الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَيَكُونُ إعْتَاقُ الْبَعْضِ إعْتَاقًا لِلْكُلِّ وَالتَّصْرِيحُ بِالتَّرْجِيحِ مِنْ زِيَادَتِهِ.
(وَيَعْتِقُ الْحَمْلُ الْمَمْلُوكُ لَهُ) لَا لِغَيْرِهِ بِعِتْقِ أُمِّهِ (تَبَعًا لِلْأُمِّ وَلَوْ اسْتَثْنَاهُ) لِأَنَّهُ كَالْجُزْءِ مِنْهَا (وَلَا تَعْتِقُ الْأُمُّ) بِعِتْقِهِ (تَبَعًا لَهُ) لِأَنَّ الْأَصْلَ لَا يَتْبَعُ الْفَرْعَ، وَإِنَّمَا صَحَّ الْعِتْقُ فِي هَذِهِ وَفِي صُورَةِ الِاسْتِثْنَاءِ لِقُوَّتِهِ بِخِلَافِ نَظِيرِهِمَا فِي الْبَيْعِ، وَإِنَّمَا لَمْ يَتْبَعْهَا الْحَمْلُ إذَا كَانَ مَمْلُوكًا لِغَيْرِ مَالِكِهِ؛ لِأَنَّهُ لَا تَبَعِيَّةَ مَعَ اخْتِلَافِ الْمِلْكِ وَأَفَادَ بِقَوْلِهِ تَبَعًا أَنَّ الْحَمْلَ لَا يَعْتِقُ بِعِتْقِ أُمَّةِ سِرَايَةً؛ لِأَنَّهَا إنَّمَا تَكُونُ فِي الْأَشْقَاصِ لَا فِي الْأَشْخَاصِ وَإِلَّا لَتَبِعَتْ الْأُمُّ الْحَمْلَ فِي الْعِتْقِ وَمَحَلُّ صِحَّةِ إعْتَاقِ الْحَمْلِ وَحْدَهُ بَعْدَ نَفْخِ الرُّوحِ فِيهِ كَمَا يُعْلَمُ مِمَّا سَيَأْتِي أَوَاخِرَ الْبَابِ.
(وَلَوْ قَالَ) لِأَمَتِهِ (إنْ وَلَدْت فَوَلَدُك) أَوْ كُلُّ وَلَدٍ تَلِدِينَهُ (حُرٌّ فَوَلَدَتْ وَلَدًا عَتَقَ، وَإِنْ كَانَتْ حَائِلًا) عِنْدَ التَّعْلِيقِ؛ لِأَنَّهُ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ الْوَلَدُ حِينَئِذٍ فَقَدْ مَلَكَ الْأَصْلَ الْمُفِيدَ لِمِلْكِ الْوَلَدِ وَيُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّهُ لَوْ لَمْ يَمْلِكْ الْأُمَّ كَأَنْ أَوْصَى لَهُ بِحَمْلِهَا لَمْ يَعْتِقْ وَلَدُهَا إذَا كَانَتْ حَائِلًا عِنْدَ التَّعْلِيقِ وَهُوَ ظَاهِرٌ.
(وَإِنْ قَالَ) لَهَا (إنْ كَانَ أَوَّلُ مَنْ تَلِدِينَ ذَكَرًا فَهُوَ حُرٌّ أَوْ أُنْثَى فَأَنْت حُرَّةٌ فَوَلَدَتْهُمَا وَ) وَلَدَتْ (الذَّكَرَ أَوَّلًا عَتَقَ دُونَهُمَا أَوْ الْأُنْثَى أَوَّلًا رُقَّتْ) لِأَنَّ عِتْقَ الْأُمِّ طَرَأَ بَعْدَ مُفَارَقَتِهَا (وَعَتَقَتْ الْأُمُّ وَالذَّكَرُ) أَيْضًا (لِكَوْنِهِ فِي بَطْنِ عَتِيقَةٍ، وَإِنْ وَلَدَتْهُمَا مَعًا أَوْ جُهِلَ السَّابِقُ) مِنْهُمَا الْأَوْلَى السَّبَقُ (فَلَا عِتْقَ) إذْ لَا أَوَّلَ فِي الْأُولَى وَلِلشَّكِّ فِي الثَّانِيَةِ (وَإِنْ عُلِمَ سَبْقٌ) لِأَحَدِهِمَا (وَأَشْكَلَ) السَّابِقُ (عَتَقَ الذَّكَرُ) بِكُلِّ حَالٍ؛ لِأَنَّهُ إنْ سَبَقَ عَتَقَ بِالتَّعْلِيقِ أَوْ سَبَقَتْ هِيَ عَتَقَ بِتَبَعِيَّةِ الْأُمِّ (وَرُقَّتْ الْأُنْثَى) بِكُلِّ حَالٍ؛ لِأَنَّهُ إنْ سَبَقَ لَمْ يَعْتِقْ غَيْرُهُ أَوْ سَبَقَتْ لَمْ يَعْتِقْ بِتَبَعِيَّةِ الْأُمِّ لِتَأَخُّرِ عِتْقِهَا عَنْ مُفَارَقَتِهَا (وَالشَّكُّ فِي) عِتْقِ (الْأُمِّ) لِاحْتِمَالِ أَنَّهَا حُرَّةٌ لِسَبْقِ الْأُنْثَى وَأَنَّهَا رَقِيقَةٌ لِسَبْقِ الذَّكَرِ (فَيُؤْمَرُ) السَّيِّدُ (بِالْبَيَانِ فَإِنْ مَاتَ قَبْلَهُ رُقَّتْ) عَمَلًا بِالْأَصْلِ وَطَرْحًا لِلشَّكِّ، وَإِنَّمَا لَمْ يُقْرَعْ بَيْنَ الْوَلَدَيْنِ بِسَهْمِ رِقٍّ وَسَهْمِ عِتْقٍ لِتَبَيُّنِ حُرِّيَّةِ الْأُمِّ؛ لِأَنَّا شَكَكْنَا فِي عِتْقِهَا وَالْقُرْعَةُ لَا تُثْبِتُ مَشْكُوكًا فِيهِ، وَإِنَّمَا تُسْتَعْمَلُ فِي تَعْيِينِ مَا تَيَقَّنَّا أَصْلَهُ هَذَا إنْ وَلَدَتْ فِي صِحَّةِ السَّيِّدِ أَوْ فِي مَرَضِهِ وَوَفَّى الثُّلُثُ بِالْجَمِيعِ (فَإِنْ وَلَدَتْ فِي الْمَرَضِ وَهُوَ لَا يَمْلِكُ إلَّا هِيَ وَمَا وَلَدَتْ أَقْرَعَ بَيْنَ الذَّكَرِ وَأُمِّهِ فَإِنْ خَرَجَتْ لَهُ عَتَقَ) وَحْدَهُ (وَإِنْ وَسِعَهُ الثُّلُثُ، أَوْ لِأُمِّهِ قُوِّمَتْ حَامِلًا بِالْغُلَامِ يَوْمَ وَلَدَتْ الْجَارِيَةُ) وَمَحَلُّ الْإِقْرَاعِ وَالتَّقْوِيمِ يَكُونُ (بِفَرْضِ وِلَادَتِهَا أَوَّلًا وَيَعْتِقُ مِنْهَا وَمِنْ الْغُلَامِ قَدْرُ الثُّلُثِ فَإِنْ كَانَتْ قِيمَةُ الْأُنْثَى مِائَةً وَقِيمَةُ الْأُمِّ حَامِلًا بِالْغُلَامِ مِائَتَيْنِ فَإِنَّهُ يَعْتِقُ نِصْفُهَا وَنِصْفُهُ وَذَلِكَ مِائَةٌ وَيَبْقَى لِلْوَرَثَةِ النِّصْفَانِ) مُقَوَّمَانِ (بِمِائَةٍ وَالْأُنْثَى) مُقَوَّمَةٌ (بِمِائَةٍ) أُخْرَى.
