الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
أَيْضًا اللَّهُ رَبِّي أَوْ اللَّهُ خَالِقِي إنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ دِينٌ قُبِلَ ذَلِكَ، وَلَوْ قَالَ الْيَهُودِيُّ الْمُشَبِّهُ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ لَمْ يَكُنْ إيمَانًا مِنْهُ حَتَّى يَبْرَأَ مِنْ التَّشْبِيهِ فَإِنْ قَالَ مَعَ ذَلِكَ مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ فَإِنْ كَانَ يَعْلَمُ أَنَّهُ جَاءَ بِنَفْيِ التَّشْبِيهِ كَانَ مُؤْمِنًا، وَإِلَّا فَلَا حَتَّى يَبْرَأَ مِنْ التَّشْبِيهِ صَرَّحَ بِذَلِكَ الْأَصْلُ، وَهُوَ مَأْخُوذٌ مِنْ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ أَوَّلَ الْفَصْلِ.
(وَالْبُرْهُمِيُّ) مُوَحِّدٌ (يُنْكِرُ الرُّسُلَ فَإِنْ قَالَ) مَعَ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ (مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ فَهُوَ مُؤْمِنٌ)، وَإِنْ لَمْ يَذْكُرْ غَيْرَهُ مِنْ الرُّسُلِ (لَا) إنْ قَالَ (عِيسَى وَمُوسَى) وَكُلُّ نَبِيٍّ قَبْلَ مُحَمَّدٍ رُسُلُ اللَّهِ؛ لِأَنَّ الْإِقْرَارَ بِرِسَالَةِ مُحَمَّدٍ إقْرَارٌ بِرِسَالَةِ مَنْ قَبْلَهُ؛ لِأَنَّهُ شَهِدَ لَهُمْ وَصَدَّقَهُمْ قَالَ الرَّافِعِيُّ: وَيُتَوَجَّهُ أَنْ يُقَالَ كَمَا أَنَّ مُحَمَّدًا صلى الله عليه وسلم شَهِدَ لَهُمْ وَصَدَّقَهُمْ فَقَدْ شَهِدُوا لَهُ وَبَشَّرُوا بِهِ وَيُجَابُ بِأَنَّ شَرِيعَتَهُ نَاسِخَةٌ لِمَا قَبْلَهَا بَاقِيَةٌ بِخِلَافِ شَرِيعَةِ غَيْرِهِ قَالَ فِي الْأَصْلِ: وَالْمُعَطِّلُ إذَا قَالَ مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ قِيلَ يَكُونُ مُؤْمِنًا؛ لِأَنَّهُ أَثْبَتَ الْمُرْسِلَ وَالرَّسُولَ، وَلَوْ قَالَ آمَنْت بِاَللَّهِ إنْ شَاءَ اللَّهُ أَوْ إنْ كَانَ شَائِيًا لَمْ يَكُنْ مُؤْمِنًا قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: وَهَذَا فِيمَا إذَا قَصَدَ التَّعْلِيقَ لِلشَّكِّ فَإِنْ قَصَدَ التَّبَرُّكَ فَيَنْبَغِي صِحَّةُ إيمَانَةِ إلْحَاقًا لِلِابْتِدَاءِ بِالدَّوَامِ وَبِمَا قَرَرْته عُلِمَ أَنَّ ذِكْرَ عِيسَى وَمُوسَى مِثَالٌ، وَعِبَارَةُ الْأَصْلِ، وَلَوْ أَقَرَّ بِرِسَالَةِ نَبِيٍّ قَبْلَ مُحَمَّدٍ صلى الله عليه وسلم لَمْ يَكُنْ مُؤْمِنًا (وَلَا تَكْفِي شَهَادَةُ الْفَيْلَسُوفِيِّ) وَيُقَالُ الْفَلْسَفِيُّ، وَهُوَ النَّافِي لِاخْتِيَارِ اللَّهِ تَعَالَى (أَنَّ اللَّهَ عِلَّةُ الْأَشْيَاءِ وَمُبْدِئُهَا حَتَّى يَشْهَدَ بِالِاخْتِرَاعِ وَالْإِحْدَاثِ مِنْ الْعَدَمِ، وَلَا يَكْفِي الطَّبَائِعِيَّ) الْقَائِلَ بِنِسْبَةِ الْحَيَاةِ وَالْمَوْتِ إلَى الطَّبِيعَةِ (لَا إلَهَ إلَّا الْمُحْيِي الْمُمِيتُ حَتَّى يَقُولَ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ وَنَحْوُهُ) مِنْ أَسْمَائِهِ تَعَالَى الَّتِي لَا تَأْوِيلَ لَهُ فِيهَا. (تَتِمَّةٌ) ذَكَرَ الْقَاضِي أَبُو الطَّيِّبِ فِي بَابِ الْوُضُوءِ أَنَّهُ لَوْ آمَنَ بِالنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَبْلَ أَنْ يُؤْمِنَ بِاَللَّهِ لَمْ يَصِحَّ إيمَانُهُ، وَذَكَرَ الْحَلِيمِيُّ أَنَّ الْمُوَالَاةَ بَيْنَهُمَا لَيْسَتْ بِشَرْطٍ.
