الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فِي الدَّارِ فَلَوْ أَقَامَ أَحَدُهُمَا بَيِّنَةً دُونَ الْآخَرِ قُضِيَ بِهَا (وَإِنْ أَقَامَ كُلٌّ مِنْهُمَا بَيِّنَةً تَعَارَضَتَا) لِتَكَاذُبِهِمَا فَتَسَاقَطَتَا (ثُمَّ تَحَالَفَا) وَيُفَارِقُ مَا لَوْ شَهِدَتْ بَيِّنَةٌ بِأَلْفٍ وَأُخْرَى بِأَلْفَيْنِ حَيْثُ يَثْبُتُ الْأَلْفَانِ بِأَنَّهُمَا لَا يَتَنَافَيَانِ لِأَنَّ الشَّهَادَةَ بِالْأَلْفِ لَا تَنْفِي الْأَلْفَيْنِ وَهُنَا الْعَقْدُ وَاحِدٌ هَذَا كُلُّهُ إذَا لَمْ يَخْتَلِفْ التَّارِيخُ بِأَنْ أُطْلِقَتَا أَوْ أُرِّخَتَا أَوْ أُطْلِقَتْ إحْدَاهُمَا وَأُرِّخَتْ الْأُخْرَى (وَإِنْ اخْتَلَفَ التَّارِيخُ) بِأَنْ شَهِدَتْ إحْدَاهُمَا أَنَّ كَذَا مُكْرًى سَنَةً مِنْ أَوَّلِ رَمَضَانَ، وَالْأُخْرَى بِأَنَّ كَذَا مُكْرِيٍّ سِنَةٌ مِنْ أَوَّلِ شَوَّالٍ (قُدِّمَ الْأَسْبَقُ) تَارِيخًا لِأَنَّ الْعَقْدَ السَّابِقَ صَحِيحٌ لَا مَحَالَةَ لِأَنَّهُ إنْ سَبَقَ الْعَقْدُ عَلَى الْأَكْثَرِ صَحَّ وَلَغَا الْعَقْدُ عَلَى الْأَقَلِّ بَعْدَهُ أَوْ بِالْعَكْسِ بَطَلَ الثَّانِي فِي الْأَقَلِّ دُونَ الْبَاقِي (إلَّا إنْ اتَّفَقَا عَلَى أَنَّهُ) لَمْ يَجْرِ إلَّا (عَقْدًا وَاحِدًا) فَتَتَعَارَضَانِ.
قَالَ الرَّافِعِيُّ وَلَك أَنْ تَقُولَ مَحَلُّ التَّعَارُضِ فِي الْمُطْلَقَتَيْنِ وَفِي الْمُطْلَقَةِ وَالْمُؤَرَّخَةِ إذَا اتَّفَقَا عَلَى ذَلِكَ وَإِلَّا فَلَا تَعَارُضَ لِجَوَازِ أَنْ يَكُونَ تَارِيخُ الْمُطْلَقَتَيْنِ مُخْتَلِفًا وَتَارِيخُ الْمُطْلَقَةِ غَيْرُ تَارِيخِ الْمُؤَرَّخَةِ فَيَثْبُتُ الزَّائِدُ بِالْبَيِّنَةِ الزَّائِدَةِ (وَإِنْ ادَّعَى كُلٌّ) مِنْهُمَا (عَلَى ثَالِثٍ أَنَّهُ اشْتَرَاهَا) أَيْ الدَّارُ (مِنْهُ وَسَلَّمَ الثَّمَنَ وَطَالَبَ بِتَسْلِيمِهَا) لَهُ (فَأَقَرَّ لِوَاحِدٍ) مِنْهُمَا بِمَا ادَّعَاهُ (أَوْ أَقَامَ) أَحَدُهُمَا بَيِّنَةً بِمَا ادَّعَاهُ (أَوْ أَقَامَاهُمَا وَبَيِّنَةُ أَحَدِهِمَا أَسْبَقُ) تَارِيخًا (سُلِّمْت لَهُ) لِأَنَّهُ إذَا بَاعَ لِأَحَدِهِمَا لَمْ يَتَمَكَّنْ مِنْ الْبَيْعِ لِلثَّانِي (وَطَالَبَهُ الْآخَرُ بِالثَّمَنِ) جَوَازًا لِأَنَّ ذَلِكَ كَهَلَاكِ الْمَبِيعِ قَبْلَ الْقَبْضِ فِي زَعْمِهِ (وَلَا يُحَلِّفُهُ) لِتَغْرِيمِ الْعَيْنِ بِنَاءً فِي الْأُولَى عَلَى أَنَّ إتْلَافَ الْبَائِعِ كَآفَةٍ سَمَاوِيَّةٍ لِأَنَّ قَضِيَّةَ دَعْوَاهُ أَنَّ الْبَيْعَ قَدْ انْفَسَخَ بِتَفْوِيتِ الْبَائِعِ عَلَيْهِ وَأَمَّا فِي الْأَخِيرَتَيْنِ فَلَأَنَّهُ لَمْ يُفَوِّتْ الدَّارَ عَلَيْهِ وَإِنَّمَا أُخِذَتْ مِنْهُ بِالْبَيِّنَةِ وَالتَّصْرِيحِ بِمُطَالَبَةِ الْآخَرِ بِعَدَمِ التَّحْلِيفِ فِي الْأَخِيرَةِ مِنْ زِيَادَتِهِ (فَإِنْ) وَفِي نُسْخَةٍ وَإِنْ (تَعَارَضَتَا) بِأَنْ لَمْ تَسْبِقْ إحْدَاهُمَا الْأُخْرَى وَاسْتَمَرَّ الثَّالِثُ عَلَى التَّكْذِيبِ (حَلِفَ لِكُلٍّ) مِنْهُمَا يَمِينًا أَنَّهُ مَا بَاعَدَ كَمَا لَوْ لَمْ يَكُنْ بَيِّنَةٌ (وَلَهُمَا اسْتِرْدَادُ الثَّمَنِ) مِنْهُ إذْ لَا تَعَارُضَ فِيهِ لِأَنَّ بَيِّنَةَ كُلٍّ مِنْهُمَا شَهِدَتْ بِتَوْفِيَةِ الثَّمَنِ وَإِنَّمَا وَقَعَ التَّعَارُضُ فِي الدَّارِ لِامْتِنَاعِ كَوْنِهَا مِلْكًا لِكُلٍّ مِنْهُمَا فِي وَقْتٍ وَاحِدٍ فَسَقَطَتَا فِيهَا دُونَ الثَّمَنِ (لَا إنْ تَعَرَّضَتْ الْبَيِّنَةُ لِقَبْضِ الْمَبِيعِ) فَلَيْسَ لَهُمَا اسْتِرْدَادُ الثَّمَنِ مِنْهُ لِتَقَرُّرِ الْعَقْدِ بِالْقَبْضِ وَلَيْسَ عَلَى الْبَائِعِ عُهْدَةُ مَا يَحْدُثُ بَعْدَهُ (وَمَنْ شَهِدَتْ) مِنْ الْبَيِّنَتَيْنِ (بِالْمِلْكِ) فِي الْمُدَّعَى (لِلْبَائِعِ وَقْتَ الْبَيْعِ أَوْ لِلْمُشْتَرِي الْآنَ أَوْ بِنَقْدِ الثَّمَنِ) دُونَ الْأُخْرَى (قُدِّمَتْ) شَهَادَتُهُمَا وَإِنْ كَانَتْ الْأُخْرَى سَابِقَةً لِأَنَّ مَعَهَا زِيَادَةُ عِلْمٍ وَلِأَنَّ التَّعَرُّضَ لِلنَّقْدِ يُوجِبُ التَّسْلِيمَ وَالْأُخْرَى لَا تُوجِبُهُ لِبَقَاءِ حَقِّ الْحَبْسِ لِلْبَائِعِ فَلَا يَكْفِي الْمُطَالَبَةُ بِالتَّسْلِيمِ
(فَرْعٌ) لَوْ (قَالَ أَحَدُهُمَا) لِمَنْ بِيَدِهِ دَارٌ (اشْتَرَيْتهَا مِنْ زَيْدٍ وَهِيَ مِلْكُهُ وَ) قَالَ (الْآخَرُ) اشْتَرَيْتهَا (مِنْ عَمْرٍو وَهِيَ مِلْكُهُ وَأَقَامَا بَيِّنَتَيْنِ) بِمَا ادَّعَيَاهُ (تَعَارَضَتَا) فَيَحْلِفُ لِكُلٍّ مِنْهُمَا يَمِينًا وَإِنَّمَا شَرَطَ أَنْ يَقُولَ كُلٌّ مِنْهُمَا وَهِيَ مِلْكُهُ لِأَنَّ مَنْ ادَّعَى مَالًا بِيَدِ شَخْصٍ وَقَالَ اشْتَرَيْته مِنْ فُلَانٍ لَمْ تُسْمَعْ دَعْوَاهُ حَتَّى يَقُولَ اشْتَرَيْته مِنْهُ -
ــ
[حاشية الرملي الكبير]
قَوْلُهُ وَإِنْ أَقَامَ كُلٌّ مِنْهُمَا بَيِّنَةً تَعَارَضَتَا) إذْ الزِّيَادَةُ الْمُرَجَّحَةُ هِيَ الْمُشْعِرَةُ بِمَزِيدِ عِلْمٍ وَوُضُوحِ حَالٍ فِي أَحَدِ جَانِبَيْ مَا فِيهِ التَّنَافِي كَإِسْنَادٍ إلَى سَبَبٍ وَسَبْقٍ وَانْتِقَالٍ عَنْ اسْتِصْحَابِ أَصْلٍ وَهَذِهِ الزِّيَادَةُ إنَّمَا هِيَ فِي الْمَشْهُودِ بِهِ.
(قَوْلُهُ قَالَ الرَّافِعِيُّ وَلَك أَنْ تَقُولَ إلَخْ) قَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ مَا قَالَهُ مِنْ الِاحْتِمَالِ إنَّمَا وَعَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّ الْمُتَأَخِّرَةَ مُقَدَّمَةٌ وَقَدْ يُمْنَعُ هَذَا التَّخْرِيجُ فَيُقَالُ لَوْ قُلْنَا بِهِ لَزِمَ كَثْرَةُ التَّقْدِيرِ وَهُوَ خِلَافُ الْأَصْلِ وَلَا يَلْزَمُ مِنْ تَجْوِيزِهِ إذَا قَلَّ تَجْوِيزُهُ إذَا كَثُرَ وَقَالَ الْبُلْقِينِيُّ لَا يَجُوزُ أَنْ يُقَالَ ذَلِكَ لِأَنَّهُمَا إذَا لَمْ يَتَّفِقَا فَتَارَةً يَتَعَرَّضَانِ لِتَعَدُّدِ الْعَقْدِ وَتَارَةً لَا يَتَعَرَّضَانِ لِاخْتِلَافٍ وَلَا اتِّفَاقَ وَقَوْلُهُ لِجَوَازِ أَنْ يَكُونَ تَارِيخُ الْمُطْلَقَتَيْنِ مُخْتَلِفًا قُلْنَا يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ مُتَّفِقًا فَلِمَ عَيَّنْت احْتِمَالَ الِاخْتِلَافِ وَقَوْلُهُ وَأَنْ يَكُونَ تَارِيخُ الْمُطْلَقَةِ غَيْرَ تَارِيخِ الْمُؤَرَّخَةِ قُلْنَا وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ تَارِيخُ الْمُطْلَقَةِ هُوَ تَارِيخُ الْمُؤَرَّخَةِ وَقَوْلُهُ وَإِذَا لَمْ يَكُنْ تَنَافٍ ثَبَتَ أَكْثَرُ الزِّيَادَةِ بِالْبَيِّنَةِ الزَّائِدَةِ قُلْنَا هَذَا رُجُوعٌ إلَى قَوْلِ ابْنِ سُرَيْجٍ الَّذِي هُوَ خِلَافُ النَّصِّ الْمُعْتَمَدِ (قَوْلُهُ عَلَى ذَلِكَ) أَيْ أَنَّهُ لَمْ يَجُزْ إلَّا عَقْدًا وَاحِدًا (قَوْلُهُ لِأَنَّهُ إذَا بَاعَ لِأَحَدِهِمَا لَمْ يَتَمَكَّنْ مِنْ الْبَيْعِ لِلثَّانِي) عُلِمَ مِنْهُ أَنَّ مَحَلَّهُ إذَا لَمْ يُصْدِرْ الْمُتَأَخِّرُ حَالَةَ الْخِيَارِ فَإِنْ صَدَرَ فِي