الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الْإِشْكَالُ) بِخِلَافِ مَا إذَا لَمْ يُعَاصِرْهُ وَاعْتُبِرَتْ مُعَاصَرَتُهُ لَهُ لِتَمَكُّنِ مُعَامَلَتِهِ لَهُ وَنَازَعَ الْبُلْقِينِيُّ فِي اعْتِبَارِ الْمُعَاصَرَةِ لِاحْتِمَالِ كَوْنِ الدَّيْنِ عَلَى مَيِّتٍ لَمْ يُعَاصِرْهُ بِمُعَامَلَةٍ مَعَ مُوَرِّثِهِ مَثَلًا قَالَ، وَإِنَّمَا الْمَدَارُ عَلَى إمْكَانِ صُدُورِ الْمُدَّعَى بِهِ مَعَ الْمَيِّتِ (أَوْ حَاضِرًا حَضَرَ فَإِنْ أَنْكَرَ) الْحَقَّ (كَتَبَ) الْحَاكِمُ الثَّانِي (إلَى الْأَوَّلِ) بِمَا وَقَعَ مِنْ الْإِشْكَالِ (لِيَأْخُذَ مِنْ الشُّهُودِ مَا يَدْرَأُ) أَيْ يَدْفَعُ (الْإِشْكَالَ فِيهِ) أَيْ الْمَحْكُومِ عَلَيْهِ، وَإِنْ اعْتَرَفَ بِالْحَقِّ طُولِبَ بِهِ وَخَلَصَ الْأَوَّلُ هَذَا كُلُّهُ إذَا أَثْبَتَ الْقَاضِي اسْمَ الْمَحْكُومِ عَلَيْهِ وَنَسَبَهُ وَصِفَتَهُ كَمَا مَرَّ (أَمَّا لَوْ حَكَمَ عَلَى مُحَمَّدِ بْنِ أَحْمَدَ مَثَلًا لَمْ يَصِحَّ؛ لِأَنَّهُ حُكْمٌ عَلَى مُبْهَمٍ، وَإِنْ اعْتَرَفَ بِذَلِكَ الِاسْمِ رَجُلٌ وَأَنَّهُ الْمَحْكُومُ عَلَيْهِ وَلَمْ يُقِرَّ) بِالْحَقِّ (لَمْ يَلْزَمْهُ) ذَلِكَ الْحُكْمُ لِبُطْلَانِهِ فِي نَفْسِهِ فَإِنْ أَقَرَّ بِالْحَقِّ لَزِمَهُ وَلَمَّا فَرَغَ مِنْ الْإِنْهَاءِ بِالْمُكَاتَبَةِ شَرَعَ فِي الْإِنْهَاءِ بِالْمُشَافَهَةِ فَقَالَ (فَإِنْ شَافَهَ قَاضٍ قَاضِيًا بِالْحُكْمِ وَالْمُنْهَى) لَهُ (فِي غَيْرِ مَحَلِّ وِلَايَتِهِ لَمْ يَحْكُمْ) الثَّانِي، وَإِنْ كَانَ فِي مَحَلِّ وِلَايَتِهِ؛ لِأَنَّ إخْبَارَهُ فِي غَيْرِ مَحَلِّ وِلَايَتِهِ كَإِخْبَارِهِ بَعْدَ عَزْلِهِ (أَوْ عَكْسُهُ) بِأَنْ كَانَ الْمُنْهَى فِي مَحَلِّ وِلَايَتِهِ وَالْمُنْهَى إلَيْهِ فِي غَيْرِهِ.
(فَلَهُ الْحُكْمُ إذَا رَجَعَ وِلَايَتَهُ) أَيْ إلَيْهَا أَيْ مَحَلِّهَا (وَهُوَ حَكَمَ بِعِلْمِهِ فَإِنْ كَانَا فِي مَحَلِّ وِلَايَتِهِمَا كَانَ تَنَادِيًا مِنْ الطَّرَفَيْنِ) بِأَنْ كَانَ كُلٌّ مِنْهُمَا فِي طَرَفِ مَحَلِّ وِلَايَتِهِ وَنَادَى الْحَاكِمُ الْأَوَّلُ الثَّانِيَ وَأَخْبَرَهُ بِمَا حَكَمَ (أَوْ كَانَا قَاضِيَ بَلَدٍ أَوْ أَنْهَى إلَيْهِ نَائِبَهُ فِي الْبَلَدِ وَعَكْسُهُ) بِأَنْ أَنْهَى إلَيْهِ مُنِيبَهُ (أَوْ خَرَجَ الْقَاضِي إلَى قَرْيَةٍ لَهُ فِيهَا نَائِبٌ فَأَخْبَرَ أَحَدُهُمَا الْآخَرَ) بِحُكْمِهِ (أَمْضَاهُ) ؛ لِأَنَّهُ أَبْلَغُ مِنْ الشَّهَادَةِ وَالْكِتَابِ وَلِأَنَّ الْقَرْيَةَ فِي الْأَخِيرَةِ مَحَلُّ وِلَايَتِهِمَا (وَلَوْ دَخَلَ النَّائِبُ) بَلَدَ مُنِيبِهِ (فَأَنْهَى) إلَيْهِ (حُكْمَهُ لَمْ يُقْبَلْ) ؛ لِأَنَّ الْمُنْهَى فِي غَيْرِ مَحَلِّ وِلَايَتِهِ (أَوْ أَنْهَى إلَيْهِ الْقَاضِي) حُكْمَهُ (نَفَّذَهُ) إذَا عَادَ إلَى مَحَلِّ وِلَايَتِهِ (وَكَانَ حُكْمًا بِعِلْمٍ.)
(فَرْعٌ لَهُ أَنْ يُشَافِهَ بِالْحُكْمِ وَالِيًا غَيْرَ قَاضٍ لِيَسْتَوْفِيَ) الْحَقَّ مِمَّنْ لَزِمَهُ (وَلَوْ مِمَّنْ هُوَ فِي غَيْرِ) مَحَلِّ (وِلَايَتِهِ) ؛ لِأَنَّ سَمَاعَ الْوَلِيِّ مُشَافَهَةً كَشَهَادَةِ الشُّهُودِ عِنْدَ الْقَاضِي وَاخْتَارَ الْإِمَامُ خِلَافَ ذَلِكَ قَالَ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ إلَيْهِ سَمَاعُ قَوْلِ الْقَاضِي كَمَا لَيْسَ إلَيْهِ سَمَاعُ الْبَيِّنَةِ (وَلَا يَكْتُبُ إلَيْهِ إلَّا إنْ فُوِّضَ إلَيْهِ) مِنْ الْإِمَامِ (نَظَرُ الْقَضَاءِ) أَيْ تَوْلِيَةُ مَنْ يَرَاهُ صَالِحًا لِلْقَضَاءِ (وَهُوَ صَالِحٌ لَهُ) فَلَهُ مُكَاتَبَتُهُ كَمَا يَجُوزُ مُكَاتَبَةُ الْإِمَامِ الْأَعْظَمِ قَالَ فِي الْأَصْلِ وَإِنَّمَا لَمْ يُكَاتِبْهُ فِيمَا عَدَا هَذَا؛ لِأَنَّ الْكِتَابَ إنَّمَا يَثْبُتُ بِالْبَيِّنَةِ وَمَنْصِبُ سَمَاعِهَا يَخْتَصُّ بِالْقَضَاءِ لَكِنَّهُ خَالَفَ فِيهِ فِي الرَّوْضَةِ فَصَحَّحَ فِيهَا قُبَيْلَ الْبَابِ الرَّابِعِ فِي الشَّاهِدِ وَالْيَمِينِ أَنَّ ذَلِكَ لَا يَخْتَصُّ بِالْقُضَاةِ نَبَّهَ عَلَيْهِ الْإِسْنَوِيُّ
(فَصْلٌ، وَإِنْ لَمْ يَحْكُمْ وَأَنْهَى سَمَاعَ الْحُجَّةِ) الْمَسْبُوقَةِ بِالدَّعْوَى (إلَى قَاضٍ آخَرَ مُشَافَهَةً) لَهُ بِهِ (لَمْ يَجُزْ) لَهُ الْحُكْمُ بِهِ بِنَاءً عَلَى أَنَّ إنْهَاءَ سَمَاعِهَا نُقِلَ لَهَا كَنَقْلِ الْفَرْعِ شَهَادَةَ الْأَصْلِ فَكَمَا لَا يُحْكَمُ بِالْفَرْعِ مَعَ حُضُورِ الْأَصْلِ لَا يَجُوزُ الْحُكْمُ بِذَلِكَ وَيُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّهُ لَوْ غَابَ الشُّهُودُ عَنْ بَلَدِ الْقَاضِي لِمَسَافَةٍ يَجُوزُ فِيهَا الشَّهَادَةُ عَلَى الشَّهَادَةِ جَازَ الْحُكْمُ بِذَلِكَ، وَهُوَ ظَاهِرٌ (أَوْ مُكَاتَبَةً جَازَ) الْحُكْمُ بِهِ (حَيْثُ) تَكُونُ الْمَسَافَةُ بَيْنَ الْقَاضِيَيْنِ بِحَيْثُ (يَسْمَعُ) فِيهَا (الشَّهَادَةَ عَلَى الشَّهَادَةِ) بِخِلَافِ الْكِتَابِ بِالْحُكْمِ يَجُوزُ وَلَوْ مَعَ الْقُرْبِ؛ لِأَنَّ الْحُكْمَ قَدْ تَمَّ وَلَمْ يَبْقَ إلَّا الِاسْتِيفَاءُ بِخِلَافِ سَمَاعِ الْحُجَّةِ إذْ يَسْهُلُ إحْضَارُهَا مَعَ الْقُرْبِ وَيُسَمَّى كِتَابُ سَمَاعِهَا كِتَابَ
ــ
[حاشية الرملي الكبير]
قَوْلُهُ وَاعْتُبِرَتْ مُعَاصَرَتُهُ لَهُ لِتَمَكُّنِ مُعَامَلَتِهِ) قَيَّدَ الْبَنْدَنِيجِيُّ وَالْجُرْجَانِيُّ وَغَيْرُهُمَا الْمُعَاصَرَةَ بِمَا إذَا أَمْكَنَ أَنْ يَكُونَ عَامِلَهُ وَلَا بُدَّ مِنْهُ ر قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: وَالتَّقْيِيدُ بِإِمْكَانِ الْمُعَامَلَةِ مُتَعَيِّنٌ سَوَاءٌ مَاتَ بَعْدَ الْحُكْمِ أَوْ قَبْلَهُ لَا سِيَّمَا إذَا كَانَتْ الشَّهَادَةُ عَلَى بَيْعٍ أَوْ شِرَاءٍ أَوْ إقْرَارٍ وَكُلُّ مَا لَا يَصِحُّ إلَّا مِنْ الْمُكَلَّفِ وَكَانَ الْمُوَافِقُ صَغِيرًا طِفْلًا وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ.
