الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الْحَالُ وَجَبَ فِي مَالِ كُلٍّ مِنْهُمَا بَعْدَ قَتْلِهِمَا لِوَاحِدٍ مِنْ عِشْرِينَ بِالْقُرْعَةِ تِسْعُ دِيَاتٍ وَنِصْفٌ.
(وَعَلَى كُلِّ وَاحِدٍ) مِنْهُمَا (نِصْفُ قِيمَةِ مَا فِي السَّفِينَتَيْنِ لَا يُهْدَرُ مِنْهُ شَيْءٌ) ؛ لِأَنَّهُ مِلْكٌ لِغَيْرِهِمَا (وَأَمَّا سَفِينَتَاهُمَا فَيُهْدَرُ نِصْفُهُمَا، وَيَلْزَمُ كُلًّا) مِنْهُمَا (نِصْفُ) بَدَلِ (مَا لِلْآخَرِ) كَمَا مَرَّ فِي الدَّابَّتَيْنِ (وَيَقَعُ التَّقَاصُّ فِيمَا يَشْتَرِكَانِ فِيهِ) ، وَإِنْ تَعَمَّدَ الِاصْطِدَامَ بِمَا لَا يُهْلِكُ غَالِبًا، وَقَدْ يُهْلِكُ فَشِبْهُ عَمْدٍ، وَحُكْمُهُ كَمَا مَرَّ إلَّا أَنَّهُ لَا يُوجَدُ قِصَاصًا وَتَكُونُ الدِّيَةُ عَلَى الْعَاقِلَةِ مُغَلَّظَةً، وَإِنْ لَمْ يَتَعَمَّدْ الِاصْطِدَامَ بَلْ ظَنَّا أَنَّهُمَا يَجْرِيَانِ عَلَى الرِّيحِ فَأَخْطَأَ أَوْ لَمْ يَعْلَمْ وَاحِدٌ مِنْهُمَا أَنْ يُقَرِّبَ سَفِينَتَهُ سَفِينَةَ الْآخَرِ فَالدِّيَةُ عَلَى الْعَاقِلَةِ مُخَفَّفَةٌ (وَإِنْ كَانَ السَّفِينَتَانِ لِغَيْرِهِمَا، وَهُمَا أَمِينَانِ فَعَلَى كُلٍّ) مِنْهُمَا (نِصْفُ قِيمَتِهِمَا لِلْمَالِكَيْنِ وَلِكُلٍّ) مِنْ الْمَالِكَيْنِ (مُطَالَبَةُ أَمِينِهِ بِالْكُلِّ) كَمَا لَهُ مُطَالَبَتُهُ بِالنِّصْفِ، وَمُطَالَبَةُ أَمِينِ الْآخَرِ بِالْبَاقِي (وَهُمَا يَتَرَاجَعَانِ) يَعْنِي إذَا طَالَبَ أَمِينُهُ بِالْكُلِّ فَلِأَمِينِهِ أَنْ يَرْجِعَ عَلَى أَمِينِ الْآخَرِ بِالنِّصْفِ، وَإِنْ كَانَ الْمَلَّاحَانِ عَبْدَيْنِ فَالضَّمَانُ يَتَعَلَّقُ بِرَقَبَتِهِمَا صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ (فَإِنْ اصْطَدَمَا لَا بِاخْتِيَارِهِمَا فَإِنْ قَصَّرَا بِأَنْ سَيَّرَا) هُمَا (فِي رِيحٍ شَدِيدَةٍ لَا تَسِيرُ فِي مِثْلِهَا السُّفُنُ) أَوْ لَمْ يَعْدِلَاهُمَا عَنْ صَوْبِ الِاصْطِدَامِ مَعَ إمْكَانِهِ أَوْ لَمْ يُكْمِلَا عِدَّتَهُمَا مِنْ الرِّجَالِ وَالْآلَاتِ (فَالضَّمَانُ) لِمَا هَلَكَ عَلَيْهِمَا (كَذَلِكَ) أَيْ مِثْلُ مَا مَرَّ لَكِنْ لَا قِصَاصَ (وَإِنْ لَمْ يُقَصِّرْ أَوْ غَلَبَ الرِّيحُ) فَحَصَلَ بِهِ الْهَلَاكُ (فَلَا ضَمَانَ) لِعَدَمِ تَقْصِيرِهِمَا كَمَا لَوْ حَصَلَ الْهَلَاكُ بِصَاعِقَةٍ بِخِلَافِ غَلَبَةِ الدَّابَّةِ كَمَا مَرَّ؛ لِأَنَّهَا تَنْضَبِطُ بِاللِّجَامِ سَوَاءٌ أُوجِدَ مِنْهُمَا فِعْلٌ بِأَنْ سَيَّرَاهُمَا ثُمَّ هَاجَتْ رِيحٌ أَوْ مَوْجٌ، وَعَجَزَا عَنْ الْحِفْظِ أَمْ لَا كَمَا لَوْ شَدَّاهُمَا عَلَى الشَّطِّ فَهَاجَتْ رِيحٌ وَسَيَّرَتْهُمَا (وَالْقَوْلُ قَوْلُهُمَا) بِيَمِينِهِمَا عِنْدَ التَّنَازُعِ فِي (أَنَّهُمَا غَلَبَا) ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ بَرَاءَةُ ذِمَّتِهِمَا (وَإِنْ تَعَمَّدَ أَحَدُهُمَا) أَوْ فَرَّطَ دُونَ الْآخَرِ (فَلِكُلٍّ) مِنْهُمَا (حُكْمُهُ، وَإِنْ كَانَتْ إحْدَاهُمَا مَرْبُوطَةً) وَالْأُخْرَى سَائِرَةً فَصَدَمَتْهَا السَّائِرَةُ فَكَسَرَتْهَا (فَالضَّمَانُ عَلَى مُجْرِي الصَّادِمَةِ) .
(فَرْعٌ) لَوْ (خَرَقَ سَفِينَةً عَامِدًا خَرْقًا يُهْلِكُ غَالِبًا) كَالْحَرْقِ الْوَاسِعِ الَّذِي لَا مَدْفَع لَهُ فَغَرِقَ بِهِ إنْسَانٌ (فَالْقِصَاصُ) أَوْ الدِّيَةُ الْمُغَلَّظَةُ عَلَى الْخَارِقِ (وَخَرَقَهَا لِلْإِصْلَاحِ) لَهَا أَوْ لِغَيْرِ إصْلَاحِهَا لَكِنْ بِمَا لَا يُهْلِكُ غَالِبًا كَمَا فُهِمَ مِنْ التَّقْيِيدِ السَّابِقِ، وَصَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ (شِبْهُ عَمْدٍ فَإِنْ أَصَابَ) بِالْآلَةِ (غَيْرَ مَوْضِعِ الْإِصْلَاحِ) أَوْ سَقَطَ مِنْ يَدِهِ حَجَرٌ أَوْ غَيْرُهُ (فَخَرَقَهُ فَخَطَأٌ مَحْضٌ) .
[فَرْعٌ ثَقُلَتْ سَفِينَةٌ بِتِسْعَةِ أَعْدَالٍ فَأَلْقَى فِيهَا إنْسَانٌ عَاشِرًا عُدْوَانًا أَغْرَقَهَا]
(فَرْعٌ) لَوْ (ثَقُلَتْ سَفِينَةٌ بِتِسْعَةِ أَعْدَالٍ فَأَلْقَى فِيهَا) إنْسَانٌ (عَاشِرًا) عُدْوَانًا (أَغْرَقَهَا لَمْ يَضْمَنْ الْكُلَّ) ؛ لِأَنَّ الْغَرَقَ حَصَلَ بِثِقَلِ الْجَمِيعِ لَا بِفِعْلِهِ فَقَطْ، وَيُفَارِقُ مَا لَوْ رَمَى صَيْدًا فَلَمْ يُزْمِنْهُ ثُمَّ عَمْرًا آخَرُ، وَلَوْلَا الْأَوَّلُ مَا أَزْمَنَهُ حَيْثُ حُكِمَ بِأَنَّهُ مِلْكٌ لِلثَّانِي بِأَنَّ الضَّمَانَ يُعْتَبَرُ فِيهِ الْعِلْمُ بِالسَّبَبِ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ بَرَاءَةُ الذِّمَّةِ بِخِلَافِ الْمِلْكِ (وَهَلْ يَضْمَنُ النِّصْفَ أَوْ الْعُشْرَ وَجْهَانِ) كَالْوَجْهَيْنِ فِي الْجَلَّادِ إذَا زَادَ عَلَى الْحَدِّ الْمَشْرُوعِ ذَكَرَهُ الْأَصْلُ، وَقَضِيَّتُهُ تَرْجِيحُ الْعُشْرِ.
