الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
لَا تُتْرَكُ بِالسُّكُوتِ لِأَنَّ الزَّوْجَ يَزْعُمُ سُقُوطَ الْمَهْرِ فَإِذَا سَكَتَتْ وَلَا بَيِّنَةَ جُعِلَتْ نَاكِلَةً وَحَلَفَ هُوَ وَسَقَطَ الْمَهْرُ وَالتَّصْرِيحُ بِذِكْرِ الْيَمِينِ مِنْ زِيَادَتِهِ (وَالْأَمِينُ فِي دَعْوَى الرَّدِّ مُدَّعٍ) لِأَنَّهُ يَزْعُمُ الرَّدَّ الَّذِي هُوَ خِلَافُ الظَّاهِرِ لَكِنَّهُ (يُصَدَّقُ بِيَمِينِهِ) لِأَنَّهُ أَثَبَتَ يَدَهُ لِغَرَضِ الْمَالِكِ وَقَدْ ائْتَمَنَهُ فَلَا يَحْسُنُ تَكْلِيفُهُ بَيِّنَةَ الرَّدِّ وَأَمَّا عَلَى الْقَوْلِ الثَّانِي فَهُوَ مُدَّعًى عَلَيْهِ لِأَنَّ الْمَالِكَ هُوَ الَّذِي لَوْ سَكَتَ تُرِكَ (وَفِي التَّحَالُفِ كُلٌّ) مِنْ الْخَصْمَيْنِ (مُدَّعٍ وَمُدَّعًى عَلَيْهِ) لِاسْتِوَائِهِمَا
(فَصْلٌ لِلدَّعْوَى) أَيْ لِصِحَّتِهَا (شَرْطَانِ الْأَوَّلُ أَنْ تَكُونَ مَعْلُومَةً) لِأَنَّ الْمَقْصُودَ فَصْلُ الْأَمْرِ وَإِيصَالُ الْحَقِّ إلَى الْمُسْتَحِقِّ وَذَلِكَ يَسْتَدْعِي الْعِلْمَ (بِبَيَانِ جِنْسِ الْمُدَّعَى) بِهِ (وَنَوْعِهِ وَقَدْرِهِ) وَصِفَتِهِ الَّتِي يَخْتَلِفُ بِهَا الْغَرَضُ إنْ كَانَ دَيْنًا نَقْدًا كَانَ أَوْ غَيْرَهُ (وَكَذَا) بِبَيَانِ (صِحَّةِ وَتَكَسُّرِ نَقْدَانِ أَثَّرَا) فِي قِيمَتِهِ بِأَنْ اخْتَلَفَتْ قِيمَتُهُ بِهِمَا كَمِائَةِ دِرْهَمٍ فِضَّةٍ ظَاهِرِيَّةٍ صِحَاحٍ أَوْ مُكَسَّرَةٍ فَلَا يَكْفِي إطْلَاقُ النَّقْدِ وَإِنْ غَلَبَ وَبِهِ صَرَّحَ الْمَاوَرْدِيُّ وَغَيْرُهُ وَفَارَقَ الْبَيْعُ وَنَحْوُهُ بِأَنَّ زَمَنَ الْعَقْدِ يُقَيِّدُ صِفَةَ الثَّمَنِ بِالْغَالِبِ مِنْ النُّقُودِ وَلَا يَتَقَيَّدُ ذَلِكَ بِزَمَنِ الدَّعْوَى لِتَقَدُّمِهِ عَلَيْهَا نَعَمْ مُطْلَقُ الدِّينَارِ يَنْصَرِفُ إلَى الدِّينَارِ الشَّرْعِيِّ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ وَلَا يَحْتَاجُ إلَى بَيَانِ وَزْنِهِ وَفِي مَعْنَاهُ مُطْلَقُ الدِّرْهَمِ أَمَّا إذَا لَمْ تَخْتَلِفْ قِيمَةُ النَّقْدِ بِالصِّحَّةِ وَالتَّكَسُّرِ فَلَا يَحْتَاجُ إلَى بَيَانِهِمَا لَكِنْ اسْتَثْنَى مِنْهُ الْمَاوَرْدِيُّ وَالرُّويَانِيُّ دَيْنَ السَّلَمِ فَاعْتَبَرَا بَيَانَهُمَا فِيهِ وَأَضَافَ الْمُصَنِّفُ صِحَّةً إلَى مِثْلِ مَا أُضِيفَ إلَيْهِ تَكَسُّرٌ (وَ) بِبَيَانِ (صِفَةِ سَلَمٍ فِي) دَعْوَى (عَيْنٍ تَنْضَبِطُ) بِالصِّفَةِ كَحُبُوبٍ وَحَيَوَانٍ.
(وَلَا يَجِبُ ذِكْرُ الْقِيمَةِ) أَيْ قِيمَةُ الْعَيْنِ وَإِنْ تَلِفَتْ اكْتِفَاءً بِالصِّفَةِ (وَ) لَكِنْ (يَجِبُ ذِكْرُهَا فِي) دَعْوَى (مُتَقَوِّمٍ تَلِفَ) لِأَنَّهَا الْوَاجِبَةُ عِنْدَ التَّلَفِ فَلَا حَاجَةَ مَعَهَا لِذِكْرِ شَيْءٍ مِنْ الصِّفَاتِ كَمَا اقْتَضَاهُ كَلَامُهُمْ لَكِنْ يَجِبُ ذِكْرُ الْجِنْسِ فَيَقُولُ عَبْدٌ قِيمَتُهُ مِائَةٌ وَلَوْ غَصَبَ مِنْهُ غَيْرُهُ عَيْنًا فِي بَلَدٍ ثُمَّ لَقِيَهُ فِي أُخْرَى وَهِيَ بَاقِيَةٌ وَلِنَقْلِهَا مُؤْنَةٌ قَالَ الْبُلْقِينِيُّ ذَكَرَ قِيمَتَهَا وَإِنْ لَمْ تَتْلَفْ لِأَنَّهَا الْمُسْتَحَقَّةُ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ فَإِذَا رَدَّ الْعَيْنَ رَدَّ الْقِيمَةَ كَمَا لَوْ دَفَعَ الْقِيمَةَ بِنَفْسِهِ وَخَرَجَ بِ تَنْضَبِطُ مَا لَا يَنْضَبِطُ كَالْجَوَاهِرِ فَيُعْتَبَرُ ذِكْرُ الْقِيمَةِ فَيَقُولُ جَوْهَرٌ قِيمَتُهُ كَذَا وَبِهِ صَرَّحَ الْقَاضِي أَبُو الطَّيِّبِ وَالْبَنْدَنِيجِيّ وَابْنُ الصَّبَّاغِ وَغَيْرُهُمْ (وَيُقَوَّمُ بِفِضَّةِ سَيْفٍ مُحَلًّى بِذَهَبٍ) ادَّعَى بِهِ (كَعَكْسِهِ) أَيْ كَمَا يُقَوَّمُ بِذَهَبِ سَيْفٍ مُحَلًّى بِفِضَّةٍ (وَ) يُقَوَّمُ (بِأَحَدِهِمَا) السَّيْفُ (إنْ حُلِّيَ بِهِمَا) لِلضَّرُورَةِ كَمَا جَزَمَ بِهِ كَأَصْلِهِ هُنَا لَكِنْ الْأَصْلُ صَحَّحَ فِي الْغَصْبِ مَا نَقَلَهُ عَنْ الْجُمْهُورِ ثُمَّ إنَّ الْحُلِيَّ يُضْمَنُ بِنَقْدِ الْبَلَدِ وَإِنْ كَانَ مِنْ جِنْسِهِ قَالَ وَلَا يَلْزَمُ مِنْهُ الرِّبَا فَإِنَّهُ إنَّمَا يَجْرِي فِي الْعُقُودِ لَا فِي الْغَرَامَاتِ وَالْمُصَنِّفُ جَرَى ثُمَّ عَلَى أَنَّ تِبْرَ الْحُلِيِّ يُضْمَنُ بِمِثْلِهِ وَصِفَتِهِ بِنَقْدِ الْبَلَدِ وَتَقَدَّمَ بَيَانُ ذَلِكَ ثُمَّ (وَيُقَوَّمُ مَغْشُوشُ الذَّهَبِ بِالْفِضَّةِ كَعَكْسِهِ) فَيَدَّعِي مِائَةَ دِينَارٍ مِنْ نَقْدِ كَذَا قِيمَتُهَا كَذَا دِرْهَمًا
ــ
[حاشية الرملي الكبير]
قَوْلُهُ وَالْأَمِينُ فِي دَعْوَى الرَّدِّ) أَيْ عَلَى مَنْ ائْتَمَنَهُ
[فَصْلٌ شُرُوط الدَّعْوَى]
(فَصْلٌ لِلدَّعْوَى شَرْطَانِ)(قَوْلُهُ الْأَوَّلُ أَنْ تَكُونَ مَعْلُومَةً) فَيَقْدَحُ فِيهَا جَهَالَةٌ تَمْنَعُ مِنْ اسْتِيفَاءِ الْمَحْكُومِ بِهِ وَتَوْجِيهِ الْمُطَالَبَةِ نَحْوِهِ وَصِفَتِهِ الَّتِي يَخْتَلِفُ بِهَا الْغَرَضُ فَلَا يَكْفِي اسْتَحَقَّ عَلَيْهِ صَاعًا بِرْنِيًّا لِصِدْقِهِ بِالرُّطَبِ وَالْبَلَحِ وَالتَّمْرِ (قَوْلُهُ لِتَقَدُّمِهِ عَلَيْهَا) مُقْتَضَى تَعْلِيلِهِمَا أَنَّهُ لَوْ كَانَ النَّقْدُ عَنْ بَيْعٍ بَاعَهُ فِي الْوَقْتِ جَازَ الْإِطْلَاقُ وَحُمِلَ عَلَى نَقْدِ الْبَلَدِ كَالْبَيْعِ وَبِهِ صَرَّحَ الدَّبِيلِيُّ فِي أَدَبِ الْقَضَاءِ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَمَا قَالَهُ ظَاهِرٌ (قَوْلُهُ وَلَا يَحْتَاجُ إلَى بَيَانِ وَزْنِهِ) حَيْثُ لَا يُسْتَعْمَلُ فِي غَيْرِ الْوَزْنِ الْمَعْرُوفِ مِنْ الذَّهَبِ أَمَّا لَوْ كَانَ فِي بَلَدٍ يُعَبِّرُونَ بِهِ عَنْ قَدْرٍ يَسِيرٍ مِنْ نَقْدِهِمْ مِنْ الْفِضَّةِ كَمَا هُوَ فِي كَثِيرٍ مِنْ بِلَادِ الرُّومِ وَغَيْرِهَا مِنْ بِلَادِ الْعَجَمِ وَالْعِرَاقِ وَأَعْرَابِ هَذِهِ الْأَمْصَارِ فَإِذَا كَانَ الْمُدَّعِي أَوْ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ مِنْ هَؤُلَاءِ فَيَنْبَغِي أَنْ يُبَيِّنَ فِي الدَّعْوَى مُرَادَهُ بِالدِّينَارِ لِئَلَّا يَقَعَ الْحُكْمُ لَهُ أَوْ عَلَيْهِ بِغَيْرِ الْمَطْلُوبِ أَوْ الْوَاجِبِ غ (قَوْلُهُ وَفِي مَعْنَاهُ مُطْلَقُ الدِّرْهَمِ) وَهَلْ يَكْفِي الدِّرْهَمُ الْفُلُوسُ إطْلَاقَهُ، كَالدِّرْهَمِ الْفِضَّةِ أَمْ لَا بُدَّ مِنْ بَيَانِ مِقْدَارِهِ كَسَائِرِ الْمِثْلِيَّاتِ لِاخْتِلَافِهِ بِاخْتِلَافِ الْأَوْقَاتِ وَالْأَمْكِنَةِ فِيهِ نَظَرٌ وَالْأَقْرَبُ الثَّانِي غ (تَنْبِيهٌ)