الْخِيَارِ فُسِخَ الْأَوَّلُ وَكَانَ هُوَ صَحِيحًا فَإِنْ تَعَرَّضَتْ بَيِّنَةُ الثَّانِي لِذَلِكَ قُضِيَ لَهُ بِهَا وَيُقْضَى لِلْأَوَّلِ بِالثَّمَنِ قَطْعًا وَإِنْ لَمْ تَتَعَرَّضْ لِذَلِكَ وَلَكِنْ تَعَرَّضَتْ لِكَوْنِهِ مِلْكًا لَهُ وَقْتَ الْبَيْعِ وَشَهِدَتْ بَيِّنَةُ الْأَوَّلِ بِمُجَرَّدِ الْبَيْعِ فَالْأَرْجَحُ تَقْدِيمُ شَهَادَةِ مَنْ شَهِدَتْ بِالْمِلْكِ حَالُ الْبَيْعِ (قَوْلُهُ فِي الْأُولَى) هِيَ مَا لَوْ أَقَرَّ لِوَاحِدٍ مِنْهُمَا
[فَرْعٌ شِرَاء الدَّار الْمُخْتَلَفُ فِي مِلْكِيَّتِهَا]
(قَوْلُهُ وَإِنْ تَعَارَضَتَا حَلَفَ لِكُلٍّ مِنْهُمَا يَمِينًا) وَإِنْ أَقَرَّ لَهُمَا جَمِيعًا جُعِلَتْ الْعَيْنُ بَيْنَهُمَا مَبِيعًا لِكُلٍّ نِصْفُهَا بِنِصْفِ الثَّمَنِ الَّذِي أَقَرَّ بِهِ الْبَائِعُ إنْ صَدَّقَاهُ عَلَى قَدْرِهِ فَإِنْ كَذَّبَاهُ حَلَّفَاهُ وَبَطَلَ الْبَيْعُ وَإِنْ كَانَتْ فِي يَدِ أَحَدِهِمَا تَرَجَّحَتْ يَدُهُ أَوْ فِي يَدِهِمَا تَعَارَضَتْ بَيِّنَتَاهُمَا أَوْ فِي يَدِ أَجْنَبِيٍّ فَإِنْ كَانَتْ نَائِبَةً عَنْ الْبَائِعِ أَوْ عَنْ أَحَدِ الْمُشْتَرِيَيْنِ أَوْ عَنْهُمَا كَانَ الْحُكْمُ عَلَى مَا سَبَقَ فِي الْأَحْوَالِ الثَّلَاثَةِ أَوْ غَيْرَ نَائِبَةٍ عَنْ غَيْرِهِ لَمْ تَثْبُتْ بِهِ الدَّعْوَى عَلَيْهِ فِي الْبَيْعِ لِنِسْبَتِهِ إلَى غَيْرِهِ وَلَا تُوجِبُ بَيِّنَةُ وَاحِدٍ مِنْهُمَا انْتِزَاعَ الْعَيْنِ مِنْ يَدِهِ لِأَنَّ بَيْعَ غَيْرِهِ لَهَا لَا يَجْعَلُهُ مَالِكًا لَهَا وَلَا مُطَالَبَةَ الْبَائِعِ بِهَا لِذِي الْيَدِ أَيْضًا بَلْ تَسْقُطُ الْمُطَالَبَةُ عَنْهُ لِأَجَلِ الْبَيِّنَةِ وَلَا يَمِينَ عَلَيْهِ لِوَاحِدٍ مِنْهُمْ وَيَرْجِعُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْ الْمُشْتَرِيَيْنِ عَلَى الْبَائِعِ بِالثَّمَنِ الَّذِي شَهِدَتْ بِهِ بَيِّنَتُهُ فَإِذَا حُكِمَ بِإِبْطَالِ الْبَيْعَيْنِ وَأَخْذِ الْبَائِعِ بِرَدِّ الثَّمَنَيْنِ جَازَ لَهُ أَنْ يَسْتَأْنِفَ الدَّعْوَى هَذَا إنْ لَمْ تَشْهَدْ بَيِّنَةُ الْبَيْعِ بِمِلْكِ الْمَبِيعِ لِلْبَائِعِ وَإِلَّا فَإِنْ عَارَضَهَا ذُو الْيَدِ بِبَيِّنَتِهِ قُدِّمَتْ وَإِلَّا رُفِعَتْ يَدُهُ وَثَبَتَ أَنَّ الْبَائِعَ بَاعَ مِلْكَهُ وَإِنْ كَانَتْ الشَّهَادَةُ بِمِلْكِهِ فِي إحْدَى السَّنَتَيْنِ حُكِمَ بِالْبَيْعِ لِمَنْ شَهِدَتْ بَيِّنَتُهُ بِالْبَيْعِ وَالْمِلْكِ دُونَ الْآخَرِ وَرَجَعَ بِالثَّمَنِ وَبَطَلَ حُكْمُ التَّعَارُضِ فِيهِمَا وَإِنْ شَهِدَتْ بَيِّنَةُ كُلِّ وَاحِدٍ بِالْمِلْكِ وَالْبَيْعِ ثَبَتَ حُكْمُ التَّعَارُضِ (قَوْلُهُ وَأَقَامَ بَيِّنَتَهُ تَعَارَضَتَا) وَإِنْ سَبَقَ تَارِيخُ أَحَدِهِمَا
وَهُوَ مِلْكُهُ أَوْ مَا يَقُومُ مَقَامَهُ كَمَا ذَكَرَهُ بِقَوْلِهِ (وَيُشْتَرَطُ فِي دَعْوَى الشِّرَاءِ مِنْ غَيْرِ ذِي الْيَدِ) أَنْ يَقُولَ الْمُدَّعِي (اشْتَرَيْتهَا مِنْهُ وَهِيَ مِلْكُهُ أَوْ تَسَلَّمْتُهَا مِنْهُ أَوْ سَلَّمَهَا إلَيَّ كَالشَّهَادَةِ) يُشْتَرَطُ فِيهَا أَنْ يَقُولَ الشَّاهِدُ اشْتَرَاهَا مِنْ فُلَانٍ وَهِيَ مِلْكُهُ أَوْ اشْتَرَاهَا وَتَسَلَّمَهَا مِنْهُ أَوْ سَلَّمَهَا إلَيْهِ (لَا) فِي دَعْوَى الشِّرَاءِ (مِنْ ذِي يَدٍ) فَلَا يُشْتَرَطُ فِيهَا ذَلِكَ بَلْ يُكْتَفَى بِأَنَّ الْيَدَ تَدُلُّ عَلَى الْمِلْكِ.