(فَصْلٌ: يَجُوزُ) إذَا أَشْرَفَتْ سَفِينَةٌ فِيهَا مَتَاعٌ وَرِكَابٌ عَلَى غَرَقٍ، وَخِيفَ هَلَاكُ الْمَتَاعِ (إلْقَاءُ بَعْضِ الْمَتَاعِ فِي الْبَحْرِ لِسَلَامَةِ الْبَعْضِ) الْآخَرِ أَيْ لِرَجَائِهَا قَالَ الْبُلْقِينِيُّ يُشْتَرَطُ إذْنُ الْمَالِكِ فَلَوْ كَانَ لِمَحْجُورٍ لَمْ يَجُزْ إلْقَاؤُهُ، وَلَوْ كَانَ مَرْهُونًا أَوْ لِمَحْجُورٍ عَلَيْهِ بِفَلَسٍ أَوْ لِمُكَاتَبٍ أَوْ لِعَبْدٍ مَأْذُونٍ عَلَيْهِ دُيُونٌ لَمْ يَجُزْ إلْقَاؤُهُ إلَّا بِاجْتِمَاعِ الْغُرَمَاءِ أَوْ الرَّاهِنِ وَالْمُرْتَهِنِ أَوْ السَّيِّدِ وَالْمُكَاتَبِ أَوْ السَّيِّدِ وَالْمَأْذُونِ قَالَ فَلَوْ رَأَى الْوَلِيُّ أَنَّ إلْقَاءَ بَعْضِ أَمْتِعَةِ مَحْجُورِهِ يَسْلَمُ بِهِ بَاقِيهَا فَقِيَاسُ قَوْلِ أَبِي عَاصِمٍ الْعَبَّادِيِّ فِيمَا لَوْ خَافَ الْوَلِيُّ اسْتِيلَاءَ غَاصِبٍ عَلَى الْمَالِ أَنَّ لَهُ أَنْ يُؤَدِّيَ شَيْئًا لِتَخْلِيصِهِ جَوَازُهُ هُنَا. انْتَهَى.
(وَيَجِبُ إلْقَاؤُهُ) ، وَإِنْ لَمْ يَأْذَنْ مَالِكُهُ إذَا خِيفَ الْهَلَاكُ (لِسَلَامَةِ حَيَوَانٍ) مُحْتَرَمٍ بِخِلَافِ غَيْرِ الْمُحْتَرَمِ كَحَرْبِيٍّ، وَمُرْتَدٍّ وَزَانٍ مُحْصَنٍ (وَ) يَجِبُ (إلْقَاءُ حَيَوَانٍ) ، وَلَوْ مُحْتَرَمًا (لِسَلَامَةِ آدَمِيٍّ) مُحْتَرَمٍ (إنْ لَمْ يُمْكِنْ) فِي دَفْعِ الْغَرَقِ (غَيْرُهُ) أَيْ غَيْرُ إلْقَاءِ الْحَيَوَانِ فَإِنْ أَمْكَنَ لَمْ يَجِبْ إلْقَاؤُهُ بَلْ لَا يَجُوزُ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ نَعَمْ لَوْ كَانَ هُنَاكَ أَسْرَى مِنْ الْكُفَّارِ وَظَهَرَ لِلْأَمِيرِ أَنَّ الْمَصْلَحَةَ فِي قَتْلِهِمْ فَيُشْبِهُ
ــ
[حاشية الرملي الكبير]
قَوْلُهُ: وَلِكُلٍّ مِنْ الْمَالِكَيْنِ مُطَالَبَةُ أَمِينِهِ بِالْكُلِّ) أَيْ لِتَقْصِيرِهِ فَدَخَلَتْ سَفِينَتُهُ، وَمَا فِيهَا فِي ضَمَانِهِ، وَقَدْ شَارَكَهُ فِي الْإِتْلَافِ غَيْرُهُ فَضَمِنَا نِصْفَيْنِ (قَوْلُهُ: وَإِنْ كَانَتْ إحْدَاهُمَا مَرْبُوطَةً فَالضَّمَانُ عَلَى مَجْرَى الصَّادِمَةِ) شَرْطُ وُجُوبِ الضَّمَانِ عَلَيْهِ أَنْ يَكُونَ مُفَرِّطًا فَإِنْ لَمْ يَكُنْ مُفَرِّطًا فَهَلْ يَضْمَنُ أَوْ لَا فِيهِ قَوْلَانِ حَكَاهُمَا الْمَحَامِلِيُّ فِي الْمَجْمُوعِ وَيَنْبَغِي تَصْوِيرُ الْمَسْأَلَةِ بِمَا إذَا كَانَتْ السَّفِينَةُ وَاقِفَةً فِي نَهْرٍ وَاسِعٍ فَإِنْ أَوْقَفَهَا فِي نَهْرٍ ضَيِّقٍ فَصَدَمَتْهَا أُخْرَى فَهُوَ كَمَنْ قَعَدَ فِي شَارِعٍ ضَيِّقٍ فَضَرَبَهُ إنْسَانٌ لِتَفْرِيطِهِ
