الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
النِّصَابِ (أَوْ) رَجَعَ (اثْنَانِ) مِنْهُمْ (حُدَّا) ؛ لِأَنَّهُمَا أَلْحَقَا بِهِ الْعَارَ (دُونَ الْبَاقِينَ) لِتَمَامِ النِّصَابِ مَعَ عَدَمِ تَقْصِيرِهِمْ (وَكَذَا لَوْ رَجَعَ وَاحِدٌ مِنْ أَرْبَعَةٍ حُدَّ وَحْدَهُ) سَوَاءٌ أَرَجَعَ بَعْدَ حُكْمِ الْقَاضِي بِالشَّهَادَةِ أَمْ قَبْلَهُ، وَلَوْ رَجَعَ الْأَرْبَعَةُ حُدُّوا؛ لِأَنَّهُمْ أَلْحَقُوا بِهِ الْعَارَ سَوَاءٌ تَعَمَّدُوا أَمْ أَخْطَئُوا؛ لِأَنَّهُمْ فَرَّطُوا فِي تَرْكِ التَّثَبُّتِ، صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ، وَتَرَكَهُ الْمُصَنِّفُ اكْتِفَاءً بِذِكْرِهِ لَهُ كَأَصْلِهِ فِي الشَّهَادَاتِ.
[كِتَابٌ السَّرِقَةُ]
[الْبَاب الْأَوَّلُ فِيمَا يُوجِبُ الْقَطْعَ]
(كِتَابٌ)(السَّرِقَةُ) بِفَتْحِ السِّينِ وَكَسْرِ الرَّاءِ وَيَجُوزُ إسْكَانُهَا مَعَ فَتْحِ السِّينِ وَكَسْرِهَا وَيُقَالُ أَيْضًا السَّرِقُ بِكَسْرِ الرَّاءِ وَسَرَقَ مِنْهُ مَالًا يَسْرِقُ سَرَقًا بِالْفَتْحِ وَرُبَّمَا قَالُوا سَرَقَهُ مَالًا وَالْأَصْلُ فِي الْقَطْعِ بِهَا قَبْلَ الْإِجْمَاعِ قَوْله تَعَالَى {وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا} [المائدة: 38] وَغَيْرُهُ مِمَّا يَأْتِي. وَهِيَ لُغَةً أَخْذُ الْمَالِ خُفْيَةً وَشَرْعًا أَخْذُهُ خُفْيَةً مِنْ حِرْزِ مِثْلِهِ بِشُرُوطٍ تَأْتِي (وَفِيهِ ثَلَاثَةُ أَبْوَابٍ الْأَوَّلُ فِيمَا يُوجِبُ الْقَطْعَ) وَهُوَ السَّرِقَةُ (وَلَهُ ثَلَاثَةُ أَرْكَانٍ)
مَسْرُوقٌ وَسَرِقَةٌ وَسَارِقٌ (الْأَوَّلُ الْمَسْرُوقُ وَلَهُ سِتَّةُ شُرُوطٍ الْأَوَّلُ النِّصَابُ) وَهُوَ رُبْعُ دِينَارٍ أَوْ مَا يُقَوَّمُ بِهِ (فَيُقْطَعُ بِرُبْعِ دِينَارٍ وَهُوَ) أَيْ الدِّينَارُ الْمَضْرُوبُ وَوَصَفَ الدِّينَارَ بِقَوْلِهِ (خَالِصٌ) أَيْ فَيُقْطَعُ بِرُبْعِ دِينَارٍ خَالِصٍ (أَوْ مَغْشُوشٍ خَالِصُهُ نِصَابٌ وَإِنْ كَانَ) الرُّبْعُ (لِجَمَاعَةٍ) لِخَبَرِ مُسْلِمٍ «لَا تُقْطَعُ يَدُ سَارِقٍ إلَّا فِي رُبْعِ دِينَارٍ فَصَاعِدًا وَالدِّينَارُ الْمِثْقَالُ» وَقِيسَ بِالرُّبْعِ مَا يُسَاوِيهِ فِي الْقِيمَةِ حَالَ السَّرِقَةِ سَوَاءٌ أَكَانَ دَرَاهِمَ أَمْ لَا فَلَوْ سَرَقَ شَيْئًا يُسَاوِي رُبْعَ مِثْقَالٍ مِنْ غَيْرِ الْمَضْرُوبِ كَسَبِيكَةٍ وَحُلِيٍّ وَلَا يَبْلُغُ رُبْعًا مَضْرُوبًا أَوْ بِالْعَكْسِ فَلَا قَطْعَ بِهِ كَمَا ذَكَرَهُ بِقَوْلِهِ (لَا سَبِيكَةٍ) بِالْجَرِّ عَطْفًا عَلَى رُبْعِ (تَنْقُصُ قِيمَتُهُ) عَنْ رُبْعِ دِينَارٍ وَإِنْ كَمُلَتْ وَزْنًا نَظَرًا إلَى الْقِيمَةِ فِيمَا هُوَ كَالْعَرْضِ، وَغَيْرُ السَّبِيكَةِ مِنْ حُلِيٍّ وَنَحْوِهِ مِثْلُهَا كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ (وَ) لَا (خَاتَمٍ يَنْقُصُ وَزْنًا وَإِنْ زَادَتْ قِيمَتُهُ) نَظَرًا إلَى الْوَزْنِ وَهَذَا مَا صَحَّحَهُ فِي أَصْلِ الرَّوْضَةِ.