[فَصْلٌ أَعْتَقَ الشَّرِيكُ نَصِيبَهُ مِنْ الرَّقِيقِ وَهُوَ مُعْسِرٌ]
(فَصْلٌ) لَوْ (أَعْتَقَ الشَّرِيكُ نَصِيبَهُ) مِنْ الرَّقِيقِ (وَهُوَ مُعْسِرٌ فَلَا سِرَايَةَ) فَيَبْقَى الْبَاقِي عَلَى مِلْكِ الشَّرِيكِ (أَوْ) وَهُوَ (مُوسِرٌ بِكُلِّهِ) أَيْ بِكُلِّ الْبَاقِي أَيْ بِقِيمَتِهِ (عَتَقَ كُلُّهُ) عَلَى الْمُعْتِقِ (أَوْ بِبَعْضِهِ فَبِحِصَّتِهِ) يَعْتِقُ (وَأَدَّى) لِشَرِيكِهِ (قِيمَةَ مَا عَتَقَ) مِنْ نَصِيبِهِ لِخَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ «مَنْ أَعْتَقَ شِرْكًا لَهُ فِي عَبْدٍ
ــ
[حاشية الرملي الكبير]
قَوْلُهُ وَيَعْتِقُ الْحَمْلُ الْمَمْلُوكُ لَهُ تَبَعًا لِلْأُمِّ) شَمِلَ مَا لَوْ قَالَ لَهَا أَنْت حُرَّةٌ بَعْدَ مَوْتِي قَالَ الْأَذْرَعِيُّ قِيَاسُ الْمَذْهَبِ أَنَّ مَوْضِعَ عِتْقَهُمَا جَمِيعًا إذَا وَقَعَ ذَلِكَ فِي مَرَضِ مَوْتِهِ وَالثُّلُثُ يَحْتَمِلُهُمَا، أَمَّا إذَا لَمْ يَحْتَمِلْ إلَّا الْأُمُّ فَقَطْ فَالظَّاهِرُ نَظَرًا لَا نَقْلًا أَنَّهَا تَعْتِقُ دُونَهُ كَمَا لَوْ قَالَ فِي مَرَضِ مَوْتِهِ إنْ أَعْتَقْت سَالِمًا فَغَانِمٌ حُرٌّ وَلَا يَحْتَمِلُ الثُّلُثُ إلَّا سَالِمًا وَلَا يَظْهَرُ فَرْقٌ بَيْن أَنْ يُرَتِّبَ هُوَ الْعِتْقَ أَوْ يُرَتِّبَهُ الشَّرْعُ عَلَى سَبِيلِ التَّبَعِيَّةِ فِي أَنَّهُ لَا يَعْتِقُ فِي هَذِهِ إلَّا الْأَوَّلُ فَقَطْ، وَلَوْ أَعْتَقَ مَنْ وَضَعَتْ إحْدَى التَّوْأَمَيْنِ وَالْآخَرُ مُجْتَنٍ عَتَقَ الثَّانِي دُونَ الْأَوَّلِ، وَقَوْلُهُ قِيَاسُ الْمَذْهَبِ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ.
(قَوْلُهُ وَيُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّهُ لَوْ لَمْ يَتَمَلَّكْ الْأُمَّ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ.
(قَوْلُهُ لَوْ أَعْتَقَ الشَّرِيكُ نَصِيبَهُ مِنْ الرَّقِيقِ إلَخْ) أَيْ لَوْ بِإِعْتَاقِ كُلِّهِ أَوْ بَعْضِ نَصِيبِهِ وَسَوَاءٌ أَكَانَ ذَلِكَ بِنَفْسِهِ أَمْ بِوَكِيلِهِ قَالَ الرُّويَانِيُّ، وَلَوْ اقْتَرَضَ الْمُعْسِرُ وَأَدَّى الْقِيمَةَ لَمْ يَكُنْ لِلشَّرِيكِ قَبُولُهَا وَاسْتَثْنَى الْبُلْقِينِيُّ مِنْ رِقِّ الْبَاقِي فِي الْمُعْسِرِ مَا إذَا بَاعَ شِقْصًا مِنْ رَقِيقٍ، ثُمَّ أَعْتَقَ الْبَاقِيَ فِي مُدَّةِ الْخِيَارِ فَإِنَّهُ يَسْرِي إلَى حِصَّةِ الْمُشْتَرِي، وَلَوْ كَانَ الْبَائِعُ مُعْسِرًا؛ لِأَنَّهُ لَوْ بَاعَهُ كُلَّهُ، ثُمَّ أَعْتَقَهُ فِي الْخِيَارِ نَفَذَ وَلَا يُقَالُ لِمَا سَرَى كَانَ فَسْخًا فَلَا شَرِكَةَ؛ لِأَنَّ الشَّرِكَةَ كَانَتْ قَائِمَةً وَلَكِنْ انْقَطَعَتْ بِالسِّرَايَةِ، وَكَذَا لَوْ اشْتَرَى ثَوْبًا بِشِقْصٍ مِنْ رَقِيقِهِ، ثُمَّ أَعْتَقَ الْبَاقِيَ عَلَى مِلْكِهِ قَبْلَ لُزُومِ الْبَيْعِ قَالَ وَيُجْرَى هَذَا فِي كُلِّ مُعَارَضَةٍ مَحْضَةٍ فِي حَالِ خِيَارِ الْمَجْلِسِ أَوْ الشَّرْطِ وَلَمْ أَرَ مَنْ تَعَرَّضَ لِذَلِكَ وَشَمِلَ كَلَامُ الْمُصَنِّفِ مَا لَوْ أَعْتَقَ الْكَافِرُ نَصِيبَهُ مِنْ الرَّقِيقِ الْمُسْلِمِ، وَلَوْ أَقَرَّ بِحُرِّيَّةِ عَبْدٍ فِي يَدِ غَيْرِهِ، ثُمَّ اشْتَرَى بَعْضَهُ وَهُوَ مُوسِرٌ فَهَلْ يَسْرِي؟ لَمْ أَرَ فِيهِ نَقْلًا وَيَتَّجِهُ أَنَّا إنْ قُلْنَا إنَّهُ شِرَاءٌ سَرَى أَوْ فِدَاءٌ فَلَا، وَلَوْ كَانَ الْعَبْدُ بَيْنَ اثْنَيْنِ فَبَاعَ أَحَدُهُمَا نَصِيبَهُ لِلْعَبْدِ فَهَلْ يَسْرِي عَلَيْهِ الْبَاقِي إذَا كَانَ مُوسِرًا بِهِ؟ يَتَّجِهُ بِنَاؤُهُ عَلَى أَنَّهُ عَقْدُ بَيْعٍ أَوْ عَتَاقَةٍ.
