الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَفِي نُسْخَةٍ فَيَكْتُبُ نَدْبًا إذَا أَرَادَ الْبَحْثَ عَنْ حَالِ الشُّهُودِ إلَى الْمُزَكِّينَ (اسْمَ الشَّاهِدِ وَيَصِفُهُ بِمَا يُمَيِّزُهُ) مِنْ كُنْيَةٍ وَوَلَاءٍ وَاسْمِ أَبٍ وَجَدٍّ وَحِلْيَةٍ وَحِرْفَةٍ وَنَحْوِهَا لِئَلَّا يُشْتَبَهَ بِغَيْرِهِ (وَاسْمَ الْمَشْهُودِ لَهُ وَ) اسْمَ الْمَشْهُودِ (عَلَيْهِ) فَقَدْ يَكُونُ الشَّاهِدُ بَعْضَ الْمَشْهُودِ لَهُ أَوْ عَدُوَّ الْمَشْهُودِ عَلَيْهِ.
(وَكَذَا قَدْرُ الْمَالِ) الْمَشْهُودِ بِهِ فَقَدْ يَغْلِبُ عَلَى الظَّنِّ صِدْقُ الشَّاهِدِ فِي الْقَلِيلِ دُونَ الْكَثِيرِ فَيَكْتُبُ (لِكُلِّ مُزَكٍّ نُسْخَةً) بِذَلِكَ وَيُرْسِلُهَا (عَلَى يَدِ صَاحِبِ مَسْأَلَةٍ سِرًّا) بِأَنْ يُخْفِيَهَا عَنْ غَيْرِ مَنْ أَرْسَلَهَا إلَيْهِ وَغَيْرِ مَنْ أَرْسَلَهُ إلَيْهِ احْتِيَاطًا لِئَلَّا يَسْعَى الْمَشْهُودُ لَهُ فِي التَّزْكِيَةِ وَالْمَشْهُودُ عَلَيْهِ فِي الْجَرْحِ (فَإِنْ عَادَ إلَيْهِ الرُّسُلُ بِجَرْحٍ) مِنْ الْمُزَكِّينَ (تَوَقَّفَ) عَنْ الْحُكْمِ (وَكَتَمَهُ) أَيْ الْجَرْحَ (وَقَالَ) لِلْمُدَّعِي (زِدْنِي) فِي الشُّهُودِ (أَوْ) عَادُوا إلَيْهِ (بِتَعْدِيلٍ دَعَا مُزَكَّيَيْنِ لِيَشْهَدَا) عِنْدَهُ بِهِ (مُشِيرِينَ إلَيْهِ لِيَأْمَنَ) بِذَلِكَ (الْغَلَطَ) مِنْ شَخْصٍ إلَى آخَرَ فَالْحُكْمُ إنَّمَا يَكُونُ بِقَوْلِهِمْ لَا بِقَوْلِ أَرْبَابِ الْمَسَائِلِ؛ لِأَنَّهُمْ الْأَصْلُ وَأُولَئِكَ رُسُلٌ يَشْهَدُونَ عَلَى شَهَادَةٍ فَلَا تُقْبَلُ مَعَ حُضُورِ الْأَصْلِ عَلَى مَا يَأْتِي (وَ) لَكِنْ (مَنْ نَصَّبَ مِنْ أَرْبَابِ الْمَسَائِلِ حَاكِمًا فِي الْجَرْحِ وَالتَّعْدِيلِ كَفَى أَنْ يُنْهَى إلَيْهِ) أَيْ إلَى الْقَاضِي (وَحْدَهُ) ذَلِكَ فَلَا يُعْتَبَرُ الْعَدَدُ؛ لِأَنَّهُ حَاكِمٌ فَالْحُكْمُ مَبْنِيٌّ عَلَى قَوْلِهِ وَكَذَا لَوْ أَمَرَ الْقَاضِي صَاحِبَ الْمَسْأَلَةِ بِالْبَحْثِ فَبَحَثَ وَشَهِدَ بِمَا بَحَثَهُ لَكِنْ يُعْتَبَرُ الْعَدَدُ؛ لِأَنَّهُ شَاهِدٌ وَمَا تَقَرَّرَ هُوَ مَا بَحَثَهُ الْأَصْلُ رَافِعًا بِهِ الْخِلَافَ فِي أَنَّ الْحُكْمَ بِقَوْلِ الْمُزَكِّينَ أَوْ بِقَوْلِ هَؤُلَاءِ وَاَلَّذِي نَقَلَهُ عَنْ الْأَكْثَرِينَ أَنَّهُ بِقَوْلِ هَؤُلَاءِ، وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ.