وَقَالَ الْإِسْنَوِيِّ إنَّهُ غَلَطٌ فَاحِشٌ لِأَنَّهُ سَوَّى بَيْنَ هَذِهِ وَاَلَّتِي قَبْلَهَا فِي تَصْحِيحِ عَدَمِ الْقَطْعِ ثُمَّ عَقَّبَهُ بِقَوْلِهِ وَالْخِلَافُ فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ رَاجِعٌ إلَى أَنَّ الِاعْتِبَارَ بِالْوَزْنِ أَوْ بِالْقِيمَةِ وَقَالَ الْبُلْقِينِيُّ لَيْسَ بِغَلَطٍ بَلْ هُوَ فِقْهٌ مُسْتَقِيمٌ وَإِنْ لَمْ يُعْطِهِ كَلَامُ الرَّافِعِيِّ فَإِنَّ الْوَزْنَ فِي الذَّهَبِ لَا بُدَّ مِنْهُ وَهَلْ يُعْتَبَرُ مَعَهُ إذَا لَمْ يَكُنْ مَضْرُوبًا أَنْ تَبْلُغَ قِيمَتُهُ رُبْعَ دِينَارٍ وَمَضْرُوبٌ فِيهِ الْخِلَافُ الَّذِي فِي السَّبِيكَةِ فَأَمَّا إذَا نَقَصَ الْوَزْنُ وَلَكِنْ قِيمَتُهُ تُسَاوِي رُبْعَ دِينَارٍ مَضْرُوبٍ فَهَذَا يَضْعُفُ فِيهِ الِاكْتِفَاءُ بِالْقِيمَةِ فَاسْتَقَامَ مَا ذَكَرَهُ فِي الرَّوْضَةِ وَمَا ذَكَرَهُ الرَّافِعِيُّ فِيهِ إلْبَاسٌ وَكَانَ اللَّائِقُ أَنْ يُنَبِّهَ عَلَيْهِ صَاحِبُ الرَّوْضَةِ انْتَهَى وَبِذَلِكَ عُلِمَ أَنَّهُ لَا بُدَّ فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ مِنْ النَّظَرِ إلَى الْوَزْنِ وَالْقِيمَةِ مَعًا (وَغَيْرُ ذَلِكَ) مِنْ الْعُرُوضِ وَالدَّرَاهِمِ (يُقَوَّمُ بِذَهَبٍ) أَيْ بِدَنَانِيرَ نَعَمْ إنْ لَمْ تُعْرَفْ قِيمَتُهُ بِالدَّنَانِيرِ قُوِّمَ بِالدَّرَاهِمِ ثُمَّ قُوِّمَتْ الدَّرَاهِمُ بِالدَّنَانِيرِ قَالَهُ الدَّارِمِيُّ.