(وَإِنْ شَهِدَا) أَيْ اثْنَانِ لِلْمُدَّعِي فِيمَا ذَكَرَ (بِأَنَّهُ بَاعَهُ) مَا ادَّعَاهُ (وَآخَرَانِ أَنَّ الْبَائِعَ) كَانَ (يَمْلِكُهُ حِينَئِذٍ) أَيْ حِينَ الْبَيْعِ (جَازَ وَإِنْ أَثْبَتَ) أَيْ أَقَامَ أَحَدُهُمَا بَيِّنَةً (بِالشِّرَاءِ) لِلدَّارِ مِنْ مَالِكٍ لَهَا (وَ) أَقَامَ (آخَرُ) بَيِّنَةً (بِأَنَّهُ اشْتَرَاهَا مِنْ الْمُثْبِتِ) الْأَوَّلِ (كَفَى) فِي شَهَادَتِهِ بَيِّنَتُهُ فَلَا يَحْتَاجُ أَنْ يَقُولَ لِلْمُثْبِتِ الْأَوَّلِ وَأَنْتَ تَمْلِكُهَا أَوْ مَا يَقُومُ مَقَامُهُ كَمَا لَا يَحْتَاجُ أَنْ يَقُولَهُ لِصَاحِبِ الْيَدِ لِأَنَّ الْبَيِّنَةَ هُنَا تَدُلُّ عَلَى الْمِلْكِ كَالْيَدِ (وَحُكِمَ لِلْآخَرِ) بِبَيِّنَتِهِ (وَلَوْ قَالَ كُلٌّ مِنْهُمَا لِذِي الْيَدِ بِعْتُكهَا) بِكَذَا (وَهِيَ مِلْكِي فَأَدِّ الثَّمَنَ فَأَقَرَّ لَهُمَا) بِمَا ادَّعَيَاهُ (أَوْ أَقَامَا بَيِّنَتَيْنِ لَزِمَهُ الثَّمَنَانِ) لِإِمْكَانِ الْجَمْعِ بِانْتِقَالِهَا مِنْهُ إلَى الْبَائِعِ الثَّانِي بِأَنْ يَسِعَهُ مَا بَيْنَ الزَّمَنَيْنِ (نَعَمْ إنْ اتَّحَدَ تَارِيخُهُمَا تَعَارَضَتَا) لِامْتِنَاعِ كَوْنِهَا مِلْكًا لِكُلٍّ مِنْهُمَا فِي وَقْتٍ وَاحِدٍ فَيَحْلِفُ لِكُلٍّ مِنْهُمَا يَمِينًا كَمَا لَوْ لَمْ تَكُنْ بَيِّنَةٌ وَلَا إقْرَارَ وَلَوْ أَقَامَ أَحَدُهُمَا بَيِّنَةً أَوْ أَقَرَّ لَهُ غَرِمَ لَهُ الثَّمَنَ الَّذِي سَمَّاهُ وَحَلَفَ لِلْآخَرِ (أَوْ لَمْ يَمْضِ) بَيْنَ الزَّمَنَيْنِ (مَا يُمْكِنُ فِيهِ الِانْتِقَالُ) مِنْ الْمُشْتَرِي إلَى الْبَائِعِ الثَّانِي ثُمَّ الْعَقْدِ الثَّانِي (لَمْ يَلْزَمْهُ الثَّمَنَانِ) لِتَعَارُضِ الْبَيِّنَتَيْنِ فَيَحْلِفُ لِكُلٍّ مِنْهُمَا يَمِينًا وَلَوْ حَذَفَ لَمْ يَلْزَمْهُ الثَّمَنَانِ وَأَخَّرَ تَعَارَضَتَا عَمَّا بَعْدَهُ كَانَ أَوْضَحُ وَأَخْصَرُ (وَكَذَا لَوْ شَهِدَا عَلَى إقْرَارِهِ) فَيَلْزَمُهُ الثَّمَنَانِ إلَّا إنْ اتَّحَدَ تَارِيخُ الْإِقْرَارَيْنِ أَوْ لَمْ يَمْضِ مَا يُمْكِنُ فِيهِ الِانْتِقَالُ فَلَا يَلْزَمَانِهِ لِلتَّعَارُضِ.
(وَلَوْ شَهِدَا) عَلَيْهِ (بِالْبَيْعِ أَوْ الْقَتْلِ فِي وَقْتٍ وَ) شَهِدَتْ الْبَيِّنَةُ (الْأُخْرَى أَنَّهُ كَانَ سَاكِتًا) فِيهِ لَا يَقُولُ وَلَا يَفْعَلُ شَيْئًا (تَعَارَضَتَا) بِنَاءً عَلَى قَبُولِ الشَّهَادَةِ بِالنَّفْيِ الْمَحْصُورِ وَهُوَ الْأَصَحُّ (وَإِنْ قَالَ الْعَبْدُ) لِسَيِّدِهِ (أَعْتَقَتْنِي وَقَالَ الْآخَرُ بِعْتنِيهِ) بِكَذَا (فَأَقَرَّ لِأَحَدِهِمَا) بِمَا ادَّعَاهُ (لَمْ يُحَلِّفْهُ الْآخَرُ) لِأَنَّهُ إنْ أَقَرَّ بِالْعِتْقِ فَإِقْرَارُهُ إتْلَافٌ مِنْهُ لِلْمَبِيعِ قَبْلَ قَبْضِهِ فَيَنْفَسِخُ الْبَيْعُ بِنَاءً عَلَى إتْلَافِ الْبَائِعِ كَالْآفَةِ السَّمَاوِيَّةِ فَلَا مَعْنَى لِتَحْلِيفِهِ وَإِنْ أَقَرَّ بِالْبَيْعِ فَكَذَلِكَ لِأَنَّهُ لَوْ أَقَرَّ بِالْعِتْقِ حِينَئِذٍ لَمْ يُقْبَلْ وَلَمْ يَلْزَمْهُ غُرْمُ نَعَمْ إنْ شَرَطَ فِي الْبَيْعِ خِيَارًا يَنْفُذُ فِيهِ عِتْقُ الْبَائِعِ فَلِلْعَبْدِ تَحْلِيفُهُ لِأَنَّهُ لَوْ أَقَرَّ بِالْعِتْقِ لَقُبِلَ وَقَدْ ذَكَرَ الرَّافِعِيُّ فِي الْغَصْبِ مَا يَقْتَضِيهِ ذَكَرَهُ الزَّرْكَشِيُّ قَالَ وَلَا يَخْتَصُّ التَّصْوِيرُ بِالْعِتْقِ بَلْ سَائِرِ أَسْبَابِهِ مِنْ تَدْبِيرٍ وَكِتَابَةٍ وَإِيلَادٍ وَتَعْلِيقِ عِتْقٍ بِصِفَةٍ كَذَلِكَ (وَلِمُسَلِّمِ الثَّمَنِ) بِدَعْوَاهُ وَهُوَ الْآخَرُ (طَلَبُهُ) أَيْ الثَّمَنِ مِنْهُ فَيُحَلِّفُهُ عَلَيْهِ يَمِينًا (وَإِنْ أَقَامَا بَيِّنَتَيْنِ) بِمَا ادَّعَيَاهُ (قُدِّمَ السَّابِقُ) مِنْهُمَا تَارِيخًا (وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ لَمْ تَسْبِقْ إحْدَاهُمَا (تَعَارَضَتَا) فَيَحْلِفُ لِكُلٍّ مِنْهُمَا يَمِينًا كَمَا لَوْ لَمْ تَكُنْ بَيِّنَةٌ