ذَكَرَ الْبُلْقِينِيُّ أَنَّهُ مَتَى ادَّعَى نَقْدًا وَلَمْ يُعَيِّنْ فِيهِ جِهَةً يَتَعَيَّنُ فِيهَا الْحُلُولُ كَالْقَرْضِ فَلَا بُدَّ مِنْ التَّعَرُّضِ لِلْحُلُولِ وَيَدُلُّ لَهُ مَا حَكَاهُ فِي أَصْلِ الرَّوْضَةِ عَنْ الْهَرَوِيِّ أَنَّهُ يَقُولُ فِي دَعْوَى الدَّيْنِ وَهُوَ مُمْتَنِعٌ مِنْ الْأَدَاءِ الْوَاجِبِ عَلَيْهِ قَالَ وَإِنَّمَا يَتَعَرَّضُ لِوُجُوبِ الْأَدَاءِ لِأَنَّ الدَّيْنَ الْمُؤَجَّلَ لَا يَجِبُ أَدَاؤُهُ فِي الْحَالِ (قَوْلُهُ وَلَكِنْ يَجِبُ ذِكْرُهَا فِي دَعْوَى مُتَقَوِّمٍ تَلِفَ) قَالَ الْبُلْقِينِيُّ هَذَا إذَا لَمْ تَكُنْ الْعَيْنُ مَبِيعَةً لَمْ تُقْبَضْ وَتَلِفَتْ فِي يَدِ الْبَائِعِ فَالْوَاجِبُ حِينَئِذٍ الثَّمَنُ عَلَى الْبَائِعِ إنْ كَانَ قَبَضَهُ وَقَدْ ذَكَرَهُ الْمَاوَرْدِيُّ قَبْلَ التَّلَفِ فَقَالَ وَإِنْ كَانَتْ مَبِيعَةً لَزِمَهُ ذِكْرُ ثَمَنِهَا لِضَمَانِ مَا لَمْ يُقْبَضْ مِنْ الْمَبِيعِ بِالثَّمَنِ قُلْتُ تَلَفُ الْمَبِيعِ قَبْلَ الْقَبْضِ يَقْتَضِي الِانْفِسَاخَ قُبَيْلَ التَّلَفِ وَانْتِقَالِ الثَّمَنِ إلَى مِلْكِ الْمُشْتَرِي فَلَا حَقَّ فِي الْبَيْعِ وَلَيْسَتْ هَذِهِ مِنْ صُوَرِ الدَّعْوَى بِالدَّيْنِ أَصْلًا فَلَا يَنْبَغِي اسْتِدْرَاكُهَا ع (قَوْلُهُ فَلَا حَاجَةَ مَعَهَا لِذِكْرِ شَيْءٍ مِنْ الصِّفَاتِ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ قَالَ الْبُلْقِينِيُّ ذَكَرَ قِيمَتَهَا وَإِنْ لَمْ تَتْلَفْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ وَبِهِ صَرَّحَ الْقَاضِي أَبُو الطَّيِّبِ إلَخْ) وَفِي الْحَاوِي أَنَّ عَلَيْهِ أَنْ يَذْكُرَ الْجِنْسَ وَالنَّوْعَ وَإِنْ كَانَ مُخْتَلِفَ الْأَلْوَانِ ذَكَرَ اللَّوْنَ ثُمَّ حَرَّرَ الدَّعْوَى وَنَفَى الْجَهَالَةَ بِذِكْرِ الْقِيمَةِ لِأَنَّهُ لَا يَصِيرُ مَعْلُومًا إلَّا بِهَا.
(قَوْلُهُ وَيُقَوَّمُ بِأَحَدِهِمَا إنْ حُلَى بِهِمَا) قَالَ الْأَذْرَعِيُّ يَعْنِي بِأَيِّهِمَا شَاءَ كَمَا صَرَّحُوا بِهِ وَهَذَا عِنْدَ التَّقَارُبِ فِي الْمِقْدَارِ أَمَّا لَوْ غَلَبَ أَحَدُهُمَا فَيَنْبَغِي أَنْ نُقَوِّمَهُ بِالنَّقْدِ الْآخَرِ لَا مَحَالَةَ مِثَالُهُ عَلَيْهِ مِائَةَ دِينَارٍ وَخَمْسَةَ دَرَاهِمِ نُقَوِّمُهُ بِالدَّرَاهِمِ لَا بِالدَّنَانِيرِ (قَوْلُهُ كَذَا جَزَمَ الْأَصْلُ هُنَا) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ قَالَ وَلَا يَلْزَمُ مِنْهُ لِرِبَا إلَخْ) قَالَ وَأَحْسَنُ مِنْهُ تَرْتِيبُ الْبَغَوِيّ وَهُوَ أَنَّ صِفَةَ الْحُلِيِّ مُتَقَوِّمَةٌ وَفِي ذَاتِهِ الْوَجْهَانِ السَّابِقَانِ فِي التِّبْرِ فَإِنْ قُلْنَا مُتَقَوِّمٌ ضِمْنَ الْكُلَّ بِنَقْدِ الْبَلَدِ كَيْفَ كَانَ وَإِنْ قُلْنَا مِثْلِيَّ فَوَجْهَانِ أَحَدُهُمَا يَضْمَنُ الْجَمِيعَ بِغَيْرِ جِنْسِهِ وَأَصَحُّهُمَا يَضْمَنُ الْوَزْنَ بِالْمِثْلِ وَالصَّنْعَةِ بِنَقْدِ الْبَلَدِ سَوَاءٌ كَانَ مِنْ جِنْسِهِ أَمْ مِنْ غَيْرِهِ اهـ
أَوْ مِائَةَ دِرْهَمٍ مِنْ نَقْدِ كَذَا قِيمَتُهَا كَذَا دِينَارًا قَالَ فِي الْأَصْلِ هَكَذَا ذَكَرَهُ الشَّيْخُ أَبُو حَامِدٍ وَغَيْرُهُ وَكَأَنَّهُ جَوَابٌ عَلَى أَنَّ الْمَغْشُوشَ مُتَقَوِّمٌ فَإِنْ جَعَلْنَاهُ مِثْلِيًّا فَيَنْبَغِي أَنْ لَا يُشْتَرَطَ التَّعَرُّضُ لِلْقِيمَةِ وَقَضِيَّتُهُ كَمَا قَالَ جَمَاعَةٌ مِنْهُمْ الْأَذْرَعِيُّ أَنَّ الصَّحِيحَ عَدَمُ الِاشْتِرَاطِ لِأَنَّ الصَّحِيحَ أَنَّهَا مِثْلِيَّةٌ بِنَاءً عَلَى جَوَازِ الْمُعَامَلَةِ بِهَا وَهُوَ الْأَصَحُّ.
(وَيُبَيِّنُ فِي دَعْوَى الْعَقَارِ النَّاحِيَةَ وَالْبَلَدَ وَالْمَحَلَّةَ وَالسِّكَّةَ وَالْحُدُودَ) وَأَنَّهُ فِي يَمْنَةِ دَاخِلِ السِّكَّةِ أَوْ يَسْرَتِهِ أَوْ صَدْرِهَا ذَكَرُهُ الْبُلْقِينِيُّ وَلَا حَاجَةَ لِذِكْرِ الْقِيمَةِ كَمَا عُلِمَ مِمَّا مَرَّ (وَيُسْتَثْنَى) مِنْ اشْتِرَاطِ الْعِلْمِ (صِحَّةُ دَعْوَى مَجْهُولٍ فِي إقْرَارٍ) وَلَوْ بِنِكَاحٍ كَالْإِقْرَارِ بِهِ (وَ) فِي (وَصِيَّةٍ) تَحَرُّزًا عَنْ ضَيَاعِهَا وَلِأَنَّهَا تَحْتَمِلُ الْجَهْلَ فَكَذَا دَعْوَاهَا (وَ) فِي (فَرْضٍ لِمُفَوِّضَةٍ) لِأَنَّهَا تَطْلُبُ مِنْ الْقَاضِي أَنْ يَفْرِضَ لَهَا فَلَا يُتَصَوَّرُ مِنْهَا الْبَيَانُ وَمِثْلُهُ الْمُتْعَةُ وَالْحُكُومَةُ وَالرَّضْخُ وَحَطُّ الْكِتَابَةِ وَالْغُرَّةُ وَالْإِبْرَاءُ مِنْ الْمَجْهُولِ فِي إبِلِ الدِّيَةِ بِنَاءً عَلَى الْأَصَحِّ مِنْ صِحَّةِ الْإِبْرَاءِ مِنْهُ فِيهَا (أَوْ) فِي (مَمَرٍّ أَوْ) حَقِّ (إجْرَاءِ مَاءٍ فِي أَرْضٍ حُدِّدَتْ) اكْتِفَاءً بِتَجْدِيدِ الْأَرْضِ وَقِيلَ يُشْتَرَطُ بَيَانُ قَدْرِ الْمَمَرِّ وَالْمَجْرَى وَالتَّرْجِيحُ مِنْ زِيَادَتِهِ (كَالشَّهَادَةِ بِهَا) أَيْ بِالْمُسْتَثْنَيَاتِ الْمَذْكُورَةِ فَإِنَّهَا تَصِحُّ لِتَرَتُّبِهَا عَلَيْهَا (وَلَوْ) أَحْضَرَ وَرَقَةً فِيهَا دَعْوَاهُ ثُمَّ (ادَّعَى مَا فِي الْوَرَقَةِ وَهُوَ مَوْصُوفٌ) بِمَا مَرَّ (فَوَجْهَانِ) الظَّاهِرُ مِنْهُمَا كَمَا أَشَارَ إلَيْهِ الزَّرْكَشِيُّ الِاكْتِفَاءُ بِذَلِكَ إذَا قَرَأَهُ الْقَاضِي أَوْ قُرِئَ عَلَيْهِ
الشَّرَطُ (الثَّانِي أَنْ تَكُونَ) الدَّعْوَى (مُلْزِمَةً فَلَوْ ادَّعَى) عَلَى غَيْرِهِ (هِبَةً أَوْ بَيْعًا أَوْ دَيْنًا) أَوْ نَحْوَهَا مِمَّا الْغَرَضُ مِنْهُ تَحْصِيلُ الْحَقِّ (فَلْيَذْكُرْ) فِي دَعْوَاهُ (وُجُوبَ التَّسْلِيمِ) كَأَنْ يَقُولَ وَيَلْزَمُهُ التَّسْلِيمُ إلَى أَوْ وَهُوَ مُمْتَنِعٌ مِنْ الْأَدَاءِ الْوَاجِبِ عَلَيْهِ لِأَنَّهُ قَدْ يَرْجِعُ الْوَاهِبُ وَيَفْسَخُ الْبَائِعُ وَيَكُونُ الدَّيْنُ مُؤَجَّلًا أَوْ مَنْ عَلَيْهِ مُفْلِسًا (وَلَوْ قَصَدَ) بِالدَّعْوَى
ــ
[حاشية الرملي الكبير]
قَوْلُهُ فَيَنْبَغِي أَنْ لَا يُشْتَرَطَ التَّعَرُّضُ لِلْقِيمَةِ) وَبِهِ صَرَّحَ شُرَيْحُ فِي رَوْضَتِهِ فَقَالَ قَالَ الْإِصْطَخْرِيُّ وَإِنْ كَانَ فِي الْبَلَدِ دَرَاهِمُ زَائِفَةٌ فَادَّعَاهَا لَمْ تُسْمَعْ لِأَنَّهَا لَا تَنْضَبِطُ حَتَّى يَقُولَ قِيمَتُهَا كَذَا وَقَالَ غَيْرُهُ لَا يَحْتَاجُ إلَى ذِكْرِ قِيمَةِ الدَّرَاهِمِ الزَّائِفَةِ إذَا كَانَتْ تَجُوزُ فِي الْبَلَدِ وَيُتَعَامَلُ عَلَيْهَا وَكَانَتْ مَعْلُومَةً وَأَصْلُهُ الْوَجْهَانِ فِي جَوَازِ الْمُعَامَلَةِ بِالدَّرَاهِمِ الْمَغْشُوشَةِ اهـ وَكَتَبَ أَيْضًا قَالَ الْبُلْقِينِيُّ هَذَا الْبَحْثُ الَّذِي ذَكَرَهُ عِنْدَنَا مَمْنُوعٌ لِأَنَّا وَإِنْ قُلْنَا إنَّ الْمَغْشُوشَ مِثْلِيٌّ فَذَاكَ فِيمَا تَظْهَرُ فِيهِ الْمُمَاثَلَةُ مِنْ الْأَعْيَانِ وَالْمُدَّعَى بِهِ إذَا كَانَ مَغْشُوشًا لَمْ تَظْهَرْ مُمَاثَلَةٌ لِغَيْرِهِ فِي الدَّعْوَى فَلَا بُدَّ مِنْ ذِكْرِ الْقِيمَةِ عَلَى الصُّورَةِ الَّتِي ذَكَرهَا الشَّيْخُ أَبُو حَامِدٍ وَغَيْرِهِ أَوْ يَقُولُ فِي الدَّعْوَى مِنْ مَغْشُوشِ بَلَدِ كَذَا أَوْ قَدْ ظَهَرَتْ الْمُمَاثَلَةُ فِيهِ. اهـ.
