الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَالْغَصْبُ) وَنَحْوُهَا مِمَّا لَا يُقَدَّرُ بِمُدَّةٍ (كَالْإِنْشَاءِ) لَهَا فَلَا يَحْنَثُ الْحَالِفُ لَا يَفْعَلُهَا بِاسْتِدَامَتِهَا لِمَا مَرَّ فِي الدُّخُولِ إذْ لَا يَصِحُّ أَنْ يُقَالَ نَكَحْت شَهْرًا؛ لِأَنَّ النِّكَاحَ قَبُولُ عَقْدِهِ، وَأُمَّا وَصْفُ الشَّخْصِ بِأَنَّهُ لَمْ يَزَلْ نَاكِحًا فُلَانَةَ مُنْذُ كَذَا فَإِنَّمَا يُرَادُ بِهِ اسْتِمْرَارُهَا عَلَى عِصْمَةِ نِكَاحِهِ وَكَذَا الْبَقِيَّةُ وَلَا يَخْلُو بَعْضُ ذَلِكَ عَنْ بَعْضِ إشْكَالٍ إذْ قَدْ يُقَالُ صُمْت شَهْرًا وَصَلَّيْت لَيْلَةً وَصُورَةُ حَلِفِهِ فِي الصَّلَاةِ أَنْ يَحْلِفَ نَاسِيًا لَهَا أَوْ كَانَ أَخْرَسَ فَحَلَفَ بِالْإِشَارَةِ (وَكَذَا الطِّيبُ وَالْوَطْءُ) لَيْسَ اسْتِدَامَتُهَا كَالْإِنْشَاءِ فَلَا يَحْنَثُ الْحَالِفُ لَا يَفْعَلُهُمَا بِاسْتِدَامَتِهِمَا؛ وَلِهَذَا لَوْ تَطَيَّبَ ثُمَّ أَحْرَمَ وَاسْتَدَامَ لَا تَلْزَمُهُ الْفِدْيَةُ
(وَلَوْ حَلَفَ لَا يُسَافِرُ) ، وَهُوَ فِي السَّفَرِ (فَرَجَعَ فَوْرًا) أَوْ وَقَفَ بِنِيَّةِ الْإِقَامَةِ وَكَانَ (قَاصِدًا) بِحَلِفِهِ (الِامْتِنَاعَ) مِنْ ذَلِكَ السَّفَرِ (لَمْ يَحْنَثْ) فَلَوْ لَمْ يَكُنْ قَصَدَ ذَلِكَ حَنِثَ؛ لِأَنَّهُ فِي الْعَوْدِ مُسَافِرٌ أَيْضًا فَقَوْلُهُ قَاصِدًا حَالٌ مِنْ ضَمِيرِ حَلَفَ فَلَوْ قَدَّمَهُ عَلَى قَوْلِهِ فَرَجَعَ فَوْرًا كَانَ أَوْلَى
(فَصْلٌ) لَوْ (حَلَفَ لَا يَدْخُلُ أَوْ لَا يَسْكُنُ بَيْتًا وَأَطْلَقَ
حَنِثَ) بِالدُّخُولِ أَوْ السُّكْنَى (بِالْبُيُوتِ الْمَبْنِيَّةِ) وَلَوْ مِنْ خَشَبٍ (وَالْخِيَامِ) وَلَوْ مِنْ جِلْدٍ (وَلَوْ) كَانَ الْحَالِفُ (قَرَوِيًّا) لِوُقُوعِ اسْمِ الْبَيْتِ عَلَى الْكُلِّ لُغَةً وَلَا مُعَارِضَ لَهُ عُرْفًا وَعَدَمُ اسْتِعْمَالِ الْقَرَوِيِّ لِلْخِيَامِ لَا يُوجِبُ تَخْصِيصًا أَوْ نَقْلًا عُرْفِيًّا لِلَّفْظِ بَلْ هُوَ كَلَفْظِ الطَّعَامِ الَّذِي يَعُمُّ جَمِيعَ أَنْوَاعِهِ مَعَ اخْتِصَاصِ بَعْضِ النَّوَاحِي بِنَوْعٍ أَوْ أَكْثَرَ بِنَاءً عَلَى مَا عَلَيْهِ جُمْهُورُ الْأُصُولِيِّينَ مِنْ أَنَّ الْعَادَةَ لَا تُخَصَّصُ وَلَا يَرِدُ مَا لَوْ حَلَفَ لَا يَأْكُلُ الْبَيْضَ أَوْ الرُّءُوسَ حَيْثُ لَا يَحْنَثُ بِأَكْلِ بَيْضِ السَّمَكِ وَلَا بِرُءُوسِهِ وَرُءُوسِ الطَّيْرِ؛ لِأَنَّ لَفْظَ الْبَيْضِ وَالرُّءُوسِ بِقَرِينَةِ تَعَلُّقِ الْأَكْلِ بِهَا لَا يُطْلِقُهُ أَهْلُ الْعُرْفِ عَلَى شَيْءٍ مِنْ الثَّلَاثَةِ، وَإِنْ كَثُرَتْ عِنْدَهُمْ وَفَرْقٌ بَيْنَ تَخْصِيصِ الْعُرْفِ لِلَّفْظِ بِالنَّقْلِ عَنْ مَدْلُولِهِ اللُّغَوِيِّ إلَى مَا هُوَ أَخَصُّ مِنْهُ وَبَيْنَ انْتِفَاءِ اسْتِعْمَالِ أَهْلِ الْعُرْفِ لَهُ فِي بَعْضِ أَفْرَادِ مُسَمَّاهُ فِي بَعْضِ الْأَقْطَارِ وَمِنْهُ اسْمُ الْخُبْزِ فَإِنَّهُ بَاقٍ عَلَى مَدْلُولِهِ اللُّغَوِيِّ، وَإِنْ غَلَبَ اسْتِعْمَالُهُ فِي بَعْضِ مُسَمَّاهُ فِي بَعْضِ الْأَقْطَارِ كَخُبْزِ الْأَزْرَقِيِّ طَبَرِسْتَانُ كَمَا سَيَأْتِي وَمَحَلُّ ذَلِكَ إذَا عَبَّرَ عَنْ الْبَيْتِ بِالْعَرَبِيَّةِ فَلَوْ قَالَ وَاَللَّهِ لَا أَدْخُلُ دَرَخَانَةَ لِرُومٍ لَمْ يَحْنَثْ بِغَيْرِ الْبَيْتِ الْمَبْنِيِّ؛ لِأَنَّ الْعَجَمَ لَا يُطْلِقُونَهُ عَلَى غَيْرِ الْمَبْنِيِّ نَقَلَهُ الرَّافِعِيُّ عَنْ الْقَفَّالِ وَالْإِمَامِ وَالْغَزَالِيِّ وَغَيْرِهِمْ وَصَحَّحَهُ فِي الشَّرْحِ الصَّغِيرِ (وَإِنْ نَوَى نَوْعًا) مِنْهَا (اُتُّبِعَ) عَمَلًا بِنِيَّتِهِ (وَلَا يَحْنَثُ بِالْمَسَاجِدِ وَالْبِيَعِ وَبُيُوتِ الْحَمَامِ وَالرَّحَى) وَنَحْوِهَا كَالْكَعْبَةِ وَالْغَارِ الَّذِي لَمْ يُتَّخَذْ سُكْنَةً؛ لِأَنَّهَا لَيْسَتْ لِلْإِيوَاءِ وَالسَّكَنُ وَلَا يَقَعُ عَلَيْهِ اسْمُ الْبَيْتِ إلَّا بِتَجَوُّزٍ أَوْ بِتَقْيِيدٍ كَمَا يُقَالُ الْكَعْبَةُ بَيْتُ اللَّهِ وَالْبَيْتُ الْحَرَامُ (وَكَذَا)
