الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
(وَإِنْ) تَآكَلَتْ ثُمَّ (قَطَعَهَا مِنْ لَحْمٍ حَيٍّ، أَوْ مَيِّتٍ فَكَالْخِيَاطَةِ) فِيمَا مَرَّ (، وَلَوْ اخْتَلَفَا) أَيْ الْخَصْمَانِ (فِي التَّآكُلِ بِالدَّوَاءِ) فَقَالَ الْجَانِي دَاوَيْت بِمَا يُورِثُ التَّآكُلَ، وَأَنْكَرَ الْمَجْنِيُّ عَلَيْهِ (أَوْ) اخْتَلَفَا (هَلْ مَاتَ بِالسِّرَايَةِ) فَقَالَ الْوَارِثُ مَاتَ بِهَا، وَقَالَ الْجَانِي بَلْ قَتَلَ نَفْسَهُ (صُدِّقَ الْمَجْنِيُّ عَلَيْهِ) بِيَمِينِهِ فِي الْأُولَى (أَوْ الْوَارِثُ) فِي الثَّانِيَةِ عَمَلًا بِالْجِنَايَةِ الْمَعْلُومَةِ وَالْأَصْلُ عَدَمُ غَيْرِهَا مِنْ الْأَسْبَابِ.
[فَرْعٌ ضَرَبُوهُ بِسِيَاطٍ خَفِيفَةٍ مَثَلًا حَتَّى قَتَلُوهُ]
(فَرْعٌ) لَوْ (ضَرَبُوهُ سِيَاطًا) أَيْ بِسِيَاطٍ خَفِيفَةٍ مَثَلًا حَتَّى قَتَلُوهُ (وَكُلٌّ) مِنْهُمْ (ضَرْبُهُ يَقْتُلُ) لَوْ انْفَرَدَ (قُتِلُوا، وَكَذَا لَوْ لَمْ يُقْتَلْ إنْ تَوَاطَئُوا) عَلَى ضَرْبِهِ، وَكَانَ ضَرْبُ كُلٍّ مِنْهُمْ مُؤَثِّرًا فِي الزُّهُوقِ حَسْمًا لِلذَّرِيعَةِ، وَكَمَا لَوْ تَوَالَتْ ضَرَبَاتُ الْوَاحِدِ وَتَخَالَفَ الْجِرَاحَاتُ حَيْثُ لَا يُشْتَرَطُ فِيهَا التَّوَاطُؤُ؛ لِأَنَّ نَفْسَ الْجُرْحِ يُقْصَدُ بِهِ الْإِهْلَاكُ بِخِلَافِ الضَّرْبِ بِالسَّوْطِ (وَإِلَّا) بِأَنْ وَقَعَتْ الضَّرَبَاتُ كُلُّهَا، أَوْ بَعْضُهَا اتِّفَاقًا (فَالدِّيَةُ) أَيْ فَالْوَاجِبُ الدِّيَةُ لَا الْقِصَاصُ (مُوَزَّعَةً عَلَى الضَّرَبَاتِ) ؛ لِأَنَّهَا تُلَافِي ظَاهِرَ الْبَدَنِ فَلَا يَعْظُمُ فِيهَا التَّفَاوُتُ بِخِلَافِ الْجِرَاحَاتِ (نَعَمْ إنْ ضَرَبَهُ أَحَدُهُمَا ضَرْبًا يَقْتُلُ) كَأَنْ ضَرَبَهُ خَمْسِينَ سَوْطًا (ثُمَّ ضَرَبَهُ الْآخَرُ سَوْطَيْنِ، أَوْ ثَلَاثَةً حَالَ الْأَلَمِ) مِنْ ضَرْبِ الْأَوَّلِ (عَالِمًا بِضَرْبِهِ اقْتَصَّ مِنْهُمَا) لِظُهُورِ قَصْدِ الْإِهْلَاكِ مِنْهُمَا (أَوْ جَاهِلًا بِهِ) فَلَا قِصَاصَ عَلَى وَاحِدٍ مِنْهُمَا؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَظْهَرْ قَصْدُ الْإِهْلَاكِ مِنْ الثَّانِي وَالْأَوَّلُ شَرِيكُهُ (فَعَلَى الْأَوَّلِ حِصَّةُ ضَرْبِهِ مِنْ دِيَةِ الْعَمْدِ وَعَلَى الثَّانِي كَذَلِكَ) أَيْ حِصَّةُ ضَرْبِهِ (مِنْ دِيَةِ شِبْهِهِ) قَالَ فِي الْأَصْلِ وَفَرَّقَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ مَا إذَا ضَرَبَ مَرِيضًا سَوْطَيْنِ جَاهِلًا مَرَضَهُ حَيْثُ يَجِبُ الْقِصَاصُ بِأَنَّا لَمْ نَجِدْ ثَمَّ مَنْ نُحِيلُ عَلَيْهِ الْقَتْلَ سِوَى الضَّارِبِ (وَإِنْ ضَرَبَاهُ بِالْعَكْسِ) بِأَنْ ضَرَبَهُ أَحَدُهُمَا سَوْطَيْنِ، أَوْ ثَلَاثَةً ثُمَّ ضَرَبَهُ الْآخَرُ ضَرْبًا يَقْتُلُ كَأَنْ ضَرَبَهُ خَمْسِينَ سَوْطًا حَالَ الْأَلَمِ، وَلَا تَوَاطُؤَ (فَلَا قِصَاصَ) عَلَى وَاحِدٍ مِنْهُمَا؛ لِأَنَّ ضَرْبَ الْأَوَّلِ شِبْهُ عَمْدٍ وَالثَّانِي شَرِيكُهُ (بَلْ يَجِبُ) عَلَيْهِمَا (الدِّيَةُ كَذَلِكَ) يَعْنِي عَلَى الْأَوَّلِ حِصَّةُ ضَرْبِهِ مِنْ دِيَةِ شِبْهِ الْعَمْدِ وَعَلَى الثَّانِي حِصَّةُ ضَرْبِهِ مِنْ دِيَةِ الْعَمْدِ.
(فَرْعٌ: لَوْ جَرَحَهُ) شَخْصٌ (خَطَأً، وَنَهَشَتْهُ حَيَّةٌ وَسَبُعٌ وَمَاتَ) مِنْ ذَلِكَ (لَزِمَهُ ثُلُثُ الدِّيَةِ) كَمَا لَوْ جَرَحَهُ ثَلَاثَةُ نَفَرٍ وَخَرَجَ بِالْخَطَأِ الْعَمْدُ فَيُقْتَصُّ مِنْ صَاحِبِهِ كَمَا مَرَّ.
[بَابُ تَغَيُّرِ حَال الْجَارِحِ أَوْ الْمَجْرُوحِ بَيْنَ الْجُرْحِ وَالْمَوْتِ]
(بَابُ تَغَيُّرِ الْحَالِ) أَيْ حَالَ الْجَارِحِ، أَوْ الْمَجْرُوحِ (بَيْنَ الْجُرْحِ وَالْمَوْتِ) بِالْعِصْمَةِ وَالْإِهْدَارِ، أَوْ بِالْقَدْرِ الْمَضْمُونِ بِهِ (لَوْ جَرَحَ مُسْلِمٌ) مَثَلًا (حَرْبِيًّا فَأَسْلَمَ) ، أَوْ أَمِنَ (ثُمَّ مَاتَ) بِالسِّرَايَةِ (فَلَا ضَمَانَ كَعَكْسِهِ) بِأَنْ جَرَحَ حَرْبِيٌّ مُسْلِمًا فَأَسْلَمَ الْحَرْبِيُّ، أَوْ أَمِنَ ثُمَّ مَاتَ الْمَجْرُوحُ؛ لِأَنَّهُ جُرْحٌ غَيْرُ مَضْمُونٍ فَسِرَايَتُهُ غَيْرُ مَضْمُونَةٍ كَقَطْعِ يَدِ السَّارِقِ (وَكَذَا) لَا ضَمَانَ (لَوْ جَرَحَ عَبْدَهُ فَأَعْتَقَهُ فَمَاتَ) بِالسِّرَايَةِ لِذَلِكَ نَعَمْ يَضْمَنُهُ بِالْكَفَّارَةِ كَمَا سَيَأْتِي (وَإِنْ رَمَى مُرْتَدًّا، أَوْ حَرْبِيًّا فَأَسْلَمَ قَبْلَ الْإِصَابَةِ، أَوْ رَمَى عَبْدَهُ، أَوْ قَاتَلَ أَبِيهِ فَأَعْتَقَهُ) أَيْ الْعَبْدَ (أَوْ عَفَا) عَنْ قَاتِلِ أَبِيهِ (قَبْلَهَا) أَيْ الْإِصَابَةِ (وَجَبَتْ الدِّيَةُ) اعْتِبَارًا بِحَالَةِ الْإِصَابَةِ؛ لِأَنَّهَا حَالَةُ اتِّصَالِ الْجِنَايَةِ، وَالرَّمْيُ كَالْمُقَدِّمَةِ الَّتِي يُتَوَصَّلُ بِهَا إلَى الْجِنَايَةِ، وَلَا يَجِبُ الْقِصَاصُ لِعَدَمِ الْكَفَاءَةِ فِي أَوَّلِ أَجْزَاءِ الْجِنَايَةِ، وَهَذَا (كَمَنْ كَانَ عَبْدًا) ، أَوْ مُرْتَدًّا (حَالَ الْحَفْرِ) لِبِئْرٍ بِمَحَلِّ عُدْوَانٍ (فَعَتَقَ) الْعَبْدُ، أَوْ أَسْلَمَ الْمُرْتَدُّ (ثُمَّ تَرَدَّى) فِيهَا فَتَجِبُ الدِّيَةُ، وَلَا قِصَاصَ.
(وَإِنْ رَمَى حَرْبِيٌّ مُسْلِمًا ثُمَّ أَسْلَمَ) الْحَرْبِيُّ (قَبْلَ الْإِصَابَةِ فَهَلْ يَضْمَنُ) ، أَوْ لَا (وَجْهَانِ) الظَّاهِرُ مِنْهُمَا أَنَّهُ يَضْمَنُ بِخِلَافِ مَا مَرَّ فِي قَوْلِهِ كَعَكْسِهِ؛ لِأَنَّ الْإِصَابَةَ هُنَا حَصَلَتْ حَالَةَ كَوْنِ الرَّامِي مُلْتَزِمًا لِلضَّمَانِ بِخِلَافِهَا ثَمَّ (وَإِنْ ارْتَدَّ الْمَجْرُوحُ وَمَاتَ) مُرْتَدًّا (بِالسِّرَايَةِ فَلِوَلِيِّهِ الْقِصَاصُ بِالْجُرْحِ) لَا بِالنَّفْسِ (إنْ، أَوْجَبَهُ) كَالْمُوضِحَةِ، وَقَطْعِ الْيَدِ عَمْدًا؛ لِأَنَّ الْقِصَاصَ فِي الطَّرَفِ يَنْفَرِدُ عَنْهُ فِي النَّفْسِ وَيَسْتَقِرُّ فَلَا يَتَغَيَّرُ بِمَا يَحْدُثُ بَعْدَهُ بِدَلِيلِ أَنَّهُ لَوْ قَطَعَ طَرَفَ غَيْرِهِ ثُمَّ حَزَّ آخِرُ رَقَبَتِهِ، وَلَوْ خَطَأً لَزِمَ الْأَوَّلَ قِصَاصُ الطَّرَفِ وَالْمُرَادُ بِوَلِيِّهِ مَنْ يَرِثُهُ لَوْلَا الرِّدَّةُ لَا الْإِمَامُ؛ لِأَنَّ الْقِصَاصَ لِلتَّشَفِّي، وَهُوَ لَهُ لَا لِلْإِمَامِ فَلَوْ كَانَ صَغِيرًا، أَوْ مَجْنُونًا