وَ (قَوْلُهُ أَوْ وَهُوَ مُوسِرٌ بِكُلِّهِ إلَخْ) ذَكَرَ الْبُلْقِينِيُّ صُوَرًا لَا يُعْتَبَرُ فِيهَا الْيَسَارُ بِقِيمَةِ نَصِيبِ الشَّرِيكِ بَلْ بِالثَّمَنِ الَّذِي تَوَاضَعَا عَلَيْهِ الْمُقَابِلُ لِمَحَلِّ السِّرَايَةِ مِنْهَا أَنْ يَبِيعَ بَعْضَ عَبْدِهِ وَيَلْزَمَ الْبَيْعُ، ثُمَّ يُعْتِقَ الْبَاقِيَ عَلَى مِلْكِهِ قَبْلَ الْقَبْضِ فَيَسْرِي إلَى الْحِصَّةِ الْمَبِيعَةِ إذَا كَانَ مُوسِرًا بِالثَّمَنِ الْمُقَابِلِ لَهَا وَحِينَئِذٍ فَيَنْفَسِخُ الْبَيْعُ؛ لِأَنَّ إتْلَافَ الْبَائِعِ قَبْلَ الْقَبْضِ كَآفَةٍ سَمَاوِيَّةٍ فِي الْأَصَحِّ وَيَعُودُ الثَّمَنُ إلَى الْمُشْتَرِي فَلَمْ يَعْتَبِرْ الْيَسَارَ بِالْقِيمَةِ؛ لِأَنَّهَا غَيْرُ وَاجِبَةٍ قَالَ وَيُقَاسُ بِهِ كُلُّ مُعَاوَضَةٍ عَقَدَ فِيهَا عَلَى شِقْصِ رَقِيقٍ، ثُمَّ أَعْتَقَ الْمَالِكُ الْبَاقِيَ (قَوْلُهُ وَأَدَّى لِشَرِيكِهِ قِيمَةَ مَا عَتَقَ مِنْ نَصِيبِهِ) عَبْدٌ بَيْنَ اثْنَيْنِ قِيمَتُهُ مِائَةٌ أَعْتَقَ أَحَدُهُمَا نَصِيبَهُ وَهُوَ مُوسِرٌ لَا يَضْمَنُ خَمْسِينَ بَلْ قِيمَةَ نِصْفِهِ إذَا بِيعَ مُنْفَرِدًا. قَالَ الْقَاضِي أَبُو الطَّيِّبِ وَهُوَ قِيمَةُ نِصْفٍ مُنْضَمٍّ لَا قِيمَةُ نِصْفٍ مُنْفَرِدٍ يَعْنِي نَاقِصٍ بِالتَّبْعِيضِ وَاسْتَثْنَى الْبُلْقِينِيُّ مَسَائِلَ لَا غُرْمَ فِيهَا عَلَى الْمُعْتِقِ مَعَ يَسَارِهِ مِنْهَا إذَا وَهَبَ الْأَصْلُ لِفَرْعِهِ شِقْصًا مِنْ رَقِيقٍ وَقَبَضَهُ، ثُمَّ أَعْتَقَ الْأَصْلُ الْبَاقِيَ عَلَى مِلْكِهِ فَإِنَّهُ يَسْرِي إلَى نَصِيبِ الْفَرْعِ مَعَ الْيَسَارِ وَلَا يَغْرَمُ لَهُ شَيْئًا عَلَى الْأَرْجَحِ وَمِنْهَا بَاعَ شِقْصًا مِنْ رَقِيقٍ، ثُمَّ حَجَرَ عَلَى الْمُشْتَرِي بِالْفَلَسِ فَأَعْتَقَ الْبَائِعُ نَصِيبَهُ فَإِنَّهُ يَسْرِي إلَى الْبَاقِي الَّذِي لَهُ الرُّجُوعُ فِيهِ
وَكَانَ لَهُ مَالٌ يَبْلُغُ ثَمَنَ الْعَبْدِ قُوِّمَ الْعَبْدُ عَلَيْهِ قِيمَةَ عَدْلٍ فَأَعْطَى شُرَكَاءَهُ حِصَصَهُمْ وَعَتَقَ عَلَيْهِ الْعَبْدُ وَإِلَّا فَقَدْ عَتَقَ مِنْهُ مَا عَتَقَ وَفِي رِوَايَةٍ مَنْ أَعْتَقَ شِرْكًا لَهُ فِي الْعَبْدِ وَكَانَ لَهُ مَالٌ يَبْلُغُ قِيمَةَ الْعَبْدِ فَهُوَ عَتِيقٌ وَفِي رِوَايَةٍ إذَا كَانَ الْعَبْدُ بَيْنَ اثْنَيْنِ فَأَعْتَقَ أَحَدُهُمَا نَصِيبَهُ وَكَانَ لَهُ مَالٌ فَقَدْ عَتَقَ كُلُّهُ» وَأَمَّا رِوَايَةُ «فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ مَالٌ قُوِّمَ الْعَبْدُ عَلَيْهِ قِيمَةَ عَدْلٍ، ثُمَّ اُسْتُسْعِيَ لِصَاحِبِهِ فِي قِيمَتِهِ غَيْرَ مَشْقُوقٍ عَلَيْهِ» فَمُدْرَجَةٌ فِي الْخَبَرِ كَمَا قَالَهُ الْحُفَّاظُ أَوْ مَحْمُولَةٌ عَلَى أَنَّهُ يُسْتَسْعَى لِشَرِيكِ الْمُعْتِقِ أَيْ يَخْدُمُهُ بِقَدْرِ نَصِيبِهِ لِئَلَّا يَظُنَّ أَنَّهُ يَحْرُمُ عَلَيْهِ اسْتِخْدَامُهُ.