ــ
[حاشية الرملي الكبير]
وَتَزَوَّجْت مُنْذُ شَهْرٍ وَبِتَقْدِيرِ إطْلَاقِ الْعِبَارَةِ الْأُولَى فَلَا بُدَّ فِيهَا مِنْ حَذْفٍ تَقْدِيرُهُ تَزَوَّجْت فَسَكَنْت مَعَ الزَّوْجَةِ شَهْرًا أَوْ تَسَرَّيْت فَسَكَنْت بِصِفَةِ التَّسَرِّي شَهْرًا فَإِنْ قُلْت بَيْنَ التَّزَوُّجِ وَالتَّسَرِّي فَرْقٌ، وَهُوَ أَنَّ التَّزَوُّجَ قَوْلٌ، وَهُوَ عِبَارَةٌ عَنْ الْإِيجَابِ وَالْقَبُولِ وَمَا بَعْدَهُ مِنْ الِاسْتِدَامَةِ لَيْسَ تَزَوُّجًا وَالتَّسَرِّي فِعْلٌ، وَهُوَ التَّحْصِينُ وَالْوَطْءُ وَالْإِنْزَالُ، وَهُوَ مُسْتَمِرٌّ بَعْدَ الْفِعْلِ فَيَكُونُ دَوَامُهُ كَابْتِدَائِهِ قُلْت لَا بَأْسَ بِهَذَا إنْ حُمِلَ التَّسَرِّي عَلَى مَدْلُولِهِ اللُّغَوِيِّ فَإِنْ حُمِلَ عَلَى الْعُرْفِيِّ فَأَهْلُ الْعُرْفِ لَا يُطْلِقُونَ التَّسَرِّي إلَّا عَلَى ابْتِدَائِهِ دُونَ دَوَامِهِ. اهـ.
وَقَدْ أَفْتَيْت بِحِنْثِهِ بِاسْتِدَامَةِ التَّسَرِّي إذْ هُوَ أَنْ يَحْجُبَ أَمَتَهُ عَنْ أَجَانِبِهَا الرِّجَالِ وَيَطَأَهَا وَيُنْزِلَ فَيَهَبَ؛ وَلِأَنَّهُ يَصِحُّ أَنْ يُقَالَ فِيهَا تَسَرِّي سَنَةً مَثَلًا بِخِلَافِ التَّزَوُّجِ وَنَحْوِهِ (قَوْلُهُ وَالْغَصْبِ) قَالَ فِي الْمُهِمَّاتِ، وَهُوَ مُشْكِلٌ فَإِنَّهُ يَصْدُقُ أَنْ يُقَالَ غَصَبَهُ شَهْرًا أَوْ سَنَةً وَنَحْوَ ذَلِكَ وَقَدْ صَرَّحَ الْأَصْحَابُ فِي بَابِ الْغَصْبِ، وَفِي مَوَاضِعَ كَثِيرَةٍ بِأَنَّ الْغَاصِبَ فِي دَوَامِ الْغَصْبِ غَاصِبٌ فَوَجَبَ الْقَطْعُ بِالْحِنْثِ وَقَدْ جَزَمَ بِهِ الْمَاوَرْدِيُّ فِي الْحَاوِي فَلْتَكُنْ الْفَتْوَى عَلَيْهِ اهـ وَفِيهِ نَظَرٌ بَلْ الْمُتَّجِهُ الْأَوَّلُ بِغَصْبٍ يَقْتَضِي بِوَضْعِهِ فِعْلًا مُسْتَقْبَلًا فَهُوَ فِي مَعْنَى لَا أُنْشِئُ غَصْبًا، وَأَمَّا قَوْلُهُمْ غَصَبَ شَهْرًا فَمَعْنَاهُ وَأَقَامَ عِنْدَهُ شَهْرًا أَوْ أُجْرِيَتْ عَلَيْهِ أَحْكَامُ الْغَصْبِ شَهْرًا، وَأَمَّا تَسْمِيَتُهُ غَاصِبًا بِاعْتِبَارِ الْمَاضِي فَمَجَازٌ لَا حَقِيقَةٌ ذَكَرَهُ ابْنُ الْعِمَادِ وَغَيْرُهُ قَالَ شَيْخُنَا: هُوَ كَمَا قَالَ (قَوْلُهُ وَنَحْوُهُمَا كَالْمِلْكِ) وَالتَّخَتُّمِ وَالتَّخَضُّبِ (قَوْلُهُ وَلَا يَخْلُو بَعْضُ ذَلِكَ عَنْ بَعْضِ إشْكَالٍ إلَخْ) قَالَ شَيْخُنَا: يُمْكِنُ الْجَوَابُ عَنْهُ بِأَنَّ الصَّلَاةَ وَالصَّوْمَ يَصْدُقُ وُجُودُهُمَا بِمُجَرَّدِ دُخُولٍ صَحِيحٍ فِيهِمَا، وَإِنْ فَسَدَا بَعْدَ ذَلِكَ (قَوْلُهُ أَوْ كَانَ أَخْرَسَ فَحَلَفَ بِالْإِشَارَةِ) قَالَ ابْنُ الْعِمَادِ: هَذَا الْكَلَامُ يَقْتَضِي أَنَّ يَمِينَ الْأَخْرَسِ تَنْعَقِدُ بِالْإِشَارَةِ وَفِيهِ نَظَرٌ فَإِنَّ الْيَمِينَ إنَّمَا تَنْعَقِدُ بِاسْمِ اللَّهِ أَوْ صِفَتِهِ