وَاعْتَذَرَ ابْنُ الصَّبَّاغِ عَنْ كَوْنِهِ شَهَادَةً عَلَى شَهَادَةٍ مَعَ حُضُورِ الْأَصْلِ بِالْحَاجَةِ؛ لِأَنَّ الْمُزَكِّينَ لَا يُكَلَّفُونَ الْحُضُورَ (وَيُشْتَرَطُ فِيهِ) أَيْ فِيمَنْ نُصِّبَ حَاكِمًا فِي الْجَرْحِ وَالتَّعْدِيلِ (عِلْمُهُ بِذَلِكَ) وَاتِّصَافُهُ بِسَائِرِ صِفَاتِ الْقُضَاةِ الَّذِينَ يَتَوَلَّوْنَ ذَلِكَ وَعِبَارَةُ الْأَصْلِ تُعْتَبَرُ فِيهِ صِفَاتُ الْقُضَاةِ (وَفِي الْمُزَكِّي صِفَاتُ الشُّهُودِ مَعَ الْعِلْمِ بِمُوجِبِ الْعَدَالَةِ وَالْجَرْحِ) أَيْ بِسَبَبِهِمَا (وَأَنْ يَكُونَ الْمُعَدِّلُ خَبِيرًا بِالْبَاطِنِ) أَيْ بِبَاطِنِ حَالِ مَنْ يُعَدِّلُهُ بِصُحْبَةٍ وَجِوَارٍ وَمُعَامَلَةٍ وَنَحْوِهَا فَعَنْ عُمَرَ رضي الله عنه أَنَّ اثْنَيْنِ شَهِدَا عِنْدَهُ فَقَالَ لَهُمَا إنِّي لَا أَعْرِفُكُمَا وَلَا يَضُرُّكُمَا أَنِّي لَا أَعْرِفُكُمَا ائْتِيَا بِمَنْ يَعْرِفُكُمَا فَأَتَيَا بِرَجُلٍ فَقَالَ لَهُ عُمَرُ كَيْفَ تَعْرِفُهُمَا قَالَ بِالصَّلَاحِ وَالْأَمَانَةِ قَالَ هَلْ كُنْت جَارًا لَهُمَا تَعْرِفُ صَبَاحَهُمَا وَمَسَاءَهُمَا وَمَدْخَلَهُمَا وَمَخْرَجَهُمَا قَالَ لَا قَالَ هَلْ عَامَلْتهمَا بِهَذِهِ الدَّرَاهِمِ وَالدَّنَانِيرِ الَّتِي تُعْرَفُ بِهَا أَمَانَاتُ الرِّجَالِ قَالَ لَا قَالَ هَلْ صَاحَبْتهمَا فِي السَّفَرِ الَّذِي يُسْفِرُ عَنْ أَخْلَاقِ الرِّجَالِ قَالَ لَا قَالَ فَأَنْتَ لَا تَعْرِفُهُمَا ائْتِيَا بِمَنْ يَعْرِفُكُمَا
ــ
[حاشية الرملي الكبير]
[فَصْلُ يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ لَهُ مُزَكُّونَ لِلْقَاضِيَّ]
قَوْلُهُ وَكَذَا قَدْرُ الْمَالِ) لَوْ قَالَ وَمَا شَهِدُوا بِهِ لَكَانَ أَعَمَّ لِيَتَنَاوَلَ النِّكَاحَ وَالْقَتْلَ وَغَيْرَهُمَا (قَوْلُهُ وَيُرْسِلُهَا عَلَى يَدِ صَاحِبِ مَسْأَلَةٍ) قَالَ الْبُلْقِينِيُّ الْوَاجِبُ طَلَبُ عَدَالَةِ الشَّاهِدِ لِيُرَتِّبَ الْحُكْمَ عَلَى شَهَادَتِهِ بِالطَّرِيقِ الْمُعْتَبَرِ عِنْدَهُ وَسَوَاءٌ طَلَبَ الْبَيَانَ بِهَذَا الطَّرِيقِ أَمْ بِغَيْرِهِ وَفِي النِّهَايَةِ لَا يَسْتَرِيبُ فَقِيهٌ فِي أَنَّ كِتَابَةَ ذَلِكَ لَيْسَ أَمْرًا مُسْتَحَقًّا فَلَوْ اتَّفَقَ الْهُجُومُ عَلَى السُّؤَالِ لَفْظًا لَمَا امْتَنَعَ غَيْرَ أَنَّ الْأَحْسَنَ مَا قَدَّمْنَاهُ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِي زَمَنِ الْمَاضِينَ لِخُبْثِ الزَّمَانِ.