[فَرْعٌ خَرَقَ سَفِينَةً عَامِدًا خَرْقًا يُهْلِكُ غَالِبًا فَغَرِقَ بِهِ إنْسَانٌ]
(قَوْلُهُ: وَقَضِيَّةُ تَرْجِيحِ الْعُشْرِ هُوَ الْأَصَحُّ) ، وَجَزَمَ بِهِ صَاحِبُ الْأَنْوَارِ
[فَصْلٌ أَشْرَفَتْ سَفِينَةٌ فِيهَا مَتَاعٌ وَرِكَابٌ عَلَى غَرَقٍ وَخِيفَ هَلَاكُ الْمَتَاعِ]
(قَوْلُهُ: قَالَ الْبُلْقِينِيُّ بِشَرْطِ إذْنِ الْمَالِكِ فِي حَالِ الْجَوَازِ) دُونَ الْوُجُوبِ (قَوْلُهُ: فَلَوْ كَانَ لِمَحْجُورٍ لَمْ يَجُزْ إلْقَاؤُهُ فِي مَحَلِّ الْجَوَازِ) وَيَجِبُ فِي مَحَلِّ الْوُجُوبِ (قَوْلُهُ: فَقِيَاسُ قَوْلِ أَبِي عَاصِمٍ الْعَبَّادِيِّ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ: وَيَجِبُ إلْقَاؤُهُ لِسَلَامَةِ حَيَوَانٍ إلَخْ) اسْتَشْكَلَ الْبُلْقِينِيُّ هَذَا الْإِلْقَاءَ بِأَنَّهُ إنْ جُعِلَتْ الْخِيَرَةُ فِي عَيْنِ الْمَطْرُوحِ لِلْمَلَّاحِ وَنَحْوِهِ فَهُوَ غَيْرُ لَائِقٍ، وَإِنْ تَوَقَّفَ عَلَى إذْنِ صَاحِبِهِ فَقَدْ لَا يَأْذَنُ فَيَحْصُلُ الضَّرَرُ ثُمَّ، قَالَ إنَّهُ يَحْتَاجُ إلَى إذْنِ الْمَالِكِ فِي حَالَةِ الْجَوَازِ، وَهِيَ مَا إذَا حَصَلَ هَوْلٌ خِيفَ مِنْهُ الْهَلَاكُ مَعَ غَلَبَةِ السَّلَامَةِ دُونَ حَالَةِ الْوُجُوبِ، وَهِيَ مَا إذَا غَلَبَ الْهَلَاكُ إنْ لَمْ يُطْرَحْ. اهـ. يَخْتَارُ أَنَّ الْإِلْقَاءَ مُتَوَقِّفٌ عَلَى إذْنِ صَاحِبِ الْمَطْرُوحِ فَإِنْ لَمْ يَأْذَنْ كَانَ لِغَيْرِهِ طَرْحُهُ كَمَا فِي نَظِيرِهِ مِنْ الْمُضْطَرِّ إلَى الطَّعَامِ فَلَا ضَرَرَ فَلَوْ لَمْ يَكُنْ ثَمَّ إلَّا الْمَلَّاحُ فَلَهُ الطَّرْحُ فِي حَالَةِ الْوُجُوبِ كَمَا لَوْ كَانَ الْمَالِكُ هُنَاكَ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ إذَنْ غَايَتُهُ أَنَّ عَلَيْهِ ضَمَانَ الطَّعَامِ كَمَا فِي سَائِرِ صُوَرِ عَدَمِ الْإِذْنِ (قَوْلُهُ: قَالَ الْأَذْرَعِيُّ نَعَمْ لَوْ كَانَ إلَخْ) ، وَهُوَ ظَاهِرٌ
أَنْ يَبْدَأَ بِإِلْقَائِهِمْ قَبْلَ الْأَمْتِعَةِ، وَقَبْلَ الْحَيَوَانِ الْمُحْتَرَمِ قَالَ، وَيَنْبَغِي أَنْ يُرَاعَى فِي الْإِلْقَاءِ تَقْدِيمُ الْأَخَسِّ فَالْأَخَسِّ قِيمَةً مِنْ الْمَتَاعِ وَالْحَيَوَانِ إنْ أَمْكَنَ حِفْظًا لِلْمَالِ مَا أَمْكَنَ (لَا عَبِيدٌ لِأَحْرَارٍ) أَيْ لَا يَجُوزُ إلْقَاؤُهُمْ لِسَلَامَةِ الْأَحْرَارِ بَلْ حُكْمُهُمَا وَاحِدٌ فِيمَا ذُكِرَ (وَإِنْ لَمْ يُلْقِ) مَنْ لَزِمَهُ الْإِلْقَاءُ حَتَّى غَرِقَتْ السَّفِينَةُ (فَهَلَكَ) بِهِ شَيْءٌ (أَثِمَ، وَلَا ضَمَانَ) عَلَيْهِ كَمَا لَوْ لَمْ يُطْعِمْ مَالِكُ الطَّعَامِ الْمُضْطَرَّ حَتَّى مَاتَ.
