الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بِالِاسْتِغَاثَةِ (ضَرَبَهُ بِسِلَاحٍ) وَيَنَالُهُ بِمَا يَرْدَعُهُ، فَإِنْ لَمْ يَنَلْ مِنْهُ شَيْئًا عَاقَبَهُ السُّلْطَانُ (وَيَحْرُمُ رَمْيُ مَنْ لَمْ يَقْصِدْ الِاطِّلَاعَ) بِأَنْ كَانَ مُخْطِئًا أَوْ مَجْنُونًا أَوْ وَقَعَ نَظَرُهُ اتِّفَاقًا وَعَلِمَ صَاحِبُ الدَّارِ الْحَالَ (وَلَوْ) الْأَوْلَى قَوْلُ أَصْلِهِ، فَلَوْ رَمَاهُ ثُمَّ (ادَّعَى) هُوَ (عَدَمَ الْقَصْدِ) أَوْ عَدَمَ الِاطِّلَاعِ (لَمْ يُصَدَّقْ) فَلَا شَيْءَ عَلَى الرَّامِي لِوُجُودِ الِاطِّلَاعِ ظَاهِرًا وَقَصْدُهُ أَمْرٌ بَاطِنٌ لَا يَطَّلِعُ عَلَيْهِ قَالَ فِي الْأَصْلِ وَهَذَا ذَهَابٌ إلَى جَوَازِ الرَّمْيِ بَلْ تَحَقَّقَ قَصْدُهُ وَفِي كَلَامِ الْإِمَامِ مَا يَدُلُّ عَلَى مَنْعِهِ وَهُوَ حَسَنٌ انْتَهَى.
وَظَاهِرُ أَنَّ مَا ذُكِرَ لَيْسَ ذَهَابًا لِذَلِكَ إذْ لَا يُمْنَعُ ذَلِكَ أَنْ يَحْتَفَّ الْأَمْرُ بِقَرَائِنَ يُعْرَفُ بِهَا الرَّامِي قَصْدَ النَّاظِرِ (فَإِنْ كَانَ لَهُ) أَيْ لِلنَّاظِرِ (مَحْرَمٌ فِي الدَّارِ أَوْ زَوْجَةٌ أَوْ مَتَاعٌ لَمْ يَرْمِ) لِشُبْهَةِ النَّظَرِ (فَلَوْ كَانَتْ زَوْجَةُ السَّاكِنِ) فِي الدَّارِ (مَحْرَمًا لِلنَّاظِرِ وَهِيَ مَكْشُوفَةُ الْعَوْرَةِ جَازَ الرَّمْيُ) إذْ لَيْسَ لَهُ النَّظَرُ لِلْعَوْرَةِ بِخِلَافِ مَا إذَا كَانَتْ مَسْتُورَةً (وَلَوْ نَظَرَ مِنْ بَابٍ مَفْتُوحٍ أَوْ كُوَّةٍ وَاسِعَةٍ لَمْ يُرْمَ) لِتَقْصِيرِ صَاحِبِ الدَّارِ إلَّا أَنْ يُنْذِرَهُ فَيَرْمِيَهُ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْحَاوِي الصَّغِيرُ وَغَيْرُهُ وَيُؤْخَذُ مِنْ التَّعْلِيلِ أَنَّهُ لَوْ كَانَ الْفَاتِحُ لِلْبَابِ هُوَ النَّاظِرَ وَلَمْ يَتَمَكَّنْ رَبُّ الدَّارِ مِنْ إغْلَاقِهِ جَازَ الرَّمْيُ وَهُوَ ظَاهِرٌ (وَلِمُسْتَأْجِرِ الدَّارِ رَمْيُ الْمَالِكِ) النَّاظِرِ كَمَالِكِهَا (وَلَيْسَ لِلْغَاصِبِ) لَهَا (ذَلِكَ) لِحُرْمَةِ دُخُولِهِ لَهَا (وَفِي الْمُسْتَعِيرِ وَجْهَانِ) صَحَّحَ الْبُلْقِينِيُّ مِنْهُمَا أَنَّهُ يَرْمِيهِ قَالَ وَقَرَّبَهُ الْقَاضِي مِنْ السَّرِقَةِ، وَالصَّحِيحُ فِيهَا الْقَطْعُ
(فَرْعٌ لَهُ دَفْعُ مَنْ دَخَلَ دَارِهِ أَوْ خَيْمَتَهُ بِغَيْرِ إذْنِهِ) كَمَا يَدْفَعُهُ عَنْ سَائِرِ أَمْوَالِهِ (وَ) لَهُ (اتِّبَاعُهُ إنْ أَخَذَ مَتَاعًا) لَهُ (وَقِتَالُهُ عَلَيْهِ) إلَى أَنْ يَطْرَحَهُ وَإِنَّمَا يَدْفَعُهُ (بَعْدَ الْإِنْذَارِ) لَهُ كَسَائِرِ أَنْوَاعِ الدَّفْعِ قَالَ الرُّويَانِيُّ وَفَرَّقُوا بَيْنَهُ وَبَيْنَ مَا ذُكِرَ فِي النَّظَرِ إلَى الْحُرْمَةِ بِأَنَّ رَمْيَ الْعَيْنِ مَنْصُوصٌ عَلَيْهِ كَقَطْعِ الْيَدِ فِي السَّرِقَةِ وَدَفْعِ الدَّاخِلِ مُجْتَهَدٌ فِيهِ وَبِهَذَا يُفَرَّقُ بَيْنَ مَا هُنَا وَمَا مَرَّ فِي تَخْلِيصِ الْيَدِ مِنْ عَاضِّهَا مِنْ حَيْثُ إنَّهُ صلى الله عليه وسلم لَمَّا أَهْدَرَ ثَنِيَّةَ الْعَاضِّ بِنَزْعِ الْمَعْضُوضِ يَدَهُ مِنْ فِيهِ لَمْ يُفَصِّلْ بَيْنَ وُجُودِ الْإِنْذَارِ وَعَدَمِهِ (فَإِنْ قَتَلَهُ) فِي دَارِهِ (وَقَالَ دَفَعْتُهُ) أَيْ إنَّمَا قَتَلْتُهُ دَفْعًا عَنْ نَفْسِي أَوْ مَالِي وَأَنْكَرَ الْوَلِيُّ (فَعَلَيْهِ الْبَيِّنَةُ) بِأَنَّهُ قَتَلَهُ دَفْعًا وَيَكْفِي قَوْلُهَا (أَنَّهُ دَخَلَ دَارِهِ شَاهِرًا سِلَاحَهُ) وَإِنْ لَمْ تَقُلْ وَأَرَادَهُ بِالصِّيَالِ عَلَيْهِ لِلْقَرِينَةِ الظَّاهِرَةِ (وَلَا يَكْفِي) قَوْلُهَا: إنَّهُ (دَخَلَ بِسِلَاحٍ) مِنْ غَيْرِ شَهْرٍ نَعَمْ إنْ كَانَ مَعْرُوفًا بِالْفَسَادِ وَبَيْنَهُ وَبَيْنَ الْقَتِيلِ عَدَاوَةٌ فَيَنْبَغِي أَنْ يَكْفِيَ ذَلِكَ لِلْقَرِينَةِ كَمَا أَشَارَ إلَيْهِ الزَّرْكَشِيُّ (وَلَا يَتَعَيَّنُ ضَرْبُ رِجْلَيْهِ) وَإِنْ كَانَ الدُّخُولُ بِهِمَا؛ لِأَنَّهُ دَخَلَ بِجَمِيعِ بَدَنِهِ فَلَا يَتَعَيَّنُ قَصْدُ عُضْوٍ بِعَيْنِهِ (وَلَا يَجُوزُ رَمْيُ أُذُنِ مُسْتَرِقٍ سَمْعًا) ، فَلَوْ أَلْقَى أُذُنَهُ بِشِقِّ الْبَابِ لِيَسْمَعَ لَمْ يَجُزْ رَمْيُهُ إذْ لَيْسَ السَّمْعُ كَالْبَصَرِ فِي الِاطِّلَاعِ عَلَى الْعَوْرَاتِ
(فَصْلٌ)(لَوْ أَمْكَنَهُ الْهَرَبُ مِنْ فَحْلٍ صَائِلٍ) عَلَيْهِ وَلَمْ يَهْرُبْ (فَقَتَلَهُ) دَفْعًا (ضَمِنَ) بِنَاءً عَلَى وُجُوبِ الْهَرَبِ عَلَيْهِ إذَا صَالَ عَلَيْهِ إنْسَانٌ (وَفِي حِلِّ أَكْلِ) لَحْمِ الْفَحْلِ (الصَّائِلِ) الَّذِي تَلِفَ بِالدَّفْعِ (إنْ أُصِيبَ مَذْبَحُهُ تَرَدُّدٌ) أَيْ وَجْهَانِ وَجْهُ مَنْعِ الْحِلِّ أَنَّهُ لَمْ يَقْصِدْ الذَّبْحَ، وَالْأَكْلَ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ، وَالرَّاجِحُ الْحِلُّ كَمَا دَلَّ عَلَيْهِ كَلَامُ الرَّافِعِيِّ فِي الصَّيْدِ، وَالذَّبَائِحِ (وَإِنْ قَطَعَ يَدَ صَائِلٍ دَفْعًا وَوَلَّى) فَتَبِعَهُ (فَقَتَلَهُ قُتِلَ بِهِ) ؛ لِأَنَّهُ حِينَ وَلَّى عَنْهُ لَمْ يَكُنْ لَهُ أَنْ يَقْتُلَهُ (وَلَا شَيْءَ) لَهُ (فِي الْيَدِ) ؛ لِأَنَّ النَّفْسَ لَا تَنْقُصُ بِنَقْصِ الْيَدِ وَلِهَذَا لَوْ قَتَلَ مَنْ لَهُ يَدَانِ مَنْ لَيْسَ لَهُ إلَّا يَدٌ قُتِلَ بِهِ وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ (وَإِنْ صَالَ) عَبْدٌ (مَغْصُوبٌ أَوْ مُسْتَعَارٌ عَلَى الْمَالِكِ فَقَتَلَهُ دَفْعًا لَمْ يَبْرَأْ) كُلٌّ مِنْ الْغَاصِبِ، وَالْمُسْتَعِيرِ (مِنْ الضَّمَانِ) إذْ لَا أَثَرَ لِقَتْلِهِ دَفْعًا
(الْبَابُ الثَّالِثُ)(فِيمَا تُتْلِفُهُ الْبَهَائِمُ)
ــ
[حاشية الرملي الكبير]
قَوْلُهُ قَالَ فِي الْأَصْلِ وَهَذَا ذَهَابٌ إلَى جَوَازِ الرَّمْيِ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ: أَيْ لِلنَّاظِرِ) أَيْ حَالَ اطِّلَاعِهِ
(قَوْلُهُ: مَحْرَمٍ فِي الدَّارِ إلَخْ) هَلْ الْمُرَادُ بِكَوْنِهَا فِي الدَّارِ مُجَرَّدَ حُصُولِهَا فِيهَا أَوْ سُكْنَاهَا مُقْتَضَى إطْلَاقِهِمْ كَمَا قَالَ الْأَذْرَعِيُّ الْأَوَّلُ وَاَلَّذِي نَقَلَهُ فِي فَتَاوَى الْقَفَّالِ أَنَّ الْمُعْتَبَرَ السَّكَنُ لَا الْحُصُولُ حَتَّى قَالَ دَخَلَتْ أُخْتُهُ دَارًا وَأَتْبَعَهَا النَّظَرَ جَازَ رَمْيُ عَيْنِهِ؛ لِأَنَّ مَحْرَمَهُ لَمْ تَسْكُنْ الدَّارَ وَاسْتَحْسَنَهُ الْأَذْرَعِيُّ وَقَالَ إنَّهُ الظَّاهِرُ وَعَلَيْهِ يَنْزِلُ كَلَامُهُمْ وَمَالَ إلَيْهِ الْمُصَنِّفُ فِي شَرْحِهِ ات (قَوْلُهُ: الْمُرَادُ بِكَوْنِهَا فِي الدَّارِ مُجَرَّدُ حُصُولِهَا فِيهَا) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ مَحْرَمًا لِلنَّاظِرِ) أَيْ أَوْ أَمَةً لَهُ (قَوْلُهُ: إلَّا أَنْ يُنْذِرَهُ فَيَرْمِيَهُ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْحَاوِي الصَّغِيرُ) وَغَيْرُهُ تَبَعًا لِلْغَزَالِيِّ وَالرَّافِعِيِّ (قَوْلُهُ: وَيُؤْخَذُ مِنْ التَّعْلِيلِ أَنَّهُ لَوْ كَانَ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ: صَحَّحَ الْبُلْقِينِيُّ مِنْهُمَا أَنَّهُ يَرْمِيهِ) وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ وَفِي الْقُوتِ وَغَيْرِهِ أَنَّهُ الْأَقْوَى وَجَرَى ابْنُ الْوَرْدِيِّ فِي الْبَهْجَةِ عَلَى مُقَابِلِهِ (قَوْلُهُ: قَالَ وَقَرَّبَهُ الْقَاضِي إلَخْ) وَقَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَغَيْرُهُ إنَّهُ الْأَقْوَى وَجَرَى ابْنُ الْوَرْدِيِّ فِي الْبَهْجَةِ عَلَى مُقَابِلِهِ
(قَوْلُهُ: قَالَ الرُّويَانِيُّ وَفَرَّقُوا بَيْنَهُ وَبَيْنَ مَا ذُكِرَ إلَخْ) قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَلَا يَخْفَى ضَعْفُ هَذَا الْفَرْقِ اهـ قَالَ بَعْضُهُمْ وَأَرَى أَنَّ الْفَرْقَ أَنَّ التَّطَلُّعَ لَا يَنْفَكُّ غَالِبًا عَنْ قَصْدٍ فَاسِدٍ بِخِلَافِ الدُّخُولِ، فَإِنَّهُ كَثِيرًا مَا يَكُونُ لِغَلَطٍ أَوْ طَلَبِ حَاجَةٍ أَوْ هَرَبٍ مِنْ عَدُوٍّ أَوْ سَبُعٍ وَنَحْوِهِ فَضُيِّقَ فِي الْأَوَّلِ وَوُسِّعَ فِي الثَّانِي (قَوْلُهُ: فَيَنْبَغِي أَنْ يَكْفِيَ ذَلِكَ لِلْقَرِينَةِ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ
[فَصْلٌ أَمْكَنَهُ الْهَرَبُ مِنْ فَحْلٍ صَائِلٍ عَلَيْهِ وَلَمْ يَهْرُبْ فَقَتَلَهُ دَفْعًا]
(قَوْلُهُ: قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَالرَّاجِحُ الْحِلُّ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ
(قَوْلُهُ: كَمَا دَلَّ عَلَيْهِ كَلَامُ الرَّافِعِيِّ إلَخْ) وَقَالَ الْحَنَّاطِيُّ: إنَّهُ أَظْهَرُ الْوَجْهَيْنِ (قَوْلُهُ: وَإِنْ قَطَعَ يَدَ صَائِلٍ دَفْعًا وَوَلَّى فَتَبِعَهُ فَقَتَلَهُ قُتِلَ بِهِ) قَالَ فِي الْأُمُّ وَلَوْ شَهِدُوا أَنَّهُ أَقْبَلَ إلَيْهِ فِي صَحْرَاءَ بِسِلَاحٍ فَضَرَبَهُ فَقَطَعَ يَدَ الَّذِي أُرِيدَ ثُمَّ وَلَّى عَنْهُ فَأَدْرَكَهُ فَذَبَحَهُ أَقَدْته مِنْهُ وَضَمَّنْت الْمَقْتُولَ دِيَةَ يَدِ الْقَاتِلِ اهـ هَذَا هُوَ الصَّوَابُ تَصْوِيرًا وَحُكْمًا وَلَفْظُ الْعُدَّةِ وَإِنْ قَطَعَ يَدَ رَجُلٍ عِنْدَ الْقَصْدِ فَلَمَّا وَلَّى تَبِعَهُ وَقَتَلَهُ كَانَ لِوَلِيِّهِ الْقِصَاصُ فِي النَّفْسِ؛ لِأَنَّهُ حِينَ وَلَّى عَنْهُ لَمْ يَكُنْ لَهُ أَنْ يَقْتُلَهُ وَلِوَرَثَةِ الْمَقْصُودِ أَنْ يَرْجِعُوا فِي تَرِكَةِ الْقَاصِدِ بِنِصْفِ الدِّيَةِ؛ لِأَنَّ الْقِصَاصَ يَسْقُطُ عَنْهُ بِهَلَاكِهِ اهـ فَبَانَ بِأَنَّ الْمُرَادَ أَنَّ الصَّائِلَ قَطَعَ يَدَ الْمَقْصُودِ وَوَلَّى فَتَبِعَهُ الْمَقْصُودُ الْمَقْطُوعُ الْيَدِ وَقَتَلَهُ
[الْبَابُ الثَّالِثُ فِيمَا تُتْلِفُهُ الْبَهَائِم]
(الْبَابُ الثَّالِثُ فِيمَا يُتْلِفُهُ الْبَهَائِمُ)
(وَإِنْ أَرْسَلَ دَابَّتَهُ) أَوْ دَابَّةً تَحْتَ يَدِهِ كَمَا سَيَأْتِي كَلَامُهُ فِي الصَّحْرَاءِ بِلَا رَاعٍ (لَا طَيْرَهُ) فَأَتْلَفَتْ شَيْئًا (ضَمِنَ مَا أَتْلَفَتْهُ لَيْلًا لَا نَهَارًا) لِتَقْصِيرِهِ بِإِرْسَالِهَا لَيْلًا بِخِلَافِهِ نَهَارًا لِلْخَبَرِ الصَّحِيحِ فِي ذَلِكَ رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَغَيْرُهُ وَهُوَ وَفْقُ الْعَادَةِ فِي حِفْظِ الزَّرْعِ وَنَحْوِهِ نَهَارًا، وَالدَّابَّةِ لَيْلًا وَإِنَّمَا لَمْ يَضْمَنْ فِي الطَّيْرِ؛ لِأَنَّ الْعَادَةَ جَرَتْ بِإِرْسَالِهِ (وَلَوْ تَعَوَّدُوا) أَيْ أَهْلُ الْبَلَدِ (الْإِرْسَالَ) لِلْبَهَائِمِ (أَوْ الْحِفْظَ) لِلزَّرْعِ (لَيْلًا دُونَ النَّهَارِ انْعَكَسَ الْحُكْمُ) فَيَضْمَنُ مُرْسِلُهَا مَا أَتْلَفَتْهُ نَهَارًا لَا لَيْلًا اتِّبَاعًا لِمَعْنَى الْخَبَرِ وَلِلْعَادَةِ مِنْ ذَلِكَ يُؤْخَذُ مَا بَحَثَهُ الْبُلْقِينِيُّ أَنَّهُ لَوْ جَرَتْ عَادَةُ بَلَدٍ بِحِفْظِهَا لَيْلًا وَنَهَارًا ضَمِنَ مُرْسِلُهَا مَا أَتْلَفَتْهُ مُطْلَقًا (وَإِنْ كَانَ لِلْمَزَارِعِ، وَالْبَسَاتِينِ إغْلَاقٌ لَمْ يَضْمَنْ) مُرْسِلُهَا مَا أَتْلَفَتْهُ مِنْهَا (إنْ تُرِكَتْ مَفْتُوحَةً وَلَوْ لَيْلًا) ؛ لِأَنَّ مَالِكَ مَا أَتْلَفَتْهُ هُوَ الْمُضَيِّعُ لِمَالِهِ، وَالتَّصْرِيحُ بِاعْتِبَارِ الْغَلْقِ فِي الْمَزَارِعِ مِنْ زِيَادَتِهِ.