وَقَالَ أَيْضًا كِتَابَةُ الْمَشْهُودِ لَهُ وَعَلَيْهِ لَيْسَ مِنْ الْوَاجِبِ فِي الاستزكاء، وَإِنْ ذَكَرَهُ الشَّافِعِيُّ وَالْأَصْحَابُ وَفِي الْمَطْلَبِ أَنَّ اعْتِبَارَهُ لِيُنْجِزَ الْحُكْمَ وَلَا يَقِفَ عَلَى اسْتِكْشَافِ عَدَاوَةٍ وَلَا قَرَابَةٍ وَلَا شَرِكَةٍ تَمْنَعُ مِنْ قَبُولِ الشَّهَادَةِ وَإِلَّا فَذَاكَ لَيْسَ مِنْ الاستزكاء فِي شَيْءٍ حَتَّى لَوْ أَغْفَلَهُ وَثَبَتَتْ الْعَدَالَةُ بَقِيَ عَلَى الْقَاضِي النَّظَرُ فِيمَا وَرَاءَ التَّعْدِيلِ وَقَوْلُهُ غَيْرَ أَنَّ الْأَحْسَنَ مَا قَدَّمْنَاهُ وَجَرَى الْمَاوَرْدِيُّ عَلَى السُّؤَالِ بِاللَّفْظِ وَاعْتَبَرَ فِيهِ تَرْتِيبًا حَسَنًا فَقَالَ كَيْفِيَّةُ سُؤَالِ الْبُعُوثِ أَنْ يَسْأَلُوا أَوَّلًا عَنْ أَحْوَالِ الشُّهُودِ فَإِنْ وَجَدُوهُمْ مَجْرُوحِينَ لَمْ يَسْأَلُوا عَنْ غَيْرِهِ، وَإِنْ عَدَلُوا سَأَلُوا عَمَّنْ شَهِدُوا لَهُ فَإِنْ ذَكَرُوا أَنَّ بَيْنَهُ وَبَيْنَهُمْ مَا يَمْنَعُ مِنْ شَهَادَتِهِمْ لَهُ لَمْ يَسْأَلُوا عَمَّا عَدَاهُ وَإِنْ ذَكَرَ جَوَازَ شَهَادَتِهِمْ لَهُ فَيَسْأَلُوا عَنْ الْمَشْهُودِ عَلَيْهِ فَإِنْ ذَكَرُوا مَا يَمْنَعُ مِنْ شَهَادَتِهِمْ عَلَيْهِ لَمْ يَسْأَلُوا عَمَّا عَدَاهُ، وَإِنْ ذَكَرُوا جَوَازَ شَهَادَتِهِمْ لَهُ فَيَسْأَلُوا عَنْ الْمَشْهُودِ عَلَيْهِ فَإِنْ ذَكَرُوا مَا يَمْنَعُ مِنْ شَهَادَتِهِمْ عَلَيْهِ لَمْ يَسْأَلُوا عَمَّا عَدَاهُ، وَإِنْ ذَكَرُوا جَوَازَ شَهَادَتِهِمْ عَلَيْهِ ذَكَرُوا حَقِيقَةَ الْعَدُوِّ الَّذِي شَهِدُوا عَلَيْهِ بِهِ وَعَلَى الرُّسُلِ أَنْ يَشْهَدُوا بِمَا عَرَفُوهُ فِي هَذِهِ الْأَحْوَالِ الْأَرْبَعَةِ إنْ اجْتَمَعَتْ وَافْتَرَقَتْ (قَوْلُهُ وَمَا تَقَرَّرَ هُوَ مَا بَحَثَهُ الْأَصْلُ إلَخْ) هُوَ مُنْطَبِقٌ عَلَى قَوْلِ الْقَاضِي شُرَيْحٍ الرُّويَانِيِّ وَالْقَاضِي أَبِي سَعِيدٍ الْهَرَوِيِّ وَالْمُعَدِّلُونَ الَّذِينَ يَشْهَدُونَ بِعَدَالَةِ الشُّهُودِ ثَلَاثُ أَضْرُبٍ الْأَوَّلُ الَّذِينَ وَلَّاهُمْ الْحَاكِمُ التَّعْدِيلَ يُسْتَحَبُّ اثْنَانِ وَيُكْتَفَى بِوَاحِدٍ وَلَا يُشْتَرَطُ لَفْظُ الشَّهَادَةِ وَيَجُوزُ بِلَفْظِ الْخَبَرِ؛ لِأَنَّهُ حَاكِمٌ يُخْبِرُ حَاكِمًا وَلَا بُدَّ مِنْ كَوْنِهِ مِمَّنْ يَصْلُحُ لِلْقَضَاءِ وَيَقُولُ الْمُعَدِّلُ إذَا شَهِدَ عِنْدَهُ عَدْلَانِ بِعَدَالَةِ الشُّهُودِ قَبِلْتهَا وَيُخْبِرُ بِهَا الْحَاكِمَ.
