الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
يُقْبَلُ ذَلِكَ أَيْضًا وَالتَّرْجِيحُ مِنْ زِيَادَتِهِ لَكِنْ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ جَزَمَ الدَّارِمِيُّ: بِالثَّانِي وَاقْتَضَاهُ كَلَامُ غَيْرِهِ، وَهُوَ الْأَشْبَهُ وَقَالَ الزَّرْكَشِيُّ: إنَّهُ الصَّوَابُ
(فَصْلٌ قَوْلُ الْقَاسِمِ فِي قِسْمَةِ الْإِجْبَارِ حَالَ وِلَايَتِهِ
قَسَمْت كَقَوْلِ الْقَاضِي) ، وَهُوَ فِي مَحَلِّ وِلَايَتِهِ (حَكَمْت) فَيُقْبَلُ (وَإِلَّا لَمْ يُقْبَلْ بَلْ لَا تُسْمَعْ شَهَادَتُهُ لِأَحَدِ الشَّرِيكَيْنِ) ، وَإِنْ لَمْ يَطْلُبْ أُجْرَةً وَظَاهِرٌ أَنَّ مَحَلَّهُ إذَا ذَكَرَ فِعْلَهُ (وَلَوْ) تَقَاسَمَا ثُمَّ (تَنَازَعَا) فِي بَيْتٍ أَوْ قِطْعَةٍ مِنْ الْأَرْضِ (وَقَالَ كُلٌّ مِنْهُمَا هَذَا) مِنْ نَصِيبِي (وَلَا بَيِّنَةَ) لَهُمَا أَوْ لِكُلٍّ مِنْهُمَا بَيِّنَةٌ (تَحَالَفَا وَفُسِخَتْ) أَيْ الْقِسْمَةُ كَالْمُتَبَايِعِينَ (قَالَ الشَّيْخُ أَبُو حَامِدٍ) فَإِنْ اخْتَصَّ أَحَدُهُمَا بِالْيَدِ فِيمَا تَنَازَعَا فِيهِ (حَلَفَ ذُو الْيَدِ) ؛ لِأَنَّ الْآخَرَ اعْتَرَفَ لَهُ بِهَا وَادَّعَى أَنَّهُ غَصَبَهُ مِنْهُ (وَلِمَنْ اطَّلَعَ) مِنْهُمَا (عَلَى عَيْبٍ فِي نَصِيبِهِ أَنْ يَفْسَخَ) الْقِسْمَةَ كَالْبَيْعِ (وَلَا تَصِحُّ قِسْمَةُ الدُّيُونِ) الْمُشْتَرَكَةِ (فِي الذِّمَمِ) ؛ لِأَنَّهَا إمَّا بَيْعُ دَيْنٍ بِدَيْنٍ أَوْ إفْرَازُ مَا فِي الذِّمَّةِ وَكِلَاهُمَا مُمْتَنِعٌ وَإِنَّمَا امْتَنَعَ إفْرَازُ مَا فِي الذِّمَّةِ لِعَدَمِ قَبْضِهِ وَعَلَى هَذَا لَوْ تَرَاضَيَا عَلَى أَنْ يَكُونَ مَا فِي ذِمَّةِ زَيْدٍ لِأَحَدِهِمَا وَمَا فِي ذِمَّةِ عَمْرٍو لِلْآخَرِ لَمْ يَخْتَصَّ أَحَدٌ مِنْهُمَا بِمَا قَبَضَهُ
(كِتَابُ الشَّهَادَاتِ) الْأَصْلُ فِيهَا آيَاتٌ كَقَوْلِهِ تَعَالَى {وَلا تَكْتُمُوا الشَّهَادَةَ} [البقرة: 283] وقَوْله تَعَالَى {وَاسْتَشْهِدُوا شَهِيدَيْنِ مِنْ رِجَالِكُمْ} [البقرة: 282] وَأَخْبَارٌ كَخَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ «لَيْسَ لَك إلَّا شَاهِدَاك أَوْ يَمِينُهُ» وَخَبَرُ «أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم سَأَلَ عَنْ الشَّهَادَةِ فَقَالَ لِلسَّائِلِ تَرَى الشَّمْسَ قَالَ نَعَمْ فَقَالَ عَلَى مِثْلِهَا فَاشْهَدْ أَوْ دَعْ» رَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ وَالْحَاكِمُ وَصَحَّحَ إسْنَادُهُ (وَفِيهِ سِتَّةُ أَبْوَابٍ الْأَوَّلُ فِي أَهْلِيَّةِ الشَّهَادَةِ وَشَرْطِ الشَّاهِدِ) أَيْ شُرُوطُهُ ثَمَانِيَةٌ (إسْلَامٌ) فَلَا يُقْبَلُ مِنْ كَافِرٍ (وَلَوْ عَلَى كَافِرٍ) لِآيَةِ {وَاسْتَشْهِدُوا} [البقرة: 282] وقَوْله تَعَالَى {وَأَشْهِدُوا ذَوَيْ عَدْلٍ مِنْكُمْ} [الطلاق: 2] وَالْكَافِرُ لَيْسَ مِنْ رِجَالِنَا وَلَيْسَ بِعَدْلٍ وَمَعْنَى قَوْله تَعَالَى {أَوْ آخَرَانِ مِنْ غَيْرِكُمْ} [المائدة: 106] أَيْ مِنْ غَيْرِ عَشِيرَتِكُمْ (وَتَكْلِيفٌ) فَلَا يُقْبَلُ مِنْ غَيْرِ مُكَلَّفٍ كَالْإِقْرَارِ بَلْ أَوْلَى (وَحُرِّيَّةٌ كَامِلَةٌ) فَلَا تُقْبَلُ مِمَّنْ فِيهِ رِقٌّ كَسَائِرِ الْوِلَايَاتِ إذْ فِي الشَّهَادَاتِ نُفُوذُ قَوْلٍ عَلَى الْغَيْرِ وَهُوَ نَوْعُ وِلَايَةٍ وَلِأَنَّهُ مُشْتَغِلٌ بِخِدْمَةِ سَيِّدِهِ فَلَا يَتَفَرَّغُ لِتَحَمُّلِ الشَّهَادَةِ وَلَا لِأَدَائِهَا (وَعَدَالَةٌ) فَلَا تُقْبَلُ مِنْ فَاسِقٍ لِآيَةِ {وَاسْتَشْهِدُوا} [البقرة: 282] وَلِقَوْلِهِ {مِمَّنْ تَرْضَوْنَ مِنَ الشُّهَدَاءِ} [البقرة: 282] وَالْفَاسِقُ لَيْسَ بِمَرَضِيٍّ وَلِقَوْلِهِ {إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا} [الحجرات: 6](وَمُرُوءَةٌ وَنُطْقٌ وَعَدَمُ تُهْمَةٍ) فَلَا تُقْبَلُ مِمَّنْ لَا مُرُوءَةَ لَهُ وَلَا نُطْقَ وَلَا مِمَّنْ يُتَّهَمُ كَمَا سَيَأْتِي بَيَانُهَا فِي كَلَامِهِ وَالْأَصْلُ سَالِمٌ مِنْ تَكْرَارِ هَذِهِ الثَّلَاثَةِ (وَكَذَا عَدَمُ حَجْرٍ بِسَفَهٍ قَالَهُ الصَّيْمَرِيُّ) فَلَا يُقْبَلُ مِنْ الْمَحْجُورِ عَلَيْهِ بِسَفَهٍ لِأَنَّهُ مُتَّهَمٌ
(وَشَرْطُ الْعَدَالَةِ اجْتِنَابُ الْكَبَائِرِ) أَيْ كُلٌّ مِنْهَا (وَعَدَمُ الْإِصْرَارِ عَلَى الصَّغَائِرِ) وَلَوْ عَلَى نَوْعٍ كَمَا سَيَأْتِي
ــ
[حاشية الرملي الكبير]
قَوْلُهُ وَقَالَ الزَّرْكَشِيُّ إنَّهُ الصَّوَابُ) قَالَ شَيْخُنَا، وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ
[فَصْلٌ قَوْلُ الْقَاسِمِ فِي قِسْمَةِ الْإِجْبَارِ حَالَ وِلَايَتِهِ]
(فَصْلُ قَوْلِ الْقَاسِمِ)(قَوْلُهُ وَظَاهِرٌ أَنَّ مَحَلَّهُ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (خَاتِمَةٌ) تَقَاسَمَا دَارًا وَبَابُهَا دَاخِلٌ فِي قِسْمِ أَحَدِهِمَا وَالْآخَرُ يَسْتَطْرِقُ إلَى نَصِيبِهِ مِنْ بَابٍ يَفْتَحُهُ إلَى الشَّارِعِ فَمَنَعَهُ السُّلْطَانُ قَالَ ابْنُ الصَّلَاحِ فِي فَتَاوِيهِ لَهُ فَسْخُ الْقِسْمَةِ إنْ لَمْ يُمَكِّنْهُ شَرِيكُهُ مِنْ الِاسْتِطْرَاقِ وَخَالَفَهُ ابْنُ الْأُسْتَاذِ وَقَالَ الظَّاهِرُ أَنَّهَا لَا تَنْفَسِخُ؛ لِأَنَّ الْغَيْرَ ظَلَمَهُ بِمَنْعِهِ قَالَ وَيَلْزَمُ عَلَى مَا قَالَهُ أَنَّهُ لَوْ كَانَ لِكُلِّ قِسْمٍ بَابٌ إلَى شَارِعٍ فَمَنَعَ أَحَدُهُمَا ظَالِمٌ أَنَّهُ لَهُ الْفَسْخُ، وَهُوَ بَعِيدٌ جِدًّا اهـ وَهُوَ كَمَا قَالَ وَقَضِيَّةُ كَلَامِ ابْنِ الصَّلَاحِ عِنْدَ تَمْكِينِ الشَّرِيكِ عَدَمُ الْفَسْخِ وَفِيهِ نَظَرٌ لِأَنَّهُ قَدْ يَكُونُ لَهُ غَرَضٌ فِي التَّفَرُّدِ وَلِأَنَّ ذَلِكَ لَا يَلْزَمُ إذْ لَهُ الرُّجُوعُ وَلَوْ تَنَازَعَ شَرِيكَانِ فِي بَيْتٍ وَنَحْوِهِ وَقَالَ كُلٌّ مِنْهُمَا هَذَا مِنْ نَصِيبِي وَلَا بَيِّنَةَ تَحَالَفَا وَنُقِضَتْ الْقِسْمَةُ وَقَالَ الشَّيْخُ أَبُو حَامِدٍ إنْ اخْتَصَّ أَحَدُهُمَا بِالْيَدِ عَلَى مَا فِيهِ النِّزَاعُ صُدِّقَ بِيَمِينِهِ وَهَذَا حَكَاهُ الْمَاوَرْدِيُّ عَنْ مَالِكٍ وَلَوْ ادَّعَى أَحَدُهُمْ الْقِسْمَةَ وَأَنْكَرَهَا الْبَاقُونَ فَإِنْ لَمْ تَكُنْ بِقَاسِمِ الْحَاكِمِ فَالْقَوْلُ قَوْلُ النَّافِي، وَإِنْ تَعَلَّقَتْ بِهِ رَجَعَ هُوَ إلَيْهِ لِأَنَّهُ حَاكِمٌ أَوْ شَاهِدٌ وَلَوْ قَسَمَ إجْبَارًا وَهُوَ عَلَى وِلَايَتِهِ قَبْلَ قَوْلِهِ قَسَمْت كَقَوْلِ الْحَاكِمِ فِي حَالِ وِلَايَتِهِ حَكَمْت وَإِلَّا لَمْ يُسْمَعْ قَوْلُهُ وَلَا شَهَادَتُهُ عَلَى الْأَصَحِّ اهـ وَالْفَرْعَانِ الْأَخِيرَانِ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ
[كِتَابُ الشَّهَادَاتِ وَفِيهِ سِتَّةُ أَبْوَاب]
[الْبَاب الْأَوَّلُ فِي أَهْلِيَّةِ الشَّهَادَةِ وَشَرْطِ الشَّاهِدِ]
(كِتَابُ الشَّهَادَاتِ)(قَوْلُهُ وَأَخْبَارٌ إلَخْ) وَأَمَّا خَبَرُ أَكْرِمُوا الشُّهُودَ فَإِنَّ اللَّهَ يَسْتَخْرِجُ بِهِمْ الْحُقُوقَ وَيَدْفَعُ بِهِمْ الظُّلْمَ فَرَوَاهُ صَاحِبُ مُسْنَدِ الْفِرْدَوْسِ وَغَيْرُهُ لَكِنْ قَالَ الْحَافِظُ الذَّهَبِيِّ فِي الْمِيزَانِ إنَّهُ حَدِيثٌ مُنْكَرٌ (قَوْلُهُ وَحُرِّيَّةٌ) مُقْتَضَى إطْلَاقِهِمْ الِاكْتِفَاءُ بِالْإِسْلَامِ بِطَرِيقِ التَّبَعِيَّةِ وَبِالْحُرِّيَّةِ بِالدَّارِ لَكِنْ قَالَ الْبُلْقِينِيُّ لَوْ شَهِدَ بَعْدَ بُلُوغِهِ قَبْلَ الْإِفْصَاحِ بِالْإِسْلَامِ وَالْإِتْيَانِ بِمَا يُنَافِيهِ وَقَبْلَ ظُهُورِ حُرِّيَّتِهِ بِغَيْرِ الدَّارِ لَمْ أَقْبَلْ شَهَادَتَهُ وَإِنْ حُكِمَ بِإِسْلَامِهِ وَحُرِّيَّتِهِ لِلِاحْتِيَاطِ فِي الشَّهَادَةِ ثُمَّ قَالَ فَإِنْ قِيلَ إذْ ظَهَرَتْ عَدَالَتُهُ انْكَشَفَ الْحَالُ فِي إسْلَامِهِ وَحُرِّيَّتِهِ قُلْنَا لَا نُسَلِّمُ أَنَّهُ يَنْكَشِفُ الْحَالُ فِي حُرِّيَّتِهِ بِمُجَرَّدِ ذَلِكَ وَأَمَّا الْإِسْلَامُ فَقَدْ يَظْهَرُ انْكِشَافُهُ وَقَدْ لَا يَظْهَرُ اهـ (قَوْلُهُ وَلِقَوْلِهِ {إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا} [الحجرات: 6] وَلِخَبَرِ التِّرْمِذِيِّ «لَا تَجُوزُ شَهَادَةُ خَائِنٍ وَلَا خَائِنَةٍ» (قَوْلُهُ وَمُرُوءَةٌ) بِالْهَمْزِ وَتَرَكَهُ (قَوْلُهُ وَنُطْقٌ) وَتَيَقُّظٌ (قَوْلُهُ فَلَا تُقْبَلُ مِمَّا لَا مُرُوءَةَ لَهُ) لِأَنَّ حِفْظَهَا مِنْ الْحَيَاءِ وَوُفُورِ الْعَقْلِ وَطَرْحِهَا إمَّا لِخَبَلٍ أَوْ قِلَّةِ حَيَاءٍ مُبَالَاةٌ بِنَفْسِهِ وَمَنْ لَا حَيَاءَ لَهُ يَصْنَعُ مَا شَاءَ كَمَا نَطَقَ بِهِ الْحَدِيثُ الصَّحِيحُ ثُمَّ الْمُرَادُ بِالْمُرُوءَةِ هُنَا غَلَبَتُهَا عَلَى أَضْدَادِهَا كَمَا سَيَأْتِي فِي الطَّاعَاتِ (قَوْلُهُ قَالَهُ الصَّيْمَرِيُّ) اعْتَرَضَهُ ابْنُ الرِّفْعَةِ بِأَنَّ السَّفَهَ فِي الْمَالِ مُشْعِرٌ بِخَلَلٍ فِي الْعَقْلِ فَهُوَ مُنْدَرِجٌ فِيمَا سَلَفَ وَقَالَ فِي التَّوْشِيحِ لَوْ أَشْعَرَ بِذَلِكَ لِعَبْدٍ حِجْرَ جُنُونٍ وَلَمَّا وَلِيَ النِّكَاحَ لَكِنَّهُ يَلِيهِ عَلَى وَجْهٍ جَيِّدٍ وَقَدْ يَقُولُ ابْنُ الرِّفْعَةِ إشْعَارُهُ بِهِ لَا يُؤَدِّي إلَى ثُبُوتِهِ مِنْ كُلِّ وَجْهٍ وَلَئِنْ قَالَ ذَلِكَ قُلْنَا فَلَيْسَ مُنْدَرِجًا فِيمَا سَلَفَ انْتَهَى وَكَلَامُ الرَّافِعِيِّ وَالنَّوَوِيِّ فِي الْوِصَايَةِ مُوَافِقٌ لِلصَّيْمَرِيِّ فَإِنَّهُمَا اشْتَرَطَا فِي الْوَصِيِّ أَنْ لَا يَكُونَ مَحْجُورًا عَلَيْهِ بِسَفَهٍ ثُمَّ قَالَا وَحَصَرُوا الشُّرُوطَ جَمِيعًا بِلَفْظٍ مُخْتَصَرٍ فَقَالُوا يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ الْوَصِيُّ بِحَيْثُ تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ عَلَى الطِّفْلِ انْتَهَى
(قَوْلُهُ وَشَرْطُ الْعَدَالَةِ اجْتِنَابُ الْكَبَائِرِ إلَخْ) هَذَا نَفْسُ الْعَدَالَةِ لَا شَرْطٌ فِيهَا (قَوْلُهُ وَعَدَمُ الْإِصْرَارِ عَلَى الصَّغَائِرِ) لِأَنَّهُ تَعَالَى حَكَمَ فِي قَذْفِ الْمُحْصَنَاتِ بِرَدِّ الشَّهَادَةِ وَفِيهِ تَنْبِيهٌ عَلَى
وَفَسَّرَ جَمَاعَةٌ الْكَبِيرَةَ بِأَنَّهَا مَا لَحِقَ صَاحِبَهَا وَعِيدٌ شَدِيدٌ بِنَصِّ كِتَابٍ أَوْ سُنَّةٍ (فَعَدُّوا مِنْ الْكَبَائِرِ الْقَتْلَ) أَيْ عَمْدًا بِغَيْرِ حَقٍّ أَوْ شِبْهِ عَمْدٍ بِخِلَافِ الْخَطَأِ (وَالزِّنَا) بِالزَّايِ رَوَى الشَّيْخَانِ عَنْ ابْنِ عُمَرَ قَالَ قَالَ رَجُلٌ أَيُّ الذَّنْبِ أَكْبَرُ عِنْدَ اللَّهِ قَالَ أَنْ تَدْعُوَ لِلَّهِ نِدًّا وَهُوَ خَلَقَك قَالَ ثُمَّ أَيُّ قَالَ أَنْ تَقْتُلَ وَلَدَك مَخَافَةَ أَنْ يَطْعَمَ مَعَك قَالَ ثُمَّ أَيُّ قَالَ أَنْ تَزْنِيَ بِحَلِيلَةِ جَارِك فَأَنْزَلَ اللَّهُ سبحانه وتعالى تَصْدِيقَهَا {وَالَّذِينَ لا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ} [الفرقان: 68] الْآيَةَ (وَاللِّوَاطَ) لِأَنَّهُ مُضَيِّعٌ لِمَاءِ النَّسْلِ فِي فَرْجٍ مُحَرَّمٍ كَالزِّنَا زَادَ الْبَغَوِيّ وَإِتْيَانَ الْبَهَائِمِ (وَشُرْبَ الْخَمْرِ وَإِنْ قَلَّ) وَلَمْ يُسْكِرْ وَالْمُسْكِرُ وَلَوْ بِغَيْرِ الْخَمْرِ
أَمَّا شُرْبُ مَا لَا يُسْكِرُ لِقِلَّتِهِ مِنْ غَيْرِ الْخَمْرِ فَصَغِيرَةٌ (وَالسَّرِقَةَ) قَالَ تَعَالَى {وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا} [المائدة: 38] نَعَمْ سَرِقَةُ الشَّيْءِ الْقَلِيلِ صَغِيرَةٌ قَالَ الْحَلِيمِيُّ إلَّا إذَا كَانَ الْمَسْرُوقُ مِنْهُ مِسْكِينًا لَا غِنَى بِهِ عَنْ ذَلِكَ فَيَكُونُ كَبِيرَةً (وَالْقَذْفَ) زَادَ شُرَيْحٌ الرُّويَانِيُّ الْبَاطِلَ قَالَ تَعَالَى {إِنَّ الَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ} [النور: 23] الْآيَةَ نَعَمْ قَالَ الْحَلِيمِيُّ قَذْفُ الصَّغِيرَةِ وَالْمَمْلُوكَةِ وَالْحُرَّةِ الْمُتَهَتِّكَةِ مِنْ الصَّغَائِرِ لِأَنَّ الْإِيذَاءَ فِي قَذْفِهِنَّ دُونَهُ فِي الْحُرَّةِ الْكَبِيرَةِ الْمُسْتَتِرَةِ وَقَالَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ قَذْفُ الْمُحْصَنِ فِي خَلْوَةٍ بِحَيْثُ لَا يَسْمَعُهُ إلَّا اللَّهُ وَالْحَفَظَةُ لَيْسَ بِكَبِيرَةٍ مُوجِبَةٍ لِلْحَدِّ لِانْتِفَاءِ الْمَفْسَدَةِ أَمَّا قَذْفُ الرَّجُلِ زَوْجَتَهُ إذَا أَتَتْ بِوَلَدٍ يَعْلَمُ أَنَّهُ لَيْسَ مِنْهُ فَمُبَاحٌ وَكَذَا جَرْحُ الرَّاوِي وَالشَّاهِدِ بِالزِّنَا إذَا عُلِمَ بَلْ هُوَ وَاجِبٌ (وَشَهَادَةَ الزُّورِ) لِأَنَّهُ صلى الله عليه وسلم عَدَّهَا فِي خَبَرٍ مِنْ الْكَبَائِرِ وَفِي خَبَرٍ مِنْ أَكْبَرِ الْكَبَائِرِ رَوَاهُمَا الشَّيْخَانِ (وَغَصْبَ الْمَالِ) لِخَبَرِ مُسْلِمٍ «مَنْ اقْتَطَعَ شِبْرًا مِنْ الْأَرْضِ ظُلْمًا طَوَّقَهُ اللَّهُ تَعَالَى إيَّاهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مِنْ سَبْعِ أَرَضِينَ» وَقَيَّدَهُ جَمَاعَةٌ بِمَا يَبْلُغُ قِيمَتَهُ رُبْعَ مِثْقَالٍ كَمَا يُقْطَعُ بِهِ فِي السَّرِقَةِ وَخَرَجَ بِغَصْبِ الْمَالِ غَصْبُ غَيْرِهِ كَغَصْبِ كَلْبٍ فَصَغِيرَةٌ.