(كِتَابُ حَدِّ الزِّنَا)
بِالْقَصْرِ أَفْصَحُ مِنْ مَدِّهِ (، وَهُوَ مِنْ) الْمُحَرَّمَاتِ (الْكَبَائِرِ) قَالَ تَعَالَى {وَلا تَقْرَبُوا الزِّنَا إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَسَاءَ سَبِيلا} [الإسراء: 32] ، وَأَجْمَعَ أَهْلُ الْمِلَلِ عَلَى تَحْرِيمِهِ وَلِهَذَا كَانَ حَدُّهُ أَشَدَّ الْحُدُودِ؛ لِأَنَّهُ جِنَايَةٌ عَلَى الْأَعْرَاضِ وَالْأَنْسَابِ (وَفِيهِ بَابَانِ الْأَوَّلُ فِي الْمُوجِبِ لَهُ، وَهُوَ إيلَاجُ الْحَشَفَةِ أَوْ قَدْرِهَا مِنْ ذَكَرٍ) ، وَلَوْ أَشَلَّ وَمَلْفُوفًا بِخِرْقَةٍ وَغَيْرَ مُنْتَشِرٍ (فِي فَرْجٍ مُحَرَّمٍ مُشْتَهًى طَبْعًا لَا شُبْهَةَ فِيهِ، وَلَا) الْأَوْلَى فَلَا (حَدَّ بِالِاسْتِمْنَاءِ) بِالْيَدِ أَوْ غَيْرِهَا (وَهُوَ حَرَامٌ) فَفِيهِ التَّعْزِيرُ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ هُنَا (لَا بِيَدِ زَوْجَتِهِ) أَوْ أَمَتِهِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ هُنَا فَلَيْسَ بِحَرَامٍ بَلْ صَرَّحَ كَأَصْلِهِ بِهِمَا مَعًا فِي الْبَابِ التَّاسِعِ مِنْ أَبْوَابِ النِّكَاحِ (لَكِنْ يُكْرَهُ) ؛ لِأَنَّ فِيهِ مَعْنَى الْعَزْلِ مِنْ الزَّوْجَةِ (وَلَا) حَدَّ (بِإِيلَاجٍ فِي غَيْرِ الْفَرْجِ) كَإِيلَاجِهِ بَيْنَ الْفَخِذَيْنِ لِعَدَمِ إيلَاجِهِ فِي فَرْجٍ (وَلَا) بِإِيلَاجٍ (فِي فَرْجِ مَيِّتَةٍ) ، وَإِنْ كَانَتْ مُحَرَّمَةً فِي الْحَيَاةِ؛ لِأَنَّهُ مِمَّا يَنْفِرُ الطَّبْعُ مِنْهُ فَلَا يَحْتَاجُ إلَى الزَّجْرِ عَنْهُ (وَلَا) فِي فَرْجِ (بَهِيمَةٍ) لِذَلِكَ لَكِنْ يُعَزَّرُ فِي الثَّلَاثَةِ قَالَ فِي الْأَصْلِ، وَقِيلَ يُحَدُّ وَاطِئُ الْبَهِيمَةِ، وَعَلَيْهِ فَقِيلَ حَدُّهُ قَتْلُهُ مُطْلَقًا، وَقِيلَ قَتْلُهُ إنْ كَانَ مُحْصَنًا، وَعَلَى وُجُوبِ الْقَتْلِ لَا يَخْتَصُّ الْقَتْلُ بِهِ (بَلْ يَجِبُ بِهِ) أَيْ بِالْإِيلَاجِ فِيهَا (ذَبْحُ) الْبَهِيمَةِ (الْمَأْكُولَةِ، وَلَوْ بِإِيلَاجٍ فِي دُبُرِهَا) ، وَعَلَيْهِ حُمِلَ خَبَرُ التِّرْمِذِيِّ وَغَيْرِهِ «مَنْ أَتَى بَهِيمَةً فَاقْتُلُوهُ وَاقْتُلُوا الْبَهِيمَةَ» بِخِلَافِ غَيْرِ الْمَأْكُولَةِ لِمَا فِي قَتْلِهَا مِنْ ضَيَاعِ الْمَالِ بِالْكُلِّيَّةِ (وَ) الْمَأْكُولَةُ
ــ
[حاشية الرملي الكبير]
[فَرْعٌ قَالَ الْكَافِر لَا رَحْمَنَ أَوْ لَا بَارِئَ إلَّا اللَّهُ أَوْ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ]
قَوْلُهُ: تَتِمَّةٌ ذَكَرَ الْقَاضِي أَبُو الطَّيِّبِ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ: وَذَكَرَ الْحَلِيمِيُّ أَنَّ الْمُوَالَاةَ بَيْنَهُمَا لَيْسَتْ بِشَرْطٍ) ، قَالَ بِالْأَصْلِ قَدْ جَزَمَ الْوَالِدُ رحمه الله فِي شُرُوطِ الْإِمَامَةِ بِخِلَافِهِ فَقَالَ فِي شَرْطِ صِحَّةِ الْإِيمَانِ تَرْتِيبًا مُوَالَاةً.