(الطَّرَفُ الثَّالِثُ فِي التَّعَارُضِ فِي الْمَوْتِ) وَالْإِرْثِ لَوْ (مَاتَ نَصْرَانِيٌّ) أَيْ رَجُلٌ عُرِفَ تَنَصُّرُهُ عَنْ أَبْنَاءٍ (وَفِي أَبْنَائِهِ مُسْلِمٌ فَادَّعَى إسْلَامَهُ) أَيْ إسْلَامُ أَبِيهِ قَبْلَ مَوْتِهِ لِيَرِثَهُ وَأَنْكَرَ الْبَاقُونَ (لَمْ يُصَدَّقْ إلَّا بِبَيِّنَةٍ) لِأَنَّ الْأَصْلَ بَقَاءُ كُفْرِهِ (فَإِنْ قَامَتْ) بِذَلِكَ (بَيِّنَتَانِ) مُطْلَقَتَانِ بِأَنْ قَالَتْ إحْدَاهُمَا مَاتَ مُسْلِمًا وَالْأُخْرَى مَاتَ نَصْرَانِيًّا (قُدِّمَتْ بَيِّنَةُ الْمُسْلِمِ) لِاخْتِصَاصِهَا بِمَزِيدِ عِلْمٍ لِأَنَّهَا نَاقِلَةٌ مِنْ النَّصْرَانِيَّةِ إلَى الْإِسْلَامِيَّةِ وَالْأُخْرَى مُسْتَصْحَبَةٌ لَهَا (كَمَا لَوْ تَعَارَضَتْ بَيِّنَةُ وَارِثٍ) أَقَامَهَا (بِتَرِكَةٍ ادَّعَاهَا) إرْثًا (وَ) بَيِّنَةُ (زَوْجَةٍ) لِلْمَيِّتِ أَقَامَتْهَا عَلَى (أَنَّهُ أَصْدَقَهَا إيَّاهَا) أَوْ بَاعَهَا لَهَا (فَتُقَدَّمُ
ــ
[حاشية الرملي الكبير]
(قَوْلُهُ أَوْ تَسَلَّمْتهَا مِنْهُ) أَوْ سَلَّمَهَا إلَيَّ لِأَنَّ الظَّاهِرَ أَنَّهُ إنَّمَا يَتَصَرَّفُ بِالتَّسْلِيمِ فِيمَا يَمْلِكُهُ (قَوْلُهُ كَالشَّهَادَةِ يُشْتَرَطُ فِيهَا أَنْ يَقُولَ الشَّاهِدُ إلَخْ) فِي فَتَاوَى الْبَغَوِيّ أَنَّهُمْ لَوْ لَمْ يَقُولُوا فِي شَهَادَتِهِمْ إنَّهُ كَانَ مِلْكًا لِفُلَانٍ بَلْ شَهِدُوا أَنَّهُ مِلْكُ هَذَا الْمُدَّعِي اشْتَرَاهُ مِنْ فُلَانٍ أَنَّ ظَاهِرَ النَّصِّ أَنَّهَا لَا تُسْمَعُ مَا لَمْ يَقُولُوا اشْتَرَاهُ مِنْ فُلَانٍ وَكَانَ مَالِكًا لَهُ قَالَ وَعِنْدِي يُحْتَمَلُ أَنْ لَا تُشْتَرَطَ هَذِهِ اللَّفْظَةُ لِأَنَّهُ قَدْ يَشْتَرِيهِ مِنْ فُلَانٍ شِرَاءً صَحِيحًا وَلَا يَكُونُ مَالِكًا بَلْ وَكِيلًا بِالْبَيْعِ وَلِأَنَّهُمْ لَمَّا قَالُوا اشْتَرَاهُ مِنْ فُلَانٍ فَمُطْلَقُ الشِّرَاءِ يُحْمَلُ عَلَى الصَّحِيحِ الْمُوجِبِ لِلْمِلْكِ خَاصَّةً إذَا شَهِدُوا لِهَذَا الْمُدَّعِي بِالْمِلْكِ فِي الْحَالِ. اهـ. وَقَضِيَّةُ إطْلَاقِ الرَّافِعِيِّ وَغَيْرِهِ أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ يَسْبِقَ تَارِيخُ إحْدَى الْبَيِّنَتَيْنِ فِي الشِّرَاءِ مِنْ اثْنَيْنِ وَبَيْنَ أَنْ لَا يَسْبِقَهُ (قَوْلُهُ نَعَمْ إنْ اتَّحَدَ تَارِيخُهُمَا) بِأَنْ عَيَّنَا وَقْتًا وَاحِدًا بِحَيْثُ يُعْلَمُ أَنَّ ذَلِكَ الْمُعَيَّنَ يَضِيقُ عَنْ وُقُوعِ عَقْدَيْنِ فِيهِ عَقْدٌ عَقِبَ عَقْدٍ وَلَيْسَ اتِّحَادُ التَّارِيخِ هُنَا كَاتِّحَادِ التَّارِيخِ فِي الصُّورَةِ قَبْلَهَا لِأَنَّ الْمَطْلُوبَ فِي تِلْكَ تَحْصِيلُ رَقَبَةِ ذَلِكَ الَّذِي وَقَعَتْ الدَّعْوَى بِهِ وَالْعَيْنُ الْوَاحِدَةُ لَا تَتَّسِعُ لِتَحْصِيلِ الْغَرَضَيْنِ بِأَنْ يَكُونَ كُلُّ وَاحِدٍ مَالِكَهَا وَالْمَطْلُوبُ فِي هَذِهِ الثَّمَنِ وَهُوَ فِي الذِّمَّةِ وَالذِّمَّةُ مُتَّسِعَةٌ لِلُزُومِ أَثْمَانٍ نَبَّهَ عَلَيْهِ الْإِمَامُ وَالْغَزَالِيُّ وَكَلَامُ غَيْرِهِمَا يَدُلُّ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ أَوْ لَمْ يَمْضِ مَا يُمْكِنُ فِيهِ الِانْتِقَالُ) كَقَوْلِ إحْدَى الْبَيِّنَتَيْنِ إنَّهُ بَاعَهَا مِنْهُ عِنْدَ بُرُوزِ شَيْءٍ مِنْ الشَّمْسِ بِطُلُوعِهَا وَالْأُخْرَى إنَّهُ بَاعَهَا مِنْهُ عِنْدَ بُرُوزِ نِصْفِهَا (قَوْلُهُ بِنَاءً عَلَى قَبُولِ الشَّهَادَةِ بِالنَّفْيِ الْمَحْصُورِ) وَهُوَ الْأَصَحُّ وَيُوَافِقُهُ مَا ذَكَرَهُ فِي آخَرِ الطَّلَاقِ أَنَّهُ لَوْ رَأَى ذَهَبًا وَحَلَفَ بِالطَّلَاقِ أَنَّهُ الذَّهَبُ الَّذِي أَخَذَهُ مِنْ فُلَانٍ فَشَهِدَ شَاهِدَانِ أَنَّهُ لَيْسَ ذَلِكَ الذَّهَبُ وَأَنَّهُ حَانِثٌ فَظَاهِرُ الْمَذْهَبِ وُقُوعُ الطَّلَاقِ وَإِنْ كَانَتْ هَذِهِ شَهَادَةٌ عَلَى النَّفْيِ لِأَنَّهُ نَفْيٌ يُحِيطُ بِهِ الْعِلْمُ. اهـ.