(وَالْفِرَارَ مِنْ الزَّحْفِ) لِأَنَّهُ صلى الله عليه وسلم عَدَّهُ مِنْ السَّبْعِ الْمُوبِقَاتِ أَيْ الْمُهْلِكَاتِ رَوَاهُ الشَّيْخَانِ نَعَمْ يَجِبُ إذَا زَادَ الْعَدُوُّ عَلَى مِثْلَيْهِ وَعَلِمَ أَنَّهُ إذَا ثَبَتَ يُقْتَلُ مِنْ غَيْرِ نِكَايَةٍ فِي الْعَدُوِّ لِانْتِفَاءِ إعْزَازِ الدِّينِ بِثُبُوتِهِ (وَأَكْلَ الرِّبَا) لِآيَةِ {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَذَرُوا مَا بَقِيَ مِنَ الرِّبَا} [البقرة: 278] وَلِأَنَّهُ صلى الله عليه وسلم عَدَّهُ مِنْ السَّبْعِ الْمُوبِقَاتِ فِي الْخَبَرِ السَّابِقِ (وَ) أَكْلَ (مَالِ الْيَتِيمِ) قَالَ تَعَالَى {إِنَّ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوَالَ الْيَتَامَى} [النساء: 10] الْآيَةَ وَقَدْ عَدَّهُ صلى الله عليه وسلم مِنْ السَّبْعِ الْمُوبِقَاتِ فِي الْخَبَرِ السَّابِقِ (وَعُقُوقَ الْوَالِدَيْنِ) لِأَنَّهُ صلى الله عليه وسلم عَدَّهُ فِي خَبَرٍ مِنْ الْكَبَائِرِ وَفِي آخَرَ مِنْ أَكْبَرِ الْكَبَائِرِ رَوَاهُمَا الشَّيْخَانِ وَأَمَّا خَبَرُهُمَا «الْخَالَةُ بِمَنْزِلَةِ الْأُمِّ» وَخَبَرُ الْبُخَارِيِّ «عَمُّ الرَّجُلِ صِنْوُ أَبِيهِ» فَلَا بُدَّ لِأَنَّ عَلَى أَنَّهُمَا كَالْوَالِدَيْنِ فِي الْعُقُوقِ (وَالْكَذِبَ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَمْدًا) الْخَبَرُ «مَنْ كَذَبَ عَلَيَّ مُتَعَمِّدًا فَلْيَتَبَوَّأْ مَقْعَدَهُ مِنْ النَّارِ» رَوَاهُ الشَّيْخَانِ أَمَّا الْكَذِبُ عَلَى غَيْرِهِ فَصَغِيرَةٌ (وَكِتْمَانَ الشَّهَادَةِ بِلَا عُذْرٍ) قَالَ تَعَالَى {وَمَنْ يَكْتُمْهَا فَإِنَّهُ آثِمٌ قَلْبُهُ} [البقرة: 283] بِخِلَافِهِ بِعُذْرٍ (وَالْإِفْطَارَ فِي رَمَضَانَ عُدْوَانًا) لِأَنَّ صَوْمَهُ مِنْ أَرْكَانِ الْإِسْلَامِ فَفِطْرُهُ يُؤْذِنُ بِقِلَّةِ اكْتِرَاثِ مُرْتَكِبِهِ بِالدِّينِ بِخِلَافِ الْإِفْطَارِ فِيهِ بِعُذْرٍ
ــ
[حاشية الرملي الكبير]
رَدِّهَا فِي سَائِرِ الْكَبَائِرِ وَفِي مَعْنَاهَا الْإِصْرَارُ عَلَى الصَّغَائِرِ لِأَنَّهُ يُشْعِرُ بِالتَّهَاوُنِ بِأَمْرِ الدِّيَانَةِ وَمِثْلُهُ لَا يَخَافُ وُقُوعَ الْكَذِبِ مِنْهُ وَاحْتَجَّ الْبَيْهَقِيُّ عَلَى أَنَّهَا بِمَنْزِلَةِ الْكَبِيرَةِ بِحَدِيثِ أَنَسٍ إنَّكُمْ لَتَعْمَلُونَ أَعْمَالًا هِيَ أَدَقُّ فِي أَعْيُنِكُمْ مِنْ الشَّعْرِ إنْ كُنَّا لَنَعُدُّهَا عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَنَّهَا الْمُوبِقَاتُ (قَوْلُهُ وَفَسَّرَ جَمَاعَةٌ الْكَبِيرَةَ بِأَنَّهَا مَا لَحِقَ صَاحِبَهَا وَعِيدٌ شَدِيدٌ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ وَكَتَبَ عَلَيْهِ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَهِيَ أَمْثَلُ قَالَا وَهُوَ مَا يُوجَدُ لِأَكْثَرِهِمْ وَهُوَ الْأَوْفَقُ لِمَا ذَكَرُوهُ عِنْدَ تَفْصِيلِ الْكَبَائِرِ (تَنْبِيهٌ) أَمَّا مَا رَوَاهُ الْحَاكِمُ وَغَيْرُهُ مَرْفُوعًا «مَا مِنَّا إلَّا مَنْ عَصَى أَوْ هَمَّ بِمَعْصِيَةٍ إلَّا يَحْيَى بْنُ زَكَرِيَّا» فَقَدْ قَالَ النَّوَوِيُّ إنَّهُ حَدِيثٌ ضَعِيفٌ لَا يَجُوزُ الِاحْتِجَاجُ بِهِ رَوَاهُ أَبُو يَعْلَى الْمَوْصِلِيُّ فِي مُسْنَدِهِ فِي مُسْنَدِ ابْنِ عَبَّاسٍ عَنْ «النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَالَ مَا مِنْ أَحَدٍ مِنْ بَنِي آدَمَ إلَّا أَخْطَأَ أَوْ هَمَّ بِخَطِيئَةٍ لَيْسَ يَحْيَى بْنَ زَكَرِيَّا» فَلَا يُغْتَرَّ بِذِكْرِ أَصْحَابِنَا لَهُ فِي كُتُبِ الْمَذْهَبِ (قَوْلُهُ لِأَنَّهُ مُضَيِّعٌ لِمَاءِ النَّسْلِ) وَقَدْ أَهْلَكَ اللَّهُ قَوْمَ لُوطٍ وَهُمْ أَوَّلُ مَنْ فَعَلَهُ بِسَبَبِهِ (قَوْلُهُ قَالَ الْحَلِيمِيُّ إلَّا إذَا كَانَ إلَخْ) ضَعِيفٌ.
(قَوْلُهُ وَالْقَذْفَ) لَوْ أَقَامَ الْقَاذِفُ بَيِّنَةً بِزِنَا الْمَقْذُوفِ أَوْ أَقَرَّ بِهِ أَوْ حَلَفَ الْقَاذِفُ لِنُكُولِهِ أَوْ لَاعَنَ زَوْجَتَهُ لِقَذْفِهَا لَمْ يَفْسُقْ إنْ لَمْ تُلَاعِنْ وَإِلَّا احْتَمَلَ وَجْهَيْنِ أَصَحُّهُمَا أَنَّهُ لَا يَفْسُقُ (قَوْلُهُ وَقَالَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ قَذْفُ الْمُحْصَنِ فِي خَلْوَةٍ إلَخْ) قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَمَا قَالَهُ مُحْتَمَلٌ إذَا كَانَ صَادِقًا فَإِنْ كَانَ كَاذِبًا فَفِيهِ نَظَرٌ لِلْجَرَاءَةِ عَلَى اللَّهِ سُبْحَانَهُ بِالْفُجُورِ وَقَالَ الْبُلْقِينِيُّ الظَّاهِرُ أَنَّهُ كَبِيرَةٌ مُوجِبَةٌ لِلْحَدِّ فِطَامًا عَنْ جِنْسِ هَذِهِ الْمَفْسَدَةِ وَالظَّاهِرُ قَوْله تَعَالَى {وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ} [النور: 4] وَهَذَا رَمْيٌ لِمُحْصَنَةٍ (قَوْلُهُ لَيْسَ بِكَبِيرَةٍ مُوجِبَةٍ لِلْحَدِّ) وَلَا يُعَاقَبُ فِي الْآخِرَةِ عِقَابَ الْمُتَجَاهِرِ بِذَلِكَ فِي وَجْهِ الْمَقْذُوفِ أَوْ مَلَأٍ مِنْ النَّاسِ بَلْ يُعَاقَبُ عِقَابَ الْكَاذِبِينَ غَيْرِ الْمُصِرِّينَ قُلْت وَقَدْ يُفْهَمُ مِنْهُ أَنَّهُ لَوْ كَانَ صَادِقًا فِي قَذْفِهِ فِي الْخَلْوَةِ أَنَّهُ لَا يُعَاقَبُ عَلَيْهِ لِصِدْقِهِ وَهَذَا بَعِيدٌ ثُمَّ أَوْرَدَ عَلَى نَفْسِهِ أَنَّهُ لَوْ لَمْ يَبْلُغْ الْمَقْذُوفَ الْقَذْفُ الَّذِي جَهَرَ بِهِ فَإِنَّهُ يَجِبُ الْحَدُّ مَعَ انْتِفَاءِ مَفْسَدَةِ التَّأَذِّي وَأَجَابَ بِأَنَّهُ لَوْ بَلَغَهُ لَكَانَ أَشَدَّ عَلَيْهِ مِنْ الْقَذْفِ فِي الْخَلْوَةِ إلَى أَنْ قَالَ وَأَمَّا قَذْفُهُ فِي الْخَلْوَةِ فَلَا فَرْقَ بَيْنَ إجْرَائِهِ عَلَى لِسَانِهِ وَبَيْنَ إجْرَائِهِ عَلَى قَلْبِهِ. اهـ. (قَوْلُهُ وَغَصْبَ الْمَالِ) قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ وَأَجْمَعُوا عَلَى أَنَّ مَنْ فَعَلَهُ أَيْ الْغَصْبَ مُسْتَحِلًّا وَهُوَ مِمَّنْ لَا يَخْفَى عَلَيْهِ تَحْرِيمُهُ كَانَ كَافِرًا أَوْ غَيْرَ مُسْتَحِلٍّ كَانَ فَاسِقًا وَغَصْبُ الْمَالِ وَإِنْ قَلَّ مِنْ الْكَبَائِرِ وَقِيلَ يُشْتَرَطُ كَوْنُهُ رُبْعَ دِينَارٍ وَلَيْسَ بِشَيْءٍ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ فِي بَابِ الْغَصْبِ وَحَكَى عَنْ ابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ أَنَّهُ نَقَلَ الْإِجْمَاعَ عَلَى أَنَّ غَصْبَ الْحَبَّةِ وَسَرِقَتَهَا كَبِيرَةٌ وَفِي ثُبُوتِهَا نَظَرٌ.
(قَوْلُهُ وَلِأَنَّهُ صلى الله عليه وسلم عَدَّهُ مِنْ السَّبْعِ الْمُوبِقَاتِ) وَلِخَبَرِ مُسْلِمٍ عَنْ جَابِرٍ «قَالَ لَعَنَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم آكِلَ الرِّبَا وَمُوَكِّلَهُ وَشَاهِدَهُ وَكَاتِبَهُ» وَلِخَبَرِ الدَّارَقُطْنِيِّ وَالْبَيْهَقِيِّ «دِرْهَمُ رِبًا يَأْكُلُهُ ابْنُ آدَمَ أَشَدُّ عِنْدَ اللَّهِ إثْمًا مِنْ سِتَّةٍ وَثَلَاثِينَ زَنْيَةً» وَلِخَبَرِ
(وَالْيَمِينَ الْفَاجِرَةَ) لِخَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ «مَنْ حَلَفَ عَلَى مَالِ امْرِئٍ مُسْلِمٍ بِغَيْرِ حَقٍّ لَقِيَ اللَّهَ وَهُوَ عَلَيْهِ غَضْبَانُ» وَخَبَرِ مُسْلِمٍ «مَنْ اقْتَطَعَ حَقَّ امْرِئٍ مُسْلِمٍ بِيَمِينِهِ فَقَدْ أَوْجَبَ اللَّهُ لَهُ النَّارَ وَحَرَّمَ اللَّهُ عَلَيْهِ الْجَنَّةَ فَقَالَ لَهُ رَجُلٌ وَإِنْ كَانَ شَيْئًا يَسِيرًا يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ وَإِنْ كَانَ قَضِيبًا مِنْ أَرَاكٍ» (وَقَطْعَ الرَّحِمِ) لِخَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ «لَا يَدْخُلُ الْجَنَّةَ قَاطِعٌ» قَالَ سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ فِي رِوَايَةٍ يَعْنِي قَاطِعَ رَحِمٍ (وَالْخِيَانَةَ فِي كَيْلٍ أَوْ وَزْنٍ) لِغَيْرِ الشَّيْءِ التَّافِهِ قَالَ تَعَالَى {وَيْلٌ لِلْمُطَفِّفِينَ} [المطففين: 1] الْآيَةَ وَالْكَيْلُ يَشْمَلُ الذَّرْعَ عُرْفًا أَمَّا لِلتَّافِهِ فَصَغِيرَةٌ (وَتَقْدِيمَ الصَّلَاةِ أَوْ تَأْخِيرَهَا عَنْ وَقْتِهَا بِلَا عُذْرٍ) لِخَبَرِ التِّرْمِذِيِّ «مَنْ جَمَعَ بَيْنَ صَلَاتَيْنِ مِنْ غَيْرِ عُذْرٍ فَقَدْ أَتَى بَابًا مِنْ أَبْوَابِ الْكَبَائِرِ» وَأَوْلَى بِذَلِكَ تَرْكُهَا بِخِلَافِ ذَلِكَ بِعُذْرٍ كَسَفَرٍ (وَضَرْبَ مُسْلِمٍ بِغَيْرِ حَقٍّ) لِخَبَرِ مُسْلِمٍ «صِنْفَانِ مِنْ أُمَّتِي مِنْ أَهْلِ النَّارِ لَمْ أَرَهُمَا قَوْمٌ مَعَهُمْ سِيَاطٌ كَأَذْنَابِ الْبَقَرِ يَضْرِبُونَ بِهَا النَّاسَ وَنِسَاءٌ كَاسِيَاتٌ عَارِيَّاتٌ» إلَى آخِرِهِ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَفِي التَّقْيِيدِ بِالْمُسْلِمِ نَظَرٌ لَا سِيَّمَا إنْ كَانَ لِلْمَضْرُوبِ رَحِمٌ وَقَرَابَةٌ وَلَا يَخْفَى أَنَّ الْكَلَامَ فِيمَنْ لَهُ ذِمَّةٌ أَوْ عَهْدٌ مُعْتَبَرٌ قَالَ وَأَطْلَقَ الْحَلِيمِيُّ أَنَّ الْخَدْشَةَ وَالضَّرْبَةَ وَالضَّرْبَتَيْنِ مِنْ الصَّغَائِرِ وَقَدْ يُفْصَلُ بَيْنَ مَضْرُوبٍ وَمَضْرُوبٍ مِنْ حَيْثُ الْقُوَّةِ وَضِدِّهَا وَالشَّرَفِ وَالدَّنَاءَةِ.
(وَسَبَّ الصَّحَابَةِ) لِخَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ «لَا تَسُبُّوا أَصْحَابِي فَوَاَلَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَوْ أَنَّ أَحَدَكُمْ أَنْفَقَ مِثْلَ أُحُدٍ ذَهَبًا مَا أَدْرَكَ مُدَّ أَحَدِهِمْ وَلَا نَصِيفَهُ» وَلِخَبَرِ مُسْلِمٍ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ «أَنَّهُ كَانَ بَيْنَ خَالِدِ بْنِ الْوَلِيدِ وَعَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ شَيْءٌ فَسَبَّهُ خَالِدٌ فَقَالَ صلى الله عليه وسلم لَا تَسُبُّوا أَحَدًا مِنْ أَصْحَابِي فَإِنَّ أَحَدَكُمْ لَوْ أَنْفَقَ» إلَى آخِرِهِ الْخِطَابُ لِلصَّحَابَةِ السَّابِّينَ نَزَّلَهُمْ لِسَبِّهِمْ الَّذِي لَا يَلِيقُ بِهِمْ مَنْزِلَةَ غَيْرِهِمْ حَيْثُ عَلَّلَ بِمَا ذَكَرَهُ أَمَّا سَبُّ غَيْرِ الصَّحَابَةِ فَصَغِيرَةٌ وَخَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ «سِبَابُ الْمُسْلِمِ فُسُوقٌ» مَعْنَاهُ تَكْرَارُ السَّبِّ بِحَيْثُ يَغْلِبُ عَلَى طَاعَاتِهِ (وَأَخْذَ الرِّشْوَةِ) لِمَا مَرَّ فِي بَابِ آدَابِ الْقَضَاءِ (وَالدِّيَاثَةَ) بِالْمُثَلَّثَةِ لِخَبَرِ «ثَلَاثَةٌ لَا يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ الْعَاقُّ وَالِدَيْهِ وَالدَّيُّوثُ وَرَجْلَةُ النِّسَاءِ» رَوَاهُ الذَّهَبِيُّ وَصَحَّحَ إسْنَادَهُ (وَالْقِيَادَةَ) قِيَاسٌ عَلَى الدِّيَاثَةِ وَتَقَدَّمَ تَفْسِيرُهُمَا فِي الطَّلَاقِ (وَالسِّعَايَةَ عِنْدَ السُّلْطَانِ) وَهِيَ أَنْ يَذْهَبَ إلَيْهِ لِيَتَكَلَّمَ عِنْدَهُ فِي غَيْرِهِ بِمَا يُؤْذِيهِ بِهِ وَفِي نِهَايَةِ ابْنِ الْأَثِيرِ خَبَرُ السَّاعِي مُثَلِّثٌ أَيْ مُهْلِكٌ بِسِعَايَتِهِ نَفْسَهُ وَالْمَسْعَى بِهِ وَإِلَيْهِ.
(وَمَنْعَ الزَّكَاةِ) لِخَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ «مَا مِنْ صَاحِبِ ذَهَبٍ وَلَا فِضَّةٍ لَا يُؤَدِّي مِنْهَا حَقَّهَا إلَّا إذَا كَانَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ صُفِحَتْ لَهُ صَفَائِحُ مِنْ نَارٍ فَأُحْمِيَ عَلَيْهَا فِي نَارِ جَهَنَّمَ فَيُكْوَى بِهَا جَنْبُهُ وَجَبِينُهُ وَظَهْرُهُ» إلَى آخِرِهِ (وَتَرْكَ الْأَمْرِ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّهْيَ عَنْ الْمُنْكَرِ مَعَ الْقُدْرَةِ) عَلَيْهِمَا لِآيَةِ {لُعِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ عَلَى لِسَانِ دَاوُدَ} [المائدة: 78] وَيَنْبَغِي تَقْيِيدُ الْمُنْكَرِ بِالْكَبِيرَةِ (وَالسِّحْرَ) لِأَنَّهُ صلى الله عليه وسلم عَدَّهُ مِنْ السَّبْعِ الْمُوبِقَاتِ فِي الْخَبَرِ السَّابِقِ (وَنِسْيَانَ الْقُرْآنِ) لِخَبَرِ التِّرْمِذِيِّ «عُرِضَتْ عَلَيَّ ذُنُوبُ أُمَّتِي فَلَمْ أَرَ ذَنْبًا أَعْظَمَ مِنْ سُورَةٍ أَوْ آيَةٍ أُوتِيَهَا رَجُلٌ ثُمَّ نَسِيَهَا» قَالَ فِي الرَّوْضَةِ لَكِنْ فِي إسْنَادِهِ ضَعْفٌ وَتَكَلَّمَ فِيهِ التِّرْمِذِيُّ (وَإِحْرَاقَ حَيَوَانٍ) إذْ لَا يُعَذِّبُ بِالنَّارِ إلَّا خَالِقُهَا (وَامْتِنَاعَهَا) أَيْ الْمَرْأَةِ (مِنْ زَوْجِهَا بِلَا سَبَبٍ) لِخَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ «إذَا بَاتَتْ الْمَرْأَةُ هَاجِرَةً فِرَاشَ زَوْجِهَا لَعَنَتْهَا الْمَلَائِكَةُ حَتَّى تُصْبِحَ» (وَالْيَأْسَ مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ) قَالَ اللَّهُ عز وجل {إِنَّهُ لا يَيْئَسُ مِنْ رَوْحِ اللَّهِ إِلا الْقَوْمُ الْكَافِرُونَ} [يوسف: 87](وَأَمْنُ مَكْرِهِ) تَعَالَى بِالِاسْتِرْسَالِ فِي الْمَعَاصِي وَالِاتِّكَالِ عَلَى الْعَفْوِ قَالَ تَعَالَى {فَلا يَأْمَنُ مَكْرَ اللَّهِ إِلا الْقَوْمُ الْخَاسِرُونَ} [الأعراف: 99](وَالظِّهَارَ) قَالَ تَعَالَى فِيهِ {وَإِنَّهُمْ لَيَقُولُونَ مُنْكَرًا مِنَ الْقَوْلِ وَزُورًا} [المجادلة: 2] أَيْ حَيْثُ شَبَّهُوا الزَّوْجَةَ بِالْأُمِّ فِي التَّحْرِيمِ (وَأَكْلَ لَحْمِ خِنْزِيرٍ وَمَيْتَةٍ بِلَا عُذْرٍ) قَالَ تَعَالَى {قُلْ لا أَجِدُ فِي مَا أُوحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّمًا} [الأنعام: 145] الْآيَةَ.
(وَنَمِيمَةً) وَهِيَ نَقْلُ بَعْضِ كَلَامِ النَّاسِ إلَى بَعْضٍ عَلَى وَجْهِ الْإِفْسَادِ بَيْنَهُمْ لِخَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ «لَا يَدْخُلُ الْجَنَّةَ نَمَّامٌ» أَمَّا نَقْلُ الْكَلَامِ نَصِيحَةً لِلْمَنْقُولِ إلَيْهِ فَوَاجِبٌ كَمَا فِي قَوْله تَعَالَى حِكَايَةِ {يَا مُوسَى إِنَّ الْمَلأَ يَأْتَمِرُونَ بِكَ لِيَقْتُلُوكَ} [القصص: 20](وَالْوَقْعَ فِي أَهْلِ الْعِلْمِ وَحَمَلَةِ الْقُرْآنِ) لِشِدَّةِ احْتِرَامِهِمْ وَهَذَا مُسْتَثْنًى مِنْ قَوْلِهِمْ الْغَيْبَةُ صَغِيرَةٌ قَالَ فِي الْأَصْلِ وَلِلتَّوَقُّفِ مَجَالٌ فِي بَعْضِ الْمَذْكُورَاتِ كَقَطْعِ الرَّحِمِ وَتَرْكِ الْأَمْرِ بِالْمَعْرُوفِ عَلَى إطْلَاقِهِمْ وَنِسْيَانِ الْقُرْآنِ وَإِحْرَاقِ الْحَيَوَانِ وَقَدْ أَشَارَ الْغَزَالِيُّ فِي
ــ
[حاشية الرملي الكبير]
الْحَاكِمُ «الرِّبَا سَبْعُونَ بَابًا أَيْسَرُهَا مِثْلُ أَنْ يَنْكِحَ الرَّجُلُ أُمَّهُ» (قَوْلُهُ وَقَطْعَ الرَّحِمِ) الرَّحِمُ كُلُّ قَرَابَةٍ يَحْرُمُ نِكَاحُهَا وَقِيلَ كُلُّ قَرَابَةٍ إلَى ثَمَانِيَةَ عَشَرَ جِدًّا وَقِيلَ كُلُّ قَرَابَةٍ تَجِبُ نَفَقَتُهَا وَهَلْ تَخْتَصُّ الْقَطِيعَةُ بِالْإِسَاءَةِ أَوْ تَتَعَدَّى إلَى تَرْكِ الْإِحْسَانِ قَالَ أَبُو زُرْعَةَ الْأَقْرَبُ الْأَوَّلُ (قَوْلُهُ وَسَبَّ الصَّحَابَةِ) كَانَ لِلنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم مِائَةُ أَلْفٍ وَأَرْبَعَةَ عَشَرَ أَلْفَ صَحَابِيٍّ عِنْدَ وَفَاتِهِ عليه الصلاة والسلام (قَوْلُهُ لِخَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ «لَا تَسُبُّوا أَصْحَابِي» إلَخْ) فِي هَذَا الْحَدِيثِ الْيَأْسُ مِنْ بُلُوغِ مَنْ بَعْدَهُمْ مَرْتَبَةَ أَحَدِهِمْ فِي الْفَضْلِ فَإِنَّ هَذَا الْمَفْرُوضَ مِنْ مِلْكِ الْإِنْسَانِ ذَهَبًا بِقَدْرِ أُحُدٍ مُحَالٌ فِي الْعَادَةِ لَمْ يَتَّفِقْ لِأَحَدٍ مِنْ الْخَلْقِ وَبِتَقْدِيرِ وُقُوعِهِ وَإِنْفَاقِهِ فِي وُجُوهِ الْخَيْرِ لَا يَبْلُغُ الثَّوَابُ الْمُتَرَتِّبُ عَلَى ذَلِكَ ثَوَابَ الْوَاحِدِ مِنْ الصَّحَابَةِ إذَا تَصَدَّقَ بِنِصْفِ مُدٍّ وَلَوْ مِنْ شَعِيرٍ وَذَلِكَ بِالتَّقْرِيبِ رُبْعُ قَدَحٍ مِصْرِيٍّ وَذَلِكَ إذَا طُحِنَ وَعُجِنَ لَا يَبْلُغُ رَغِيفًا عَلَى الْمُعْتَادِ وَمَنْ تَدَبَّرَ هَذَا الْحَدِيثَ لَمْ يَجِدْ فِي مَنَاقِبِ الصَّحَابَةِ أَبْلَغَ مِنْهُ (قَوْلُهُ وَيَنْبَغِي تَقْيِيدُ الْمُنْكَرِ بِالْكَبِيرَةِ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ وَكَتَبَ عَلَيْهِ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ يَنْبَغِي أَنْ يُفَصَّلَ فِي النَّهْيِ عَنْ الْمُنْكَرِ فَيُقَالُ إنْ كَانَ كَبِيرَةً فَالسُّكُوتُ عَلَيْهِ مَعَ الْقُدْرَةِ عَلَى دَفْعِهِ كَبِيرَةٌ وَإِنْ كَانَ صَغِيرَةً فَالسُّكُوتُ صَغِيرَةٌ وَكَذَلِكَ تَرْكُ الْمَأْمُورِ بِهِ يُقَاسُ بِمَا ذَكَرْنَاهُ إذَا قُلْنَا إنَّ الْوَاجِبَاتِ تَتَفَاوَتُ وَالظَّاهِرُ تَفَاوُتُهَا وَقَوْلُهُ فَيُقَالُ إنْ كَانَ إلَخْ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ وَنِسْيَانَ الْقُرْآنِ) مَحِلُّهُ إذَا كَانَ نِسْيَانُهُ تَهَاوُنًا وَتَكَاسُلًا ع (قَوْلُهُ وَإِحْرَاقَ حَيَوَانٍ) وَإِنْ كَانَ مِمَّا يُسْتَحَبُّ قَتْلُهُ كَالْبَقِّ وَالْبُرْغُوثِ
(فَرْعٌ) يُشْبِهُ أَنْ يَكُونَ قَتْلُ الْهَوَامِّ الَّذِي لَيْسَ بِمُؤْذٍ مِنْ الْكَبَائِرِ لِأَنَّ «امْرَأَةً دَخَلَتْ النَّارَ فِي هِرَّةٍ حَبَسَتْهَا» وَيَلْحَقُ بِهَا مَا فِي مَعْنَاهَا وَكَذَلِكَ التَّصْوِيرُ وَغَيْرُهُ مِمَّا ثَبَتَ لَعْنُ فَاعِلِهِ
الْإِحْيَاءِ إلَى مِثْلِ هَذَا التَّوَقُّفِ انْتَهَى وَلَيْسَتْ الْكَبَائِرُ مُنْحَصِرَةً فِيمَا ذُكِرَ كَمَا أَشَارَ إلَيْهِ فِي أَوَّلِهَا وَأَمَّا خَبَرُ الصَّحِيحَيْنِ «الْكَبَائِرُ الْإِشْرَاكُ بِاَللَّهِ وَالسِّحْرُ وَعُقُوقُ الْوَالِدَيْنِ وَقَتْلُ النَّفْسِ زَادَ الْبُخَارِيُّ وَالْيَمِينُ الْغَمُوسُ وَمُسْلِمٌ بَدَّلَهَا وَقَوْلُ الزُّورِ» وَخَبَرُهُمَا «اجْتَنِبُوا السَّبْعَ الْمُوبِقَاتِ الشِّرْكُ بِاَللَّهِ وَالسِّحْرُ وَقَتْلُ النَّفْسِ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إلَّا بِالْحَقِّ وَأَكْلُ مَالِ الْيَتِيمِ وَأَكْلُ الرِّبَا وَالتَّوَلِّي يَوْمَ الزَّحْفِ وَقَذْفُ الْمُحْصَنَاتِ الْغَافِلَاتِ الْمُؤْمِنَاتِ» فَمَحْمُولَانِ عَلَى بَيَانِ الْمُحْتَاجِ إلَيْهِ مِنْهَا وَقْتَ ذِكْرِهِ.