(وَيَحْرُمُ) عَلَى الشَّخْصِ (إلْقَاءُ الْمَالِ) ، وَلَوْ مَالَهُ بِلَا خَوْفٍ؛ لِأَنَّهُ إضَاعَةُ مَالٍ (وَيَضْمَنُ بِإِلْقَائِهِ) مَالَ غَيْرِهِ، وَلَوْ (فِي) حَالِ (الْخَوْفِ بِلَا إذْنٍ) مِنْ مَالِكِهِ؛ لِأَنَّهُ أَتْلَفَ مَالَ غَيْرِهِ بِغَيْرِ إذْنِهِ مِنْ غَيْرِ أَنْ يُلْجِئَهُ إلَى إتْلَافِهِ فَصَارَ كَمَا لَوْ أَكَلَ الْمُضْطَرُّ طَعَامَ غَيْرِهِ بِغَيْرِ إذْنِهِ بِخِلَافِ مَا لَوْ أَلْقَاهُ بِإِذْنِهِ أَوْ أَلْقَى مَالَ نَفْسِهِ، وَلَوْ اخْتَصَّ الْخَوْفُ بِغَيْرِهِ بِأَنْ كَانَ بِالشَّطِّ أَوْ بِزَوْرَقٍ، وَفَارَقَتْ هَذِهِ حِينَئِذٍ مَسْأَلَةَ الْمُضْطَرِّ إذَا أَطْعَمَهُ مَالِكُ الطَّعَامِ قَهْرًا بِأَنَّ الْمُطْعِمَ ثَمَّ دَافِعٌ لِلتَّلَفِ لَا مَحَالَةَ بِخِلَافِ الْمُلْقِي.
(فَلَوْ قَالَ) شَخْصٌ (لِأَحَدِ الرُّكْبَانِ) فِي السَّفِينَةِ (أَلْقِ مَتَاعَك فِي الْبَحْرِ، وَعَلَيَّ ضَمَانُهُ أَوْ عَلَيَّ أَنْ أَضْمَنَهُ) أَوْ عَلَى إنِّي ضَامِنُهُ (فَأَلْقَاهُ) فِيهِ (لَزِمَهُ ضَمَانُهُ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لِلْمُلْتَمِسِ فِيهَا شَيْءٌ) ، وَلَمْ تَحْصُلْ النَّجَاةُ؛ لِأَنَّهُ الْتَمَسَ إتْلَافًا لِغَرَضٍ صَحِيحٍ بِعِوَضٍ فَصَارَ كَقَوْلِهِ أَعْتِقْ عَبْدَك عَلَى كَذَا فَأَعْتَقَ (وَمِثْلُهُ) قَوْلُهُ لِمَنْ مَعَهُ أَسِيرٌ (أَطْلِقْ الْأَسِيرَ، وَ) لِمَنْ لَهُ قِصَاصٌ (اُعْفُ عَنْ الْقِصَاصِ، وَ) لِمَنْ لَهُ طَعَامٌ (أَطْعِمْ هَذَا) الْجَائِعَ (وَلَك عَلَيَّ كَذَا أَوْ عَلَيَّ أَنْ أُعْطِيَك كَذَا) فَأَجَابَ سُؤَالَهُ (فَيَلْزَمُهُ) مَا الْتَزَمَهُ بِخِلَافِ مَا لَوْ اقْتَصَرَ عَلَى قَوْلِهِ أَلْقِ مَتَاعَك فِي الْبَحْرِ وَنَحْوِهِ فَفَعَلَ لَا ضَمَانَ لِعَدَمِ الِالْتِزَامِ.