[كِتَابُ حَدِّ الزِّنَا]
[الْبَاب الْأَوَّلُ فِي الْمُوجِبِ لحد الزِّنَا]
(كِتَابُ حَدِّ الزِّنَا) كَانَتْ الْحُدُودُ فِي صَدْرِ الْإِسْلَامِ بِالْغَرَامَاتِ ثُمَّ نُسِخَتْ بِهَذِهِ الْحُدُودِ (قَوْلُهُ: وَهُوَ إيلَاجُ الْحَشَفَةِ إلَخْ) شَمَلَ مَا لَوْ زَنَى الْمُسْلِمُ بِمُعَاهَدَةٍ أَوْ أَمَةِ مُعَاهَدٍ وَمَا لَوْ وَطِئَ حَرْبِيَّةً لَا بِقَصْدِ الِاسْتِيلَاءِ وَمَا لَوْ تَزَوَّجَ خَامِسَةً ثُمَّ وَطِئَهَا، قَالَ الزَّرْكَشِيُّ سَكَتُوا عَمَّا لَوْ كَانَتْ الْبِكْرُ غَوْرَاءَ فَأَوْلَجَ فِيهَا مِنْ غَيْرِ افْتِضَاضٍ وَنَقَلَا فِي بَابِ التَّحْلِيلِ عَنْ الْبَغَوِيّ أَنَّهُ لَا يَكْفِي فِي التَّحْلِيلِ وَالْأَشْبَهُ هُنَا الِاكْتِفَاءُ بِهِ فِي إيجَابِ الْحَدِّ، وَالْفَرْقُ أَنَّ التَّحْلِيلَ مَبْنِيٌّ عَلَى تَكْمِيلِ اللَّذَّةِ (قَوْلُهُ: أَوْ قَدْرِهَا) أَيْ مِنْ فَاقِدِهَا، قَالَ الْبُلْقِينِيُّ فَلَوْ ثَنَى ذَكَرَهُ، وَأَوْلَجَ قَدْرَ الْحَشَفَةِ فَفِي تَرَتُّبِ الْأَحْكَامِ تَوَقُّفٌ وَالْأَرْجَحُ التَّرَتُّبُ إنْ أَمْكَنَ. اهـ. وَهُوَ مَمْنُوعٌ، وَكَلَامُهُمْ يُخَالِفُهُ حَيْثُ، قَالُوا إيلَاجُ الْحَشَفَةِ أَوْ قَدْرُهَا مِنْ فَاقِدِهَا، قَالَ الْعِرَاقِيُّ إنَّهُ لَا يُمْكِنُ إيلَاجُ قَدْرِهَا مِنْ غَيْرِهَا إلَّا عِنْدَ فَقْدِهَا (قَوْلُهُ: مِنْ ذَكَرٍ) يُشْتَرَطُ أَيْضًا كَوْنُهُ مُتَّصِلًا لِيَخْرُجَ الْمَقْطُوعُ بِأَنْ اسْتَدْخَلَتْهُ فَلَا حَدَّ بِهِ قَطْعًا وَمُحَلِّلًا لِيَخْرُجَ مَا لَا يُمْكِنُ انْتِشَارُهُ، وَأَصْلِيًّا لِيَخْرُجَ الزَّائِدُ لَكِنْ، قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: قَضِيَّةُ إيجَابِ الْعِدَّةِ بِهِ مِنْ الزَّوْجِ وُجُوبُ الْحَدِّ عَلَى الْأَجْنَبِيِّ. اهـ. وَفِيمَا قَالَهُ نَظَرٌ فَسَيَأْتِي عَنْ تَصْرِيحِ الْبَغَوِيّ أَنَّ الزَّائِدَ لَا يَحْصُلُ بِهِ إحْصَانٌ، وَلَا