فَلَوْ لَمْ يَكُنْ مَكَانَ السَّرِقَةِ دَنَانِيرُ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ فَالْمُتَّجَهُ اعْتِبَارُ الْقِيمَةِ فِي أَقْرَبِ الْبِلَادِ إلَيْهِ وَقَضِيَّةُ كَلَامِهِمْ أَنَّ سَبِيكَةَ الذَّهَبِ تُقَوَّمُ بِالدَّنَانِيرِ وَإِنْ كَانَ فِيهِ تَقْوِيمُ ذَهَبٍ بِذَهَبٍ خِلَافًا لِلدَّارِمِيِّ فِي قَوْلِهِ تُقَوَّمُ بِالدَّرَاهِمِ ثُمَّ يُقَوِّمُ الدَّرَاهِمَ بِالدَّنَانِيرِ وَلْيَكُنْ التَّقْوِيمُ بِالدَّنَانِيرِ (تَقْوِيمَ قَطْعٍ) مِنْ الْمُقَوِّمِينَ (لَا) تَقْوِيمَ (اجْتِهَادٍ) مِنْهُمْ (لِلْحَدِّ) أَيْ لِأَجْلِهِ فَلَا بُدَّ لِأَجْلِهِ مِنْ الْقَطْعِ بِذَلِكَ، فَلَوْ قَالُوا: نَظُنُّ أَنَّهُ يُسَاوِي رُبْعًا لَمْ يُحَدَّ بِهِ كَمَا عَبَّرَ بِهِ الْغَزَالِيُّ مَعَ أَنَّ الشَّهَادَةَ لَا تُقْبَلُ إلَّا بِالْقَطْعِ وَإِنْ كَانَ مُسْتَنَدُهَا الظَّنُّ، وَ (يُرَاعَى) فِي الْقِيمَةِ (الْمَكَانُ وَالزَّمَانُ) لِاخْتِلَافِهَا بِهِمَا. قَالَ الرَّافِعِيُّ: وَيَبْعُدُ أَنْ يُقَالَ تُعْتَبَرُ قِيمَةُ الْحِجَازِ أَوْ قِيمَةُ عَهْدِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم
(وَيُعْمَلُ) فِي دَعْوَى السَّرِقَةِ (إنْ اخْتَلَفَتْ بَيِّنَتَانِ بِالْأَقَلِّ) مِنْ الْقِيمَتَانِ (لِلْقَطْعِ) بَلْ وَلِلْمَالِ وَعِبَارَةُ الْأَصْلِ وَلَوْ شَهِدَ اثْنَانِ بِأَنَّهُ نِصَابٌ وَقَوَّمَهُ آخَرَانِ بِدُونِهِ فَلَا قَطْعَ وَيُؤْخَذُ فِي الْغُرْمِ بِالْأَقَلِّ (وَلَهُ الْحَلِفُ) فِيمَا لَوْ شَهِدَ اثْنَانِ بِسَرِقَةٍ فَقَوَّمَ أَحَدُهُمَا الْمَسْرُوقَ نِصَابًا وَالْآخَرُ دُونَهُ (مَعَ شَاهِدِ الْأَكْثَرِ لِلْمَالِ وَيُقْطَعُ بِدِينَارٍ) أَيْ بِسَرِقَةِ دِينَارٍ (ظَنَّهُ فَلْسًا) لِأَنَّهُ قَصَدَ سَرِقَةَ عَيْنِهِ وَلَا أَثَرَ لِظَنِّهِ وَلِأَنَّهُ أَخْرَجَ نِصَابًا
ــ
[حاشية الرملي الكبير]
كِتَابُ السَّرِقَةِ) (قَوْلُهُ بِفَتْحِ السِّينِ إلَخْ) وَيَتَعَدَّى بِالضَّمِيرِ وَاللَّامِ وَمِنْ كَالْهِبَةِ (قَوْلُهُ وَالْأَصْلُ فِي الْقَطْعِ بِهَا قَبْلَ الْإِجْمَاعِ قَوْله تَعَالَى إلَخْ) وَتَظَافَرَتْ الْأَحَادِيثُ عَلَيْهِ وَحِكْمَتُهُ صِيَانَةُ الْمَالِ عَنْ إتْلَافِهِ عَلَى وَجْهٍ لَا يَقُومُ عَلَيْهِ دَلِيلٌ وَلِهَذَا لَمْ يَقْطَعْ فِي الْغَصْبِ لِظُهُورِهِ قَالَ الْمُلْحِدُ
