الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
تَامَّةٌ فِي نَفْسِهَا (فَإِنْ قَطَعَهُمَا) مَعًا (عُزِّرَ) لِلتَّعَدِّي (وَلَزِمَهُ حُكُومَةٌ)، وَقَوْلُهُ: وَلَا يُعْطَى إلَى آخِرِهِ مِنْ زِيَادَتِهِ (وَإِنْ قَطَعَ مُعْتَدِلٌ أَحَدَهُمَا) أَيْ أَحَدَ الطَّرَفَيْنِ (لَمْ تُقْطَعْ) أُنْمُلَتُهُ (أَوْ) قَطَعَ (كِلَيْهِمَا قُطِعَتْ أُنْمُلَتُهُ مَعَ) أَخْذِ (زِيَادَةِ شَيْءٍ) لِزِيَادَةِ الْخِلْقَةِ، وَقَوْلُهُ زِيَادَةِ زَائِدٌ (هَذَا كُلُّهُ إنْ نَبَتَا عَلَى رَأْسِ الْأُنْمُلَةِ الْوُسْطَى) فَلَوْ تَشَعَّبَا مِنْ عَظْمٍ عَلَيْهَا، وَلَا مَفْصِلَ بَيْنَ الْعَظْمِ وَبَيْنَهُمَا فَلَا قِصَاصَ، وَإِنْ كَانَ لِكُلِّ طَرَفٍ مَفْصِلٌ فَالْعَظْمُ الْحَائِلُ أُنْمُلَةٌ مِنْ أَرْبَعِ أَنَامِلَ وَالْعُلْيَا مِنْهُمَا ذَاتُ طَرَفَيْنِ (وَالْكَفَّانِ فِي السَّاعِدِ) وَالْقَدَمَانِ فِي السَّاقِ (كَالْأُنْمُلَتَيْنِ عَلَى رَأْسِ الْأُصْبُعِ) فِيمَا ذُكِرَ (وَلَوْ خُلِقَتْ أُصْبُعٌ تَامَّةً) أَيْ تُنَاسِبُ سَائِرَ الْأَصَابِعِ فِي الطُّولِ (بِأُنْمُلَتَيْنِ فَتَامَّةٌ) هِيَ لَكِنَّهَا (ذَاتُ قِسْمَيْنِ) كَمَا لَوْ كَانَ لَهَا أَرْبَعُ أَنَامِلَ كَانَتْ أُصْبُعًا ذَاتَ أَرْبَعَةِ أَقْسَامٍ، وَقِيلَ لَيْسَتْ أُصْبُعًا تَامَّةً، وَإِنَّمَا هِيَ أُنْمُلَتَانِ؛ لِأَنَّ طُولَ الْأَنَامِلِ لَا يَقْتَضِي مَزِيدًا بِدَلِيلِ أَنَّ ذَاتَ الْأَنَامِلِ لَوْ طَالَتْ أَنَامِلُهَا لَمْ تَزِدْ لَهَا حُكُومَةٌ بِالطُّولِ، وَلَمْ يَكُنْ الطُّولُ كَأُنْمُلَةٍ زَائِدَةٍ (أَوْ) خُلِقَتْ (بِلَا مَفْصِلٍ فَنَاقِصَةٌ فِيهَا دِيَةٌ تُنْقِصُ شَيْئًا) ؛ لِأَنَّ الِانْثِنَاءَ إذَا زَالَ سَقَطَ مُعْظَمُ مَنَافِعِ الْأُصْبُعِ، وَقَدْ يَنْجَرُّ هَذَا إلَى أَنْ لَا تُقْطَعَ أُصْبُعُ السَّلِيمِ بِهَا.