(وَلِلسِّرَايَةِ شُرُوطٌ) أَرْبَعَةٌ (الْأَوَّلُ) وَفِي نُسْخَةٍ أَحَدُهُمَا (أَنْ يَكُونَ لَهُ يَوْمَ الْإِعْتَاقِ مَالٌ) يَفِي بِقِيمَةِ الْبَاقِي أَوْ بَعْضِهِ، وَإِنْ لَمْ يَمْلِكْ غَيْرَهُ كَمَا سَيَأْتِي وَيُبَاعُ فِيهَا مَا (يُبَاعُ فِي الدَّيْنِ) مِنْ مَسْكَنٍ وَخَادِمٍ وَغَيْرِهِمْ مِمَّا مَرَّ فِي التَّفْلِيسِ؛ لِأَنَّ قِيمَةَ نَصِيبِ شَرِيكِهِ تَصِيرُ كَالدَّيْنِ لِتَنَزُّلِ الْإِعْتَاقِ مَنْزِلَةَ الْإِتْلَافِ (فَيَسْرِيَ) الْعِتْقُ (وَإِنْ كَانَ) الْمُعْتِقُ (مَدْيُونًا وَاسْتَغْرَقَتْ الْقِيمَةُ مَالَهُ) لِأَنَّهُ مَالِكٌ لِمَا فِي يَدِهِ نَافِذٌ تَصَرُّفَهُ فِيهِ وَلِهَذَا لَوْ اشْتَرَى بِهِ عَبْدًا أَوْ أَعْتَقَهُ نَفَذَ فَكَذَا يَسْرِي فِيمَا ذُكِرَ (حَتَّى يُضَارِبَ الشَّرِيكُ) بِقِيمَةِ نَصِيبِهِ (مَعَ الْغُرَمَاءِ) فَإِنْ أَصَابَهُ بِالْمُضَارَبَةِ مَا يَفِي بِقِيمَةِ جَمِيعِ نَصِيبِهِ فَذَاكَ، وَإِلَّا أَخَذَ حِصَّتَهُ وَيَعْتِقُ جَمِيعُ الْعَبْدِ بِنَاءً عَلَى حُصُولِ السِّرَايَةِ بِنَفْسِ الْإِعْتَاقِ (كَمَنْ لَمْ يَجِدْ عَيْنَ مَالِهِ) الَّذِي كَانَ مَوْجُودًا عِنْدَ الْإِعْتَاقِ فَإِنَّهُ يَسْرِي إلَى الْبَاقِي أَوْ بَعْضِهِ، وَالتَّصْرِيحُ بِهَذَا مِنْ زِيَادَتِهِ (وَلَوْ قَالَ مَنْ يَمْلِكُ عَشَرَةً فَقَطْ لِأَحَدِ) الشَّرِيكَيْنِ (الْمُتَنَاصِفَيْنِ فِي عَبْدٍ قِيمَتُهُ عِشْرُونَ أَعْتِقْ نَصِيبَك) مِنْهُ (عَنِّي عَلَى هَذِهِ الْعَشَرَةِ فَفَعَلَ عَتَقَ) نَصِيبُهُ (عَنْهُ) أَيْ عَنْ الْمُسْتَدْعِي (وَلَا سِرَايَةَ) لِأَنَّهُ زَالَ مِلْكُهُ عَنْ الْعَشَرَةِ بِمَا جَرَى وَهُوَ لَا يَمْلِكُ غَيْرَهَا (أَوْ) قَالَ لَهُ (أَعْتِقْهُ) عَنِّي (عَلَى عَشَرَةٍ فِي ذِمَّتِي) فَفَعَلَ (عَتَقَ جَمِيعُهُ) بِنَاءً عَلَى حُصُولِ السِّرَايَةِ بِنَفْسِ الْإِعْتَاقِ وَأَنَّ الدَّيْنَ لَا يَمْنَعُهَا (وَتُقْسَمُ الْعَشَرَةُ بَيْنَ الشَّرِيكَيْنِ) بِالسَّوِيَّةِ، وَإِنَّمَا يَتَعَيَّنُ قَسْمُهَا بَعْدَ الْحَجْرِ (وَالْبَاقِي لَهُمَا) لِكُلٍّ مِنْهُمَا خَمْسَةٌ (فِي ذِمَّتِهِ) وَلَوْ كَانَتْ الْمَسْأَلَةُ بِحَالِهَا لَكِنَّ قِيمَةَ الْعَبْدِ عَشَرَةٌ عَتَقَ جَمِيعُهُ وَيَتَضَارَبُ الشَّرِيكَانِ فِي الْعَشَرَةِ ثَلَاثًا؛ لِأَنَّ الْمُسْتَدْعِيَ مِنْهُ يَسْتَحِقُّ عَشَرَةً وَالْآخَرُ قِيمَةَ نِصْفِهِ وَهِيَ خَمْسَةٌ وَلَوْ كَانَتْ بِحَالِهَا لَكِنَّ قِيمَةَ الْعَبْدِ ثَلَاثُونَ عَتَقَ مِنْهُ خَمْسَةُ أَسْدَاسِهِ النِّصْفُ بِالِاسْتِدْعَاءِ وَالْإِجَابَةِ وَالثُّلُثُ؛ لِأَنَّهُ مُوسِرٌ بِقِيمَةِ الثُّلُثِ وَيَتَضَارَبَانِ بِالْعَشَرَةِ بِالسَّوِيَّةِ ذَكَرَ ذَلِكَ الرَّافِعِيُّ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَقَضِيَّةُ كَلَامِ الشَّيْخَيْنِ هُنَا أَنَّهُ لَوْ كَانَ الْمُسْتَدْعَى مُوسِرًا بِقِيمَةِ الْجَمِيعِ سَرَى عَلَيْهِ قَطْعًا وَنَقَلَ الرَّافِعِيُّ أَوَاخِرَ الْبَابِ عَنْ الرُّويَانِيِّ مَا يُخَالِفُهُ وَضَرَبَ عَلَيْهِ النَّوَوِيُّ.
(وَلَوْ مَلَكَ) شَخْصٌ (نِصْفَيْ) وَفِي نُسْخَةٍ نِصْفَ (عَبْدَيْنِ قِيمَتُهُمَا سَوَاءٌ فَأَعْتَقَ نَصِيبَهُ مِنْهُمَا مَعًا وَهُوَ مُوسِرٌ بِقِيمَةِ نِصْفٍ) هَذَا أَوْلَى مِنْ قَوْلِ أَصْلِهِ بِنِصْفِ قِيمَةِ (وَاحِدٍ) مِنْهُمَا (عَتَقَ) نَصِيبُهُ مِنْهُمَا وَسَرَى إلَى نِصْفِ نَصِيبِ
ــ
[حاشية الرملي الكبير]
بِشَرْطِ الْيَسَارِ وَلَا يَغْرَمُ لَهُ شَيْئًا؛ لِأَنَّ عِتْقَهُ صَادَفَ مَا كَانَ لَهُ أَنْ يَرْجِعَ فِيهِ (قَوْلُهُ وَإِلَّا فَقَدْ عَتَقَ مِنْهُ مَا عَتَقَ) قَالَ الشَّافِعِيُّ وَزَادَ بَعْضُهُمْ وَرُقَّ مِنْهُ مَا رُقَّ وَأَخْرَجَهَا الدَّارَقُطْنِيُّ فِي سُنَنِهِ (قَوْلُهُ أَوْ مَحْمُولُهُ عَلَى أَنَّهُ يُسْتَسْعَى لِشَرِيكِهِ إلَخْ) وَيَتَعَيَّنُ ذَلِكَ جَمْعًا بَيْنَ الْأَحَادِيثِ
(قَوْلُهُ الْأَوَّلُ أَنْ يَكُونَ لَهُ يَوْمَ الْإِعْتَاقِ مَالٌ) الْمُرَادُ بِيَوْمِ الْإِعْتَاقِ وَقْتُ الْإِعْتَاقِ وَإِطْلَاقُ الْيَوْمِ جَرَى عَلَى الْغَالِبِ فِي أَنَّ قِيمَتَهُ لَا تَخْتَلِفُ فِي الْيَوْمِ الْوَاحِدِ أَوْ أُرِيدَ بِالْيَوْمِ الْقِطْعَةُ مِنْ الزَّمَانِ (قَوْلُهُ يُبَاعُ فِي الدَّيْنِ) ضَبَطَ ذَلِكَ الْبُلْقِينِيُّ بِضَابِطٍ آخَرَ لَمْ يُسْبَقْ إلَيْهِ فَقَالَ الْمُوسِرُ فِي السِّرَايَةِ مَنْ يَمْلِكُ مَا يُوَفِّي الْمَطْلُوبَ أَوْ شَيْئًا مِنْهُ عَيْنًا لَمْ يَتَعَلَّقْ بِهَا مَا سَيَذْكُرُ أَوْ دَيْنًا حَالًّا عَلَى مَلِيءٍ تَيَسَّرَ تَحْصِيلُهُ مِنْهُ، وَمَادَّةُ ذَلِكَ مَا ذُكِرَ فِي الزَّكَاةِ مِنْ وُجُوبِ الْإِخْرَاجِ وَعَدَمِ وُجُوبِهِ وَمَا فِيهِ قَوْلَانِ فَيَعُودَانِ هُنَا، وَفِي الْأُجْرَةِ قَبْلَ اسْتِيفَاءِ الْمَنْفَعَةِ قَوْلَانِ أَصَحُّهُمَا أَنَّهُ لَا يَجِبُ الْإِخْرَاجُ إلَّا عَنْ الْقَدْرِ الَّذِي تَقَرَّرَ، وَلَكِنَّ الْأَرْجَحَ هُنَا أَنَّهُ يُعَدُّ بِهِ مُوسِرًا وَيُوَفِّي بِهِ الدَّيْنَ؛ لِأَنَّ هَذَا فِي مُقَابَلَةِ مَا أَتْلَفَ فَتَعَلَّقَ بِمَا يَمْلِكُهُ الْمُتْلِفُ، وَإِنْ لَمْ يَسْتَقِرَّ مِلْكُهُ عَلَيْهِ بِخِلَافِ الزَّكَاةِ فَإِنَّ فِيهَا مَعْنَى الْمُوَاسَاةِ، وَإِنَّمَا يُوَاسِي مَنْ تَمَّ مِلْكُهُ قَالَ وَيَخْرُجُ مِنْ ذَلِكَ أَنَّ الْعَيْنَ إذَا كَانَتْ مَغْصُوبَةً بِحَيْثُ لَا يَقْدِرُ مَالِكُهَا عَلَى انْتِزَاعِهَا مِنْ الْغَاصِبِ لَا يُعَدُّ بِهَا مُوسِرًا فِي السِّرَايَةِ، وَكَذَا الضَّالُّ وَالْآبِقُ وَالدَّيْنُ عَلَى الْمُكَاتَبِ وَأَمَّا الْعَيْنُ الَّتِي تَعَلَّقَ بِهَا حَقُّ عِبَادَةٍ فَلَا يُعَدُّ بِهَا مُوسِرًا وَذَلِكَ فِي الْمَالِ الَّذِي تَعَلَّقَتْ بِهِ الطَّهَارَةُ بَعْدَ الْوَقْتِ، وَكَذَا مَا تَعَلَّقَ بِهِ حَقُّ رَهْنٍ مَقْبُوضٍ بِدَيْنٍ مُؤَجَّلٍ أَوْ جِنَايَةٍ تُوجِبُ مَالًا مُتَعَلِّقًا بِرَقَبَةِ الْعَبْدِ وَلَا فَضْلَةَ فِيهَا وَلَا فِي الرَّهْنِ بِدَيْنٍ حَالٍّ فَإِنْ كَانَ هُنَاكَ فَضْلَةٌ فَهُوَ مُوسِرٌ بِالْفَضْلِ بِالنِّسْبَةِ إلَى السِّرَايَةِ، وَكَذَا الْمَبِيعُ الَّذِي تَعَلَّقَ بِهِ حَقُّ الْحَبْسِ لِلْبَائِعِ، وَإِذَا كَانَتْ الْعَيْنُ غَائِبَةً بِحَيْثُ يَجُوزُ أَنْ يُعْطِيَ مِنْ الزَّكَاةِ فَإِنَّهُ لَا يُعَدُّ بِهَا مُوسِرًا، وَلَوْ كَانَتْ الْعَيْنُ السَّرِيَّةُ الَّتِي أَعَفَّ الْفَرْعُ أَصْلَهُ بِهَا وَحَجَرَ الْحَاكِمُ عَلَيْهَا فِيهَا فَإِنَّ الْأَصْلَ لَا يُعَدُّ بِهَا مُوسِرًا وَالرَّهْنُ الشَّرْعِيُّ كَالْوَضْعِيِّ بِدَيْنٍ حَالٍّ؛ لِأَنَّ الرَّهْنَ الشَّرْعِيَّ لَا يَكُونُ إلَّا بِدَيْنٍ حَالٍّ وَلَا يُعَدُّ مُوسِرًا بِالْأُجْرَةِ الْمُسْتَقْبَلَةِ فِي الْمَوْقُوفِ عَلَيْهِ وَالْمُسْتَوْلَدَةِ قَطْعًا، وَلَوْ أَمْكَنَ إجَارَتُهُ مُدَّةً بِمُعَجَّلٍ فَإِنَّهُ يَتَعَلَّقُ بِالْمُسْتَقْبَلِ لَا بِالْكَائِنِ عِنْدَ الْإِعْتَاقِ وَلَا نَظَرَ إلَى مَا ذَكَرَ فِي الْمُفْلِسِ؛ لِأَنَّ الدَّيْنَ يَتَعَلَّقُ بِذَلِكَ.