(قَوْلُهُ لَمْ يُصَدَّقْ إلَّا بِبَيِّنَةٍ) لِأَنَّ الْقَوْلَ قَوْلُ النَّصْرَانِيِّ بِيَمِينِهِ (الطَّرَفُ الثَّالِثُ فِي التَّعَارُضِ فِي الْمَوْتِ)(قَوْلُهُ بِأَنْ قَالَتْ إحْدَاهُمَا مَاتَ مُسْلِمًا وَالْأُخْرَى مَاتَ نَصْرَانِيًّا) هَكَذَا صَوَّرَهَا الْأَصْحَابُ وَخَرَجَ بِهِ مَا لَوْ شَهِدَتْ إحْدَاهُمَا بِأَنَّهُ مُسْلِمٌ وَالْأُخْرَى بِأَنَّهُ نَصْرَانِيٌّ قَالَ الْبُلْقِينِيُّ لَمْ نَرَ مَنْ تَعَرَّضَ لَهُ وَعِنْدِي أَنَّ شَهَادَةَ الْبَيِّنَةِ بِأَنَّهُ مُسْلِمٌ كَافٍ فِي الْحُكْمِ بِإِسْلَامِهِ لِأَنَّهُ ظَهَرَ بِذَلِكَ انْتِقَالُهُ مِنْ التَّنَصُّرِ الَّذِي كَانَ مَعْرُوفًا بِهِ إلَى الْإِسْلَامِ وَالْأَصْلُ بَقَاؤُهُ عَلَيْهِ وَحُدُوثُ كُفْرِهِ يَقْتَضِي أَنْ يَكُونَ مُرْتَدًّا وَأَلَّا يَرِثَهُ أَحَدٌ وَأَمَّا قَوْلُ إحْدَاهُمَا مَاتَ مُسْلِمًا وَالْأُخْرَى مَاتَ نَصْرَانِيًّا فَهَذَا لَيْسَ إطْلَاقًا وَإِنَّمَا هُوَ تَقْيِيدٌ بِحَالَةِ الْمَوْتِ اهـ
بَيِّنَتُهَا) لِذَلِكَ وَكَمَا لَوْ ادَّعَى عَلَى مَجْهُولٍ إنَّك عَبْدِي وَأَقَامَ بِهِ بَيِّنَةً وَأَقَامَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بَيِّنَتَهُ أَنَّهُ كَانَ مِلْكًا لِفُلَانٍ وَأَعْتَقَهُ فَتُقَدَّمُ بَيِّنَتُهُ لِذَلِكَ (فَإِنْ) قُيِّدَتَا أَوْ بَيِّنَةُ التَّنَصُّرِ كَأَنْ (قَالَتْ إحْدَاهُمَا آخِرُ كَلَامِهِ التَّوْحِيدُ) أَيْ الْإِسْلَامُ أَوْ مَاتَ مُسْلِمًا.
(وَ) قَالَتْ (الَأُخْرَى) آخِرُ كَلَامِهِ (التَّثْلِيثَ تَعَارَضَنَا) لِتَنَاقُضِهِمَا (فَيَحْلِفُ النَّصْرَانِيُّ) عَلَى مَا ادَّعَاهُ لِأَنَّ الْأَصْلَ بَقَاءُ كُفْرِ الْأَبِ وَأَشَارَ بِالتَّثْلِيثِ إلَى أَنَّهُ يُشْتَرَطُ فِي بَيِّنَةِ التَّنَصُّرِ أَنْ تُفَسَّرَ كَلِمَتُهُ بِمَا يَخْتَصُّ بِهِ النَّصْرَانِيُّ وَهُوَ مَا صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ (فَإِنْ لَمْ يُعْرَفْ دِينُ الْأَبِ وَلَا بَيِّنَةٌ) وَالْمَالُ بِيَدِهِمَا أَوْ بِيَدِ أَحَدِهِمَا (حَلَفَا) أَيْ حَلَفَ كُلٌّ مِنْهُمَا لِلْآخَرِ (وَيُقَسَّمُ) الْمَالُ (بِحُكْمِ الْيَدِ) يَعْنِي بِحُكْمِ أَنَّهُ بِيَدِهِمَا أَوْ بِيَدِ أَحَدِهِمَا (نِصْفَيْنِ بَيْنَهُ وَبَيْنَهُمْ) وَلَا يَخْتَصُّ بِهِ ذُو الْيَدِ فِي الثَّانِيَةِ لِأَنَّهُ لَا أَثَرَ لِلْيَدِ بَعْدَ اعْتِرَافِ صَاحِبِهَا بِأَنَّهُ كَانَ لِلْمَيِّتِ وَأَنَّهُ يَأْخُذُهُ إرْثًا (فَكَأَنَّهُ بِيَدِهِمَا وَكَذَا) الْحُكْمُ (إنْ قَامَتْ بَيِّنَتَانِ) بِمَا ذَكَرَ (وَتَعَارَضَتَا) أَمَّا إذَا كَانَ الْمَالُ بِيَدِ غَيْرِهِمَا فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ كَذَا جَزَمَ بِهِ الْأَصْلُ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَهُوَ مَا فِي الْمُهَذَّبِ وَقَالَ ابْنُ الصَّبَّاغِ أَنَّهُ مَوْقُوفٌ إلَى الْبَيَانِ اهـ وَمَا قَالَهُ ابْنُ الصَّبَّاغِ هُوَ الْمُوَافِقُ لِمَا يَأْتِي فِي مَسْأَلَةِ الزَّوْجَةِ (وَيُدْفَنُ) هَذَا الْمَيِّتُ الْمَشْكُوكُ فِي إسْلَامِهِ (فِي مَقَابِرِ الْمُسْلِمِينَ وَيَقُولُ) مَنْ يُصَلِّي عَلَيْهِ (أُصَلِّي عَلَيْهِ إنْ كَانَ مُسْلِمًا) كَمَا لَوْ اخْتَلَطَ مَوْتَى الْمُسْلِمِينَ بِمَوْتَى الْكُفَّارِ.