(وَلَوْ كَانَ الْمَرْعَى بَعِيدًا عَنْ الْمَزَارِعِ وَفُرِضَ انْتِشَارٌ) لِلْبَهَائِمِ إلَى أَطْرَافِ الْمَزَارِعِ (فَلَا ضَمَانَ) عَلَى مُرْسِلِهَا لِمَا أَتْلَفَتْهُ مُطْلَقًا لِانْتِفَاءِ تَقْصِيرِهِ (وَإِنْ كَانَ) الْمَرْعَى (بَيْنَ الْمَزَارِعِ ضَمِنَ) مَا أَتْلَفَتْهُ (لَيْلًا وَكَذَا نَهَارًا إلَّا إنْ تَعَوَّدُوا إرْسَالَهَا بِلَا رَاعٍ) فَلَا يَضْمَنُهُ لِانْتِفَاءِ تَقْصِيرِهِ (وَإِنْ رَبَطَهَا لَيْلًا فَانْفَلَتَتْ بِغَيْرِ تَقْصِيرٍ) مِنْهُ كَأَنْ انْهَدَمَ الْجِدَارُ أَوْ فَتَحَ الْبَابَ لِصٌّ أَوْ قَطَعَتْ حَبْلَهَا (لَمْ يَضْمَنْ) مَا أَتْلَفَتْهُ مُطْلَقًا لِذَلِكَ (وَكَذَا) لَا يَضْمَنُهُ (لَوْ قَصَّرَ وَحَضَرَ صَاحِبُ الزَّرْعِ) وَقَدَرَ عَلَى تَنْفِيرِهَا (وَلَمْ يُنَفِّرْهَا) ؛ لِأَنَّهُ الْمُضَيِّعُ لِمَالِهِ (وَإِنْ)(نَفَّرَ) شَخْصٌ دَابَّةً (مُسَيَّبَةً عَنْ زَرْعِهِ فَوْقَ) قَدْرِ (الْحَاجَةِ ضَمِنَهَا) أَيْ دَخَلَتْ فِي ضَمَانِهِ كَمَا لَوْ أَلْقَتْ الرِّيحُ ثَوْبًا فِي حِجْرِهِ أَوْ جَرَّ السَّيْلُ حَبًّا فَأَلْقَاهُ فِي مِلْكِهِ لَا يَجُوزُ إخْرَاجُهُ وَتَضْيِيعُهُ بَلْ يَدْفَعُهُ لِمَالِكِهِ فَيَنْبَغِي إذَا نَفَّرَهَا أَنْ لَا يُبَالِغَ فِي إبْعَادِهَا بَلْ يَقْتَصِرُ عَلَى قَدْرِ الْحَاجَةِ وَهُوَ الْقَدْرُ الَّذِي يَعْلَمُ أَنَّهَا لَا تَعُودُ مِنْهُ إلَى زَرْعِهِ قَالَهُ الْمَرْوَرُوذِيُّ (وَإِنْ أَخْرَجَهَا) عَنْ زَرْعِهِ (إلَى زَرْعِ غَيْرِهِ) فَأَتْلَفَتْهُ (ضَمِنَهُ) إذْ لَيْسَ لَهُ أَنْ يَقِيَ مَالَهُ بِمَالِ غَيْرِهِ (، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ إلَّا ذَلِكَ) بِأَنْ كَانَتْ مَحْفُوفَةً بِمَزَارِعِ النَّاسِ وَلَمْ يُمْكِنْ إخْرَاجُهَا إلَّا بِإِدْخَالِهَا مَزْرَعَةَ غَيْرِهِ (تَرَكَهَا) فِي زَرْعِهِ وَغَرَّمَ صَاحِبَهَا مَا أَتْلَفَتْهُ (وَإِنْ أَرْسَلَهَا فِي الْبَلَدِ ضَمِنَ مَا أَتْلَفَتْهُ) لِمُخَالَفَةِ الْعَادَةِ
(وَرَبَطَ الدَّوَابَّ فِي الطَّرِيقِ) وَلَوْ عَلَى دَارِ الرَّابِطِ (يَضْمَنُ) رَابِطُهَا مَا أَتْلَفَتْهُ سَوَاءٌ أَضَاقَ الطَّرِيقُ أَمْ اتَّسَعَ؛ لِأَنَّ الِارْتِفَاقَ بِهِ مَشْرُوطٌ بِسَلَامَةِ الْعَاقِبَةِ كَإِشْرَاعِ الْجَنَاحِ نَعَمْ إنْ رَبَطَهَا فِي الْمُتَّسَعِ بِإِذْنِ الْإِمَامِ لَمْ يَضْمَنْ كَمَا لَوْ حَفَرَ بِئْرًا فِيهِ لِمَصْلَحَةِ نَفْسِهِ قَالَهُ الْقَاضِي، وَالْبَغَوِيُّ (لَا) رَبَطَهَا (فِي الْمِلْكِ) أَيْ مِلْكِ الرَّابِطِ (وَالْمَوَاتِ) فَلَا يَضْمَنُ رَابِطُهَا مَا أَتْلَفَتْهُ فِي غَيْبَتِهِ (وَذُو الْيَدِ) عَلَيْهَا (وَإِنْ كَانَ غَاصِبًا يَضْمَنُ مَا تُتْلِفُهُ الدَّابَّةُ بِحُضُورِهِ مُطْلَقًا) أَيْ سَوَاءٌ أَتْلَفَتْهُ لَيْلًا أَمْ نَهَارًا سَائِقًا كَانَ أَوْ قَائِدًا أَوْ رَاكِبًا أَتْلَفَتْهُ بِيَدِهَا أَوْ رِجْلِهَا أَوْ غَيْرِهِمَا؛ لِأَنَّهَا تَحْتَ يَدِهِ وَعَلَيْهِ حِفْظُهَا (فَإِنْ حَضَرَ) هَا (سَائِقٌ وَقَائِدٌ فَنِصْفَانِ) أَيْ فَالضَّمَانُ نِصْفَانِ؛ لِأَنَّهَا تَحْتَ يَدِهِمَا (وَيَضْمَنُ الرَّاكِبُ دُونَهُمَا) إذَا حَضَرُوهَا؛ لِأَنَّ الْيَدَ لَهُ خَاصَّةً وَقِيلَ يَضْمَنُونَ أَثْلَاثًا
ــ
[حاشية الرملي الكبير]
قَوْلُهُ: ضَمِنَ مَا أَتْلَفَتْهُ لَيْلًا) قَالَ الْإِمَامُ وَلَمْ يَتَعَلَّقْ الضَّمَانُ بِرَقَبَةِ الْبَهِيمَةِ كَمَا تَعَلَّقَ الضَّمَانُ بِرَقَبَةِ الْعَبْدِ؛ لِأَنَّ الضَّمَانَ فِيمَا تُتْلِفُهُ الْبَهِيمَةُ يُحَالُ عَلَى تَقْصِيرِ صَاحِبِهَا وَهِيَ كَالْآلَةِ وَالْعَبْدُ مُلْتَزِمٌ وَأَقْرَبُ مَا يُؤَدِّي مِنْهُ مَا يَلْزَمُ رَقَبَتَهُ فَعُلِّقَ بِهَا (قَوْلُهُ: لَا نَهَارًا) مَحَلُّهُ إذَا لَمْ تَكْثُرْ الدَّوَابُّ بِالنَّهَارِ، فَإِنْ كَثُرَتْ حَتَّى عَجَزَ أَصْحَابُ الزَّرْعِ عَنْ حِفْظِهِ فَحَكَى الْمَاوَرْدِيُّ فِيهِ وَجْهَيْنِ مِنْ غَيْرِ تَرْجِيحٍ وَقَالَ الْبُلْقِينِيُّ الْأَرْجَحُ وُجُوبُ الضَّمَانِ عَلَى أَصْحَابِهَا لِخُرُوجِ هَذَا عَنْ مُقْتَضَى الْعَادَةِ وَهِيَ الْمُعْتَبَرَةُ عَلَى الْأَصَحِّ