(قَوْلُهُ هَذَا أَوْلَى مِنْ قَوْلِ أَصْلِهِ بِنِصْفِ قِيمَةٍ) وَبَيْنَهُمَا فَرْقٌ فَإِنَّ نِصْفَ الْقِيمَةِ أَكْثَرُ مِنْ قِيمَةِ النِّصْفِ لِأَجْلِ التَّشْقِيصِ وَتَكَرَّرَ فِي كَلَامِ الرَّافِعِيِّ مَا يَقْتَضِي قِيمَةَ النِّصْفِ لَكِنَّهُ ضَرَبَ مِثَالًا فِي عَبْدٍ قِيمَتُهُ عِشْرُونَ، وَإِنَّمَا يَسْتَقِيمُ عَلَى إيجَابِ نِصْفِ الْقِيمَةِ وَفِي الْمُهَذَّبِ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ أَنَّ الْوَاجِبَ قِيمَةُ النِّصْفِ وَذَكَرَهُ الْقَاضِي أَبُو الطَّيِّبِ وَتَقَدَّمَ ذَلِكَ فِي الصَّدَاقِ قَالَ الْبُلْقِينِيُّ يُسْتَثْنَى مِنْ ذَلِكَ الصُّوَرُ السَّابِقَةُ فِي حَالِ الْخِيَارِ وَفِي حَالِ اللُّزُومِ فَإِنَّهُ لَيْسَ عَلَى الْمُعْتَقِ فِيهَا قِيمَةٌ مَعَ وُجُودِ السِّرَايَةِ وَيُضَافُ إلَيْهَا صُوَرٌ تَحْصُلُ فِيهَا السِّرَايَةُ وَلَا يَغْرَمُ فِيهَا الْمُعْتَقُ قِيمَةَ مَا ذُكِرَ. إحْدَاهَا إذَا وَهَبَ الْأَصْلُ لِفَرْعِهِ شِقْصًا مِنْ رَقِيقٍ وَقَبَضَهُ، ثُمَّ أَعْتَقَ الْأَصْلُ الْبَاقِيَ عَلَى مِلْكِهِ فَإِنَّهُ يَسْرِي إلَى نَصِيبِ الْفَرْعِ مَعَ الْيَسَارِ وَلَا يَغْرَمُ شَيْئًا عَلَى الْأَرْجَحِ، وَشَاهِدُهُ مَا لَوْ أَعْتَقَ الْأَصْلُ مَا وَهَبَهُ لِفَرْعِهِ فَإِنَّهُ يَكُونُ رَاجِعًا وَيَصِحُّ الْعِتْقُ عَلَى وَجْهٍ أَوْ رَاجِعًا وَلَا عِتْقَ عَلَى
شَرِيكِهِ مِنْ كُلِّ مِنْهُمَا فَيَعْتِقُ (مِنْ كُلٍّ) مِنْهُمَا (ثَلَاثَةُ أَرْبَاعِهِ أَوْ) أَعْتَقَهُ (مُرَتِّبًا عَتَقَا جَمِيعًا) لِمَا زَادَهُ بِقَوْلِهِ (لِأَنَّ الْأَوَّلَ عَتَقَ وَهُوَ يَمْلِكُ نِصْفَ قِيمَتِهِ، وَكَذَا الثَّانِي عَتَقَ وَمَعَهُ نِصْفُ قِيمَتِهِ) الْأَنْسَبُ بِمَا مَرَّ قِيمَةُ نِصْفِهِ (لَكِنْ قَدْ صَارَتْ قِيمَتُهُ) النِّصْفَ مِنْ (الْأَوَّلِ دَيْنًا، وَالدَّيْنُ لَا يَمْنَعُ السِّرَايَةَ وَيَصْرِفُ مَا فِي يَدِهِ إلَى شَرِيكِهِ وَالْبَاقِي فِي ذِمَّتِهِ، وَإِنْ أَعْتَقَ) أَحَدَ الشَّرِيكَيْنِ (الشِّقْصَيْنِ مَعًا وَلَا مَالَ لَهُ غَيْرُهُمَا عَتَقَا وَلَا سِرَايَةَ) لِأَنَّهُ مُعْسِرٌ (أَوْ) أَعْتَقَهُمَا (مُرَتِّبًا عَتَقَ كُلُّ الْأَوَّلِ) لِأَنَّ فِي نَصِيبِهِ مِنْ الثَّانِي وَفَاءً بِبَاقِي الْأَوَّلِ (وَ) عَتَقَ (نَصِيبُهُ مِنْ الثَّانِي) لِأَنَّ حَقَّ الشَّرِيكِ لَا يَتَعَيَّنُ فِيهِ بَلْ هُوَ فِي الذِّمَّةِ (بِلَا سِرَايَةٍ) ؛ لِأَنَّهُ مُعْسِرٌ.
(فَرْعٌ) لَوْ (أَعْتَقَ شَرِيكٌ نَصِيبَهُ) مِنْ عَبْدٍ (فِي مَرَضِ مَوْتِهِ وَخَرَجَ جَمِيعُ الْعَبْدِ مِنْ ثُلُثِ مَالِهِ قُوِّمَ عَلَيْهِ نَصِيبُ شَرِيكِهِ) وَعَتَقَ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّ تَصَرُّفَ الْمَرِيضِ فِي ثُلُثِ مَالِهِ كَتَصَرُّفِ الصَّحِيحِ فِي الْجَمِيعِ (، وَإِنْ لَمْ يَخْرُجْ مِنْ الثُّلُثِ إلَّا نَصِيبُهُ عَتَقَ وَلَا سِرَايَةَ؛ لِأَنَّ الْمَرِيضَ فِيمَا زَادَ عَلَى الثُّلُثِ مُعْسِرٌ وَالثُّلُثُ يُعْتَبَرُ حَالَةَ الْمَوْتِ لَا) حَالَةَ (الْوَصِيَّةِ) حَتَّى لَوْ لَمْ يَفِ الثُّلُثُ بِجَمِيعِ الْعَبْدِ حَالَ إعْتَاقِهِ، ثُمَّ اسْتَفَادَ مَالًا وَوَفَّى عِنْدَ الْمَوْتِ سَرَى عِتْقُهُ إلَى جَمِيعِهِ.
