الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
لِيَخْرُجَ مِنْ خِلَافِ أَبِي حَنِيفَةَ (وَإِنْ قَالَ أَعْتَقْت عَبْدِي عَنْ كَفَّارَتِي إنْ حَنِثْت فَحَنِثَ أَجْزَأَهُ) ذَلِكَ عَنْ الْكَفَّارَةِ (وَإِنْ قَالَ) أَعْتِقُهُ عَنْهَا (إنْ حَلَفْت لَمْ يَجُزْهُ) عَنْهَا؛ لِأَنَّهُ قَدَّمَ التَّعْلِيقَ عَلَى الْيَمِينِ وَفِي الَّتِي قَبْلَهَا قَدَّمَهُ عَلَى الْحِنْثِ فَقَطْ (وَإِنْ قَالَ إنْ حَنِثْت) فِي يَمِينِي (غَدًا فَعَبْدِي حُرٌّ عَنْ كَفَّارَتِي فَإِنْ حَنِثَ غَدًا عَتَقَ وَأَجْزَأَهُ) عَنْهَا (وَإِلَّا فَلَا) ؛ لِأَنَّ الْمُعَلَّقَ عَلَيْهِ لَمْ يُوجَدْ (وَإِنْ قَالَ أَعْتِقُهُ عَنْ كَفَّارَتِي إنْ حَنِثْت فَبَانَ حَانِثًا عَتَقَ وَأَجْزَأَهُ) عَنْهَا وَإِلَّا فَلَا نَعَمْ إنْ حَنِثَ بَعْدَ ذَلِكَ أَجْزَأَهُ عَنْهَا (أَوْ) قَالَ أَعَتَقْته عَنْ كَفَّارَتِي (إنْ حَلَفْت وَحَنِثْت فَبَانَ حَالِفًا قَالَ الْبَغَوِيّ لَمْ يَجُزْهُ لِلشَّكِّ فِي الْحَلِفِ) بِخِلَافِ الَّتِي قَبْلَهَا فَإِنَّ الشَّكَّ فِي الْحِنْثِ وَالتَّكْفِيرُ قَبْلَ الْحِنْثِ جَائِزٌ قَالَ فِي الْأَصْلِ وَعَلَى قِيَاسِهِ لَوْ قَالَ هُوَ حُرٌّ عَنْ ظِهَارِي إنْ ظَاهَرْت فَبَانَ مُظَاهِرًا يَنْبَغِي أَنْ لَا يَجُوزَ (وَلَوْ ارْتَدَّ الْمُعْتَقُ) بِفَتْحِ التَّاءِ عَنْ الْكَفَّارَةِ (أَوْ مَاتَ) أَوْ تَعَيَّبَ (بَعْدَ الْيَمِينِ قَبْلَ الْحِنْثِ لَمْ يُجْزِهِ) عَنْهَا كَمَا لَوْ عَجَّلَ الزَّكَاةَ فَارْتَدَّ الْآخِذُ لَهَا أَوْ مَاتَ أَوْ اسْتَغْنَى قَبْلَ تَمَامِ الْحَوْلِ
(فَرْعٌ تُجْزِئُ كَفَّارَةُ الْقَتْلِ وَالصَّيْدِ غَيْرُ الصَّوْمِ بَعْدَ الْجُرْحِ) وَقَبْلَ الزَّهُوقِ بِخِلَافِ الصَّوْمِ وَبِخِلَافِ التَّكْفِيرِ قَبْلَ الْجُرْحِ لِمَا مَرَّ
(وَلِلْمُظَاهِرِ التَّكْفِيرُ بِالْمَالِ قَبْلَ الْعَوْدِ) لِمَا عُلِمَ مِمَّا مَرَّ (وَصُورَتُهُ أَنْ يُظَاهِرَ مِنْ رَجْعِيَّةٍ ثُمَّ يُرَاجِعَهَا أَوْ يُظَاهِرَ مِنْ زَوْجَتِهِ فَيُطَلِّقُهَا رَجْعِيًّا ثُمَّ يُكَفِّرُ ثُمَّ يُرَاجِعُهَا) أَوْ يُظَاهِرُ مُؤَقَّتًا وَيُكَفِّرُ ثُمَّ يَطَأُ أَوْ يُظَاهِرُ فَتَرْتَدُّ الزَّوْجَةُ فَيُكَفِّرُ ثُمَّ تُسْلِمُ هِيَ (وَالْعِتْقُ) عَنْ كَفَّارَةِ الظِّهَارِ (عَقِيبَ الظِّهَارِ) فِي غَيْرِ ذَلِكَ وَنَحْوِهِ (عِتْقٌ مَعَ الْعَوْدِ) لَا قَبْلَهُ؛ لِأَنَّ اشْتِغَالَهُ بِالتَّكْفِيرِ عَوْدٌ، وَإِنْ أَجْزَأَ ذَلِكَ أَيْضًا