(قَوْلُهُ فَإِنْ أَنْكَرَ الْحَقَّ) قَالَ الْبَنْدَنِيجِيُّ: وَغَيْرُهُ قِيلَ لِلْمَحْكُومِ لَهُ أَلَكَ بَيِّنَةٌ تُفَرِّقُ بَيْنَ الرَّجُلَيْنِ فَإِذَا أَتَى بِالْبَيِّنَةِ حَكَمَ لَهُ، وَإِنْ لَمْ يَأْتِ بِهَا كَتَبَ الْمَكْتُوبُ إلَيْهِ إلَى الْكَاتِبِ وَذَكَرُوا مَا سَاقَهُ الرَّافِعِيُّ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: وَهَذَا أَحْسَنُ فَإِنَّ الْمُكَاتَبَةَ إنَّمَا تَكُونُ عِنْدَ الْحَاجَةِ إلَيْهَا وَالرَّافِعِيُّ يَقُولُ: بِذَلِكَ وَلَكِنْ الْإِيضَاحُ أَوْلَى (قَوْلُهُ لِيَأْخُذَ مِنْ الشُّهُودِ مَا يَدْرَأُ الْإِشْكَالَ فِيهِ) يَقْتَضِي الِاقْتِصَارَ عَلَى كِتَابَةِ الصِّفَةِ الْمُمَيِّزَةِ مِنْ غَيْرِ حُكْمٍ قَالَ الْبُلْقِينِيُّ: وَهُوَ مَمْنُوعٌ بَلْ لَا بُدَّ عِنْدَنَا مِنْ حُكْمٍ مُسْتَأْنَفٍ عَلَى الْمَوْصُوفِ بِالصِّفَةِ الزَّائِدَةِ الْمُمَيِّزَةِ لَهُ وَلَا يَحْتَاجُ إلَى تَجْدِيدِ دَعْوَى وَلَا حَلِفٍ وَإِنَّمَا يَحْتَاجُ إلَى الْحُكْمِ عَلَى مَا قَدَّرْنَاهُ وَلَمْ أَرَ مَنْ تَعَرَّضَ لِذَلِكَ (قَوْلُهُ طُولِبَ بِهِ وَخُلِّصَ الْأَوَّلُ) إذَا لَمْ يُكَذِّبْهُ الْمُدَّعِي (قَوْلُهُ لِأَنَّهُ حُكْمٌ عَلَى مُبْهَمٍ) لِأَنَّهُ غَيْرُ مُعَيَّنٍ لَا بِالْإِشَارَةِ وَلَا بِالصِّفَةِ الْكَامِلَةِ بِخِلَافِ مَا لَوْ اسْتَقْصَى الْوَصْفَ وَظَهَرَ اشْتِرَاكٌ عَلَى النُّدُورِ (قَوْلُهُ فِي مَحَلِّ وِلَايَتِهِ) شَمِلَ مَا لَوْ كَانَ الْإِمَامُ قَدْ أَذِنَ لَهُ أَنْ يَحْكُمَ حَيْثُ حَلَّ مِنْ الْبِلَادِ
[فَصْلٌ لَمْ يَحْكُمْ الْقَاضِي وَأَنْهَى سَمَاعَ الْحُجَّةِ الْمَسْبُوقَةِ بِالدَّعْوَى إلَى قَاضٍ آخَرَ مُشَافَهَةً لَهُ بِهِ]
(فَصْلٌ)(قَوْلُهُ، وَهُوَ ظَاهِرٌ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ وَكَتَبَ عَلَيْهِ جَزَمَ الْإِمَامُ بِأَنَّهُ يَحْكُمُ بِذَلِكَ إذَا كَانَ الْكَاتِبُ وَالْمَكْتُوبُ إلَيْهِ فِي بَلَدٍ وَاحِدٍ وَذَكَرَ مِثْلَهُ فِيمَا لَوْ وَقَفَ كُلٌّ مِنْهُمَا فِي طَرَفِ مَحَلِّ وِلَايَتِهِ وَأَخْبَرَ أَحَدُهُمَا الْآخَرَ بِذَلِكَ (قَوْلُهُ وَلَوْ مَعَ الْقُرْبِ) كَأَنْ كَانَا بِبَلَدٍ وَاحِدٍ وَتَيَسَّرَ اجْتِمَاعُهُمَا (قَوْلُهُ بِخِلَافِ سَمَاعِ الْحُجَّةِ إلَخْ) قَضِيَّةُ الْفَرْقِ السَّابِقِ بَيْنَ الْقَضَاءِ الْمُبْرَمِ وَسَمَاعِ الْبَيِّنَةِ أَنَّ شُهُودَ الْأَصْلِ لَوْ حَضَرُوا فِي بُعْدِ الْمَسَافَةِ عِنْدَ الْمَكْتُوبِ إلَيْهِ بَعْدَ الشَّهَادَةِ عَلَى الْكِتَابِ وَقَبْلَ الْحُكْمِ بِمَا اقْتَضَاهُ لَا يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَحْكُمَ حَتَّى يَسْمَعَ الشَّهَادَةَ مِنْهُمْ بِطَرِيقِ الْأَوْلَى وَبِهِ صَرَّحَ الْإِمَامُ حَيْثُ خَصَّ جَوَازَ الْمُكَاتَبَةِ مَعَ الْقُرْبِ وَالْعَمَلِ بِالْمُشَافَهَةِ بِفَقْدِ شُهُودِ الْأَصْلِ أَوْ غَيْبَتِهِمْ بِنَاءً عَلَى أَنَّ ذَلِكَ نَقْلُ شَهَادَةٍ لَا حُكْمٌ بِأَدَائِهَا وَقَالَ فِي الْمَطْلَبِ: وَإِطْلَاقُ الْأَصْحَابِ بِلَا شَكٍّ مُنَزَّلٌ عَلَى هَذَا التَّفْصِيلِ وَعَدَمُ الْعَمَلِ مَعَ مُصَاحَبَةِ شُهُودِ الْأَصْلِ لَهُ أَوْلَى بِأَنْ لَا يَعْمَلَ بِهِ، وَإِنْ وُجِدَ الْبُعْدُ وَحِينَئِذٍ فَظَهَرَ أَنَّ الْعِلَّةَ فِي الْمَنْعِ سُهُولَةُ إعَادَةِ الشَّهَادَةِ فَلَوْ مَاتُوا أَوْ تَعَذَّرَ حُضُورُهُمْ عِنْدَهُ لِغَيْبَةٍ أَوْ مَرَضٍ أَوْ نَحْوِهِ لَمْ تُعْتَبَرْ الْمَسَافَةُ الْمَذْكُورَةُ وَيَجُوزُ كِتَابُ الْقَاضِي بِالسَّمَاعِ مَعَ الْبُعْدِ