وَكَتَبَ أَيْضًا مَحَلُّ عَدَمِ الضَّمَانِ مَا إذَا رَعَتْ فِي مَوَاتٍ أَوْ مَمْلُوكٍ لِأَصْحَابِهَا، فَإِنْ أَرْسَلَتْ فِي مَوْضِعٍ مَغْصُوبٍ فَانْتَشَرَتْ مِنْهُ إلَى غَيْرِهِ فَأَفْسَدَتْهُ كَانَ مَضْمُونًا عَلَى مَنْ أَرْسَلَهَا ذَكَرَهُ الْبُلْقِينِيُّ قَالَ وَقَدْ قَالَ الْقَاضِي حُسَيْنٌ إذَا خَلَّاهَا فِي مِلْكِ الْغَيْرِ فَسَوَاءٌ كَانَ لَيْلًا أَوْ نَهَارًا فَهُوَ مَضْمُونٌ؛ لِأَنَّهُ مُتَعَدٍّ فِي إرْسَالِهِ (قَوْلُهُ وَإِنَّمَا لَمْ يَضْمَنْ فِي الطَّيْرِ؛ لِأَنَّ الْعَادَةَ جَرَتْ بِإِرْسَالِهِ) يَدْخُلُ فِيهِ النَّحْلُ وَقَدْ أَفْتَى الْبُلْقِينِيُّ فِي نَحْلٍ لِإِنْسَانٍ قَتَلَتْ جَمَلًا لِآخَرَ بِعَدَمِ الضَّمَانِ وَعَلَّلَهُ بِأَنَّ صَاحِبَ النَّحْلِ لَا يُمْكِنُهُ ضَبْطُهَا وَالتَّقْصِيرُ مِنْ صَاحِبِ الْبَعِيرِ وَعِبَارَةُ الْأَنْوَارِ وَلَوْ خَرَجَ الْحَمَامُ مِنْ الْبُرْجِ وَالْتَقَطَ حَبَّ الْغَيْرِ أَوْ النَّحْلُ مِنْ الْكُوَّارَةِ وَأَهْلَكَتْ بَهِيمَةً فَلَا ضَمَانَ (فَرْعٌ)
سُئِلْت عَنْ مَالِكِ نَحْلٍ عُلِمَ مِنْهُ اعْتِيَادُهُ لِأَكْلِ الْمَارِّينَ مِنْ النَّاسِ وَالدَّوَابِّ فِي طَرِيقِهِ ثُمَّ إنَّهُ وَضَعَهُ فِي دَارٍ شَخْصٍ وَلَمْ يُعْلِمْهُ بِأَكْلِهِ الْمَذْكُورِ ثُمَّ إنَّهُ قَتَلَ فَرَسَ صَاحِبِ الدَّارِ فَهَلْ تَلْزَمُهُ قِيمَتُهَا أَمْ لَا فَأَجَبْت بِأَنَّهُ تَلْزَمُهُ قِيمَتُهَا لِتَفْرِيطِهِ بِعَدَمِ إعْلَامِ صَاحِبِ الدَّارِ بِأَكْلِهِ لِيَحْفَظَ حَيَوَانَاتِهِ مِنْهُ وَعَدَمِ كَفِّ شَرِّهِ؛ لِأَنَّهُ وَاجِبٌ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ: وَلَوْ تَعَوَّدُوا الْإِرْسَالَ أَوْ الْحِفْظَ لَيْلًا إلَخْ) وَلَوْ جَرَتْ عَادَتُهُمْ بِإِرْسَالِهَا لَيْلًا وَنَهَارًا لَمْ يَضْمَنْ مُطْلَقًا (قَوْلُهُ: مَا بَحَثَهُ الْبُلْقِينِيُّ) أَيْ وَغَيْرُهُ أَنَّهُ لَوْ جَرَتْ عَادَةُ بَلَدِهَا إلَخْ أَوْ عَكْسُهُ انْعَكَسَ الْحُكْمُ (قَوْلُهُ وَإِنْ رَبَطَهَا لَيْلًا فَانْفَلَتَتْ بِغَيْرِ تَقْصِيرٍ لَمْ يَضْمَنْ) هَذَا إذَا لَمْ تَكُنْ الدَّابَّةُ ضَارِيَةً، فَإِنْ عُرِفَتْ بِحَلِّ الرِّبَاطِ وَكَسْرِ الْبَابِ فَتَرَكَ الْمَالِكُ الْإِحْكَامَ وَجَبَ الضَّمَانُ قَالَهُ الْبَغَوِيّ فِي تَعْلِيقِهِ (قَوْلُهُ: قَالَهُ الْمَرْوَرُوذِيُّ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (تَنْبِيهٌ)
لَوْ ابْتَعَلَتْ الْبَهِيمَةُ فِي مُرُورِهَا جَوْهَرَةً ضَمِنَهَا صَاحِبُهَا إنْ كَانَ مَعَهَا أَوْ وُجِدَ مِنْهُ تَقْصِيرٌ بِأَنْ طَرَحَ لُؤْلُؤَ غَيْرِهِ بَيْنَ يَدَيْ دَجَاجَةٍ وَإِلَّا فَوَجْهَانِ أَحَدُهُمَا يُفَرَّقُ بَيْنَ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ كَالزَّرْعِ وَالثَّانِي يَضْمَنُ لَيْلًا وَنَهَارًا وَالْفَرْقُ أَنَّ الزَّرْعَ مَأْلُوفٌ فَلَزِمَ حِفْظُهُ مِنْهَا، وَابْتِلَاعُ الْجَوْهَرَةِ غَيْرُ مَأْلُوفٍ فَلَمْ يَلْزَمْ صَاحِبَهَا حِفْظُهَا عَنْهُ لَمْ يُرَجِّحْ شَيْئًا مِنْ الْوَجْهَيْنِ قَالَ فِي الْخَادِمِ قَضِيَّةُ كَلَامِهِمَا فِيمَا سَبَقَ تَرْجِيحُ عَدَمِ الضَّمَانِ حَيْثُ نَقَلَا عَنْ ابْنِ الصَّبَّاغِ أَنَّهُ إذَا أَرْسَلَ طَيْرًا فَكَسَرَ شَيْئًا أَوْ الْتَقَطَ حَبًّا فَلَا ضَمَانَ
(قَوْلُهُ نَعَمْ إنْ رَبَطَهَا فِي الْمُتَّسَعِ بِإِذْنِ الْإِمَامِ لَمْ يَضْمَنْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ: لِأَنَّهَا تَحْتَ يَدِهِ وَعَلَيْهِ حِفْظُهَا) ؛ لِأَنَّ فِعْلَ الْبَهِيمَةِ إذَا كَانَ مَعَهَا صَاحِبُهَا مَنْسُوبٌ إلَيْهِ وَالْأَنْسَبُ إلَيْهَا كَالْكَلْبِ إذَا أَرْسَلَهُ صَاحِبُهُ أَكَلَ مَا صَادَهُ وَإِنْ اسْتَرْسَلَ بِنَفْسِهِ فَلَا
وَالتَّرْجِيحُ مِنْ زِيَادَتِهِ وَبِهِ صَرَّحَ الرُّويَانِيُّ وَغَيْرُهُ وَاقْتَضَاهُ كَلَامُ الرَّافِعِيِّ (وَلَوْ نَخَسَ الدَّابَّةَ) شَخْصٌ (بِغَيْرِ إذْنِ الرَّاكِبِ ضَمِنَ مَا أَتْلَفَتْهُ) ؛ لِأَنَّهُ الْمُتَسَبِّبُ (أَوْ بِإِذْنِهِ ضَمِنَ الرَّاكِبُ) ؛ لِأَنَّهُ الْحَامِلُ عَلَى النَّخْسِ وَقَدْ مَرَّ بَيَانُ ذَلِكَ فِي الْبَابِ الرَّابِعِ فِي مُوجِبِ الدِّيَةِ وَكَالرَّاكِبِ السَّائِقُ، وَالْقَائِدُ (وَإِنْ غَلَبَ الْمَرْكُوبُ مُسَيِّرَهُ فَانْفَلَتَ) مِنْهُ (وَأَتْلَفَ) شَيْئًا (لَمْ يَضْمَنْ) لِخُرُوجِهِ مِنْ يَدِهِ (وَإِنْ كَانَ) يَدُهُ (عَلَيْهَا وَأَمْسَكَ لِجَامَهَا فَرَكِبَتْ رَأْسَهَا فَهَلْ يَضْمَنُ مَا أَتْلَفَتْهُ) ؛ لِأَنَّ مِنْ حَقِّهِ أَنْ يَضْبِطَ مَرْكُوبَهُ أَوْ لَا يَرْكَبَ مَا لَا يَضْبِطُهُ أَوْ لَا يَضْمَنُ لِخُرُوجِ الْأَمْرِ عَنْ اخْتِيَارِهِ (قَوْلَانِ) قَضِيَّةُ كَلَامِهِ كَأَصْلِهِ فِي مَسْأَلَةِ اصْطِدَامِ الرَّاكِبَيْنِ تَرْجِيحُ الضَّمَانِ نَبَّهَ عَلَيْهِ الْبُلْقِينِيُّ وَغَيْرُهُ