(وَإِنْ قَطَعَ السَّلِيمُ) أَيْ سَلِيمُ الْيَدِ (وُسْطَى فَاقِدِ الْأُنْمُلَةِ الْعُلْيَا فَلَا قِصَاصَ مَا لَمْ يَفْقِدْ الْعُلْيَا) فَإِذَا فَقَدَهَا بِآفَةٍ، أَوْ جِنَايَةٍ اُقْتُصَّ مِنْهُ؛ لِأَنَّ الْمَنْعَ كَانَ لِاتِّصَالِ مَحَلِّ الْجِنَايَةِ بِغَيْرِهِ فَإِذَا زَالَ اقْتَصَّ كَالْحَامِلِ إذَا وَضَعَتْ الْحَمْلَ، وَمِثْلُهُ لَوْ قَطَعَ السَّلِيمُ كَفًّا لَا أُصْبُعَ لَهَا كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ (وَلَا أَرْشَ) أَيْ، وَلَيْسَ لَهُ طَلَبُ الْأَرْشِ لِلْحَيْلُولَةِ (مَا لَمْ يَعْفُ) عَنْ الْقِصَاصِ، وَلَوْ كَانَتْ الْعُلْيَا مُسْتَحَقَّةَ الْقَطْعِ قِصَاصًا أَمَّا طَلَبُهُ لِلْفَيْصُولَةِ فَجَائِزٌ، وَلَهُ أَخْذُهُ حِينَئِذٍ بَعْدَ الْعَفْوِ كَمَا سَيَأْتِي قَالَ الرَّافِعِيُّ قَالَ الْأَئِمَّةُ: إنَّ أَخْذَ الدِّيَةِ عَفْوٌ (فَإِنْ قَطَعَ) السَّلِيمُ مَعَ قَطْعِهِ وُسْطَى مَنْ ذُكِرَ (عُلْيَا آخَرَ اقْتَصَّ) مِنْهُ (أَوَّلًا) صَاحِبُ الْعُلْيَا، وَإِنْ كَانَ قَطْعُهُ مُتَأَخِّرًا (ثُمَّ صَاحِبُ الْوُسْطَى، وَلَهُمَا أَنْ يَقْتَصَّا مَعًا) التَّصْرِيحُ بِهَذَا مِنْ زِيَادَتِهِ (وَلَهُمَا أَنْ يَكْتَفِيَا بِقَطْعِ الْوُسْطَى مَعًا) بِأَنْ يَضَعَا الْحَدِيدَةَ عَلَى مَفْصِلِهَا وَيَسْتَوْفِيَا الْأُنْمُلَتَيْنِ بِقِطْعَةٍ وَاحِدَةٍ، وَقَدْ هَوَّنَّا الْأَمْرَ عَلَيْهِ.
(فَإِنْ بَادَرَ الْأَوَّلُ) فِي الذِّكْرِ، وَهُوَ مَقْطُوعُ الْوُسْطَى (وَقَطَعَهُمَا أَثِمَ) لِتَعَدِّيهِ (وَعَلَيْهِ أَرْشُ الْعُلْيَا، وَإِنْ قَطَعَ أُنْمُلَتَيْ رَجُلٍ) مِنْ أُصْبُعٍ (ثُمَّ أُنْمُلَةَ آخَرَ) مِنْ مِثْلِهَا (سَلِيمَيْنِ) أَيْ الرَّجُلُ وَالْآخَرُ (اقْتَصَّ) مِنْهُ (ذُو الْأُنْمُلَتَيْنِ) لِسَبْقِ حَقِّهِ (وَلِلْآخَرِ الْأَرْشُ، أَوْ عَكْسُهُ) بِأَنْ قَطَعَ أُنْمُلَةَ رَجُلٍ ثُمَّ أُنْمُلَةَ آخَرَ سَلِيمَيْنِ (فَبِالْعَكْسِ) أَيْ يَقْتَصُّ مِنْهُ ذُو الْأُنْمُلَةِ وَلِلْآخَرِ الْأَرْشُ أَيْ أَرْشُ أُنْمُلَتَيْهِ بَعْدَ الْعَفْوِ (أَوْ يَأْخُذُ الْآخَرُ الْوُسْطَى، وَأَرْشَ الْعُلْيَا فَإِنْ بَادَرَ) الْآخَرُ، وَهُوَ ذُو الْأُنْمُلَتَيْنِ (وَقَطَعَهُمَا) فَقَدْ (اسْتَوْفَى) حَقَّهُ (وَلِلْآخَرِ) ، وَهُوَ ذُو الْأُنْمُلَةِ (الْأَرْشُ) لَهَا (عَلَى الْجَانِي) .