تَحْلِيلٌ فَعَدَمُ وُجُوبِ الْحَدِّ أَوْلَى، وَأَمَّا الْعِدَّةُ فَوُجُوبُهَا لِلِاحْتِيَاطِ لِاحْتِمَالِ الشَّغْلِ فس، قَالَ الْأَذْرَعِيُّ فِي الْقُوتِ لَوْ خُلِقَ لَهُ ذَكَرَانِ مُشْتَبَهَانِ فَأَوْلَجَ أَحَدَهُمَا فَيُشْبِهُ أَنْ لَا حَدَّ لِلشَّكِّ. اهـ. تَقَدَّمَ عَنْ الْمَاوَرْدِيِّ أَنَّهُ لَوْ كَانَ سَبِيلَا الْحَدَثِ مَسْدُودَيْنِ خِلْقَةً فَسَبِيلُ الْحَدَثِ هُوَ الْمُنْفَتِحُ وَالْمَسْدُودُ كَالْعُضْوِ الزَّائِدِ مِنْ الْخُنْثَى لَا يَجِبُ مِنْ مَسِّهِ وُضُوءٌ، وَلَا مِنْ إيلَاجِهِ غُسْلٌ، وَقَضِيَّتُهُ أَنْ لَا حَدَّ بِإِيلَاجِهِ، وَلَا بِالْإِيلَاجِ فِيهِ كَأَحَدِ قُبُلِي الْمُشْكِلِ، وَقَوْلُهُ فِيمَا تَقَدَّمَ وَمُحَلِّلًا، قَالَ شَيْخُنَا اشْتِرَاطُ كَوْنِهِ مُحَلِّلًا لَيْسَ بِظَاهِرٍ؛ لِأَنَّ التَّحْلِيلَ مَبْنِيٌّ عَلَى كَمَالِ اللَّذَّةِ بِخِلَافِ الزِّنَا.
(قَوْلُهُ: فِي فَرْجٍ مُحَرَّمٍ) أَيْ مِنْ وَاضِحِ الْأُنُوثَةِ أَصْلِيٍّ، وَكَتَبَ أَيْضًا، قَالَ الْعِرَاقِيُّ سُئِلَتْ عَمَّنْ وَطِئَ الْجِنِّيَّةَ الْأَجْنَبِيَّةَ هَلْ يَجِبُ عَلَيْهِ الْحَدُّ فَتَرَدَّدَ جَوَابِي مِنْ جِهَةِ أَنَّهَا ذَاتُ فَرْجٍ مُشْتَهًى لَكِنَّ الطَّبْعَ يَنْفِرُ مِنْهَا فَهِيَ كَالْبَهِيمَةِ ثُمَّ تَرَجَّحَ عِنْدِي أَنَّهُ إنْ وَطِئَهَا، وَهِيَ بِشَكْلِ الْآدَمِيَّاتِ، وَجَبَ الْحَدُّ؛ لِأَنَّهَا حِينَئِذٍ لَا يَنْفِرُ مِنْهَا، وَإِنْ كَانَتْ بِشَكْلِ الْجِنِّيَّاتِ عُزِّرَ فَقَطْ؛ لِأَنَّهَا كَالرِّيحِ وَلِنَفْرَةِ الطَّبْعِ مِنْهَا، وَلَوْ شَهِدَ شَاهِدَا زُورٍ بِنِكَاحِ امْرَأَةٍ لِرَجُلٍ ثُمَّ وَطِئَهَا عَالِمًا بِالْحَالِ حُدَّ (قَوْلُهُ: وَلَا بِإِيلَاجٍ فِي فَرْجِ مَيِّتَةٍ) ، وَلَا بِاسْتِدْخَالِهَا ذَكَرَ مَيِّتٍ (قَوْلُهُ: بَلْ يَجِبُ بِهِ ذَبْحُ الْمَأْكُولَةِ إلَخْ) فِي بَعْضِ النُّسَخِ بَلْ قِيلَ يَجِبُ.