(قَوْلُهُ فَلَوْ لَمْ يَقْصِدْ ذَلِكَ حَنِثَ) ؛ لِأَنَّهُ فِي الْعَوْدِ مُسَافِرٌ أَيْضًا قَالَ فِي الْمُهِمَّاتِ، وَهُوَ ذُهُولٌ عَنْ الْمَنْقُولِ فَقَدْ جَزَمَ الْمَاوَرْدِيُّ فِي الْحَاوِي بِأَنَّهُ لَا يَحْنَثُ وَعَلَّلَهُ بِقَوْلِهِ؛ لِأَنَّهُ أَخَذَ فِي تَرْكِ السَّفَرِ وَحَكَى وَجْهَيْنِ فِيمَا لَوْ أَقَامَ بِمَكَانِهِ قَالَ أَحَدُهُمَا: يَحْنَثُ لِبَقَائِهِ عَلَى السَّفَرِ وَالثَّانِي لَا لِكَفِّهِ عَنْ السَّفَرِ وَاعْلَمْ أَنَّهُ لَا بُدَّ فِي الْوُقُوفِ مِنْ النَّظَرِ فِي أَنَّهُ وَقَفَ نَاوِيًا لِلْإِقَامَةِ أَوْ قَاصِدًا لِشَيْءٍ لَا يَقْطَعُ السَّفَرَ اهـ وَكَلَامُ الْمَاوَرْدِيِّ لَا يُخَالِفُ مَا بَحَثَهُ الرَّافِعِيُّ؛ لِأَنَّ قَوْلَهُ أَخَذَ فِي تَرْكِ السَّفَرِ يَعْنِي ذَلِكَ السَّفَرَ فَتَأَمَّلْهُ ق س وَقَوْلُهُ وَكَلَامُ الْمَاوَرْدِيِّ لَا يُخَالِفُ إلَخْ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ
[فَصْلٌ لَوْ حَلَفَ لَا يَدْخُلُ أَوْ لَا يَسْكُنُ بَيْتًا وَأَطْلَقَ]
(قَوْلُهُ وَالْخِيَامِ) مُقْتَضَى كَلَامِهِمْ التَّصْوِيرُ بِمَا إذَا اُتُّخِذَتْ مَسْكَنًا أَشَارَ إلَى ذَلِكَ الصَّيْمَرِيُّ فِي الْإِيضَاحِ قَالَ فَأَمَّا الَّتِي يَتَّخِذُهَا الْمُسَافِرُ وَالْمُجْتَازُ لِدَفْعِ الْأَذَى فَلَا تُسَمَّى بَيْتًا (قَوْلُهُ بِنَاءً عَلَى مَا عَلَيْهِ جُمْهُورُ الْأُصُولِيِّينَ إلَخْ) ، وَهُوَ الصَّحِيحُ (قَوْلُهُ وَصَحَّحَهُ فِي الشَّرْحِ الصَّغِيرِ) وَجَزَمَ بِهِ فِي الْحَاوِي الصَّغِيرِ، وَهُوَ الصَّحِيحُ (فَرْعٌ)
حَلَفَ عِنْدَ انْسِلَاخِ رَبِيعٍ الْأَوَّلِ أَنَّهُ لَا يَدْخُلُ بَيْتَهُ إلَى آخِرِ الشَّهْرِ، وَهُوَ لَا يَعْلَمُ أَنَّ الشَّهْرَ فَرَغَ فَلَا يَحْنَثُ بِالدُّخُولِ فِي رَبِيعٍ الْآخَرِ إذَا لَمْ يَكُنْ ظَهَرَ عِنْدَ يَمِينِهِ اسْتِهْلَالُهُ (قَوْلُهُ، وَإِنْ نَوَى نَوْعًا مِنْهَا اُتُّبِعَ) قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: هَذَا فِي الْبَاطِنِ ظَاهِرٌ، وَأَمَّا فِي الظَّاهِرِ فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ إنْ كَانَ الْحَلِفُ بِاَللَّهِ تَعَالَى فَكَذَلِكَ أَوْ بِالطَّلَاقِ أَوْ الْعَتَاقِ فَلَا وَلَمْ أَرَ فِيهِ نَصًّا وَسَبَقَ مَا يُوَافِقُهُ (قَوْلُهُ وَلَا يَحْنَثُ بِالْمَسَاجِدِ) لَوْ دَخَلَ بَيْتًا بَعْضُهُ مَسْجِدٌ وَبَعْضُهُ مِلْكٌ مُشَاعًا فَالْقِيَاسُ عَدَمُ الْحِنْثِ ر (قَوْلُهُ وَالْغَارِ الَّذِي لَمْ يُتَّخَذْ مَسْكَنًا) أَمَّا مَا اُتُّخِذَ مِنْ ذَلِكَ مَسْكَنًا فَإِنَّهُ يَحْنَثُ عَلَى أَصْلِ الشَّافِعِيِّ قَالَهُ الْبُلْقِينِيُّ وَالْأَذْرَعِيُّ (قَوْلُهُ وَلَا يَقَعُ عَلَيْهِ اسْمُ الْبَيْتِ إلَّا بِتَجْوِيزٍ أَوْ تَقْيِيدٍ) قَضِيَّةُ التَّعْلِيلِ السَّابِقِ
لَا يَحْنَثُ (لَوْ) دَخَلَ أَوْ (سَكَنَ دِهْلِيزًا أَوْ صُفَّةً) أَوْ صَحْنًا لِلدَّارِ إذْ يُقَالُ لَمْ يَدْخُلْ الْبَيْتَ، وَإِنَّمَا وَقَفْت فِي الدِّهْلِيزِ أَوْ الصُّفَّةِ أَوْ الصَّحْنِ
(أَوْ) حَلَفَ (لَا يَسْكُنُ دَارًا) أَوْ لَا يُقِيمُ فِيهَا (وَهُوَ فِيهَا حَنِثَ بِاللُّبْثِ) فِيهَا (بِلَا عُذْرٍ) ؛ لِأَنَّ اسْتِدَامَةَ السُّكْنَى سُكْنَى كَمَا مَرَّ فَيَحْنَثُ (وَإِنْ أَخْرَجَ أَهْلَهُ) وَمَتَاعَهُ؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا حَلَفَ عَلَى سُكْنَى نَفْسِهِ لَا أَهْلِهِ وَمَتَاعِهِ (فَإِنْ خَرَجَ) مِنْهَا (وَبَقَوْا) أَيْ أَهْلُهُ فِيهَا (لَمْ يَحْنَثْ) إذْ الْمَحْلُوفُ عَلَيْهِ سُكْنَاهُ وَمَحَلُّهُ كَمَا قَالَ الْبَنْدَنِيجِيُّ: وَابْنُ الصَّبَّاغِ وَالْجُرْجَانِيُّ وَغَيْرُهُمْ إذَا خَرَجَ بِنِيَّةِ التَّحَوُّلِ لِيَقَعَ الْفَرْقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ السَّاكِنِ الَّذِي مِنْ شَأْنِهِ أَنْ يَخْرُجَ وَيَعُودَ إلَيْهِ يُومِئُ قَوْلُ الشَّافِعِيِّ فِي الْأُمِّ وَالْمُخْتَصَرِ وَيُخْرِجُ بَدَنَهُ مُتَحَوِّلًا قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَكُنْت أَقُولُ إطْلَاقُ مَنْ أَطْلَقَ مَحْمُولٌ عَلَى هَذَا وَلَا أَحْسِبُ فِي الْمَسْأَلَةِ خِلَافًا ثُمَّ رَأَيْت النَّوَوِيَّ قَدْ قَالَ فِيمَا عَلَّقَهُ عَلَى مَوَاضِعَ مِنْ الْمُهَذَّبِ ثُمَّ إنَّ الْمُصَنِّفَ شَرَطَ فِي عَدَمِ الْحِنْثِ أَنْ يَخْرُجَ بِنِيَّةِ التَّحَوُّلِ، وَقَدْ وَافَقَ عَلَيْهِ بَعْضُ الْأَصْحَابِ وَلَمْ يَشْتَرِطْهُ بَعْضُهُمْ وَاَلَّذِي قَالَهُ الْمُصَنِّفُ أَظْهَرُ؛ لِأَنَّ مَنْ خَرَجَ مِنْ سَكَنِهِ إلَى السُّوقِ مَثَلًا عُدَّ عُرْفًا سَاكِنًا بِهِ ثُمَّ قَالَ أَعْنِي الْأَذْرَعِيَّ، وَهَذَا فِي الْمُتَوَطِّنِ فِيهِ قَبْلً حَلِفِهِ فَلَوْ دَخَلَهُ لِيَنْظُرَ إلَيْهِ هَلْ يَسْكُنُهُ فَحَلَفَ أَنَّهُ لَا يَسْكُنُهُ وَخَرَجَ فِي الْحَالِ لَمْ يَفْتَقِرْ إلَى نِيَّةِ التَّحَوُّلِ قَطْعًا
(وَلَوْ مَكَثَ) فِيهَا (لِخَوْفٍ) عَلَى نَفْسِهِ أَوْ مَالِهِ أَوْ نَحْوِهِمَا (أَوْ مَنْعٍ) لَهُ مِنْ الْخُرُوجِ (أَوْ مَرَضٍ) لَا يَقْدِرُ مَعَهُ عَلَى الْخُرُوجِ (وَلَمْ يَجِدْ مَنْ يُخْرِجُهُ لَمْ يَحْنَثْ) لِلْعُذْرِ فَإِنْ وَجَدَ مَنْ يُخْرِجُهُ فَيَنْبَغِي أَنْ يَأْمُرَهُ بِإِخْرَاجِهِ فَإِنْ لَمْ يَفْعَلْ حَنِثَ صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ (وَلَوْ حَدَثَ) لَهُ (الْعَجْزُ) عَنْ الْخُرُوجِ (بَعْدَ الْحَلِفِ فَكَالْمُكْرَهِ) فَلَا يَحْنَثُ (وَإِنْ اشْتَغَلَ بِأَسْبَابِ الْخُرُوجِ) كَأَمْرِ أَهْلِهِ بِهِ وَلُبْسِ ثَوْبِهِ (وَجَمْعِ الْمَتَاعِ لَمْ يَحْنَثْ وَلَوْ بَاتَ) فِيهَا (لِحِفْظِهِ) أَيْ الْمَتَاعِ (لَيْلًا) ؛ لِأَنَّهُ لَا يُعَدُّ سَاكِنًا وَعَطْفُ جَمِيعِ الْمَتَاعِ عَلَى مَا قَبْلَهُ مِنْ عَطْفِ الْخَاصِّ عَلَى الْعَامِّ وَعَدَّ الْمَاوَرْدِيُّ مِنْ الْأَعْذَارِ ضِيقُ وَقْتِ الْفَرِيضَةِ بِحَيْثُ لَوْ خَرَجَ قَبْلَ أَنْ يُصَلِّيَهَا فَاتَتْهُ (وَلَا يَضُرُّ عَوْدُهُ) إلَى الدَّارِ بَعْدَ خُرُوجِهِ مِنْهَا (لِنَقْلُ مَتَاعٍ) قَالَ الشَّاشِيُّ وَلَمْ يَقْدِرْ عَلَى الْإِنَابَةِ
(وَعِيَادَةُ مَرِيضٍ) وَزِيَارَةُ وَغَيْرِهَا؛ لِأَنَّهُ فَارَقَهَا وَبِمُجَرَّدِ الْعَوْدِ لَا يَصِيرُ سَاكِنًا نَعَمْ إنْ مَكَثَ ضَرَّ قَالَهُ الْأَذْرَعِيُّ وَغَيْرُهُ نَقْلًا عَنْ تَعْلِيقِ الْبَغَوِيّ وَأَخَذَ مِنْ مَسْأَلَةِ عِيَادَةِ الْمَرِيضِ الْآتِيَةِ، وَقَدْ يُفَرَّقُ بِأَنَّهُ هُنَا خَرَجَ ثُمَّ عَادَ ثُمَّ لَمْ يَخْرُجْ (فَلَوْ عَادَ) الْمَرِيضَ -
ــ
[حاشية الرملي الكبير]
أَنَّهُ لَوْ نَوَى أَحَدَ هَذِهِ الْمَذْكُورَاتِ انْصَرَفَتْ الْيَمِينُ إلَيْهِ، وَبِهِ جَزَمَ الْجَاجَرْمِيُّ فِي الْإِيضَاحِ
(قَوْلُهُ حَنِثَ بِاللَّبْثِ بِلَا عُذْرٍ) قَالَ النَّوَوِيُّ: فِي تَعْلِيقِهِ عَلَى الْمُهَذَّبِ أَنَّهُ يَحْنَثُ، وَإِنْ قَلَّ مُكْثُهُ حَتَّى لَوْ وَقَفَ لِيَشْرَبَ حَنِثَ وَحَكَاهُ عَنْ الْأَصْحَابِ (قَوْلُهُ فَإِنْ خَرَجَ مِنْهَا) أَيْ مِنْ بَابِهَا وَبَقَوْا لَمْ يَحْنَثْ قَالَ الْإِمَامُ: وَلَا يُكَلَّفُ فِي خُرُوجِهِ عَلَى الْعَادَةِ الْعَدْوَ وَالْهَرْوَلَةَ وَلَهُ نَعَمْ لَوْ قَالَ لَأَخْرُجَن فِي لَمْحَةِ عَيْنٍ وَأَرَادَ تَحْقِيقَ الْوَفَاءِ بِهِ ثُمَّ لَمْ يَتَمَكَّنْ حَنِثَ كَمَا لَوْ قَالَ لَأَصْعَدَن السَّمَاءَ ر غ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: لَوْ لَمْ يَقْدِرْ عَلَى الْخُرُوجِ مِنْ الْبَابِ لِإِغْلَاقِهِ أَوْ غَيْرِهِ وَكَانَ يُمْكِنُهُ الْخُرُوجُ مِنْ السَّطْحِ أَوْ التَّسَوُّرُ مِنْ الْجِدَارِ فَلَمْ يَفْعَلْ هَلْ يَحْنَثُ لِتَمَكُّنِهِ مِنْ الْخُرُوجِ فِي الْجُمْلَةِ أَمْ لَا لَمْ أَرَ فِيهِ تَصْرِيحًا، وَهُوَ مُحْتَمَلٌ وَإِطْلَاقُهُمْ أَنَّ إغْلَاقَ الْبَابِ عُذْرٌ قَدْ يُفْهِمُ أَنَّهُ لَمْ يَحْنَثْ وَيَجُوزُ أَنْ يُرَادَ بِذَلِكَ حَيْثُ لَا مَخْرَجَ لَهُ سِوَاهُ أَمَّا إذَا أَمْكَنَهُ الْخُرُوجُ مِنْ غَيْرِهِ بِلَا ضَرَرٍ وَلَا خَطَرٍ فَالْأَشْبَهُ أَنَّهُ يَحْنَثُ بِتَرْكِهِ وَلَوْ أَطْلَقَ الْيَمِينَ وَلَمْ يُقَيِّدْهَا بِمُدَّةٍ ثُمَّ قَالَ أَرَدْت أَنْ لَا أَسْكُنَهَا شَهْرًا مَثَلًا قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ وَالْجُرْجَانِيُّ: إنْ كَانَتْ يَمِينُهُ بِاَللَّهِ تَعَالَى حُمِلَ عَلَى مَا نَوَاهُ ظَاهِرًا وَبَاطِنًا؛ لِأَنَّهَا مُخْتَصَّةٌ بِحَقِّ اللَّهِ الَّذِي يُحْمَلُ فِيهِ عَلَى نِيَّتِهِ، وَإِنْ كَانَتْ بِطَلَاقٍ أَوْ إعْتَاقٍ حُمِلَ عَلَى التَّأْيِيدِ فِي ظَاهِرِ الْحُكْمِ لِوُجُودِ خَصْمٍ فِيهِ دِينَ بَاطِنًا فِيمَا نَوَاهُ وَجَزَمَ الْمُتَوَلِّي بِأَنَّهُ لَا يُقْبَلُ مِنْهُ ذَلِكَ ظَاهِرًا فِي الْحَلِفِ بِاَللَّهِ تَعَالَى قَالَ وَكَأَنَّ إطْلَاقَ اللَّفْظِ مَحْمُولٌ عَلَى التَّأْيِيدِ وَكَذَا قَالَ الْمَحَامِلِيُّ فِي الْمُقْنِعِ.
وَقَوْلُهُ وَيَجُوزُ أَنْ يُرَادَ بِذَلِكَ إلَخْ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ وَكَذَا قَوْلُهُ فَالْأَشْبَهُ أَنَّهُ إلَخْ وَكَذَا قَوْلُهُ حُمِلَ عَلَى مَا نَوَاهُ إلَخْ (قَوْلُهُ وَمَحَلُّهُ كَمَا قَالَ الْبَنْدَنِيجِيُّ: إلَخْ) أَيْ وَالشَّاشِيُّ وَالشَّيْخُ نَصْرٌ وَصَاحِبُ الْمُسْتَظْهِرِيِّ وَصَاحِبُ الِاسْتِقْصَاءِ وَابْنُ الصَّلَاحِ وَالشَّافِعِيُّ وَالْجُمْهُورُ، وَهُوَ الصَّحِيحُ وَقَالَ ابْنُ عُجَيْلٍ الْيَمَنِيُّ لَوْ أَحْدَثَ النِّيَّةَ بَعْدَ خُرُوجِهِ لَمْ تُفِدْهُ وَلَوْ خَرَجَ مِنْ سَطْحِهَا إلَى غَيْرِهَا مَعَ إمْكَانِهِ مِنْ الْبَابِ حَنِثَ كَمَا قَالَهُ الْمَاوَرْدِيُّ، وَهُوَ الرَّاجِحُ؛ لِأَنَّهُ بِالصُّعُودِ فِي حُكْمِ الْمُقِيمِ وَلَوْ لَمْ يَقْدِرْ عَلَى الْخُرُوجِ مِنْ بَابِهَا لَمْ يَحْنَثْ بِالصُّعُودِ لِلْخُرُوجِ وَلَوْ كَانَ لَهَا بَابَانِ لَمْ يَحْنَثْ بِالْخُرُوجِ مِنْ أَبْعَدِهِمَا؛ لِأَنَّهُ أَخَذَ فِي الْخُرُوجِ، وَإِنْ بَعُدَ مَسْلَكُهُ وَلَوْ قَالَ أَرَدْت شَهْرًا مَثَلًا فَإِنْ كَانَتْ يَمِينُهُ بِاَللَّهِ قِيلَ وَإِلَّا فَلَا وَيَدِينُ (قَوْلُهُ لَمْ يَفْتَقِرْ إلَى نِيَّةِ التَّحَوُّلِ قَطْعًا) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ وَكَتَبَ عَلَيْهِ وَكَذَا حُكْمُ الْغَرِيبِ إذَا دَخَلَ بَلَدًا وَلَمْ يَسْتَوْطِنْهُ وَخَرَجَ فِي الْحَالِ مِنْهُ
(قَوْلُهُ أَوْ مُنِعَ لَهُ مِنْ الْخُرُوجِ) مِنْ بَابِهَا وَسَطْحِهَا وَتَسَوَّرَ جِدَارَهَا (قَوْلُهُ فَيَنْبَغِي أَنْ يَأْمُرَهُ بِإِخْرَاجِهِ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ وَلُبْسِ ثَوْبِهِ) أَيْ وَإِغْلَاقِ أَبْوَابِهِ وَإِحْرَازِ مَالِهِ إذَا عَجَزَ عَنْ اسْتِنَابَةِ أَمِينٍ قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ لَوْ مَكَثَ لِأَكْلٍ وَشُرْبٍ حَنِثَ (قَوْلُهُ وَلَوْ بَانَ فِيهَا لِحِفْظِهِ لَيْلًا) أَيْ حَيْثُ عَجَزَ عَنْ اسْتِنَابَةِ أَمِينٍ (قَوْلُهُ وَعَدَّ الْمَاوَرْدِيُّ مِنْ الْأَعْذَارِ ضِيقَ وَقْتِ الْفَرِيضَةِ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ وَكَتَبَ عَلَيْهِ قَالَ الْبُلْقِينِيُّ: وَهُوَ جَارٍ عَلَى الْمُعْتَمَدِ فِيمَنْ حَلَفَ لَيَطَأَن زَوْجَتَهُ فِي هَذِهِ اللَّيْلَةِ فَوَجَدَهَا حَائِضًا (قَوْلُهُ وَلَا يَضُرُّ عَوْدُهُ لِنَقْلِ مَتَاعٍ إلَخْ) وَلَوْ عَادَ وَلَبِثَ مِنْ غَيْرِ غَرَضٍ مِمَّا ذَكَرَ حَنِثَ (قَوْلُهُ قَالَ الشَّاشِيُّ: وَلَمْ يَقْدِرْ عَلَى الْإِنَابَةِ) وَقَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: إنْ عَادَ لِنَقْلِ عِيَالِهِ أَوْ مَالِهِ لَمْ يَحْنَثْ سَوَاءٌ قَدَرَ عَلَى الِاسْتِنَابَةِ فِي ذَلِكَ أَوْ لَمْ يَقْدِرْ؛ لِأَنَّهُ لَا يَكُونُ بِالْعَوْدِ لِنَقْلِ رَجُلٍ أَوْ أَهْلٍ سَاكِنًا قَالَ صَاحِبُ الذَّخَائِرِ وَاَلَّذِي ذَكَرَهُ الْأَصْحَابُ إجْرَاءُ الْخِلَافِ مِنْ غَيْرِ تَقْيِيدٍ يُقَيِّدُ
(قَوْلُهُ وَغَيْرِهَا) أَيْ كَعِمَارَةٍ وَلَوْ احْتَاجَ إلَى أَنْ يَبِيتَ فِيهَا لَيْلَةً لِحِفْظِ مَتَاعٍ فَفِيهِ احْتِمَالَانِ لِابْنِ كَجٍّ وَالْأَصَحُّ عِنْدَهُ أَنَّهُ لَا يَحْنَثُ. اهـ. وَهُوَ الرَّاجِحُ
(قَوْلُهُ نَقْلًا عَنْ تَعْلِيقِ الْبَغَوِيّ) عِبَارَتُهُ وَلَوْ خَرَجَ فِي الْحَالِ ثُمَّ دَخَلَ أَوْ كَانَ خَارِجًا حِينَ حَلَفَ ثُمَّ دَخَلَ لَا يَحْنَثُ بِالدُّخُولِ مَا لَمْ يَمْكُثْ فَإِنْ مَكَثَ حَنِثَ إلَّا أَنْ يَشْتَغِلَ بِحَمْلِ مَتَاعٍ كَمَا فِي الِابْتِدَاءِ (قَوْلُهُ وَقَدْ يُفَرَّقُ بِأَنَّهُ هُنَا إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ وَكَتَبَ عَلَيْهِ حَاصِلُهُ أَنَّهُ هُنَا قَطَعَ فِعْلَهُ بِخُرُوجِهِ وَثَمَّ اسْتَدَامَ الْفِعْلُ وَاسْتِدَامَةُ
(قَبْلَ خُرُوجِهِ) مِنْهَا (وَقَعَدَ عِنْدَهُ حَنِثَ) بِخِلَافِ مَا إذَا عَادَهُ مَارًّا فِي خُرُوجِهِ قَالَ فِي الْأَصْلِ: وَلَوْ حَلَفَ خَارِجَهَا ثُمَّ دَخَلَ لَمْ يَحْنَثْ مَا لَمْ يَمْكُثْ فَإِنْ مَكَثَ إلَّا أَنْ يَشْتَغِلَ بِحَمْلِ مَتَاعٍ كَمَا فِي الِابْتِدَاءِ وَلَوْ خَرَجَ بَعْدَ حَلِفِهِ فَوْرًا ثُمَّ اجْتَازَ بِهَا بِأَنْ دَخَلَ مِنْ بَابٍ وَخَرَجَ مِنْ آخَرَ لَمْ يَحْنَثْ، وَإِنْ تَرَدَّدَ فِيهَا بِلَا غَرَضٍ حَنِثَ وَيَنْبَغِي أَنْ لَا يَحْنَثَ بِالتَّرَدُّدِ زَادَ الرَّافِعِيُّ إنْ أَرَادَ بِلَا أَسْكُنُهَا لَا اتَّخَذَهَا مَسْكَنًا؛ لِأَنَّهَا لَا تَصِيرُ بِهِ مَسْكَنًا
(وَإِنْ حَلَفَ لَا يُسَاكِنُهُ وَنَوَى) أَنْ لَا يُسَاكِنَهُ (وَلَوْ فِي الْبَلَدِ حَنِثَ بِمُسَاكَنَتِهِ) وَلَوْ (فِيهَا) الْأَوْلَى فِيهِ أَيْ فِي الْبَلَدِ عَمَلًا بِنِيَّتِهِ (وَإِنْ لَمْ يَنْوِ) مَوْضِعًا (فَسَكَنَا فِي بَيْتَيْنِ يَجْمَعُهُمَا صَحْنٌ وَمَدْخَلُهُمَا وَاحِدٌ حَنِثَ) لِحُصُولِ الْمُسَاكَنَةِ وَالْمُرَادُ مَا قَالَهُ الْأَصْلُ أَنَّهُ إذَا لَمْ يَنْوِ مَوْضِعًا حَنِثَ بِالْمُسَاكَنَةِ أَيْ فِي أَيِّ مَوْضِعٍ كَانَ (لَا) إنْ كَانَ الْبَيْتَانِ (مِنْ خَانٍ) وَلَوْ صَغِيرًا فَلَا يَحْنَثُ (وَإِنْ اتَّحَدَ فِيهِ الْمَرْقِيُّ) وَتَلَاصَقَ الْبَيْتَانِ؛ لِأَنَّهُ مَبْنِيٌّ لِمَسْكَنِ قَوْمٍ وَبُيُوتُهَا تُفْرَدُ بِأَبْوَابٍ وَمَغَالِيقَ فَهُوَ كَالدَّرْبِ، وَهِيَ كَالدُّورِ (وَلَا) إنْ كَانَا (مِنْ دَارٍ كَبِيرَةٍ) ، وَإِنْ تَلَاصَقَا فَلَا يَحْنَثُ لِذَلِكَ بِخِلَافِهِمَا مِنْ صَغِيرَةٍ لِكَوْنِهِمَا فِي الْأَصْلِ مَسْكَنًا وَاحِدًا بِخِلَافِهِمَا مِنْ الْخَانِ الصَّغِيرِ (وَيُشْتَرَطُ فِي الدَّارِ) الْكَبِيرَةِ لَا فِي الْخَانِ (أَنْ يَكُونَ لِكُلِّ بَيْتٍ) فِيهَا (غَلَقٌ) بِبَابٍ (وَمَرْقًى) وَذِكْرُ الْمَرْقَى مِنْ زِيَادَتِهِ (فَإِنْ) لَمْ يَكُونَا