[الْفَصْلُ الرَّابِعُ فِي وَقْتِ الْقِصَاصِ بِالْجُرُوحِ]
(الْفَصْلُ الرَّابِعُ فِي وَقْتِ الْقِصَاصِ بِالْجُرُوحِ) أَيْ فِيهَا (وَيُسْتَحَبُّ) الْقِصَاصُ فِيهَا (بَعْدَ الِانْدِمَالِ) لِاحْتِمَالِ الْعَفْوِ (وَيَجُوزُ قَبْلَهُ) ؛ لِأَنَّ الْقِصَاصَ فِيهَا ثَابِتٌ، وَإِنْ سَرَى إلَى النَّفْسِ، أَوْ شَارَكَهُ غَيْرُهُ فِي الْجُرْحِ (لَا الْمُطَالَبَةُ بِالْأَرْشِ) فَلَا تَجُوزُ قَبْلَ ذَلِكَ؛ لِأَنَّ الْأَرْشَ غَيْرُ مُسْتَقِرٍّ فَقَدْ تَعُودُ الدِّيَاتُ فِي ذَلِكَ إلَى وَاحِدٍ بِالسِّرَايَةِ إلَى النَّفْسِ، وَقَدْ يُشَارِكُهُ جَمَاعَةٌ فَيَقِلُّ وَاجِبُهُ.
[بَابُ اخْتِلَافِ الْجَانِي وَمُسْتَحِقِّ الدَّمِ]
(بَابُ اخْتِلَافِ الْجَانِي وَمُسْتَحِقِّ الدَّمِ)(إذَا قَدَّ مَلْفُوفًا) فِي ثَوْبٍ (أَوْ هَدَمَ عَلَيْهِ بَيْتًا وَادَّعَى أَنَّهُ كَانَ) حِينَ الْقَدِّ، أَوْ الْهَدْمِ (مَيِّتًا) وَادَّعَى الْوَلِيُّ أَنَّهُ كَانَ حَيًّا (حَلَفَ الْوَلِيُّ) ، وَإِنْ كَانَ مَلْفُوفًا عَلَى هَيْئَةِ التَّكْفِينِ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ بَقَاءُ الْحَيَاةِ فَأَشْبَهَ مَا لَوْ قَتَلَ مَنْ عَهِدَهُ مُسْلِمًا وَادَّعَى رِدَّتَهُ نَعَمْ إنْ لَمْ يَتَحَقَّقْ حَيَاتَهُ كَسِقْطٍ فَيَنْبَغِي أَنْ يُقْطَعَ بِتَصْدِيقِ الْجَانِي؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ بَرَاءَةُ الذِّمَّةِ، وَلَمْ يُعَارِضْهُ أَصْلٌ آخَرُ قَالَهُ الْبُلْقِينِيُّ، وَإِذَا حَلَفَ الْوَلِيُّ فَيَحْلِفُ يَمِينًا وَاحِدَةً بِخِلَافِ نَظِيرِهِ فِي الْقَسَامَةِ يَحْلِفُ خَمْسِينَ يَمِينًا؛ لِأَنَّ الْحَلِفَ ثَمَّ عَلَى الْقَتْلِ، وَهُنَا عَلَى حَيَاةِ الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ. وَخَالَفَ الْبُلْقِينِيُّ فَرَجَّحَ أَنَّهُ يَحْلِفُ هُنَا خَمْسِينَ أَيْضًا بِنَاءً عَلَى تَرْجِيحِ تَصْدِيقِ الْوَلِيِّ لَكِنَّهُ نَازَعَ فِيهِ، وَقَالَ إنَّهُ مُخَالِفٌ لِنُصُوصِ الشَّافِعِيِّ وَجَمْعٍ. وَرَجَّحَ تَصْدِيقَ الْجَانِي وَمَالَ إلَيْهِ الْأَذْرَعِيُّ (وَاسْتَحَقَّ الدِّيَةَ) لَا الْقِصَاصَ كَمَا صَرَّحَ بِهِ فِي الرَّوْضَةِ؛ لِأَنَّهُ يُدْرَأُ بِالشُّبْهَةِ وَلِلْوَلِيِّ أَنْ يُقِيمَ بَيِّنَةً بِحَيَاتِهِ أَيْضًا (وَلِمَنْ رَآهُ يَلْتَفُّ) فِي الثَّوْبِ، أَوْ يَدْخُلُ الْبَيْتَ (الشَّهَادَةُ بِحَيَاتِهِ) ، وَإِنْ لَمْ يَتَيَقَّنْهَا حَالَةَ