وَفَارَقَ مَا لَوْ قَالَ أَدِّ دَيْنِي بِأَنَّ نَفْعَ الْأَدَاءِ مُحَقَّقٌ بِخِلَافِ نَفْعِ الْإِلْقَاءِ، وَيُخَالِفُ مَا ذُكِرَ هُنَا مَا لَوْ قَالَ بِعْ مِنْ زَيْدٍ بِمِائَةٍ، وَعَلَى أُخْرَى حَيْثُ لَا ضَمَانَ عَلَى الْأَصَحِّ؛ لِأَنَّهُ لَا يَظْهَرُ فِيهِ غَرَضٌ ذَكَرُوهُ فِي الضَّمَانِ، وَفِي الْخُلْعِ (وَهَذَا ضَمَانٌ حَقِيقَتُهُ الِافْتِدَاءُ) مِنْ الْهَلَاكِ لَا الضَّمَانُ الْمَعْرُوفُ، وَإِنْ سُمِّيَ بِهِ إذْ لَا يَضْمَنُ مَا لَمْ يَجِبْ، وَقَوْلُ الْبُلْقِينِيِّ لَا بُدَّ مِنْ أَنْ يُشِيرَ إلَى مَا يُلْقِيهِ أَوْ يَكُونَ مَعْلُومًا لَهُ، وَإِلَّا فَلَا يَضْمَنُ إلَّا مَا يُلْقِيهِ بِحَضْرَتِهِ فِيهِ نَظَرٌ وَتَعْبِيرُ الْمُصَنِّفِ فِيمَا يَأْتِي بِالرُّكَّابِ حَسَنٌ بِخِلَافِ تَعْبِيرِهِ هُنَا بِالرُّكْبَانِ فَقَدْ قَالَ النَّوَوِيُّ فِي تَهْذِيبِهِ أَنَّهُ مُنْكَرٌ وَالْمَعْرُوفُ فِي اللُّغَةِ الرِّكَابُ؛ لِأَنَّ الرُّكْبَانَ رَاكِبُو الْإِبِلِ خَاصَّةً، وَقِيلَ رَاكِبُو الدَّابَّةِ (وَإِنَّمَا يَضْمَنُ) الْمُلْتَمِسُ (بِشَرْطَيْنِ أَنْ يَخَافَ الْغَرَقَ) فَإِنْ لَمْ يَخَفْهُ لَمْ يَضْمَنْ كَمَا لَوْ الْتَمَسَ هَدْمَ دَارِ غَيْرِهِ فَفَعَلَ (وَأَنْ لَا يَخْتَصَّ مَالِكُهُ بِالْفَائِدَةِ) أَيْ بِفَائِدَةِ الْإِلْقَاءِ بِأَنْ يَخْتَصَّ بِهَا الْمُلْتَمِسُ أَوْ أَجْنَبِيٌّ أَوْ هُمَا أَوْ أَحَدُهُمَا وَالْمَالِكُ أَوْ يَعُمَّ الْجَمِيعَ بِخِلَافِ مَا إذَا اخْتَصَّ بِهَا الْمَالِكُ.
(فَلَوْ كَانَ كُلُّ مَا فِيهَا لَهُ فَقَالَ) لَهُ مَنْ بِالشَّطِّ أَوْ بِزَوْرَقٍ بِقُرْبِهَا (أَلْقِ كَذَا) أَيْ مَتَاعَك أَوْ بَعْضَهُ فِي الْبَحْرِ (وَأَنَا ضَامِنٌ) لَهُ فَأَلْقَاهُ (لَمْ يَلْزَمْهُ شَيْءٌ) ، وَلَمْ يَحِلَّ لِلْمُعْيِنِ الْأَخْذُ؛ لِأَنَّهُ فَعَلَ مَا هُوَ وَاجِبٌ عَلَيْهِ لِغَرَضِ نَفْسِهِ فَلَا يَسْتَحِقُّ بِهِ عِوَضًا كَمَا لَوْ قَالَ لِمُضْطَرٍّ كُلْ طَعَامَك، وَأَنَا ضَامِنُهُ لَك فَأَكَلَهُ لَا شَيْءَ عَلَى الْمُلْتَمِسِ، وَلَا يَحِلُّ لِلْآكِلِ الْأَخْذُ.