يَدٌ بِخَمْسِ مُئِينَ عَسْجَدٍ
…
وُدِيَتْ مَا بَالُهَا قُطِعَتْ فِي رُبْعِ دِينَارٍ
أَجَابَهُ السُّنِّيُّ صِيَانَةُ النَّفْسِ أَغْلَاهَا وَأَرْخَصَهَا
…
خِيَانَةُ الْمَالِ فَانْظُرْ حِكْمَةَ الْبَارِي
(قَوْلُهُ لِخَبَرِ مُسْلِمٍ «لَا تُقْطَعُ يَدُ سَارِقٍ» إلَخْ) وَخَبَرُ الْبُخَارِيِّ «تُقْطَعُ الْيَدُ فِي رُبْعِ دِينَارٍ فَصَاعِدًا أَوْ مَا قِيمَتُهُ رُبْعُ دِينَارٍ فَصَاعِدًا» (قَوْلُهُ لَا سَبِيكَةٍ) مِثْلُ السَّبِيكَةِ مَطْبُوعٌ لَا يُتَعَامَلُ بِهِ إذَا نَقَصَتْ قِيمَتُهُ عَنْ قِيمَةِ الْمَطْبُوعِ الرَّائِجِ (قَوْلُهُ وَقَالَ الْبُلْقِينِيُّ) وَتَبِعَهُ الزَّرْكَشِيُّ فِي الْخَادِمِ (قَوْلُهُ وَغَيْرُ ذَلِكَ يُقَوَّمُ بِذَهَبٍ) لَوْ كَانَ فِي الْبَلَدِ نَقْدَانِ مِنْ الذَّهَبِ الْخَالِصِ وَأَحَدُهُمَا أَغْلَى ثَمَنًا قُوِّمَ بِالْأَغْلَبِ زَمَنَ السَّرِقَةِ فَإِنْ اسْتَوَيَا فَهَلْ يُقَوَّمُ بِالْأَغْلَى دَرْءً لِلْقَطْعِ أَمْ بِالْأَرْدَأِ؛ فِيهِ وَجْهَانِ قَالَ شَيْخُنَا أَوْجَهُهُمَا أَوَّلُهُمَا كا وَبِعِبَارَةٍ أُخْرَى قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ لَوْ كَانَ فِي الْبَلَدِ نَقْدَانِ خَالِصَانِ مِنْ الذَّهَبِ، وَأَحَدُهُمَا أَعْلَى قِيمَةً مِنْ الْآخَرِ اُعْتُبِرَتْ الْقِيمَةُ بِالْأَغْلَبِ مِنْ دَنَانِيرِ الْبَلَدِ فِي زَمَانِ السَّرِقَةِ، فَإِنْ اسْتَوَيَا فَبِأَيِّهِمَا يُقَوَّمُ وَجْهَانِ أَحَدُهُمَا بِالْأَدْنَى اعْتِبَارًا بِعُمُومِ الظَّاهِرِ وَالثَّانِي بِالْأَعْلَى دَرْءً لِلْقَطْعِ بِالشُّبْهَةِ وَقَوْلُهُ وَالثَّانِي أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ نَعَمْ إنْ لَمْ تُعْرَفْ قِيمَتُهُ بِالدَّنَانِيرِ قُوِّمَ بِالدَّرَاهِمِ إلَخْ) قَالَ فِي الْأَنْوَارِ: وَالتَّقْوِيمُ بِالذَّهَبِ حَيْثُ كَانَ هُوَ غَالِبَ نَقْدِ الْبَلَدِ، فَإِنْ كَانَ الْغَالِبُ دَرَاهِمَ فَيُقَوَّمُ بِالدَّرَاهِمِ ثُمَّ الدَّرَاهِمُ بِالذَّهَبِ (قَوْلُهُ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ فَالْمُتَّجَهُ اعْتِبَارُ الْقِيمَةِ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ وَقَضِيَّةُ كَلَامِهِمْ أَنَّ سَبِيكَةَ الذَّهَبِ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ وَيُرَاعَى الْمَكَانُ وَالزَّمَانُ) أَيْ زَمَنُ إخْرَاجِهِ مِنْ الْحِرْزِ