ــ
[حاشية الرملي الكبير]
بَابُ اخْتِلَافِ الْجَانِي وَمُسْتَحِقِّ الدَّمِ) . (قَوْلُهُ: قَالَهُ الْبُلْقِينِيُّ)، وَهُوَ وَاضِحٌ مَأْخُوذٌ مِنْ تَعْلِيلِهِمْ (قَوْلُهُ: وَإِذَا حَلَفَ الْوَلِيُّ فَلْيَحْلِفْ يَمِينًا وَاحِدَةً) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ: وَاسْتَحَقَّ الدِّيَةَ) قَالَ الْقَاضِي أَبُو الطَّيِّبِ يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ فِي الْقِصَاصِ قَوْلٌ آخَرُ كَمَا قُلْنَا فِي الْقَسَامَةِ قَالَ ابْنُ الصَّبَّاغِ، وَيُمْكِنُ عِنْدِي أَنْ يُفَرَّقَ بَيْنَهُمَا بِأَنَّ فِي الْقَسَامَةِ تَتَكَرَّرُ الْأَيْمَانُ، وَفِي مَسْأَلَتِنَا الْيَمِينُ وَاحِدَةٌ (قَوْلُهُ: لَا الْقِصَاصَ كَمَا صَرَّحَ بِهِ فِي الرَّوْضَةِ) لَكِنَّ مُقْتَضَى كَلَامِ الرَّوْضَةِ، وَأَصْلِهَا فِي بَابِ الشَّهَادَةِ عَلَى الدَّمِ تَرْجِيحُ وُجُوبِهِ، وَجَرَى عَلَيْهِ الْمُصَنِّفُ ثَمَّ لَكِنْ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: إنَّ الْأَوَّلَ هُوَ الصَّحِيحُ الْمُخْتَارُ وَنَقَلَهُ ابْنُ الرِّفْعَةِ عَنْ الْأَصْحَابِ (قَوْلُهُ: وَلِمَنْ رَآهُ يَلْتَفُّ الشَّهَادَةُ بِحَيَاتِهِ) ، وَإِنْ أَقَامَا بَيِّنَتَيْنِ تَعَارَضَتَا
الْقَدِّ وَالِانْهِدَامِ (اسْتِصْحَابًا) لِمَا كَانَ (وَلَا تُقْبَلُ) شَهَادَتُهُ (بِالِالْتِفَافِ) أَيْ بِأَنَّهُ رَآهُ يَلْتَفُّ فِي الثَّوْبِ، أَوْ يَدْخُلُ الْبَيْتَ (وَإِذَا ادَّعَى) الْجَانِي (رِقَّهُ) أَيْ رِقَّ مَقْتُولِهِ، وَأَنْكَرَ الْوَلِيُّ (أَوْ ادَّعَى قَاطِعُ الطَّرَفِ نَقْصَهُ) بِشَلَلٍ، أَوْ فَقْدِ أُصْبُعٍ، أَوْ خَرَسٍ، أَوْ عَمًى أَوْ نَحْوِهِمَا (وَهُوَ غَيْرُ ظَاهِرٍ) أَيْ وَالطَّرَفُ بَاطِنٌ كَالذَّكَرِ، وَأَنْكَرَ الْمَجْنِيُّ عَلَيْهِ (صُدِّقَ بِيَمِينِهِ الْوَلِيُّ) فِي الْأُولَى؛ لِأَنَّ الْغَالِبَ وَالظَّاهِرَ الْحُرِّيَّةُ وَلِهَذَا حَكَمْنَا بِحُرِّيَّةِ اللَّقِيطِ الْمَجْهُولِ (وَالْمَجْنِيُّ عَلَيْهِ) فِي الثَّانِيَةِ (وَإِنْ كَانَ ظَاهِرًا) كَالْيَدِ (فَلَا) يُصَدَّقُ الْمَجْنِيُّ عَلَيْهِ (إلَّا بِبَيِّنَةٍ) وَيُصَدَّقُ الْجَانِي بِيَمِينِهِ إنْ أَنْكَرَ أَصْلَ السَّلَامَةِ؛ وَذَلِكَ لِعُسْرِ إقَامَةِ الْبَيِّنَةِ فِي الْبَاطِنِ دُونَ الظَّاهِرِ، وَالْأَصْلُ اسْتِمْرَارُهُ عَلَى سَلَامَةٍ، وَإِنْ اعْتَرَفَ بِأَصْلِهَا صُدِّقَ الْمَجْنِيُّ عَلَيْهِ.