نَقْلِ الشَّهَادَةِ وَكِتَابَ الثَّبْتِ أَيْ تَثْبِيتُ الْحُجَّةِ (بِخِلَافِ مَا لَوْ قَالَ لِنَائِبِهِ اسْمَعْ الْبَيِّنَةَ) بَعْدَ الدَّعْوَى (وَانْهَهَا إلَيَّ) فَفَعَلَ (فَإِنَّ الْأَشْبَهَ الْجَوَازُ) أَيْ جَوَازُ حُكْمِ مُنِيبِهِ بِذَلِكَ؛ لِأَنَّ تَجْوِيزَ النِّيَابَةِ لِلِاسْتِعَانَةِ بِالنَّائِبِ، وَهُوَ يَقْتَضِي الِاعْتِدَادَ بِسَمَاعِهِ بِخِلَافِ سَمَاعِ الْقَاضِي الْمُسْتَقِلِّ وَمُقَابِلُ الْأَشْبَهِ عَدَمُ الْجَوَازِ كَإِنْهَاءِ أَحَدِ الْقَاضِيَيْنِ فِي الْبَلَدِ إلَى الْآخَرِ لِإِمْكَانِ حُضُورِ الشُّهُودِ عِنْدَهُ (وَلِيُبَيِّنَ) الْقَاضِي الْكَاتِبُ (الْحُجَّةَ) أَهِيَ بَيِّنَةٌ أَوْ شَاهِدٌ وَيَمِينٌ أَوْ يَمِينٌ مَرْدُودَةٌ لِيَعْرِفَهَا الْمَكْتُوبُ إلَيْهِ فَقَدْ لَا يَرَى بَعْضَ ذَلِكَ حُجَّةً (وَيُسَمِّي لَهُ الشُّهُودَ لِيَبْحَثَ عَنْهُمْ) .
وَالْأَوْلَى أَنْ يَبْحَثَ عَنْ حَالِهِمْ وَيُعَدِّلَهُمْ؛ لِأَنَّ أَهْلَ بَلَدِهِمْ أَعْرَفُ بِهِمْ فَإِنْ لَمْ يَفْعَلْ فَعَلَى الثَّانِي الْبَحْثُ وَالتَّعْدِيلُ وَإِذَا عَدَّلَهُمْ الْأَوَّلُ فَلَيْسَ لِلثَّانِي إعَادَةُ التَّعْدِيلِ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ مَحَلُّهُ فِي الْقَاضِي الْمُوَافِقِ فِي الْمَذْهَبِ فِي التَّعْدِيلِ لَا الْمُخَالِفِ وَفِي نُسْخَةٍ وَلِيَبْحَثَ بِالْوَاوِ (فَلَوْ عَدَّلَهُمْ) الْكَاتِبُ (وَسَكَتَ عَنْ تَسْمِيَتِهِمْ كَفَى) كَمَا فِي الْحُكْمِ وَلَا حَاجَةَ هُنَا إلَى تَحْلِيفِ الْمُدَّعِي كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ (وَلِلْخَصْمِ تَجْرِيحُهَا) أَيْ الْحُجَّةِ وَالْأَوْلَى تَجْرِيحُهُمْ (وَيُمْهِلُ لَهُ) أَيْ لِتَجْرِيحِهِمْ أَيْ لِإِقَامَةِ الْبَيِّنَةِ بِهِ (ثَلَاثًا) مِنْ الْأَيَّامِ فَأَقَلَّ بِحَسَبِ الْحَاجَةِ إذَا اسْتَمْهَلَ لَهُ؛ لِأَنَّهَا مُدَّةٌ يَسِيرَةٌ لَا يَعْظُمُ ضَرَرُ الْمُدَّعِي بِتَأْخِيرِ الْحُكْمِ فِيهَا وَبِالْمُدَّعَى عَلَيْهِ حَاجَةٌ إلَيْهَا وَكَذَا لَوْ قَالَ أَبْرَأْتنِي أَوْ قَضَيْت الْحَقَّ وَاسْتُمْهِلَ لِيُقِيمَ الْبَيِّنَةَ عَلَيْهِ (لَا) إنْ اسْتَمْهَلَ (لِيَذْهَبَ إلَى الْكَاتِبِ وَيَجْرَحَهُمْ عِنْدَهُ) أَوْ لِيَأْتِيَ مِنْ بَلَدِهِ بِبَيِّنَةٍ أُخْرَى دَافِعَةٍ فَلَا يُمْهَلُ (بَلْ يُسَلِّمُ الْمَالَ) لِلْمُدَّعِي قَالَ الْإِسْنَوِيُّ وَيَظْهَرُ أَنَّ مَحَلَّهُ إذَا تَوَقَّفَ عَلَى أَكْثَرِ مِنْ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ وَكَلَامُ الرُّويَانِيِّ يَدُلُّ عَلَيْهِ وَيَحْتَمِلُ الْمَنْعَ مُطْلَقًا سَدًّا لِلْبَابِ (فَإِنْ أَقَامَ دَافِعًا اسْتَرَدَّ) مَا سَلَّمَهُ (فَلَوْ سَأَلَ) الْخَصْمُ (وَالْكَاتِبُ بِالْحُكْمِ تَحْلِيفَهُ) أَيْ الْمُدَّعِي (أَنَّهُ مَا اسْتَوْفَى) مِنْهُ الْحَقَّ أَوْ أَنَّهُ مَا أَبْرَأَهُ مِنْهُ (فَهَلْ يُجَابُ) إلَيْهِ.
كَمَا لَوْ ادَّعَى عِنْدَهُ ابْتِدَاءً أَوْ لَا؛ لِأَنَّ الْكَاتِبَ حَلَّفَهُ (وَجْهَانِ) أَرْجَحُهُمَا فِي الْأَنْوَارِ الثَّانِي وَنَقَلَهُ ابْنُ الرِّفْعَةِ عَنْ الْقَاضِي أَبِي الطَّيِّبِ وَالْمَاوَرْدِيِّ وَالْبَنْدَنِيجِيّ وَغَيْرِهِمْ نَعَمْ إنْ ادَّعَى إيقَاعَ ذَلِكَ بَعْدَ الْحُكْمِ فَلَهُ تَحْلِيفُهُ بِلَا شَكٍّ (أَوْ) سَأَلَ تَحْلِيفَهُ (أَنَّهُ لَا يَعْلَمُ عَدَاوَةَ الشُّهُودِ لَهُ أُجِيبَ) إلَيْهِ بِخِلَافِ مَا لَوْ سَأَلَ تَحْلِيفَهُ أَنَّهُ لَا عَدَاوَةَ بَيْنَهُ وَبَيْنَهُمْ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْمَاوَرْدِيُّ وَالرُّويَانِيُّ وَمِنْ هُنَا زَادَ الْمُصَنِّفُ يَعْلَمُ عَلَى قَوْلِ أَصْلِهِ أَوْ لَا عَدَاوَةَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الشُّهُودِ (أَوْ) تَحْلِيفَهُ (أَنَّهُمْ عُدُولٌ لَمْ يُجَبْ) بَلْ يَكْفِي تَعْدِيلُ الْحَاكِمِ إيَّاهُمْ بِخِلَافِ مَا لَوْ سَأَلَ تَحْلِيفَهُ أَنَّهُ لَا يَعْلَمُ فِسْقَهُمْ كَمَا سَيَأْتِي فِي الدَّعَاوَى
(الطَّرَفُ الرَّابِعُ فِي الْحُكْمِ بِالشَّيْءِ الْغَائِبِ عَلَى غَائِبٍ وَهَذَا فِي الْأَعْيَانِ) ؛ لِأَنَّهَا الَّتِي تَتَّصِفُ بِالْغَيْبَةِ وَالْحُضُورِ (أَمَّا الدَّيْنُ وَنَحْوُ النِّكَاحِ وَالطَّلَاقِ) مِنْ رَجْعَةٍ وَإِثْبَاتِ وَكَالَةٍ وَنَحْوِهِمَا (فَلَا يُوصَفُ بِغَيْبَةٍ وَلَا حُضُورٍ) لَا فِي الدَّعْوَى بِهَا وَلَا فِي غَيْرِهَا (ثُمَّ الْعَيْنُ) الْمُدَّعَاةُ (الْغَائِبَةُ عَنْ الْبَلَدِ إنْ كَانَتْ مِمَّا تُعْرَفُ) بِأَنْ يُؤْمَنَ اشْتِبَاهُهَا (كَالْعَقَارِ) الْمَعْرُوفِ وَيُعْتَمَدُ فِيهِ مَا ذَكَرَهُ بِقَوْلِهِ (فَيَعْرِفُهُ) الْمُدَّعِي (بِذِكْرِ الْبُقْعَةِ وَالسِّكَّةِ وَالْحُدُودِ الْأَرْبَعَةِ) عَلَى مَا يَأْتِي فِي الدَّعَاوَى (وَكَالْعَبْدِ وَالْفَرَسِ) الْمَعْرُوفَيْنِ (بِالشُّهْرَةِ سُمِعَتْ الدَّعْوَى وَالْبَيِّنَةُ وَيُحْكَمُ بِهَا) قَالَ فِي الْأَصْلِ وَلَا يَجِبُ ذِكْرُ الْقِيمَةِ عَلَى الْأَصَحِّ لِحُصُولِ التَّمْيِيزِ دُونَهُ وَتَرَكَهُ الْمُصَنِّفُ لِلْعِلْمِ بِهِ مِمَّا يَأْتِي فِي الدَّعَاوَى.
(وَمَا لَا شُهْرَةَ لَهُ) كَغَيْرِ الْمَعْرُوفِ مِنْ الْعَبِيدِ وَالدَّوَابِّ (تُسْمَعُ فِيهِ الْأَوْصَافُ) أَيْ الدَّعْوَى بِهِ اعْتِمَادًا عَلَى الْأَوْصَافِ (أَيْضًا لِإِقَامَةِ الْبَيِّنَةِ) لِلْحَاجَةِ إلَيْهَا كَمَا فِي الْعَقَارِ وَكَمَا تُسْمَعُ عَلَى الْخَصْمِ الْغَائِبِ اعْتِمَادًا عَلَى الصِّفَةِ
ــ
[حاشية الرملي الكبير]
وَالْقُرْبِ وَحَصَلَ أَنَّ الْقُرْبَ وَالْبُعْدَ لَا أَثَرَ لَهُ فِي الْكِتَابِ بِسَمَاعِ الْبَيِّنَةِ بَلْ الضَّابِطُ مَا ذَكَرْنَاهُ.
(قَوْلُهُ وَالْأَوْلَى أَنْ يَبْحَثَ عَنْ حَالِهِمْ وَيُعَدِّلَهُمْ) يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ مَحَلُّهُ إذَا كَانَ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ هُنَاكَ مَنْ يُمْكِنُ أَنْ يُعَدِّلَهُمَا أَمَّا لَوْ لَمْ يَكُنْ وَعَلِمَ الْكَاتِبُ أَنَّهُ لَا يُمْكِنُ تَعْدِيلُهُمَا هُنَاكَ إمَّا لِعَدَمِ مَنْ يَعْرِفُهُمَا ثُمَّ لِبُعْدِ الدَّارِ أَوْ لِغَيْرِ ذَلِكَ فَالْوَجْهُ وُجُوبُ تَعْدِيلِهِمَا بِبَلَدِهِمَا ثُمَّ الْمُكَاتَبَةُ بِمَا شَهِدَا بِهِ غ (قَوْلُهُ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ مَحَلُّهُ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْله قَالَ الْإِسْنَوِيُّ) : أَيْ وَغَيْرُهُ وَيَظْهَرُ أَنَّ مَحَلَّهُ إلَخْ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ وَكَلَامُ الرُّويَانِيِّ يَدُلُّ عَلَيْهِ) يُشْبِهُ أَنَّهُ مُرَادُ الْأَئِمَّةِ فَإِنَّهُمْ عَلَّلُوا الْمَنْعَ بِالْأَمْرِ بِطُولٍ فَلَوْ فَعَلْنَا هَذَا وَالظَّنُّ بِالْقَاضِي كَمَا قَالَ الْإِمَامُ أَنَّهُ لَمْ يَأْلُ جَهْدًا وَلَمْ يُقَصِّرْ لَبَطَلَ أَثَرُ الْقَضَاءِ عَلَى الْغَائِبِ وَرَأَيْت فِي الْعُمْدَةِ لِلْفُورَانِيِّ فَإِنْ قَالَ الْمَكْتُوبُ عَلَيْهِ أَنَا أُقِيمُ الْبَيِّنَةَ عَلَى جَرْحِهِمْ فَلَهُ ذَلِكَ لَكِنْ بِشَرْطِ أَنْ يُثْبِتَ أَوَّلًا أَنَّ الَّذِينَ شَهِدُوا عَلَيْهِ هَؤُلَاءِ ثُمَّ يُقِيمُ الْبَيِّنَةَ عَلَى جَرْحِهِمْ فَإِنْ اسْتَمْهَلَ مُدَّةً لِيَخْرُجَ إلَى الْقَاضِي الْكَاتِبِ وَيُنْجِزَ كِتَابًا بِأَسْمَاءِ الشُّهُودِ ثُمَّ يُقِيمُ الْبَيِّنَةَ هَا هُنَا عَلَى الْجَرْحِ فَإِنَّهُ يُمْهَلُ قَدْرَ مَا يُمْكِنُهُ ذَلِكَ اهـ وَقَالَ فِي الْإِبَانَةِ: إذَا اسْتَمْهَلَ حَتَّى يَذْهَبَ إلَى الْقَاضِي الْكَاتِبُ وَيُبَيِّنَ الشُّهُودَ بِالْجَرْحِ يُمْهَلُ غ.
(قَوْلُهُ فَإِنْ أَقَامَ دَافِعًا اسْتَرَدَّ مَا سَلَّمَهُ) لِإِخْفَاءِ أَنَّهُ إذَا قَدِمَ الْغَائِبُ أَوْ بَلَغَ الصَّبِيُّ أَوْ أَفَاقَ الْمَجْنُونُ أَنَّهُ عَلَى حُجَّتِهِ مِنْ قَادِحٍ فِي الْبَيِّنَةِ بِجَرْحٍ أَوْ غَيْرِهِ وَمِنْ الْمُعَارَضَةِ بِبَيِّنَةٍ يُقِيمُهَا عَلَى إبْرَاءٍ أَوْ قَضَاءٍ أَوْ نَحْوِ ذَلِكَ لِدَفْعِ الظُّلْمِ عَنْ نَفْسِهِ (قَوْلُهُ أَرْجَحُهُمَا فِي الْأَنْوَارِ الثَّانِي) ، وَهُوَ الْأَصَحُّ (قَوْلُهُ أَوْ إنَّهُ لَا يَعْلَمُ عَدَاوَةَ الشُّهُودِ) أَوْ أَنَّ فِيهِمْ رِقًّا أَوْ بَيْنَهُ وَبَيْنَهُمْ مِنْ النَّسَبِ مَا يَمْنَعُ قَبُولَ شَهَادَتِهِمْ لَهُ أَوْ أَنَّهُمْ يَجُرُّونَ لِأَنْفُسِهِمْ بِهَا نَفْعًا أَوْ يَدْفَعُونَ بِهَا عَنْهُمْ ضَرَرًا (قَوْلُهُ بِخِلَافِ مَا لَوْ سَأَلَ تَحْلِيفَهُ أَنَّهُ لَا يَعْلَمُ فِسْقَهُمْ) أَيْ أَوْ كَذِبَهُمْ أَوْ نَحْوَهُ مِمَّا لَوْ أَقَرَّ بِهِ الْخَصْمُ لَنَفَعَهُ
