) يَغْرَمَانِ فِيمَا إذَا شَهِدَا عَلَى شَرِيكٍ مُوسِرٍ بِأَنَّهُ أَعْتَقَ نَصِيبَهُ فِي رَقِيقٍ مُشْتَرَكٍ وَحَكَمَ بِهِ ثُمَّ رَجَّعَا قِيمَةَ (مَا عَتَقَ) بِالْإِعْتَاقِ (لِشَرِيكٍ) وَهُوَ الْمُعْتِقِ (وَ) قِيمَةَ (سِرَايَتِهِ) أَيْ الْعِتْقِ بِمَعْنَى الْإِعْتَاقِ لِلشَّرِيكِ الْآخَرِ
(وَإِنْ رَجَعَ فُرُوعٌ أَوْ أُصُولٌ) عَنْ شَهَادَتِهِمَا بَعْدَ الْحُكْمِ بِشَهَادَةِ الْفُرُوعِ (غَرِمُوا أَوْ) رَجَعَ (كُلٌّ) مِنْهُمَا (فَالْفُرُوعُ) أَيْ فَالْغَارِمُ الْفُرُوعُ فَقَطْ لِأَنَّهُمْ يُنْكِرُونَ إشْهَادَ الْأُصُولِ وَيَقُولُونَ كَذَبْنَا فِيمَا قُلْنَا وَالْحُكْمُ وَقَعَ بِشَهَادَتِهِمْ (وَعُزِّرَ مُتَعَمِّدٌ) فِي شَهَادَتِهِ الزُّورَ بِاعْتِرَافِهِ إذَا (لَمْ يُقْتَصَّ مِنْهُ) بِأَنْ لَمْ يَلْزَمْهُ بِرُجُوعِهِ قِصَاصٌ وَلَا حَدٌّ (وَدَخَلَ) التَّعْزِيرُ (فِيهِ) أَيْ فِي الْقِصَاصِ أَوْ الْحَدِّ (إنْ اُقْتُصَّ مِنْهُ وَلَوْ اسْتَوْفَى) الْمَشْهُودُ لَهُ (بِشَهَادَتِهِمَا مَالًا ثُمَّ وَهَبَهُ لِلْخَصْمِ أَوْ شَهِدَا بِإِقَالَةٍ) مِنْ عَقْدٍ (وَحُكِمَ بِهَا ثُمَّ رَجَعَا فَلَا غُرْمَ) عَلَيْهِمَا لِأَنَّ الْغَارِمَ عَادَ إلَى مَا غَرِمَهُ وَهَذَا مِنْ زِيَادَتِهِ (فَرْعٌ) لَوْ لَمْ يَقُولَا رَجَعْنَا لَكِنْ قَامَتْ بَيِّنَةٌ بِرُجُوعِهِمَا لَمْ يَغْرَمَا قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ لِأَنَّ الْحَقَّ بَاقٍ عَلَى الْمَشْهُودِ عَلَيْهِ
ــ
[حاشية الرملي الكبير]
قَوْلُهُ وَيَنْبَغِي أَنَّهُمَا إذَا رَجَعَا قَبْلَ الدُّخُولِ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ وَتَرْجِيحُ الْأَوَّلِ) هُوَ قَوْلُ الْمُصَنِّفِ غُرْمًا لَهَا وَقَوْلُهُ الرَّاجِحُ الثَّانِي هُوَ قَوْلُهُ وَقِيلَ لَا غُرْمَ (قَوْلُهُ وَقِيلَ يَغْرَمَانِ مَهْرَ الْمِثْلِ أَوْ الْقِيمَةَ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ
(قَوْلُهُ عَلَى أَنَّ الرَّافِعِيَّ أَشَارَ إلَى أَنَّهُمَا يَغْرَمَانِ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ
(قَوْلُهُ وَهُوَ مَحْمُولٌ عَلَى مَا إذَا اتَّصَلَ بِهَا الْحُكْمُ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ وَبِهِ عَبَّرَ الْمَاوَرْدِيُّ) أَيْ وَغَيْرُهُ (قَوْلُهُ ثَانِيهِمَا اعْتِبَارُ أَكْثَرِ قِيمَةً إلَخْ) هَذَا فِي الْمُتَقَوِّمِ أَمَّا الْمِثْلِيُّ فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ يُضْمَنُ بِمِثْلِهِ وَلِهَذَا أَلْحَقُوهُ بِضَمَانِ الْمُتْلَفَاتِ غ ر