(وَإِنْ أَعْتَقَ نِصْفَيْ عَبْدَيْنِ مُتَسَاوِيَيْ الْقِيمَةِ فِي مَرَضِ الْمَوْتِ فَإِنْ خَرَجَ الْعَبْدَانِ مِنْ الثُّلُثِ عَتَقَا) سَوَاءٌ أَعْتَقَهُمَا مَعًا أَوْ مُرَتِّبًا (وَعَلَيْهِ قِيمَةُ نِصْفِ) وَفِي نُسْخَةٍ نَصِيبِ (شَرِيكِهِ، وَإِنْ لَمْ يَخْرُجْ مِنْهُ إلَّا نَصِيبَاهُ فَأَعْتَقَهُمَا مَعًا عَتَقَا وَلَا سِرَايَةَ، وَإِنْ أَعْتَقَهُمَا مُرَتِّبًا عَتَقَ كُلُّ الْأَوَّلِ وَلَمْ يَعْتِقْ مِنْ الثَّانِي شَيْءٌ) لِأَنَّهُ لَزِمَهُ قِيمَةُ نَصِيبِ شَرِيكِهِ مِنْ الْأَوَّلِ وَصَارَ نَصِيبُهُ مِنْ الثَّانِي مُسْتَحَقَّ الصَّرْفِ إلَيْهِ (فَإِنْ خَرَجَ مِنْ الثُّلُثِ نَصِيبَاهُ وَنَصِيبُ أَحَدِ الشَّرِيكَيْنِ) الْأَوْلَى وَنَصِيبُ شَرِيكِهِ مِنْ عَبْدٍ (فَإِنْ أَعْتَقَهُمَا مُرَتِّبًا عَتَقَ كُلُّ الْأَوَّلِ وَ) عَتَقَ (نَصِيبُهُ مِنْ الثَّانِي فَقَطْ، وَإِنْ أَعْتَقَهُمَا مَعًا فَهَلْ يَعْتِقُ مِنْ كُلِّ وَاحِدٍ) مِنْهُمَا (ثَلَاثَةُ أَرْبَاعِهِ) نَصِيبَاهُ وَنِصْفُ نَصِيبِ الشَّرِيكِ مِنْ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا كَمَا لَوْ أَعْتَقَهُمَا فِي الصِّحَّةِ وَهُوَ مُوسِرٌ بِنَصِيبِ أَحَدِهِمَا (أَمْ يَقْرَعُ) بَيْنَهُمَا (فَمَنْ خَرَجَتْ قُرْعَتُهُ عَتَقَ كُلُّهُ وَعَتَقَ نَصِيبُهُ مِنْ الثَّانِي) فَقَطْ؛ لِأَنَّ الْقُرْعَةَ مَشْرُوعَةٌ فِي الْعِتْقِ وَلَا يُصَارُ إلَى التَّشْقِيصِ مَعَ إمْكَانِ التَّكْمِيلِ؟ (وَجْهَانِ) قَالَ الْبُلْقِينِيُّ رَجَّحَ الْقَاضِي أَبُو الطَّيِّبِ الْأَوَّلَ قُلْت وَقِيَاسُ مَا يَأْتِي تَرْجِيحُ الثَّانِي وَهُوَ الْأَوْجَهُ (وَإِنْ لَمْ يَخْرُجْ مِنْ الثُّلُثِ إلَّا أَحَدُ نَصِيبِهِ وَقَدْ أَعْتَقَهُمَا مَعًا أَقْرَعَ) بَيْنَهُمَا (فَمَنْ خَرَجَتْ قُرْعَتُهُ عَتَقَ مِنْهُ جَمِيعُ نَصِيبِهِ وَلَمْ يَعْتِقْ مِنْ الثَّانِي شَيْءٌ) قَالَ فِي الْأَصْلِ وَلَوْ أَعْتَقَ النَّصِيبَيْنِ وَلَا مَالَ لَهُ غَيْرُهُمَا قَالَ الشَّيْخُ أَبُو عَلِيٍّ إنْ أَعْتَقَهُمَا مُرَتِّبًا عَتَقَ ثُلُثَا نَصِيبِهِ مِنْ الْأَوَّلِ وَهُوَ ثُلُثُ جَمِيعِ مَالِهِ وَهُوَ ثُلُثُ ذَلِكَ الْعَبْدِ وَيَبْقَى لِلْوَرَثَةِ سُدُسُهُ مَعَ نِصْفِ الْآخَرِ، وَإِنْ أَعْتَقَهُمَا مَعًا وَمَاتَ أَقْرَعَ بَيْنَهُمَا فَمَنْ خَرَجَتْ قُرْعَتُهُ عَتَقَ مِنْهُ ثُلُثُ نَصِيبِهِ وَهُوَ ثُلُثُ مَالِهِ.
(فَرْعٌ لَوْ أَوْصَى) أَحَدُ شَرِيكَيْنِ فِي عَبْدَيْنِ (بِإِعْتَاقِ نِصْفِهِمَا أَوْ) أَوْصَى شَخْصٌ (بِنِصْفٍ) أَيْ بِإِعْتَاقِ نِصْفِ (عَبْدٍ يَمْلِكُهُ، وَكَذَا لَوْ دَبَّرَهُ) أَيْ النِّصْفَ مِنْهُمَا وَوَجَدَ الْإِعْتَاقَ فِي الْأُولَيَيْنِ (عَتَقَ وَلَمْ يَسْرِ) وَإِنْ خَرَجَ كُلُّهُ مِنْ الثُّلُثِ (لِأَنَّ الْمَيِّتَ مُعْسِرٌ) لِانْتِقَالِ الْمَالِ بِالْمَوْتِ إلَى الْوَارِثِ. ذَكَرُ التَّدْبِيرِ فِي الثَّانِيَةِ مِنْ زِيَادَتِهِ (فَلَوْ أَوْصَى) أَحَدُهُمَا (بِعِتْقِ نَصِيبِهِ)
ــ
[حاشية الرملي الكبير]
وَجْهٍ أَوْ لَا يَصِحُّ الرُّجُوعُ وَلَا الْعِتْقُ فِيهِ وَهُوَ الْمُصَحَّحُ قَالَ وَهَذَا لَا يَأْتِي فِيمَا نَحْنُ فِيهِ لِصِحَّةِ السِّرَايَةِ قَطْعًا فَتَعَيَّنَ أَنْ يَكُونَ رَاجِعًا وَذَلِكَ يَمْنَعُ الْغُرْمَ.
الثَّانِيَةُ بَاعَ شِقْصًا مِنْ رَقِيقٍ، ثُمَّ حُجِرَ عَلَى الْمُشْتَرِي بِالْفَلَسِ فَأَعْتَقَ الْبَائِعُ نَصِيبَهُ فَإِنَّهُ يَسْرِي إلَى الْبَاقِي الَّذِي لَهُ الرُّجُوعُ فِيهِ بِشَرْطِ يَسَارِهِ وَلَا يَغْرَمُ لَهُ شَيْئًا؛ لِأَنَّ عِتْقَهُ صَادَفَ مَا كَانَ لَهُ أَنْ يَرْجِعَ فِيهِ.