قَالَ فِي الْأَصْلِ: وَالْمُرَادُ بِالْبَاطِنِ مَا يُعْتَادُ سِتْرُهُ مُرُوءَةً، وَقِيلَ مَا يَجِبُ، وَهُوَ الْعَوْرَةُ وَبِالظَّاهِرِ مَا سِوَاهُ، وَإِذَا صُدِّقَ الْمَجْنِيُّ عَلَيْهِ وَجَبَ الْقِصَاصُ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْمَاوَرْدِيُّ، وَنَقَلَهُ ابْنُ الرِّفْعَةِ عَنْ قَضِيَّةِ كَلَامِ الْبَنْدَنِيجِيِّ وَالْأَصْحَابِ ثُمَّ اسْتَشْكَلَهُ بِمَا مَرَّ فِي الْمَلْفُوفِ، وَيُفَرَّقُ بِأَنَّ الْجَانِيَ ثَمَّ لَمْ يَعْتَرِفْ بِبَدَلٍ أَصْلًا بِخِلَافِهِ هُنَا. (وَتَكْفِي الشَّهَادَةُ) فِيمَا ذُكِرَ (إنْ كَانَ سَلِيمًا) ، وَإِنْ لَمْ يَتَعَرَّضْ لِوَقْتِ الْجِنَايَةِ (وَلَهُ الشَّهَادَةُ بِسَلَامَةِ الْيَدِ وَالذَّكَرِ بِرُؤْيَةِ الِانْقِبَاضِ وَالِانْبِسَاطِ وَبِسَلَامَةِ الْبَصَرِ بِالتَّوَقِّي وَطُولِ التَّأَمُّلِ) أَيْ بِرُؤْيَةِ تَوَقِّيهِ الْمَهَالِكَ، وَإِطَالَةِ تَأَمُّلِهِ لِمَا يَرَاهُ بِخِلَافِ تَأَمُّلِهِ الْيَسِيرِ؛ لِأَنَّهُ قَدْ يُوجَدُ مِنْ الْأَعْمَى.