الضَّرْبُ الثَّانِي: أَنْ يَقُولَ الْحَاكِمُ لِاثْنَيْنِ اذْهَبَا وَتَفَحَّصَا بِأَنْفُسِكُمَا فَيَذْهَبَانِ وَيَبْحَثَانِ عَنْ الْحَالِ وَيُخْبِرَانِ الْحَاكِمَ فَهَذَانِ يَشْهَدَانِ بِهَا وَلَا بُدَّ مِنْ اثْنَيْنِ وَلَفْظُ الشَّهَادَةِ فِي هَذَا الْمَوْضِعِ شَرْطٌ. الضَّرْبُ الثَّالِثُ: إذَا جَاءَ اثْنَانِ إلَى الْمُعَدِّلِ فَشَهِدَا بِعَدَالَةِ الشَّاهِدِ فَطَرِيقُ ذَلِكَ طَرِيقُ الشَّهَادَةِ عَلَى الشَّهَادَةِ وَلَا تَجُوزُ إلَّا عِنْدَ غَيْبَةِ الْأَصْلِ أَوْ مَرَضِهِ. اهـ
(قَوْلُهُ وَاعْتَذَرَ ابْنُ الصَّلَاحِ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ؛ لِأَنَّ الْمُزَكِّينَ لَا يُكَلَّفُونَ الْحُضُورَ) وَلَا يَجِبُ عَلَى الْحَاكِمِ أَنْ يُحْضِرَهُمْ لِيَسْأَلَهُمْ فَصَارَ هَذَا عُذْرًا فِي قَبُولِ شَهَادَةِ أَصْحَابِ الْمَسَائِلِ عَلَى شَهَادَةِ الْمَسْئُولِينَ كَالْمَرَضِ وَالْغَيْبَةِ فِي شَهَادَةِ شَاهِدَيْ الْفَرْعِ عَلَى شَاهِدٍ وَهَذَا هُوَ الْمَذْهَبُ (قَوْلُهُ أَيْ بِسَبَبِهِمَا) ؛ لِأَنَّ بِهِ يَتِمُّ مَقْصُودُ مَا فَوَّضَ إلَيْهِ (قَوْلُهُ وَأَنْ يَكُونَ الْمُعَدِّلُ خَبِيرًا بِالْبَاطِنِ) أَيْ فِي وَقْتِ الْأَدَاءِ وَقَرِيبٍ مِنْهُ وَالْمَعْنَى فِيهِ أَنَّ الْإِنْسَانَ يُخْفِي أَسْبَابَ الْفِسْقِ غَالِبًا فَلَا بُدَّ مِنْ مَعْرِفَتِهِ بِبَاطِنِ حَالِهِ وَهَذَا كَمَا أَنَّ فِي الشَّهَادَةِ عَلَى الْإِفْلَاسِ تُعْتَبَرُ فِيهَا الْخِبْرَةُ الْبَاطِنَةُ؛ لِأَنَّ الْإِنْسَانَ مَشْغُوفٌ بِإِخْفَاءِ الْمَالِ وَفِي الشَّهَادَةِ عَلَى أَنَّهُ لَا وَارِثَ لَهُ سِوَاهُ تُعْتَبَرُ الْخِبْرَةُ الْبَاطِنَةُ؛ لِأَنَّهُ قَدْ يَتَزَوَّجُ فِي السَّفَرِ أَوْ فِي الْحَضَرِ خُفْيَةً فَيُولَدُ لَهُ وَإِنَّمَا اُعْتُبِرَتْ الْخِبْرَةُ فِي التَّعْدِيلِ لِأَنَّهُ لَا يُمْكِنُ الْوُصُولُ فِيهِ إلَى الْيَقِينِ؛ لِأَنَّ النَّاسَ يُخْفُونَ عَوْرَاتِهِمْ فَلَا أَقَلَّ مِنْ الظَّنِّ
وَالْمَعْنَى فِيهِ أَنَّ أَسْبَابَ الْفِسْقِ خَفِيَّةٌ غَالِبًا فَلَا بُدَّ مِنْ مَعْرِفَةِ الْمُزَكِّي حَالَ مَنْ يُزَكِّيهِ وَهَذَا كَمَا فِي الشَّهَادَةِ بِالْإِفْلَاسِ.