اُنْتُظِرَ كَمَالُهُ لِيَسْتَوْفِيَ (وَإِلَّا) أَيْ، وَإِنْ لَمْ يُوجِبْ الْجُرْحُ الْقِصَاصَ كَالْجَائِفَةِ وَالْهَاشِمَةِ، وَكَقَطْعِ الْيَدِ خَطَأً (فَا) لْوَاجِبُ (الْأَقَلُّ مِنْ الدِّيَةِ) لِلنَّفْسِ (وَالْأَرْشِ) لِلْجُرْحِ فَإِنْ كَانَ الْأَرْشُ أَقَلَّ كَقَطْعِ الْيَدِ الْوَاحِدَةِ لَمْ يَزِدْ بِالسِّرَايَةِ فِي الرِّدَّةِ شَيْءٌ، وَإِنْ كَانَتْ الدِّيَةُ أَقَلَّ كَقَطْعِ الْيَدَيْنِ وَالرِّجْلَيْنِ فَلَا زِيَادَةَ عَلَيْهَا؛ لِأَنَّهُ لَوْ مَاتَ بِالسِّرَايَةِ مُسْلِمًا لَمْ يَجِبْ أَكْثَرُ مِنْهَا فَبِالْأَوْلَى إذَا مَاتَ مُرْتَدًّا (وَيَكُونُ) الْوَاجِبُ -
ــ
[حاشية الرملي الكبير]
[فَرْعٌ قَطَعَ أُصْبُعَ يَدِ رَجُلٍ فَتَآكَلَ مَوْضِعُ الْقَطْعِ]
قَوْلُهُ: فَعَلَى الْأَوَّلِ حِصَّةُ ضَرْبِهِ مِنْ دِيَةِ الْعَمْدِ إلَخْ) عُلِمَ مِنْ كَلَامِهِ أَنَّ التَّوْزِيعَ لِلدِّيَةِ عَلَى عَدَدِ الضَّرَبَاتِ لَا عَلَى عَدَدِ الرُّءُوسِ.
[فَرْعٌ جَرَحَهُ شَخْصٌ خَطَأً وَنَهَشَتْهُ حَيَّةٌ وَسَبُعٌ وَمَاتَ]
(بَابُ تَغَيُّرِ الْحَالِ بَيْنَ الْجُرْحِ وَالْمَوْتِ) . (فَرْعٌ) لَوْ جَرَحَ مُرْتَدًّا ثُمَّ أَسْلَمَ الْمَجْرُوحُ فَمَاتَ فَلَا قِصَاصَ، وَلَا دِيَةَ فَلَوْ كَانَ جَارِحُهُ مُرْتَدًّا وَجَبَ الْقِصَاصُ كَمَا مَرَّ وَوَجَبَتْ الدِّيَةُ فِي الْأَصَحِّ، وَإِنْ لَمْ تَجِبْ فِي قَتْلِ الْمُرْتَدِّ مُرْتَدًّا بَلْ فِيهِ الْقِصَاصُ فَقَطْ (قَوْلُهُ: وَإِنْ رَمَى مُرْتَدًّا إلَخْ) لَوْ كَانَ الرَّامِي إلَى الْمُرْتَدِّ هُوَ الْإِمَامَ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ، وَإِنْ شَارَكَ الْأَجْنَبِيَّ فِي التَّعَدِّي فِي الرَّمْيِ فَقَدْ امْتَازَ عَنْهُ بِإِبَاحَةِ الْقَتْلِ فَرَمْيُهُ إيَّاهُ لِأَجْلِ رِدَّتِهِ (قَوْلُهُ: وَجَبَتْ الدِّيَةُ مُخَفَّفَةً عَلَى الْعَاقِلَةِ) ، وَإِنْ قَالَ جَمْعٌ مِنْ الْمُتَأَخِّرِينَ: إنَّ الْمَذْهَبَ وُجُوبُ دِيَةِ عَمْدٍ فِي مَالِهِ وَصَوَّبَهُ الزَّرْكَشِيُّ.