(وَلَوْ قَطَعَ يَدَيْهِ وَرِجْلَيْهِ ثُمَّ مَاتَ وَادَّعَى السِّرَايَةَ) أَيْ مَوْتَهُ بِهَا (وَالْوَلِيُّ الِانْدِمَالَ) أَيْ مَوْتَهُ بَعْدَهُ بِهَا (وَأَمْكَنَ الِانْدِمَالُ) قَبْلَ الْمَوْتِ بِأَنْ طَالَ الزَّمَنُ (حَلَفَ الْوَلِيُّ) ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ السِّرَايَةِ وَلِمُوَافَقَتِهِ الظَّاهِرَ فَتَجِبُ دِيَتَانِ فَإِنْ لَمْ يُمْكِنْ بِأَنْ قَصُرَ الزَّمَنُ كَيَوْمٍ، أَوْ يَوْمَيْنِ صُدِّقَ الْجَانِي بِلَا يَمِينٍ صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ (وَكَذَا) يَحْلِفُ الْوَلِيُّ (إنْ قَالَ مَاتَ بِسَبَبٍ آخَرَ) ، وَقَالَ الْجَانِي بَلْ بِالسِّرَايَةِ، أَوْ قَتَلْته أَنَا قَبْلَ الِانْدِمَالِ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ بَقَاءُ الدِّيَتَيْنِ بِالْجِنَايَتَيْنِ هَذَا (إنْ عَيَّنَهُ) الْوَلِيُّ كَأَنْ قَالَ قَتَلَ نَفْسَهُ، أَوْ قَتَلَهُ آخَرُ (وَإِلَّا) أَيْ، وَإِنْ لَمْ يُعَيِّنْهُ (حَلَفَ الْجَانِي) أَنَّهُ مَاتَ بِالسِّرَايَةِ، أَوْ بِقَتْلِهِ (إنْ لَمْ يُمْكِنْ الِانْدِمَالُ) فِي دَعْوَى السِّرَايَةِ فَإِنْ أَمْكَنَ حَلَفَ الْوَلِيُّ أَنَّهُ مَاتَ بِسَبَبٍ آخَرَ، وَذِكْرُ حَلِفِ الْجَانِي مِنْ زِيَادَتِهِ، وَهُوَ ظَاهِرٌ فِي دَعْوَى قَتْلِهِ أَمَّا فِي دَعْوَى السِّرَايَةِ فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَا يَحْلِفُ كَنَظِيرِهِ فِي الْمَسْأَلَةِ السَّابِقَةِ (وَإِنْ قَالَ الْوَلِيُّ قَتَلْته أَنْت بَعْدَ الِانْدِمَالِ فَعَلَيْك ثَلَاثُ دِيَاتٍ، وَقَالَ الْجَانِي) بَلْ (قَبْلَ الِانْدِمَالِ) فَعَلَيَّ دِيَةٌ (وَأَمْكَنَ الِانْدِمَالُ حَلَفَا) أَيْ حَلَفَ كُلٌّ مِنْهُمَا عَلَى مَا ادَّعَاهُ (وَسَقَطَتْ الثَّالِثَةُ) بِحَلِفِ الْجَانِي فَحَلِفُهُ أَفَادَ سُقُوطَهَا وَحَلِفُ الْوَلِيِّ أَفَادَ دَفْعَ النَّقْصِ عَنْ دِيَتَيْنِ فَلَا يُوجِبُ زِيَادَةً فَإِنْ لَمْ يُمْكِنْ الِانْدِمَالُ حَلَفَ الْجَانِي عَمَلًا بِالظَّاهِرِ.
(وَكَذَا الْحُكْمُ فِي رَافِعِ حَاجِزِ مُوضِحَتَيْهِ) بِأَنْ قَالَ رَفَعْته قَبْلَ الِانْدِمَالِ فَعَلَيَّ أَرْشٌ وَاحِدٍ، وَقَالَ الْمَجْنِيُّ عَلَيْهِ بَلْ بَعْدَهُ فَعَلَيْك أَرْشُ ثَلَاثِ مُوضِحَاتٍ، وَأَمْكَنَ الِانْدِمَالُ حَلَفَ كُلٌّ مِنْهُمَا عَلَى مَا ادَّعَاهُ وَسَقَطَ الثَّالِثُ عَمَلًا بِالظَّاهِرِ، وَإِنْ لَمْ يُمْكِنْ الِانْدِمَالُ حَلَفَ الْجَانِي لِذَلِكَ (فَإِنْ قَالَ الْمَجْرُوحُ أَنَا رَفَعْته) ، أَوْ رَفَعَهُ آخَرُ، وَقَالَ الْجَارِحُ بَلْ رَفَعْته أَنَا، أَوْ ارْتَفَعَ بِالسِّرَايَةِ (صُدِّقَ) الْمَجْرُوحُ (بِيَمِينِهِ) ؛ لِأَنَّ الْمُوضِحَتَيْنِ يُوجِبَانِ أَرْشَيْنِ فَالظَّاهِرُ ثُبُوتُهُمَا وَاسْتِمْرَارُهُمَا.