(قَوْلُهُ وَقَضِيَّتُهُ كَمَا قَالَ جَمَاعَةٌ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ وَيُسْتَثْنَى صِحَّةُ دَعْوَى مَجْهُولٍ فِي إقْرَارِهِ إلَخْ) قَدْ أَنْهَى بَعْضُهُمْ الصُّوَرَ الْمُسْتَثْنَاةَ مِنْ اشْتِرَاطِ الْعِلْمِ إلَى مِائَةِ صُورَةٍ وَصُورَتَيْنِ (قَوْلُهُ الظَّاهِرُ مِنْهُمَا كَمَا أَشَارَ إلَيْهِ الزَّرْكَشِيُّ إلَخْ) هُوَ الْأَصَحُّ وَفِيهِ أَفْتَيْت
(قَوْلُهُ الشَّرْطُ الثَّانِي أَنْ تَكُونَ مُلْزَمَةً) مُقْتَضَى كَلَامُهُمْ إنَّ الدَّعْوَى إنَّمَا تَصِحُّ بِمَا يُضْمَنُ مِنْ مِثْلٍ أَوْ قِيمَةٍ وَلَيْسَ كَذَلِكَ بَلْ تُسْمَعُ بِالْكَلْبِ الَّذِي يُقْتَنَى وَالسِّرْجِينِ وَنَحْوِهِ لِطَلَبِ الرَّدِّ لَا لِلضَّمَانِ قَالَهُ الْمَاوَرْدِيُّ أَيْ وَهُوَ الصَّحِيحُ وَشَرْطُهَا أَيْضًا أَنْ تَكُونَ غَيْرَ مُنَاقِضَةٍ لِمَا قَبْلَهَا وَأَنْ تَكُونَ جَازِمَةً وَأَنْ لَا تَكُونَ فِيمَا يُكَذِّبهُ الْحِسُّ وَأَنْ تَكُونَ بَيْنَ يَدَيْ حَاكِمٍ أَوْ مُحَكِّمٍ فِي غَيْرِ أَبْوَابِ الزَّكَاةِ وَمَوَاضِعِ الْحَاجَاتِ وَالضَّرُورَاتِ وَأَنْ تَكُونَ صَادِرَةً فِي مَحَلِّ عَمَلِ الْحَاكِمِ وَأَنْ تَكُونَ فِي غَيْرِ حُدُودِ اللَّهِ تَعَالَى وَأَنْ تَقَعَ بِحَضْرَةِ الْخَصْمِ فِي الْبَلَدِ أَوْ وَكِيلِهِ وَأَنْ يَكُونَ إقَامَتُهَا لِغَرَضِ الْمُدَّعِي الْغَرَضَ الْمُعْتَبَرَ أَوْ لِفَائِدَةٌ مُحَصَّلَةٍ كَالتَّسْجِيلِ بِسَبَبِ الْأَمْلَاكِ وَالْوُقُوفَاتِ وَنَحْوِهَا الَّتِي تَنْشَأُ الدَّعْوَى فِيهَا مِنْ غَيْرِ حُضُورِ خَصْمٍ وَلَا مُطَالِبٍ وَأَنْ تَنْشَأَ فِيمَا هُوَ مِلْكُ الْمُدَّعِي وَمُضَافٌ إلَيْهِ فِي الْحَالِ وَأَنْ لَا يَسْبِقَ فِيهَا حُكْمُ حَاكِمٍ وَلَا مُحَكِّمٌ صَالِحٌ لِلْقَضَاءِ وَشَرْطُ الْمُدَّعِي أَنْ يَكُونَ مُكَلَّفًا مُلْتَزِمًا غَالِبًا مُعَيَّنًا وَأَنْ يَدَّعِي أَنَّهُ يَمْلِكُ الْمُدَّعَى بِهِ أَوْ وَكِيلِهِ وَأَنْ يَكُونَ مِمَّنْ يَسْتَقِلُّ بِإِنْشَاءِ الدَّعْوَى مُنْفَرِدًا وَشَرْطُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ أَنْ يَكُونَ مُكَلَّفًا مُلْتَزِمًا غَالِبًا مُعَيَّنًا وَأَنْ يَكُونَ مِمَّنْ يُمْكِنُ اسْتِيفَاءُ الْحَقِّ مِنْهُ مِنْ غَيْرِ اسْتِحَالَةٍ وَأَنْ يَكُونَ مُنْكِرًا أَوْ مُقِرًّا مُمْتَنِعًا (فَرْعٌ)
قَالَ شَيْخُنَا قَدْ ذُكِرَ فِي التَّوْشِيحِ عَنْ وَالِدِهِ أَنَّ لِكُلٍّ مِنْ الْمَوْقُوفِ عَلَيْهِ الدَّعْوَى وَتُسْمَعُ مِنْهُ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ نَاظِرًا وَهِيَ مَسْأَلَةٌ تَعُمُّ بِهَا الْبَلْوَى (فَرْعٌ)
لَوْ ادَّعَى الرَّهْنَ عِنْدَ وَلَمْ يَدَّعِ الْقَبْضَ لَمْ تُسْمَعْ دَعْوَاهُ (قَوْلُهُ فَلِيَذْكُرْ وُجُوبَ التَّسْلِيمِ) فِي هَذِهِ الْعِبَارَةِ إيهَامٌ وَهُوَ أَنَّهُ إذَا قَالَ فِي دَعْوَى الْهِبَةِ وَيَلْزَمُهُ التَّسْلِيمُ إلَيْهِ تَمَّتْ الدَّعْوَى وَتَوَجَّهَ الْجَوَابُ عَلَى الْخَصْمِ وَلَيْسَ بِمُرَادٍ لِأَنَّ الْهِبَةَ لَا تَلْزَمُ إلَّا بِالْقَبْضِ فَإِمَّا أَنْ يَكُونَ حَصَلَ تَسَامُحٌ فِي التَّعْبِيرِ أَوْ يَكُونَ قَوْلُهُ الْمَذْكُورُ مُؤْذِنًا بِإِقْبَاضٍ مُتَقَدِّمٍ ثُمَّ حَصَلَ الْمَنْعُ
(قَوْلُهُ الْمَسْأَلَةُ الثَّالِثَةُ لَا يَمِينَ عَلَى مَنْ أَقَامَ بَيِّنَةً) يُسْتَثْنَى مِنْهُ صُورَتَانِ إحْدَاهُمَا إذَا قَامَتْ بَيِّنَةٌ بِإِعْسَارِ الْمَدْيُونِ فَلِصَاحِبِ الدَّيْنِ تَحْلِيفُهُ فِي الْأَصَحِّ لِجَوَازِ أَنْ يَكُونَ لَهُ مَالٌ فِي الْبَاطِنِ الثَّانِيَةُ إذَا أَقَامَ بَيِّنَةٌ بِعَيْنٍ وَقَالَ الشُّهُودُ لَا نَعْلَمُهُ بَاعَ وَلَا وَهَبَ فَإِنَّ الشَّافِعِيَّ قَالَ أُحَلِّفَهُ أَنَّهَا مَا خَرَجَتْ مِنْ مِلْكِهِ بِوَجْهٍ مِنْ الْوُجُوهِ ثُمَّ أَدْفَعُهَا لَهُ وَلَوْ قَامَتْ بَيِّنَةٌ بِإِقْرَارِهِ ثُمَّ قَالَ لَمْ يَكُنْ أَقَرَّ أَيْ عَنْ حَقِيقَةٍ فَلَهُ تَحْلِيفُ الْمُقَرِّ لَهُ وَلَوْ بَعْدَ الْحُكْمِ بِبَيِّنَةِ الْإِقْرَارِ وَذَكَرَ الْجِيلِيُّ فِي الْإِعْجَازِ أَنَّهُ يَحْلِفُ مَعَ الْبَيِّنَةِ فِي عَشَرَةِ مَوَاضِعِ إذَا ادَّعَى عَلَى مَيِّتٍ مَالًا أَوْ قَتْلًا وَأَنْكَرَ الْوَرَثَةُ فَأَقَامَ بَيِّنَةً لَمْ يُحْكَمْ لَهُ حَتَّى يَحْلِفَ مَعَ الْبَيِّنَةِ أَنَّهُ عَلَيْهِ وَأَنَّهُ يَسْتَحِقُّهُ إلَى الْآنَ وَكَذَا إذَا ادَّعَى عَلَى غَائِبٍ أَوْ صَبِيٍّ أَوْ مَجْنُونٍ وَأَنْ يَدَّعِي عَلَى امْرَأَةٍ وَطْئًا وَتُقِيمُ الْبَيِّنَةَ عَلَى الْبَكَارَةِ فَتَحْلِفُ مَعَهَا لِاحْتِمَالِ عَوْدِ الْبَكَارَةِ وَإِذَا أَقَامَ عَلَى رَجُلٍ بَيِّنَةً بِمَالٍ فَقَالَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ احْلِفْ أَنَّك تَسْتَحِقُّ هَذَا الْمَالَ وَلَمْ يُكَذِّبْ الشُّهُودَ وَلَكِنْ قَالَ بَاطِنُ الْأَمْرِ بِخِلَافِ ظَاهِرِهِ فَإِنَّهُ يَحْلِفُ مَعَ الْبَيِّنَةِ أَنَّهُ يَسْتَحِقُّ ذَلِكَ الْآنَ وَإِذَا قَالَ لِامْرَأَتِهِ أَنْت طَالِقٌ أَمْسِ وَقَالَ أَرَدْت أَنَّهَا كَانَتْ مُطَلَّقَةً مِنْ غَيْرِي وَأَقَامَ بِهِ بَيِّنَةً حَلَفَ مَعَهَا أَنَّهُ أَرَادَ ذَلِكَ وَإِذَا ادَّعَى الْمُودِعُ هَلَاكَ الْوَدِيعَةِ بِسَبَبٍ ظَاهِرٍ وَأَقَامَ الْبَيِّنَةَ عَلَى السَّبَبِ حَلَفَ عَلَى الْهَلَاكِ بِهِ وَفِي الْجِرَاحِ فِي الْعُضْوِ الْبَاطِنِ إذَا قَالَ إنَّهُ كَانَ صَحِيحًا وَأَقَامَ بِذَلِكَ بَيِّنَةً حَلَفَ مَعَهَا وَفِي الرَّدِّ بِالْعَيْبِ إذَا أَقَامَ بَيِّنَةً أَنَّهُ كَانَ كَذَلِكَ حَلَفَ مَعَهَا وَفِي بَعْضِ الصُّوَرِ نَظَرٌ وَفِيهَا مَا الْحَلِفُ فِيهِ مُسْتَحَبٌّ لَا مُسْتَحَقٌّ ر