وَقَدْ قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ هِيَ إلَى السَّبْعِينَ أَقْرَبُ وَسَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ هِيَ إلَى السَّبْعِمِائَةِ أَقْرَبُ يَعْنِي بِاعْتِبَارِ أَصْنَافِ أَنْوَاعِهَا (وَقِيلَ إنَّ الْكَبِيرَةَ هِيَ الْمَعْصِيَةُ الْمُوجِبَةُ لِلْحَدِّ وَذُكِرَ فِي الْأَصْلِ أَنَّهُمْ إلَى تَرْجِيحِ هَذَا أَمْيَلُ وَأَنَّ الَّذِي ذَكَرْنَاهُ أَوَّلًا هُوَ الْمُوَافِقُ لِمَا ذَكَرُوهُ عِنْدَ تَفْصِيلِ الْكَبَائِرِ) أَيْ لِأَنَّهُمْ عَدُّوا الرِّبَا وَأَكْلَ مَالِ الْيَتِيمِ وَشَهَادَةَ الزُّورِ وَنَحْوَهَا مِنْ الْكَبَائِرِ وَلَا حَدَّ فِيهَا وَقَالَ الْإِمَامُ هِيَ كُلُّ جَرِيمَةٍ تُؤْذِنُ بِقِلَّةِ اكْتِرَاثِ مُرْتَكِبِهَا بِالدِّينِ وَالْمُرَادُ بِهَا بِقَرِينَةِ التَّعَارِيفِ الْمَذْكُورَةِ غَيْرُ الْكَبَائِرِ الِاعْتِقَادِيَّةِ الَّتِي هِيَ الْبِدَعُ فَإِنَّ الرَّاجِحَ قَبُولُ شَهَادَةِ أَهْلِهَا مَا لَمْ نُكَفِّرْهُمْ كَمَا سَيَأْتِي بَيَانُهُ (وَمِنْ الصَّغَائِرِ) جَمْعُ صَغِيرَةٍ وَهِيَ كُلُّ ذَنْبٍ لَيْسَ بِكَبِيرَةٍ.
(النَّظَرُ الْمُحَرَّمُ وَغَيْبَةٌ) لِلْمُسِرِّ فِسْقَهُ (وَاسْتِمَاعُهَا) بِخِلَافِ الْمُعْلِنِ لَا تَحْرُمُ غَيْبَتُهُ بِمَا أَعْلَنَ بِهِ كَمَا مَرَّ فِي النِّكَاحِ وَبِخِلَافِ غَيْرِ الْفَاسِقِ فَيَنْبَغِي أَنْ تَكُونَ غَيْبَتُهُ كَبِيرَةً وَجَرَى عَلَيْهِ الْمُصَنِّفُ كَأَصْلِهِ فِي الْوُقُوعِ فِي أَهْلِ الْعِلْمِ وَحَمَلَةِ الْقُرْآنِ كَمَا مَرَّ وَعَلَى ذَلِكَ يُحْمَلُ مَا وَرَدَ فِيهَا مِنْ الْوَعِيدِ الشَّدِيدِ فِي الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ وَمَا نَقَلَهُ الْقُرْطُبِيُّ وَغَيْرُهُ مِنْ الْإِجْمَاعِ عَلَى أَنَّهَا كَبِيرَةٌ وَهَذَا التَّفْصِيلُ أَحْسَنُ مِنْ إطْلَاقِ صَاحِبِ الْعُدَّةِ أَنَّهَا صَغِيرَةٌ وَإِنْ نَقَلَهُ الْأَصْلُ عَنْهُ وَأَقَرَّهُ وَجَرَى عَلَيْهِ الْمُصَنِّفُ وَقَوْلُهُ وَاسْتِمَاعُهَا أَخَصُّ مِنْ قَوْلِ الْأَصْلِ وَالسُّكُوتُ عَلَيْهَا لِأَنَّهُ قَدْ يَعْلَمُهَا وَلَا يَسْمَعُهَا (وَكَذِبٌ لَا حَدَّ فِيهِ وَلَا ضَرَرَ) وَقَدْ لَا يَكُونُ صَغِيرَةً كَإِنْ كَذَبَ فِي شِعْرِهِ بِمَدْحٍ وَإِطْرَاءٍ وَأَمْكَنَ حَمْلُهُ عَلَى الْمُبَالَغَةِ فَإِنَّهُ جَائِزٌ لِأَنَّ غَرَضَ الشَّاعِرِ إظْهَارُ الصَّنْعَةِ لَا التَّحْقِيقُ كَمَا سَيَأْتِي ذَلِكَ وَخَرَجَ بِنَفْيِ الْحَدِّ وَالضَّرَرِ مَا لَوْ وُجِدَا أَوْ أَحَدُهُمَا مَعَ الْكَذِبِ فَيَصِيرُ كَبِيرَةً لَكِنَّهُ مَعَ الضَّرَرِ لَيْسَ كَبِيرَةً مُطْلَقًا بَلْ قَدْ يَكُونُ كَبِيرَةً كَالْكَذِبِ عَلَى الْأَنْبِيَاءِ وَقَدْ لَا يَكُونُ بَلْ الْمُوَافِقُ لِتَعْرِيفِ الْكَبِيرَةِ بِأَنَّهَا الْمَعْصِيَةُ الْمُوجِبَةُ لِلْحَدِّ أَنَّهُ لَيْسَ كَبِيرَةً مُطْلَقًا (وَإِشْرَافٌ عَلَى بُيُوتِ النَّاسِ وَهَجْرُ مُسْلِمٍ فَوْقَ ثَلَاثٍ) مِنْ الْأَيَّامِ بِلَا سَبَبٍ يَقْتَضِي ذَلِكَ كَمَا مَرَّ فِي بَابِ الشِّقَاقِ.
وَأَفْهَمَ كَلَامُهُمْ جَوَازَهُ فِي الثَّلَاثِ بِلَا سَبَبٍ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَفِيهِ نَظَرٌ (وَكَثْرَةُ خُصُومَاتٍ) وَإِنْ كَانَ مُكْثِرُهَا مُحِقًّا (لَا إنْ رَاعَى حَقَّ الشَّرْعِ) فِيهَا فَلَيْسَتْ صَغِيرَةً (وَضَحِكٌ فِي الصَّلَاةِ وَنِيَاحَةٌ وَشَقُّ جَيْبٍ لِمُصِيبَةٍ وَتَبَخْتُرٌ) فِي الْمَشْيِ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَلَمْ أَرَ عَدَّ هَذِهِ الثَّلَاثَةِ مِنْ الصَّغَائِرِ إلَّا لِصَاحِبِ الْعِدَّةِ وَالْأَخْبَارُ الصَّحِيحَةُ تَقْتَضِي أَنَّهَا مِنْ الْكَبَائِرِ (وَجُلُوسٌ بَيْنَ فُسَّاقٍ إينَاسًا لَهُمْ وَإِدْخَالُ مَجَانِينَ وَنَجَاسَةٍ وَكَذَا إدْخَالُ صِبْيَانَ يَغْلِبُ تَنْجِيسُهُمْ الْمَسْجِدَ وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَغْلِبْ تَنْجِيسُ الصِّبْيَانِ لَهُ (كُرِهَ) وَمِثْلُهُمْ فِي هَذَا الْمَجَانِينُ وَعَلَى عَدَمِ الْغَلَبَةِ يُحْمَلُ إطْلَاقُ الْمَجْمُوعِ الْكَرَاهَةَ فِي إدْخَالِهِمَا الْمَسْجِدَ وَلَا يُنَافِي تَحْرِيمُ إدْخَالِهِمَا إيَّاهُ مَا مَرَّ مِنْ جَوَازِ إدْخَالِهِمْ الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ لِيُحْرِمَ عَنْهُمْ أَوْلِيَاؤُهُمْ وَيَطُوفُوا بِهِمْ إذْ لَا يَلْزَمُ مِنْ تَجْوِيزِ الْإِدْخَالِ لِحَاجَةِ الْعِبَادَةِ الْجَوَازُ لِغَيْرِ حَاجَةٍ (وَإِمَامَةُ مَنْ) أَيْ قَوْمٍ (يَكْرَهُونَهُ لِعَيْبٍ فِيهِ) تَقَدَّمَ فِي صِفَةِ الْأَئِمَّةِ أَنَّهَا مَكْرُوهَةٌ (وَاسْتِعْمَالُ نَجَسٍ فِي بَدَنٍ أَوْ ثَوْبٍ لِغَيْرِ حَاجَةٍ) كَمَا مَرَّ فِي بَابِ مَا يَجُوزُ لُبْسُهُ وَالثَّوْبُ ذَكَرَهُ الْأَصْلُ ثُمَّ وَالْمُصَنِّفُ هُنَا كَمَا مَرَّ التَّنْبِيهُ عَلَيْهِ ثُمَّ (وَالتَّغَوُّطُ مُسْتَقْبِلًا) الْقِبْلَةَ بِشَرْطِهِ السَّابِقِ فِي بَابِ الِاسْتِنْجَاءِ (وَ) التَّغَوُّطُ (فِي الطَّرِيقِ) تَقَدَّمَ ثُمَّ إنَّهُ مَكْرُوهٌ مَعَ مَا فِيهِ (وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ مِمَّا لَا يَجُوزُ حَتَّى كَشْفُ الْعَوْرَةِ) وَلَوْ (فِي خَلْوَةٍ لِغَيْرِ حَاجَةٍ) وَمِنْ ذَلِكَ الْقُبْلَةُ لِلصَّائِمِ الَّتِي تَحْرُمُ شَهْوَتُهُ وَالْوِصَالُ فِي الصَّوْمِ وَالِاسْتِمْنَاءُ وَمُبَاشَرَةُ الْأَجْنَبِيَّةِ بِغَيْرِ جِمَاعٍ وَقَدْ ذَكَرَ الْأَصْلُ هُنَا أَمْثِلَةً كَثِيرَةً وَبِالْجُمْلَةِ (فَالْإِصْرَارُ عَلَى الصَّغَائِرِ وَلَوْ عَلَى نَوْعٍ مِنْهَا يُسْقِطُ الشَّهَادَةَ) بِشَرْطٍ ذَكَرَهُ فِي قَوْلِهِ.
(قَالَ الْجُمْهُورُ مَنْ غَلَبَتْ طَاعَتُهُ
ــ
[حاشية الرملي الكبير]
قَوْلُهُ فَمَحْمُولَانِ) أَيْ خَبَرُ الصَّحِيحَيْنِ الْكَبَائِرُ الْحَاضِرَةُ وَخَبَرُهُمَا اجْتَنِبُوا إلَى آخِرِهِ (قَوْلُهُ وَقِيلَ الْكَبِيرَةُ إلَخْ) قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَقَدْ رَأَيْت لِشَيْخِنَا الْحَافِظِ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ الذَّهَبِيِّ جُزْءًا عَدَّ فِيهِ الْكَبَائِرَ وَأَحْسَبُهُ بَلَغَ فِيهَا إلَى نَحْوِ الْأَرْبَعِمِائَةِ أَوْ دُونَهَا أَوْ فَوْقَهَا وَأَنَا بَعِيدُ الْعَهْدِ بِهِ وَقَالَ الْوَاحِدِيُّ وَغَيْرُهُ الْكَبَائِرُ كُلُّهَا لَا تُعْرَفُ أَيْ لَا تَنْحَصِرُ (قَوْلُهُ وَذَكَرَ فِي الْأَصْلِ أَنَّهُمْ إلَى تَرْجِيحِ وَهَذَا أَمْيَلُ) قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَهُوَ أَمْثَلُ.
(قَوْلُهُ وَقَالَ الْإِمَامُ كُلُّ جَرِيمَةٍ إلَخْ) هَذَا بِظَاهِرِهِ يَتَنَاوَلُ صَغِيرَةَ الْخِسَّةِ كَسَرِقَةِ لُقْمَةٍ وَالتَّطْفِيفِ بِثَمَرَةٍ وَالْإِمَامُ إنَّمَا ضَبَطَ بِهِ مَا يُبْطِلُ الْعَدَالَةَ مِنْ الْمَعَاصِي الشَّامِلَ لِتِلْكَ الْكَبِيرَةِ فَقَطْ نَعَمْ هُوَ أَشْمَلُ مِنْ التَّعْرِيفَيْنِ الْأَوَّلَيْنِ وَقَالَ الْبَارِزِيُّ التَّحْقِيقُ أَنَّ الْكَبِيرَةَ كُلُّ ذَنْبٍ قُرِنَ بِهِ وَعِيدٌ أَوْ حَدٌّ أَوْ لَعْنٌ بِنَصِّ كِتَابٍ أَوْ سُنَّةٍ أَوْ عُلِمَ أَنَّ مَفْسَدَتَهُ كَمَفْسَدَةِ مَا قُرِنَ بِهِ وَعِيدٌ أَوْ حَدٌّ أَوْ لَعْنٌ أَوْ أَكْثَرُ مِنْ مَفْسَدَتِهِ أَوْ أَشْعَرَ بِتَهَاوُنِ مُرْتَكِبِهِ فِي دِينِهِ إشْعَارَ أَصْغَرِ الْكَبَائِرِ الْمَنْصُوصِ عَلَيْهَا بِذَلِكَ (قَوْلُهُ تُؤْذِنُ بِقِلَّةِ اكْتِرَاثِ مُرْتَكِبِهَا بِالدِّينِ) أَيْ وَرِقَّةِ الدِّيَانَةِ فَهِيَ مُبْطِلَةٌ لِلْعَدَالَةِ (قَوْلُهُ وَمِنْ الصَّغَائِرِ إلَخْ) قَالَ شَيْخُنَا صَرَّحَ فِي الْأَنْوَارِ بِأَنَّ لُبْسَ الرَّجُلِ لِلْحَرِيرِ صَغِيرَةٌ (قَوْلُهُ وَقَدْ لَا يَكُونُ صَغِيرَةً إلَخْ) وَقَدْ يَكُونُ وَاجِبًا وَأَمْثِلَتُهُ وَاضِحَةٌ (قَوْلُهُ تَقَدَّمَ فِي صِفَةِ الْأَئِمَّةِ أَنَّهَا مَكْرُوهَةٌ) لَا مُخَالَفَةَ بَيْنَهُمَا لِأَنَّ هَذِهِ فِي كَرَاهَةِ كُلِّهِمْ وَتِلْكَ فِي كَرَاهَةِ أَكْثَرِهِمْ وَكَتَبَ أَيْضًا تَقَدَّمَ ثُمَّ إنَّهُمَا مَسْأَلَتَانِ وَأَنَّ الْكَرَاهَةَ فِي تِلْكَ لِلتَّنْزِيهِ وَفِي هَذِهِ لِلتَّحْرِيمِ (قَوْلُهُ وَمُبَاشَرَةُ الْأَجْنَبِيَّةِ) أَيْ وَالشُّرْبُ مِنْ إنَاءٍ ذَهَبٍ أَوْ فِضَّةٍ وَالتَّخَتُّمُ بِالذَّهَبِ وَلُبْسُ الْحَرِيرِ وَالْجُلُوسُ لِلرِّجَالِ وَسَمَاعُ الْأَوْتَارِ وَالْمَعَازِفِ وَالْمِزْمَارِ الْعِرَاقِيِّ
مَعَاصِيَهُ كَانَ عَدْلًا وَعَكْسُهُ) وَهُوَ مَنْ غَلَبَتْ مَعَاصِيهِ طَاعَتَهُ فَاسِقٌ فَلَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ وَمِثْلُهُ مَا إذَا اسْتَوَيَا
(فَرْعٌ يُكْرَهُ الشِّطْرَنْجُ) أَيْ اللَّعِبُ بِهِ وَهُوَ بِكَسْرِ أَوَّلِهِ وَفَتْحِهِ مُعْجَمًا وَمُهْمَلًا وَأَنْكَرَ بَعْضُهُمْ فَتْحَهُ وَاحْتُجَّ لِإِبَاحَةِ اللَّعِبِ بِهِ بِأَنَّ الْأَصْلَ الْإِبَاحَةُ وَبِأَنَّ فِيهِ تَدْبِيرُ الْحُرُوبِ وَلِلْكَرَاهَةِ بِأَنَّ صَرْفَ الْعُمْرِ إلَى مَا لَا يُجْدِي وَبِأَنَّ عَلِيًّا رضي الله عنه مَرَّ بِقَوْمٍ يَلْعَبُونَ بِهِ فَقَالَ مَا هَذِهِ التَّمَاثِيلُ الَّتِي أَنْتُمْ لَهَا عَاكِفُونَ (فَإِنْ اقْتَرَنَ بِهِ قِمَارٌ) بِأَنْ شُرِطَ الْمَالُ مِنْ الْجَانِبَيْنِ (أَوْ فُحْشٌ) أَوْ لَعِبٌ مَعَ مُعْتَقِدِ التَّحْرِيمِ (أَوْ تَأْخِيرُ الصَّلَاةِ عَنْ الْوَقْتِ عَمْدًا وَكَذَا) تَأْخِيرُهَا عَنْهُ (سَهْوًا لِلَّعِبِ بِهِ) بِأَنْ شَغَلَهُ اللَّعِبُ بِهِ حَتَّى خُرُوجِ الْوَقْتِ وَهُوَ غَافِلٌ (وَتَكَرَّرَ) ذَلِكَ مِنْهُ (فَحَرَامٌ) لِمَا اُقْتُرِنَ بِهِ بِخِلَافِ مَا إذَا لَمْ يَتَكَرَّرْ وَيُفَارِقُ حُكْمَ السَّهْوِ مَعَ التَّكَرُّرِ هُنَا مَا لَوْ تَرَكَ الصَّلَاةَ سَاهِيًا مِرَارًا بِأَنَّهُ هُنَا شَغَلَ نَفْسَهُ بِمَا فَاتَتْ بِهِ الصَّلَاةُ قَالَ فِي الْأَصْلِ كَذَا ذَكَرُوهُ وَفِيهِ إشْكَالٌ لِمَا فِيهِ مِنْ تَعْصِيَةِ الْغَافِلِ ثُمَّ قِيَاسُهُ الطَّرْدَ فِي شَغْلِ النَّفْسِ بِغَيْرِهِ مِنْ الْمُبَاحَاتِ وَمَا اسْتَشْكَلَ بِهِ أَجَابَ عَنْهُ الشَّافِعِيُّ رضي الله عنه بِأَنَّ فِي ذَلِكَ اسْتِخْفَافًا مِنْ حَيْثُ إنَّهُ عَادَ إلَى مَا عَلِمَ إنَّهُ يُوَرِّثُهُ الْغَفْلَةَ نَقَلَهُ الْإِسْنَوِيُّ وَأَمَّا الْقِيَاسُ الْمَذْكُورُ فَأُجِيبُ عَنْهُ بِأَنَّ شَغْلَ النَّفْسِ بِالْمُبَاحِ يَفْجَؤُهَا وَلَا قُدْرَةَ عَلَى دَفْعِهِ بِخِلَافِهِ هُنَا وَبِأَنَّ مَا شَغَلَهَا بِهِ هُنَا مَكْرُوهٌ وَثَمَّ مُبَاحٌ (فَإِنْ خَرَّجَ أَحَدُهُمَا الْمَالَ لِمَنْ غَلَبَ) أَيْ لِيَبْذُلَهُ إنْ غَلَبَ وَيُمْسِكَهُ إنْ غَلَبَ أَوْ أَخْرَجَهُ غَيْرُهُمَا (فَلَيْسَ بِقِمَارٍ بَلْ مُسَابَقَةٌ فَاسِدَةٌ) لِأَنَّهُ مُسَابَقَةٌ عَلَى غَيْرِ آلَةٍ فَقَالَ وَهِيَ مَعَ ذَلِكَ حَرَامٌ أَيْضًا لِكَوْنِهِ مِنْ بَابِ تَعَاطِي الْعُقُودِ الْفَاسِدَةِ
(وَالنَّرْدُ) وَفِي نُسْخَةٍ وَاللَّعِبُ بِالنَّرْدِ (حَرَامٌ) لِخَبَرِ «مَنْ لَعِبَ بِالنَّرْدِ فَقَدْ عَصَى اللَّهَ وَرَسُولَهُ» رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَالْحَاكِمُ وَصَحَّحَهُ وَفِي خَبَرِ مُسْلِمٍ «فَكَأَنَّمَا غَمَسَ يَدَهُ فِي لَحْمِ خِنْزِيرٍ وَدَمِهِ» أَيْ وَذَلِكَ حَرَامٌ وَفَارَقَ اللَّعِبَ بِالشِّطْرَنْجِ بِأَنَّ التَّعْوِيلَ فِيهِ عَلَى مَا يُخْرِجُهُ الْكَعْبَانِ أَيْ الْحَصَى وَنَحْوُهُ فَهُوَ كَالْأَزْلَامِ وَفِي الشِّطْرَنْجِ عَلَى الْفِكْرِ وَالتَّأَمُّلِ وَإِنَّهُ يَنْفَعُ فِي تَدْبِيرِ الْحَرْبِ (وَهُوَ صَغِيرَةٌ وَالْحَزَّةُ) بِفَتْحِ الْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ وَبِالزَّايِ وَهِيَ قِطْعَةُ خَشَبٍ يُحْفَرُ فِيهَا حُفَرٌ فِي ثَلَاثَةِ أَسْطُرٍ يُجْعَلُ فِيهَا حَصًى صِغَارٌ يُلْعَبُ بِهَا وَتُسَمَّى بِالْمُنَقِّلَةِ وَقَدْ تُسَمَّى بِالْأَرْبَعَةِ عَشَرَ (وَالْفَرَقُ) بِفَتْحِ الْقَافِ وَالرَّاءِ وَيُقَالُ بِكَسْرِ الْقَافِ وَإِسْكَانِ الرَّاءِ وَهُوَ أَنْ يُخَطَّ فِي الْأَرْضِ خَطٌّ مُرَبَّعٌ وَيُجْعَلَ فِي وَسَطِهِ خَطَّانِ كَالصَّلِيبِ وَيُجْعَلَ عَلَى رُءُوسِ الْخُطُوطِ حَصًى صِغَارٌ يُلْعَبُ بِهَا (كَالنَّرْدِ) فِي تَحْرِيمِ اللَّعِبِ بِهِ وَقِيلَ كَالشِّطْرَنْجِ وَالتَّرْجِيحُ مِنْ زِيَادَتِهِ وَكَلَامُ الرَّافِعِيِّ يَمِيلُ إلَى
ــ
[حاشية الرملي الكبير]
قَوْلُهُ وَمِثْلُهُ مَا إذَا اسْتَوَيَا) كَمَا يُؤْخَذُ مِنْ قَوْلِ الْأَصْلِ فَعَلَى هَذَا لَا تَضُرُّ الْمُدَاوَمَةُ عَلَى نَوْعٍ مِنْ الصَّغَائِرِ إذْ غَلَبَتْ الطَّاعَاتُ. اهـ. وَلَا يَضُرُّ أَيْضًا الْمُدَاوَمَةُ عَلَى أَنْوَاعٍ إذَا غَلَبَتْ طَاعَاتُهُ مَعَاصِيَهُ وَالْمُرَادُ الرُّجُوعُ فِي الْغَلَبَةِ لِلْعُرْفِ فَإِنَّهُ لَا يُمْكِنُ أَنْ يُرَادَ مُدَّةَ الْعُمُرِ فَالْمُسْتَقْبَلُ لَا يَدْخُلُ فِي ذَلِكَ وَكَذَلِكَ مَا ذَهَبَ بِالتَّوْبَةِ وَغَيْرِهَا
(قَوْلُهُ وَاحْتَجَّ لِإِبَاحَتِهِ إلَخْ) وَلَقَدْ أَحْسَنَ مَنْ قَالَ إذَا سَلِمَ الْمَالُ مِنْ الْخُسْرَانِ وَاللِّسَانُ مِنْ الْبُهْتَانِ وَالصَّلَاةُ مِنْ النِّسْيَانِ فَهُوَ أُنْسٌ بَيْنَ الْخِلَّانِ فَلَا يُوصَفُ بِالْحِرْمَانِ (قَوْلُهُ فَقَالَ مَا هَذِهِ التَّمَاثِيلُ إلَخْ) إنَّمَا أَنْكَرَهَا كَرَاهَةً لَهَا لَا لِحَظْرِهَا وَإِلَّا لَرَفَعَهَا وَمَنَعَهُمْ مِنْهَا وَقِيلَ لِأَنَّهُمْ كَانُوا سَمِعُوا الْأَذَانَ وَهُمْ يَتَشَاغَلُونَ بِهَا وَقِيلَ لِأَنَّهُمْ كَانُوا يَسْتَخِفُّونَ بِهَجْرِ الْكَلَامِ عَلَيْهَا وَقِيلَ إنَّ الشِّطْرَنْجَ إذْ ذَاكَ كَانَتْ صُوَرًا عَلَى صُورَةِ الْأَفِيلَةِ وَالْأَفْرَاسِ وَالرَّجَّالَةِ فَكَرِهَهَا لِذَلِكَ (قَوْلُهُ بِأَنْ شُرِطَ الْمَالُ مِنْ الْجَانِبَيْنِ) مَحِلُّهُ مَا إذَا كَانَا قَرِيبًا مِنْ التَّكَافُؤِ فَإِنْ قُطِعَ بِأَنَّ أَحَدَهُمَا غَالِبٌ فَلَيْسَ بِقِمَارٍ وَإِلَيْهِ أَشَارَ الرَّافِعِيُّ بِقَوْلِهِ وَكَانَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا بَيْنَ أَنْ يَغْلِبَ فَيَغْنَمَ أَوْ يُغْلَبَ فَيَغْرَمَ وَأَسْقَطَهُ فِي الرَّوْضَةِ (قَوْلُهُ أَوْ لَعِبَ مَعَ مُعْتَقِدِ التَّحْرِيمِ) لِمَا فِيهِ مِنْ الْإِعَانَةِ عَلَى انْتِهَاكِ الْحُرْمَةِ وَالْجَرَاءَةِ قَالَ السُّبْكِيُّ وَنَظِيرُهُ مَا لَوْ تَبَايَعَ رَجُلَانِ وَقْتَ النِّدَاءِ أَحَدُهُمَا تَلْزَمُهُ الْجُمُعَةُ وَالثَّانِي لَا تَلْزَمُهُ فَإِنَّ الصَّحِيحَ الْمَنْصُوصَ أَنَّهُ يَحْرُمُ عَلَيْهِمَا وَتَبِعَهُ الْأَذْرَعِيُّ وَالزَّرْكَشِيُّ وَغَيْرُهُمَا لَكِنَّ مَسْأَلَتَنَا أَخَفُّ فَإِنَّ تَحْرِيمَ الْبَيْعِ عَلَى مَنْ تَلْزَمُهُ مَعْلُومٌ عِنْدَنَا وَعِنْدَهُ وَتَحْرِيمَ لَعِبِ الشِّطْرَنْجِ غَيْرُ مَعْلُومٍ عِنْدَنَا وَلَا عِنْدَهُ وَإِنَّمَا الْحَرَامُ فِعْلُهُ مَعَ اعْتِقَادِ حُرْمَتِهِ وَهَذَا الْمَجْمُوعُ لَمْ تَحْصُلْ الْمُعَانَةُ عَلَيْهِ إنَّمَا حَصَلَتْ عَلَى مَعْصِيَةٍ.
(فَرْعٌ) قَالَ فِي التَّوْشِيحِ وَسَأَلْت الْوَالِدَ أَيَحْرُمُ عَلَى الرَّجُلِ أَنْ يَسْقِيَ غَيْرَهُ الْخَمْرَ إذَا كَانَ الشَّارِبُ يَظُنُّهُ غَيْرَ خَمْرٍ وَالسَّاقِي يَعْرِفُ أَنَّهُ خَمْرٌ فَقَالَ نَعَمْ فَقُلْت لِمَ مَعَ أَنَّ السَّاقِيَ لَمْ يَشْرَبْ وَلَمْ يُعِنْ عَلَى مَعْصِيَةٍ لِأَنَّ الشَّارِبَ لَمْ يَأْثَمْ فَقَالَ لِأَنَّهُ حَقَّقَ الْمَفْسَدَةَ (قَوْلُهُ وَتَكَرَّرَ) قَالَ شَيْخُنَا هُوَ رَاجِعٌ لِتَأْخِيرِ الصَّلَاةِ سَهْوًا (قَوْلُهُ فَحَرَامٌ لِمَا اُقْتُرِنَ بِهِ) فَالْمُحَرَّمُ هُوَ الْمُقْتَرِنُ بِهِ مِنْ ذَلِكَ وَالشِّطْرَنْجُ فِي نَفْسِهِ لَا يَتَغَيَّرُ بِهِ (قَوْلُهُ ثُمَّ قِيَاسُهُ الطَّرْدُ فِي شَغْلِ النَّفْسِ بِغَيْرِهِ مِنْ الْمُبَاحَاتِ) إنْ أَرَادَ بِذَلِكَ الْمُبَاحَ الْمُسْتَوِيَ الطَّرَفَيْنِ فَيُفَرَّقُ بِالتَّغْلِيظِ عَلَى الْمُشْتَغِلِ بِالْمَكْرُوهِ وَإِنْ أَرَادَ بِهِ الْمَكْرُوهَ وَالْتَزَمَ الطَّرْدَ غ وَتَبِعَهُ فِي الْخَادِمِ وَقَالَ لَمْ يَتَعَرَّضَا لِضَابِطِ التَّكْرَارِ وَعِبَارَةُ سَلِيمٍ فِي الْمُجَرَّدِ فَإِنْ وَقَعَ ذَلِكَ مِنْهُ مَرَّةً أَوْ مَرَّتَيْنِ لَمْ يَقْدَحْ فَإِنْ تَكَرَّرَ رُدَّتْ اهـ (قَوْلُهُ نَقَلَهُ الْإِسْنَوِيُّ) وَهُوَ شَبِيهٌ بِمَا إذَا نَامَ قَبْلَ الْوَقْتِ وَكَانَ يَعْلَمُ أَنَّهُ إذَا نَامَ قَبْلَ الْوَقْتِ وَكَانَ يَعْلَمُ أَنَّهُ إذَا نَامَ اسْتَغْرَقَ الْوَقْتَ بِالنَّوْمِ وَأَخْرَجَ الصَّلَاةَ عَنْ وَقْتِهَا وَقَدْ أَفْتَى ابْنُ الصَّلَاحِ بِأَنَّ ذَلِكَ حَرَامٌ وَجْهُ الْمُشَابَهَةِ أَنَّهُ إذَا تَكَرَّرَ ذَلِكَ مِنْهُ صَارَ عَادَةً لَهُ وَقَدْ عُلِمَ مِنْ عَادَتِهِ أَنَّهُ مَتَى اشْتَغَلَ بِهِ فَاتَتْهُ الصَّلَاةُ م وَقَالَ الْبُلْقِينِيُّ وَلَا إشْكَالَ فِيهِ لِأَنَّ تَعْصِيَةَ الْغَافِلِ اللَّاهِي إذَا كَانَ بِسَبَبٍ أَدْخَلَهُ عَلَى نَفْسِهِ بِاخْتِيَارِهِ وَقَدْ جَرَّبَهُ وَعَرَفَ أَنَّهُ تُوقِعُهُ فِي ذَلِكَ فَإِنَّهُ يَأْثَمُ بِهِ (قَوْلُهُ فَلَيْسَ بِقِمَارٍ إلَخْ) فَإِنْ أَخَذَهُ فَفِي تَعْلِيقِ الشَّيْخِ أَبِي حَامِدٍ أَنَّهُ تُرَدُّ شَهَادَتُهُ وَفِي الْكَافِي لِلرُّويَانِيِّ أَنَّهُ خَطَأٌ بِتَأْوِيلٍ فَلَا تُرَدُّ بِهِ الشَّهَادَةُ إلَّا إنْ أَخَذَهُ قَهْرًا قَالَ الْبُلْقِينِيُّ وَالْمُعْتَمَدُ مَا قَالَهُ أَبُو حَامِدٍ
(قَوْلُهُ وَالنَّرْدُ) قَالَ ابْنُ الْأَثِيرِ اسْمٌ أَعْجَمِيٌّ مُعَرَّبٌ (قَوْلُهُ وَهُوَ صَغِيرَةٌ) يَجِبُ أَنْ يَكُونَ فِي اللَّعِبِ مَجَّانًا غ ر وَقَالَ الْإِمَامُ إنَّهُ مِنْ الْكَبَائِرِ وَقَالَ بَعْضُهُمْ إنَّهُ يَنْبَغِي تَصْحِيحُهُ (قَوْلُهُ وَالْقَرَقُ بِفَتْحِ الْقَافِ إلَخْ) يُسَمَّى فِي هَذَا الزَّمَانِ إدْرِيسَ (قَوْلُهُ كَالنَّرْدِ فِي تَحْرِيمِ اللَّعِبِ بِهِ) قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَعَلَى هَذَا اقْتَصَرَ فِي الشَّامِلِ وَالْبَيَانِ وَالْحَاوِي وَلَفْظُهُ بَعْدَ أَنْ قَالَ إنَّ الصَّحِيحَ الَّذِي ذَهَبَ
تَرْجِيحِ الثَّانِي حَيْثُ قَالَ بَعْدَ حِكَايَةِ الْوَجْهَيْنِ وَيُشْبِهُ أَنْ يُقَالَ مَا يُعْتَمَدُ فِيهِ عَلَى إخْرَاجِ الْكَعْبَيْنِ فَكَالنَّرْدِ أَوْ عَلَى الْفِكْرِ فَكَالشِّطْرَنْجِ قَالَ الْإِسْنَوِيُّ وَهَذَا يُؤْخَذُ مِنْهُ تَرْجِيحُ الْجَوَازِ فِيهِمَا لِأَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا يُعْتَمَدُ فِيهِ عَلَى الْفِكْرِ لَا عَلَى شَيْءٍ يُرْمَى
(فَرْعٌ اتِّخَاذُ الْحَمَامِ) لِلْبَيْضِ أَوْ الْفَرْخِ أَوْ الْأُنْسِ أَوْ حَمْلِ الْكُتُبِ (مُبَاحٌ وَيُكْرَهُ اللَّعِبُ بِهِ) بِالتَّطْيِيرِ وَالْمُسَابَقَةِ وَلَا تُرَدُّ بِهِ الشَّهَادَةُ (فَإِنْ انْضَمَّ إلَيْهِ قِمَارٌ) أَوْ نَحْوُهُ (رُدَّتْ الشَّهَادَةُ) بِهِ كَالشِّطْرَنْجِ فِيهِمَا
(فَرْعٌ الْغِنَاءُ) بِكَسْرِ الْغَيْنِ وَالْمَدِّ (وَسَمَاعُهُ) يَعْنِي اسْتِمَاعَهُ (بِلَا آلَةٍ) أَيْ كُلٌّ مِنْهُمَا (مَكْرُوهٌ) لِمَا فِيهِ مِنْ اللَّهْوِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْتَرِي لَهْوَ الْحَدِيثِ} [لقمان: 6] قَالَ ابْنُ مَسْعُودٍ هُوَ الْغِنَاءُ رَوَاهُ الْحَاكِمُ وَصَحَّحَ إسْنَادَهُ وَإِنَّمَا لَمْ يُحَرَّمَا لِخَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ عَنْ عَائِشَةَ «قَالَتْ دَخَلَ عَلَيَّ أَبُو بَكْرٍ وَعِنْدِي جَارِيَتَانِ مِنْ جِوَارِي الْأَنْصَارِ تُغَنِّيَانِ بِمَا تَقَاوَلَتْ بِهِ الْأَنْصَارُ يَوْمَ بُعَاثٍ وَلَيْسَتَا بِمُغَنِّيَتَيْنِ فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ أَمَزَامِيرُ الشَّيْطَانِ فِي بَيْتِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَذَلِكَ فِي يَوْمِ عِيدٍ فَقَالَ لَهُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم يَا أَبَا بَكْرٍ لِكُلِّ قَوْمٍ عِيدٌ وَهَذَا عِيدُنَا» (وَ) اسْتِمَاعُهُ بِلَا آلَةٍ (مِنْ الْأَجْنَبِيَّةِ أَشَدُّ) كَرَاهَةً (فَإِنْ خِيفَ) مِنْ اسْتِمَاعِهِ مِنْهَا أَوْ مِنْ أَمْرَدَ (فِتْنَةٌ فَحَرَامٌ قَطْعًا وَالْحِدَاءُ) بِضَمِّ الْحَاءِ وَكَسْرِهَا وَالْمَدِّ وَهُوَ مَا يُقَالُ خَلْفَ الْإِبِلِ مِنْ رَجَزٍ وَغَيْرِهِ (مُبَاحٌ) بَلْ قَالَ النَّوَوِيُّ فِي مَنَاسِكِهِ مَنْدُوبٌ لِأَخْبَارٍ صَحِيحَةٍ وَلِمَا فِيهِ مِنْ تَنْشِيطِهَا لِلسَّيْرِ وَتَنْشِيطِ النُّفُوسِ وَإِيقَاظِ النُّوَامِ (وَتَحْسِينُ الصَّوْتِ بِالْقُرْآنِ مَسْنُونٌ) كَمَا مَرَّ فِي بَابِ الْأَحْدَاثِ (وَلَا بَأْسَ بِالْإِدَارَةِ) لِلْقِرَاءَةِ بِأَنْ يَقْرَأَ بَعْضُ الْجَمَاعَةِ قِطْعَةً ثُمَّ الْبَعْضُ قِطْعَةً بَعْدَهَا.
قَالَ فِي الْأَصْلِ وَلَا بَأْسَ بِتَرْدِيدِ الْآيَةِ لِلتَّدَبُّرِ وَلَا بِاجْتِمَاعِ الْجَمَاعَةِ فِي الْقِرَاءَةِ (وَ) لَا (قِرَاءَتِهِ بِالْأَلْحَانِ) إنْ لَمْ يُفْرِطْ (فَإِنْ أَفْرَطَ) فِي الْمَدِّ وَالْإِشْبَاعِ (حَتَّى وَلَّدَ) حُرُوفًا (أَوْ أَسْقَطَ حُرُوفًا) بِأَنْ وَلَّدَهَا (مِنْ الْحَرَكَاتِ) فَتَوَلَّدَ مِنْ الْفَتْحَةِ أَلِفٌ وَمِنْ الضَّمَّةِ وَاوٌ وَمِنْ الْكَسْرَةِ يَاءٌ أَوْ أَدْغَمَ فِي غَيْرِ مَوْضِعِ الْإِدْغَامِ (حَرُمَ) وَيُفَسَّقُ بِهِ الْقَارِئُ وَيَأْثَمُ الْمُسْتَمِعُ لِأَنَّهُ عَدَلَ بِهِ عَنْ نَهْجِهِ الْقَوِيمِ نَقَلَهُ فِي الرَّوْضَةِ عَنْ الْمَاوَرْدِيِّ (وَيُسَنُّ تَرْتِيلُهُ وَتَدَبُّرُهُ) لِلْقِرَاءَةِ وَالْبُكَاءُ عِنْدَهَا (وَاسْتِمَاعُ) شَخْصٍ (حَسَنِ الصَّوْتِ) كَمَا مَرَّتْ فِي الْأَحْدَاثِ (وَالْمُدَارَسَةُ) وَهِيَ أَنْ يَقْرَأَ عَلَى غَيْرِهِ وَيَقْرَأَ غَيْرُهُ عَلَيْهِ لِخَبَرِ «مَا اجْتَمَعَ قَوْمٌ فِي بَيْتٍ مِنْ بُيُوتِ اللَّهِ يَتْلُونَ كِتَابَ اللَّهِ وَيَتَدَارَسُونَهُ بَيْنَهُمْ إلَّا نَزَلَتْ عَلَيْهِمْ السَّكِينَةُ وَغَشِيَتْهُمْ الرَّحْمَةُ وَحَفَّتْهُمْ الْمَلَائِكَةُ وَذَكَرَهُمْ اللَّهُ فِيمَنْ عِنْدَهُ» رَوَاهُ أَبُو دَاوُد بِإِسْنَادٍ صَحِيحٍ عَلَى شَرْطِ الشَّيْخَيْنِ قَالَ فِي الرَّوْضَةِ وَيُسَنُّ الْجُلُوسُ فِي حِلَقِ الْقِرَاءَةِ (وَأَمَّا الْغِنَاءُ عَلَى الْآلَةِ الْمُطْرِبَةِ كَالطُّنْبُورِ وَالْعُودِ وَسَائِرٍ الْمَعَازِفِ) أَيْ الْمَلَاهِي (وَالْأَوْتَارِ) وَمَا يُضْرَبُ بِهِ (وَالْمِزْمَارِ) الْعِرَاقِيِّ وَهُوَ الَّذِي يُضْرَبُ بِهِ مَعَ الْأَوْتَارِ (وَكَذَا الْيَرَاعُ) وَهُوَ
ــ
[حاشية الرملي الكبير]
إلَيْهِ الْأَكْثَرُونَ تَحْرِيمُ اللَّعِبِ بِالنَّرْدِ وَأَنَّهُ يُفَسَّقُ بِهِ وَتُرَدُّ شَهَادَتُهُ وَهَكَذَا اللَّعِبُ بِالْأَرْبَعَةِ عَشَرَ الْمُفَوِّضَةُ إلَى الْكِعَابِ وَمَا ضَاهَاهَا فَهِيَ فِي حُكْمِ النَّرْدِ فِي التَّحْرِيمِ وَكَتَبَ أَيْضًا عَلَى جَعْلِهِمَا كَالنَّرْدِ اقْتَصَرَ فِي الشَّامِلِ وَالْبَيَانِ وَالْحَاوِي وَلَفْظُهُ بَعْدَ أَنْ قَالَ إنَّ الصَّحِيحَ الَّذِي ذَهَبَ إلَيْهِ الْأَكْثَرُونَ تَحْرِيمُ اللَّعِبِ بِالنَّرْدِ وَهَكَذَا اللَّعِبُ بِالْأَرْبَعَةِ عَشَرَ الْمُفَوِّضَةُ إلَى الْكِعَابِ وَمَا ضَاهَاهَا فَهِيَ فِي حُكْمِ النَّرْدِ فِي التَّحْرِيمِ قُلْت وَقَضِيَّةُ هَذَا وَكَلَامُ الرَّافِعِيِّ تَحْرِيمُ اللَّعِبِ بِمَا تُسَمِّيهِ الْعَامَّةُ الطَّابَ وَالدُّكَّ فَإِنَّ الِاعْتِمَادَ فِيهِ عَلَى مَا تُخْرِجُهُ الْقُضْبَانُ الْأَرْبَعَةُ غ وَمِمَّا أَظْهَرَهُ الْمَرَدَةُ لِلتَّرْكِ فِي هَذِهِ الْأَعْصَارِ أَوْرَاقًا مُقَصَّصَةً مُزَوَّقَةً بِأَنْوَاعٍ مِنْ النُّقُوشِ يُسَمُّونَهَا كَنَجَفَةٍ يَلْعَبُونَ بِهَا فَإِنْ كَانَتْ عَلَى عِوَضٍ مِنْ الْجَانِبَيْنِ أَوْ أَحَدِهِمَا فَقِمَارٌ وَإِلَّا فَالظَّاهِرُ أَنَّهَا كَالنَّرْدِ وَنَحْوِهِ لِمَا سَبَقَ مِنْ التَّوْجِيهِ غ ر وَقَوْلُهُ قُلْت وَقَضِيَّةُ هَذَا إلَخْ تَبِعَهُ الزَّرْكَشِيُّ وَغَيْرُهُ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ إنَّ الظَّاهِرَ التَّحْرِيمُ
(قَوْلُهُ وَيُكْرَهُ اللَّعِبُ بِهِ) قَالَ الْحَلِيمِيُّ وَيَحْرُمُ التَّحْرِيشُ بَيْنَ الْكِلَابِ وَالدُّيُوكِ لِمَا فِيهِ مِنْ إيلَامِ الْحَيَوَانِ بِلَا فَائِدَةٍ وَقَالَ ابْنُ سُرَاقَةَ فِي أَدَبِ الشُّهُودِ وَيَحْرُمُ تَرْقِيصُ الْقُرُودِ لِأَنَّ فِيهِ تَعْذِيبًا لَهُمْ وَفِي مَعْنَاهُ الْهِرَاشُ بَيْنَ الدِّيكَيْنِ وَالنِّطَاحُ بَيْنَ الْكَبْشَيْنِ وَاعْلَمْ أَنَّهُ يَحْرُمُ التَّفَرُّجُ عَلَى هَذِهِ الْأَشْيَاءِ الْمُحَرَّمَةِ لِأَنَّ فِيهِ إعَانَةً لَهُمْ عَلَى الْحَرَامِ وَكَذَلِكَ عَلَى مَنْ يَلْعَبُ بِالْعُصْفُورِ وَيَجْمَعُ النَّاسَ عَلَيْهَا وَيَحْرُمُ اللَّعِبُ بِالْحَاثِّ وَمَشْيُ الْبَهْلَوَانِ عَلَى الْحَبْلِ وَاللَّعِبُ بِالْجُلُودِ الْمُقَصَّصَةِ فِي ضَوْءِ السِّرَاجِ الْمُسَمَّى بِخَيَالِ الظِّلِّ قَالَ شَيْخُنَا يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ لِلَّعِبِ بِالْحَيَّاتِ وَمَشْيُ الْبَهْلَوَانِ كَرُكُوبِ الْبَحْرِ إنْ غَلَبَتْ السَّلَامَةُ جَازَ وَإِلَّا حَرُمَ
(قَوْلُهُ الْغِنَاءُ وَسَمَاعُهُ بِلَا آلَةٍ مَكْرُوهٌ) وَإِنْ لَمْ يَتَّخِذْهُ صِنَاعَةً وَالْقِيَاسُ فِي الْغِنَاءِ الْمَضْمُومِ لِلْآلَةِ الْمُحَرَّمَةِ بَقَاءُ الْكَرَاهَةِ فِي الْغِنَاءِ وَلَا يَخْفَى تَحْرِيمُهُ حَيْثُ كَانَ السَّمَاعُ مِنْ امْرَأَةٍ أَجْنَبِيَّةٍ أَوْ أَمْرَدَ وَخَشِيَ الْفِتْنَةَ فِيهِمَا (قَوْلُهُ فَإِنْ خِيفَ فِتْنَةً فَحَرَامٌ) وَعَلَيْهِ يُحْمَلُ كَلَامُ الشَّيْخَيْنِ فِي الْبَيْعِ وَالْغَصْبِ وَالصَّدَاقِ وَأَفْهَمَ قَوْلُهُ بِلَا آلَةٍ تَحْرِيمَهُ مَعَ الْآلَةِ كَمَا سَيَأْتِي لَكِنَّ الْقِيَاسَ تَحْرِيمُ الْآلَةِ فَقَطْ وَبَقَاءُ الْغِنَاءِ عَلَى الْكَرَاهَةِ وَقَدْ سَبَقَ مِثْلُهُ فِي الشِّطْرَنْجِ (قَوْلُهُ أَوْ أَمْرَدَ) أَيْ جَمِيلٍ (قَوْلُهُ نَقَلَهُ فِي الرَّوْضَةِ عَنْ الْمَاوَرْدِيِّ) وَقَالَ الشَّاشِيُّ فِي الْحِيلَةِ فَأَمَّا الْقِرَاءَةُ بِالْأَلْحَانِ فَأَبَاحَهَا قَوْمٌ وَحَظَرَهَا آخَرُونَ وَاخْتَارَ الشَّافِعِيُّ التَّفْصِيلَ وَإِنَّهَا إنْ كَانَتْ بِأَلْحَانٍ لَا تُغَيِّرُ الْحُرُوفَ عَنْ نَظْمِهَا جَازَ وَإِنْ غَيَّرَتْ الْحُرُوفَ إلَى الزِّيَادَةِ فِيهَا لَمْ تَجُزْ وَقَالَ الدَّارِمِيُّ الْقِرَاءَةُ بِالْأَلْحَانِ مُسْتَحَبَّةٌ مَا لَمْ يُزِلْ حَرْفًا عَنْ حَرَكَتِهِ أَوْ يُسْقِطُ فَإِنَّ ذَلِكَ مُحَرَّمٌ (قَوْلُهُ وَسَائِرِ الْمَعَازِفِ) لِخَبَرِ الْبُخَارِيِّ «لَيَكُونَنَّ فِي أُمَّتِي أَقْوَامٌ يَسْتَحِلُّونَ الْحُرَّ وَالْخَمْرَ وَالْحَرِيرَ وَالْمَعَازِفَ» وَلِأَنَّهَا تَدْعُو إلَى شُرْبِ الْخَمْرِ لَا سِيَّمَا مَنْ قَرُبَ عَهْدُهُ بِهِ وَلِأَنَّ التَّشَبُّهَ بِأَهْلِ الْمَعَاصِي حَرَامٌ وَمِنْ الْمَعَازِفِ الرَّبَابُ وَالْجُنْكُ وَالْكَمَنْجَةُ.
(قَوْلُهُ وَكَذَا الْيَرَاعُ) وَالْعَجَبُ كُلُّ الْعَجَبِ مِمَّنْ هُوَ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ وَيَزْعُمُ أَنَّ الشَّبَّابَةَ حَلَالٌ وَيَحْكِيهِ وَجْهًا فِي مَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ وَلَا أَصْلَ لَهُ وَقَدْ عُلِمَ أَنَّ الشَّافِعِيَّ وَأَصْحَابَهُ قَالُوا بِحُرْمَةِ سَائِرِ أَنْوَاعِ الْمَزَامِيرِ وَالشَّبَّابَةُ مِنْهَا بَلْ هِيَ أَحَقُّ مِنْ غَيْرِهَا بِالتَّحْرِيمِ فَقَدْ قَالَ الْقُرْطُبِيُّ إنَّهَا مِنْ أَعْلَى الْمَزَامِيرِ وَكُلُّ مَا لِأَجْلِهِ حُرِّمَتْ الْمَزَامِيرُ مَوْجُودٌ فِيهَا وَزِيَادَةً فَتَكُونُ أَوْلَى بِالتَّحْرِيمِ (قُلْت)
الشَّبَّابَةُ (فَحَرَامٌ) اسْتِعْمَالُهُ وَاسْتِمَاعُهُ وَكَمَا يَحْرُمُ ذَلِكَ يَحْرُمُ اسْتِعْمَالُ هَذِهِ الْآلَاتِ وَاِتِّخَاذُهَا لِأَنَّهَا مِنْ شِعَارِ الشَّرَبَةِ وَهِيَ مُطْرِبَةٌ وَصَحَّحَ الرَّافِعِيُّ حِلَّ الْيَرَاعِ لِأَنَّهُ يُنَشِّطُ عَلَى السَّيْرِ فِي السَّفَرِ وَعَطْفُ الْمَعَازِفِ عَلَى مَا قَبْلَهَا مِنْ عَطْفِ الْعَامِّ عَلَى الْخَاصِّ وَعَطْفُ مَا بَعْدَهَا عَلَيْهَا بِالْعَكْسِ وَمِنْهَا الصَّنْجُ كَمَا ذَكَرَهُ الْأَصْلُ وَالْمُرَادُ بِهِ ذُو الْأَوْتَارِ كَمَا قَالَهُ الْبَارِزِيُّ.
(وَضَرْبُ الدُّفِّ) بِضَمِّ الدَّالِ أَشْهَرُ مِنْ فَتْحِهَا (مُبَاحٌ فِي الْعُرْسِ وَالْخِتَانِ وَغَيْرِهِمَا) مِمَّا هُوَ سَبَبٌ لِإِظْهَارِ السُّرُورِ كَعِيدٍ وَقُدُومِ غَائِبٍ (وَلَوْ كَانَ بِجَلَاجِلَ) لِأَخْبَارٍ وَرَدَتْ بِحِلِّ الضَّرْبِ بِهِ كَخَبَرِ فَصْلُ مَا بَيْنَ الْحَلَالِ وَالْحَرَامِ الضَّرْبُ بِالدُّفِّ وَخَبَرِ «أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم لَمَّا رَجَعَ إلَى الْمَدِينَةِ مِنْ بَعْضِ مَغَازِيهِ جَاءَتْهُ جَارِيَةٌ سَوْدَاءُ فَقَالَتْ يَا رَسُولَ اللَّهِ إنِّي نَذَرْت إنْ رَدَّك اللَّهُ سَالِمًا أَنْ أَضْرِبَ بَيْنَ يَدَيْك بِالدُّفِّ وَأَتَغَنَّى فَقَالَ لَهَا إنْ كُنْت نَذَرْت فَأَوْفِ بِنَذْرِك» رَوَاهُمَا ابْنُ حِبَّانَ وَغَيْرُهُ وَصَحَّحُوهُمَا وَتَرْجِيحُ الْإِبَاحَةِ فِي غَيْرِ الْعُرْسِ وَالْخِتَانِ مِنْ زِيَادَةِ الْمُصَنِّفِ وَصَرَّحَ بِهِ الْمِنْهَاجُ كَأَصْلِهِ وَالْمُرَادُ بِالْجَلَاجِلِ الصُّنُوجُ جَمْعُ صَنْجٍ وَهُوَ الْحِلَقُ الَّتِي تُجْعَلُ دَاخِلَ الدُّفِّ وَالدَّوَائِرِ الْعِرَاضِ الَّتِي تُؤْخَذُ مِنْ صُفْرٍ وَتُوضَعُ فِي خُرُوقِ دَائِرَةِ الدُّفِّ وَالْقَوْلُ بِأَنَّ الضَّرْبَ بِالدُّفِّ وَفِيهِ صَنْجٌ أَشَدُّ إطْرَابًا مِنْ كَثِيرٍ مِنْ الْمَلَاهِي الْمُحَرَّمَةِ مَمْنُوعٌ (وَلَا يَحْرُمُ مِنْ الطُّبُولِ إلَّا الْكُوبَةَ) بِضَمِّ الْكَافِ وَإِسْكَانِ الْوَاوِ وَهِيَ طَبْلٌ طَوِيلٌ ضَيِّقُ الْوَسَطِ مُتَّسِعُ الطَّرَفَيْنِ لِخَبَرِ «إنَّ اللَّهَ حَرَّمَ الْخَمْرَ وَالْمَيْسِرَ وَالْكُوبَةَ» رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَابْنُ حِبَّانَ وَالْمَعْنِيُّ فِيهِ التَّشَبُّهُ بِمَنْ يَعْتَادُ ضَرْبَهُ وَهُمْ الْمُخَنَّثُونَ قَالَهُ الْإِمَامُ وَنَازَعَ الْإِسْنَوِيُّ فِي الْحَصْرِ الْمَذْكُورِ فَقَالَ هَذَا مَا ذَكَرَهُ الْغَزَالِيُّ فَتَبِعَهُ عَلَيْهِ الرَّافِعِيُّ وَالْمَوْجُودُ لِأَئِمَّةِ الْمَذْهَبِ هُوَ التَّحْرِيمُ فِيمَا عَدَا الدُّفَّ وَرَدَّهُ الزَّرْكَشِيُّ بِأَنَّ أَكْثَرَهُمْ قَيَّدُوهُ بِطَبْلِ اللَّهْوِ قَالَ وَمَنْ أَطْلَقَ التَّحْرِيمَ أَرَادَ بِهِ اللَّهْوَ أَيْ فَالْمُرَادُ إلَّا الْكُوبَةَ وَنَحْوَهَا مِنْ الطُّبُولِ الَّتِي تُرَادُ لِلَّهْوِ.
(وَيَحْرُمُ الصَّفَّاقَتَانِ) وَهُمَا مِنْ صُفْرٍ تُضْرَبُ إحْدَاهُمَا بِالْأُخْرَى وَيُسَمَّيَانِ بِالصَّنْجِ أَيْضًا (لِأَنَّهُمَا مِنْ عَادَةِ الْمُخَنَّثِينَ) بِفَتْحِ النُّونِ وَكَسْرِهَا وَبِالْمُثَلَّثَةِ (وَطُبُولُ لَعِبِ الصِّبْيَانِ كَالدُّفُوفِ) فَهِيَ مُبَاحَةٌ (وَالضَّرْبُ بِالْقَضِيبِ عَلَى الْوَسَائِدِ مَكْرُوهٌ) غَيْرُ مُحَرَّمٍ لِأَنَّهُ لَا يُفْرَدُ عَنْ الْغِنَاءِ وَلَا يُطْرِبُ وَحْدَهُ بِخِلَافِ الْآلَاتِ الْمُطْرِبَةِ (وَالرَّقْصُ) بِلَا تَكَسُّرٍ (مُبَاحٌ) لِخَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ «إنَّهُ صلى الله عليه وسلم وَقَفَ لِعَائِشَةَ يَسْتُرُهَا حَتَّى تَنْظُرَ إلَى الْحَبَشَةِ وَهُمْ يَلْعَبُونَ وَيَزْفِنُونَ وَالزَّفْنُ الرَّقْصُ» لِأَنَّهُ مُجَرَّدُ حَرَكَاتٍ عَلَى اسْتِقَامَةٍ أَوْ اعْوِجَاجٍ وَعَلَى الْإِبَاحَةِ الَّتِي صَرَّحَ بِهَا الْمُصَنِّفُ الْفُورَانِيُّ وَالْغَزَالِيُّ فِي وَسِيطِهِ وَهِيَ مُقْتَضَى كَلَامِ غَيْرِهِمَا وَقَالَ الْقَفَّالُ بِالْكَرَاهَةِ وَعِبَارَةُ الْأَصْلِ مُحْتَمِلَةٌ لَهَا
ــ
[حاشية الرملي الكبير]
وَمَا قَالَهُ حَقٌّ وَاضِحٌ وَالْمُنَازَعَةُ فِيهِ مُكَابَرَةٌ غ وَيَنْبَغِي اسْتِثْنَاءُ حَالَةِ التَّدَاوِي فَإِنَّ بَعْضَ الْأَمْرَاضِ يَنْجَحُ فِيهِ ذَلِكَ وَنَحْوُهُ مِنْ آلَاتِ الطَّرِبِ فَإِذَا شَهِدَ عَدْلَانِ مِنْ أَهْلِ الطِّبِّ بِذَلِكَ فَيَنْبَغِي تَجْوِيزُهُ فَإِنَّهُ لَا يَتَقَاصَرُ عَنْ التَّدَاوِي بِالنَّجَاسَاتِ وَلُبْسِ الْحَرِيرِ لِلْحَكَّةِ ر (قَوْلُهُ وَالْمُرَادُ بِهِ ذُو الْأَوْتَارِ كَمَا قَالَهُ الْبَارِزِيُّ) مَا أَدْرِي مِنْ أَيْنَ أَخَذَهُ وَقَدْ قَالَ الرَّافِعِيُّ بَعْدُ إنَّ الضَّرْبَ بِالصَّفَاقَتَيْنِ حَرَامٌ وَالصَّنْجُ الْعَرَبِيُّ كَالصَّفَاقَتَيْنِ فِيمَا أَحْسَبُهُ وَقَالَ الْجَوْهَرِيُّ وَغَيْرُهُ الصَّنْجُ هُوَ الَّذِي يُتَّخَذُ مِنْ صُفْرٍ يُضْرَبُ أَحَدُهُمَا بِالْآخَرِ مُخْتَصٌّ بِالْعَرَبِ وَذُو الْأَوْتَارِ مُخْتَصٌّ بِالْعَجَمِ وَحِينَئِذٍ يَجُوزُ حَمْلُ كَلَامِ الرَّافِعِيِّ عَلَى النَّوْعَيْنِ لَا كَمَا زَعَمَهُ الْبَارِزِيُّ غ (قَوْلُهُ وَضَرْبُ الدُّفِّ مُبَاحٌ فِي الْعُرْسِ وَالْخِتَانِ) زَادَ الْبُلْقِينِيُّ عَلَى ذَلِكَ فَقَالَ إنَّهُ مُسْتَحَبٌّ فِيهِمَا فَإِنَّ مَدَارَ مَا اسْتَدَلُّوا بِهِ عَلَى الْجَوَازِ حَدِيثُ أَعْلِنُوا النِّكَاحَ وَاضْرِبُوا عَلَيْهِ بِالدُّفِّ وَهُوَ يَقْتَضِي زِيَادَةً عَلَى الْجَوَازِ. اهـ.
وَقَالَ الْأَذْرَعِيُّ قَالَ بَعْضُ أَصْحَابِنَا الْمُتَأَخِّرِينَ هُوَ مُسْتَحَبٌّ فِي الْعُرْسِ وَالْوَلِيمَةِ يَعْنِي وَلِيمَةَ الْعُرْسِ وَفِي شَرْحِ السُّنَّةِ لِلْبَغَوِيِّ إنَّ إعْلَانَ النِّكَاحِ وَضَرْبَ الدُّفِّ فِيهِ مُسْتَحَبٌّ اهـ وَلَا فَرْقَ فِيهِ بَيْنَ النِّسَاءِ وَالرِّجَالِ وَقَوْلُهُ زَادَ الْبُلْقِينِيُّ إلَخْ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ مِمَّا هُوَ سَبَبٌ لِإِظْهَارِ السُّرُورِ) هَذَا مَا اقْتَضَاهُ كَلَامُ الرَّافِعِيِّ وَهُوَ مُتَّجَهٌ وَظَاهِرُ عِبَارَةِ الْمِنْهَاجِ الْإِبَاحَةُ مُطْلَقًا ر وَقَوْلُهُ وَظَاهِرُ عِبَارَةِ الْمِنْهَاجِ إلَخْ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ وَتَرْجِيحُ الْإِبَاحَةِ فِي غَيْرِ الْعُرْسِ وَالْخِتَانِ مِنْ زِيَادَةِ الْمُصَنِّفِ) ظَاهِرُ كَلَامِهِ الْجَوَازُ وَلَوْ انْضَمَّ إلَيْهِ الْيَرَاعُ وَقَالَ ابْنُ الصَّلَاحِ اجْتِمَاعُ الدُّفِّ وَالشَّبَّابَةُ حَرَامٌ لَمْ يَثْبُتْ عَنْ أَحَدٍ مِمَّنْ يُعْتَدُّ بِقَوْلِهِ حِلُّهُ قَالَ فِي التَّوْشِيحِ وَهُوَ غَيْرُ مُوَافَقٍ عَلَيْهِ بَلْ ظَاهِرُ قَوْلِ مَنْ يُجَوِّزُ هَذِهِ الْأَشْيَاءَ مُنْفَرِدَةً تَجْوِيزُهَا مُجْتَمِعَةً وَبِهِ صَرَّحَ أَحْمَدُ الْغَزَالِيُّ أَخُو حُجَّةِ الْإِسْلَامِ وَكَانَ مِنْ أَئِمَّةِ الْعِلْمِ وَالْوَرَعِ وَنَقَلَهُ مُحَمَّدُ بْنُ طَاهِرٍ فِي تَصْنِيفِهِ فِي السَّمَاعِ عَنْ الشَّيْخِ أَبِي إِسْحَاقَ الشِّيرَازِيِّ وَصَحَّ عَنْ الشَّيْخِ عِزِّ الدِّينِ بْنِ عَبْدِ السَّلَامِ وَالشَّيْخِ تَقِيِّ الدِّينِ بْنِ دَقِيقِ الْعِيدِ وَهُمَا سَيِّدَا الْمُتَأَخِّرِينَ عِلْمًا وَوَرَعًا. اهـ. وَمُقْتَضَى كَلَامِ الْجُمْهُورِ أَنَّهُ لَا فَرْقَ فِي حِلِّ الدُّفِّ بَيْنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ وَصَرَّحَ بِهِ السُّبْكِيُّ فِي الْحَلَبِيَّاتِ وَضَعَّفَ قَوْلَ الْحَلِيمِيِّ إنَّ إبَاحَتَهُ تَخْتَصُّ بِالنِّسَاءِ.
(قَوْلُهُ وَالْمَوْجُودُ لِأَئِمَّةِ الْمَذْهَبِ هُوَ التَّحْرِيمُ فِيمَا عَدَا الدُّفَّ) وَذَهَبَ إلَيْهِ الْقَاضِي حُسَيْنٌ وَالْبَنْدَنِيجِيّ وَالْحَلِيِميُّ وَالْمَاوَرْدِيُّ وَصَاحِبُ الْمُهَذَّبِ وَالْحُسَيْنُ الطَّبَرِيُّ فِي الْعُدَّةِ وَالرُّويَانِيُّ وَالْبَغَوِيُّ وَالْخُوَارِزْمِيّ وَالْعِمْرَانِيُّ وَالسُّهْرَوَرْدِي فِي الذَّخِيرَةِ وَابْنِ أَبِي عَصْرُونٍ وَمُجَلِّي وَنَقَلَهُ فِي الِاسْتِقْصَاءِ عَنْ الشَّيْخِ أَبِي حَامِدٍ. اهـ. (قَوْلُهُ وَرَوَى الزَّرْكَشِيُّ) أَيْ وَغَيْرُهُ (قَوْلُهُ وَتَحْرُمُ الصَّفَّاقَتَانِ) وَالتَّصْفِيقُ بِالْيَدِ لِلرِّجَالِ لِلَّهْوِ حَرَامٌ لِمَا فِيهِ مِنْ التَّشَبُّهِ بِالنِّسَاءِ زَرْكَشِيٌّ (قَوْلُهُ وَقَالَ الْقَفَّالُ بِالْكَرَاهَةِ إلَخْ) وَأَشَارَ الْقَاضِي حُسَيْنٌ فِي تَعْلِيقِهِ وَالْغَزَالِيُّ فِي الْإِحْيَاءِ إلَى أَنَّهُ إنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ الْأَحْوَالِ الَّذِينَ يَقُومُونَ بِوَجْدٍ فَمُبَاحٌ لَهُمْ وَيُكْرَهُ لِغَيْرِهِمْ وَصَرَّحَ بِهِ الْأُسْتَاذُ أَبُو مَنْصُورٍ وَهُوَ الرَّاجِحُ
حَيْثُ قَالَ وَالرَّقْصُ لَيْسَ بِحَرَامٍ (وَبِالتَّكَسُّرِ حَرَامٌ وَلَوْ مِنْ النِّسَاءِ) لِأَنَّهُ يُشْبِهُ أَفْعَالَ الْمُخَنَّثِينَ
(فَرْعٌ الشِّعْرُ) أَيْ إنْشَاؤُهُ وَ (إنْشَادُهُ) وَاسْتِمَاعُهُ أَيْ كُلٌّ مِنْهَا (مُبَاحٌ) اتِّبَاعًا لِلسَّلَفِ وَالْخَلَفِ وَلِأَنَّهُ صلى الله عليه وسلم كَانَ لَهُ شُعَرَاءُ يُصْغِي إلَيْهِمْ مِنْهُمْ حَسَّانُ بْنُ ثَابِتٍ وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ رَوَاحَةَ رَوَاهُ مُسْلِمٌ (لَا الْهِجَاءُ) بِالْمَدِّ فَلَيْسَ بِمُبَاحٍ وَلَوْ هِجَاءً بِمَا هُوَ صَادِقٌ فِيهِ لِلْإِيذَاءِ وَعَلَيْهِ حَمَلَ الشَّافِعِيُّ خَبَرَ مُسْلِمٍ «لَأَنْ يَمْتَلِئَ جَوْفُ أَحَدِكُمْ قَيْحًا خَيْرٌ لَهُ مِنْ أَنْ يَمْتَلِئَ شِعْرًا» (فَتُرَدُّ بِهِ الشَّهَادَةُ) هَذَا مَحْمُولٌ عَلَى مَا إذَا هَجَا بِمَا يُفَسَّقُ بِهِ كَانَ أَكْثَرَ مِنْهُ وَلَمْ تَغْلِبْ طَاعَاتُهُ بِقَرِينَةِ مَا مَرَّ قَالَ فِي الْأَصْلِ وَلَيْسَ إثْمٌ حَاكَى الْهَجْوَ كَإِثْمِ مُنْشَئِهِ نَعَمْ لَوْ كَانَ الْمَهْجُوُّ مَعْرُوفًا قَالَ الْأَذْرَعِيُّ فَيَظْهَرُ أَنَّ إثْمَ الْحَاكِي أَعْظَمُ مِنْ إثْمِ الْمُنْشِئِ إذَا كَانَ قَدْ سَمِعَهُ مِنْهُ سِرًّا فَأَذَاعَهُ وَهَتَكَ بِهِ سِتْرَ الْمَهْجُوِّ.
(وَفِي التَّعْرِيضِ بِهِ تَرَدُّدٌ) فِي رَدِّ الشَّهَادَةِ بِهِ جَزَمَ فِي الشَّرْحِ الصَّغِيرِ بِأَنَّهَا تُرَدُّ بِهِ بَلْ رَجَّحَهُ الْأَصْلُ حَيْثُ قَالَ وَيُشْبِهُ أَنْ يَكُونَ التَّعْرِيضُ هَجْوًا كَالتَّصْرِيحِ وَقَالَ ابْنُ كَجٍّ لَيْسَ التَّعْرِيضُ هَجْوًا انْتَهَى وَمَحِلُّ تَحْرِيمِ الْهِجَاءِ إذَا كَانَ لِمُسْلِمٍ فَإِنْ كَانَ لِكَافِرٍ أَيْ غَيْرِ مَعْصُومٍ جَازَ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الرُّويَانِيُّ وَغَيْرُهُ لِأَنَّهُ صلى الله عليه وسلم أَمَرَ حَسَّانًا بِهِجَاءِ الْكُفَّارِ وَمِنْ هُنَا صَرَّحَ الشَّيْخُ أَبُو حَامِدٍ بِأَنَّهُ مَنْدُوبٌ وَمِثْلُهُ فِي جَوَازِ الْهَجْوِ الْمُبْتَدِعُ كَمَا ذَكَرَهُ الْغَزَالِيُّ فِي الْإِحْيَاءِ وَالْفَاسِقُ الْمُعْلِنُ كَمَا قَالَهُ الْعِمْرَانِيُّ وَبَحَثَهُ الْإِسْنَوِيُّ وَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ جَوَازُ هَجْوِ الْكَافِرِ الْمُعِينِ وَعَلَيْهِ فَيُفَارِقُ عَدَمَ جَوَازِ لَعْنِهِ بِأَنَّ اللَّعْنَ الْإِبْعَادُ مِنْ الْخَيْرِ وَلَاعِنُهُ لَا يَتَحَقَّقُ بَعْدَهُ مِنْهُ فَقَدْ يُخْتَمُ لَهُ بِخَيْرٍ بِخِلَافِ الْهَجْوِ.