مِنْ حِرْزِهِ بِقَصْدِ السَّرِقَةِ، وَالْجَهْلُ بِجِنْسِ الْمَسْرُوقِ وَقَدْرِهِ لَا يُؤَثِّرُ كَالْجَهْلِ بِصِفَتِهِ (وَكَذَا) يُقْطَعُ بِسَرِقَةِ (ظَرْفٍ ظَنَّهُ فَارِغًا) ، فَلَوْ سَرَقَ ثَوْبًا خَسِيسًا وَفِي جَيْبِهِ رُبْعُ دِينَارٍ أَوْ مَا يَبْلُغُ قِيمَتَهُ نِصَابًا وَلَمْ يَعْلَمْ بِالْحَالِ وَجَبَ الْقَطْعُ لِذَلِكَ (وَلَوْ أَخْرَجَ النِّصَابَ) مِنْ حِرْزِهِ (دَفَعَاتٍ قُطِعَ) وَإِنْ تَخَلَّلَ بَيْنَهُمَا اطِّلَاعُ الْمَالِكِ وَإِهْمَالُ إعَادَةِ الْحِرْزِ أَوْ اُشْتُهِرَ هَتْكُهُ لِأَنَّهُ أَخْرَجَ نِصَابًا مِنْ حِرْزٍ هَتَكَهُ فَأَشْبَهَ مَا لَوْ أَخْرَجَهُ دَفْعَةً وَاحِدَةً وَكَمَا لَوْ طَرَّ جَيْبَ إنْسَانٍ وَأَخَذَ مِنْهُ دِرْهَمًا فَدِرْهَمًا، وَلِأَنَّ فِعْلَ الشَّخْصِ مَبْنِيٌّ عَلَى فِعْلِهِ وَلِهَذَا لَوْ جَرَحَ ثُمَّ قَتَلَ دَخَلَ الْأَرْشُ فِي دِيَةِ النَّفْسِ بِخِلَافِ فِعْلِ غَيْرِهِ (لَا إنْ تَخَلَّلَ اطِّلَاعٌ) مِنْ الْمَالِكِ (أَوْ إحْرَازٌ) مِنْهُ صَوَابُهُ الْمُوَافِقُ لِأَصْلِهِ وَإِحْرَازٌ لِلْمَسْرُوقِ وَلَوْ بِإِعَادَةِ الْحِرْزِ فَلَا قَطْعَ، وَالْمَأْخُوذُ بَعْدَ الْإِحْرَازِ سَرِقَةٌ أُخْرَى، فَإِنْ كَانَ نِصَابًا قُطِعَ أَوْ دُونَهُ فَلَا لِانْفِصَالِ كُلِّ وَاحِدَةٍ عَنْ الْأُخْرَى، وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ عَبَّرَ بِأَوْ مُوَافَقَةً لِلْبُلْقِينِيِّ وَالزَّرْكَشِيِّ فِي أَنَّهُ لَا قَطْعَ فِيمَا إذَا تَخَلَّلَ أَحَدُهَا فَقَطْ (وَلَوْ فَتَحَ وِعَاءً أَوْ طَرَّ) أَيْ قَطَعَ (جَيْبًا فَانْثَالَ) بِالْمُثَلَّثَةِ؛ أَيْ انْصَبَّ مِمَّا فِيهِ مِنْ بُرٍّ أَوْ غَيْرِهِ (نِصَابٌ وَلَوْ شَيْئًا فَشَيْئًا قُطِعَ) وَإِنْ لَمْ يَأْخُذْهُ كَمَا لَوْ أَخْرَجَهُ بِيَدِهِ لِأَنَّهُ بِفِعْلِهِ هَتَكَ الْحِرْزَ وَأَخْرَجَ مِنْهُ نِصَابًا وَقَوْلُهُ أَوْ طَرَّ جَيْبًا دَاخِلٌ فِيمَا قَبْلَهُ (وَإِنْ أَخْرَجَ) بَعْضَ (ثَوْبٍ) مَثَلًا (مِنْ حِرْزٍ) وَتَرَكَ بَاقِيَةً فِيهِ (لَمْ يُقْطَعْ وَإِنْ كَثُرَتْ قِيمَتُهُ) أَيْ الْبَعْضِ الْمُخْرَجِ؛ لِأَنَّهُ مَالٌ وَاحِدٌ وَلَمْ يَتِمَّ إخْرَاجُهُ وَلِذَلِكَ لَوْ كَانَ طَرَفُ عِمَامَةِ الْمُصَلِّي عَلَى نَجَاسَةٍ لَمْ تَصِحَّ صَلَاتُهُ وَتَعْبِيرُهُ بِالْبَعْضِ أَعَمُّ مِنْ تَعْبِيرِ أَصْلِهِ بِالنِّصْفِ (وَلَوْ جَمَعَ نِصَابًا مِنْ بَذْرِ أَرْضٍ مُحْرَزَةٍ) كَأَنْ تَكُونَ بِجَنْبِ الْمَزَارِعِ (قُطِعَ) وَلَا يُقْبَلُ مَوْضِعَ كُلِّ حَبَّةٍ حِرْزٌ خَاصٌّ فَصَارَ كَمَا لَوْ أَخْرَجَ النِّصَابَ مِنْ حِرْزَيْنِ؛ لِأَنَّ الْأَرْضَ تُعَدُّ بُقْعَةً وَاحِدَةً، وَالْبَذْرُ فِيهَا كَأَمْتِعَةٍ فِي أَطْرَافِ الْبَيْتِ، فَإِنْ لَمْ تَكُنْ الْأَرْضُ مُحْرَزَةً لَمْ يُقْطَعْ
(وَلَا يُقْطَعُ الْمُشْتَرَكَانِ فِي الْإِخْرَاجِ) مِنْ حِرْزٍ (بِدُونِ نِصَابٍ) بَيِّنٍ أَيْ بِسَرِقَتِهِ وَيُقْطَعَانِ بِسَرِقَةِ نِصَابَيْنِ تَوْزِيعًا لِلْمَسْرُوقِ عَلَيْهِمَا بِالسَّوِيَّةِ فِي الشِّقَّيْنِ وَقَيَّدَ الْقَمُولِيُّ الشِّقَّ الثَّانِيَ بِمَا إذَا كَانَ كُلٌّ مِنْهُمَا يُطِيقُ حَمْلَ مَا يُسَاوِي نِصَابًا أَمَّا إذَا كَانَ أَحَدُهُمَا لَا يُطِيقُ ذَلِكَ، وَالْآخَرُ يُطِيقُ حَمْلَ مَا فَوْقَهُ فَلَا يُقْطَعُ الْأَوَّلُ وَخَرَجَ بِاشْتِرَاكِهِمَا فِي الْإِخْرَاجِ مَا لَوْ تَمَيَّزَا فِيهِ فَيُقْطَعُ مَنْ مَسْرُوقُهُ نِصَابٌ دُونَ مَنْ مَسْرُوقُهُ أَقَلُّ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ تَبَعًا لِلْأَذْرَعِيِّ، وَالظَّاهِرُ تَصْوِيرُ الْمَسْأَلَةِ بِمَا إذَا كَانَ كُلٌّ مِنْهُمَا مُسْتَقِلًّا، فَلَوْ كَانَ أَحَدُهُمَا صَبِيًّا أَوْ مَجْنُونًا لَا يُمَيِّزُ فَيُقْطَعُ الْمُكَلَّفُ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ الْمُخْرَجُ نِصَابَيْنِ؛ لِأَنَّ غَيْرَهُ كَآلَةٍ وَظَاهِرٌ أَنَّ مَحَلَّهُ إذَا أَذِنَ لَهُ الْمُكَلَّفُ بِقَرِينَةِ التَّعْلِيلِ
(وَإِنْ أَخَذَ نِصَابًا) مِنْ حِرْزٍ (وَأَتْلَفَ بَعْضَهُ فِي الْحِرْزِ) بِأَكْلٍ أَوْ غَيْرِهِ (لَمْ يُقْطَعْ) ؛ لِأَنَّهُ إتْلَافٌ لَا سَرِقَةٌ
(الشَّرْطُ الثَّانِي كَوْنُهُ) أَيْ الْمَسْرُوقِ (مِلْكَ الْغَيْرِ فَلَا يُقْطَعُ بِسَرِقَةِ مَالِهِ) الَّذِي بِيَدِ غَيْرِهِ (وَإِنْ كَانَ مَرْهُونًا وَلَا بِمَا سَرَقَهُ مَعَ مَالِهِ) أَوْ وَجَدَهُ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ (مِنْ حِرْزِ غَاصِبٍ) لِمَالِهِ الَّذِي وُضِعَ فِيهِ؛ لِأَنَّ لَهُ دُخُولَ الْحِرْزِ وَهَتْكَهُ لِأَخْذِ مَالِهِ بِخِلَافِ الْأَجْنَبِيِّ يُقْطَعُ بِذَلِكَ وَلَوْ سَرَقَهُ مَعَ الْمَغْصُوبِ (لَا) بِمَا سَرَقَهُ وَلَوْ مَعَ مَالِهِ (مِمَّنْ) أَيْ مِنْ حِرْزِ مَنْ (يَدُهُ) عَلَيْهِ (بِحَقٍّ) كَمِلْكٍ وَإِجَارَةٍ وَإِعَارَةٍ أَيْ فَيُقْطَعُ؛ لِأَنَّهُ لَا شُبْهَةَ لَهُ فِيمَا سَرَقَهُ بِخِلَافِ مَا لَوْ سَرَقَ مِمَّنْ يَدُهُ عَلَيْهِ بِغَيْرِ حَقٍّ كَغَصْبٍ سَوَاءٌ أَسَرَقَهُ مِنْهُ مَالِكُ الْحِرْزِ أَمْ غَيْرُهُ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ حِرْزًا لِغَاصِبِهِ وَلِمَالِكِهِ دُخُولُهُ وَذِكْرُ هَذِهِ هُنَا مِنْ زِيَادَتِهِ وَسَتَأْتِي مَعَ زِيَادَةٍ (وَلَوْ سَرَقَ مَا اشْتَرَاهُ) مِنْ يَدِ الْبَائِعِ (وَلَوْ قَبْلَ تَسْلِيمِ الثَّمَنِ) أَوْ فِي زَمَنِ الْخِيَارِ (أَوْ) سَرَقَ (مَا اتَّهَبَهُ قَبْلَ قَبْضِهِ لَمْ يُقْطَعْ) فِيهِمَا لِشُبْهَةِ الْمِلْكِ وَكَذَا لَوْ سَرَقَ مَا اشْتَرَاهُ مَالًا آخَرَ بَعْدَ تَسْلِيمِ الثَّمَنِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ (أَوْ) سَرَقَ شَخْصٌ (الْمُوصَى لَهُ بِهِ قَبْلَ الْمَوْتِ) أَيْ مَوْتِ الْمُوصِي (وَكَذَا بَعْدَهُ وَقَبْلَ
ــ
[حاشية الرملي الكبير]
قَوْلُهُ وَجَبَ الْقَطْعُ لِذَلِكَ) لِأَنَّهُ أَخْرَجَ نِصَابًا مِنْ حِرْزِهِ عَلَى قَطْعِ السَّرِقَةِ. وَالْجَهْلُ بِجِنْسِ الْمَسْرُوقِ وَقَدْرِهِ لَا يُؤَثِّرُ كَالْجَهْلِ بِصِفَتِهِ (قَوْلُهُ أَوْ اُشْتُهِرَ هَتْكُهُ) بِأَنْ عَلِمَ بِهِ الْمَالِكُ وَالنَّاسُ (قَوْلُهُ وَلِأَنَّ فِعْلَ الْإِنْسَانِ يَنْبَنِي عَلَى فِعْلِهِ) قَالَ الدَّارِمِيُّ فِي الِاسْتِذْكَارِ إذَا أَخَذَ نِصْفَ نِصَابٍ مِنْ حِرْزٍ وَنِصْفَهُ مِنْ آخَرَ فَلَا قَطْعَ إلَّا أَنْ يَكُونَا لِرَجُلٍ وَاحِدٍ اهـ مَا ذَكَرَهُ مِنْ الْقَطْعِ فِي الِاسْتِثْنَاءِ رَأْيٌ مَرْجُوحٌ لِأَنَّهُ إذَا أَخَذَهُ مِنْ حِرْزَيْنِ وَكَانَ نِصَابًا لَا قَطْعَ (قَوْلُهُ أَوْ إحْرَازٌ مِنْهُ) قَالَ الْأَذْرَعِيُّ لَا خَفَاءَ أَنَّ كُلَّ مُحْرَزٍ بِحَقٍّ كَالْمَالِكِ (قَوْلُهُ صَوَابُهُ الْمُوَافِقُ لِأَصْلِهِ وَإِحْرَازٌ) هُوَ كَذَلِكَ فِي نُسْخَةٍ فَأَوْ فِي النُّسْخَةِ الْأُولَى بِمَعْنَى الْوَاوِ
(قَوْلُهُ وَقَيَّدَ الْقَمُولِيُّ الشِّقَّ الثَّانِيَ إلَخْ) هَذَا مَمْنُوعٌ لِثُبُوتِ اشْتِرَاكِهِمَا فِي إخْرَاجِهِ فَهُمَا مُتَنَاصِفَانِ فِيهِ وَلَا نَظَرَ إلَى الْإِطَاقَةِ الْمَذْكُورَةِ (قَوْلُهُ وَالظَّاهِرُ تَصْوِيرُ الْمَسْأَلَةِ بِمَا إذَا كَانَ كُلٌّ مِنْهُمَا مُسْتَقِلًّا) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ لِأَنَّ غَيْرَهُ كَالْآلَةِ) قَالَ الْأَذْرَعِيُّ إذَا كَانَ قَدْ أَمَرَهُ بِهِ أَوْ أَكْرَهَهُ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ وَظَاهِرُ أَنَّ مَحَلَّهُ إذَا أَذِنَ لَهُ الْمُكَلَّفُ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ
(قَوْلُهُ مَعَ مَالِهِ) أَيْ مُصَاحِبًا لَهُ فِي ذَلِكَ الْحِرْزِ فَيَشْمَلُ مَا إذَا سَرَقَهُ وَحْدَهُ (قَوْلُهُ أَوْ وَحْدَهُ) كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ لَوْ غَصَبَ مَالًا أَوْ سَرَقَهُ وَوَضَعَهُ فِي حِرْزِهِ فَجَاءَ مَالِكُ الْمَالِ وَسَرَقَ مِنْ ذَلِكَ الْحِرْزِ مَالًا لِلْغَاصِبِ أَوْ السَّارِقِ فَلَا قَطْعَ عَلَى الْأَصَحِّ قَالَ الْبُلْقِينِيُّ هَذَا مُخَالِفٌ لِمَا ذَكَرَهُ قَبْلَ ذَلِكَ فِي صُورَةِ الْمُرْتَهِنِ وَالْمُسْتَأْجِرِ وَعَامِلِ الْقِرَاضِ مِنْ أَنَّهُ إذَا أَخَذَ مَعَ مَالِهِ نِصَابًا قُطِعَ مَعَ أَنَّ الْحِرْزَ لِلْمَالِكِ هُتِكَ فِي الْمَوْضِعَيْنِ، فَإِنْ أُجِيبَ بِأَنَّهُ لَيْسَ لَهُ هَتْكُهُ فِي تِلْكَ الصُّورَةِ وَإِنَّمَا سَقَطَ الْقَطْعُ لِأَنَّهُ أَخَذَ مِلْكَهُ وَأَمَّا فِي الْغَصْبِ وَالسَّرِقَةِ فَإِنَّ لَهُ هَتْكَ الْحِرْزِ فَلِهَذَا لَمْ يُقْطَعْ بِأَخْذِ غَيْرِهِ عَلَى الْأَصَحِّ فَيَرُدُّ عَلَى هَذَا مَا ذُكِرَ فِي صُورَةِ الدَّيْنِ مِنْ أَنَّهُ إذَا أَخَذَ زِيَادَةً نِصَابًا لَا قَطْعَ عَلَى الْأَصَحِّ وَجَوَابُهُ أَنَّ السَّرِقَةَ فِي صُورَةِ الدَّيْنِ لَا تَقَعُ إلَّا نَابِعَةً بِخِلَافِ صُورَةِ الْمُسْتَأْجِرِ لَكِنْ يَرِدُ عَلَى هَذَا مَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ تَبَعًا لِأَصْلِهِ فِي صُورَةِ الْمُشْتَرِي سَرَقَ مَعَ الَّذِي اشْتَرَاهُ مَالًا آخَرَ مِنْ أَنَّهُ إنْ كَانَ بَعْدَ أَدَاءِ الثَّمَنِ فَلَا قَطْعَ عَلَى الْأَصَحِّ (قَوْلُهُ بَعْدَ تَسْلِيمِ الثَّمَنِ) مِثْلُهُ مَا إذَا كَانَ الثَّمَنُ مُؤَجَّلًا (قَوْلُهُ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ) لِأَنَّ لَهُ دُخُولَ الْحِرْزِ وَهَتْكَهُ لِأَخْذِ مَالِهِ فَالْمَسْرُوقُ غَيْرُ مُحْرَزٍ بِالنِّسْبَةِ إلَيْهِ فَقَوْلُ الْبُلْقِينِيِّ الصَّوَابُ الْجَزْمُ بِأَنَّهُ يُقْطَعُ بِهِ مَمْنُوعٌ