(فَلَوْ قَالَ) أَلْقِ مَتَاعَك فِي الْبَحْرِ (وَأَنَا ضَامِنٌ) لَهُ (وَرُكَّابُ السَّفِينَةِ) أَوْ عَلَى أَنْ أَضْمَنَهُ أَنَا وَرُكَّابُهَا أَوْ أَنَا ضَامِنٌ لَهُ، وَهُمْ ضَامِنُونَ أَوْ أَنَا وَرُكَّابُ السَّفِينَةِ ضَامِنُونَ لَهُ كُلٌّ مِنَّا عَلَى الْكَمَالِ أَوْ عَلَى أَنِّي ضَامِنٌ وَكُلٌّ مِنْهُمْ ضَامِنٌ (لَزِمَهُ الْجَمِيعُ) ؛ لِأَنَّهُ الْتَزَمَهُ (أَوْ) قَالَ (أَنَا وَرُكَّابُ السَّفِينَةِ ضَامِنُونَ) لَهُ (لَزِمَهُ قِسْطُهُ) ، وَإِنْ لَمْ يَقُلْ مَعَهُ كُلٌّ مِنَّا بِالْحِصَّةِ (وَإِنْ أَرَادَ) بِهِ (الْإِخْبَارَ عَنْهُمْ) أَيْ عَنْ ضَمَانٍ سَبَقَ مِنْهُمْ (فَصَدَّقُوهُ) فِيهِ (لَزِمَهُمْ، وَإِنْ أَنْكَرُوا صُدِّقُوا) ، وَإِنْ صَدَّقَهُ بَعْضُهُمْ فَلِكُلٍّ حُكْمُهُ (وَإِنْ قَالَ أَنْشَأْت عَنْهُمْ) الضَّمَانَ (ثِقَةً بِرِضَاهُمْ لَمْ يَلْزَمْهُمْ، وَإِنْ رَضَوْا) ؛ لِأَنَّ الْعُقُودَ لَا تُوقَفُ، وَإِنْ قَالَ أَنَا، وَهُمْ ضُمَنَاءُ وَضَمِنْت عَنْهُمْ بِإِذْنِهِمْ طُولِبَ بِالْجَمِيعِ فَإِنْ أَنْكَرُوا الْإِذْنَ فَهُمْ الْمُصَدَّقُونَ حَتَّى لَا يَرْجِعَ عَلَيْهِمْ صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ.
(فَإِنْ) ، وَفِي نُسْخَةٍ، وَإِنْ (قَالَ أَنَا وَهُمْ ضَامِنُونَ) لَهُ (وَأُصَحِّحُهُ أَوْ أُخَلِّصُهُ مِنْ مَالِهِمْ أَوْ مِنْ مَالِي لَزِمَهُ الْجَمِيعُ) لَوْ قَالَ اخْلَعْهَا عَلَى أَلْفٍ أُصَحِّحُهَا لَك أَوْ أَضْمَنُهَا لَك مِنْ مَالِهَا يَلْزَمُهُ الْأَلْفُ وَالتَّصْرِيحُ بِقَوْلِهِ أَوْ مِنْ مَالِي فِي الثَّانِيَةِ، وَبِقَوْلِهِ مِنْ مَالِهِمْ فِي الْأُولَى مِنْ زِيَادَتِهِ (وَإِنْ قَالَ أَنَا، وَهُمْ ضَامِنُونَ) لَهُ (ثُمَّ بَاشَرَ الْإِلْقَاءَ بِإِذْنِهِ) أَيْ الْمَالِكِ (فَهَلْ يَضْمَنُ الْجَمِيعَ) ؛ لِأَنَّهُ بَاشَرَ الْإِتْلَافَ (أَوْ قِسْطَهُ) عَمَلًا بِقَضِيَّةِ اللَّفْظِ (وَجْهَانِ) حَكَى الرَّافِعِيُّ الْأَوَّلَ عَنْ الْقَاضِي أَبِي حَامِدٍ، وَقَالَ الْأَذْرَعِيُّ إنَّهُ نَصُّ الْأُمِّ.
وَلَوْ قَالَ أَلْقِ مَتَاعَك، وَعَلَيَّ نِصْفُ الضَّمَانِ، وَعَلَى فُلَانٍ ثُلُثُهُ، وَعَلَى فُلَانٍ سُدُسُهُ لَزِمَهُ النِّصْفُ صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ، وَهُوَ مَعْلُومٌ مِمَّا مَرَّ (وَتُعْتَبَرُ
ــ
[حاشية الرملي الكبير]
قَوْلُهُ: قَالَ وَيَنْبَغِي أَنْ يُرَاعَى فِي الْإِلْقَاءِ تَقْدِيمُ الْأَخَسِّ فَالْأَخَسِّ قِيمَةً) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ.