(قَالَ الْإِمَامُ وَمَنْ رَكِبَ) الدَّابَّةَ (الصَّعْبَةَ) الَّتِي لَا تَنْضَبِطُ بِالْكَجِّ، وَالتَّرْدِيدِ فِي مَعَاطِفِ اللِّجَامِ (أَوْ سَاقَ الْإِبِلَ غَيْرَ مَقْطُورَةٍ فِي الْأَسْوَاقِ) فِيهِمَا (ضَمِنَ) مَا أَتْلَفَتْهُ لِتَقْصِيرِهِ بِذَلِكَ (وَمَا فَسَدَ بِرَوْثِ) أَوْ بَوْلِ (الدَّابَّةِ السَّائِرَةِ فِي الطَّرِيقِ وَلَوْ وَقَفَتْ) حِينَ رَوْثِهَا أَوْ بَوْلِهَا (أَوْ بِرَشَاشِهَا) الْحَاصِلِ مِنْ وَحْلٍ أَوْ غُبَارٍ (لَا يَضْمَنُ) وَإِنْ كَانَ الطَّرِيقُ ضَيِّقًا؛ لِأَنَّهُ لَا يَخْلُو عَنْ ذَلِكَ وَلَا سَبِيلَ إلَى الْمَنْعِ مِنْ الطُّرُوقِ كَذَا ذَكَرَهُ كَأَصْلِهِ هُنَا وَخَالَفَاهُ فِي كِتَابِ الْحَجِّ فَجَزَمَا فِيهِ بِالضَّمَانِ وَنَصَّ عَلَيْهِ فِي الْأُمُّ؛ لِأَنَّ الِارْتِفَاقَ بِالطَّرِيقِ مَشْرُوطٌ بِسَلَامَةِ الْعَاقِبَةِ كَمَا مَرَّ وَهَذَا مَا عَلَيْهِ الْأَصْحَابُ، وَالْأَوَّلُ احْتِمَالٌ لِلْإِمَامِ جَزَمَ بِهِ هُنَا لَكِنَّهُ بَيَّنَ فِي الدِّيَاتِ أَنَّهُ احْتِمَالٌ وَأَنَّ الْأَصْحَابَ عَلَى الضَّمَانِ وَمِنْ هُنَا قَالَ الْبُلْقِينِيُّ عَدَمُ الضَّمَانِ فِيمَا تَلِفَ بِرَكْضٍ مُعْتَادٍ بَحْثٌ لِلْإِمَامِ بَنَاهُ عَلَى احْتِمَالِهِ الْمَذْكُورِ، وَاَلَّذِي يَقْتَضِيهِ قِيَاسُ الْمَذْهَبِ الضَّمَانُ، وَإِطْلَاقُ نُصُوصِ الشَّافِعِيِّ، وَالْأَصْحَابِ قَاضِيَةٌ بِهِ (نَعَمْ إنْ رَكَضَ خِلَافَ الْعَادَةِ فَرَسَهُ) أَوْ نَحْوَهَا (بِوَحْلٍ وَنَحْوِهِ ضَمِنَ) مَا أَتْلَفَتْهُ (أَوْ) رَكَضَهَا (كَالْعَادَةِ فَطَارَتْ حَصَاةٌ لِعَيْنِ إنْسَانٍ لَمْ يَضْمَنْ) وَأَفَادَ قَوْلُهُ كَالْعَادَةِ أَنَّ ذَلِكَ مَحَلُّهُ إذَا كَانَ الْمَوْضِعُ مَوْضِعَ رَكْضٍ وَإِلَّا فَيَضْمَنُ وَبِهِ صَرَّحَ الْأَصْلُ، قَالَ الْأَذْرَعِيُّ، وَالظَّاهِرُ أَنَّ هَذَا التَّفْصِيلَ إنَّمَا يَأْتِي عَلَى طَرِيقَةِ الْإِمَامِ، أَمَّا عَلَى طَرِيقَةِ الْجُمْهُورِ فَيَضْمَنُ فِي الْحَالَيْنِ
(، وَالسَّائِرُ بِالْحَطَبِ) عَلَى دَابَّةٍ أَوْ غَيْرِهَا (يَضْمَنُ الْجِدَارَاتِ) إذَا تَلِفَتْ بِهِ نَعَمْ لَوْ كَانَتْ مُسْتَحَقَّةَ الْهَدْمِ، وَلَمْ يَتْلَفْ شَيْءٌ مِنْ الْآلَةِ لَمْ يَضْمَنْهَا ذَكَرَهُ الْأَذْرَعِيُّ (وَكَذَا) يَضْمَنُ (مَا يُتْلِفُهُ) الْحَطَبُ (مِنْ نَفْسٍ وَمَالٍ إنْ كَانَ) ثُمَّ (زِحَامٌ) كَأَنْ يَكُونَ بِسُوقٍ لِتَوَلُّدِ ذَلِكَ بِسَبَبِهِ سَوَاءٌ كَانَ الْمُتْلَفُ مُقْبِلًا أُمّ مُدْبِرًا (وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ ثَمَّ زِحَامٌ (ضَمِنَ مُدْبِرًا وَأَعْمَى) وَلَوْ مُقْبِلًا إذَا تَلِفَ بِذَلِكَ (وَلَمْ يُنَبِّهْهُمَا) لِتَقْصِيرِهِ بِخِلَافِ مَا لَوْ كَانَ مُقْبِلًا بَصِيرًا أَوْ مُدْبِرًا أَوْ أَعْمَى، وَنَبَّهَهُمَا فَلَمْ يَحْتَرِزَا وَيَلْحَقُ بِالْأَعْمَى مَعْصُوبُ الْعَيْنِ لِرَمَدٍ وَنَحْوِهِ ذَكَرَهُ الْأَذْرَعِيُّ وَأَلْحَقَ الْبَغَوِيّ وَغَيْرُهُ بِمَا إذَا لَمْ يُنَبِّهْهُ مَا لَوْ كَانَ أَصَمَّ، وَقَيَّدَ الْإِمَامُ وَالْغَزَالِيُّ وَغَيْرُهُمَا الْبَصِيرَ الْمُقْبِلَ بِمَا إذَا وَجَدَ مُنْحَرَفًا، وَقَضِيَّتُهُ أَنَّهُ إذَا لَمْ يَجِدْهُ لِضِيقٍ وَعَدَمِ عَطْفَةٍ يَضْمَنُ؛ لِأَنَّهُ فِي مَعْنَى الزِّحَامِ نَبَّهَ عَلَيْهِ الزَّرْكَشِيُّ قَالَ وَلَوْ دَخَلَ السُّوقَ فِي غَيْرِ وَقْتِ الزِّحَامِ فَحَدَثَ الزِّحَامُ فَالْمُتَّجَهُ إلْحَاقُهُ بِمَا إذَا لَمْ يَكُنْ زِحَامٌ لِعَدَمِ تَقْصِيرِهِ كَمَا لَوْ حَدَثَتْ الرِّيحُ وَأَخْرَجَتْ الْمَالَ مِنْ النَّقْبِ لَا قَطْعَ فِيهِ بِخِلَافِ تَعْرِيضِهِ لِلرِّيحِ الْهَابَّةِ (وَإِنْ تَعَلَّقَ) الْحَطَبُ (بِثَوْبِهِ فَجَذَبَهُ أَيْضًا فَنِصْفُ الضَّمَانِ) عَلَى صَاحِبِ الْحَطَبِ (كَلَاحِقٍ وَطِئَ مَدَاسَ سَابِقٍ فَانْقَطَعَ) ، فَإِنَّهُ يَلْزَمُهُ نِصْفُ الضَّمَانِ؛ لِأَنَّهُ انْقَطَعَ بِفِعْلِهِ وَفِعْلِ السَّابِقِ قَالَ فِي الْأَصْلِ وَيَنْبَغِي أَنْ يُقَالَ إنْ انْقَطَعَ مُؤَخَّرَا مَدَاسُ السَّابِقِ
ــ
[حاشية الرملي الكبير]