(وَالتَّشْبِيبُ بِمُعَيَّنَةٍ) وَهُوَ ذِكْرُ صِفَاتِهَا مِنْ طُولٍ وَقِصَرٍ وَصُدْغٍ وَغَيْرِهَا (وَوَصْفٌ) أَيْ أَوْ وَصْفُ (أَعْضَائِهَا الْبَاطِنَةِ وَلَوْ كَانَتْ زَوْجَتَهُ مُسْقِطٌ لِلْمَرْأَةِ) فَتُرَدُّ شَهَادَتُهُ بَلْ ذَلِكَ مُحَرَّمٌ فِي حَقِّ غَيْرِ الزَّوْجَةِ وَالْأَمَةِ كَمَا اقْتَضَاهُ كَلَامُ الْأَصْلِ لِلْإِيذَاءِ وَالْإِشْهَارِ بِمَا لَا يَلِيقُ وَهَتْكِ السِّتْرِ ثُمَّ مَا ذَكَرَهُ كَالرَّوْضَةِ فِي حَقِّ زَوْجَتِهِ وَأَمَتِهِ إنَّمَا ذَكَرَهُ الرَّافِعِيُّ بَحْثًا وَقَدْ نَصَّ فِي الْأُمِّ عَلَى خِلَافِهِ فَقَالَ وَمَنْ شَبَّبَ فَلَمْ يُسَمِّ أَحَدًا لَمْ تُرَدَّ شَهَادَتُهُ لِأَنَّهُ يُمْكِنُ أَنْ يُشَبِّبَ بِامْرَأَتِهِ وَجَارِيَتِهِ وَنُقِلَ فِي الْبَحْرِ عَدَمُ رَدِّ الشَّهَادَةِ عَنْ الْجُمْهُورِ نَبَّهَ عَلَيْهِ الْإِسْنَوِيُّ وَالزَّرْكَشِيُّ وَزَادَ نَعَمْ يُشْتَرَطُ أَنْ لَا يُكْثِرَ مِنْ ذَلِكَ وَإِلَّا رُدَّتْ شَهَادَتُهُ قَالَهُ الْجُرْجَانِيُّ وَأَنْتَ خَبِيرٌ بِأَنَّ النَّصَّ الْمَذْكُورَ لَا يُرَدُّ بِهِ ذَلِكَ لِجَوَازِ حَمْلِهِ عَلَى مَا لَيْسَ حَقُّهُ الْإِخْفَاءَ مِنْ وَصْفِ الْأَعْضَاءِ الظَّاهِرَةِ (وَالْغُلَامُ) فِيمَا ذُكِرَ (كَالْمَرْأَةِ إنْ ذَكَرَ أَنَّهُ يَعْشَقُهُ) فَيُشْتَرَطُ فِي رَدِّ شَهَادَتِهِ تَعْيِينُ الْغُلَامِ (فَإِنْ أَكْثَرَ الْكَذِبَ فِيهِ) أَيْ فِي شِعْرِهِ (وَلَمْ يُمْكِنْ حَمْلُهُ عَلَى الْمُبَالَغَةِ رُدَّتْ شَهَادَتُهُ) وَإِلَّا فَلَا كَسَائِرِ أَنْوَاعِ الْكَذِبِ (وَإِنْ قَصَدَ بِهِ إظْهَارَ الصِّفَةِ لَا إيهَامَ الصِّدْقِ) فَإِنَّ شَهَادَتَهُ تُرَدُّ خِلَافًا لِلْقَفَّالِ وَالصَّيْدَلَانِيِّ قَالَا لِأَنَّ الْكَاذِبَ يُوهِمُ الْكَذِبَ صِدْقًا بِخِلَافِ الشَّاعِرِ (وَالتَّشَبُّبُ بِغَيْرِ مُعَيَّنٍ لَا يَضُرُّ لِأَنَّهُ صَنْعَةٌ) وَغَرَضُ الشَّاعِرِ تَحْسِينُ الْكَلَامِ لَا تَحْقِيقُ الْمَذْكُورِ وَمَا اقْتَضَاهُ كَلَامُهُ مِنْ أَنَّ ذَلِكَ لَا يَضُرُّ مَعَ الْكَثْرَةِ بَنَاهُ الْأَصْلُ عَلَى ضَعِيفٍ فَيُقَيَّدُ كَلَامُ الْمُصَنِّفِ بِالْقَلِيلِ (وَلَيْسَ ذِكْرُ امْرَأَةٍ مَجْهُولَةٍ كَلَيْلَى تَعْيِينًا) التَّمْثِيلُ بِلَيْلَى مِنْ زِيَادَتِهِ
(فَرْعٌ شُرْبُ الْخَمْرِ) عَمْدًا مَعَ الْعِلْمِ بِالتَّحْرِيمِ (يُوجِبُ الْحَدَّ وَرَدَّ الشَّهَادَةِ وَإِنْ قَلَّ) الْمَشْرُوبُ وَلَمْ يُسْكِرْ كَمَا مَرَّ (وَتُرَدُّ شَهَادَةُ بَائِعِهَا وَمُشْتَرِيهَا) لِغَيْرِ حَاجَةٍ كَتَدَاوٍ أَوْ قَصْدِ تَخَلُّلٍ (لَا مُمْسِكِهَا فَرُبَّمَا قَصَدَ) بِإِمْسَاكِهَا (التَّخْلِيلَ) أَوْ التَّخَلُّلَ وَلَا عَاصِرِهَا وَمُعْتَصِرِهَا إنْ لَمْ يَقْصِدْ بِذَلِكَ شُرْبَهَا أَوْ الْإِعَانَةَ عَلَيْهِ (وَالْمَطْبُوخُ مِنْهَا كَالنَّبِيذِ) فَإِذَا شَرِبَ مِنْ أَحَدِهِمَا الْقَدْرَ الْمُسْكِرَ حُدَّ وَرُدَّتْ شَهَادَتُهُ (فَلَوْ شَرِبَ مِنْهُ
ــ
[حاشية الرملي الكبير]
قَوْلُهُ الشِّعْرُ وَإِنْشَادُهُ مُبَاحٌ) ذَكَرَ الْمَاوَرْدِيُّ أَنَّهُ يُسْتَحَبُّ مِنْهُ نَوْعَانِ مَا حَذَّرَ مِنْ الْآخِرَةِ وَمَا حَثَّ عَلَى مَكَارِمِ الْأَخْلَاقِ (قَوْلُهُ لَا الْهِجَاءُ فَتُرَدُّ بِهِ الشَّهَادَةُ) لِأَنَّهُ يُحْفَظُ عَنْهُ وَيُنْشَدُ كُلَّ وَقْتٍ فَيَحْصُلُ بِهِ التَّأَذِّي لِلْمَهْجُوِّ وَوَلَدِهِ بِخِلَافِ غَيْرِ النَّظْمِ (قَوْلُهُ قَالَ فِي الْأَصْلِ وَلَيْسَ إثْمُ حَاكِي الْهَجْوِ كَإِثْمِ مُنْشَئِهِ إذَا اسْتَوَيَا) أَمَّا لَوْ أَنْشَأَهُ وَلَمْ يُذِعْهُ وَأَذَاعَهُ الْحَاكِي وَأَشْهَرَهُ فَهُوَ أَشَدُّ مَأْثَمًا بِلَا شَكٍّ غ (قَوْلُهُ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ فَيَظْهَرُ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ جَزَمَ فِي الشَّرْحِ الصَّغِيرِ بِأَنَّهَا تُرَدُّ بِهِ) وَهُوَ الْأَصَحُّ (قَوْلُهُ فَإِنْ كَانَ لِكَافِرٍ) أَيْ غَيْرِ مَعْصُومٍ جَازَ فَصَّلَ بَعْضُهُمْ فِي الْكَافِرِ بَيْنَ مَنْ لَهُ ذِمَّةٌ أَوْ عَهْدٌ أَوْ مَيِّتٍ يَتَأَذَّى لِهَجْوِهِ أَهْلُهُ مِنْ الْمُسْلِمِينَ أَوْ الذِّمِّيِّينَ وَبَيْنَ مَنْ لَمْ يَكُنْ بِهَذِهِ الصِّفَةِ وَقَوْلُهُ فَصَّلَ بَعْضُهُمْ إلَخْ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ وَكَتَبَ أَيْضًا لِلْأَذْرَعِيِّ نَظَرٌ فِي حَرْبِيٍّ مَيِّتٍ يَتَأَذَّى بَهِجُوهُ مُسْلِمٌ أَوْ ذِمِّيٌّ قَالَ شَيْخُنَا لَيْسَ الْكَلَامُ فِي مِثْلِ ذَلِكَ (قَوْلُهُ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الرُّويَانِيُّ وَغَيْرُهُ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ كَمَا قَالَهُ الْعِمْرَانِيُّ وَبَحَثَهُ الْإِسْنَوِيُّ) أَيْ وَقَالَ الْبُلْقِينِيُّ الْأَرْجَحُ تَحْرِيمُهُ إلَّا لِقَصْدِ زَجْرِهِ فَإِنَّهُ قَدْ يَتُوبُ وَتَبْقَى عَلَيْهِ وَصْمَةُ الشَّعْرِ السَّابِقِ (قَوْلُهُ وَوَصْفُ أَعْضَائِهَا الْبَاطِنَةِ إلَخْ) قَالَ الْفَتَى جَعَلَ وَصْفَ الْأَعْضَاءِ فِي الْمُعَيَّنَةِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ بَلْ هُوَ مُسْقِطٌ وَإِنْ لَمْ يُعَيِّنْهَا فَعَبَّرْت بِالصَّوَابِ وَقُلْت وَالتَّشْبِيبُ بِمُعَيَّنَةٍ أَوْ يَصِفُ أَعْضَاءً بَاطِنَةً وَلَوْ مِنْ زَوْجَتِهِ مُسْقِطٌ لِلْمُرُوءَةِ.
(قَوْلُهُ إنَّمَا ذَكَرَهُ الرَّافِعِيُّ بَحْثًا) وَهُوَ الرَّاجِحُ (قَوْلُهُ وَنُقِلَ فِي الْبَحْرِ عَدَمُ رَدِّ الشَّهَادَةِ عَنْ الْجُمْهُورِ) قَالَ الْبُلْقِينِيُّ وَهُوَ مَحْمُولٌ عَلَى مَا إذَا لَمْ يَظْهَرْ مِنْهُ مَا يُسْقِطُ مُرُوءَتَهُ مِنْ ذِكْرِ مَا حَقُّهُ الْإِخْفَاءُ (قَوْلُهُ فَإِنَّ أَكْثَرَ الْكَذِبِ فِيهِ إلَخْ) قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ الشِّعْرُ الْمَحْظُورُ بِالْكَذِبِ وَالْفُحْشِ هُمَا جَرْحٌ فِي حَقِّ قَائِلِهِ وَأَمَّا مُنْشِدُهُ فَإِنْ حَكَاهُ اضْطِرَارًا لَمْ يَكُنْ جَرْحًا أَوْ اخْتِيَارًا كَانَ جَرْحًا وَقَدْ قَالَ السُّهَيْلِيُّ وَصَاحِبُ الْمُغْنِي مِنْ الْحَنَابِلَةِ إنَّهُ لَا تَحْرُمُ رِوَايَةُ شِعْرِ الْهَجْوِ فَإِنَّ الْمَغَازِيَ رُوِيَ فِيهَا قَصَائِدُ الْكُفَّارِ الَّذِينَ هَجَوْا الصَّحَابَةَ وَأَذِنَ صلى الله عليه وسلم فِي الشِّعْرِ الَّذِي تَقَاوَلُوهُ يَوْمَ بَدْرٍ وَأُحُدٍ وَغَيْرِهِمَا إلَّا قَصِيدَةَ أُمَيَّةَ بْنِ الصَّلْتِ فَيَنْبَغِي تَقْيِيدُ الْمَنْعِ بِمَا لَا يَتَضَمَّنُ غَيْرَ الْإِيذَاءِ كَشِعْرِ أَهْلِ الزَّمَانِ وَدَأْبِ أَهْلِ اللَّعِبِ وَالْبَطَالَةِ ر (قَوْلُهُ فَيُقَيَّدُ كَلَامُ الْمُصَنِّفِ بِالْقَلِيلِ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ كَلَيْلَى) وَلَبَنَى وَدُعْدَى وَسُعْدَى وَسَلْمَى وَنَحْوِهِ
قَدْرًا لَا يُسْكِرُ وَاعْتَقَدَ إبَاحَتَهُ) كَالْحَنَفِيِّ (حُدَّ وَلَمْ تُرَدَّ شَهَادَتُهُ) لِأَنَّ الْحَدَّ إلَى الْإِمَامِ فَاعْتُبِرَ فِيهِ اعْتِقَادُهُ وَرَدُّ الشَّهَادَةِ يَعْتَمِدُ اعْتِقَادَ الشَّاهِدِ وَلِأَنَّ الْحَدَّ لِلزَّجْرِ وَشُرْبُ مَا ذُكِرَ يَحْتَاجُ إلَى الزَّجْرِ وَرَدُّ الشَّهَادَةِ لِسُقُوطِ الثِّقَةِ بِقَوْلِ الشَّاهِدِ وَلَا يُوجَدُ ذَلِكَ إذَا لَمْ يَعْتَقِدْ التَّحْرِيمَ (وَإِنْ اعْتَقَدَ تَحْرِيمَهُ) حُدَّ كَمَا فُهِمَ بِالْأَوْلَى مِمَّا قَبْلَهُ وَصَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ وَ (رُدَّتْ) شَهَادَتُهُ لِأَنَّهُ إذَا ارْتَكَبَ مَا يَعْتَقِدُ تَحْرِيمَهُ لَمْ يُؤْمَنْ جَرَاءَتُهُ عَلَى شَهَادَةِ الزُّورِ وَسَائِرِ الْمُحَرَّمَاتِ (وَمَنْ وَطِئَ أَمَتَهُ) وَهُوَ (يَعْتَقِدُهَا أَجْنَبِيَّةً رُدَّتْ شَهَادَتُهُ لَا) مَنْ وَطِئَ (أَجْنَبِيَّةً) وَهُوَ (يَظُنُّهَا أَمَتَهُ) اعْتِبَارًا بِاعْتِقَادِهِ فِيهِمَا وَتَعْبِيرُهُ أَوَّلًا بِالِاعْتِقَادِ وَثَانِيًا بِالظَّنِّ تَفَنُّنٌ (وَإِنْ نَكَحَ بِلَا وَلِيٍّ أَوْ) نَكَحَ (نِكَاحَ مُتْعَةٍ وَوَطِئَ) فِيهِمَا وَهُوَ (يَعْتَقِدُ الْحِلَّ لَمْ تُرَدَّ شَهَادَتُهُ أَوْ الْحُرْمَةَ رُدَّتْ) لِذَلِكَ.
(وَلَا تُرَدُّ شَهَادَةُ مُلْتَقِطِ النِّثَارِ وَإِنْ كُرِهَ) الْتِقَاطُهُ لِأَنَّهُ غَيْرُ مَكْرُوهٍ عِنْدَ جَمَاعَةٍ (وَتُرَدُّ شَهَادَةُ مَنْ تَعَوَّدَ حُضُورَ الدَّعْوَةِ بِلَا نِدَاءٍ أَوْ ضَرُورَةٍ) قَالَ فِي الْأَصْلِ أَوْ اسْتِحْلَالَ صَاحِبِ الطَّعَامِ لِأَنَّهُ يَأْكُلُ مُحَرَّمًا وَإِنَّمَا اُشْتُرِطَ التَّعَوُّدُ لِأَنَّهُ قَدْ يَكُونُ لَهُ شُبْهَةٌ حَتَّى يَمْنَعَهُ صَاحِبُ الطَّعَامِ فَإِذَا تَعَوَّدَ صَارَ دَنَاءَةً وَقِلَّةَ مُرُوءَةٍ (لَا دَعْوَةِ السُّلْطَانِ وَنَحْوِهِ) فَلَا تُرَدُّ شَهَادَةُ مَنْ تَعَوَّدَ حُضُورَهَا لِأَنَّهُ طَعَامٌ عَامٌّ
(الشَّرْطُ الْخَامِسُ الْمُرُوءَةُ وَهِيَ تَوَقِّي الْأَدْنَاسِ) وَهُوَ قَرِيبٌ مِنْ قَوْلِ الْمِنْهَاجِ كَأَصْلِهِ الْمُرُوءَةُ تَخَلُّقٌ بِخُلُقِ أَمْثَالِهِ فِي زَمَانِهِ وَمَكَانِهِ لِأَنَّهَا لَا تَنْضَبِطُ بَلْ تَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ الْأَشْخَاصِ وَالْبُلْدَانِ بِخِلَافِ الْعَدَالَةِ (فَتَرْكُهَا يُسْقِطُ الشَّهَادَةَ) لِأَنَّهُ إمَّا نَقْصُ عَقْلٍ أَوْ قِلَّةُ مُبَالَاةٍ وَعَلَى التَّقْدِيرَيْنِ تَبْطُلُ الثِّقَةُ بِقَوْلِهِ وَتَرْكُهَا (مِثْلَ أَنْ يَلْبِسَ الْفَقِيهُ لِبْسَ الْعَرَبِيِّ أَوْ التَّاجِرُ ثَوْبَ الْجَمَّالِ وَيَتَرَدَّدَا فِيهِ بِمَوْضِعٍ لَا يَعْتَادُ مِثْلُهُمَا لُبْسَهُ فِيهِ وَ) مِثْلُ فِعْلِ (كُلِّ مَا يَصِيرُ بِهِ الْمَرْءُ ضُحْكَةً) بِضَمِّ أَوَّلِهِ وَإِسْكَانِ ثَانِيهِ أَيْ يُضْحَكُ مِنْهُ كَأَنْ يَتَعَمَّمُ الْجَمَّالُ وَيَتَطَيْلَسَ وَيَرْكَبَ بَغْلَةً مُثَمَّنَةً وَيَطُوفَ فِي السُّوقِ (وَ) مِثْلُ (الْمَشْيِ فِي السُّوقِ مَكْشُوفَ الرَّأْسِ وَالْبَدَنِ) أَوْ أَحَدِهِمَا وَلَوْ مَعَ سَتْرِ الْعَوْرَةِ (مِمَّنْ لَا يَلِيقُ بِهِ وَأَكْلُ غَيْرِ السُّوقِيِّ فِي السُّوقِ) لِغَيْرِ جُوعٍ شَدِيدٍ كَمَا قَيَّدَ بِهِ الْبَغَوِيّ (وَشُرْبِهِ مِنْ سِقَايَاتِهِ لَا) شُرْبِهِ مِنْهَا (لِعَطَشٍ شَدِيدٍ) بِخِلَافِ السُّوقِيِّ لَا يَضُرُّهُ ذَلِكَ (وَمَدِّ الرِّجْلِ عِنْدَ النَّاسِ) بِلَا ضَرُورَةٍ وَالْمُرَادُ جِنْسُهُمْ وَلَوْ وَاحِدًا قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَيُشْبِهُ أَنْ يَكُونَ مَحِلُّهُ إذَا كَانَ بِحَضْرَةِ مَنْ يَحْتَشِمُهُ فَلَوْ كَانَ بِحَضْرَةِ إخْوَانِهِ أَوْ نَحْوِهِمْ كَتَلَامِذَتِهِ لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ تَرْكًا لِلْمُرُوءَةِ (وَتَقْبِيلِ أَمَتِهِ أَوْ زَوْجَتِهِ بِحَضْرَتِهِمْ) .
وَأَمَّا تَقْبِيلُ ابْنِ عُمَرَ أَمَتَهُ الَّتِي وَقَعَتْ فِي سَهْمِهِ بِحَضْرَةِ النَّاسِ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ
ــ
[حاشية الرملي الكبير]
قَوْلُهُ لِأَنَّ الْحَدَّ إلَى الْإِمَامِ إلَخْ) وَلِهَذَا لَوْ غَصَبَهَا وَوَطِئَهَا فِي ظَنِّهِ ثُمَّ بَانَتْ أَنَّهَا أَمَتُهُ فَسَقَ وَرُدَّتْ شَهَادَتُهُ وَلَوْ وَطِئَهَا ظَانًّا أَنَّهَا أَمَتُهُ لَمْ تُرَدَّ وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْحَدَّ آكَدُ مِنْ الْفِسْقِ وَلِذَلِكَ يَسْقُطُ الْفِسْقُ بِالتَّوْبَةِ دُونَ الْحَدِّ وَأَيْضًا الْغَرَضُ بِالْحَدِّ الرَّدْعُ فَيُرْدَعُ عَنْ قَلِيلِهِ لِئَلَّا يَدْعُوَ إلَى الْإِسْكَارِ وَهُوَ لِلْإِمَامِ فَاعْتُبِرَ فِيهِ اعْتِقَادُهُ وَالشَّهَادَةُ مَآخِذُهَا لِثِقَةٍ بِهِ وَمُعْتَقِدُ الْحِلِّ مَوْثُوقٌ بِهِ
(قَوْلُهُ تَخَلُّقُهُ بِخُلُقِ أَمْثَالِهِ إلَخْ) فِي رِعَايَةِ مَنَاهِجِ الشَّرْعِ وَآدَابِهِ وَالِاقْتِدَاءِ بِالسَّلَفِ وَكَتَبَ أَيْضًا اعْتَرَضَهُ الْبُلْقِينِيُّ بِأَنَّهُ قَدْ يَكُونُ خُلُقُ أَمْثَالِهِ حَلْقَ اللِّحَى كَالْقَلَنْدَرِيَّ مَعَ فَقْدِ الْمُرُوءَةِ فِيهِمْ وَقَدْ يَرْتَقِي عَنْ خُلُقِ أَمْثَالِهِ إلَى مَا هُوَ أَعْلَى مِنْهُ فَهُوَ ذُو مُرُوءَةٍ وَإِنَّهُ يَشْمَلُ فِعْلَ الطَّاعَاتِ وَاجْتِنَابِ الْمُحَرَّمَاتِ مَعَ أَنَّ الْمُرُوءَةَ زَائِدَةٌ عَلَى ذَلِكَ وَاخْتَارَ أَنَّهَا صَوْنُ النَّفْسِ عَنْ تَعَاطِي مُبَاحَاتٍ أَوْ مَكْرُوهَاتٍ غَيْرِ لَائِقَةٍ بِفَاعِلِهَا عُرْفًا أَوْ دَالَّةٍ عَلَى قِلَّةِ مُبَالَاتِهِ بِمَا يَهْتَمُّ بِهِ ثُمَّ ذَكَرَ أَنَّ الْبَيْهَقِيَّ رَوَى بِإِسْنَادِهِ عَنْ الشَّافِعِيِّ أَنَّهُ قَالَ الْمُرُوءَةُ أَرْبَعَةُ أَرْكَانٍ حُسْنُ الْخُلُقِ وَالسَّخَاءُ وَالتَّوَاضُعُ وَالنُّسُكُ ثُمَّ جَوَّزَ الْبُلْقِينِيُّ حَمْلَ ذَلِكَ عَلَى الْمُرُوءَةِ الَّتِي تُعْتَبَرُ فِي قَبُولِ الشَّهَادَةِ وَقَسَّمَ الْمَاوَرْدِيُّ الْمُرُوءَةَ إلَى شَرْطٍ فِي الْعَدَالَةِ وَهُوَ مُجَانَبَةُ مَا سَخُفَ مِنْ الْكَلَامِ الْمُؤْذِي أَوْ الْمُضْحِكِ وَتَرْكُ مَا مُكَاتَبُهُ مِنْ الْفِعْلِ الَّذِي يَلْهُو بِهِ وَغَيْرُ شَرْطٍ فِيهَا وَهُوَ الْإِفْضَالُ بِالْمَالِ وَالطَّعَامِ وَالْمُسَاعَدَةُ بِالنَّفْسِ وَالْجَاهِ وَمُخْتَلَفٌ فِيهِ وَهُوَ أَنْ يَقْتَدِيَ بِأَهْلِ الصِّيَانَةِ دُونَ أَهْلِ الْبِذْلَةِ فِي مَلْبَسِهِ وَمَأْكَلِهِ وَتَصَرُّفِهِ فَقِيلَ يُعْتَبَرُ فِي الْعَدَالَةِ وَقِيلَ لَا وَقِيلَ إنْ نَشَأَ عَلَيْهَا مِنْ صِغَرِهِ لَمْ تَقْدَحْ فِي عَدَالَتِهِ وَإِلَّا قَدَحَتْ وَقِيلَ إنْ اخْتَصَّتْ بِالدِّينِ قَدَحَتْ أَوْ بِالدُّنْيَا فَلَا فَهَذِهِ أَرْبَعَةُ أَوْجُهٍ وَقَوْلُهُ ثُمَّ جَوَّزَ الْبُلْقِينِيُّ إلَخْ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ وَيَتَرَدَّدَا فِيهِ فِي مَوَاضِعَ لَا يَعْتَادُ مِثْلُهُمَا لُبْسَهُ فِيهِ) مُقْتَضَاهُ أَنَّ لُبْسَهُ فِي الْبَيْتِ لُبْسٌ كَذَلِكَ قَالَ الْبُلْقِينِيُّ وَهَذَا إذَا كَانَ لَا يَنْتَابُهُ النَّاسُ فِي بَيْتِهِ وَهُوَ عَلَى هَذِهِ الْحَالَةِ وَإِلَّا فَهُوَ كَالتَّرَدُّدِ فِي الْبَلَدِ فَلَوْ اعْتَادَ ذَلِكَ فِي بَلَدِهِ وَجَاءَ إلَى بَلَدٍ لَا يُعْتَادُ ذَلِكَ فِيهَا فَهَلْ يَتْبَعُ عَادَةَ الْبَلَدِ الْمُنْتَقِلِ إلَيْهِ أَوْ يُتْرَكُ عَلَى سَجِيَّتِهِ الثَّانِي أَظْهَرُ قَالَ وَعَلَى هَذَا فَيَنْبَغِي أَنْ يُقَالَ حَيْثُ لَا يُعْتَادُ لِمَنْ لَمْ يَعْتَدِهِ فِي بَلَدِهِ.
(قَوْلُهُ وَلَوْ مَعَ سَتْرِ الْعَوْرَةِ أَمَّا كَشْفُ الْعَوْرَةِ فَحَرَامٌ) قَالَ الْبُلْقِينِيُّ: الْوُقُوفُ مَكْشُوفَ الرَّأْسِ فِي السُّوقِ أَوْ الطَّرِيقِ أَوْ بِبَابِهِ وَنَحْوُ ذَلِكَ بِحَيْثُ لَا يَلِيقُ بِهِ كَذَلِكَ (قَوْلُهُ فِي السُّوقِ) خَرَجَ بِذَلِكَ مَا لَوْ أَكَلَ دَاخِلَ حَانُوتٍ مُسْتَتِرًا وَقَيَّدَهُ فِي الْكِفَايَةِ بِأَنْ يَكُونَ بِنَصَبِ مَائِدَةٍ قَالَ الْبُلْقِينِيُّ وَلَمْ أَجِدْ ذَلِكَ فِي كَلَامِ غَيْرِهِ وَلَا فَرْقَ بَيْنَ نَصْبِ مَائِدَةٍ وَغَيْرِهِ قَاعِدًا كَانَ أَوْ قَائِمًا مَاشِيًا كَانَ أَوْ رَاكِبًا لِأَنَّهُ خِلَافُ عَادَةِ الْمُرُوءَةِ قَالَ الْبُلْقِينِيُّ الَّذِي يُعْتَمَدُ فِي ذَلِكَ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ تَكَرُّرِهِ تَكَرُّرًا دَالًّا عَلَى قِلَّةِ الْمُبَالَاةِ وَقَدْ قَالَ الشَّافِعِيُّ فَإِذَا كَانَ الْأَغْلَبُ عَلَى الرَّجُلِ الْأَظْهَرُ مِنْ أَمْرِهِ الطَّاعَةَ وَالْمُرُوءَةَ قُبِلَتْ شَهَادَتُهُ وَعِبَارَةُ الْوَسِيطِ الْأَكْلُ فِي الطَّرِيقِ قَالَ الْبُلْقِينِيُّ وَهُوَ الْقِيَاسُ إذَا كَانَ الطَّرِيقُ مَطْرُوقًا فَإِنَّ الْمَعْنَى الَّذِي فِي السُّوقِ مَوْجُودٌ وَلَا فَرْقَ بَيْنَ الصُّوفِيِّ الْمُتَزَهِّدِ وَغَيْرِهِ (قَوْلُهُ كَمَا قَيَّدَ بِهِ الْبَغَوِيّ) وَهُوَ الصَّحِيحُ (قَوْلُهُ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَيُشْبِهُ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ وَتَقْبِيلِ أَمَتِهِ أَوْ زَوْجَتِهِ بِحَضْرَتِهِمْ) قَالَ الْبُلْقِينِيُّ الْمُرَادُ النَّاسُ الَّذِينَ يُسْتَحْيَا مِنْهُمْ فِي ذَلِكَ وَالتَّقْبِيلُ الَّذِي يُسْتَحْيَا مِنْ إظْهَارِهِ فَلَوْ قَبَّلَ زَوْجَتَهُ بِحَضْرَةِ جَوَارِيهِ أَوْ بِحَضْرَةِ زَوْجَاتٍ لَهُ غَيْرِهَا فَإِنَّ ذَلِكَ لَا يُعَدُّ مِنْ تَرْكِ الْمُرُوءَةِ وَمَا يُعْتَادُ مِنْ تَقْبِيلِ الْعَرُوسِ لَيْلَةَ جَلَائِهَا فِي عَدِّهِ مِنْ تَرْكِ الْمُرُوءَةِ تَوَقُّفٌ لِأَنَّ اعْتِبَارَ ذَلِكَ أَخْرَجَهُ عَنْ مَقَامِ الِاسْتِحْيَاءِ وَأَمَّا تَقْبِيلُ الرَّأْسِ وَنَحْوِهِ فَلَا يُخِلُّ بِالْمُرُوءَةِ. اهـ.