[فَرْعٌ تَقْدِيمُ كَفَّارَةِ الْجِمَاعِ فِي رَمَضَانَ أَوْ الْحَجِّ أَوْ الْعُمْرَةِ عَلَيْهِ]
(فَرْعٌ لَا يَجُوزُ تَقْدِيمُ كَفَّارَةِ الْجِمَاعِ) فِي رَمَضَانَ أَوْ الْحَجِّ أَوْ الْعُمْرَةِ (عَلَيْهِ) ؛ لِأَنَّهَا لَا تُنْسَبُ إلَى الصَّوْمِ وَالْإِحْرَامِ بَلْ إلَى الْجِمَاعِ وَكَفَّارَةُ الْيَمِينِ تُنْسَبُ إلَى الْيَمِينِ (وَكَذَا لَا يَجُوزُ تَقْدِيمُ فِدْيَةِ الْحَلْقِ وَاللُّبْسِ وَالطِّيبِ عَلَيْهَا) لِمَا عُلِمَ مِمَّا قَبْلَهُ (فَلَوْ جُوِّزَتْ) هَذِهِ الثَّلَاثَةُ (لِعُذْرٍ كَمَرَضٍ وَنَحْوِهِ جَازَ تَقْدِيمُهَا) عَلَيْهَا لِلْعُذْرِ
(وَيَجُوزُ تَقْدِيمُ الْمَنْذُورِ الْمَالِيِّ) عَلَى الْمَنْذُورِ لَهُ (كَإِنْ شُفِيت فَعَلَيَّ عِتْقُ رَقَبَةٍ) أَوْ أَنْ أَتَصَدَّقَ بِكَذَا كَمَا فِي تَعْجِيلِ الزَّكَاةِ بِخِلَافِ الْمَنْذُورِ الْبَدَنِيِّ كَالصَّوْمِ كَمَا مَرَّ نَظِيرُهُ
(وَلَوْ قَدَّمَتْ الْحَامِلُ) أَوْ الْمُرْضِعُ (الْفِدْيَةَ حَالَ الصِّيَامِ) أَوْ قَبْلَ الْفَجْرِ (عَلَى الْإِفْطَارِ جَازَ) لِمَا عُلِمَ مِمَّا مَرَّ (وَإِنْ عَجَّلَتْ) فِدْيَةَ الْإِفْطَارِ (لِأَيَّامٍ) يَوْمَيْنِ فَأَكْثَرَ (فَكَتَعْجِيلِ الزَّكَاةِ لِعَامَيْنِ) فَيَمْتَنِعُ فِيمَا زَادَ عَلَى يَوْمِ التَّعْجِيلِ
[فَصْلٌ فِي كَرَاهَة الْيَمِينُ]
(فَصْلٌ تُكْرَهُ الْيَمِينُ) لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَلا تَجْعَلُوا اللَّهَ عُرْضَةً لأَيْمَانِكُمْ} [البقرة: 224] أَيْ لَا تُكْثِرُوا مِنْهَا لِتُصَدَّقُوا وَلِخَبَرِ «إنَّمَا الْحَلِفُ حِنْثٌ أَوْ نَدَمٌ» رَوَاهُ ابْنُ حِبَّانَ فِي صَحِيحِهِ؛ وَلِأَنَّهُ رُبَّمَا يَعْجِزُ عَنْ الْوَفَاءِ بِمَا حَلَفَ عَلَيْهِ (إلَّا فِي طَاعَةِ) اللَّهِ تَعَالَى فَلَا تُكْرَهُ (كَالْبَيْعَةِ عَلَى الْجِهَادِ)«لِقَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم وَاَللَّهِ لَأَغْزُوَن قُرَيْشًا» (وَالْحَثِّ عَلَى الْخَيْرِ كَوَاللَّهِ إنْ لَمْ تَتُبْ لَتَنْدَمَ) التَّصْرِيحُ بِهَذَا مِنْ زِيَادَتِهِ (وَ) كَالْيَمِينِ (الصَّادِقَةِ فِي الدَّعَاوَى) قَالَ فِي الرَّوْضَةِ وَلَا تُكْرَهُ أَيْضًا فِيمَا إذَا دَعَتْ إلَيْهَا حَاجَةٌ كَتَوْكِيدِ كَلَامٍ وَتَعْظِيمِ أَمْرٍ «كَقَوْلِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَوَاَللَّهِ لَا يَمَلُّ اللَّهُ حَتَّى تَمَلُّوا» وَقَوْلِهِ عليه السلام «وَاَللَّهِ لَوْ تَعْلَمُونَ مَا أَعْلَمُ لَضَحِكْتُمْ قَلِيلًا وَلَبَكَيْتُمْ كَثِيرًا» قَالَ الْإِمَامُ وَلَا يَجِبُ الْيَمِينُ أَصْلًا وَأَنْكَرَهُ عَلَيْهِ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ وَأَوْرَدَ صُوَرًا تَجِبُ الْيَمِينُ فِيهَا