قَوْلُهُ: وَبِهِ صَرَّحَ الرُّويَانِيُّ) قَالَ فِي الْبَحْرِ إنَّهُ الْمَذْهَبُ (قَوْلُهُ: وَاقْتَضَاهُ كَلَامُ الرَّافِعِيِّ) وَجَزَمَ بِهِ فِي الْأَنْوَارِ وَصَحَّحَهُ الْبُلْقِينِيُّ وَغَيْرُهُ وَلَوْ كَانَ عَلَيْهَا رَاكِبَانِ فَهَلْ يَجِبُ الضَّمَانُ عَلَيْهِمَا أَوْ يَخْتَصُّ بِالْأَوَّلِ دُونَ الرَّدِيفِ وَجْهَانِ. اهـ. وَأَصَحُّهُمَا ثَانِيهمَا؛ لِأَنَّهُ الْمُتَصَرِّفُ فِيهَا دُونَ الرَّدِيفِ وَإِنْ حَكَمَ بِأَنَّهَا لَهُمْ عِنْدَ تَنَازُعِهِمَا فِيهَا؛ لِأَنَّ كُلًّا مِنْ الْيَدَيْنِ لَا تُكَذِّبُ الْأُخْرَى (قَوْلُهُ: وَلَوْ نَخَسَ الدَّابَّةَ بِغَيْرِ إذْنِ الرَّاكِبِ ضَمِنَ مَا أَتْلَفَتْهُ) فَلَوْ رَمَحَتْ النَّاخِسَ كَانَ هَدَرًا (تَنْبِيهٌ)
فِي فَتَاوَى ابْنِ الصَّلَاحِ أَنَّ الْخَانِي لَوْ اُسْتُؤْجِرَ عَلَى حِفْظِ دَابَّةٍ فَانْفَلَتَتْ عَلَى أُخْرَى وَأَتْلَفَتْهَا وَغَلَبَتْهُ وَلَمْ يَقْدِرْ عَلَى دَفْعِهَا فَلَا ضَمَانَ وَقَوْلُهُ فِي فَتَاوَى ابْنِ الصَّلَاحِ إلَخْ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ قَالَ شَيْخُنَا وَلَا يَخْتَلِفُ مَا أَفْتَى بِهِ مَا ذَكَرَ قَرِينُهُ مِنْ أَنَّهُ لَوْ كَانَ يَدُهُ عَلَيْهَا أَوْ أَمْسَكَ لِجَامَهَا إلَخْ مِنْ كَوْنِهِ يَضْمَنُ؛ لِأَنَّ مَسْأَلَةَ ابْنِ الصَّلَاحِ الْإِتْلَافُ الْحَاصِلُ مِنْهَا بَعْدَ خُرُوجِهَا مِنْ يَدِهِ وَالْمَسْأَلَةُ الْمَذْكُورَةُ قَرِينُهَا الْإِتْلَافُ حَصَلَ مِنْهَا وَهِيَ تَحْتَ يَدِهِ وَيُؤَيِّدُ مَا أَفْتَى بِهِ ابْنُ الصَّلَاحِ مَا تَقَدَّمَ فِي الْمَلَّاحِينَ (قَوْلُهُ: نَبَّهَ عَلَيْهِ الْبُلْقِينِيُّ وَغَيْرُهُ) هُوَ الْأَظْهَرُ
(قَوْلُهُ: كَذَا ذَكَرَهُ الْأَصْلُ هُنَا) هُوَ الْأَصَحُّ (قَوْلُهُ وَمِنْ هُنَا قَالَ الْبُلْقِينِيُّ عَدَمُ الضَّمَانِ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ: بِوَحْلٍ وَنَحْوِهِ) كَمُجْتَمَعِ النَّاسِ (قَوْلُهُ: وَبِهِ صَرَّحَ الْأَصْلُ وَقَالَ الْبُلْقِينِيُّ إنَّهُ بَحْثٌ لِلْإِمَامِ) بَنَاهُ عَلَى مَا قَرَّرَهُ مِنْ أَنَّهُ لَا ضَمَانَ فِيمَا يَتْلَفُ بِبَوْلِهَا وَرَوْثِهَا وَقَدْ تَقَدَّمَ
(قَوْلُهُ: نَعَمْ لَوْ كَانَتْ مُسْتَحَقَّةَ الْهَدْمِ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ: ذَكَرَهُ الْأَذْرَعِيُّ) أَيْ وَالْبُلْقِينِيُّ وَغَيْرُهُمَا قَالَ الْبُلْقِينِيُّ أَيْ وَغَيْرُهُ فَلَوْ بَنَاهُ مُسْتَوِيًا ثُمَّ مَالَ عَلَى صُورَةٍ مُضِرَّةٍ بِالْمَارَّةِ فَالْأَرْجَحُ فِيهِ أَيْضًا عَدَمُ الضَّمَانِ اهـ قَالَ شَيْخُنَا بَنَاهُ عَلَى كَوْنِهِ ضَامِنًا لَوْ سَقَطَ وَأَتْلَفَ شَيْئًا وَالْأَرْجَحُ خِلَافُهُ (قَوْلُهُ: ضَمِنَ مُدَبَّرًا وَأَعْمَى) الْأَشْبَهُ أَنَّ مُسْتَقِلَّ الْحَطَبِ مِمَّنْ لَا يُمَيِّزُ لِصِغَرٍ أَوْ جُنُونٍ كَالْأَعْمَى قَالَهُ الْأَذْرَعِيُّ وَلَوْ كَانَ غَافِلًا أَوْ مُلْتَفِتًا أَوَمُطْرِقًا مُفَكِّرًا ضَمِنَهُ صَاحِبُ الْحَطَبِ إذْ لَا تَقْصِيرَ حِينَئِذٍ ع وَقَوْلُهُ الْأَشْبَهُ إلَخْ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ: ذَكَرَهُ الْأَذْرَعِيُّ) أَيْ وَغَيْرُهُ (قَوْلُهُ: وَأَلْحَقَ الْبَغَوِيّ وَغَيْرُهُ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ وَكَتَبَ عَلَيْهِ وَجَزَمَ بِهِ فِي الْأَنْوَارِ (قَوْلُهُ: وَقَضِيَّتُهُ أَنَّهُ إذَا لَمْ يَجِدْهُ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ نَبَّهَ عَلَيْهِ الزَّرْكَشِيُّ) أَيْ وَغَيْرُهُ وَهُوَ ظَاهِرٌ
(قَوْلُهُ: فَالْمُتَّجَهُ إلْحَاقُهُ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ: قَالَ فِي الْأَصْلِ وَيَنْبَغِي أَنْ يُقَالَ إلَخْ) جَوَابُهُ أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ تَسَاوِيهِمَا فِي قُوَّةِ الِاعْتِمَادِ وَضَعْفِهِ لِعَدَمِ انْضِبَاطِهِمَا فَسَقَطَ اعْتِبَارُهُمَا وَوَجَبَ إحَالَةُ ذَلِكَ عَلَى السَّبَبَيْنِ جَمِيعًا كَمَا فِي الْمُصْطَدِمَيْنِ، فَإِنَّهُ لَا عِبْرَةَ بِقُوَّةِ مَشْيِ أَحَدِهِمَا وَقِلَّةِ حَرَكَةِ الْآخَرِ وَكَتَبَ أَيْضًا: عِلَّةُ التَّنْصِيفِ حُصُولُ الِاشْتِرَاكِ فِيمَا حَصَلَ
فَالضَّمَانُ عَلَى اللَّاحِقِ أَوْ مُقَدَّمُ مَدَاسِ اللَّاحِقِ فَلَا ضَمَانَ عَلَى السَّابِقِ (وَلَوْ تَعَوَّدَتْ الْهِرَّةُ الْإِتْلَافَ) بِأَنْ عُهِدَ مِنْهَا ذَلِكَ (ضَمِنَ مَالِكُهَا) مَا أَتْلَفَتْهُ لَيْلًا أَوْ نَهَارًا إلَّا مِثْلَهَا يَنْبَغِي رَبْطُهُ وَكَفُّ شَرِّهِ وَقَوْلُهُ مَالِكُهَا مِثَالٌ، وَالْمُرَادُ مَنْ يَأْوِيهَا (وَكَذَا كُلُّ حَيَوَانٍ عَادَ) حُكْمُهُ كَذَلِكَ (وَلَا ضَمَانَ) لِمَا أَتْلَفَتْهُ (إنْ لَمْ تَعْتَدْ ذَلِكَ) إذْ الْعَادَةُ حِفْظُ الطَّعَامِ عَنْهَا لَا رَبْطُهَا (وَلَوْ هَلَكَتْ فِي الدَّفْعِ عَنْ حَمَامٍ وَنَحْوِهِ فَهَدَرٌ) لِصِيَالِهَا، وَلَوْ أَخَذَتْ حَمَامَةً وَهِيَ حَيَّةٌ جَازَ فَتْلُ أُذُنِهَا وَضَرْبُ فَمِهَا لِتُرْسِلَهَا صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ
(وَلَا تُقْتَلُ سَاكِنَةٌ وَلَوْ ضَارِيَةً) لِإِمْكَانِ التَّحَرُّزِ عَنْ شَرِّهَا وَلَيْسَتْ الضَّارِيَةُ كَالْفَوَاسِقِ؛ لِأَنَّ ضَرَاوَتَهَا عَارِضَةٌ (وَإِنْ كَانَ بِدَارِهِ كَلْبٌ عَقُورٌ أَوْ دَابَّةٌ رَمُوحٌ وَدَخَلَ) هَا (رَجُلٌ بِإِذْنِهِ وَلَمْ يُعْلِمْهُ) بِحَالِ الْكَلْبِ أَوْ الدَّابَّةِ فَعَضَّهُ الْكَلْبُ أَوْ رَمَحَتْهُ الدَّابَّةُ (ضَمِنَ) وَإِنْ كَانَ الدَّاخِلُ بَصِيرًا كَمَا لَوْ وَضَعَ بَيْنَ يَدَيْهِ طَعَامًا مَسْمُومًا وَهَذَا لَا يُخَالِفُ مَا مَرَّ فِي آخِرِ الطَّرَفِ الثَّالِثِ مِنْ الْجِنَايَاتِ حَيْثُ جَزَمَ بِعَدَمِ الضَّمَانِ؛ لِأَنَّ مَا هُنَا فِي كَلْبِ الدَّارِ وَمَا هُنَاكَ فِي كَلْبٍ رَبَطَهُ مَالِكُهَا عَلَى بَابِهَا وَعَلَّلُوهُ ثَمَّ بِأَنَّهُ ظَاهِرٌ يُمْكِنُ دَفْعُهُ (أَوْ) دَخَلَهَا (بِلَا إذْنٍ) أَوْ أَعْلَمَهُ بِالْحَالِ (فَلَا) ضَمَانَ؛ لِأَنَّهُ الْمُتَسَبِّبُ فِي هَلَاكِ نَفْسِهِ (، وَالْفَوَاسِقُ الْخَمْسُ لَا تُعْصَمُ وَلَا تُمْلَكُ وَلَا أَثَرَ لِلْيَدِ فِيهَا بِاخْتِصَاصٍ) لِعَدَمِ احْتِرَامِهَا لِلْأَمْرِ بِقَتْلِهَا وَأَلْحَقَ بِهَا الْإِمَامُ الْمُؤْذِيَاتِ بِطِبَاعِهَا كَالْأَسَدِ، وَالذِّئْبِ
(فَصْلٌ)(الْمُودَعُ، وَالْمُسْتَأْجِرُ لِلْحِفْظِ كَالْمَالِكِ) فِي أَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا (يَضْمَنُ مَا أَتْلَفَتْهُ الدَّابَّةُ فِي يَدِهِ) بِلَا إرْسَالٍ لَيْلًا وَنَهَارًا وَبِإِرْسَالٍ لَيْلًا وَنَهَارًا وَهَذَا الْأَخِيرُ هُوَ مَا ذَكَرَهُ الْأَصْلُ تَفَقُّهًا بَعْدَ نَقْلِهِ عَنْ إطْلَاقِ الْبَغَوِيّ أَنَّهُ يَضْمَنُ مَا أَتْلَفَتْهُ لَيْلًا وَنَهَارًا (وَمَنْ أَلْقَتْ الرِّيحُ فِي حِجْرِهِ ثَوْبًا) مَثَلًا (فَأَلْقَاهُ ضَمِنَهُ) لِتَرْكِهِ الْوَاجِبَ عَلَيْهِ مِمَّا ذُكِرَ بِقَوْلِهِ (فَلْيُسْلِمْهُ إلَى الْمَالِكِ) وَلَوْ إلَى نَائِبِهِ (وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَجِدْهُ (فَالْحَاكِمُ وَكَذَا يَجِبُ) عَلَى الشَّخْصِ (رَدُّ دَابَّةٍ دَخَلَتْ مِلْكَهُ) إلَى مَالِكِهَا، فَإِنْ لَمْ يَجِدْهُ فَإِلَى الْحَاكِمِ (إلَّا إنْ كَانَ الْمَالِكُ) هُوَ الَّذِي (سَيَّبَهَا فَلْيُحْمَلْ قَوْلُهُمْ) فِيمَا مَرَّ (أَخْرَجَهَا مِنْ زَرْعِهِ) إنْ لَمْ يَكُنْ زَرْعُهُ مَحْفُوفًا بِزَرْعِ غَيْرِهِ (عَلَى مَا سَيَّبَهُ) الْأَوْضَحُ سَيَّبَهَا (الْمَالِكُ وَإِلَّا) بِأَنْ لَمْ يُسَيِّبْهَا (فَيَضْمَنُ) هَا الْمُخْرِجُ لَهَا إذْ حَقُّهُ أَنْ يُسَلِّمَهَا لِمَالِكِهَا، فَإِنْ لَمْ يَجِدْ فَإِلَى الْحَاكِمِ وَلَوْ سَقَطَ شَيْءٌ مِنْ سَطْحِ غَيْرِهِ يُرِيدُ أَنْ يَقَعَ فِي مِلْكِهِ فَدَفَعَهُ فِي الْهَوَاءِ حَتَّى وَقَعَ خَارِجَ مِلْكِهِ لَمْ يَضْمَنْ قَالَهُ الْبَغَوِيّ فِي فَتَاوِيهِ
(وَلَا يَضْمَنُ صَاحِبُ الدَّابَّةِ) مَا أَتْلَفَتْهُ (إنْ قَصَّرَ صَاحِبُ الزَّرْعِ وَنَحْوُهُ فِي حِفْظِ مُعْتَادٍ) ؛ لِأَنَّهُ الْمُضَيِّعُ لِمَالِهِ وَهَذَا يُعْلَمُ مِمَّا مَرَّ فِي قَوْلِهِ وَكَذَا لَوْ قَصَّرَ وَحَضَرَ صَاحِبُ الزَّرْعِ وَلَمْ يُنَفِّرْهَا (وَيَدْفَعُهَا) صَاحِبُ الزَّرْعِ (عَنْ الزَّرْعِ دَفْعَ الصَّائِلِ، فَإِنْ تَنَحَّتْ عَنْهُ لَمْ يَجُزْ إخْرَاجُهَا عَنْ مِلْكِهِ) ؛ لِأَنَّ شُغْلَهَا مَكَانُهُ وَإِنْ كَانَ فِيهِ ضَرَرٌ عَلَيْهِ لَا يُبِيحُ إضَاعَةَ مَالِ غَيْرِهِ (وَإِنْ حَمَلَ مَتَاعَهُ فِي مَفَازَةٍ عَلَى دَابَّةِ رَجُلٍ بِلَا إذْنٍ) مِنْهُ (وَغَابَ فَأَلْقَاهُ الرَّجُلُ عَنْهَا) فَضَاعَ (أَوْ أَدْخَلَ دَابَّتَهُ زَرْعَ غَيْرِهِ بِلَا إذْنٍ) مِنْهُ (فَأَخْرَجَهَا مِنْ زَرْعِهِ) فَوْقَ قَدْرِ الْحَاجَةِ (فَضَاعَتْ فَفِي الضَّمَانِ) عَلَيْهِ لَهُمَا (وَجْهَانِ) أَحَدُهُمَا لَا لِتَعَدِّي الْمَالِكِ، وَالثَّانِي وَهُوَ الْأَوْجَهُ نَعَمْ لِتَعَدِّي الْفَاعِلِ
ــ
[حاشية الرملي الكبير]