دَفْعَ (الْمُنَازَعَةِ) لَا تَحْصِيلَ الْحَقِّ (فَقَالَ هَذِهِ الدَّارُ لِي وَهُوَ يَمْنَعَنِيهَا سُمِعَتْ) دَعْوَاهُ (وَإِنْ لَمْ يَقُلْ هِيَ فِي يَدِهِ) لِأَنَّهُ يُمْكِنُ أَنْ يُنَازِعَهُ وَإِنْ لَمْ تَكُنْ الدَّارُ بِيَدِهِ (وَلِلْقَاضِي طَلَبُ الْجَوَابِ) مِنْ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ (وَإِنْ لَمْ يَسْأَلْهُ الْمُدَّعِي) لِلْعِلْمِ بِأَنَّهُ الْغَرَضُ مِنْ الْحُضُورِ وَإِنْشَاءِ الدَّعْوَى (وَتُسْمَعُ الدَّعْوَى) مِنْ الْمُدَّعِي عَلَى خَصْمِهِ (وَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ بَيْنَهُمَا مُخَالَطَةً) وَلَا مُعَامَلَةً وَلَا فَرْقَ فِيهِ بَيْنَ طَبَقَاتِ النَّاسِ فَتَصِحُّ دَعْوَى دَنِيءٍ عَلَى شَرِيفٍ وَإِنْ شَهِدَتْ قَرَائِنُ الْحَالِ بِكَذِبِهِ كَأَنْ ادَّعَى دَنِيءٌ اسْتِئْجَارَ أَمِيرٍ أَوْ فَقِيهٍ لِعَلْفِ دَوَابِّهِ وَكَنْسِ بَيْتِهِ (وَإِنْ ادَّعَى شَيْئًا مَعْلُومًا) وَأَقَامَ بِهِ شَاهِدَيْنِ (فَشَهِدَا لَهُ بِإِقْرَارٍ بِمَجْهُولٍ أَوْ بِغَصْبِ ثَوْبٍ) مَثَلًا (لَمْ يَصِفَاهُ لَغَتْ) شَهَادَتُهُمَا لِأَنَّ مِنْ شَأْنِ الْبَيِّنَةِ أَنْ تُبَيِّنَ مَا شَهِدَتْ بِهِ وَلِأَنَّهُ يُعْتَبَرُ مُوَافَقَتُهَا لِلْمُدَّعِي فِي دَعْوَاهُ وَلَيْسَتْ كَالْإِقْرَارِ إذْ يَشْتَرِطُ فِيهَا مَا لَا يُشْتَرَطُ فِيهِ (وَلَوْ ادَّعَى دَرَاهِمَ مَجْهُولَةً قَالَ لَهُ الْقَاضِي بَيِّنْ أَقَلَّ مَا يَتَحَقَّقُ أَوْ) ادَّعَى (ثَوْبًا) مَجْهُولًا (لَمْ تُسْمَعْ) دَعْوَاهُ إذْ لَا وَجْهَ لِلْأَخْذِ بِالْأَقَلِّ مِنْ صِفَةِ ثَوْبٍ عَيَّنَهُ أَيْ عِنْدَهُ قَالَهُ الْأَصْلُ
الْمَسْأَلَةُ (الثَّالِثَةُ لَا يَمِينَ عَلَى مَنْ أَقَامَ بَيِّنَةً) بِمَا ادَّعَاهُ لِأَنَّهُ تَكْلِيفُ حُجَّةٍ بَعْدَ قِيَامِ حُجَّةٍ وَلِأَنَّهُ كَالطَّعْنِ فِي الشُّهُودِ وَلِظَاهِرِ قَوْله تَعَالَى {وَاسْتَشْهِدُوا شَهِيدَيْنِ} [البقرة: 282](إلَّا إنْ ادَّعَى الْخَصْمُ أَدَاءً) لِلْحَقِّ (أَوْ إبْرَاءً) مِنْهُ (أَوْ شِرَاءً) لَهُ (وَنَحْوَهُ) كَاتِّهَابِهِ وَقَبْضِهِ (قَبْلَ) إقَامَةِ (الْبَيِّنَةِ وَكَذَا بَعْدَهَا إنْ أَمْكَنَ) ذَلِكَ بِأَنْ مَضَى زَمَنُ إمْكَانِهِ (فَيَحْلِفُ) الْمُدَّعِي (عَلَى نَفْيِهِ) وَهُوَ أَنَّهُ مَا نَادَى مِنْهُ الْحَقَّ وَلَا أَبْرَأَهُ مِنْهُ وَلَا بَاعَهُ لَهُ وَلَا وَهَبَهُ إيَّاهُ (لَا) إنْ ادَّعَى (بَعْدَ الْحُكْمِ) حُدُوثَ ذَلِكَ قَبْلَهُ فَلَا يَحْلِفُ لِثُبُوتِ الْحَقِّ عَلَى خَصْمِهِ بِالْحُكْمِ وَهَذَا مَا صَحَّحَهُ فِي أَصْلِ الرَّوْضَةِ وَالرَّافِعِيِّ فِي الشَّرْحِ الصَّغِيرِ وَنَقَلَهُ فِي الْكَبِيرِ عَنْ الْبَغَوِيّ وَاخْتَارَ الْأَذْرَعِيُّ أَنَّهُ يَحْلِفُ لِأَنَّهُ لَوْ أَقَرَّ نَفْعَ خَصْمِهِ وَهُوَ مُقْتَضَى إطْلَاقِ الْمِنْهَاجِ كَأَصْلِهِ وَكَذَا اخْتَارَهُ الزَّرْكَشِيُّ قَالَ وَمَا نَقَلَهُ الرَّافِعِيُّ عَنْ الْبَغَوِيّ نُقِلَ عَنْهُ فِي بَابِ الْقَضَاءِ عَلَى الْغَائِبِ خِلَافُهُ قَالَ وَمَا نَقَلَهُ عَنْهُ هُنَا مِنْ تَصَرُّفِ الْبَغَوِيّ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ فِي فَتَاوِيهِ إنَّهُ الْأَصَحُّ عِنْدِي (تَنْبِيهٌ)
أَوْ رَدَّ عَلَى إطْلَاقِ الْأَدَاءِ مَا قَالُوهُ مِنْ أَنَّ الْأَجِيرَ عَلَى الْحَجِّ لَوْ قَالَ قَدْ حَجَجْتُ قَبْلَ قَوْلِهِ بِلَا بَيِّنَةٍ وَلَا يَمِينٍ وَقَدْ يَتَوَقَّفُ فِي قَبُولِ قَوْلِهِ وَلَا يَمِينٍ (وَإِنْ ادَّعَى عِلْمَهُ بِفِسْقِ الشُّهُودِ أَوْ كَذِبِهِمْ فَلَهُ تَحْلِيفُهُ) أَنَّهُ لَا يَعْلَمُ ذَلِكَ لِأَنَّهُ لَوْ أَقَرَّ بِهِ لَهُ لَنَفَعَهُ (وَكَذَا إنْ ادَّعَى) عَلَيْهِ بِكُلِّ مَا لَوْ أَقَرَّ بِهِ لَنَفَعَهُ كَأَنْ ادَّعَى (إقْرَارَهُ لَهُ بِكَذَا) أَيْ بِالْمُدَّعَى بِهِ (أَوْ) ادَّعَى عَلَيْهِ (وَقَدْ أَرَادَ تَحْلِيفَهُ أَنَّهُ قَدْ حَلَّفَهُ) مَرَّةً (قَبْلَهَا أَوْ سَأَلَ الْقَاذِفَ) وَقَدْ أَرَادَ الْمَقْذُوفُ حَدَّهُ (تَحْلِيفَ الْمَقْذُوفِ أَنَّهُ مَا زَنَى أَوْ) تَحْلِيفَ (وَارِثِهِ أَنَّهُ مَا عَلِمَهُ زَنَى فَلَهُ تَحْلِيفُهُ فِي الْكُلِّ) لَكِنْ مَحَلُّهُ فِي الثَّانِيَةِ إذَا ادَّعَى أَنَّهُ حَلَّفَهُ عِنْدَ قَاضٍ آخَرَ فَإِنْ ادَّعَى أَنَّهُ حَلَّفَهُ عِنْدَهُ فَإِنْ تَذَكَّرَهُ الْقَاضِي لَمْ يُحَلِّفْهُ وَإِلَّا حَلَّفَهُ كَمَا سَيَأْتِي فِي أَوَاخِرِ الْبَابِ الثَّالِثِ وَقَوْلُهُ فَلَهُ تَحْلِيفُهُ فِي الْكُلِّ إيضَاحٌ (وَلَا يَجُوزُ تَحْلِيفُ الْقَاضِي) وَلَا (الشُّهُودِ) وَإِنْ كَانَ يَنْفَعُ الْخَصْمَ تَكْذِيبُهُمَا أَنْفُسَهُمَا لِمَا مَرَّ أَنَّ مَنْصِبَهُمَا يَأْبَى التَّحْلِيفَ (وَفِي تَحْلِيفِهِ) أَيْ الْخَصْمِ (أَنَّهُ مَا أَبْرَأَهُ مِنْ هَذِهِ الدَّعْوَى وَجْهَانِ) أَحَدُهُمَا نَعَمْ لِأَنَّهُ لَوْ أَقَرَّ أَنَّهُ لَا دَعْوَى لَهُ عَلَيْهِ بَرِئَ وَثَانِيهُمَا لَا وَصَحَّحَهُ فِي الشَّرْحِ الصَّغِيرِ وَهُوَ مُقْتَضَى كَلَامِ الْأَصْلِ لِأَنَّ الْإِبْرَاءَ عَنْ الدَّعْوَى لَا مَعْنَى لَهُ إلَّا بِتَصَوُّرِ صُلْحٍ عَلَى إنْكَارٍ وَأَنَّهُ بَاطِلٌ (وَإِنْ قَالَ لِي بَيِّنَةِ دَافِعَةٌ) لِلْحَقِّ (اسْتَفْسَرَ إنْ كَانَ جَاهِلًا) لِأَنَّهُ قَدْ يَتَوَهَّمُ مَا لَيْسَ بِدَافِعٍ دَافِعًا بِخِلَافِ مَا إذَا كَانَ عَارِفًا (فَإِنْ عَيَّنَ جِهَةً) لِلدَّفْعِ مِنْ أَدَاءً أَوْ إبْرَاءٍ أَوْ غَيْرِهِ أُمْهِلَ ثَلَاثًا مِنْ الْأَيَّامِ (بِطَلَبِهِ) لِأَنَّهَا مُدَّةٌ قَرِيبَةٌ لَا يَعْظُمُ الضَّرَرُ فِيهَا وَمُقِيمُ الْبَيِّنَةِ يَحْتَاجُ إلَى مِثْلِهَا لِإِحْضَارِ الْبَيِّنَةِ وَاثْتِثْبَاتِهَا فِيمَا تَحَمَّلَتْهُ وَلَوْ عَادَ وَلَوْ بَعْدَ الثَّلَاثَةِ وَسَأَلَ الْقَاضِيَ تَحْلِيفَ الْمُدَّعِي عَلَى نَحْوِ الْإِبْرَاءِ أَجَابَهُ إلَيْهِ لِتَيَسُّرِهِ فِي الْحَالِ وَلَا يُكَلَّفُ تَوْفِيَةَ الدَّيْنِ أَوْ لَا بِخِلَافِ قَوْلِهِ الْوَكِيلِ الْمُدَّعِي أَبْرَأَنِي مُوَكِّلُكَ حَيْثُ يُسْتَوْفَى مِنْهُ الْحَقُّ وَلَا يُؤَخَّرُ إلَى حُضُورِ الْمُوَكِّلِ وَحَلَّفَهُ لِعِظَمِ -