ــ
[حاشية الرملي الكبير]
قَوْلُهُ فَيَنْبَغِي أَنْ لَا يَجُوزَ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ أَوْ مَاتَ بَعْدَ الْيَمِينِ قَبْلَ الْحِنْثِ لَمْ يُجْزِهِ) بِخِلَافِ مَا لَوْ عَجَّلَ شَاةً وَمَاتَتْ قَبْلَ الْحَوْلِ فَإِنَّهَا تَقَعُ الْمَوْقِعَ فَيَحْتَاجُ إلَى الْفَرْقِ بَيْنَهُمَا قَالَ شَيْخُنَا قَدْ يُفَرَّقُ بِأَنَّ مُتَعَلِّقَ الْكَفَّارَةِ الذِّمَّةُ فَحَيْثُ أَخْرَجَ عَمَّا يَلْزَمُهَا وَتَبَيَّنَ عَدَمُ إجْزَائِهِ بَقِيَ شَغْلُهَا بِدَلِيلِ مَا لَوْ عَيَّنَ شَاةً عَمَّا فِي ذِمَّتِهِ ثُمَّ تَلِفَتْ قَبْلَ ذَبْحِهَا يَبْقَى الْأَصْلُ عَلَيْهِ، وَأَمَّا مَسْأَلَةُ الشَّاةِ الْمَذْكُورَةِ فِي الزَّكَاةِ فَمُتَعَلِّقُهَا الْعَيْنُ لَا الذِّمَّةُ وَقَدْ أَخْرَجَ مِنْ الْجِنْسِ ر لَمْ يَحْصُلْ مِنْهُ تَعَدٍّ وَلَا تَقْصِيرٌ فَلَا نُكَلِّفُهُ الْإِخْرَاجَ مَرَّةً أُخْرَى كَاتَبَهُ وَأَيْضًا مَا فِي الذِّمَّةِ لَا يَتَعَيَّنُ الْمَدْفُوعُ عَنْهُ إلَّا بِقَبْضٍ صَحِيحٍ وَقَدْ وَقَعَ الْقَبْضُ الصَّحِيحُ فِي الشَّاةِ الْمُعَجَّلَةِ بِخِلَافِ الْعِتْقِ كَاتَبَهُ (قَوْلُهُ كَمَا لَوْ عَجَّلَ الزَّكَاةَ إلَخْ) مُقْتَضَاهُ أَنْ يُعْتَبَرَ بَقَاءُ سَائِرِ الْأَوْصَافِ وَبَقَاءُ مَنْ صَرَفَ إلَيْهِ الطَّعَامَ أَوْ الْكِسْوَةَ مُسْتَحِقًّا إلَى الْحِنْثِ
[فَرْعٌ كَفَّارَةُ الْقَتْلِ وَالصَّيْدِ غَيْرُ الصَّوْمِ بَعْدَ الْجُرْحِ وَقَبْلَ الزَّهُوقِ]
(قَوْلُهُ فَلَوْ جُوِّزَتْ هَذِهِ الثَّلَاثَةُ لِعُذْرٍ كَمَرَضٍ وَنَحْوِهِ جَازَ تَقْدِيمُهَا) لَوْ فَدَى عَنْ تَطَيُّبٍ وَعَمَّا يُسْتَحْدَثُ مِنْهُ فَفِي الْإِجْزَاءِ لِلثَّانِي وَجْهَانِ أَصَحُّهُمَا عَدَمُهُ