أَوْ (سَكَنَا فِي صُفَّتَيْنِ) مِنْ الدَّارِ أَوْ فِي بَيْتٍ وَصُفَّةٍ (حَنِثَ) ؛ لِأَنَّهُمَا مُتَسَاكِنَانِ عَادَةً وَكَأَنَّ اشْتِرَاكَهُمَا فِي الصَّحْنِ الْجَامِعِ لِلْبَيْتَيْنِ مَثَلًا، وَفِي الْبَابِ الْمَدْخُولِ مِنْهُ مَعَ تَمَكُّنِ كُلٍّ مِنْهُمَا مِنْ دُخُولِ بَيْتِ الْآخَرِ جُعِلَ كَالِاشْتِرَاكِ فِي الْمَسْكَنِ (وَلَوْ انْفَرَدَ فِي دَارٍ كَبِيرَةٍ بِحُجْرَةٍ مُنْفَرِدَةِ الْمَرَافِقِ كَالْمَرْقَى وَالْمَطْبَخِ وَالْمُسْتَحَمِّ وَبَابُهَا) أَيْ الْحُجْرَةِ (فِي الدَّارِ لَمْ يَحْنَثْ) لِعَدَمِ حُصُولِ الْمُسَاكَنَةِ كَذَا لَوْ انْفَرَدَ كُلٌّ مِنْهُمَا بِحُجْرَةٍ كَذَلِكَ فِي دَارٍ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ
(وَإِنْ حَلَفَ لَا يُسَاكِنُهُ فِي هَذَا الْبَيْتِ فَسَاكَنَهُ فِي غَيْرِهِ لَمْ يَحْنَثْ) فَلَوْ حَلَفَ لَا يُسَاكِنُهُ فِيهِ، وَهُوَ فِيهِ فَمَكَثَ بِلَا عُذْرٍ حَنِثَ أَوْ فَارَقَهُ فَوْرًا بِنِيَّةِ التَّحَوُّلِ لَمْ يَحْنَثْ (وَلَوْ اشْتَغَلَ بِبِنَاءِ حَائِلٍ) بَيْنَهُمَا وَلِكُلٍّ مِنْ الْجَانِبَيْنِ مَدْخَلًا أَوْ أَحْدَثَا مَدْخَلًا (حَنِثَ) لِحُصُولِ الْمُسَاكَنَةِ إلَى تَمَامِ الْبِنَاءِ بِغَيْرِ ضَرُورَةٍ وَقِيلَ لَا يَحْنَثُ لِاشْتِغَالِهِ بِرَفْعِ الْمُسَاكَنَةِ، وَهَذَا صَحَّحَهُ الْمِنْهَاجُ كَالْمُحَرَّرِ وَنَسَبَ الْأَصْلُ تَرْجِيحَهُ إلَى الْبَغَوِيّ وَتَصْحِيحَ الْأَوَّلِ إلَى الْجُمْهُورِ وَنَظِيرُهُ مَا لَوْ تَبَايَعَا وَبَنَى بَيْنَهُمَا جِدَارًا فَإِنَّهُ لَا يَقْطَعُ الْخِيَارَ لِبَقَائِهِمَا فِي مَجْلِسِ الْعَقْدِ قَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ: وَظَاهِرُ النَّصِّ مَعَ الْبَغَوِيّ وَمَنْ خَالَفَهُ أَوَّلَهُ بِمَا إذَا خَرَجَ أَحَدُهُمَا بِنِيَّةِ الِانْتِقَالِ فَبَنَى الْجِدَارَ ثُمَّ عَادَ وَعَلَى الْأَوَّلِ يُفَارِقُ مَا مَرَّ مِنْ عَدَمِ الْحِنْثِ بِاشْتِغَالِهِ بِجَمْعِ الْمَتَاعِ بِأَنَّهُ مَعْذُورٌ ثُمَّ بِخِلَافِهِ هُنَا (لَا إنْ خَرَجَ) مِنْ الْبَيْتِ ثُمَّ عَادَ (وَسَكَنَ بَعْدَ بِنَائِهِ) أَيْ الْحَائِلِ فَلَا يَحْنَثُ (وَإِنْ حَلَفَ) لَا يُسَاكِنُهُ (وَهُمَا فِي بَيْتَيْنِ مِنْ خَانٍ فَلَا مُسَاكَنَةَ) وَلَا حَاجَةَ إلَى مُفَارَقَةِ أَحَدِهِمَا الْآخَرَ (أَوْ) وَهُمَا (فِي بَيْتٍ مِنْهُ فَلْيَنْتَقِلْ) أَحَدُهُمَا (إلَى) بَيْتٍ (آخَرَ) أَيْ يَكْفِي ذَلِكَ فَلَا يُشْتَرَطُ انْتِقَالُهُ إلَى غَيْرِ الْخَانِ
(النَّوْعُ الثَّانِي الْأَكْلُ وَالشُّرْبُ) فَلَوْ (حَلَفَ لَا يَشْرَبُ مِنْ) مَاءٍ (هَذَا النَّهْرِ) مَثَلًا (أَوْ لَأَشْرَبَنَّ مِنْهُ حَنِثَ) فِي الْأَوَّلِ (وَبَرَّ) فِي الثَّانِي (بِمَا يَشْرَبُ مِنْهُ) ، وَإِنْ قَلَّ (أَوْ) حَلَفَ (لَأَشْرَبُ أَوْ لَأَشْرَبَنَّ مَاءَ هَذَا الْحُبِّ) أَوْ الْإِدَاوَةِ (أَوْ)
ــ
[حاشية الرملي الكبير]
الْفِعْلِ بِمَنْزِلَةِ ابْتِدَائِهِ (قَوْلُهُ وَقَعَدَ عِنْدَهُ حَنِثَ) الْوُقُوفُ عِنْدَهُ كَالْقُعُودِ (قَوْلُهُ، وَإِنْ تَرَدَّدَ فِيهَا بِلَا غَرَضٍ حَنِثَ) زَادَ الرَّافِعِيُّ إنْ أَرَادَ إلَخْ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ
(قَوْلُهُ، وَإِنْ حَلَفَ لَا يُسَاكِنُهُ أَوْ لَا أَسْكُنُ مَعَهُ) أَوْ لَا يَسْكُنُ مَعِي أَوْ سَكَنْت مَعَهُ أَوْ لَا سَكَنَ مَعِي (قَوْلُهُ حَنِثَ بِمُسَاكَنَتِهِ وَلَوْ فِيهَا) فَلَوْ خَرَجَ أَحَدُهُمَا فِي الْحَالِ بِنِيَّةِ التَّحَوُّلِ لَمْ يَحْنَثْ لَا يُسَاكِنُ زَيْدًا وَعَمْرًا بَرَّ بِخُرُوجِ أَحَدِهِمَا وَلَوْ قَالَ لَا سَاكَنْت زَيْدًا وَلَا عَمْرًا لَمْ يَبَرَّ بِخُرُوجِ أَحَدِهِمَا وَلَوْ قَالَ لَا أَسَاكِنُهُ شَهْرَ رَمَضَانَ تَعَلَّقَ الْحِنْثُ بِمُسَاكَنَتِهِ جَمِيعَ الشَّهْرِ نَقَلَاهُ فِي الطَّلَاقِ عَنْ أَبِي بَكْرٍ الشَّاشِيِّ وَلَوْ قَالَ: إنْ أَوَيْت عِنْدَ فُلَانٍ أَوْ فِي دَارِي فَمَكَثَ زَمَانًا حَنِثَ فَإِنَّ الْإِيوَاءَ هُوَ السُّكُونُ فِي الْمَكَانِ وَالْبَيْتُوتَةَ عِبَارَةٌ عَنْ السُّكُونِ فِي الْمَكَانِ أَكْثَرَ مِنْ نِصْفِ اللَّيْلِ (قَوْلُهُ وَلَا إنْ كَانَا مِنْ دَارٍ كَبِيرَةٍ) وَكَذَا إنْ كَانَ أَحَدُهُمَا فِي بَيْتٍ وَالْآخَرُ فِي حُجْرَةٍ
(قَوْلُهُ وَلَوْ اشْتَغَلَ بِبِنَاءِ حَائِلٍ بَيْنَهُمَا حَنِثَ) قَالَ الْمُتَوَلِّي وَلَوْ أَرْخَى بَيْنَهُمَا سِتْرًا فِي الْوَقْتِ وَأَقَامَ كُلٌّ فِي جَانِبٍ حَنِثَ إلَّا أَنْ يَكُونَا مِنْ أَهْلِ الْخِيَامِ وَلَوْ حَلَفَ لَا يُشْتِي فِي هَذِهِ الْقَرْيَةِ فَأَقَامَ فِيهَا أَكْثَرَ الشِّتَاءِ ثُمَّ فَارَقَهَا قَبْلَ تَمَامِهِ لَمْ يَحْنَثْ (قَوْلُهُ وَتَصْحِيحَ الْأَوَّلِ إلَى الْجُمْهُورِ) وَقَالَ النَّوَوِيُّ: فِي تَعْلِيقِهِ عَلَى الْمُهَذَّبِ أَنَّهُ الْمَذْهَبُ وَفِيهِ وَجْهٌ صَحَّحَهُ الْبَغَوِيّ وَكَتَبَ أَيْضًا قَالَ الْبُلْقِينِيُّ: أَطْلَقَ مَحَلَّ الْخِلَافِ، وَهُوَ مُقَيَّدٌ بِأَنْ يَكُونَ الْبِنَاءُ بِفِعْلِ الْحَالِفِ أَوْ بِأَمْرِهِ أَوْ بِفِعْلِهِمَا أَوْ بِأَمْرِهِمَا فَلَوْ كَانَ بِأَمْرِ غَيْرِ الْحَالِفِ أَمَّا الْمَحْلُوفُ عَلَيْهِ أَوْ غَيْرُهُ حَنِثَ الْحَالِفُ قَطْعًا؛ لِأَنَّ تَوْجِيهَ عَدَمِ الْحِنْثِ بِاشْتِغَالِهِ يَرْفَعُ الْمُسَاكَنَةَ يَقْتَضِي ذَلِكَ. اهـ. (قَوْلُهُ وَعَلَى الْأَوَّلِ يُفَارِقُ مَا مَرَّ إلَخْ) وَالْفَرْقُ بَيْنَ الْحِنْثِ فِي بِنَاءِ الْجِدَارِ وَعَدَمِهِ فِي الِاشْتِغَالِ بِجَمْعِ الْمَتَاعِ أَنَّ الِاشْتِغَالَ بِنَقْلِ الْأَمْتِعَةِ اقْتَرَنَ بِهِ نِيَّةُ التَّحَوُّلِ بِخِلَافِهِ مَعَ الْبِنَاءِ فَإِنَّ نِيَّةَ الْمُسَاكَنَةِ مَوْجُودَةٌ وَلَوْ قَالَ: لَا أَوَيْت عِنْدَ فُلَانٍ أَوْ فِي دَارِي فَمَكَثَ زَمَانًا حَنِثَ فَإِنَّ الْإِيوَاءَ هُوَ السُّكُونُ فِي الْمَكَانِ ذَكَرَهُ الْبَنْدَنِيجِيُّ ثُمَّ قَالَ، وَأَمَّا الْبَيْتُوتَةُ فَلَيْسَ لِأَصْحَابِنَا فِيهَا نَصٌّ وَاَلَّذِي يَجِيءُ عَلَى الْمَذْهَبِ أَنَّهَا عِبَارَةٌ عَنْ السُّكُونِ فِي الْمَكَانِ أَكْثَرَ مِنْ نِصْفِ اللَّيْلِ ذَكَرَهُ ابْنُ الرِّفْعَةِ (قَوْلُهُ بِأَنَّهُ مَعْذُورٌ ثُمَّ بِخِلَافِهِ هُنَا) عَلَى أَنَّهُ هُنَاكَ مُشْتَغِلٌ بِسَبَبِ الِانْتِقَالِ (قَوْلُهُ وَهُمَا فِي بَيْتٍ مِنْ خَانٍ إلَخْ) حُكْمُ الْمَدْرَسَةِ وَالرِّبَاطِ وَالْخَانْقَاهْ حُكْمُ الْخَانِ وَحُكْمُ الْبَيْتِ وَالصِّفَةُ مِنْ الْخَانِ حُكْمُ الْبَيْتَيْنِ
(قَوْلُهُ أَوْ حَلَفَ لَا أَشْرَبُ مَاءَ هَذَا النَّهْرِ إلَخْ) وَلَوْ حَلَفَ لَيَشْرَبَن مَاءَ هَذَا النَّهْرِ أَوْ الْبَحْرِ لَمْ يَبَرَّ بِشُرْبِ بَعْضِهِ وَلَزِمَتْهُ الْكَفَّارَةُ فِي الْحَالِ؛ لِأَنَّهُ مُعَلَّقٌ بِالْفِعْلِ وَتَحَقَّقَ الْعَجْزُ فِي الْحَالِ وَلَوْ حَلَفَ لَا يَشْرَبُ مَاءً فَشَرِبَ الْمُتَغَيِّرَ بِمَا خَالَطَ الْمَاءَ مِمَّا يُسْتَغْنَى عَنْهُ كَالزَّعْفَرَانِ لَمْ يَحْنَثْ تَقْدِيمًا لِعُرْفِ الشَّرْعِ عَلَى عُرْفِ الِاسْتِعْمَالِ وَلَوْ وَكَّلَ مَنْ يَشْتَرِي لَهُ الْمَاءَ فَاشْتَرَى لَهُ الْوَكِيلُ هَذَا لَمْ يَصِحَّ الشِّرَاءُ فِي حَقِّ