إذَا ذُبِحَتْ (يَحِلُّ أَكْلُهَا) ؛ لِأَنَّهَا مُذَكَّاةٌ كَغَيْرِهَا وَبِذَلِكَ عُلِمَ أَنَّ وُجُوبَ ذَبْحِهَا إنَّمَا هُوَ مُفَرَّعٌ عَلَى وُجُوبِ الْحَدِّ عَلَى الْفَاعِلِ لَا عَلَى عَدَمِهِ كَمَا تَوَهَّمَهُ الْمُصَنِّفُ (وَعَلَيْهِ الْأَرْشُ) لِلتَّفَاوُتِ بَيْنَ قِيمَتِهَا حَيَّةً وَمُذَكَّاةً إنْ كَانَتْ لِغَيْرِهِ.
(وَتُحَدُّ امْرَأَةٌ اسْتَدْخَلَتْ ذَكَرَ نَائِمٍ) كَمَنْ زَنَى بِنَائِمَةٍ (لَا) خَلِيَّةٍ (حُبْلَى لَمْ تُقِرَّ) بِالزِّنَا أَوْ وَلَدَتْ، وَلَمْ تُقِرَّ بِهِ فَلَا تُحَدُّ إذْ الْحَدُّ إنَّمَا يَجِبُ بِبَيِّنَةٍ أَوْ إقْرَارٍ، وَحُكْمُ الْخُنْثَى هُنَا حُكْمُهُ فِي الْغُسْلِ (وَاللَّائِطُ لَا بِزَوْجَتِهِ، وَأَمَتِهِ كَالزَّانِي) فِيمَا يَلْزَمُهُ بِجَامِعِ أَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا مُولِجٌ فِي فَرْجٍ مُحَرَّمٍ مُشْتَهًى طَبْعًا.
(وَ) اللَّائِطُ (بِهِمَا) أَيْ بِزَوْجَتِهِ، وَأَمَتِهِ (يُعَزَّرُ) إنْ تَكَرَّرَ مِنْهُ الْفِعْلُ، وَإِنَّمَا لَمْ يُحَدَّ؛ لِأَنَّهُمَا مَحَلُّ اسْتِمْتَاعِهِ فِي الْجُمْلَةِ؛ وَلِأَنَّهُ مُخْتَلَفٌ فِي إبَاحَتِهِ أَمَّا إذَا لَمْ يَتَكَرَّرْ مِنْهُ الْفِعْلُ فَلَا تَعْزِيرَ كَمَا ذَكَرَهُ الْبَغَوِيّ وَالرُّويَانِيُّ (وَالْمُلُوطُ) بِهِ غَيْرُ الزَّوْجَةِ وَالْأَمَةِ (يُجْلَدُ وَيُغَرَّبُ كَالْبِكْرِ، وَإِنْ أُحْصِنَ) رَجُلًا أَوْ امْرَأَةً إذْ لَا يُتَصَوَّرُ إدْخَالُ الذَّكَرِ فِي دُبُرِهِ عَلَى وَجْهٍ مُبَاحٍ حَتَّى يَصِيرَ بِهِ مُحْصَنًا، وَالرَّجْمُ خَاصٌّ بِالْمُحْصَنِ كَمَا سَيَأْتِي أَمَّا الزَّوْجَةُ وَالْأَمَةُ فَيُعَزَّرَانِ كَمَا يُؤْخَذُ مِنْ كَلَامِ أَصْلِهِ.
(فَإِنْ أَتَتْ امْرَأَةٌ امْرَأَةً عُزِّرَتَا) ، وَلَا حَدَّ عَلَيْهِمَا، وَالتَّصْرِيحُ بِوُجُوبِ التَّعْزِيرِ عَلَيْهِمَا مِنْ زِيَادَتِهِ عَلَى الرَّوْضَةِ (، وَتَمْكِينُهَا الْقِرْدَ) مِنْ نَفْسِهَا كَوَطْئِهِ الْبَهِيمَةَ وَفِي نُسْخَةٍ كَوَطْءِ الْبَهِيمَةِ فَيَلْزَمُهَا التَّعْزِيرُ لَا الْحَدُّ (وَيَسْقُطُ) الْحَدُّ بِثَلَاثِ شُبَهٍ لِخَبَرِ «ادْرَءُوا الْحُدُودَ بِالشُّبُهَاتِ» رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَصَحَّحَ وَقْفَهُ، وَالْحَاكِمُ وَصَحَّحَ إسْنَادَهُ فَيَسْقُطُ (بِالشُّبْهَةِ فِي الْمَحَلِّ كَوَطْءِ زَوْجَةٍ) لَهُ (حَائِضٍ) أَوْ صَائِمَةٍ أَوْ مُحْرِمَةٍ (وَأَمَةٍ) لَهُ (لَمْ تُسْتَبْرَأْ، وَأَمَةِ وَلَدِهِ) ، وَلَوْ مُسْتَوْلَدَةً كَمَا مَرَّ بَيَانُهُ فِي خِيَارِ النِّكَاحِ (وَكَذَا أَمَةٌ) لَهُ (هِيَ مَحْرَمٌ) لَهُ (بِنَسَبٍ أَوْ رَضَاعٍ أَوْ مُصَاهَرَةٍ) أَوْ مُحَرَّمَةٌ عَلَيْهِ بِوَطْءِ شُبْهَةٍ كَأُمِّ مَنْ وَطِئَهَا بِشُبْهَةٍ أَوْ بِنْتِهَا (أَوْ) أَمَةٍ (مُشْتَرَكَةٍ) بَيْنَهُ وَبَيْنَ غَيْرِهِ (أَوْ) أَمَةٍ لَهُ (مُزَوَّجَةٍ) أَوْ مُعْتَدَّةٍ (أَوْ وَثَنِيَّةٍ) أَوْ مَجُوسِيَّةٍ (أَوْ مُسْلِمَةٍ، وَهُوَ ذِمِّيٌّ) أَوْ مُعَاهَدٌ لِعُرُوضِ التَّحْرِيمِ فِي بَعْضِهَا وَشُبْهَةِ الْمِلْكِ فِي الْبَاقِي.