(قَوْلُهُ: فَهَلْ يَضْمَنُ) أَيْ دِيَتَهُ (قَوْلُهُ: الظَّاهِرُ مِنْهُمَا أَنَّهُ يَضْمَنُ) هُوَ الْأَصَحُّ وَجَزَمَ بِهِ فِي الْعُبَابِ (قَوْلُهُ: وَإِنْ ارْتَدَّ الْمَجْرُوحَ وَمَاتَ بِالسِّرَايَةِ فَنَفْسُهُ هَدَرٌ) أَيْ إذَا كَانَ الْجَارِحُ مُسْلِمًا أَوْ ذِمِّيًّا فَإِنْ كَانَ الْجَارِحُ مُرْتَدًّا فَيَجِبُ الْقِصَاصُ عَلَى الْأَصَحِّ (قَوْلُهُ: وَالْمُرَادُ بِوَلِيِّهِ مَنْ يَرِثُهُ لَوْلَا الرِّدَّةُ) فَيَخْرُجُ عَنْهُ قَرِيبُهُ الَّذِي لَيْسَ وَارِثًا، وَيَدْخُلُ فِيهِ ذُو الْوَلَاءِ
(فَيْئًا) فَلَا شَيْءَ مِنْهُ لِوَلِيِّهِ (وَ) إنْ انْدَمَلَ جُرْحُهُ الْمُوجِبُ لِلْقِصَاصِ (قَبْلَ الْمَوْتِ) كَانَ (الْقِصَاصُ لَهُ) فَإِنْ مَاتَ قَبْلَ أَنْ يَقْتَصَّ اقْتَصَّ وَلِيُّهُ (وَلِلْمَالِ) الْوَاجِبِ لَهُ بِالْجُرْحِ (حُكْمُ مَالِهِ) الثَّابِتِ لَهُ بِغَيْرِ ذَلِكَ فَهُوَ مَوْقُوفٌ فَإِنْ عَادَ إلَى الْإِسْلَامِ أَخَذَهُ، وَإِلَّا أَخَذَهُ الْإِمَامُ (فَإِنْ أَسْلَمَ) قَبْلَ انْدِمَالِ جُرْحِهِ (ثُمَّ مَاتَ) بِالسِّرَايَةِ (فَلَا قِصَاصَ فِي النَّفْسِ) ، وَإِنْ قَلَّ زَمَنُ الرِّدَّةِ؛ لِأَنَّهُ انْتَهَى إلَى حَالَةٍ لَوْ مَاتَ فِيهَا لَمْ يَجِبْ الْقِصَاصُ فَصَارَ ذَلِكَ شُبْهَةً دَارِئَةً لَهُ (وَتَجِبُ الدِّيَةُ كَامِلَةً) ، وَإِنْ كَثُرَ زَمَنُ الرِّدَّةِ لِوُقُوعِ الْجُرْحِ وَالْمَوْتِ فِي حَالَةِ الْعِصْمَةِ؛ وَلِأَنَّ الْعِبْرَةَ فِي الدِّيَةِ بِآخِرِ الْأَمْرِ.