(قَوْلُهُ وَكَالْيَمِينِ الصَّادِقَةِ فِي الدَّعْوَى) عَطْفٌ عَلَى قَوْلِهِ طَاعَةِ وَكَتَبَ أَيْضًا فَإِنْ كَانَ كَاذِبًا عَصَى وَكَفَرَ حَتَّى لَوْ حَلَفَ فِي الْقَسَامَةِ خَمْسِينَ يَمِينًا كَاذِبًا لَزِمَتْهُ خَمْسُونَ كَفَّارَةً (قَوْلُهُ وَلَا تُكْرَهُ أَيْضًا إذَا دَعَتْ إلَيْهَا حَاجَةٌ) وَمِنْ ذَلِكَ مَا لَوْ ظَنَّ بِهِ أَوْ بِغَيْرِهِ سُوءًا وَخِيَانَةً أَوْ ارْتِكَابَ فَاحِشَةٍ، وَهُوَ يَعْلَمُ بَرَاءَتَهُ وَبَرَاءَةَ الْمَقُولِ عَنْهُ مِنْ ذَلِكَ فَيَحْلِفُ عَلَى نَفْيِ ذَلِكَ بَلْ يَنْبَغِي اسْتِحْبَابُ الْحَلِفِ إذَا كَانَ يَصْدُقُ فِيهِ لِيَدْفَعَ ظَنَّ السُّوءِ عَنْ الْمَحْلُوفِ لَهُ وَدَفْعًا عَنْ نَفْسِهِ وَعِرْضِ أَخِيهِ غ وَقَوْلُهُ عَلَى نَفْيِ ذَلِكَ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ وَكَذَا قَوْلُهُ بَلْ يَنْبَغِي إلَخْ (قَوْلُهُ وَأَنْكَرَهُ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ وَأَوْرَدَ صُوَرًا تَجِبُ الْيَمِينُ فِيهَا) قَالَ الشَّيْخُ عِزُّ الدِّينِ بْنُ عَبْدِ السَّلَامِ فِي قَوَاعِدِهِ قَالَ الْإِمَامُ لَا تَجِبُ الْيَمِينُ قَطُّ وَلَيْسَ هَذَا عَلَى إطْلَاقِهِ وَلَا بُدَّ مِنْ تَفْصِيلِهِ أَمَّا يَمِينُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ فَإِنْ كَانَتْ كَاذِبَةً لَمْ تَحِلَّ لَهُ فَضْلًا عَنْ أَنْ تَجِبَ عَلَيْهِ، وَإِنْ كَانَتْ صَادِقَةً فَلِلْحَقِّ الْمُدَّعَى بِهِ حَالَانِ إحْدَاهُمَا أَنْ يَكُونَ مِمَّا يُبَاحُ بِالْإِبَاحَةِ كَالْأَمْوَالِ فَهُوَ مُخَيَّرٌ بَيْنَ أَنْ يَحْلِفَ وَبَيْنَ أَنْ يَنْكُلَ إذَا عَلِمَ أَنَّ خَصْمَهُ لَا يَحْلِفُ كَاذِبًا، وَإِنْ عَلِمَ أَوْ غَلَبَ عَلَى ظَنِّهِ أَنَّهُ يَحْلِفُ كَاذِبًا فَاَلَّذِي أَرَاهُ أَنَّهُ يَجِبُ الْحَلِفُ دَفْعًا لِمَفْسَدَةِ كَذِبِ خَصْمِهِ كَمَا يَجِبُ النَّهْيُ عَنْ الْمُنْكَرِ الْحَالَةُ الثَّانِيَةُ أَنْ يَكُونَ الْحَقُّ مِمَّا لَا يُبَاحُ بِالْإِبَاحَةِ كَالدِّمَاءِ وَالْإِبْضَاعِ وَلَهُ حَالَانِ إحْدَاهُمَا أَنْ يَعْلَمَ أَنَّ خَصْمَهُ لَا يَحْلِفُ إذَا نَكَلَ فَيَتَخَيَّرُ بَيْنَ الْحَلِفِ وَالنُّكُولِ كَمَا فِي الْأَمْوَالِ الْحَالَةُ الثَّانِيَةُ أَنْ يَعْلَمَ أَنَّهُ يَحْلِفُ إذَا نَكَلَ أَوْ يَغْلِبَ ذَلِكَ عَلَى ظَنِّهِ فَلَا يَحِلُّ لَهُ النُّكُولُ لِمَا فِيهِ مِنْ التَّسَيُّبِ إلَى الْعِصْيَانِ؛ لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى قَدْ أَوْجَبَ حِفْظَ هَذِهِ الْحُقُوقِ