(وَبِالشُّبْهَةِ فِي الْفَاعِلِ كَمَنْ) أَيْ كَوَطْءِ مَنْ (ظَنَّهَا زَوْجَتَهُ أَوْ أَمَتَهُ وَيَصْدُقُ) فِي أَنَّهُ ظَنَّ ذَلِكَ (بِيَمِينِهِ) سَوَاءٌ أَكَانَ ذَلِكَ فِي لَيْلَةِ الزِّفَافِ أَمْ غَيْرِهَا (لَا إنْ ظَنَّهَا مُشْتَرَكَةً) فَلَا يَسْقُطُ عَنْهُ الْحَدُّ؛ لِأَنَّهُ عَلِمَ التَّحْرِيمَ فَكَانَ مِنْ حَقِّهِ الِامْتِنَاعُ، وَهَذَا مَا رَجَّحَهُ فِي الرَّوْضَةِ مِنْ احْتِمَالَيْنِ نَقَلَهُمَا تَبَعًا لِبَعْضِ نُسَخِ الرَّافِعِيِّ عَنْ الْإِمَامِ، وَجَزَمَ الْمِيمِيُّ كَالتَّعْلِيقَةِ بِسُقُوطِهِ وَظَاهِرُ كَلَامِ النِّهَايَةِ كَمَا فِي بَعْضِ نُسَخِ الرَّافِعِيِّ أَنَّ الْمَنْقُولَ تَرْجِيحُهُ، وَقَالَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ فِي مُخْتَصَرِهَا أَنَّهُ أَظْهَرُ الِاحْتِمَالَيْنِ؛ لِأَنَّهُ ظَنَّ مَا لَوْ تَحَقَّقَ دُفِعَ عَنْهُ الْحَدُّ، وَقَالَ فِي الْمُهِمَّاتِ: إنَّهُ الصَّحِيحُ كَمَا لَوْ سَرَقَ مَالَ غَيْرِهِ يَظُنُّ أَنَّهُ لِأَبِيهِ أَوْ ابْنِهِ أَوْ أَنَّ الْحِرْزَ مِلْكُهُ فَإِنَّ الْأَصَحَّ فِي أَصْلِ الرَّوْضَةِ أَنَّهُ لَا حَدَّ فِيهَا وَالْفَرْقُ بَيْنَ هَذِهِ الْمَسَائِلِ وَبَيْنَ مَا إذَا عَلِمَ التَّحْرِيمَ وَاعْتَقَدَ عَدَمَ الْحَدِّ أَوْ سَرَقَ دَنَانِيرَ يَظُنُّهَا فُلُوسًا أَنَّهُ هُنَا اعْتَقَدَ أَمْرًا نَعْتَقِدُهُ نَحْنُ مُسْقِطٌ وَثَمَّ نَعْتَقِدُهُ مُوجِبًا، وَقَالَ الْبُلْقِينِيُّ ظَاهِرُ نَصِّ الْمُخْتَصَرِ يَشْهَدُ لِذَلِكَ.