(وَكَذَا) لَا يَجِبُ الْقِصَاصُ فِي النَّفْسِ وَتَجِبُ الدِّيَةُ كَامِلَةً (إنْ ارْتَدَّ) الْمَرْمِيُّ إلَيْهِ قَبْلَ الْإِصَابَةِ (ثُمَّ أَسْلَمَ بَيْنَ الرَّمْيِ وَالْإِصَابَةِ فَلَوْ لَمْ يُسْلِمْ) حِينَئِذٍ (أُهْدِرَ، وَالْمُعْتَبَرُ فِي الْمُغِيرِ قَدْرَ الدِّيَةِ وَقْتَ الْمَوْتِ) ؛ لِأَنَّ الضَّمَانَ بَدَلُ التَّالِفِ فَيُعْتَبَرُ فِيهِ وَقْتُ التَّلَفِ، وَقَدْرُ الدِّيَةِ مَنْصُوبٌ بِالْمُغِيرِ (فَإِنْ جَرَحَ ذِمِّيًّا) حُرًّا مِثْلَهُ (فَنَقَضَ) الْمَجْرُوحُ عَهْدَهُ وَالْتَحَقَ بِدَارِ الْحَرْبِ ثُمَّ سُبِيَ (وَاسْتُرِقَّ ثُمَّ مَاتَ بِالسِّرَايَةِ وَلِلْجُرْحِ قِصَاصٌ) كَقَطْعِ يَدٍ (اقْتَصَّ بِهِ) إذْ لَا مَانِعَ (لَا بِالنَّفْسِ) لِتَخَلُّلِ حَالَةِ إهْدَارِهَا؛ وَلِأَنَّ الْحُرَّ لَا يُقْتَلُ بِالْعَبْدِ (بَلْ تَجِبُ قِيمَتُهُ) فِي ذَلِكَ وَفِيمَا لَوْ لَمْ يَقْتَصَّ، وَإِنْ كَانَتْ أَكْثَرَ مِنْ الْأَرْشِ اعْتِبَارًا بِالْمَالِ بَعْدَ اعْتِبَارِ كَوْنِهِ مَضْمُونًا وَقْتَ الْجِنَايَةِ (وَلِلْوَارِثِ مِنْهَا قَدْرُ الْأَرْشِ، وَلَوْ كَانَ) الْوَارِثُ ذِمِّيًّا (فِي دَارِ الْحَرْبِ وَمَا فَضَلَ) مِنْهَا (لِلسَّيِّدِ) فَإِنْ لَمْ يَفْضُلْ مِنْهَا شَيْءٌ فَلَا شَيْءَ لَهُ (فَإِنْ كَانَ) سَيِّدُهُ (قَدْ أَعْتَقَهُ فَدِيَةُ ذِمِّيٍّ) تَجِبُ إنْ لَمْ يُسْلِمْ الْمَجْرُوحُ (أَوْ) دِيَةُ (مُسْلِمٍ إنْ أَسْلَمَ) ، وَقِيلَ الْوَاجِبُ فِي الْأُولَى أَقَلُّ الْأَمْرَيْنِ مِنْ الْأَرْشِ وَدِيَةُ ذِمِّيٍّ وَفِي الثَّانِيَةِ أَقَلُّ الْأَمْرَيْنِ مِنْ الْأَرْشِ وَدِيَةُ مُسْلِمٍ وَفِي الْقِصَاصِ فِي الثَّانِيَةِ قَوْلَانِ، وَقَدْ حَكَى الْأَصْلُ ذَلِكَ مَعَ مَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ بِلَا تَرْجِيحٍ فَتَرْجِيحُ إيجَابِ الدِّيَةِ وَعَدَمُ إيجَابِ الْقِصَاصِ الْمَفْهُومِ مِنْ ذَلِكَ مِنْ زِيَادَةِ الْمُصَنِّفِ. (وَالدِّيَةُ) فِي الصُّورَتَيْنِ (لِلْوَارِثِ) ، وَهُوَ فِي الْأُولَى ذِمِّيٌّ، وَفِي الثَّانِيَةِ مُسْلِمٌ.