(قَوْلُهُ: وَيَضْمَنُ بِإِلْقَائِهِ، وَلَوْ فِي حَالِ الْخَوْفِ بِلَا إذْنٍ مِنْ مَالِكِهِ) يَظْهَرُ أَنَّهُ لَوْ كَانَ الْمَالُ لِمَحْجُورٍ عَلَيْهِ لِصِغَرٍ أَوْ جُنُونٍ أَوْ سَفَهٍ بِيَدِ وَلِيِّهِ حَيْثُ سَاغَ لَهُ رُكُوبُ الْبَحْرِ وَغَلَبَ عَلَى ظَنِّهِ أَنَّهُ لَوْ لَمْ يَطْرَحْ بَعْضَهُ لَغَرِقَ الْكُلُّ فَفَعَلَ ذَلِكَ لِحِفْظِ أَكْثَرِ الْمَالِ أَوْ بَعْضِهِ أَنَّهُ لَا يَضْمَنُ إذَا ظَهَرَ صِدْقُهُ، وَلَا يَبْعُدُ أَنْ يُقَالَ مِثْلُ هَذَا فِي الْمُودَعِ وَالْعَامِلِ فِي الْقِرَاضِ، وَهَذَا ظَاهِرٌ عَنْدَ تَمَحَّضَ الْخَوْفِ عَلَى تَلَفِ الْمَالِ فَقَطْ وَغَلَبَةِ الظَّنِّ بِوُقُوعِ الْغَرَقِ لَوْ لَمْ يَفْعَلْ ذَلِكَ، قَالَهُ الْأَذْرَعِيُّ، وَقَالَ الْغَزِّيِّ إنَّهُ الْأَشْبَهُ (قَوْلُهُ: بِخِلَافِ مَا لَوْ أَلْقَاهُ بِإِذْنِهِ) أَيْ الْمُعْتَبَرُ بِشَرْطِ أَنْ لَا يَتَعَلَّقَ بِهِ حَقُّ الْغَيْرِ كَرَهْنٍ.
(قَوْلُهُ: أَوْ عَلَى أَنِّي ضَامِنُهُ) خَرَجَ مَا إذَا، قَالَ أَلْقِ مَتَاعَك فِي الْبَحْرِ عَلَى أَنِّي ضَامِنٌ أَوْ، وَأَنَا ضَامِنٌ أَوْ عَلَى أَنْ أَضْمَنَ فَأَلْقَاهُ أَوْ عَلَى أَنْ أَضْمَنَ فَأَلْقَاهُ فَإِنَّهُ لَا يَضْمَنُهُ فَقَدْ، قَالَ الزَّرْكَشِيُّ بَعْدَ قَوْلِ الْمِنْهَاجِ أَوْ عَلَى أَنِّي ضَامِنٌ هَذَا غَيْرُ كَافٍ بَلْ لَا بُدَّ مِنْ رَابِطٍ فَيَقُولُ ضَامِنُهُ أَوْ ضَامِنٌ لَهُ وَكَانَ الْمُصَنِّفُ حَذَفَهُ اسْتِغْنَاءً بِذِكْرِ الضَّمِيرِ فِيمَا قَبْلَهُ (قَوْلُهُ: أَعْتِقْ عَبْدَك عَلَى كَذَا فَأَعْتَقَ) أَوْ طَلِّقْ زَوْجَتَك عَلَى كَذَا فَطَلَّقَ (قَوْلُهُ: وَقَوْلُ الْبُلْقِينِيِّ لَا بُدَّ مِنْ أَنْ يُشِيرَ إلَى مَا يُلْقِيهِ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ وَكَتَبَ عَلَيْهِ، قَالَ، وَلَا بُدَّ مِنْ اسْتِمْرَارِهِ فَلَوْ رَجَعَ عَنْهُ قَبْلَ الْإِلْقَاءِ لَمْ يَلْزَمْهُ شَيْءٌ، قَالَ: وَلَمْ أَرَ مَنْ تَعَرَّضَ لَهُ
(قَوْلُهُ: أَوْ قَسَّطَهُ عَمَلًا بِقَضِيَّةِ اللَّفْظِ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