(وَبِالشُّبْهَةِ فِي الْجِهَةِ) أَيْ الطَّرِيقِ (وَهِيَ إبَاحَةُ بَعْضِ الْعُلَمَاءِ) الْوَطْءَ بِجِهَةٍ (كَالنِّكَاحِ بِلَا وَلِيٍّ) كَمَذْهَبِ أَبِي حَنِيفَةَ (أَوْ بِلَا شُهُودٍ)
ــ
[حاشية الرملي الكبير]
قَوْلُهُ: وَاللَّائِطُ لَا بِزَوْجَتِهِ، وَأَمَتِهِ) شَمَلَ دُبُرَ عَبْدِهِ (قَوْلُهُ: بِجَامِعِ أَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا إلَخْ) بِدَلِيلِ قَوْلِهِ {وَلا تَقْرَبُوا الزِّنَا إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً} [الإسراء: 32]، وَقَالَ {أَتَأْتُونَ الْفَاحِشَةَ} [الأعراف: 80] .
(قَوْلُهُ: إنْ تَكَرَّرَ مِنْهُ الْفِعْلُ) بِأَنْ عَادَ بَعْدَ مَا مَنَعَهُ الْحَاكِمُ كَمَا نُقِلَ عَنْ النَّصِّ.
(قَوْلُهُ: وَكَذَا أَمَةٌ هِيَ مَحْرَمٌ لَهُ بِنَسَبٍ أَوْ رَضَاعٍ أَوْ مُصَاهَرَةٍ) دُبُرُ الْمَمْلُوكَةِ مِنْ الْمَحَارِمِ يُوجِبُ الْحَدَّ عَلَى الْمَذْهَبِ كَمَا نَقَلَهُ ابْنُ الرِّفْعَةِ عَنْ الْبَحْرِ الْمُحِيطِ وَسَكَتَ عَلَيْهِ، قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: وَقَدْ يُنَازَعُ فِيهِ، وَقَالَ ابْنُ الْمُقْرِي الظَّاهِرُ مَا نَقَلَهُ ابْنُ الرِّفْعَةِ؛ لِأَنَّ الْعِلَّةَ فِي سُقُوطِ الْحَدِّ بِالْوَطْءِ فِي قُبُلِهَا شُبْهَةُ الْمِلْكِ الْمُبِيحِ فِي الْجُمْلَةِ، وَهِيَ فِي الْجُمْلَةِ لَمْ تُبَحْ دُبُرًا قَطُّ، وَأَمَّا الزَّوْجَةُ وَالْأَمَةُ الْأَجْنَبِيَّةُ فَسَائِرُ جَسَدِهَا يُبَاحُ لِلْوَطْءِ فَانْتَهَضَ شُبْهَةً فِي الدُّبُرِ، وَالْوَثَنِيَّةُ كَالْمَحْرَمِ، وَلَا يُعْتَرَضُ بِالْمُزَوَّجَةِ فَإِنَّ تَحْرِيمَهَا لِعَارِضٍ كَالْحَيْضِ. اهـ. وَالْمَذْهَبُ مَا أَطْلَقُوهُ لِمَا عَلَّلُوا بِهِ مِنْ شُبْهَةِ الْمِلْكِ (تَنْبِيهٌ) لَمْ يُفَرِّقُوا فِي الْمَمْلُوكَةِ الْمَحْرَمِ بَيْنَ مَنْ هِيَ عَلَى حَوَاشِي النَّسَبِ وَغَيْرِهَا كَالْأُمِّ وَالْبِنْتِ وَيُتَصَوَّرُ ذَلِكَ فِي حُرٍّ مُعْسِرٍ وَرِثَ أَمَةً أَوْ بِنْتَهُ، وَهِيَ مَرْهُونَةٌ أَوْ جَانِيَةٌ، وَفِي مُكَاتَبٍ مَلَكَهَا ثُمَّ وَطِئَ (قَوْلُهُ: وَتَمْكِينُهَا الْقِرْدَ مِنْ نَفْسِهَا) أَيْ، وَإِيلَاجُهَا فِي قُبُلِهَا ذَكَرًا مُبَانًا أَوْ زَائِدًا غَيْرَ عَامِلٍ أَوْ ذَكَرَ مَيِّتٍ.