(فَإِنْ حَلَفَ عَلَى أَدَاءِ) أَيْ فِعْلِ (وَاجِبٍ) أَوْ تَرْكِ حَرَامٍ (فَالْيَمِينُ طَاعَةٌ وَحُرِّمَ الْحِنْثُ) ؛ لِأَنَّ الْإِقَامَةَ عَلَيْهَا وَاجِبَةٌ (أَوْ) حَلَفَ (عَلَى تَرْكِهِ) أَيْ تَرْكِ وَاجِبٍ أَوْ فِعْلِ حَرَامٍ (فَالْيَمِينُ مَعْصِيَةٌ وَوَجَبَ) عَلَيْهِ (الْحِنْثُ) ؛ لِأَنَّ الْإِقَامَةَ عَلَيْهَا حَرَامٌ وَلِخَبَرِ «مَنْ حَلَفَ عَلَى يَمِينٍ السَّابِقِ» نَعَمْ إنْ كَانَ لَهُ طَرِيقٌ غَيْرُ الْحِنْثِ لَمْ يَلْزَمْهُ الْحِنْثُ كَأَنْ حَلَفَ لَا يُنْفِقُ عَلَى زَوْجَتِهِ فَإِنَّ لَهُ طَرِيقَيْنِ غَيْرُ الْحِنْثِ أَنْ يُعْطِيَهَا مِنْ صَدَاقِهَا أَوْ يُقْرِضَهَا ثُمَّ يُبْرِئَهَا؛ لِأَنَّ الْغَرَضَ حَاصِلٌ مَعَ بَقَاءِ التَّعْظِيمِ (أَوْ حَلَفَ لَيَتْرُكَن سُنَّةً) أَوْ لَيَفْعَلَن مَكْرُوهًا (اُسْتُحِبَّ الْحِنْثُ) ؛ لِأَنَّ الْيَمِينَ وَالْإِقَامَةَ عَلَيْهَا مَكْرُوهَانِ وَفِي مِثْلِهِ نَزَلَتْ آيَةُ {وَلا يَأْتَلِ أُولُو الْفَضْلِ مِنْكُمْ} [النور: 22] وَلِخَبَرِ «مَنْ حَلَفَ عَلَى يَمِينٍ السَّابِقِ» (أَوْ) حَلَفَ (عَلَى أَنْ يَفْعَلَهَا) أَيْ السُّنَّةَ أَوْ أَنْ يَتْرُكَ مَكْرُوهًا (كُرِهَ) لَهُ (الْحِنْثُ) ؛ لِأَنَّ الْإِقَامَةَ عَلَيْهَا مَنْدُوبَةٌ (فَلَوْ حَلَفَ لَا يَأْكُلُ طَيِّبًا) أَوْ لَا يَلْبَسُ نَاعِمًا (وَأَرَادَ الِاقْتِدَاءَ بِالسَّلَفِ، وَهُوَ مِمَّنْ يَصْبِرُ) عَلَى خُشُونَةِ الْمَطْعَمِ وَالْمَلْبَسِ (وَقَدْ تَفَرَّغَ لِلْعِبَادَةِ) أَوْ لَمْ يَتَفَرَّغْ لَهَا فِيمَا يَظْهَرُ (فَطَاعَةٌ) حَلِفَهُ (وَإِلَّا كُرِهَ) وَعَلَيْهِ حُمِلَ
ــ
[حاشية الرملي الكبير]
بِمَا قَدَرَ عَلَيْهِ الْمُكَلَّفُ مِنْ أَسْبَابِ الْحِفْظِ وَالْيَمِينُ هَاهُنَا سَبَبٌ حَافِظٌ مُتَعَيَّنٌ فَلَا يَجُوزُ تَرْكُهُ وَكَذَلِكَ يَجِبُ حِفْظُ الْوَدِيعَةِ مِنْ الظَّلَمَةِ بِالْأَيْمَانِ الْحَانِثَةِ تَقْدِيمًا لِحَقِّ الْعَبْدِ عَلَى حَقِّ الرَّبِّ فِي اجْتِنَابِ الْيَمِينِ الْكَاذِبَةِ بِهِ وَلَهُ أَمْثِلَةٌ أَحَدُهَا أَنْ يَدَّعِيَ عَلَيْهِ بِالْقَتْلِ أَوْ الْقَطْعِ كَاذِبًا فَلَا يَحِلُّ لَهُ النُّكُولُ لِئَلَّا يَكُونَ عَوْنًا عَلَى قَتْلِ نَفْسِهِ أَوْ قَطْعِ يَدِهِ
الْمِثَالُ الثَّانِي أَنْ يَدَّعِيَ عَلَى امْرَأَةٍ أَجْنَبِيَّةٍ بِالنِّكَاحِ فَلَا يَحِلُّ لَهَا أَنْ تَنْكُلَ كَيْ لَا يَكُونَ نُكُولُهَا عَوْنًا عَلَى الزِّنَا بِهَا الْمِثَالُ الثَّالِثُ أَنْ يَدَّعِيَ عَلَيْهِ بِحَدِّ الْقَذْفِ فَلَا يَحِلُّ لَهُ النُّكُولُ كَيْ لَا يَكُونَ عَوْنًا عَلَى جَلْدِهِ وَإِسْقَاطِ عَدَالَتِهِ وَالْعَزْلِ عَنْ وِلَايَتِهِ الَّتِي يَجِبُ عَلَيْهِ الْمُضِيُّ فِيهَا الْمِثَالُ الرَّابِعُ أَنْ يَدَّعِيَ عَلَى وَلِيِّ الْمُجْبِرِ أَنَّهُ زَوَّجَ ابْنَتَهُ فَلَا يَحِلُّ لَهُ النُّكُولُ كَيْ لَا يَكُونَ عَوْنًا عَلَى تَسْلِيمِ ابْنَتِهِ إلَى مَنْ يَزْنِي بِهَا وَكَذَلِكَ وَلِيُّ الْيَتِيمِ حَيْثُ تُشْرَعُ الْيَمِينُ فِي حَقِّهِ فِي التَّصَرُّفَاتِ الْمَالِيَّةِ لَا يَجُوزُ لَهُ النُّكُولُ كَيْ لَا يَكُونَ عَوْنًا عَلَى أَكْلِ أَمْوَالِ الْيَتَامَى ظُلْمًا وَيُلْحَقُ بِذَلِكَ إذَا لَاعَنَ الرَّجُلُ امْرَأَتَهُ كَاذِبًا فَلَا يَحِلُّ لَهَا النُّكُولُ عَنْ اللِّعَانِ كَيْ لَا يَكُونَ النُّكُولُ عَوْنًا عَلَى جَلْدِهَا أَوْ رَجْمِهَا وَفَضِيحَةِ أَهْلِهَا، وَأَمَّا يَمِينُ الْمُدَّعِي فَإِنْ كَانَتْ كَاذِبَةً لَمْ تَحِلَّ فَضْلًا عَنْ أَنْ تَجِبَ، وَإِنْ كَانَتْ صَادِقَةً فَلِلْحَقِّ الْمُدَّعَى بِهِ حَالَانِ إحْدَاهُمَا أَنْ يَكُونَ مِمَّا يُبَاحُ بِالْإِبَاحَةِ فَالْأَوْلَى بِالْمُدَّعِي إذَا نَكَلَ أَنْ يُبِيحَ الْحَقَّ أَوْ يُبْرِئَ مِنْهُ دَفْعًا لِمَفْسَدَةِ إصْرَارِ خَصْمِهِ عَلَى الْبَاطِلِ الْحَالَةُ الثَّانِيَةُ أَنْ يَكُونَ الْحَقُّ مِمَّا لَا يُبَاحُ بِالْإِبَاحَةِ وَيَعْلَمُ الْمُدَّعِي أَنَّ الْحَقَّ يُؤْخَذُ مِنْهُ إذَا نَكَلَ عَنْ الْيَمِينِ فَيَلْزَمُهُ أَنْ يَحْلِفَ حِفْظًا لِمَا يَحْرُمُ بَذْلُهُ وَلَهُ أَمْثِلَةٌ أَحَدُهَا أَنْ تَدَّعِيَ الزَّوْجَةُ الْبَيْنُونَةَ فَتَعْرِضُ الْيَمِينَ عَلَى الزَّوْجِ فَيُنْكِرُ وَيَنْكُلُ فَيَلْزَمُهَا الْحَلِفُ حِفْظًا لِبِضْعِهَا مِنْ الزِّنَا وَتَوَابِعِهِ مِنْ الْخَلْوَةِ وَغَيْرِهَا فَإِنْ نَكَلَتْ عَنْ الْيَمِينِ فَسُلِّمَتْ إلَيْهِ فَرَاوَدَهَا عَنْ نَفْسِهَا لَزِمَهَا مَنْعُهُ بِالتَّدْرِيجِ إنْ قَدَرَتْ عَلَيْهِ، وَإِنْ لَمْ تَقْدِرْ عَلَيْهِ وَقَدَرَتْ عَلَى قَتْلِهِ فِي أَوَّلِ الْأَمْرِ لَزِمَهَا ذَلِكَ الْمِثَالُ الثَّانِي أَنْ تَدَّعِيَ الْأَمَةُ أَنَّ سَيِّدَهَا أَعْتَقَهَا فَيُنْكِرُ وَيَنْكُلُ فَيَلْزَمُهَا الْحَلِفُ حِفْظًا لِبَعْضِهَا وَلِمَا يَتَعَلَّقُ بِحُرِّيَّتِهَا مِنْ حُقُوقِ اللَّهِ تَعَالَى وَحُقُوقِ عِبَادِهِ
الْمِثَالُ الثَّالِثُ أَنْ يَدَّعِيَ الْعَبْدُ أَنَّ سَيِّدَهُ أَعْتَقَهُ فَيُنْكِرُ وَيَنْكُلُ فَيَلْزَمُ الْعَبْدَ الْحَلِفُ حِفْظًا لِحُرِّيَّتِهِ وَلِمَا يَتَعَلَّقُ بِهَا مِنْ حُقُوقِ اللَّهِ تَعَالَى وَحُقُوقِ عِبَادِهِ كَالْجُمُعَةِ وَالْجِهَادِ وَغَيْرِ ذَلِكَ
الْمِثَالُ الرَّابِعُ أَنْ يَدَّعِيَ الْجَانِي عَفْوَ الْوَلِيِّ فَيُنْكِرُ وَيَنْكُلُ فَيَلْزَمُ الْجَانِيَ الْحَلِفُ حِفْظًا لِنَفْسِهِ أَوْ لِأَطْرَافِهِ
الْمِثَالُ الْخَامِسُ أَنْ يَدَّعِيَ الْقَاذِفُ عَفْوَ الْمَقْذُوفِ فَيُنْكِرُ وَيَنْكُلُ فَيَلْزَمُ الْقَاذِفَ الْحَلِفُ حِفْظًا لِجَسَدِهِ مِنْ ثَمَانِينَ جَلْدَةً وَلَوْ نَكَلَ الْوَلِيُّ عَنْ أَيْمَانِ الْقَسَامَةِ فَإِنْ أَوْجَبْنَا بِهَا الْقِصَاصَ وَجَبَتْ وَإِلَّا فَلَا قَالَ الْأَذْرَعِيُّ، وَهَذَا الْمِثَالُ غَيْرُ وَاضِحٍ اهـ لَوْ كَانَ الْحَلِفُ وَالْحِنْثُ فِي مِلْكِ زَيْدٍ ثُمَّ انْتَقَلَ مِنْهُ بِبَيْعٍ أَوْ غَيْرِهِ إلَى عَمْرٍو هَلْ يَكُونُ لِعَمْرٍو مِنْ الْمَنْعِ مَا كَانَ لِزَيْدٍ أَمْ لَا وَلَوْ كَانَ زَيْدٌ قَدْ أَذِنَ فِيهِمَا أَوْ فِي أَحَدِهِمَا ثُمَّ انْتَقَلَ قَبْلَ أَنْ يَصُومَ إلَى مِلْكِ عَمْرٌو فَمَا الْحُكْمُ وَلَوْ كَانَ الْحَلِفُ فِي مِلْكِ زَيْدٍ ثُمَّ حَصَلَ الْحِنْثُ فِي مِلْكِ عَمْرٍو بِلَا إذْنٍ فَمَا الْحُكْمُ هَذَا يَحْتَاجُ إلَى تَأَمُّلٍ لِعَمْرٍو الْمَنْعُ فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ وَحَيْثُ كَانَ لِلسَّيِّدِ الْمَنْعُ فَهَلْ عَلَى الْعَبْدِ الِامْتِنَاعُ مِنْهُ، وَإِنْ كَانَ السَّيِّدُ غَائِبًا كَمَا لَوْ كَانَ حَاضِرًا الظَّاهِرُ لَا حَيْثُ لَا ضَرَرَ عَلَى السَّيِّدِ فِي صَوْمِهِ فِي غَيْبَتِهِ مِنْ فَوَاتِ مَنْفَعَةٍ وَاسْتِخْدَامٍ وَاسْتِمْتَاعٍ وَلَوْ كَانَ السَّيِّدُ قَدْ أَجَرَ عَيْنَهُ لِخِدْمَةِ إنْسَانٍ وَرَضِيَ الْمُسْتَأْجِرُ بِصَوْمِهِ عَنْ الْكَفَّارَةِ هَلْ لِلسَّيِّدِ مَنْعُهُ أَمْ لَا إذَا كَانَ الضَّرَرُ إنَّمَا هُوَ بِالنِّسْبَةِ إلَى نَقْصِ الْعَمَلِ وَالْخِدْمَةُ الْأَقْرَبُ لَا إذْ لَا ضَرَرَ عَلَيْهِ اهـ وَأَطْلَقَ الْأَصْحَابُ الْكَلَامَ فِي الْمَسْأَلَةِ وَلَمْ يُفَرِّقُوا بَيْنَ كَوْنِ الْحِنْثِ وَاجِبًا أَوْ مَنْدُوبًا أَوْ مَكْرُوهًا أَوْ مُبَاحًا أَوْ مُحَرَّمًا فَلْيُنْظَرْ هَلْ الْحُكْمُ كَذَلِكَ أَمْ لَا وَيُتَّجَهُ أَنْ يُقَالَ إنَّهُ إنْ كَانَ وَاجِبًا لَهُ الصَّوْمُ بِلَا إذْنٍ وَلَا بُدَّ مِنْ النَّظَرِ إلَى أَنَّ التَّكْفِيرَ هَلْ يَجِبُ عَلَى الْفَوْرِ أَمْ لَا.