فَكَأَنَّهُ تَقْبِيلُ اسْتِحْسَانٍ لَا تَمْنَعُ أَوْ فَعَلَهُ بَيَانًا لِلْجَوَازِ أَوْ ظَنَّ أَنَّهُ لَيْسَ ثَمَّ مَنْ يَنْظُرُهُ أَوْ لِأَنَّ الْمَرَّةَ الْوَاحِدَةَ لَا تَضُرُّ عَلَى مَا اقْتَضَاهُ نَصُّ الشَّافِعِيِّ (أَوْ حِكَايَةِ مَا يَفْعَلُهُ مَعَهَا فِي الْخَلْوَةِ) تَقَدَّمَ كَرَاهَةُ هَذَا مَعَ زِيَادَةٍ فِي الْبَابِ التَّاسِعِ مِنْ أَبْوَابِ النِّكَاحِ (وَالْإِكْثَارِ مِنْ الْحِكَايَاتِ الْمُضْحِكَةِ وَ) مِنْ (سُوءِ الْعِشْرَةِ مَعَ الْمُعَامِلِينَ) وَالْأَهْلِ وَالْجِيرَانِ (وَ) مِنْ (الْمُضَايَقَةِ فِي الْيَسِيرِ) الَّذِي لَا يُسْتَقْصَى فِيهِ (وَالْإِكْبَابِ عَلَى لَعِبِ الشِّطْرَنْجِ وَالْحَمَامِ وَالْغِنَاءِ وَسَمَاعِهِ) أَيْ اسْتِمَاعِهِ وَإِنْ لَمْ يَقْتَرِنْ بِهَا مَا يُوجِبُ التَّحْرِيمَ (وَكَذَا) الْإِكْبَابُ عَلَى (إنْشَادِ الشِّعْرِ وَاسْتِنْشَادِهِ حَتَّى يَتْرُكَ بِهِ مُهِمَّاتِهِ وَ) مِثْلَ (اتِّخَاذِ جَارِيَةٍ وَغُلَامٍ لِيُغَنِّيَا لِلنَّاسِ) وَالْمُرَادُ جِنْسُهُمْ (وَ) مِثْلُ الْإِكْبَابِ عَلَى (الرَّقْصِ وَ) عَلَى (الضَّرْبِ بِالدُّفِّ وَيَرْجِعُ فِي الْإِكْثَارِ) مِمَّا ذُكِرَ (إلَى الْعَادَةِ وَالشُّخُوصِ) إذْ يُسْتَقْبَحُ مِنْ شَخْصٍ قَدْرٌ لَا يُسْتَقْبَحُ مِنْ غَيْرِهِ (وَلِلْأَمْكِنَةِ) وَالْأَزْمِنَةِ فِيهِ (تَأْثِيرٌ فَلَيْسَ اللَّعِبُ بِالشِّطْرَنْجِ) مَثَلًا (فِي الْخَلْوَةِ مِرَارًا كَالسُّوقِ وَالطُّرُقِ) أَيْ كَاللَّعِبِ فِيهِمَا (مَرَّةً) فِي مَلَأٍ مِنْ النَّاسِ وَظَاهِرُ تَقْيِيدِهِمْ مَا ذُكِرَ بِالْكَثْرَةِ أَنَّهَا لَا تُشْتَرَطُ فِيمَا عَدَاهُ لَكِنْ ظَاهِرُ نَصِّ الشَّافِعِيِّ وَالْعِرَاقِيِّينَ وَغَيْرِهِمْ أَنَّ التَّقْيِيدَ فِي الْكُلِّ ذَكَرَهُ الزَّرْكَشِيُّ.
ثُمَّ قَالَ وَيَنْبَغِي التَّفْصِيلُ بَيْنَ مَا يُعَدُّ خَارِمًا لَهَا بِالْمَرَّةِ الْوَاحِدَةِ وَغَيْرِهِ فَالْأَكْلُ مِنْ غَيْرِ السُّوقِيِّ مَرَّةً فِي السُّوقِ لَيْسَ كَالْمَشْيِ فِيهِ مَكْشُوفًا (وَالتَّكَسُّبُ بِالشِّعْرِ وَالْغِنَاءِ قَدْ لَا يَزْرِي بِمَنْ يَلِيقُ بِهِ) فَلَا يَكُونُ تَرْكًا لِلْمُرُوءَةِ هَذَا فِي الشِّعْرِ نَقَلَهُ الْأَصْلُ عَنْ ابْنِ الْقَاصِّ وَفِي الْغِنَاءِ بَحَثَهُ وَقَالَ إنَّ كَلَامَ الْأَصْحَابِ مَحْمُولٌ عَلَى مَنْ لَا يَلِيقُ بِهِ وَقَيَّدَ الْأَذْرَعِيُّ وَغَيْرُهُ الْأَوَّلَ بِمَا قَالَهُ الْمَاوَرْدِيُّ وَالرُّويَانِيُّ مِنْ أَنَّ مَحِلَّهُ إذَا كَانَ لَا يُتَقَصَّى إذَا مُدِحَ وَلَا يُذَمُّ إذَا مَنَعَ بَلْ يَقْبَلُ مَا وَصَلَ إلَيْهِ وَرُدَّ الثَّانِي بِأَنَّ الْوَجْهَ إبْقَاءُ كَلَامِ الْأَصْحَابِ عَلَى إطْلَاقِهِ فَإِنْ ذَلِكَ وَضِيعٌ عِنْدَ كُلِّ أَحَدٍ وَقَدْ نَصَّ الشَّافِعِيُّ وَالْأَصْحَابُ عَلَى أَنَّهُ تُرَدُّ بِهِ الشَّهَادَةُ انْتَهَى وَفِيهِ نَظَرٌ فَإِنَّ الْأَصْلَ مُسَلِّمٌ أَنَّ الْأَصْحَابَ أَطْلَقُوا ذَلِكَ فَلَا يُنَاسِبُهُ الرَّدُّ عَلَيْهِ بِمَا ذُكِرَ (وَحَمْلُ الْمَاءِ وَالْأَطْعِمَةِ إلَى الْبَيْتِ شُحًّا لَا اقْتِدَاءً بِالسَّلَفِ) التَّارِكِينَ لِلتَّكَلُّفِ (قِلُّ) بِمَعْنَى قِلَّةٍ أَيْ خَرْمُ (مُرُوءَةٍ مِمَّنْ لَا يَلِيقُ بِهِ) بِخِلَافِ مَنْ يَلِيقُ بِهِ وَمَنْ يَفْعَلُهُ اقْتِدَاءً بِالسَّلَفِ (وَالتَّقَشُّفُ فِي الْأَكْلِ) وَاللِّبْسِ (كَذَلِكَ) فَيُخِلُّ بِمُرُوءَةِ مَنْ لَا يَلِيقُ بِهِ إنْ فَعَلَهُ شُحًّا لَا اقْتِدَاءً بِالسَّلَفِ (وَتُقْبَلُ شَهَادَةُ أَهْلِ الْحِرَفِ) الْمُبَاحَةِ (الدَّنِيئَةِ) بِالْهَمْزِ (إنْ لَاقَتْ بِهِمْ) وَإِنْ لَمْ تَكُنْ حِرْفَةَ آبَائِهِمْ (كَحَجَّامٍ وَكَنَّاسٍ وَدَبَّاغٍ وَكَذَا مَنْ يُبَاشِرُ النَّجَاسَةَ إنْ حَافَظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ فِي أَوْقَاتِهَا فِي ثِيَابٍ طَاهِرَةٍ وَحَارِسٍ وَحَمَّامِيٍّ وَإِسْكَافٍ وَقَصَّابٍ وَحَائِكٍ) وَذَلِكَ لِأَنَّهَا حِرَفٌ مُبَاحَةٌ وَالنَّاسُ مُحْتَاجُونَ إلَيْهَا وَلَوْ رَدَدْنَا شَهَادَةَ أَرْبَابِهَا لَمْ نَأْمَنْ أَنْ يَتْرُكُوهَا فَيَعُمُّ الضَّرَرُ بِخِلَافِ مَنْ لَا يَلِيقُ بِهِ (وَلَيْسَ الصَّبَّاغُ وَالصَّائِغُ مِنْهُمْ) قَضِيَّتُهُ قَبُولُ شَهَادَتِهِمَا وَإِنْ لَمْ تَلِقْ بِهِمَا حِرْفَتُهَا وَقَضِيَّةُ كَلَامِ الْأَصْلِ أَنَّهُمَا كَالْمَذْكُورِينَ لَكِنَّهُمَا أَوْلَى بِالْقَبُولِ (وَمَنْ أَكْثَرَ مِنْ أَهْلِ الصَّنَائِعِ) الْمَذْكُورَةِ وَغَيْرِهَا (الْكَذِبَ وَخُلْفَ الْوَعْدِ رُدَّتْ شَهَادَتُهُ)
(تَنْبِيهٌ) التَّوْبَةُ مِمَّا يُخِلُّ بِالْمُرُوءَةِ سُنَّةٌ كَمَا فِي الْمَعَاصِي ذَكَرَهُ فِي التَّنْبِيهِ (فَرْعٌ الْمُدَاوَمَةُ عَلَى تَرْكِ السُّنَنِ الرَّاتِبَةِ وَتَسْبِيحَاتِ الصَّلَاةِ تَقْدَحُ فِي الشَّهَادَةِ) لِتَهَاوُنِ مُرْتَكِبِهَا بِالدِّينِ وَإِشْعَارِهِ بِقِلَّةِ مُبَالَاتِهِ بِالْمُهِمَّاتِ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَيُشْبِهُ أَنْ يَكُونَ مَحِلُّهُ فِي الْحَاضِرِ أَمَّا مَنْ يُدِيمُ السَّفَرَ كَالْمَلَّاحِ وَالْمُكَارَى وَبَعْضِ التُّجَّارِ فَلَا (وَكَذَا) يَقْدَحُ فِيهَا مُدَاوَمَةُ (مُنَادَمَةِ مُسْتَحِلِّ النَّبِيذِ مَعَ السُّفَهَاءِ وَ) كَذَا (كَثْرَةُ شُرْبِهِ) إيَّاهُ (مَعَهُمْ) لِإِخْلَالِ ذَلِكَ بِالْمُرُوءَةِ وَالتَّصْرِيحُ بِالثَّانِيَةِ مِنْ زِيَادَتِهِ (لَا) كَثْرَةُ (السُّؤَالِ لِلْحَاجَةِ وَإِنْ طَافَ) مُكْثِرُهُ (بِالْأَبْوَابِ) فَلَا يَقْدَحُ فِي شَهَادَتِهِ إنْ لَمْ يَقْدِرْ عَلَى كَسْبٍ مُبَاحٍ يَكْفِيهِ لِحِلِّ الْمَسْأَلَةِ لَهُ حِينَئِذٍ (إلَّا إنْ أَكْثَرَ الْكَذِبَ فِي دَعْوَى الْحَاجَةِ أَوْ أَخْذِ مَا لَا يَحِلُّ لَهُ) أَخْذُهُ فَيَقْدَحُ فِي شَهَادَتِهِ نَعَمْ إنْ كَانَ الْمَأْخُوذُ فِي الثَّانِيَةِ قَلِيلًا اُعْتُبِرَ التَّكَرُّرُ كَمَا مَرَّ
ــ
[حاشية الرملي الكبير]
وَفِي مَعْنَى الْقُبْلَةِ وَضْعُ يَدِهِ عَلَى مَوْضِعِ الِاسْتِمْتَاعِ كَالصَّدْرِ وَنَحْوِهِ وَقَوْلُهُ قَالَ الْبُلْقِينِيُّ الْمُرَادُ النَّاسُ إلَخْ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ وَالْإِكْثَارِ مِنْ الْحِكَايَاتِ إلَخْ) يَقْتَضِي أَنَّ مَا عَدَاهُ لَا يَتَقَيَّدُ بِالْإِكْثَارِ وَفِيهِ مَا تَقَدَّمَ (فَرْعٌ) خِضَابُ اللِّحْيَةِ بِالسَّوَادِ سَفَهٌ تُرَدُّ بِهِ الشَّهَادَةُ وَكَذَا نَتْفُهَا إبْقَاءً لِلْمُرُوءَةِ أَوْ عَيْنًا بَعْدَ تَكَامُلِهَا أَوْ تَدَيُّنًا كَالْقَلَنْدَرِيَّ وَنَتْفُ إبِطِهِ بِحَضْرَةِ النَّاسِ (قَوْلُهُ ذَكَرَهُ الزَّرْكَشِيُّ) أَيْ وَغَيْرُهُ (قَوْلُهُ وَالتَّكَسُّبُ بِالشِّعْرِ) مِمَّا عَمَّتْ بِهِ الْبَلْوَى التَّكَسُّبُ بِالشَّهَادَةِ وَذَلِكَ قَادِحٌ فِي الْعَدَالَةِ لَا سِيَّمَا إذَا مَنَعْنَا أَخْذَ الْأُجْرَةِ عَلَى التَّحَمُّلِ أَوْ كَأَنْ يَأْخُذ وَلَا يَكْتُبَ (قَوْلُهُ وَقَيَّدَ الْأَذْرَعِيُّ وَغَيْرُهُ الْأَوَّلُ بِمَا قَالَهُ الْمَاوَرْدِيُّ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ قُلُّ مُرُوءَةٍ) بِضَمِّ الْقَافِ وَكَسْرِهَا.
(قَوْلُهُ إنْ لَاقَتْ بِهِمْ) أَوْ أَجْبَرَهُمْ الْإِمَامُ عَلَيْهَا وَخَرَجَ بِالْمُبَاحَةِ غَيْرُهَا كَحِرْفَةٍ الْمُنَجِّمِ وَالْعَرَّافِ وَالْكُهَّانِ وَالْمُصَوِّرِ فَلَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُمْ قَالَ الصَّيْمَرِيُّ لِأَنَّ شِعَارَهُمْ التَّلْبِيسُ عَلَى الْعَامَّةِ وَمِمَّا عَمَّتْ بِهِ الْبَلْوَى التَّكَسُّبُ بِالشَّهَادَةِ مَعَ أَنَّ شَرِكَةَ الْأَبْدَانِ بَاطِلَةٌ وَذَلِكَ قَادِحٌ فِي الْعَدَالَةِ لَا سِيَّمَا إذَا مَنَعْنَا أَخْذَ الْأُجْرَةِ عَلَى التَّحَمُّلِ أَوْ كَانَ يَأْخُذُ وَلَا يَكْتُبُ فَإِنَّ نُفُوسَ شُرَكَائِهِ لَا تَطِيبُ بِذَلِكَ قَالَ بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ وَأَسْلَمُ طَرِيقٍ فِيهِ أَنْ يَشْتَرِيَ وَرَقُ مُشْتَرَكٍ وَيَكْتُبُ وَيُقَسَّمُ عَلَى قَدْرِ مَا لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْ ثَمَنِ الْوَرَقِ فَإِنَّ الشَّرِكَةَ لَا يُشْتَرَطُ فِيهَا التَّسَاوِي فِي الْعَمَلِ وَكَانَ الشَّيْخُ زَيْنُ الدِّينِ الْكِنَانِيُّ يَسْتَشْكِلُ جَعْلَهُمْ الْحِرَفَ الدَّنِيَّةَ مِنْ خَوَارِمِ الْمُرُوءَةِ مَعَ جَعْلِهِمْ الْحِرَفَ مِنْ فُرُوضِ الْكِفَايَةِ وَجَوَابُهُ أَنَّ كَلَامَهُمْ يَنْزِلُ عَلَى مَنْ اخْتَارَهَا لِنَفْسِهِ مَعَ حُصُولِ الْكِفَايَةِ بِغَيْرِهِ ر (قَوْلُهُ وَخُلْفُ الْوَعْدِ) الْوَاوُ بِمَعْنَى أَوْ (قَوْلُهُ ذَكَرَهُ فِي التَّنْبِيهِ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ وَكَتَبَ عَلَيْهِ وَذَكَرَ فِي الْمَطْلَبِ أَنَّ الْأَصْحَابَ أَلْحَقُوا ذَلِكَ بِالْفِسْقِ (قَوْلُهُ الْمُدَاوَمَةُ عَلَى تَرْكِ الْفِسْقِ إلَخْ) قَالَ الْقَاضِي وَلَوْ تَرَكَ السُّنَنَ وَاشْتَغَلَ بِقَضَاءِ الْفَرَائِضِ فَإِنْ كَانَ الْمَتْرُوكُ الْوِتْرَ أَوْ رَكْعَتَيْ الْفَجْرِ رُدَّتْ شَهَادَتُهُ أَوْ غَيْرَهُمَا فَلَا (قَوْلُهُ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَيُشْبِهُ أَنْ يَكُونَ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ
نَظِيرُهُ
(الشَّرْطُ السَّادِسُ عَدَمُ التُّهْمَةِ فَمَنْ جَرَّ بِشَهَادَتِهِ لِنَفْسِهِ نَفْعًا أَوْ دَفَعَ) بِهَا عَنْهُ (ضَرَرًا رُدَّتْ شَهَادَتُهُ فَلَا تُقْبَلُ) شَهَادَةُ أَحَدٍ (لِعَبْدِهِ) الْمَأْذُونِ لَهُ وَغَيْرِهِ (وَمُكَاتَبِهِ وَمُوَرِّثِهِ وَغَرِيمٍ لَهُ مَيِّتٍ) وَإِنْ لَمْ تَسْتَغْرِقْ تَرِكَتُهُ الدُّيُونَ (أَوْ عَلَيْهِ حَجْرُ فَلَسٍ) وَذَلِكَ لِلتُّهْمَةِ (وَتُقْبَلُ) شَهَادَتُهُ لِغَرِيمِهِ الْمُوسِرِ وَكَذَا الْمُعْسِرُ (قَبْلَ الْحَجْرِ) عَلَيْهِ (وَالْمَوْتِ) لِغَرِيمِهِ لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ يَتَعَلَّقُ الْحَقُّ بِذِمَّتِهِ لَا بِعَيْنِ أَمْوَالِهِ بِخِلَافِهِ بَعْدَ الْحَجْرِ عَلَيْهِ وَالْمَوْتِ وَالتَّصْرِيحُ بِذِكْرِ الْمَوْتِ مِنْ زِيَادَتِهِ (وَتُرَدُّ شَهَادَةُ وَلِيٍّ وَوَكِيلٍ وَوَصِيٍّ) بِجُعْلٍ وَبِدُونِهِ وَقَيِّمٍ (فِيمَا يَتَصَرَّفُ فِيهِ) كُلٌّ مِنْهُمْ لِمَنْ قَامَ هُوَ مَقَامَهُ لِاقْتِضَاءِ شَهَادَتِهِ سَلْطَنَةَ التَّصَرُّفِ فِيمَا شَهِدَ بِهِ وَمَسْأَلَةُ الْوَكِيلِ مَرَّتْ مَعَ زِيَادَةٍ فِي الْبَابِ الثَّانِي مِنْ الْوَكَالَةِ وَذِكْرُ الْوَلِيِّ مِنْ زِيَادَتِهِ (وَ) تُرَدُّ شَهَادَةُ (ضَامِنٍ شَهِدَ بِبَرَاءَةِ مَنْ ضَمِنَ عَنْهُ) أَيْ مِمَّا ضَمِنَهُ فِيهِ لِأَنَّهُ يَدْفَعُ بِهَا الْغُرْمَ عَنْ نَفْسِهِ (وَ) شَهَادَةُ (شَرِيكٍ يَشْهَدُ لِشَرِيكِهِ فِيمَا هُوَ شَرِيكٌ فِيهِ بِأَنْ قَالَ هَذِهِ الدَّارُ) مَثَلًا (بَيْنَنَا) فَلَوْ قَالَ هَذِهِ الدَّارُ لِزَيْدٍ وَلِي قَالَ الزَّرْكَشِيُّ فَالظَّاهِرُ أَخْذًا مِنْ التَّصْوِيرِ الْمَذْكُورِ الصِّحَّةُ فِي نَصِيبِ زَيْدٍ دُونَ نَصِيبِهِ كَمَا لَوْ شَهِدَ لِفَرْعِهِ وَأَجْنَبِيٍّ وَمَا بَحَثَهُ يَأْتِي فِي مَسْأَلَةِ التَّصْوِيرِ أَيْضًا فَالْمُتَّجَهُ حَمْلُ ذَلِكَ كُلِّهِ عَلَى مَا يَأْتِي عَنْ الْمَطْلَبِ.
(فَإِنْ شَهِدَ بِنَصِيبِ شَرِيكِهِ وَحْدَهُ قُبِلَتْ) إذْ لَا تُهْمَةَ وَاسْتَشْكَلَهُ فِي الْمَطْلَبِ بِأَنَّ الشَّرِكَةَ قَدْ تَكُونُ مِنْ وَارِثٍ وَنَحْوِهِ وَلَمْ يَتَّصِلْ بِهَا قَبْضٌ فَلِأَحَدِ الشَّرِيكَيْنِ مُشَارَكَةُ الْآخَرِ فِيمَا يَقْبِضُهُ فَلَا تُسْمَعُ شَهَادَتُهُ لَهُ وَقَدْ أَطْلَقَ الْأَصْحَابُ أَنَّ الشَّهَادَةَ لَلشَّرِيك غَيْرُ مَقْبُولَةٍ وَالْأَحْسَنُ أَنْ يُقَالَ إنْ كَانَ مَا شَهِدَ بِهِ لِشَرِيكِهِ يَسْتَلْزِمُ حُصُولَ شَيْءٍ لَهُ فِيهِ لَمْ تُسْمَعْ شَهَادَتُهُ وَعَلَيْهِ يَنْزِلُ إطْلَاقُ الْأَصْحَابِ وَإِلَّا سُمِعَتْ وَعَلَيْهِ يَنْزِلُ كَلَامُ الرَّافِعِيِّ وَمَنْ تَبِعَهُ
ــ
[حاشية الرملي الكبير]
قَوْلُهُ الشَّرْطُ السَّادِسُ عَدَمُ التُّهْمَةِ) لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَأَدْنَى أَلا تَرْتَابُوا} [البقرة: 282] وَلِخَبَرِ التِّرْمِذِيِّ «لَا تَجُوزُ شَهَادَةُ ظَنِينٍ» وَلِخَبَرِ الْحَاكِمِ «لَا تَجُوزُ شَهَادَةُ ذِي الظِّنَّةِ وَلَا ذِي الْحِنَّةِ» ثُمَّ قَالَ صَحِيحٌ عَلَى شَرْطِ مُسْلِمٍ وَالظِّنَّةُ التُّهْمَةُ وَالْحِنَّةُ الْعَدَاوَةُ (قَوْلُهُ فَمَنْ جَرَّ بِشَهَادَتِهِ لِنَفْسِهِ إلَخْ) كَذَا لَوْ جَرَّ إلَى أَصْلِهِ أَوْ فَرْعِهِ أَوْ دَفَعَ عَنْ أَصْلِهِ أَوْ فَرْعِهِ كَمَا لَوْ شَهِدَ لِلْأَصْلِ الَّذِي ضِمْنُهُ ابْنُهُ بِالْأَدَاءِ أَوْ الْإِبْرَاءِ وَلَا يُقَالُ سَيَأْتِي أَنَّهَا لَا تُقْبَلُ لِأَصْلٍ وَلَا فَرْعٍ لِأَنَّ ذَاكَ فِيمَا شَهِدَ لَهُمَا بِهِ مَقْصُودًا وَهُنَا لَيْسَ كَذَلِكَ وَلَوْ شَهِدَ الْخُنْثَى بِمَالٍ لَوْ كَانَ ذَكَرًا لَكَانَ يَسْتَحِقُّ فِيهِ كَأَرْبَعَةِ أَخْمَاسِ الْفَيْءِ وَالْمَوْقُوفُ عَلَى الْمَذْكُورِ لَمْ تُقْبَلْ شَهَادَتُهُ لِأَنَّهُ قَدْ تَتَّضِحُ ذُكُورَتُهُ فَتَكُونُ شَهَادَتُهُ لِنَفْسِهِ.