(فَإِنْ قَالَ الْجَانِي لَمْ أُوضِحْ إلَّا وَاحِدَةً) ، وَقَالَ الْمَجْرُوحُ بَلْ أَوْضَحْت مُوضِحَتَيْنِ، وَأَنَا رَفَعْت الْحَاجِزَ بَيْنَهُمَا (صُدِّقَ) الْجَانِي (بِيَمِينِهِ) ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ بَرَاءَةُ الذِّمَّةِ، وَلَمْ يُوجَدْ مَا يَقْتَضِي وُجُودَ الزِّيَادَةِ (وَلَوْ قَطَعَ يَدَهُ ثُمَّ مَاتَ) فَقَالَ الْوَلِيُّ مَاتَ بِالسِّرَايَةِ فَعَلَيْك الْقَتْلُ، أَوْ الدِّيَةُ (وَقَالَ الْجَانِي) بَلْ (بَعْدَ الِانْدِمَالِ) فَعَلَيَّ قَطْعُ الْيَدِ، أَوْ نِصْفُ الدِّيَةِ (وَأَمْكَنَ) الِانْدِمَالُ (صُدِّقَ بِيَمِينِهِ) ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ بَرَاءَةُ الذِّمَّةِ، وَلَمْ يَثْبُتْ مَا يُوجِبُ تَمَامَ الدِّيَةِ بِخِلَافِ قَطْعِ الْيَدَيْنِ وَالرِّجْلَيْنِ الْمُوجِبِ لِدِيَتَيْنِ وَبِخِلَافِ مَا لَوْ قَالَ الْجَانِي بَلْ مَاتَ بِسَبَبٍ آخَرَ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ السَّبَبِ أَمَّا إذَا لَمْ يُمْكِنْ الِانْدِمَالُ فَيُصَدَّقُ الْوَلِيُّ، وَقِيَاسُ مَا مَرَّ مِنْ تَصْدِيقِ الْجَانِي بِلَا يَمِينٍ فِي صُورَةِ قَطْعِ الْيَدَيْنِ أَنَّ تَصْدِيقَ الْوَلِيِّ هُنَا كَذَلِكَ (فَإِنْ قَامَتْ بَيِّنَةٌ) لِلْوَلِيِّ (أَنَّهُ) أَيْ الْمَجْرُوحَ (لَمْ يَزَلْ مُتَأَلِّمًا) مِنْ الْجِرَاحَةِ (حَتَّى مَاتَ صُدِّقَ الْوَلِيُّ) بِيَمِينِهِ؛ لِأَنَّ جَانِبَهُ قَدْ قَوِيَ بِالْبَيِّنَةِ (أَوْ قَالَ) الْجَانِي (مَاتَ بِسَبَبٍ آخَرَ) فَعَلَيَّ نِصْفُ دِيَةٍ، وَقَالَ
ــ
[حاشية الرملي الكبير]
قَوْلُهُ: أَوْ ادَّعَى قَاطِعُ الطَّرَفِ نَقْصَهُ بِشَلَلٍ) تَكْفِي بَيِّنَةُ الْجَانِي بِالشَّلَلِ بِأَنَّهُ كَانَ أَشَلَّ، وَإِنْ لَمْ تُقَيِّدْهُ بِحَالَةِ الْجِنَايَةِ؛ لِأَنَّهُ إذَا وَقَعَ دَامَ (قَوْلُهُ: وَإِذَا صُدِّقَ الْمَجْنِيُّ عَلَيْهِ وَجَبَ الْقِصَاصُ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْمَاوَرْدِيُّ إلَخْ) لَا تَجِبُ إلَّا الدِّيَةُ كَمَا فِي الْمَلْفُوفِ، وَقَالَ الْأَذْرَعِيُّ أَحْسَبُ مَنْ قَالَ بِوُجُوبِ الْقِصَاصِ هُنَا هُوَ مَنْ يَقُولُ بِوُجُوبِهِ هُنَاكَ إلَّا أَنْ يُصَرِّحَ النَّافِي هُنَاكَ بِالْإِثْبَاتِ هُنَا، وَيَذْكُرَ فَرْقًا بَيْنَ الصُّورَتَيْنِ. اهـ. وَقَالَ فِي الْغُنْيَةِ فَأَيُّ فَرْقٍ بَيْنَهُمَا، وَقَالَ الْجَلَالُ الْمَحَلِّيُّ: وَمَعْلُومٌ أَنَّ التَّصْدِيقَ بِالْيَمِينِ، وَأَنْ لَا قِصَاصَ، وَهُوَ الصَّحِيحُ.