(وَلَوْ خَلَفَ) الرَّجُلُ (مَكَانُ الِابْنِ) الْمُسْلِمِ (أَخًا وَزَوْجَةً مُسْلِمَيْنِ وَأَوْلَادًا كَفَرَةً) فَادَّعَى الْمُسْلِمَانِ إسْلَامَهُ قَبْلَ مَوْتِهِ وَأَنْكَرَ أَوْلَادُهُ (وَلَمْ يُعْرَفْ أَصْلُ دِينِ الْمَيِّتِ) وَلَا بَيِّنَةٌ (وُقِفَ الْمَالُ) بَيْنَهُمْ (حَتَّى يَنْكَشِفَ) الْحَالُ (أَوْ يَصْطَلِحُوا) قَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ كَذَا قَالَهُ الْجُمْهُورُ وَقَالَ الْإِمَامُ يُقَسَّمُ بَيْنَهُمْ قَالَ وَهُوَ قِيَاسُ مَا مَرَّ فِي الْأُولَى أَيْ الَّتِي قَدَّمْتُ فِيهَا كَلَامَ ابْنِ الصَّبَّاغِ وَإِنْ أَقَامَ كُلٌّ بَيِّنَةً تَعَارَضَتَا فَإِنْ عُرِفَ أَصْلُ دِينِهِ بِأَنْ عُرِفَ أَنَّهُ كَفَرَ صُدِّقَ الْأَوْلَادُ بِأَيْمَانِهِمْ وَإِنْ أَقَامَ كُلٌّ بَيِّنَةً فَإِنْ أُطْلِقَتَا قُدِّمَتْ بَيِّنَةُ الْمُسْلِمَيْنِ وَإِنْ قُيِّدَتَا أَوْ بَيِّنَةُ التَّنَصُّرِ تَعَارَضَتَا (فَلَوْ مَاتَ كَافِرٌ) عَنْ أَبْنَاءٍ وَوُجِدَ فِيهِمْ بَعْدَ الْمَوْتِ مُسْلِمٌ (وَقَالَ ابْنُهُ الْمُسْلِمُ أَسْلَمْتُ بَعْدَهُ) فَالْمِيرَاثُ بَيْنَنَا (وَقَالُوا) بَلْ أَسْلَمْت (قَبْلَهُ) فَلَا تَرِثْهُ (أَوْ مَاتَ فِي رَمَضَانَ) بِاتِّفَاقِهِمَا (وَقَالَ) ابْنُهُ الْمُسْلِمُ (أَسْلَمْت فِي شَوَّالِ وَقَالُوا) بَلْ أَسْلَمْت (فِي شَعْبَانَ وَلَا بَيِّنَةَ حَلَفَ) عَلَى مَا ادَّعَاهُ لِأَنَّ الْأَصْلَ بَقَاؤُهُ عَلَى دِينِهِ (وَوَرِثَ) مِنْهُ وَإِنْ أَقَامَ أَحَدُهُمَا بَيِّنَةً قُضِيَ بِهَا (وَإِنْ أَقَامَا بَيِّنَتَيْنِ قُدِّمَتْ بَيِّنَتُهُمْ) لِزِيَادَةِ عِلْمِهَا لِأَنَّهَا نَاقِلَةٌ مِنْ الْكُفْرِ إلَى الْإِسْلَامِ وَالْأُخْرَى مُسْتَصْحِبَةٌ لِدِينِهِ.
(وَإِنْ أَسْلَمَ فِي رَمَضَانَ) بِاتِّفَاقِهِمَا (وَقَالَ مَاتَ فِي شَعْبَانَ وَقَالُوا بَلْ فِي شَوَّالِ) وَلَا بَيِّنَةَ (صُدِّقُوا لِأَنَّ الْأَصْلَ) بَقَاءُ الْحَيَاةِ (وَإِنْ أَقَامُوا بَيِّنَتَيْنِ قُدِّمَتْ بَيِّنَةُ الْمُسْلِمِ) لِأَنَّهَا تَنْقِلُ مِنْ الْحَيَاةِ إلَى الْمَوْتِ فِي شَعْبَانَ وَالْأُخْرَى تَسْتَصْحِبُ الْحَيَاةَ إلَى شَوَّالِ (إلَّا إنْ قَالَتْ بَيِّنَتُهُمْ) فِي هَذِهِ (رَأَيْنَاهُ حَيًّا فِي شَوَّالِ فَيَتَعَارَضَانِ وَلَوْ قَالَتْ بَيِّنَةُ الْمُسْلِمِ فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ الْأَوَّلَتَيْنِ) الْمَحْكُومُ فِيهِمَا بِقَوْلِهِ حَلَفَ وَوَرِثَ (كُنَّا نَسْمَعُ تَنَصُّرَهُ إلَى نِصْفِ شَوَّالِ) الْأُولَى إلَى بَعْدَ الْمَوْتِ (فَإِنَّهُمَا يَتَعَارَضَانِ) أَيْضًا وَهَذَا مِنْ زِيَادَتِهِ
(فَرْعٌ) لَوْ (مَاتَ
ــ
[حاشية الرملي الكبير]
قَوْلُهُ أَوْ بَيِّنَةُ التَّنَصُّرِ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ وَكَتَبَ عَلَيْهِ قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ الْحَالَةُ الثَّالِثَةُ أَنْ تَكُونَ الشَّهَادَةُ بِالْإِسْلَامِ مُطْلَقَةً وَبِالنَّصْرَانِيَّةِ مُقَيَّدَةً فَلَا تَعَارُضَ لِأَنَّهُ قَدْ يُسْلِمُ ثُمَّ يَرْتَدُّ إلَى النَّصْرَانِيَّةِ فَتَصِحُّ الشَّهَادَتَانِ وَيُحْكَمُ بِرِدَّتِهِ وَيَكُونُ مَالُهُ فَيْئًا وَقَالَ الْفُورَانِيُّ وَإِذَا كَانَتْ إحْدَاهُمَا مُطْلَقَةً وَالْأُخْرَى مُقَيَّدَةً فَالْعَمَلُ بِالْمُقَيَّدَةِ أَوْلَى (قَوْلُهُ وَقَالَتْ الْأُخْرَى آخِرُ كَلَامِهِ التَّثْلِيثُ) قَالَ الْعَبَّادِيُّ أَوْ بِأَنْ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ وَأَنَّ عِيسَى رَسُولُ اللَّهِ وَأَنَّهُ بَرِيءٌ مِنْ كُلِّ دِينٍ سِوَاهُ.