(وَإِنْ جَرَحَ) شَخْصٌ (ذِمِّيًّا فَأَسْلَمَ، أَوْ عَبْدًا) لِغَيْرِهِ (فَعَتَقَ ثُمَّ مَاتَ بَعْدَ الِانْدِمَالِ وَجَبَ أَرْشُ الْجِنَايَةِ وَيَكُونُ) أَرْشُهَا فِي الثَّانِيَةِ (لِمَالِكِ الْعَبْدِ، وَإِنْ) الْأَوْلَى فَإِنْ (فَقَأَ عَيْنَهُ لَزِمَتْهُ قِيمَتُهُ) ، وَإِنْ كَانَ الِانْدِمَالُ بَعْدَ عِتْقِهِ؛ لِأَنَّ الْجِرَاحَةَ إذَا انْدَمَلَتْ اسْتَقَرَّتْ وَخَرَجَتْ عَنْ أَنْ تَكُونَ جِنَايَةً عَلَى النَّفْسِ فَيَنْظُرُ إلَى حَالِ الْجِنَايَةِ عَلَى الطَّرَفِ وَالْمَجْنِيُّ عَلَيْهِ كَانَ حِينَئِذٍ مَمْلُوكًا فَيَجِبُ أَرْشُهَا لِلْمَالِكِ كَمَا قُلْنَا لَا دِيَةُ حُرٍّ، وَكَأَنَّهُ أَشَارَ إلَى ذَلِكَ بِقَوْلِهِ مِنْ زِيَادَتِهِ (فَقَطْ) بِنَاءً عَلَى أَنَّ الدِّيَةَ أَكْثَرُ مِنْ الْقِيمَةِ غَالِبًا (وَإِنْ) مَاتَ الْمَجْرُوحُ مِنْ الذِّمِّيِّ وَالْعَبْدِ (بِالسِّرَايَةِ فَلَا قِصَاصَ) إنْ كَانَ جَارِحُ الذِّمِّيِّ مُسْلِمًا وَجَارِحُ الْعَبْدِ حُرًّا؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَقْصِدْ بِالْجِنَايَةِ مَنْ يُكَافِئُهُ (بَلْ) تَجِبُ (دِيَةُ حُرٍّ مُسْلِمٍ) ، وَإِنْ كَانَتْ أَقَلَّ مِنْ قِيمَةِ الْعَبْدِ فِي مَسْأَلَتِهِ؛ لِأَنَّهُ فِي الِابْتِدَاءِ مَضْمُونٌ، وَفِي الِانْتِهَاءِ حُرٌّ مُسْلِمٌ فَتَجِبُ دِيَتُهُ (لِلْوَرَثَةِ) فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ (وَ) لَكِنْ (لِسَيِّدِ الْعَبْدِ مِنْهَا) فِي الثَّانِيَةِ (قِيمَتُهُ) ؛ لِأَنَّهُ اسْتَحَقَّهَا بِالْجِنَايَةِ الْوَاقِعَةِ فِي مِلْكِهِ (وَإِنْ فَضَلَ مِنْهَا شَيْءٌ فَلِوَارِثِ الْعَتِيقِ) ؛ لِأَنَّهُ وَجَبَ بِسَبَبِ الْحُرِّيَّةِ رُبَّمَا تَقَرَّرَ عُلِمَ أَنَّهُ لَا حَاجَةَ لِقَوْلِهِ، وَإِنْ فَضَلَ إلَى آخِرِهِ مَعَ أَنَّهُ لَوْ قَالَ لِلْوَرَثَةِ وَلِسَيِّدِ الْعَبْدِ فَإِنْ فَضَلَ مِنْ قِيمَتِهِ شَيْءٌ فَلِوَارِثِ الْعَتِيقِ كَانَ أَحْسَنَ، وَأَوْضَحَ، وَأَخْصَرَ مِمَّا قَالَهُ (وَإِنْ قَطَعَ يَدَهُ ثُمَّ عَتَقَ ثُمَّ مَاتَ) بِالسِّرَايَةِ (فَدِيَةٌ) تَجِبُ لِمَا مَرَّ (وَلِلسَّيِّدِ نِصْفُ قِيمَتِهِ مِنْهَا، وَإِنْ أَتَتْ) قِيمَتُهُ أَيْ نِصْفُهَا (عَلَى الدِّيَة) بِأَنْ سَاوَتْهَا.