(قَوْلُهُ: وَالْفَرْقُ بَيْنَ هَذَا الْمَسَائِلِ إلَخْ)، قَالَ ابْنُ الْعِمَادِ: وَهَذَا الْفَرْقُ ضَعِيفٌ، وَكَيْفَ يَصِحُّ الْفَرْقُ بِاعْتِقَادِ الْوُجُوبِ وَاعْتِقَادُ الْوُجُوبِ فَرْعُ الْوُجُوبِ فَكَمَا أَنَّهُ لَا يُفَرَّقُ بِنَفْسِ الْحُكْمِ كَذَلِكَ لَا يُفَرَّقُ بِاعْتِقَادِ الْحُكْمِ، وَالصَّوَابُ مَا صَحَّحَهُ النَّوَوِيُّ وَالْفَرْقُ أَنَّ اعْتِقَادَ كَوْنِ الْجَارِيَةِ مُشْتَرَكَةً لَا يُبِيحُ الْوَطْءَ وَاعْتِقَادُ كَوْنِ الْحِرْزِ لَهُ يُبِيحُ لَهُ هَتْكُهُ وَنَقْبُهُ فِي الْجُمْلَةِ وَاعْتِقَادُ كَوْنِهِ لِلِابْنِ أَوْ الْأَبِ نَازِلٌ مَنْزِلَةَ مَا اعْتَقَدَ مِلْكَهُ فَجَرَى فِيهِ حُكْمُهُ لِقُوَّةِ الشُّبْهَةِ، وَبِهَذَا يَظْهَرُ وُجُوبُ الْقَطْعِ عَلَى مَنْ سَرَقَ دَنَانِيرَ ظَنَّهَا فُلُوسًا؛ لِأَنَّ اعْتِقَادَ كَوْنِهَا فُلُوسًا لَا يُبِيحُ لَهُ الْأَخْذَ.
وَاعْلَمْ أَنَّ صُورَةَ الْمَسْأَلَةِ الَّتِي قَاسَ عَلَيْهَا أَنْ لَا يَكُونَ مِلْكُهُ مُؤَجَّرًا، وَلَا مُسْتَعَارًا فَإِنْ سَرَقَ مِنْ حِرْزٍ يَظُنُّهُ مِلْكَهُ الْمُؤَجَّرَ أَوْ الْمُعَارَ قُطِعَ؛ لِأَنَّهُ لَا يُبَاحُ لَهُ نَقْبُهُ قَبْلَ انْقِضَاءِ الْإِجَارَةِ وَالرُّجُوعِ فِي الْعَارِيَّةِ وَلِهَذَا، قَالَ الرَّافِعِيُّ لَوْ اشْتَرَى حِرْزًا وَنَقَبَهُ قَبْلَ الْقَبْضِ وَسَرَقَ مِنْهُ مَالَ الْبَائِعِ نُظِرَ إنْ نُقِبَ بَعْدَ دَفْعِ الثَّمَنِ لَمْ يُقْطَعْ، وَإِلَّا قُطِعَ؛ لِأَنَّهُ قَبْلَ دَفْعِ الثَّمَنِ لَا يَجُوزُ لَهُ النَّقْبُ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
(قَوْلُهُ: وَبِالشُّبْهَةِ فِي الْجِهَةِ إلَخْ) شَمَلَ مَا لَوْ شَهِدَ شَاهِدَا زُورٍ بِطَلَاقِ امْرَأَةٍ فَحَكَمَ حَاكِمٌ بِالْفُرْقَةِ ثُمَّ تَزَوَّجَهَا أَحَدُهُمَا وَوَطِئَهَا (قَوْلُهُ: أَوْ بِلَا شُهُودٍ) عِبَارَةُ الْحَاوِي الصَّغِيرِ وَدُونَ وَلِيٍّ وَشُهُودٍ، وَعِبَارَةُ مُخْتَصَرِ الْكِفَايَةِ أَوْ وَطِيءَ فِي نِكَاحٍ بِلَا وَلِيٍّ، وَلَا شُهُودٍ، قَالَ الْإِسْنَوِيُّ الصَّوَابُ وُجُوبُ الْحَدِّ فِيمَا إذَا وَطِئَ فِي نِكَاحٍ بِلَا وَلِيٍّ، وَلَا شُهُودٍ فَإِنَّهُ لَا خِلَافَ فِي بُطْلَانِهِ إنَّمَا الْخِلَافُ عِنْدَ فَقْدِ أَحَدِهِمَا فَأَبُو حَنِيفَةَ جَوَّزَهُ بِلَا وَلِيٍّ وَمَالِكٌ بِلَا شُهُودٍ كَمَا بَيَّنَهُ فِي الرَّوْضَةِ، وَقَالَ الْفَقِيهُ إبْرَاهِيمُ بْنُ عِيسَى مُطَيْرٌ لَا تَصِحُّ دَعْوَى الْإِسْنَوِيِّ نَفَى الْخِلَافُ ذَلِكَ بَلْ عِنْدَ دَاوُد يَصِحُّ نِكَاحُ الثَّيِّبِ مَعَ عَدَمِ الْوَلِيِّ وَالشُّهُودِ جَمِيعًا حَكَى ذَلِكَ صَاحِبُ الْبَيَانِ وَالشَّامِلِ