(قَوْلُهُ: أَمَّا فِي دَعْوَى السِّرَايَةِ فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَا يَحْلِفُ إلَخْ) لَا بُدَّ مِنْ حَلِفِهِ فِيهَا وَالْفَرْقُ بَيْنَهَا وَبَيْنَ الْمَسْأَلَةِ السَّابِقَةِ ظَاهِرٌ (قَوْلُهُ: فَلَا يُوجِبُ زِيَادَةً) لِهَذِهِ الصُّورَةِ نَظَائِرُ مِنْهَا إذَا تَنَازَعَ الْمُتَبَايِعَانِ فِي قِدَمِ الْعَيْبِ وَحَلَفَ الْبَائِعُ ثُمَّ جَرَى الْفَسْخُ بِتَحَالُفٍ، وَأَرَادَ مُطَالَبَةَ الْمُشْتَرِي بِأَرْشِ مَا ثَبَتَ بِيَمِينِهِ أَنَّهُ حَادِثٌ لَمْ نُمَكِّنْهُ؛ لِأَنَّ يَمِينَهُ صَلُحَتْ لِلدَّفْعِ عَنْهُ فَلَا تَصْلُحُ لِشَغْلِ ذِمَّةِ الْمُشْتَرِي، وَإِنَّمَا يَحْلِفُ الْمُشْتَرِي عَلَى عَدَمِ حُدُوثِهِ، وَمِنْهَا إذَا تَنَازَعَا فِي الْحَوَالَةِ بَعْدَ تَلَفِ الْمَقْبُوضِ، وَقَالَ الْمُسْتَحِقُّ وَكَّلْتنِي، وَقَالَ الْمَدِينُ أَحَلْتُك وَحَلَفَ الْمُسْتَحِقُّ عَلَى نَفْيِ الْحَوَالَةِ فَفِي ضَمَانِهِ وَجْهَانِ أَحَدُهُمَا نَعَمْ؛ لِأَنَّهُ صُدِّقَ فِي نَفْيِ الْحَوَالَةِ لَا فِي إثْبَاتِ الْوَكَالَةِ فَنَفْعُهُ فِي بَقَاءِ دَيْنِهِ لَا فِي إسْقَاطِ الضَّمَانِ، وَالْأَصْلُ أَنَّ مَا يَتْلَفُ فِي يَدِهِ مِنْ مِلْكِ الْغَيْرِ مَضْمُونٌ عَلَيْهَا وَمِنْهَا ادَّعَى الزَّوْجُ الْوَطْءَ فِي مُدَّةِ الْعُنَّةِ وَجَعَلْنَا الْقَوْلَ قَوْلَهُ فِي بَقَاءِ النِّكَاحِ فَحَلَفَ ثُمَّ طَلَّقَهَا، وَأَرَادَ رَجْعَتَهَا لِأَجَلٍ أَنَّهُ أَثْبَتَ الْوَطْءَ بِيَمِينِهِ لَمْ يُمَكَّنْ مِنْهُ؛ لِأَنَّ تِلْكَ الْيَمِينَ كَانَتْ لِلدَّفْعِ فَلَا تَصْلُحُ لِلْإِثْبَاتِ (قَوْلُهُ: حَلَفَ الْجَانِي) أَيْ إنْ اُحْتُمِلَ بَقَاءُ الْجُرْحِ، وَإِلَّا فَيُصَدَّقُ بِلَا يَمِينٍ