(قَوْلُهُ تَعَارَضَتَا لِتَنَاقُضِهِمَا) قَالَ الْبُلْقِينِيُّ التَّعَارُضُ مَمْنُوعٌ فَإِنَّ آخِرَ كَلَامِهِ بِاعْتِبَارِ مَا شَاهَدْته كُلُّ بَيِّنَةِ لَا تُعَارِض فِيهِ لِأَنَّهُ يَحْتَمِلُ أَنْ تَشْهَدَ بَيِّنَةُ النَّصْرَانِيَّةِ أَنَّ آخِرَ كَلَامِهِ كَلِمَةُ التَّنَصُّرِ فِي الْحَالَةِ الَّتِي سَكَتَ فِيهَا عَنْ الْكَلَامِ بِحَضْرَتِهِمْ ثُمَّ إنَّهَا ذَهَبَتْ وَاسْتَصْحَبَتْ السُّكُوتَ وَجَاءَتْ بَيِّنَةُ الْإِسْلَامِ فَتَكَلَّمَ فِي حَضْرَتِهَا بِالشَّهَادَتَيْنِ فَإِنَّهُ لَا تَعَارُضَ حِينَئِذٍ وَيَقْضِي بِبَيِّنَةِ الْإِسْلَامِ وَإِنَّمَا يَقَعُ التَّعَارُضُ لَوْ شَهِدَتْ كُلٌّ مِنْهُمَا بِأَنَّ آخِرَ كَلِمَةٍ تَكَلَّمَ بِهَا كَذَا وَمَكَثَ عِنْدَهُ إلَى أَنْ مَاتَ وَدُفِنَ قَالَ وَلَوْ قَالَتْ بَيِّنَةُ الْإِسْلَامِ عَلِمْنَا الْحَالَةَ الَّتِي شَاهَدَتْهُ بَيِّنَةُ التَّنَصُّرِ فِيهَا وَلَكِنَّهُ بَعْدَ ذَلِكَ تَكَلَّمَ بِكَلِمَةِ الْإِسْلَامِ فَإِنَّهُ تُقَدَّمُ بَيِّنَةُ الْإِسْلَامِ بِلَا خِلَافٍ كَمَا لَوْ قَالَتْ بَيِّنَةُ التَّعْدِيلِ عَلِمْنَا بِسَبَبِ الْجُرْحِ وَلَكِنَّهُ تَابَ مِنْهُ فَإِنَّهُ تُقَدَّمُ بَيِّنَةُ التَّعْدِيلِ (قَوْلُهُ وَهُوَ مَا صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ) وَفِي وُجُوبِ تَفْسِيرِ بَيِّنَةِ الْمُسْلِمِ كَلِمَةِ الْإِسْلَامِ وَجْهَانِ أَطْلَقَاهُمَا وَقَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ عَدَمُ الْوُجُوبِ هُوَ الَّذِي أَوْرَدَهُ الْبَنْدَنِيجِيُّ وَغَيْرُهُ وَنَقَلَهُ الْأَذْرَعِيُّ ثُمَّ قَالَ وَيَظْهَرُ أَنْ يَكُونَ الْأَصَحُّ الْوُجُوبَ سِيَّمَا إذَا لَمْ يَكُنْ الشَّاهِدُ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ أَوْ كَانَ مُخَالِفًا لِلْقَاضِي فِيمَا يُسَلِّمُ بِهِ الْكَافِرُ وَقَوْلُهُ ثُمَّ قَالَ وَيَظْهَرُ إلَخْ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ.
(قَوْلُهُ وَكَذَا الْحُكْمُ إنْ قَامَتْ بَيِّنَتَانِ وَتَعَارَضَتَا) قَالَ الْبُلْقِينِيُّ هَذَا عِنْدِي مَمْنُوعٌ بَلْ الصَّوَابُ تَقْدِيمُ بَيِّنَةِ الْمُسْلِمِ لِأَنَّ الْإِسْلَامَ يَطْرَأُ عَلَى التَّنَصُّرِ فَيَقْطَعُهُ وَلَا يَطْرَأُ عَلَى الْإِسْلَامِ فَيَقْطَعُهُ إلَّا الرِّدَّةُ وَلَا مِيرَاثَ مَعَهَا (قَوْلُهُ وَقَالَ ابْنُ الصَّبَّاغِ أَنَّهُ مَوْقُوفٌ إلَى الْبَيَانِ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ وَيَقُولُ أُصَلِّي عَلَيْهِ إنْ كَانَ مُسْلِمًا) وَكَذَا يُقَيِّدُ الدُّعَاءَ بِذَلِكَ (قَوْلُهُ كَذَا قَالَهُ الْجُمْهُورُ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ قَالَ وَهُوَ قِيَاسُ مَا مَرَّ فِي الْأُولَى إلَخْ) الْفَرْقُ بَيْنَهُمَا هُوَ الْمُعْتَمَدُ (قَوْلُهُ وَإِنْ أَقَامَا بَيِّنَتَيْنِ قُدِّمَتْ بَيِّنَتُهُمْ) قَالَ الْبُلْقِينِيُّ مَحَلُّ تَقْدِيمِ بَيِّنَتِهِمْ إذَا لَمْ تَشْهَدْ بَيِّنَةُ الْمُسْلِمِ بِأَنَّهَا عَلِمَتْ مِنْهُ دِينَ النَّصْرَانِيَّةِ حِينَ مَوْتِ أَبِيهِ وَبَعْدَهُ وَأَنَّهَا لَمْ تُسْتَصْحَبْ فَإِذَا قَالَتْ ذَلِكَ قُدِّمَتْ لِأَنَّا لَوْ قَدَّمْنَا بَيِّنَةَ النَّصْرَانِيِّ لَلَزِمَ أَنْ يَكُونَ مُرْتَدًّا حَالَ مَوْتِ أَبِيهِ وَالْأَصْلُ عَدَمُ الرِّدَّةِ (قَوْلُهُ لِزِيَادَةِ عِلْمِهَا إلَخْ) يُؤْخَذُ مِنْهُ مَا قَالَهُ الْبُلْقِينِيُّ مِنْ أَنَّ مَحَلَّ تَقْدِيمِ بَيِّنَةِ الْكُفْرِ إذَا لَمْ تَشْهَدْ بَيِّنَةُ الْمُسْلِمِ بِأَنَّهَا عَلِمَتْ مِنْهُ الْكُفْرَ حِينَ مَوْتِ أَبِيهِ وَبَعْدَهُ وَأَنَّهَا لَمْ تُسْتَصْحَبْ فَإِذَا قَالَتْ ذَلِكَ قُدِّمَتْ لِأَنَّا لَوْ قَدَّمْنَا بَيِّنَةَ الْكُفْرِ لَلَزِمَ أَنْ يَكُونَ مُرْتَدًّا وَالْأَصْلُ عَدَمُ الرِّدَّةِ (قَوْلُهُ فَتَتَعَارَضَانِ) قَالَ الْبُلْقِينِيُّ تُقَدَّمُ بَيِّنَةُ النَّصْرَانِيِّ لِاحْتِمَالِ اسْتِنَادِ بَيِّنَةِ شَعْبَانَ لِإِغْمَاءٍ أَوْ اسْتِفَاضَةِ مَوْتٍ