(فَرْعٌ:) لَوْ (قَطَعَ) شَخْصٌ (يَدَ عَبْدٍ) لِغَيْرِهِ (فَعَتَقَ ثُمَّ) قَطَعَ (آخَرُ) يَدَهُ (الْأُخْرَى) وَانْدَمَلَ الْجُرْحَانِ (قُطِعَ) الْقَاطِعُ (الثَّانِي) حُرًّا كَانَ، أَوْ عَبْدًا لِوُجُودِ الْكَفَاءَةِ (لَا الْأَوَّلُ) فَلَا يُقْطَعُ (إنْ كَانَ حُرًّا) لِعَدَمِهَا بَلْ عَلَيْهِ (لِلسَّيِّدِ نِصْفُ قِيمَتِهِ فَإِنْ مَاتَ مِنْهُمَا) أَيْ مِنْ الْقِطْعَيْنِ (قُتِلَ الثَّانِي) لِوُجُودِ الْكَفَاءَةِ لَا الْأَوَّلُ إنْ كَانَ حُرًّا لِعَدَمِهَا (وَلَزِمَ الْأَوَّلَ نِصْفُ الدِّيَةِ لِلسَّيِّدِ مِنْهَا) يَعْنِي مِنْ نِصْفِهَا (نِصْفُ قِيمَتِهِ) وَالْبَاقِي لِلْوَارِثِ (وَإِنْ عَفَا) عَنْ الثَّانِي (فَعَلَيْهِمَا) أَيْ الْقَاطِعَيْنِ (الدِّيَةُ وَلِلسَّيِّدِ فِي حِصَّةِ الْأَوَّلِ) مِنْهُمَا (الْأَقَلُّ مِنْ نِصْفِهَا) وَمِنْ (نِصْفِ الْقِيمَةِ) ، وَلَا شَيْءَ لَهُ فِي حِصَّةِ الثَّانِي؛ لِأَنَّ جِنَايَتَهُ لَمْ تَكُنْ فِي مِلْكِهِ (وَكَذَا الْحُكْمُ إنْ اتَّحَدَ الْقَاطِعُ لَكِنْ لَا يُقْتَلُ بِهِ) أَيْ بِالْمَقْطُوعِ (إنْ مَاتَ) تَغْلِيبًا لِلْمُسْقِطِ فَلَوْ قَطَعَ حُرٌّ يَدَ عَبْدٍ فَعَتَقَ ثُمَّ قَطَعَ يَدَهُ الْأُخْرَى وَانْدَمَلَ الْجُرْحَانِ اقْتَصَّ مِنْهُ لِلْأُخْرَى لَا لِلْأُولَى، وَعَلَيْهِ لِلسَّيِّدِ نِصْفُ قِيمَتِهِ فَإِنْ مَاتَ مِنْهُمَا اقْتَصَّ مِنْهُ لِلْأُخْرَى لَا لِلنَّفْسِ، وَلَزِمَهُ نِصْفُ الدِّيَةِ لِلسَّيِّدِ مِنْهُ نِصْفُ الْقِيمَةِ فَإِنْ عَفَا عَنْهُ فَعَلَيْهِ دِيَةٌ لِلسَّيِّدِ
ــ
[حاشية الرملي الكبير]
قَوْلُهُ: وَإِنْ قَلَّ زَمَنُ الرِّدَّةِ) بِأَنْ لَمْ يَمْضِ فِيهَا زَمَانٌ يَسْرِي فِيهِ الْجُرْحُ (قَوْلُهُ: فَصَارَ ذَلِكَ شُبْهَةً دَارِئَةً لَهُ) هَذَا إذَا كَانَ الْجَارِحُ غَيْرَ مُرْتَدٍّ فَإِنْ كَانَ مُرْتَدًّا فَيَجِبُ الْقِصَاصُ عَلَى أَصَحِّ الْوَجْهَيْنِ
(قَوْلُهُ: وَإِنْ جَرَحَ شَخْصٌ ذِمِّيًّا) أَيْ أَوْ مُعَاهَدًا أَوْ مُسْتَأْمَنًا