ــ
[حاشية الرملي الكبير]
(قَوْلُهُ وَكَذَا بَعْدَهَا) إنْ أَمْكَنَ فَإِنْ لَمْ يُمْكِنْ لَمْ يُلْتَفَتْ إلَيْهِ (قَوْلُهُ لِثُبُوتِ الْحَقِّ عَلَى خَصْمِهِ) أَيْ الْمُدَّعِي (قَوْلُهُ وَاخْتَارَ الْأَذْرَعِيُّ أَنَّهُ يَحْلِفُ إلَخْ) وَصَحَّحَهُ الْبُلْقِينِيُّ إلَّا أَنْ يُقِرَّ أَنَّهُ لَا مُطْعِنَ لَهُ وَلَا دَافِعَ فَيُؤَاخَذُ بِإِقْرَارِهِ وَلَوْ ذَكَرَ تَأْوِيلًا مِنْ نِسْيَانٍ وَنَحْوِهِ فَلَهُ التَّحْلِيفُ وَلَهُ نَظَائِرُ فِي الْمُرَابَحَةِ وَغَيْرِهَا وَيُسْتَثْنَى مِنْهُ مَا إذَا حَلَفَ الْمُدَّعِي قَبْلَ ذَلِكَ إمَّا مَعَ شَاهِدِهِ أَوْ يَمِينِ الِاسْتِظْهَارِ فَلَا يَحْلِفُ بَعْدَ هَذِهِ الدَّعْوَى وَفِي أَصْلِ الرَّوْضَةِ فِي الْقَضَاءِ عَلَى الْغَائِبِ عَنْ الْعِدَّةِ أَنَّهُ لَوْ ادَّعَى قَضَاءَ الدَّيْنِ وَسَأَلَ إحْلَافه أَنَّهُ لَمْ يَسْتَوْفِهِ لَمْ يَحْلِفْ لِأَنَّ الْقَاضِيَ الْكَاتِبَ قَدْ أَحْلَفَهُ قَالَ وَذَكَرَ الْبَغَوِيّ فِي مِثْلِهِ فِي دَعْوَى الْإِبْرَاءِ أَنَّهُ يُحَلِّفُهُ أَنَّهُ لَمْ يُبَرِّئْهُ فَحَصَلَ وَجْهَانِ قَالَ الْبُلْقِينِيُّ وَالْأَصَحُّ عِنْدِي بَلْ الصَّوَابُ مَا قَالَهُ فِي الْعُدَّةِ لِأَنَّ الْبَغَوِيّ يُصَحِّحُ فِي دَعْوَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ الْفَضَاءَ أَوْ الْإِبْرَاءَ بَعْدَ قَضَاءِ الْقَاضِي بِالْبَيِّنَةِ لِلْمُدَّعِي بِغَيْرِ حَلِفٍ أَنَّهُ لَا يَحْلِفُ الْمُدَّعِي فَكَيْفَ يُحَلِّفُهُ هُنَا (قَوْلُهُ قَبْلَ قَوْلِهِ بِلَا بَيِّنَةٍ وَلَا يَمِينَ) كَمَا لَوْ طَلَّقَ امْرَأَتَهُ ثَلَاثًا وَادَّعَتْ أَنَّهَا تَزَوَّجَتْ وَدَخَلَ بِهَا وَطَلَّقَهَا وَانْقَضَتْ عِدَّتُهَا قُبِلَ مِنْهَا وَلَا بَيِّنَةَ عَلَيْهَا وَلَا يَمِينَ (قَوْلُهُ وَثَانِيهُمَا لَا وَصَحَّحَهُ فِي الشَّرْحِ الصَّغِيرِ إلَخْ) وَهُوَ الْأَصَحُّ.
(فَرْعٌ) فِي يَدِهِ دَارٌ فَادَّعَاهَا آخَرُ فَقَالَ هَذِهِ دَارِي فَقَالَ نَعَمْ هِيَ دَارُك بِعْتنِيهَا وَأَقَامَ عَلَى الشِّرَاءِ بَيِّنَةً لَمْ تُقْبَلْ لِأَنَّهُ أَقَرَّ بِهَا لِلْمُدَّعِي فِي الْحَالِ وَقِيلَ تُقْبَلُ إذَا وَصَلَ بِهِ كَلَامَهُ لِأَنَّ الْعَادَةَ جَرَتْ بِأَنْ يُقَالَ هَذِهِ دَارُ فُلَانٍ اشْتَرَيْتهَا مِنْهُ أَيْ كَانَتْ دَارِهِ وَكَذَا لَوْ قَالَ دَارُ فُلَانٍ مِلْكِي هَلْ تُقْبَلُ دَعْوَاهُ وَجْهَانِ وَكَذَا لَوْ قَالَ أَشْهَدُ أَنَّ دَارَ فُلَانٍ هَذِهِ لِفُلَانٍ هَذَا ذَكَرَهُ شُرَيْحُ فِي رَوْضَتِهِ (قَوْلُهُ فَإِنْ عَيَّنَ جِهَةً أُمْهِلَ ثَلَاثًا) فَإِنْ أَحْضَرَهَا فَذَاكَ وَإِنْ أَحْضَرَ فِيهَا شَاهِدًا وَاحِدًا وَاسْتَظْهَرَ بِالثَّانِي اُنْتُظِرَ بِهِ ثَلَاثَةُ أَيَّامٍ مُسْتَقْبَلَةٍ وَلَوْ أَحْضَرَ فِيهَا شَاهِدَيْنِ وَلَمْ تَثْبُتْ عَدَالَتُهُمَا اُنْتُظِرَ بِهَا ثَلَاثًا لِأَنَّهُ اسْتِظْهَارٌ لِبَيِّنَةٍ فِي شَهَادَةٍ أُخْرَى (قَوْلُهُ وَمُقِيمُ الْبَيِّنَةَ يَحْتَاجُ لِمِثْلِهَا) قَالَ شَيْخُنَا لَكِنْ إنْ طَلَبَ الْمُدَّعِي تَوْثِقَةً فِي مُدَّةٍ الْإِمْهَالِ أُجِيبَ فَإِنْ احْضِرْ لَهُ بِكَفِيلٍ فَذَاكَ وَإِلَّا رَسَمَ عَلَيْهِ أَفْتَى بِهِ الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -
الضَّرَرِ بِالتَّأْخِيرِ (فَإِنْ لَمْ) يَأْتِ بِبَيِّنَةٍ ثُمَّ (ادَّعَى جِهَةً أُخْرَى بَعْدَ) انْقِضَاءِ (الْمُدَّةِ لَمْ يُمْهَلْ أَوْ فِي أَثْنَائِهَا سُمِعَتْ) دَعْوَاهُ وَإِذَا أَتَى بِبَيِّنَةٍ بَعْدَ الثَّلَاثِ وَلَمْ تُعَدَّلْ أُمْهِلَ ثَلَاثَةً لِلتَّعْدِيلِ نَقَلَهُ الْأَذْرَعِيُّ عَنْ الْمَاوَرْدِيِّ الْمَسْأَلَةُ
(الرَّابِعَةُ يُشْتَرَطُ فِي دَعْوَى الدَّمِ التَّفْصِيلُ) لَهَا (كَمَا سَبَقَ) فِي بَابِهَا (لَا فِي) دَعْوَى (عَقْدٍ مَالِيٍّ كَبَيْعٍ وَإِجَارَةٍ) فَلَا يُشْتَرَطُ تَفْصِيلُهَا (بَلْ يَصِفَهُ) فِيهَا (بِالصِّحَّةِ) فَقَطْ وَإِنْ كَانَ الْمَعْقُودُ عَلَيْهِ أَمَةً لِأَنَّ الْمَقْصُودَ مِنْهُ الْمَالُ وَهُوَ أَخَفُّ حُكْمًا مِنْ النِّكَاحِ وَلِهَذَا لَا يُعْتَبَرُ فِيهِ الْإِشْهَادُ بِخِلَافِ النِّكَاحِ وَقِيلَ لَا يُشْتَرَطُ وَصْفُهُ بِالصِّحَّةِ وَالتَّصْرِيحُ بِالتَّرْجِيحِ مِنْ زِيَادَتِهِ (وَيُشْتَرَطُ فِي) دَعْوَى (النِّكَاحِ) سَوَاءٌ ادَّعَى ابْتِدَاءَهُ أَوْ دَوَامَهُ (أَنْ يَقُولَ تَزَوَّجْتهَا بِوَلِيٍّ وَشَاهِدَيْنِ وَيَصِفُهُمْ بِالْعَدَالَةِ) وَيَصِفُ (الْمَرْأَةَ بِالرِّضَا) بِالنِّكَاحِ (حَيْثُ شُرِطَ) رِضَاهَا بِأَنْ كَانَتْ غَيْرَ مُجْبَرَةٍ (وَالْوَلِيَّ بِأَنَّهُ أَهْلُ الْوِلَايَةِ) إلَّا أَنْ تَكُونَ وِلَايَتُهُ بِالشَّوْكَةِ (وَالْعَقْدَ بِالصِّحَّةِ) لِلِاحْتِيَاطِ فِي النِّكَاحِ كَالدَّمِ قَالَ الْبُلْقِينِيُّ وَيُسْتَثْنَى مِنْ ذَلِكَ أَنْكِحَةُ الْكُفَّارِ فَيَكْفِي فِي الدَّعْوَى بِهَا أَنْ يَقُولَ هَذِهِ زَوْجَتِي وَإِنْ ادَّعَى اسْتِمْرَارَ نِكَاحِهَا بَعْدَ الْإِسْلَامِ ذَكَرَ مَا يَقْتَضِي تَقْرِيرَهُ حِينَئِذٍ لَا بُدَّ فِيهَا إذَا كَانَ سَفِيهًا أَوْ عَبْدًا مِنْ قَوْلِهِ نَكَحْتهَا بِإِذْنِ وَلِيٍّ أَوْ مَالِكِيٍّ أَمَّا دَعْوَى الْمَالِ فَيُكْتَفَى فِيهَا بِالْإِطْلَاقِ لِأَنَّ أَسْبَابَ تَحْصِيلِهِ لَا تَنْحَصِرُ فَيَشُقُّ ضَبْطُهَا وَأَفْهَمَ كَلَامُهُ مَا صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ تَعْيِينُ الْوَلِيِّ وَالشَّاهِدَيْنِ وَلَا التَّعَرُّضُ لِعَدَمِ الْمَوَانِعِ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُهَا وَلِكَثْرَتِهَا (وَيُشْتَرَطُ تَفْصِيلُ الشُّهُودِ) بِالنِّكَاحِ (كَذَلِكَ) تَبَعًا لِلدَّعْوَى (وَقِيلَ يُشْتَرَطُ عَدَمُ عِلْمِ الْفِرَاقِ) بِأَنْ يَقُولُوا وَلَا نَعْلَمُ أَنَّهُ فَارَقَهَا أَوْ هِيَ الْيَوْمَ زَوْجَتُهُ وَهَذَا