بِهِ الِانْقِطَاعُ وَلَا نَظَرَ إلَى كَوْنِ فِعْلِ أَحَدِهِمَا أَقْوَى مِنْ فِعْلِ الْآخَرِ (قَوْلُهُ: بِأَنْ عُهِدَ مِنْهَا) الْمُرَادُ أَنْ يَعْهَدَهُ الضَّامِنُ؛ لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ مُقَصِّرٌ بِإِرْسَالِهَا وَيُسْتَثْنَى مِنْ تَضْمِينِهِ مَا إذَا رَبَطَهَا فَانْفَلَتَتْ بِغَيْرِ تَقْصِيرٍ مِنْهُ وَخَرَجَ بِقَوْلِ الشَّارِحِ مَنْ يُؤْوِيهَا وَمَنْ لَمْ يُؤْوِهَا، فَإِنَّهُ لَا يَضْمَنُ مَا أَتْلَفَتْهُ وَقَدْ سُئِلَ الْبُلْقِينِيُّ عَمَّا جَرَتْ الْعَادَةُ بِهِ مِنْ أَنَّ الْهِرَّةَ تَأْتِي فَتَلِدُ فِي بَيْتِ شَخْصٍ أَوْلَادًا فَيَأْلَفْنَ ذَلِكَ الْبَيْتَ وَيَذْهَبْنَ ثُمَّ يَعُدْنَ إلَيْهِ لِلْإِيوَاءِ بِهِ، فَإِذَا أَتْلَفْنَ شَيْئًا هَلْ يَضْمَنُ مَنْ هُنَّ فِي دَارِهِ أَمْ لَا ضَمَانَ عَلَى أَحَدٍ فِي ذَلِكَ فَأَجَابَ لَا ضَمَانَ عَلَى مَنْ هُنَّ فِي دَارِهِ وَلَا أَحَدَ، فَإِنْ كَانَتْ هَذِهِ الْهِرَّةُ مَعَ أَحَدٍ مِنْ صَاحِبِ الدَّارِ أَوْ غَيْرِهِ فَعَلَى مَنْ هِيَ فِي يَدِهِ ضَمَانُ مَا تُتْلِفُهُ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ لَا يَخْتَصُّ بِالْمَالِكِ (قَوْلُهُ: ضَمِنَ مَالِكُهَا) كَمَا يَضْمَنُ مُرْسِلُ الْكَلْبِ الْعَقُورِ مَا يُتْلِفُهُ
(قَوْلُهُ: وَلَا تُقْتَلُ سَاكِتَةٌ وَلَوْ ضَارِيَةً) شَمَلَ مَا إذَا خَرَجَتْ أَذِيَّتُهَا عَنْ عَادَةِ الْقِطَطِ وَتَكَرَّرَ ذَلِكَ مِنْهَا (قَوْلُهُ وَأَلْحَقَ بِهَا الْإِمَامُ الْمُؤْذِيَاتِ بِطِبَاعِهَا كَالْأَسَدِ وَالذِّئْبِ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ
(قَوْلُهُ: الْمُودَعُ وَالْمُسْتَأْجِرُ لِلْحِفْظِ كَالْمَالِكِ) مِثْلُهُمَا الْمُسْتَأْجِرُ وَالْمُسْتَعِيرُ وَالْمُرْتَهِنُ وَعَامِلُ الْقِرَاضِ وَالْأَمِينُ بِوَجْهٍ مَا وَالْغَاصِبُ (قَوْلُهُ وَهَذَا الْأَخِيرُ هُوَ مَا ذَكَرَهُ الْأَصْلُ تَفَقُّهًا إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ وَكَتَبَ عَلَيْهِ وَجَزَمَ بِهِ صَاحِبُ الْأَنْوَارِ وَغَيْرُهُ وَكَتَبَ أَيْضًا: قُوَّةُ كَلَامِ الْبَغَوِيّ تُفْهِمُ أَنَّ ذَلِكَ حَيْثُ كَانَ مُقَصِّرًا بِإِرْسَالِهَا ع (قَوْلُهُ: بَعْدَ نَقْلِهِ عَنْ إطْلَاقِ الْبَغَوِيّ إلَخْ) لَكِنَّهُ قَالَ قَبْلَهُ إطْلَاقُ الْأَصْحَابِ يَقْتَضِي أَنَّهُ لَا فَرْقَ فِي عَدَمِ ضَمَانِ مَا تُتْلِفُهُ الدَّابَّةُ عِنْدَ التَّسْرِيحِ نَهَارًا بَيْنَ أَنْ يَكُونَ الْمُسَرِّحُ مَالِكَهَا أَوْ مَنْ اُسْتُؤْجِرَ عَلَى حِفْظِهَا أَوْ أُودِعَتْ عِنْدَهُ قَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ وَلَوْ سُلِّمَ أَنَّهُمَا مُفَرِّطَانِ فِي الْحِفْظِ لَكِنَّهُمَا غَيْرُ مُتَعَدِّيَيْنِ فِي إرْسَالِهِمَا بِالنِّسْبَةِ إلَى مَالِ الْغَيْرِ وَيَشْهَدُ لِذَلِكَ مَا أَسْلَفْنَاهُ عَنْ الْإِمَامِ وَهُوَ أَنَّ الدَّابَّةَ إذَا أَتْلَفَتْ بِالنَّهَارِ لَا يَضْمَنُ صَاحِبُهَا سَوَاءٌ كَانَتْ الدَّابَّةُ مِمَّا تُتْرَكُ وَحْدَهَا وَتُسَيَّبُ أَوْ لَا كَالْغَنَمِ فِي حَالَةِ وُجُودِ السِّبَاعِ وَالذِّئَابِ مَعَ نِسْبَةِ صَاحِبِهَا إلَى التَّقْصِيرِ وَأَجَابَ عَمَّا يُتَخَيَّلُ مِنْ التَّضْمِينِ فِي الْحَالَةِ الْأَخِيرَةِ بِأَنَّهُ وَإِنْ كَانَ مُقَصِّرًا فِي إرْسَالِهَا وَحْدَهَا فَلَا يُعَدُّ هَذَا عُدْوَانًا عَلَى الْمَزَارِعِ م (فَرْعٌ)
فَتَحَ إنْسَانٌ مُرَاحَ غَنَمٍ فَخَرَجَتْ لَيْلًا وَرَعَتْ زَرْعًا، فَإِنْ كَانَ الَّذِي فَتَحَهُ الْمَالِكَ ضَمِنَ الزَّرْعَ وَإِنْ كَانَ غَيْرَ الْمَالِكِ لَمْ يَضْمَنْ وَالْفَرْقُ أَنَّ الْمَالِكَ يَلْزَمُهُ حِفْظُهَا فِي اللَّيْلِ فَإِذَا فَتَحَ عَنْهَا ضَمِنَ وَغَيْرُ الْمَالِكِ لَا يَلْزَمُهُ حِفْظُهَا فَإِذَا فَتَحَ عَنْهَا لَمْ يَضْمَنْ قَالَهُ فِي الْبَحْرِ قَالَ شَيْخُنَا سَيَأْتِي فِي الْمَتْنِ فِي آخِرِ الْبَابِ مَا يُؤَيِّدُهُ أَوْ هُوَ نَصٌّ فِيهِ (قَوْلُهُ: قَالَهُ الْبَغَوِيّ فِي فَتَاوِيهِ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ
(قَوْلُهُ: وَلَا يَضْمَنُ صَاحِبُ الدَّابَّةِ إنْ قَصَّرَ صَاحِبُ الزَّرْعِ إلَخْ) قَالَ الْبُلْقِينِيُّ مَحَلُّ انْتِفَاءِ الضَّمَانِ مَا إذَا لَمْ يَتَعَمَّدْ صَاحِبُ الدَّابَّةِ مَا يَقْتَضِي إتْلَافَهُ، فَإِنْ تَعَمَّدَهُ لَزِمَهُ الضَّمَانُ (قَوْلُهُ وَالثَّانِي وَهُوَ الْأَوْجَهُ نَعَمْ إلَخْ) الْأَوَّلُ وَهُوَ الْأَصَحُّ وَإِنَّمَا سَكَتَ الشَّيْخَانِ عَنْهُ لِفَهْمِهِ بِالْأَوْلَى مِمَّا قَرَّرَاهُ سَابِقًا وَلَاحِقًا وَلَكِنَّ صُورَةَ الثَّانِيَةِ أَنَّهُ أَخْرَجَهَا مِنْ زَرْعِهِ بِقَدْرِ الْحَاجَةِ ثُمَّ إنِّي رَأَيْت جَوَابًا لِي عَنْ