(وَ) أَنْ (يَعْلَمَ الْقَاضِي مِنْهُ ذَلِكَ) أَيْ أَنَّهُ خَبِيرٌ بِبَاطِنِ الْحَالِ فِي كُلِّ تَزْكِيَةٍ خَفِيَّةٍ أَيْ يُبْنَى عَلَى الظَّاهِرِ قَالَ فِي الْأَصْلِ: إلَّا إذَا عُلِمَ مِنْ عَادَتِهِ أَنَّهُ لَا يُزَكِّي إلَّا بَعْدَ الْخِبْرَةِ وَلَا يُعْتَبَرُ فِي خِبْرَةِ الْبَاطِنِ التَّقَادُمُ فِي مَعْرِفَتِهَا لِئَلَّا يَتَضَرَّرَ الْمُتَدَاعِيَانِ بِالتَّأْخِيرِ الطَّوِيلِ بَلْ يَكْتَفِي (بِشِدَّةِ الْفَحْصِ عَنْ الشَّخْصِ وَلَوْ غَرِيبًا يَصِلُ) الْمُزَكِّي بِفَحْصِهِ (إلَى ذَلِكَ) أَيْ كَوْنُهُ خَبِيرًا بِبَاطِنِهِ (فَحِينَ يَغْلِبُ عَلَى ظَنِّهِ عَدَالَتُهُ بِاسْتِفَاضَةٍ) مِنْ جَمْعٍ مِنْ أَهْلِ الْخِبْرَةِ بِبَاطِنِ حَالِهِ (شَهِدَ بِهَا) إقَامَةً لِخِبْرَتِهِمْ مَقَامَ خِبْرَتِهِ كَمَا أُقِيمَ فِي الْجَرْحِ رُؤْيَتُهُمْ مَقَامَ رُؤْيَتِهِ (وَيَعْتَمِدُ) الْمُزَكِّي (فِي الْجَرْحِ الْمُعَايَنَةَ) بِأَنْ يَرَاهُ يَزْنِي أَوْ يَشْرَبَ الْخَمْرَ أَوْ نَحْوَ ذَلِكَ (وَالسَّمَاعُ بِأَنْ يَسْمَعَهُ يَقْذِفُ) شَخْصًا (أَوْ يُقِرَّ) عَلَى نَفْسِهِ (بِكَبِيرَةٍ) أَوْ نَحْوِ ذَلِكَ وَتَعْبِيرُهُ بِكَبِيرَةٍ أَعَمُّ مِنْ تَعْبِيرِ أَصْلِهِ بِزِنًا أَوْ شُرْبِ خَمْرٍ (وَكَذَا إنْ سَمِعَ مِنْ غَيْرِهِ وَتَوَاتَرَ أَوْ اسْتَفَاضَ) لِحُصُولِ الْعِلْمِ أَوْ الظَّنِّ بِذَلِكَ بِخِلَافِ مَا لَوْ سَمِعَ مِنْ عَدَدٍ لَا يَحْصُلُ بِهِ تَوَاتُرٌ وَلَا اسْتِفَاضَةٌ لَكِنَّهُ يَشْهَدُ عَلَى شَهَادَتِهِمْ بِشَرْطِهِ.