الثَّالِثَةُ إذَا كَانَ لِبَيْتِ الْمَالِ شِقْصٌ مِنْ رَقِيقٍ فَأَعْتَقَهُ الْإِمَامُ فَيَحْتَمِلُ السِّرَايَةَ مَعَ الْغُرْمِ وَعَدَمِهِ وَعَدَمَ السِّرَايَةِ وَهُوَ أَرْجَحُ فَلَا اسْتِثْنَاءَ، وَقَوْلُهُ وَلَا يَغْرَمُ لَهُ شَيْئًا عَلَى الْأَرْجَحِ هَذَا تَفْرِيعٌ عَلَى وَجْهٍ ضَعِيفٍ فَالْأَصَحُّ أَنَّهُ يَغْرَمُ (قَوْلُهُ وَالدَّيْنُ لَا يَمْنَعُ السِّرَايَةَ) كَمَا لَا يَمْنَعُ تَعَلُّقَ الزَّكَاةِ وَلِأَنَّهُ مَالِكٌ لِمَا فِي يَدِهِ، وَلَوْ اشْتَرَى بِهِ عَبْدًا وَأَعْتَقَهُ نَفَذَ فَكَذَا يَجُوزُ أَنْ يُقَوَّمَ عَلَيْهِ وَكَتَبَ أَيْضًا لَوْ كَانَ بِالدَّيْنِ رَهْنٌ لَازِمٌ وَلَيْسَ لَهُ غَيْرُهُ وَلَا يَفْضُلُ مِنْهُ شَيْءٌ لَوْ بِيعَ لَمْ يَسْرِ قَطْعًا وَمَحَلُّهُ مَا لَمْ يَحْجُرْ عَلَيْهِ الْحَاكِمُ، وَيُعَيِّنُ لِكُلِّ غَرِيمٍ شَيْئًا مِنْ مَالِهِ فَإِنَّ هَذَا إذَا حَالَ عَلَيْهِ الْحَوْلُ لَا زَكَاةَ عَلَيْهِ عِنْدَ الْأَكْثَرِينَ، وَمُقْتَضَاهُ أَنَّهُ لَوْ وُهِبَ لَهُ شِقْصٌ مِمَّنْ يَعْتِقُ عَلَيْهِ بِالْمِلْكِ فَقَبِلَهُ وَقَبَضَهُ لَمْ يَسْرِ عَلَيْهِ ذَكَرَهُ الْبُلْقِينِيُّ، ثُمَّ قَالَ وَهَذَا عَلَى اعْتِقَادِهِمْ أَنَّ بَابَ السِّرَايَةِ مُسَاوٍ لِبَابِ الزَّكَاةِ فِي ذَلِكَ وَاَلَّذِي عِنْدِي أَنَّهُ يَسْرِي عَلَى الْمَحْجُورِ عَلَيْهِ بِقَدْرِ الْمُضَارَبَةِ كَدَيْنٍ حَدَثَ
(قَوْلُهُ وَالثُّلُثُ يُعْتَبَرُ حَالَ الْمَوْتِ لَا الْوَصِيَّةِ) قَالَ الْبُلْقِينِيُّ اعْتِبَارُ الثُّلُثِ فِي سِرَايَةِ إعْتَاقِ الْمَرِيضِ يَقْتَضِي أَنَّ الزَّائِدَ عَلَيْهِ يَتَوَقَّفُ عَلَى إجَازَةِ بَقِيَّةِ الْوَرَثَةِ وَهُوَ بَعِيدٌ؛ لِأَنَّ السِّرَايَةَ قَهْرِيَّةٌ فَلَا تَدْخُلُهَا إجَازَةٌ وَأَيْضًا فَهُوَ مُعْسِرٌ بِالزَّائِدِ عَلَى الثُّلُثِ وَمَعَ الْإِعْسَارِ لَا سِرَايَةَ قَالَ وَلَمْ أَرَ مَنْ تَعَرَّضَ لِذَلِكَ وَيُسْتَثْنَى مِنْ إطْلَاقِهِ مَا إذَا أَعْتَقَ نَصِيبَهُ مِنْ عَبْدٍ فِي مَرَضِ مَوْتِهِ عَلَى كَفَّارَةٍ مُرَتَّبَةٍ بِنِيَّةِ الْكَفَّارَةِ بِالْكُلِّ فَإِنَّهُ يَسْرِي بِشَرْطِ الْيَسَارِ وَلَا يَقْتَصِرُ عَلَى الثُّلُثِ؛ لِأَنَّ هَذِهِ السِّرَايَةَ وَقَعَتْ عَنْ وَاجِبٍ، وَكَذَا الْمُخَيَّرَةُ كَمَا حَكَاهُ الرَّافِعِيُّ عَنْ الْمُتَوَلِّي قَالَ وَكَأَنَّهُ تَفْرِيعٌ عَلَى أَنَّهُ إذَا أَوْصَى بِهِ أَعْتَقَ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ وَكَتَبَ أَيْضًا اسْتَشْكَلَهُ الْبُلْقِينِيُّ بِأَنَّهُ مُخَالِفٌ لِمَا تَقَرَّرَ مِنْ أَنَّ الْيَسَارَ الْمُعْتَبَرَ فِي السِّرَايَةِ إنَّمَا هُوَ الْوُجُودُ حَالَةَ الْإِعْتَاقِ دُونَ مَا يَطْرَأُ بَعْدَهُ، وَيَلْزَمُ مِنْهُ اعْتِبَارُ الْيَسَارِ الطَّارِئِ بَعْدَ الْإِعْتَاقِ وَهَذَا لَا يُعْرَفُ وَيَلْزَمُ مِنْهُ اعْتِبَارُ الْقِيمَةِ الْحَادِثَةِ بَعْدَ الْإِعْتَاقِ إلَى حَالَةِ التَّقْوِيمِ، وَقَدْ تَزِيدُ وَقَدْ تَنْقُصُ وَهَذَا مُخَالِفٌ لِلْقَوَاعِدِ وَمُخَالِفٌ لِمَا اتَّفَقُوا عَلَيْهِ مِنْ أَنَّ الِاعْتِبَارَ بِالْقِيمَةِ حَالَةَ الْإِعْتَاقِ تَفْرِيعًا عَلَى تَعْجِيلِ السِّرَايَةِ وَعَلَى الْوَقْفِ، وَكَذَا عَلَى قَوْلِ أَدَاءِ الْقِيمَةِ عَلَى مَا سَبَقَ قَالَ وَظَهَرَ مِنْ ذَلِكَ أَنَّ السِّرَايَةَ هُنَا إنَّمَا تَكُونُ إذَا قَارَنَ يَسَارُهُ الْإِعْتَاقَ وَاسْتَمَرَّ إلَى حَالَةِ اعْتِبَارِ الثُّلُثِ فَإِنْ حَدَثَ إعْسَارٌ اُعْتُبِرَ لِحَقِّ الْوَارِثِ، وَإِنْ حَدَثَ يَسَارٌ لَمْ يُعْتَبَرْ لِمُخَالَفَتِهِ السُّنَّةَ الصَّحِيحَةَ ع.
(قَوْلُهُ وَهُوَ الْأَوْجَهُ) أَصَحُّهُمَا ثَانِيهِمَا وَبِهِ جَزَمَ صَاحِبُ الْأَنْوَارِ وَغَيْرُهُ.