نَقَلَهُ الْأَصْلُ عَنْ فَتَاوَى الْقَفَّالِ وَأَقَرَّهُ فَتَضْعِيفُ الْمُصَنِّفِ لَهُ مِنْ تَصَرُّفِهِ وَكَأَنَّهُ قَاسَهُ بِمَا يَأْتِي عَقِبَهُ لَكِنْ ذَاكَ فِي الشَّهَادَةِ بِالْإِقْرَارِ بِالنِّكَاحِ وَهَذَا فِي الشَّهَادَةِ بِنَفْسِ النِّكَاحِ وَبَيْنَهُمَا فَرْقٌ ظَاهِرٌ فَالْأَوْجَهُ أَنَّهُ صَحِيحٌ مَعْمُولٌ بِهِ (وَلَا يُشْتَرَطُ تَفْصِيلٌ فِي إقْرَارِهَا بِنِكَاحٍ) لِأَنَّهَا لَا تُقِرُّ إلَّا عَنْ تَحَقُّقٍ وَتَقَدَّمَ فِيهِ كَلَامٌ فِي النِّكَاحِ (وَلَا قَوْلُ شُهُودِهِ لَا نَعْلَمُهُ فَارَقَهَا) أَوْ هِيَ الْيَوْمَ زَوْجَتُهُ (وَيَتَعَرَّضُ) وُجُوبًا (فِي) دَعْوَى (نِكَاحِ الْأَمَةِ) مَعَ مَا مَرَّ (لِعَجْزِهِ عَنْ) مَهْرِ (الْحُرَّةِ وَخَوْفِ الْعَنَتِ) الْمُشْتَرَطَيْنِ فِي جَوَازِ نِكَاحِ الْأَمَةِ وَلِكَوْنِهَا مُسْلِمَةً إذَا كَانَ مُسْلِمًا وَلَوْ عَبْدًا لِأَنَّ الْفُرُوجَ يُحْتَاطُ لَهَا (وَالدَّعْوَى) بِالنِّكَاحِ (وَتَكُونُ) إمَّا (عَلَى الْمَرْأَةِ أَوْ عَلَى) وَلِيِّهَا (الْمُجَبِّرِ) بِنَاءً عَلَى صِحَّةِ إقْرَارِهِمَا بِهِ (وَقَدْ سَبَقَ) ذَلِكَ فِي مَسْأَلَةِ تَزْوِيجِ الْوَلِيَّيْنِ الْمَرْأَةَ شَخْصَيْنِ
الْمَسْأَلَةُ (الْخَامِسَةُ تُسْمَعُ دَعْوَى الْمَرْأَةِ النِّكَاحَ) بِالتَّفْصِيلِ كَمَا نَصَّ عَلَيْهِ فِي الْأُمِّ (وَلَوْ لَمْ تُطَالِبْ بِحَقٍّ) مِنْ حُقُوقِ النِّكَاحِ لِأَنَّ النِّكَاحَ وَإِنْ كَانَ حَقًّا لِلزَّوْجِ فَهُوَ مَقْصُودٌ لَهَا أَيْضًا فَتُثْبِتُهُ وَتَتَوَصَّلُ بِهِ إلَى حُقُوقِهَا (وَلَيْسَ إنْكَارُهُ) النِّكَاحَ (طَلَاقًا) بَلْ هُوَ كَسُكُوتِهِ فَتُقِيمُ الْبَيِّنَةَ وَحِينَئِذٍ (فَتُسَلَّمُ إلَيْهِ إنْ اعْتَرَفَ) بِالنِّكَاحِ بَعْدَ إنْكَارِهِ لَهُ وَيُشْبِهُ قَبُولَ رُجُوعِهِ عَنْ إنْكَارِهِ بِمَا إذَا قَالَتْ انْقَضَتْ عِدَّتِي قَبْلَ الرَّجْعَةِ ثُمَّ قَالَتْ غَلِطْت فَإِنَّهُ يُقْبَلُ رُجُوعُهَا (وَإِنْ حَلَفَ حَيْثُ لَا بَيِّنَةَ) لَهَا لَمْ يَلْزَمْهُ شَيْءٌ وَحِينَئِذٍ (فَلَهُ أَنْ يَنْكِحَ أُخْتَهَا) وَأَرْبَعًا سِوَاهَا (وَلَيْسَ لَهَا أَنْ تَنْكِحَ) زَوْجًا غَيْرَهُ وَإِنْ انْدَفَعَ النِّكَاحُ ظَاهِرًا (حَتَّى يُفَارِقَهَا) بِطَلَاقٍ أَوْ غَيْرِهِ (فَلْيَرْفِقْ بِهِ الْحَاكِمُ لِيَقُولَ إنْ كُنْت نَكَحْتهَا فَهِيَ طَالِقٌ) لِيَحِلَّ لَهَا النِّكَاحُ (وَإِنْ نَكَلَ) عَنْ الْيَمِينِ (حَلَفَتْ وَاسْتَحَقَّتْ الْمَهْرَ وَالنَّفَقَةَ) وَغَيْرَهُمَا مِنْ حُقُوقِ الزَّوْجِيَّةِ وَيُبَاحُ لِلزَّوْجِ وَطْؤُهَا فَقَدْ قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ إذَا حَلَفَتْ حَكَمَ لَهَا عَلَيْهِ بِالزَّوْجِيَّةِ وَحَلَّ لَهُ التَّمَتُّعَ بِهَا وَإِنْ أَنْكَرَ الْعَقْدَ إذْ لَا يَجُوزُ أَنْ يَحْكُمَ عَلَيْهِ بِالنِّكَاحِ وَيَحْكُمَ عَلَيْهِ بِتَحْرِيمِ التَّمَتُّعِ وَالظَّاهِرُ أَنَّ مُرَادَهُ جَوَازُ ذَلِكَ فِي الظَّاهِرِ أَوْ فِيمَا إذَا زَالَ عَنْهُ ظَنُّ حُرْمَتِهَا
(فَرْعٌ) لَوْ (ادَّعَى نِكَاحَ امْرَأَةٍ
ــ
[حاشية الرملي الكبير]
قَوْلُهُ نَقَلَهُ الْأَذْرَعِيُّ عَنْ الْمَاوَرْدِيِّ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ
(قَوْلُهُ بَلْ يَصِفُهُ فِيهَا بِالصِّحَّةِ) لَوْ تَبَايَعَ الْكُفَّارُ بُيُوعًا فَاسِدَةً وَتَقَابَضُوا إمَّا بِأَنْفُسِهِمْ أَوْ بِإِلْزَامِ حَاكِمِهِمْ أَمْضَيْنَاهَا عَلَى الْأَظْهَرِ (قَوْلُهُ وَالتَّصْرِيحُ بِالتَّرْجِيحِ مِنْ زِيَادَتِهِ) وَصَحَّحَهُ فِي الْوَسِيطِ وَقَضِيَّةُ كَلَامُ الرَّافِعِيِّ تَرْجِيحُهُ فَإِنَّهُ قَالَ وَقَوْلُهُ يَعْنِي فِي الْوَجِيزِ وَلَا بُدَّ مِنْ أَنْ يَدَّعِي بَيْعًا صَحِيحًا مُعَلَّمٌ بِالْوَاوِ وَجَزَمَ فِي الْأَنْوَارِ (قَوْلُهُ وَيُشْتَرَطُ فِي دَعْوَى النِّكَاحِ إلَخْ) شَمَلَ كَلَامُهُ الدَّعْوَى بِهِ عَلَى الْمَرْأَةِ وَوَلِيِّهَا فَتُسْمَعُ عَلَى الْأَبِ وَالْجِدِّ فِي الْبِكْرِ الصَّغِيرَةِ فَإِنْ أَقَرَّ فَذَاكَ وَإِنْ أَنْكَرَ حَلَفَ فَإِنْ نَكَلَ حَلَفَ الزَّوْجُ وَسُلِّمَتْ إلَيْهِ وَأَطْلَقَ الْبَغَوِيّ أَنَّهُ لَا تُسْمَعُ دَعْوَى نِكَاحِ ثَيِّبٍ صَغِيرَةٍ حَتَّى لَوْ ادَّعَى أَنِّي نَكَحْتهَا وَهِيَ بِكْرٌ فَالْمَذْهَبُ لَا تُسْمَعُ لِأَنَّهَا إنَّمَا تَكُونُ عَلَى الْأَبِ وَهُوَ لَا يَمْلِكُ الْعَقْدَ عَلَيْهَا لِأَنَّهَا ثَيِّبٌ فَلَا يُقْبَلُ إقْرَارُهُ عَلَيْهَا وَأَمَّا الدَّعْوَى عَلَى الْقَاضِي فِي إنْكَاحِهِ مَجْنُونَةٍ فَقَالَ الْقَاضِي حُسَيْنٌ تُسْمَعُ دَعْوَاهُ فَإِنْ أَقَرَّ بِهِ فَذَاكَ وَإِنْ أَنْكَرَ لَمْ يَحْلِفْ لِأَنَّ تَكْذِيبَهُ إنْكَارٌ لِلْقَضَاءِ وَهَذَا إذَا ادَّعَى أَنَّهُ نَكَحَهَا فَلَوْ ادَّعَى أَنَّهَا امْرَأَتُهُ لَمْ يَحْتَجْ إلَى أَنْ يَصِفَ الْعَقْدَ لِأَنَّهُ يَدَّعِي مِلْكَ الْبِضْعِ لَا النِّكَاحَ قَالَهُ ابْن أَبِي هُرَيْرَةَ فِي تَعْلِيقِهِ (قَوْلُهُ أَنْ يَقُولَ تَزَوَّجْتُهَا بِوَلِيٍّ) خَرَجَ بِالْوَلِيِّ مَالِكُ الْأَمَةِ فَيَقُولُ فِيهَا زَوَّجَنِيهَا مَالِكُهَا الَّذِي لَهُ إنْكَاحُهَا أَوْ مَنْ يَلِي أَمْرَ نِكَاحِهَا أَوْ وَلِيُّ مَالِكَتِهَا الْعَدْلِ بِإِذْنِ مَالِكَتِهَا لَهُ فِي ذَلِكَ أَوْ مُبَعَّضَةٌ بِوَلِيٍّ وَمَالِكٍ (قَوْلُهُ لِلِاحْتِيَاطِ فِي النِّكَاحِ) كَالدَّمِ وَلِأَنَّ النِّكَاحَ يَتَعَلَّقُ بِهِ حَقُّ الرَّبِّ وَحَقُّ الْآدَمِيِّ وَلِأَنَّ فِي شُرُوطِهِ خِلَافًا لِلْعُلَمَاءِ فَأَبُو حَنِيفَةَ لَا يَشْتَرِطُ الْوَلِيَّ وَمَالِكٌ لَا يَشْتَرِطُ الشُّهُودَ وَنَحْنُ لَا نَعْتَبِرُ رِضَا الْبِكْرِ الْبَالِغِ وَأَبُو حَنِيفَةَ يَعْتَبِرُهُ فَلِمَ يَجُزْ لِلْحَاكِمِ أَنْ يَحْكُمَ بِظَاهِرِ الدَّعْوَى حَتَّى يَعْلَمَ وُجُودَ الشَّرَائِطِ لِئَلَّا يَحْكُمَ بِصِحَّةِ مَا هُوَ خَطَأٌ عِنْدَهُ.