(قَوْلُهُ فَلَا تُقْبَلُ لِعَبْدِهِ) اسْتَثْنَى الْبُلْقِينِيُّ مِنْ ذَلِكَ شَهَادَتَهُ لَهُ عَلَى شَخْصٍ بِأَنَّهُ قَذَفَهُ فَتُقْبَلُ قَالَهُ تَخْرِيجًا قَالَ وَلَوْ شَهِدَ لِعَبْدِهِ بِأَنَّ زَوْجَتَهُ تَسَلَّمَتْ مِنْهُ الصَّدَاقَ مِنْ كَسْبِهِ فِي أَيَّامِ بَائِعِهِ أَوْ مُشْتَرِيهِ وَقُلْنَا إنَّهُ يَعُودُ لِلْبَائِعِ كُلُّهُ بِالْفَسْخِ قَبْلَ الدُّخُولِ أَوْ شَطْرُهُ بِالطَّلَاقِ قَبْلَ الدُّخُولِ وَهُوَ الْأَصَحُّ فِي أَيَّامِ بَائِعِهِ خِلَافًا لِلْمُصَحَّحِ فِي أَصْلِ الرَّوْضَةِ فِي الصَّدَاقِ قَالَ وَالْعَبْدُ الْمُوصَى بِإِعْتَاقِهِ لَوْ شَهِدَ لَهُ الْوَارِثُ عَلَى شَخْصٍ اسْتَوْفَى مَنْفَعَتَهُ مُدَّةً قُبِلَتْ وَإِنْ كَانَ عَبْدَهُ لِأَنَّهُ لَا يَجُرُّ إلَى نَفْسِهِ نَفْعًا وَلَوْ اسْتَلْحَقَ عَبْدُهُ لَقِيطًا وَقُلْنَا لَا يَصِحُّ اسْتِلْحَاقُهُ فَشَهِدَ لَهُ مَالِكُهُ قُبِلَتْ (قَوْلُهُ وَمُكَاتَبِهِ) يُسْتَثْنَى مِنْهُ مَا لَوْ وُجِدَ تَبَعًا كَمَا لَوْ شَهِدَ بِشِرَاءِ شِقْصٍ فِيهِ شُفْعَةٌ لِمُكَاتَبِهِ قَالَ الرَّافِعِيُّ هُنَاكَ فَقَالَ الشَّيْخُ أَبُو مُحَمَّدٍ تُقْبَلُ قَالَ الْإِمَامُ وَكَأَنَّهُ أَرَادَ أَنَّهُ يَشْهَدُ لِلْمُشْتَرِي إذَا ادَّعَى الشِّرَاءَ ثُمَّ تَثْبُتُ الشُّفْعَةُ تَبَعًا وَيَجْرِي مِثْلُهُ فِي الْوَلَدِ وَالْوَالِدِ وَلَوْ شَهِدَ لِمُبَعَّضٍ لَهُ وَلِغَيْرِهِ فَكَمَا لَوْ شَهِدَ لِشَرِيكِهِ بِمُشْتَرَكٍ وَلَوْ كَانَ بَاقِيهِ حُرًّا فَيَظْهَرُ أَنَّهُ إنْ أُطْلِقَ فَكَالشَّرِيكِ وَإِنْ قُيِّدَ بِأَنَّ لَهُ عَلَيْهِ كَذَا مِمَّا يَمْلِكُهُ بِبَعْضِهِ الْحُرِّ قُبِلَ وَلْيُنْظَرْ فِيمَا لَوْ كَانَ بَيْنَهُمَا مُهَايَأَةٌ وَكَانَ الْمَشْهُودُ بِهِ مِمَّا يَكُونُ لِذِي النَّوْبَةِ هَلْ يُقَالُ إنْ كَانَ فِي نَوْبَةِ الْعَبْدِ قُبِلَ وَإِلَّا فَلَا غ وَقَوْلُهُ هَلْ يُقَالُ إنْ كَانَ إلَخْ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ.
(قَوْلُهُ أَوْ عَلَيْهِ حَجْرُ فَلَسٍ) كَذَا أَطْلَقَهُ الْمُصَنِّفُ وَغَيْرُهُ وَقَضِيَّتُهُ أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ الشَّاهِدُ مِمَّا يُضَارِبُ مَعَ الْغُرَمَاءِ لِحُلُولِ دَيْنِهِ وَتَقَدَّمَهُ عَلَى الْحَجْرِ أَمْ لَا وَقَدْ يُقَالُ إذَا لَمْ يُضَارِبْ فِيمَا شَهِدَ بِهِ لِتَأْجِيلِ دَيْنِهِ أَوْ لِأَنَّهُ عَامَلَهُ بَعْدَ الْحَجْرِ عَالِمًا بِحَالِهِ أَوْ شَهِدَ لَهُ بِعَيْنٍ هِيَ رَهْنٌ عِنْدَ بَعْضِ الْغُرَمَاءِ يَسْتَغْرِقُهَا دَيْنُهُ أَنَّهُ تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ لِضَعْفِ التُّهْمَةِ وَعَدَمِ عَوْدِ النَّفْعِ إلَيْهِ غَالِبًا غ وَقَوْلُهُ وَقَدْ يُقَالُ إذَا لَمْ يُضَارِبْ إلَخْ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ فِيمَا يَتَصَرَّفُ فِيهِ) خَرَجَ بِهِ مَا لَوْ بَاعَ وَكِيلٌ وَأَنْكَرَ الْمُشْتَرِي الثَّمَنَ فَلِلْوَكِيلِ أَنْ يَشْهَدَ لِمُوَكِّلِهِ بِأَنَّ لَهُ عَلَيْهِ كَذَا وَكَذَا وَلَا يَذْكُرُ أَنَّهُ كَانَ وَكِيلًا فِي ذَلِكَ الْبَيْعِ قَالَهُ أَبُو عَاصِمٍ الْعَبَّادِيُّ فِي بَابِ الْحِيَلِ الْمُبَاحَةِ انْتَهَى وَصُورَتُهَا أَنَّ الْوَكِيلَ لَمْ يُسَلِّمْ الْمَبِيعَ أَوْ سَلَّمَهُ بِإِذْنِ مُوَكِّلِهِ أَوْ بِإِجْبَارِ حَاكِمٍ يَرَاهُ وَقَوْلُهُ قَالَهُ أَبُو عَاصِمٍ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ وَضَامِنٍ شَهِدَ بِبَرَاءَةِ مَنْ ضَمِنَ عَنْهُ) أَيْ بِأَدَاءٍ أَوْ إبْرَاءٍ أَوْ بِجَرَيَانِ شَرْطٍ يُفْسِدُ الْبَيْعَ الَّذِي ضَمِنَ الثَّمَنَ فِيهِ أَوْ بِاسْتِحْقَاقِ أَجْنَبِيٍّ لِلْمَبِيعِ وَكَّلَ مَا يُخْرِجُ بِهِ نَفْسَهُ مِنْ الضَّمَانِ وَكَتَبَ أَيْضًا عَلَى قَوْلِهِ مَنْ ضَمِنَ عَنْهُ فِي مَعْنَاهُ مَنْ ضَمِنَهُ عَبْدُهُ أَوْ مُكَاتَبُهُ أَوْ غَرِيمٌ لَهُ مَيِّتٌ أَوْ مَحْجُورٌ عَلَيْهِ بِفَلَسٍ وَمَنْ ضَمِنَهُ أَصْلُهُ أَوْ فَرْعُهُ.
(قَوْلُهُ وَشَهَادَةِ شَرِيكٍ يَشْهَدُ لِشَرِيكِهِ فِيمَا هُوَ شَرِيكُهُ فِيهِ) لَوْ شَهِدَ لِمُبَعَّضٍ لَهُ وَلِغَيْرِهِ فَكَمَا لَوْ شَهِدَ لِشَرِيكِهِ بِمُشْتَرَكٍ وَلْيُنْظَرْ فِيمَا لَوْ كَانَ بَاقِيهِ حُرًّا وَبَيْنَهُمَا مُهَايَأَةٌ وَكَانَ الْمَشْهُودُ بِهِ مِمَّا يَكُونُ لِذِي النَّوْبَةِ هَلْ يُقَالُ إنْ كَانَ فِي نَوْبَةِ الْعَبْدِ قُبِلَ وَإِلَّا فَلَا وَقَوْلُهُ هَلْ يُقَالُ إلَخْ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ فَالْمُتَّجَهُ حَمْلُ ذَلِكَ كُلِّهِ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ وَكَذَا قَوْلُهُ وَالْأَحْسَنُ أَنْ يُقَالَ إلَخْ (قَوْلُهُ وَتُرَدُّ شَهَادَةِ وَارِثٍ بِجَرْحِ مُوَرِّثِهِ) أَيْ وَهُوَ مِمَّا يُمْكِنُ أَنْ يُفْضِيَ إلَى الْهَلَاكِ فَلَوْ شَهِدَ قَبْلَ الِانْدِمَالِ وَهُوَ مَحْجُوبٌ عَنْ الْإِرْثِ بِغَيْرِهِ ثُمَّ صَارَ وَارِثًا قَبْلَ قَضَاءِ الْقَاضِي بِشَهَادَتِهِ لَمْ يَقْضِ وَإِنْ كَانَ بَعْدَهُ لَمْ يُنْقَضْ وَاسْتَثْنَى ابْنُ أَبِي عَصْرُونٍ كَالْفَارِقِيِّ مَنْ مَنَعَ قَبُولَ شَهَادَةِ الْوَارِثِ بِالْجَرْحِ قَبْلَ الِانْدِمَالِ مَا لَوْ كَانَ عَلَى الْمَجْرُوحِ دَيْنٌ يَسْتَغْرِقُ أَرْشَ الْجِرَاحَةِ وَلَا مَالَ لَهُ لِانْتِفَاءِ التُّهْمَةِ حِينَئِذٍ وَهُوَ مَرْدُودٌ لِأَنَّ الدَّيْنَ لَا يَمْنَعُ الْإِرْثَ وَلِأَنَّ صَاحِبَ الدَّيْنِ قَدْ يُبْرِئُ مِنْهُ ع وَهُوَ مُتَّجَهٌ إذَا كَانَ مُتَعَذِّرَ الْبَرَاءَةِ مِنْ الدَّيْنِ كَالزَّكَاةِ وَمَالِ وَقْفٍ عَامٍّ فَلَوْ كَانَ الْجَرْحُ مِمَّا لَا يَسْرِي إلَى النَّفْسِ قُبِلَتْ الشَّهَادَةُ ع وَخَرَجَ بِذَلِكَ مَا لَوْ شَهِدَ بِجِرَاحَةِ مُوَرِّثِهِ عَلَى غَيْرِ مُعَيَّنٍ لِإِيقَاعِ عِتْقٍ أَوْ طَلَاقٍ أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ مِنْ قِيَامِ عُذْرٍ لِلْمَجْرُوحِ فِي تَرْكِ حُضُورِ وَظِيفَةٍ أَوْ مَجْلِسِ حُكْمٍ فَتُقْبَلُ شَهَادَتُهُ
(وَلَا) تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ لَهُ (بِبَيْعِ شِقْصٍ) مِنْ عَقَارٍ مُشْتَرَكٍ بَيْنَهُمَا أَوْ لِلْمُشْتَرِي بِشِرَائِهِ وَ (لَهُ فِيهِ شُفْعَةٌ) لِأَنَّهَا تَتَضَمَّنُ إثْبَاتَ الشُّفْعَةِ لِنَفْسِهِ وَمِثْلُهُ شَهَادَتُهُ بِالشِّرَاءِ صَرَّحَ بِهَا الْأَصْلُ وَيُمْكِنُ إدْخَالُهَا فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ (لَا) شَهَادَتُهُ بِذَلِكَ (بَعْدَ الْعَفْوِ) عَنْهَا لِإِسْقَاطِ حَقِّهِ مِنْهَا قَبْلَ شَهَادَتِهِ (وَلَا فِيمَا لَا يَنْقَسِمُ) إذْ لَا شُفْعَةَ فِيهِ فَلَا تُهْمَةَ وَلَمْ يَنْظُرُوا إلَى تُهْمَةِ الْخَلَاصِ مِنْ سُوءِ الْمُشَارَكَةِ (وَتُرَدُّ شَهَادَةُ وَارِثٍ بِجَرْحِ مُوَرِّثِهِ) عِنْدَهَا (قَبْلَ الِانْدِمَالِ) وَإِنْ انْدَمَلَ بَعْدَهَا لِلتُّهْمَةِ فَإِنَّهُ لَوْ مَاتَ أَخَذَ الْأَرْشَ فَكَأَنَّهُ شَهِدَ لِنَفْسِهِ وَدَخَلَ فِي كَوْنِهِ مُوَرِّثًا لَهُ عِنْدَ شَهَادَتِهِ مَا لَوْ شَهِدَ بِذَلِكَ أَخُو الْجَرِيحِ وَهُوَ وَارِثٌ لَهُ ثُمَّ وُلِدَ لِلْجَرِيحِ ابْنٌ فَلَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ.
وَخَرَجَ بِهِ مَا لَوْ شَهِدَ بِذَلِكَ وَلِلْجَرِيحِ ابْنٌ ثُمَّ مَاتَ الِابْنُ فَتُقْبَلُ شَهَادَتُهُ ثُمَّ إنْ صَارَ وَارِثًا وَقَدْ حُكِمَ بِشَهَادَتِهِ لَمْ يُنْقَضْ كَمَا لَوْ طَرَأَ الْفِسْقُ أَوْ لَا فَلَا يُحْكَمُ بِهَا وَخَرَجَ بِقَبْلِ الِانْدِمَالِ الْمَزِيدُ عَلَى الْأَصْلِ هُنَا شَهَادَتُهُ بَعْدَ الِانْدِمَالِ فَمَقْبُولَةٌ لِانْتِفَاءِ التُّهْمَةِ قَالَ الْبُلْقِينِيُّ وَلَوْ كَانَ الْجَرِيحُ عَبْدًا ثُمَّ أَعْتَقَهُ سَيِّدُهُ بَعْدَ الْجَرْحِ وَادَّعَى بِهِ عَلَى الْجَارِحِ وَأَنَّهُ الْمُسْتَحِقُّ لِأَرْشِهِ لِأَنَّهُ كَانَ مِلْكَهُ فَشَهِدَ لَهُ وَارِثُ الْجَرِيحِ قُبِلَتْ شَهَادَتُهُ لِعَدَمِ الْمَعْنَى الْمُقْتَضِي لِلرَّدِّ (لَا) شَهَادَتُهُ (بِمَالٍ لَهُ) أَيْ لِمُوَرِّثِهِ وَلَيْسَ بَعْضًا لَهُ فَتُقْبَلُ (وَلَوْ وَهُوَ مَرِيضٌ أَوْ مَجْرُوحٌ) وَلَوْ قَبْلَ الِانْدِمَالِ وَفَارَقَ شَهَادَتَهُ بِالْجَرْحِ بِأَنَّ الْجَرْحَ سَبَبٌ لِلْمَوْتِ النَّاقِلِ لِلْحَقِّ إلَيْهِ بِخِلَافِ الْمَالِ (وَلَا تُقْبَلُ شَهَادَةُ الْوَدِيعِ وَالْمُرْتَهِنِ بِهِمَا) أَيْ الْوَدِيعَةِ وَالْمَرْهُونِ (لِلْمُودَعِ وَالرَّاهِنِ) لِأَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا يَسْتَدِيمُ الْيَدَ لِنَفْسِهِ (وَتُقْبَلُ) شَهَادَتُهُ بِهِمَا (لِغَيْرِهِمَا) لِانْتِفَاءِ التُّهْمَةِ (وَلَا) تُقْبَلُ (شَهَادَةُ غَاصِبٍ) عَلَى الْمَغْصُوبِ مِنْهُ (بِالْمَغْصُوبِ لِأَجْنَبِيٍّ) لِفِسْقِهِ وَلِتُهْمَتِهِ بِدَفْعِ الضَّمَانِ وَمُؤْنَةِ الرَّدِّ عَنْهُ (فَإِنْ شُهِدَ) لَهُ بِهِ (بَعْدَ التَّوْبَةِ وَالرَّدِّ) لَهُ إلَى مُسْتَحِقِّهِ لَا بَعْدَ (التَّلَفِ) لَهُ (قُبِلَتْ شَهَادَتُهُ) لِانْتِفَاءِ التُّهْمَةِ بِخِلَافِ مَا بَعْدَ التَّلَفِ لِأَنَّهُ يَدْفَعُ الضَّمَانَ عَنْ نَفْسِهِ وَظَاهِرٌ أَنَّ الْمَرْدُودَ بَعْدَ أَنْ جَنَى فِي يَدِ الْغَاصِبِ جِنَايَةً مَضْمُونَةً كَالتَّالِفِ فِيمَا ذُكِرَ وَالتَّصْرِيحُ بِبَعْدَ التَّوْبَةِ مِنْ زِيَادَتِهِ (وَلَا) شَهَادَةُ (مُشْتَرٍ شِرَاءً فَاسِدًا بَعْدَ الْقَبْضِ) لِلْمَبِيعِ (بِالْمِلْكِ) فِيهِ (لِغَيْرِ خَصْمِهِ) أَيْ لِغَيْرِ الْبَائِعِ (إلَّا بَعْدَ الرَّدِّ) لَهُ لِمَا ذُكِرَ وَالتَّصْرِيحُ بِالِاسْتِثْنَاءِ مِنْ زِيَادَتِهِ (وَلَا شَهَادَةُ مُشْتَرٍ) شِرَاءً صَحِيحًا (لِبَائِعٍ) بِالْمَبِيعِ (إنْ) فُسِخَ الْبَيْعُ كَأَنْ (رَدَّ) عَلَيْهِ (بِعَيْبٍ أَوْ إقَالَةٍ) أَوْ خِيَارٍ (لِاسْتِبْقَائِهِ الْغَلَّةَ) لِنَفْسِهِ إنْ كَانَ الْمُدَّعِي يَدَّعِي الْمِلْكَ مِنْ تَارِيخٍ مُتَقَدِّمٍ عَلَى الْبَيْعِ كَمَا ذَكَرَهُ الْأَصْلُ.
(وَلَوْ أَثْبَتَ رَجُلٌ) أَيْ أَقَامَ بَيِّنَةً (بِإِخْوَةِ مَيِّتٍ لَهُ دَيْنٌ) عَلَى شَخْصٍ (فَشَهِدَ الْمَدْيُونُ بِابْنٍ لِلْمَيِّتِ لَمْ تُقْبَلْ) شَهَادَتُهُ لِأَنَّهُ يَنْقُلُ مَا عَلَيْهِ لِلْأَخِ إلَى مَنْ شَهِدَ لَهُ بِالْبُنُوَّةِ بِخِلَافِ مَا لَوْ تَقَدَّمَتْ شَهَادَتُهُ (وَلَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ) أَيْ الْوَارِثِ أَوْ الْمُوصَى لَهُ (بِمَوْتِ مُوَرِّثِهِ وَمَنْ أَوْصَى لَهُ) قَالَ الْأَذْرَعِيُّ لِمَ لَا يُقَالُ تُقْبَلُ شَهَادَتُهُمَا فِي حَقِّ غَيْرِهِمَا دُونَ حَقِّهِمَا لِقِصَرِ التُّهْمَةِ عَلَيْهِمَا دُونَ غَيْرِهِمَا (وَتُقْبَلُ شَهَادَةُ الْمَدْيُونِ بِمَوْتِ الْغَرِيمِ) وَهُوَ الدَّائِنُ لِأَنَّهُ لَا يَنْتَفِعُ بِهَا وَلَا يُنْظَرُ هُنَا إلَى نَقْلِ الْحَقِّ مِنْ شَخْصٍ إلَى آخَرَ لِأَنَّ الْوَارِثَ خَلِيفَةُ الْمُوَرِّثِ وَكَأَنَّهُ هُوَ (لَا) شَهَادَةُ (الْعَاقِلَةِ) وَلَوْ فُقَرَاءَ (وَالْغُرَمَاءِ بِجُرْحِ مَنْ شَهِدَ بِقَتْلٍ خَطَأٍ) أَوْ شِبْهِ عَمْدٍ عَلَى مَنْ تَحَمَّلَ عَنْهُ الْعَاقِلَةَ (وَدَيْنٍ) أَيْ وَبِجُرْحِ مَنْ شَهِدَ بِدَيْنٍ آخَرَ (عَلَى الْمُفْلِسِ) الْمَحْجُورِ عَلَيْهِ فَلَا تُقْبَلُ تُهْمَةُ دَفْعِ ضَرَرِ تَحَمُّلِ الْعَاقِلَةِ وَمُزَاحَمَةِ الْغُرَمَاءِ أَمَّا شَهَادَةُ الْعَاقِلَةِ بِفِسْقٍ عَلَى مَنْ شَهِدَ بِقَتْلٍ عَمْدًا وَبِإِقْرَارٍ بِقَتْلٍ وَلَوْ خَطَأً فَمَقْبُولَةٌ لِانْتِفَاءِ تَحَمُّلِهِمْ الْعَقْلَ كَمَا مَرَّ فِي بَابِ الشَّهَادَةِ عَلَى الدَّمِ وَأَلْحَقُوا بِذَلِكَ شَهَادَةَ الْوَكِيلِ وَالْوَصِيِّ بِجُرْحِ مَنْ شَهِدَ بِمَالٍ عَلَى الْمُوَكِّلِ وَالْيَتِيمِ (فَإِنَّ شَهِدَ) شَخْصٌ (بِوَصِيَّةٍ لَمْ يَشْهَدْ لَهُ بِوَصِيَّةٍ أَيْضًا. وَلَوْ)
كَانَتْ الْوَصِيَّتَانِ (مِنْ تَرِكَةٍ وَاحِدَةٍ جَازَ) أَيْ قُبِلَتْ الشَّهَادَتَانِ لِانْفِصَالِ كُلٍّ مِنْهُمَا عَنْ الْأُخْرَى بِغَيْرِ تُهْمَةٍ وَاحْتِمَالُ الْمُوَاطَأَةِ مُنْدَفِعٌ بِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُهَا (كَمَا تُقْبَلُ شَهَادَةُ بَعْضِ الْقَافِلَةِ لِبَعْضٍ عَلَى قُطَّاعِ الطَّرِيقِ) بِمِثْلِ مَا شَهِدَ لَهُ بِهِ الْبَعْضُ الْآخَرُ فَتُقْبَلُ الشَّهَادَتَانِ إذَا نَسَبَ كُلٌّ مِنْهُمَا مَا شَهِدَ بِهِ إلَى الْآخَرِ بِأَنْ يَقُولَ أَخَذُوا مَالَ هَذَا فَإِنْ نَسَبَهُ إلَيْهِمَا مَعًا كَقَوْلِهِ أَخَذُوا مَالَنَا لَمْ تُقْبَلَا لِلتُّهْمَةِ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَعَلَى قِيَاسِ هَذَا قَوْلُ الْبَغَوِيّ لَوْ شَهِدَ عَدْلَانِ مِنْ الْفُقَرَاءِ
ــ
[حاشية الرملي الكبير]
(قَوْلُهُ لَا شَهَادَتُهُ بِمَالٍ لَهُ وَلَوْ وَهُوَ مَرِيضٌ إلَخْ) فَلَوْ مَاتَ الْمَشْهُودُ لَهُ إنْ كَانَ بَعْدَ الْحُكْمِ أَخَذَ الْوَارِثُ الْمَالَ أَوْ قَبْلَهُ فَلَا ذَكَرَهُ الْبَغَوِيّ فِي فَتَاوِيهِ (قَوْلُهُ وَمَنْ أَوْصَى لَهُ) أَوْ إلَيْهِ (قَوْلُهُ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ لِمَ لَا يُقَالُ إلَخْ) يَلْزَمُ مِمَّا قَالَهُ تَبْعِيضُ الْأَحْكَامِ الْمُتَرَتِّبَةِ عَلَى الْمَوْتِ وَاللَّازِمُ بَاطِلٌ (قَوْلُهُ وَلَوْ فُقَرَاءَ) لَا أَبَاعِدَ (قَوْلُهُ وَدَيْنٍ عَلَى الْمُفْلِسِ) اسْتَثْنَى مِنْهُ الْبُلْقِينِيُّ مَا إذَا كَانَ لِلْغَرِيمِ الشَّاهِدِ رَهْنٌ بِدَيْنِهِ وَلَا مَالَ لِلْمُفْلِسِ غَيْرُهُ أَوْ لَهُ مَالٌ وَيَقْطَعُ بِأَنَّ الرَّهْنَ يُوفِي الدَّيْنَ الْمَرْهُونَ بِهِ فَتُقْبَلُ لِفَقْدِ ضَرَرِ الْمُزَاحَمَةِ وَقَالَ لَمْ أَرَ مَنْ تَعَرَّضَ لَهُ وَالْقَوَاعِدُ تَقْتَضِيهِ وَقَوْلُهُ اسْتَثْنَى الْبُلْقِينِيُّ مَا إذَا كَانَ إلَخْ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ وَإِنْ شَهِدَ بِوَصِيَّةٍ لِمَنْ شَهِدَ لَهُ بِوَصِيَّةٍ إلَخْ) لَوْ شَهِدَ اثْنَانِ بِأَنَّ لِلْمَيِّتِ عَلَى هَذَيْنِ أَلْفَ دِرْهَمٍ وَشَهِدَ الْمَشْهُودُ عَلَيْهِمَا عَلَى الشَّاهِدَيْنِ بِأَلْفٍ لِلْمَيِّتِ أَيْضًا جَازَتْ الشَّهَادَتَانِ وَثَبَتَ الْأَلْفَانِ قَالَ الرُّويَانِيُّ لَوْ شَهِدَ فَقِيرَانِ بِأَنَّ لَهُ هَذَا الْمَالَ مِنْ أَوَّلِ الْحَوْلِ إلَخْ فَإِنْ كَانَ مِنْ جِيرَانِ الْمَالِكِ لَا تُقْبَلُ لِلتُّهْمَةِ وَإِنْ كَانَا بِعِيدَيْنِ فَوَجْهَانِ خَوْفًا مِنْ التُّهْمَةِ بِأَنْ تَئُولَ الصَّدَقَةُ إلَيْهِمَا قُلْت وَالْأَصَحُّ أَوْ الصَّحِيحُ الْقَبُولُ وَيَظْهَرُ أَنَّ مَوْضِعَ الْقَطْعِ بِالْمَنْعِ فِيمَا إذَا كَانَ فُقَرَاءُ الْبَلَدِ مَحْصُورِينَ وَأَوْجَبْنَا الِاسْتِيعَابَ أَمَّا فِي غَيْرِهَا فَيَظْهَرُ جَرَيَانُ خِلَافٍ فِيهِ غ.
(قَوْلُهُ بِأَنْ يَقُولَ أَخَذُوا مَالَ هَذَا) وَلَيْسَ عَلَى الْقَاضِي أَنْ يَبْحَثَ عَنْهُمَا هَلْ هُمَا فِي الرُّفْقَةِ أَمْ لَا فَإِنْ بَحَثَ فَلَهُمَا أَنْ لَا يُجِيبَا وَأَنْ يَثْبُتَا عَلَى الشَّهَادَةِ