وَقَدْ قَالَ الْمُتَوَلِّي: إذَا كَانَ الْحِنْثُ مَعْصِيَةً فَنَعَمْ وَإِلَّا فَلَا وَعَنْ الْقَفَّالِ أَنَّهُ إنْ وَجَبَ بِغَيْرِ عُدْوَانٍ فَعَلَى التَّرَاخِي أَوْ بِعُدْوَانٍ فَوَجْهَانِ وَقَوْلُهُ هَلْ يَكُونُ لِعَمْرٍو مِنْ الْمَنْعِ إلَخْ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ وَقَوْلُهُ هَذَا يَحْتَاجُ إلَى تَأَمُّلٍ كَتَبَ عَلَيْهِ لِعَمْرٍو الْمَنْعُ فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ بِشَرْطِهِ وَقَوْلُهُ الظَّاهِرُ لَا أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ وَقَوْلُهُ الْأَقْرَبُ لَا أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ فَإِنْ حَلَفَ عَلَى أَدَاءِ وَاجِبٍ إلَخْ) الْيَمِينُ لَا تُغَيِّرُ الْأَحْكَامَ فَإِنْ قِيلَ الزَّوْجُ لَا يَلْزَمُهُ الْوَطْءُ فَإِذَا آلَى وَانْقَضَتْ الْمُدَّةُ لَزِمَهُ قُلْنَا الْمُرَادُ أَنَّ الْيَمِينَ لَا تُصَيِّرُ الْمُبَاحَ حَرَامًا وَلَا الْمُحَرَّمَ وَاجِبًا وَيَمِينُ الْمَوْلَى كَذَلِكَ (قَوْلُهُ أَوْ حَلَفَ عَلَى تَرْكِهِ) أَيْ تَرْكِ وَاجِبٍ اسْتَثْنَى مِنْهُ الْبُلْقِينِيُّ مَا يُمْكِنُ سُقُوطُهُ كَالْقِصَاصِ لِقِصَّةِ ثَنِيَّةِ الرَّبِيعِ وَالْوَاجِبِ عَلَى الْكِفَايَةِ حَيْثُ لَمْ يَتَعَيَّنْ (قَوْلُهُ أَوْ يُقْرِضُهَا ثُمَّ يُبَرِّئُهَا) أَوْ يَهَبُهَا أَوْ يُوَكِّلُ فِي الْإِنْفَاقِ عَلَيْهَا (قَوْلُهُ وَلِخَبَرِ «مَنْ حَلَفَ عَلَى يَمِينٍ السَّابِقِ» ) فَإِنْ قِيلَ فَقَدْ «قَالَ الْأَعْرَابِيُّ: الَّذِي سَأَلَ عَنْ الصَّلَاةِ وَاَللَّهِ لَا أَزِيدُ عَلَى هَذَا وَلَا أَنْقُصُ فَقَالَ صلى الله عليه وسلم أَفْلَحَ وَأَبِيهِ إنْ صَدَقَ» فَلَوْ كَانَ حَلِفُهُ مَكْرُوهًا لَأَنْكَرَ عَلَيْهِ قُلْنَا يُحْمَلُ عَلَى لَغْوِ الْيَمِينِ أَوْ أَرَادَ لَا أَزِيدُ فِي عَدَدِ الْفَرَائِضِ وَلَا أَنْقُصُ مِنْهَا وَذَلِكَ لَا يَقْتَضِي الْإِنْكَارَ (قَوْلُهُ كَأَنْ حَلَفَ لَا يُنْفِقُ عَلَى زَوْجَتِهِ إلَخْ) أَوْ حَلَفَ عَلَى تَرْكِ وَاجِبٍ كَالْقِصَاصِ لِقِصَّةِ ثَنِيَّةِ الرَّبِيعِ وَالْوَاجِبِ عَلَى الْكِفَايَةِ حَيْثُ لَمْ يَتَعَيَّنْ (قَوْلُهُ أَوْ لَمْ يَتَفَرَّغْ لَهَا فِيمَا يَظْهَرُ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