(قَوْلُهُ قَالَ الْبُلْقِينِيُّ وَيُسْتَثْنَى مِنْ ذَلِكَ أَنْكِحَةُ الْكُفَّارِ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ وَلَا يُشْتَرَطُ تَفْصِيلٌ فِي إقْرَارِهَا) أَيْ الْمُكَلَّفَةُ الْحُرَّةُ وَكَتَبَ أَيْضًا هُوَ مَحْمُولٌ عَلَى جَوَابِ دَعْوَى الزَّوْجِ نِكَاحِهَا (قَوْلُهُ وَيَتَعَرَّضُ فِي نِكَاحِ الْأَمَةِ) أَوْ مَنْ فِيهَا رِقٌّ
(قَوْلُهُ بِطَلَاقٍ أَوْ غَيْرِهِ) أَيْ مِنْ مَوْتٍ أَوْ فَسْخٍ بِاعْتِبَارِهِ عَلَى قَوْلِ الْبَغَوِيّ قَالَ الرَّافِعِيُّ وَلِيَكُنْ هَذَا مَبْنِيًّا عَلَى أَنَّ لِلْمَرْأَةِ أَنْ تَفَسَّخَ بِنَفْسِهَا (قَوْلُهُ وَالظَّاهِرُ أَنَّ مُرَادَهُ جَوَازُ ذَلِكَ إلَخْ) هُوَ كَذَلِكَ
تَحْتَ زَوْجٍ فَالدَّعْوَى عَلَيْهَا لَا عَلَيْهِ) لِأَنَّ الْحُرَّةَ لَا تَدْخُلُ تَحْتَ الْيَدِ وَهَذَا التَّعْلِيلُ جَرَى عَلَى الْغَالِبِ إذْ الْأَمَةُ كَالْحُرَّةِ فِي ذَلِكَ فَلَوْ قَالُوا لِأَنَّ الزَّوْجَةَ لَا تَدْخُلُ تَحْتَ يَدِ الزَّوْجِ كَانَ أَوْلَى (فَلَوْ تَعَارَضَتْ بَيِّنَتَاهُمَا) بِأَنْ أُرِّخَتَا بِتَارِيخٍ وَاحِدٍ أَوْ أُطْلِقَتَا أَوْ أُطْلِقَتْ إحْدَاهُمَا وَأُرِّخَتْ الْأُخْرَى (سَقَطَتَا) إذْ لَا تَرْجِيحَ لِإِحْدَاهُمَا عَلَى الْأُخْرَى فِي الْأُولَيَيْنِ وَلَا تَنَافِيَ بَيْنَهُمَا فِي الْأَخِيرَةِ لِاحْتِمَالِ تَوَافُقِهِمَا فِي التَّارِيخِ (وَإِنْ سَبَقَ تَارِيخٌ) لِأَحَدِهِمَا (قُدِّمَ السَّابِقُ) تَارِيخًا كَمَا لَوْ أَقَامَ كُلٌّ مِنْهُمَا بَيِّنَةً بِنِكَاحِ خَلِيَّةٍ (وَتُقَدَّمُ الْبَيِّنَةُ) بِالنِّكَاحِ (عَلَى بَيِّنَةِ إقْرَارِهَا) بِهِ (كَمَا لَوْ أَقَرَّ زَيْدٌ بِعَيْنٍ لِرَجُلٍ) فَأَقَامَ بَيِّنَةً بِذَلِكَ (وَأَقَامَ آخَرُ بَيِّنَةً أَنَّ زَيْدًا غَصَبَهَا مِنْهُ) فَإِنَّ الثَّانِيَةَ تُقَدَّمُ وَذَلِكَ لِأَنَّ بَيِّنَةَ النِّكَاحِ وَالْغَصْبِ تَشْهَدُ بِمُحَقَّقٍ وَبَيِّنَةَ الْإِقْرَارِ تَشْهَدُ بِإِخْبَارٍ يَحْتَمِلُ الصِّدْقَ وَالْكَذِبَ وَقَضِيَّتُهُ أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ تَقْدِيمِ بَيِّنَةِ النِّكَاحِ وَتَأْخِيرِهَا وَقَضِيَّةُ تَعْلِيلِ الْبَغَوِيّ بِأَنَّ إقْرَارَهَا بِالزَّوْجِيَّةِ بَعْدَ قِيَامِ الْبَيِّنَةِ عَلَيْهَا لِوَاحِدٍ لَا تُسْمَعُ أَنَّهُ لَوْ تَقَدَّمَتْ بَيِّنَةُ الْإِقْرَارِ قُدِّمَتْ وَبِهِ صَرَّحَ فِي فَتَاوِيهِ وَسَيَأْتِي نَقْلُهُ عَنْهُ قُبَيْلَ الْبَابِ السَّابِعِ (فَإِنْ أَقَرَّتْ لِأَحَدِهِمَا) بِالنِّكَاحِ (وَلَا بَيِّنَةَ) لِأَحَدِهِمَا (فَكَمَا سَبَقَ فِي النِّكَاحِ) فِيمَا لَوْ زَوَّجَهَا وَلِيَّانِ بِاثْنَيْنِ وَادَّعَى كُلٌّ مِنْهُمْ سَبْقَ نِكَاحِهِ (وَإِنْ ادَّعَتْ) ذَاتَ وَلَدٍ عَلَى رَجُلٍ (نِكَاحًا وَوَلَدًا مِنْهُ وَاعْتَرَفَ بِالْوَلَدِ) دُونَ النِّكَاحِ بِأَنْ قَالَ هُوَ وَلَدِي أَوْ وَلَدِي مِنْ غَيْرِهَا (لَمْ يَثْبُتْ النِّكَاحُ فَإِنْ قَالَ) هُوَ (وَلَدِي مِنْهَا لَزِمَهُ الْمَهْرُ فَقَطْ) لِأَنَّ الِاعْتِرَافَ بِالنَّسَبِ اعْتِرَافٌ بِالْإِصَابَةِ ظَاهِرًا وَهِيَ تَقْتَضِي الْمَهْرَ وَلَا تَحْمِلُ عَلَى اسْتِدْخَالِ الْمَاءِ لِأَنَّهُ نَادِرٌ (وَإِنْ أَقَرَّ) لَهَا (بِالنِّكَاحِ وَقَالَتْ كُنْت مُفَوِّضَةً لَزِمَهُ الْفَرْضُ) لَهَا (إنْ لَمْ يَطَأْهَا)(وَإِنْ وَطِئَهَا)(فَمَهْرُ الْمِثْلِ) وَإِنْ أَنْكَرَ النِّكَاحَ وَالنَّسَبَ صُدِّقَ بِيَمِينِهِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ
الْمَسْأَلَةُ (السَّادِسَةُ) لَوْ (ادَّعَى) شَخْصٌ (رِقَّ بَالِغٍ فَقَالَ أَنَا حُرُّ الْأَصْلِ) وَلَمْ يَسْبِقْ مِنْهُ إقْرَارٌ بِرِقٍّ (صُدِّقَ) بِيَمِينِهِ وَإِنْ تَدَاوَلَتْهُ الْأَيْدِي وَسَبَقَ مِنْ مُدَعِّي رِقِّهِ قَرِينَةٌ تَدُلُّ عَلَى الرِّقِّ ظَاهِرًا كَاسْتِخْدَامٍ وَإِجَارَةٍ قَبْلَ بُلُوغِهِ لِأَنَّ الْيَدَ وَالتَّصَرُّفَ إنَّمَا يَدُلَّانِ عَلَى الْمِلْكِ فِيمَا هُوَ مَالٌ فِي نَفْسِهِ وَهَذَا بِخِلَافِهِ لِأَنَّ الْأَصْلَ الْحُرِّيَّةُ وَخَرَجَ بِقَوْلِهِ أَنَا حُرُّ الْأَصْلِ مَا لَوْ قَالَ أَنَا عَتِيقٌ وَسَيَأْتِي وَمَا لَوْ قَالَ أَنَا عَبْدُ فُلَانٍ فَالْمُصَدَّقُ السَّيِّدُ لِاعْتِرَافِ الْعَبْدِ بِالرِّقِّ وَأَنَّهُ مَالٌ يَثْبُتُ عَلَيْهِ الْيَدُ وَالْيَدُ عَلَيْهِ لِلسَّيِّدِ فَلَا تَنْتَقِلُ بِدَعْوَاهُ بِخِلَافِهِ فِي مَسْأَلَتِنَا فَإِنَّهُ لَمْ يَعْتَرِفْ بِذَلِكَ وَالْأَصْلُ الْحُرِّيَّةُ (فَإِنْ حَلَفَ) الْبَالِغُ عَلَى نَفْيِ الرِّقِّ وَقَدْ اشْتَرَاهُ الْمُدَّعِي مِنْ غَيْرِهِ (رَجَعَ) الْمُدَّعِي (عَلَى بَائِعِهِ) بِالثَّمَنِ (وَلَوْ اعْتَرَفَ حَالَةَ الْخُصُومَةِ بِرِقِّهِ) وَقَالَ إنَّهُ ذَكَرَهُ عَلَى وَجْهِ الْخُصُومَةِ (أَوْ اعْتَمَدَ) فِي اعْتِرَافِهِ بِهِ (ظَاهِرَ الْيَدِ وَإِنْ قَالَ) الْبَالِغُ لِمَنْ هُوَ فِي يَدِهِ (أَعْتَقَنِي مَنْ بَاعَنِي) لَكَ أَوْ أَعْتَقَنِي (طُولِبَ بِالْبَيِّنَةِ) فَلَا يُقْبَلُ قَوْلُهُ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ الْإِعْتَاقِ (وَإِنْ ادَّعَى رِقَّ صَغِيرٍ فِي يَدِهِ) وَلَوْ مُمَيِّزًا (صُدِّقَ) إنْ لَمْ يَلْتَقِطْهُ كَمَا لَوْ ادَّعَى الْمِلْكَ فِي دَابَّةٍ أَوْ ثَوْبٍ فِي يَدِهِ وَلَا بُدَّ مِنْ يَمِينِهِ لِخَطَرِ شَأْنِ الْحُرِّيَّةِ (لَا إنْ الْتَقَطَهُ) فَلَا يُصَدَّقُ إلَّا بِبَيِّنَةٍ (فَإِنْ بَلَغَ) بِغَيْرِ تَصْدِيقِ مُدَّعِي رِقِّهِ (وَأَنْكَرَ) الرِّقَّ (لَمْ يُصَدَّقْ إلَّا بِبَيِّنَةٍ) لِسَبْقِ الْحُكْمِ بِالرِّقِّيَّةِ أَمَّا إذَا ادَّعَى رِقَّ صَغِيرٍ لَيْسَ فِي يَدِهِ فَلَا يُصَدَّقُ إلَّا بِبَيِّنَةٍ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ الْمِلْكِ (وَيَجُوزُ شِرَاءُ بَالِغٍ سَاكِتٍ) عَنْ اعْتِرَافِهِ بِالرِّقِّ وَعَنْ دَعْوَى الْحُرِّيَّةِ مِمَّنْ يَسْتَرِقُّهُ (عَمَلًا بِالْيَدِ) وَلِأَنَّ الظَّاهِرَ عَدَمُ اسْتِرْقَاقِ الْحُرِّ وَالْأَحْوَطُ أَنْ لَا يَشْتَرِيَ إلَّا بَعْدَ اعْتِرَافِهِ بِالرِّقِّ لِمَنْ يَبِيعُهُ خُرُوجًا مِنْ الْخِلَافِ فِي ذَلِكَ وَمَا نُقِلَ مِنْ تَحْرِيمِ وَطْءِ السَّرَارِي حَتَّى يُخَمَّسْنَ وَيُقَسَّمْنَ مَحْمُولٌ عَلَى تَحَقُّقِ سَبْيِهِنَّ
الْمَسْأَلَةُ (السَّابِعَةُ لَا تُسْمَعُ دَعْوَى بِدَيْنٍ مُؤَجَّلٍ) وَإِنْ كَانَ بِهِ بَيِّنَةٌ إذْ لَا يَتَعَلَّقُ بِهَا إلْزَامٌ وَمُطَالَبَةٌ فِي الْحَالِ وَلَا يُحَالُ عَلَى
ــ
[حاشية الرملي الكبير]
قَوْلُهُ وَقَضِيَّتُهُ أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ تَقْدِيمِ بَيِّنَةِ النِّكَاحِ وَتَأْخِيرِهَا) وَهُوَ كَذَلِكَ (قَوْلُهُ وَسَيَأْتِي نَقْلُهُ عَنْهُ قُبَيْلَ الْبَابِ السَّابِعِ) لَا مُخَالَفَةً بَيْنَهُمَا لِأَنَّ مَا سَيَأْتِي صُورَتُهُ أَنَّهَا أَقَرَّتْ لِشَخْصٍ بِأَنَّهُ نَكَحَهَا مِنْ سَنَةٍ وَأَقَامَ آخَرُ بَيِّنَةً أَنَّهُ نَكَحَهَا مِنْ شَهْرٍ (قَوْلُهُ لَزِمَهُ الْمَهْرُ فَقَطْ) فِي النَّفْسِ شَيْءٌ مِنْ وُجُوبِ الْمَهْرِ إذْ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ وَلَدَهُ وَلَا مَهْرَ لَهَا كَمَا لَوْ نَكَحَهَا رَشِيدَةً بِإِذْنِهَا وَهُوَ سَفِيهٌ بِغَيْرِ إذْنٍ وَمَكَّنَتْهُ مُخْتَارَةً فَلَا مَهْرَ لَهَا عَلَى الْمَذْهَبِ أَوْ كَانَتْ الْوَلَدِيَّةُ عَنْ اسْتِيلَادٍ ثُمَّ أَعْتَقَهَا فَادَّعَتْ أَنَّهُ نَكَحَهَا وَغَيْرُ ذَلِكَ وَالْأَصْلُ بَرَاءَةُ الذِّمَّةِ غ
(قَوْلُهُ بَالِغٌ) أَيْ عَاقِلٌ (قَوْلُهُ رَجَعَ عَلَى بَائِعِهِ بِالثَّمَنِ) وَلَوْ ادَّعَى الْبَائِعُ بَعْدَ الْحُكْمِ بِحُرِّيَّةِ الْعَبْدِ أَنَّهُ كَانَ أَقَرَّ عَلَى نَفْسِهِ بِالرِّقِّ لَا تُقْبَلُ وَقَدْ قَامَتْ الْبَيِّنَةُ عَلَى نَسَبِهِ وَحُرِّيَّةِ أَصْلِهِ فَلَا تُسْمَعُ الْبَيِّنَةُ بِإِقْرَارِهِ بِالرِّقِّ وَلَا لَهُ أَنْ يُحَلِّفَ الْمُشْتَرِي عَلَى ذَلِكَ وَلَا يَبْطُلُ حَقُّ الْمُشْتَرِي مِنْ الرُّجُوعِ بِالثَّمَنِ بِدَعْوَاهُ أَنَّ الْعَبْدَ كَانَ قَدْ أَقَرَّ بِالرِّقِّ (قَوْلُهُ فَلَا يُقْبَلُ قَوْلُهُ) لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ الْإِعْتَاقِ وَالْقَوْلُ قَوْلُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِيَمِينِهِ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِي يَدِهِ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْعَبْدِ لِأَنَّهُ يَدَّعِي سَلْطَنَةً عَلَيْهِ وَالْأَصْلُ عَدَمِهَا (قَوْلُهُ وَإِنْ ادَّعَى رِقَّ صَغِيرٍ فِي يَدِهِ أَوْ صَدَّقَهُ صَاحِبُ الْيَدِ) وَشَمَلَ كَلَامُهُ مَا إذَا عَرَفَ اسْتِنَادَ يَدِهِ لِسَبَبٍ مِنْ أَسْبَابِ الْمِلْكِ وَمَا إذَا لَمْ يَعْرِفْ اسْتِنَادَهَا لِذَلِكَ وَلَا لِالْتِقَاطٍ (قَوْلُهُ لَمْ يُصَدَّقُ إلَّا بِبَيِّنَةٍ) فَيُصَدَّقُ الْمُدَّعِي بِيَمِينِهِ وَاسْتَشْكَلَهُ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ بِأَنَّ الْأَصْلَ فِي النَّاسِ الْحُرِّيَّةُ وَإِنْ جَعَلْنَا الْقَوْلَ قَوْلَ الْبَالِغِ لِلْأَصْلِ وَالْغَلَبَةِ الدَّالِّينَ عَلَى حُرِّيَّتِهِ وَلَا يُعَارِضُهُمَا مُجَرَّدُ الِاسْتِخْدَامِ فَضْلًا عَنْ أَنْ يَتَرَجَّحَ عَلَيْهِمَا وَهُمَا مَوْجُودَانِ فِي حَقِّ الصَّبِيِّ وُجُودِهِمَا فِي حَقِّ الْبَالِغِ (قَوْلُهُ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ الْمِلْكِ) نَعَمْ أَنَّهُ صَدَّقَهُ ذُو الْيَدِ فَكَاَلَّذِي فِي يَدِهِ قَالَ الْبُلْقِينِيُّ وَالْأَرْجَحُ أَنَّهُ لَا يُعْتَبَرُ هُنَا أَنْ لَا يَعْرِفَ اسْتِنَادَهَا إلَى الْتِقَاطٍ وَالْكَبِيرُ الْمَجْنُونُ الَّذِي لَمْ يُكَلَّفْ فِي وَقْتٍ كَالصَّغِيرِ وَقَوْلُهُ وَالْأَرْجَحُ إلَخْ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ مَحْمُولٌ عَلَى تَحَقُّقِ سَبْيهِنَّ) نَوْعٌ مِنْ الْجَوَارِي وَالْعَبِيدِ يَجُوزُ شِرَاؤُهُ وَهُوَ مَا سَبَاهُ الْكُفَّارُ بَعْضُهُمْ مِنْ بَعْضٍ ثُمَّ يَبِيعُونَهُ مِنْ الْمُسْلِمِينَ فَإِنَّهُ يَصِحُّ لِأَنَّهُ لَا خُمْسَ عَلَى الْكُفَّارِ
(قَوْلُهُ الْمَسْأَلَةُ السَّابِعَةُ لَا تُسْمَعُ دَعْوَى بِدَيْنٍ مُؤَجَّلٍ) خَرَجَ الدَّعْوَى بِدَيْنِ حَالٍ عَلَى عَبْدٍ فَإِنَّهَا تُسْمَعُ وَإِنْ كَانَ لَا يُطَالَبُ بِهِ إلَّا بَعْدَ عِتْقِهِ إذَا أُرِيدَ إثْبَاتُهُ وَكَتَبَ أَيْضًا يُسْتَثْنَى مِنْهُ مَا إذَا ادَّعَى عَلَى الْقَاتِلِ بِقَتْلٍ خَطَأٍ أَوْ شِبْهِ عَمْدٍ فَإِنَّهَا تُسْمَعُ مَعَ أَنَّهُ إنَّمَا يُوجِبُ دِيَةً مُؤَجَّلَةٍ فَلَوْ ادَّعَى ذَلِكَ عَلَى الْعَاقِلَةِ لَمْ تُسْمَعْ جَزْمًا لِأَنَّهُ لَمْ يَتَحَقَّقْ لُزُومِهِ لِمَنْ ادَّعَى عَلَيْهِ بِهِ لِجَوَازِ مَوْتِهِ أَثْنَاءَ الْحَوْلِ أَوْ إعْسَارِهِ آخِرِهِ ذَكَرَهُ الْبُلْقِينِيُّ وَقَالَ لَمْ أَرَ مَنْ تَعَرَّضَ لَهُ