(وَلِيُبَيِّنَ) فِي تَجْرِيحِهِ غَيْرَهُ (سَبَبَ الْجَرْحِ) مِنْ زِنًا أَوْ سَرِقَةٍ أَوْ نَحْوِهِمَا؛ لِأَنَّ أَسْبَابَهُ مُخْتَلَفٌ فِيهَا وَقَدْ يَظُنُّ الشَّاهِدَانِ مَا لَيْسَ بِجَرْحٍ عِنْدَ الْقَاضِي جَرْحًا وَلَا حَاجَةَ إلَى بَيَانِ سَبَبِ التَّعْدِيلِ؛ لِأَنَّ أَسْبَابَهُ غَيْرُ مُنْحَصِرَةٍ قَالَ الْإِسْنَوِيُّ: وَلَيْسَ الْمُرَادُ بِعَدَمِ قَبُولِ الشَّهَادَةِ بِالْجَرْحِ مِنْ غَيْرِ ذِكْرِ سَبَبِهِ أَنَّهَا لَا تُقْبَلُ أَصْلًا حَتَّى تُقَدَّمَ عَلَيْهَا بَيِّنَةُ التَّعْدِيلِ بَلْ الْمُرَادُ أَنَّهُ يَجِبُ التَّوْقِيفُ عَنْ الْعَمَلِ بِهَا إلَى بَيَانِ السَّبَبِ كَمَا ذَكَرَهُ النَّوَوِيُّ فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ فِي جَرْحِ الرَّاوِي وَلَا فَرْقَ فِي ذَلِكَ بَيْنَ الرِّوَايَةِ وَالشَّهَادَةِ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: وَفِي عَدَمِ الْفَرْقِ وَقْفَةٌ لِلْمُتَأَمِّلِ وَفِي اشْتِرَاطِ ذِكْرِ مَا يَعْتَمِدُهُ الْمُزَكِّي فِي الْجَرْحِ مِنْ الْمُعَايَنَةِ وَالسَّمَاعِ وَجْهَانِ أَحَدُهُمَا، وَهُوَ الْأَشْهَرُ نَعَمْ وَثَانِيهِمَا، وَهُوَ الْأَقْيَسُ لَا، ذِكْرُ ذَلِكَ فِي الْأَصْلِ وَظَاهِرُ صَنِيعِ الْمُصَنِّفِ اعْتِمَادُ الثَّانِي (فَإِنْ شَهِدَ بِأَنَّهُ زِنًا لَمْ يُجْعَلْ قَاذِفًا) ، وَإِنْ لَمْ يُوَافِقْهُ غَيْرُهُ لِعُذْرِهِ (لِأَنَّهُ مَسْئُولٌ) عَنْ شَهَادَتِهِ (وَالْجَوَابُ مِنْهُ فَرْضُ كِفَايَةٍ) أَوْ عَيْنٍ وَبِذَلِكَ فَارَقَ مَا لَوْ شَهِدَ دُونَ أَرْبَعَةٍ بِالزِّنَا فَإِنَّهُ يُجْعَلُ قَاذِفًا؛ لِأَنَّهُ مَنْدُوبٌ إلَى السَّتْرِ فَهُوَ مُقَصِّرٌ (وَلَا يَجُوزُ أَنْ يُزَكِّيَ أَحَدُ الشَّاهِدَيْنِ الْآخَرَ) لِقِيَامِهِ بِأَحَدِ الشَّطْرَيْنِ فَلَا يَقُومُ بِالْآخَرِ (وَلَا وَالِدُهُ وَ) لَا (وَلَدُهُ) كَالْحُكْمِ لَهُمَا (وَإِنْ جُهِلَ مُزَكٍّ زَكَّى) فَلَوْ شَهِدَ اثْنَانِ وَعَدَّلَهُمَا آخَرَانِ مَجْهُولَانِ وَزَكَّى الْآخَرَيْنِ مُزَكِّيَانِ لِلْقَاضِي جَازَ.
(وَلَا يَكْفِي) فِي ثُبُوتِ الْعَدَالَةِ (رُقْعَةُ مُزَكٍّ بِالتَّزْكِيَةِ) ؛ لِأَنَّ الْخَطَّ لَا يُعْتَمَدُ فِي الشَّهَادَةِ كَمَا مَرَّ (بَلْ لَا بُدَّ مِنْ شَاهِدَيْنِ مَعَهَا) إنْ كَانَ الْقَاضِي يَحْكُمُ بِشَهَادَةِ الْمُزَكِّينَ فَإِنْ وُلِّيَ بَعْضُهُمْ الْحُكْمَ بِالْجَرْحِ وَالتَّعْدِيلِ فَلْيَكُنْ كِتَابُهُ كَكِتَابِ قَاضٍ إلَى قَاضٍ وَالرَّسُولَانِ كَشَاهِدَيْنِ عَلَيْهِ (وَأَصْحَابُ الْمَسَائِلِ فُرُوعٌ فَلَا يَشْهَدُونَ إلَّا عِنْدَ تَعَذُّرِ حُضُورِ الْمُزَكِّينَ) هَذَا جَارٍ عَلَى بَحْثِ الْأَصْلِ السَّابِقِ وَقَدْ عَرَفْت مَا فِيهِ (فَرْعٌ يَكْفِي فِي التَّعْدِيلِ) أَنْ يَقُولَ (أَشْهَدُ أَنَّهُ عَدْلٌ) أَوْ مَرَضِيٌّ أَوْ مَقْبُولُ الْقَوْلِ أَوْ نَحْوُهَا وَإِنْ لَمْ يَقُلْ عَلَيَّ وَلِي؛ لِأَنَّهُ أَثْبَتَ الْعَدَالَةَ الَّتِي اقْتَضَاهَا قَوْله تَعَالَى {وَأَشْهِدُوا ذَوَيْ عَدْلٍ مِنْكُمْ} [الطلاق: 2] وَلَا
ــ
[حاشية الرملي الكبير]
أَمَّا الْجَرْحُ فَلَا يُشْتَرَطُ فِيهِ الْخِبْرَةُ الْبَاطِنَةُ (قَوْلُهُ وَقَدْ يَظُنُّ الشَّاهِدُ إلَخْ) وَلِهَذَا أَنَّ مَالِكًا يُفَسِّقُ الْحَنَفِيَّ بِشُرْبِ النَّبِيذِ غَيْرِ الْمُسْكِرِ وَنَحْوِهِ وَنَحْنُ لَا نُفَسِّقُهُ، وَإِنْ حَدَّدْنَاهُ وَهَذَا فِي غَيْرِ الْمَنْصُوبِ لِلْجَرْحِ وَالتَّعْدِيلِ أَمَّا هُوَ فَلَيْسَ لِلْحَاكِمِ سُؤَالُهُ عَنْهُ وَقَالَ فِي الْمَطْلَبِ هَذَا إذَا سَمِعَ الْقَاضِي الْجَرْحَ لَا مِنْ أَصْحَابِ الْمَسَائِلِ أَمَّا إذَا سَمِعَهُ مِنْهُمْ فَقَدْ قَالَ ابْنُ الصَّبَّاغِ لَيْسَ لِلْحَاكِمِ أَنْ يَقُولَ لَهُمْ مِنْ أَيْنَ تَشْهَدُونَ بَلْ يَسْمَعُ ذَلِكَ كَمَا يَسْمَعُ شَهَادَتَهُمْ فِي سَائِرِ الْأَشْيَاءِ وَلَوْ قَالَ الشَّاهِدُ أَنَا مَجْرُوحٌ قُبِلَ قَوْلُهُ عَلَى نَفْسِهِ مِنْ غَيْرِ تَفْسِيرٍ قَالَ الْهَرَوِيُّ لَكِنْ فِي الْبَحْرِ قَالَ رَجُلٌ لِلْحَاكِمِ لَا تَقْبَلْ شَهَادَتِي لِأَنِّي جُرِّحْت أَوْ جَرَحْت نَفْسِي لَمْ يَرُدَّهُ مَا لَمْ يَتَيَقَّنْ قَالَ فِي الْخَادِمِ وَهَذَا هُوَ الْأَشْبَهُ إذَا قَالَ ذَلِكَ بَعْدَ الشَّهَادَةِ لِتَعَلُّقِ حَقِّ غَيْرِهِ (قَوْلُهُ وَلَا حَاجَةَ إلَى بَيَانِ سَبَبِ التَّعْدِيلِ إلَخْ) يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ هَذَا فِي الْعَارِفِ أَمَّا الْعَامِّيُّ إذَا شَهِدَ بِالْعَدَالَةِ فَلَا بُدَّ مِنْ بَيَانِ سَبَبِ التَّعْدِيلِ؛ لِأَنَّ غَالِبَهُمْ يَجْهَلُ ذَلِكَ وَقَدْ قَالَ الْإِمَامُ فِي كِتَابِ الشَّهَادَاتِ وَمُعْظَمُ شَهَادَةِ الْعَوَامّ يَشُوبُهَا غُرَّةٌ وَجَهْلٌ، وَإِنْ كَانُوا عُدُولًا فَيَتَعَيَّنُ الِاسْتِفْصَالُ فِيهَا ثُمَّ رَأَيْت الْمَاوَرْدِيَّ ذَكَرَ أَنَّ الْقَائِلِينَ بِأَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ ذِكْرُ سَبَبِ التَّعْدِيلِ شَرَطُوا كَوْنَ الشَّاهِدِ مِنْ أَهْلِ الِاجْتِهَادِ.