(قَوْلُهُ وَظَاهِرٌ أَنَّ قِيمَةَ أُمِّ الْوَلَدِ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ وَشُرِطَ لِاسْتِرْدَادِهَا فِي الْمُدَبَّرِ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ
(قَوْلُهُ فَهَلْ يَغْرَمَانِ الْقِيمَةَ) هُوَ الْأَصَحُّ (قَوْلُهُ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ أَشْبَهَهُمَا الثَّانِي) نَقَلَ الْبَكْرِيُّ فِي حَاشِيَتِهِ عَنْ الزَّرْكَشِيّ أَنَّ الْأَشْبَهَ الْأَوَّلُ
(قَوْلُهُ وَإِنْ رَجَعَ فُرُوعٌ وَأُصُولٌ غَرِمُوا) قَالَ فِي الْكِفَايَةِ إذَا رَجَعَ شَاهِدَا الْأَصْلِ فَقَالَا أَشْهَدْنَا الْفَرْعَ عَلَيْنَا غَالِطِينَ فِي الشَّهَادَةِ فَالْغُرْمُ عَلَيْهِمَا دُونَ الْفُرُوعِ وَلَوْ قَالَا لَمْ نُشْهِدْ الْفُرُوعَ عَلَى شَهَادَتِنَا فَلَا غُرْمَ عَلَيْهِمَا وَلَا عَلَى الْفُرُوعِ وَلَوْ قَالُوا عَلِمْنَا أَنَّ شُهُودَ الْأُصُولِ كَذَبَةٌ غَرِمَا بِخِلَافِ مَا لَوْ قَالُوا مَا عَلِمْنَا كَذِبَهُمْ ثُمَّ ظَهَرَ لَنَا قَالَهُ الْقَاضِي الْحُسَيْنُ قَالَ وَكَذَلِكَ لَوْ قَالُوا إنَّهُمَا أَشْهَدَانَا ثُمَّ رَجَعَا عَنْ الشَّهَادَةِ سَأَلُوا فَإِنْ قَالُوا عَرَفْنَا ذَلِكَ قَبْلَ الْحُكْمِ ضَمِنُوا وَإِنْ قَالُوا لَمْ نَعْرِفْهُ إلَّا بَعْدَ الْحُكْمِ فَلَا ضَمَانَ (قَوْلُهُ قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ لِأَنَّ الْحَقَّ بَاقٍ عَلَى الْمَشْهُودِ عَلَيْهِ) قَالَ شَيْخُنَا سَأَلَ الْوَالِدَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - عَنْ بَيِّنَةٍ شَهِدَتْ عِنْدَ حَاكِمٍ شَافِعِيٍّ بِأَمْرٍ ثُمَّ حَكَمَ بِهِ ثُمَّ أَقَامَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بَيِّنَةً شَهِدَتْ بِرُجُوعِ الشَّاهِدَيْنِ عَمَّا شَهِدَا بِهِ قَبْلَ الْحُكْمِ فَهَلْ تُسْمَعُ أَمْ لَا فَأَجَابَ بِأَنَّهُ تُسْمَعُ وَتَبَيَّنَ بُطْلَانُ الْحُكْمِ لِتَبَيُّنِ أَنْ لَا مُسْتَنَدَ لَهُ كَمَا لَوْ أَقَامَ بَيِّنَةً بِفِسْقِ الشَّاهِدَيْنِ وَقْتَ الْحُكْمِ بِخِلَافِ لَوْ شَهِدَتْ بِأَنَّهُمَا رَجَعَا بَعْدَ الْحُكْمِ فَإِنَّهَا لَا تُسْمَعُ