(قَوْلُهُ وَثَانِيهِمَا، وَهُوَ الْأَقْيَسُ لَا) هُوَ الْأَصَحُّ (قَوْلُهُ لَمْ يُجْعَلْ قَاذِفًا) ، وَإِنْ عَلِمَ فِيهِ جَارِحًا غَيْرَ الزِّنَا (قَوْلُهُ وَلَا يَجُوزُ أَنْ لَا يُزَكِّيَ أَحَدُ الشَّاهِدَيْنِ الْآخَرَ) يَجُوزُ لِاثْنَيْنِ أَنْ يُزَكِّيَا اثْنَيْنِ قَوْلًا وَاحِدًا، وَإِنْ كَانَ فِي شَاهِدَيْ الْفَرْعِ قَوْلَانِ ذَكَرَهُ فِي الْحَاوِي عَقِبَ أَصْحَابِ الْمَسَائِلِ وَقَدْ غَلِطَ فِيهَا قَوْمٌ فَلْتَعْرِفْ ر (قَوْلُهُ وَلَا وَالِدُهُ إلَخْ) هَلْ يَحِلُّ لَهُ إذَا كَانَ الْقَاضِي لَا يَرَى ذَلِكَ، وَهُوَ يَجْهَلُ أَنَّهُ أَبُوهُ قَالَ ابْنُ رِفْعَةَ لَمْ أَرَ فِيهِ نَقْلًا وَيَظْهَرُ تَخْرِيجُهُ عَلَى الْوَجْهَيْنِ فِي الْفَاسِقِ بَاطِنًا إذَا ادَّعَى لِلْأَدَاءِ هَلْ يَحِلُّ لَهُ الْإِقْدَامُ اهـ وَقَالَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ إذَا شَهِدَ الْوَالِدُ لِوَلَدِهِ وَالْعَدُوُّ عَلَى غَيْرِهِ وَالْفَاسِقُ بِمَا يَعْلَمُونَهُ مِنْ الْحَقِّ وَالْحَاكِمُ لَا يَشْعُرُ بِمَانِعِ الشَّهَادَةِ فَفِيهِ خِلَافٌ وَالْمُخْتَارُ جَوَازُهُ لِأَنَّهُمْ لَمْ يَحْمِلُوا الْحَاكِمَ عَلَى الْبَاطِلِ وَإِنَّمَا حَمَلُوهُ عَلَى إيصَالِ الْحَقِّ لِمُسْتَحِقِّهِ وَإِنَّمَا رُدَّتْ شَهَادَتُهُمْ لِلتُّهْمَةِ، وَهِيَ مَانِعَةٌ لِلْحُكْمِ مِنْ جِهَةِ قَدْحِهَا فِي ظَنِّهِ رَهْنًا لَا إثْمَ عَلَى الْحَاكِمِ لِتَوَفُّرِ ظَنِّهِ وَلَا لِخَصْمٍ لِأَخْذِ حَقِّهِ وَلَا لِشَاهِدٍ لِمَعُونَتِهِ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ الْمُخْتَارُ بَلْ الصَّحِيحُ الْجَوَازُ نَظَرًا إلَى مَا فِي نَفْسِ الْأَمْرِ وَقَدْ تَقَدَّمَ لَهُ نَظَائِرُ وَسَيَأْتِي إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى بَلْ أَقُولُ يُتَّجَهُ الْجَزْمُ بِالْوُجُوبِ إنْ كَانَ فِيهِ مَنْعُ اسْتِحْلَالِ بُضْعٍ أَوْ دَمٍ بِغَيْرِ حَقٍّ.
(قَوْلُهُ، وَإِنْ لَمْ يَقُلْ عَلَيَّ) قَالَ الْبُلْقِينِيُّ قَدْ يَكُونُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْمُعَدِّلِ عَدَاوَةٌ تَمْنَعُ مِنْ قَبُولِ شَهَادَتِهِ عَلَيْهِ فَلَا يَنْبَغِي أَنْ يَلْزَمَ الْعَدْلَ أَنْ يَقُولَ عَلَيَّ لِوُجُودِ الْعَدَاوَةِ الْمَانِعَةِ مِنْ قَبُولِ قَوْلِهِ عَلَيْهِ وَلَوْ قَالَ الْمُعَدِّلُ ذَلِكَ عَلَى قَصْدِ التَّعْمِيمِ لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ مُقْتَضِيًا لِانْتِفَاءِ الْعَدَاوَةِ بَيْنَهُ وَبَيْنَهُ وَقَالَ ابْنُ النَّقِيبِ يَنْبَغِي إنْ لَاحَظْنَا مَا بَيْنَ الشَّاهِدِ وَالْمُزَكِّي اُتُّجِهَ اشْتِرَاطُ لِي فَقَطْ أَوْ مَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْمَشْهُودِ عَلَيْهِ مِنْ عَدَاوَةٍ اُتُّجِهَ