(قَوْلُهُ الطَّرَفُ الرَّابِعُ فِي الْحُكْمِ بِالشَّيْءِ الْغَائِبِ عَلَى غَائِبٍ) لَا فَرْقَ فِي مَسَائِلِ هَذَا الطَّرَفِ بَيْنَ حُضُورِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ وَغَيْبَتِهِ وَإِنَّمَا ذُكِرَ هُنَا لِمُنَاسَبَةِ الْحُكْمِ عَلَى الْغَائِبِ (قَوْلُهُ وَالْحُدُودُ الْأَرْبَعَةُ) إذَا لَمْ يَحْصُلْ الْعِلْمُ إلَّا بِهَا فَلَوْ حَصَلَ الْعِلْمُ وَلَوْ بِوَاحِدٍ كَفَى بَلْ لَوْ كَانَتْ مَشْهُورَةً بِاسْمٍ تَنْفَرِدُ بِهِ كَدَارِ النَّدْوَةِ بِمَكَّةَ كَفَى ذِكْرُهُ (قَوْلُهُ عَلَى مَا يَأْتِي فِي الدَّعَاوَى) حَاصِلُهُ أَنَّ الشَّرْطَ ذِكْرُ مَا يَحْصُلُ الْعِلْمُ بِهِ وَلَوْ بِذِكْرِ حَدٍّ وَاحِدٍ حَتَّى لَوْ كَانَ مَشْهُورًا لَا يَشْتَبِهُ لَا حَاجَةَ إلَى تَحْدِيدِهِ
(لَا لِلْحُكْمِ) ؛ لِأَنَّهُ مَعَ خَطَرِ الِاشْتِبَاهِ وَالْجَهَالَةِ بَعِيدٌ (فَيَصِفُهَا) أَيْ الْعَيْنَ الْغَائِبَةَ (الْمُدَّعَى) بِهَا (بِصِفَاتِ السَّلَمِ وَبِالْقِيمَةِ) عَلَى الْوَجْهِ الَّذِي ذَكَرَهُ بِقَوْلِهِ (قَالُوا وَالرَّكْنُ فِي) تَعْرِيفِ (الْمِثْلِيَّاتِ الْوَصْفُ) أَيْ ذِكْرُهُ (وَذِكْرُ الْقِيمَةِ مُسْتَحَبٌّ وَفِي ذَوَاتِ الْقِيَمِ) الْأَمْرُ (بِالْعَكْسِ) أَيْ الرَّكْنُ فِي تَعْرِيفِهَا ذِكْرُ الْقِيمَةِ وَذِكْرُ الْوَصْفِ مُسْتَحَبٌّ وَعَلَيْهِ يُحْمَلُ كَلَامُ الْمِنْهَاجِ وَمَا ذَكَرَهُ فِي الدَّعَاوَى مِنْ وُجُوبِ وَصْفِ الْعَيْنِ بِصِفَةِ السَّلَمِ دُونَ قِيمَتِهَا مِثْلِيَّةً كَانَتْ أَوْ مُتَقَوِّمَةً هُوَ فِي عَيْنٍ حَاضِرَةٍ بِالْبَلَدِ يُمْكِنُ إحْضَارُهَا مَجْلِسَ الْحُكْمِ فَلَا يُنَافِي مَا هُنَا كَمَا أَشَارُوا إلَيْهِ بِتَعْبِيرِهِمْ هُنَا بِالْمُبَالَغَةِ فِي الْوَصْفِ وَثَمَّ بِوَصْفِ السَّلَمِ وَالْمُصَنِّفُ كَبَعْضِهِمْ تَوَهَّمَ أَنَّ الْعَيْنَ فِي الْبَابَيْنِ وَاحِدَةٌ فَعَبَّرَ هُنَا بِمَا عَبَّرُوا بِهِ ثَمَّ مِنْ اعْتِبَارِ وَصْفِهَا بِصِفَاتِ السَّلَمِ (وَيَكْتُبُ) الْقَاضِي (بِذَلِكَ) أَيْ بِمَا جَرَى عِنْدَهُ مِنْ قِيَامِ الْبَيِّنَةِ (إلَى قَاضِي بَلَدِ الْعَيْنِ فَإِنْ لَمْ يُوجَدْ) ثَمَّ (عَيْنٌ أُخْرَى بِتِلْكَ الصِّفَاتِ) الْمَذْكُورَةِ (بَعَثَ) الْمَكْتُوبُ إلَيْهِ (بِالْعَيْنِ إلَيَّ الْقَاضِي الْكَاتِبِ لِيَشْهَدُوا) أَيْ الشُّهُودُ عِنْدَهُ (عَلَى عَيْنِهَا) وَيَبْعَثُهَا لَهُ (عَلَى يَدِ الْمُدَّعِي) لَا الْخَصْمِ لِمَا فِي بَعْثِهِ مِنْ الْمَشَقَّةِ.
(وَيُؤْخَذُ مِنْهُ كَفِيلٌ بِبَدَنَةٍ) لَا بِقِيمَتِهَا احْتِيَاطًا لِلْمُدَّعَى عَلَيْهِ (وَيَخْتِمُ عَلَى الْعَيْنِ) عِنْدَ تَسْلِيمِهَا لَهُ (بِخَتْمٍ لَازِمٍ لِئَلَّا تُبْدَلَ) بِمَا لَا يَسْتَرِيبُ الشُّهُودُ فِي أَنَّهَا لَهُ (فَإِنْ كَانَ) الْمُدَّعَى بِهِ (عَبْدًا جَعَلَ فِي عُنُقِهِ قِلَادَةً وَخَتَمَ عَلَيْهَا وَالْخَتْمُ مُسْتَحَبٌّ وَالْكَفِيلُ وَاجِبٌ أَوْ) كَانَ (جَارِيَةً) لَا يَحِلُّ لِلْمُدَّعِي الْخَلْوَةَ بِهَا (فَكَذَلِكَ) الْحُكْمُ (لَكِنْ يَبْعَثُ بِهَا عَلَى يَدِ أَمِينٍ) فِي الرُّفْقَةِ لَا عَلَى يَدِ الْمُدَّعِي (فَإِنْ شَهِدُوا بِعَيْنِهَا) أَيْ الْعَيْنِ الْمَبْعُوثِ بِهَا إلَى الْكَاتِبِ عِنْدَهُ (حَكَمَ بِهَا لِلْمُدَّعِي وَسَلَّمَهَا إلَيْهِ) فَلَهُ الرُّجُوعُ عَلَى الْخَصْمِ بِمُؤْنَةِ الْإِحْضَارِ (وَكَتَبَ بِذَلِكَ لِيَبْرَأَ الْكَفِيلُ) عِبَارَةُ الْأَصْلِ وَكَتَبَ إبْرَاءَ الْكَفِيلِ (وَإِنْ لَمْ يَشْهَدُوا) بِعَيْنِهَا (فَعَلَى الْمُدَّعِي مُؤْنَةُ الرَّدِّ) وَالْإِحْضَارِ لَهَا إلَى الْخَصْمِ لِتَعَدِّيهِ (وَأُجْرَةُ الْعَيْنِ) لِمُدَّةِ الْحَيْلُولَةِ (وَتَسَامَحُوا) أَيْ الْأَصْحَابُ (فِي أُجْرَةِ مَا أُحْضِرَ فِي الْبَلَدِ) لِزَمَنِ الْإِحْضَارِ وَالرَّدِّ فَلَمْ يُوجِبُوهَا لِلْخَصْمِ، وَإِنْ لَمْ يَثْبُتْ ذَلِكَ لِلْمُدَّعِي؛ لِأَنَّ مِثْلَ ذَلِكَ يُتَسَامَحُ بِهِ تَوْفِيرًا لِمَجْلِسِ الْقَاضِي وَمُرَاعَاةً لِلْمَصْلَحَةِ فِي تَرْكِ الْمُضَايَقَةِ مَعَ عَدَمِ زِيَادَةِ الضَّرَرِ بِخِلَافِ الْغَائِبِ عَنْ الْبَلَدِ وَلَا يَجِبُ لِلْخَصْمِ أُجْرَةُ مَنْفَعَتِهِ، وَإِنْ أَحْضَرَهُ مِنْ غَيْرِ الْبَلَدِ لِلْمُسَامَحَةِ بِمِثْلِهِ وَلِأَنَّ مَنْفَعَةَ الْحُرِّ لَا تُضْمَنُ بِالْفَوَاتِ أَمَّا إذَا وُجِدَتْ عَيْنٌ أُخْرَى بِتِلْكَ الصِّفَاتِ فَقَدْ صَارَ الْقَضَاءُ مُبْهَمًا وَانْقَطَعَتْ الْمُطَالَبَةُ فِي الْحَالِ كَمَا مَرَّ فِي الْمَحْكُومِ عَلَيْهِ صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ.
(وَأَمَّا إنْ كَانَتْ الْعَيْنُ فِي الْبَلَدِ وَإِحْضَارُهَا مُتَيَسِّرٌ فَإِنَّهَا تُحْضَرُ لِتَقُومَ الْبَيِّنَةُ عَلَى عَيْنِهَا) إذْ بِذَلِكَ
ــ
[حاشية الرملي الكبير]
قَوْلُهُ لَا لِلْحُكْمِ) قَالَ الْبُلْقِينِيُّ: إنَّ مَحَلَّهُ مَا إذَا لَمْ يَعْلَمْ الْقَاضِي الْعَيْنَ الَّتِي شَهِدَ بِهَا الشُّهُودُ فَإِنْ عَلِمَ بِأَنْ كَانَتْ الْعَيْنُ الْغَائِبَةُ مِمَّا هُوَ تَحْتَ نَظَرِهِ مِنْ ضَالَّةٍ أَوْ مِنْ مَالِ مَحْجُورِهِ فَيَحْكُمُ بِالْبَيِّنَةِ وَلَا يَتَخَرَّجُ عَلَى جَوَازِ الْقَضَاءِ بِالْعِلْمِ؛ لِأَنَّ الْبَيِّنَةَ قَائِمَةٌ دَافِعَةٌ لِلتُّهْمَةِ وَأَنْ تَشْهَدَ بِمِلْكِ الْعَيْنِ مِنْ غَيْرِ شَهَادَةٍ عَلَى إقْرَارِ الْمُسْتَوْلِي عَلَيْهَا فَإِنْ شَهِدَتْ عَلَى إقْرَارِهِ بِذَلِكَ حَكَمَ جَزْمًا فَإِنْ أَنْكَرَ عِنْدَ الْمَكْتُوبِ إلَيْهِ اشْتِمَالَ يَدِهِ عَلَى عَيْنٍ بِتِلْكَ الصِّفَةِ لَمْ يُسْمَعْ مِنْهُ بَلْ لَا بُدَّ مِنْ تَسْلِيمِ الْعَيْنِ أَوْ غُرْمِ بَدَلِهَا.
(قَوْلُهُ قَالُوا وَالرَّكْنُ فِي الْمِثْلِيَّاتِ الْوَصْفُ) قَالَ الْإِمَامُ فَإِنْ كَانَ الْمُدَّعَى بِهِ عَقَارًا فَقَدْ أَجْمَعَ الْأَصْحَابُ عَلَى تَصْحِيحِ الدَّعْوَى ثُمَّ شَرَطُوا الْمُبَالَغَةَ فِي الْوَصْفِ وَذَلِكَ هَيِّنٌ فِي الْعَقَارِ، وَهُوَ بِذِكْرِ الْمَحَلِّ مِنْ الْبَلَدِ وَالسِّكَّةِ مِنْهَا وَذِكْرِ مَوْضِعِ الدَّارِ مِنْ السِّكَّةِ وَأَنَّهَا الدَّارُ الْأُولَى أَوْ غَيْرُهَا عَلَى يَمِينِ الدَّاخِلِ أَوْ عَلَى يَسَارِهِ أَوْ صَدْرِ السِّكَّةِ إنْ لَمْ تَكُنْ نَافِذَةً ثُمَّ التَّعَرُّضُ لِلْحُدُودِ وَيُنْهَى الْأَمْرُ إلَى غَايَةٍ تُفِيدُ الْيَقِينَ فِي التَّعْيِينِ اهـ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَقَضِيَّةُ كَلَامِهِ اشْتِرَاطُ التَّعَرُّضِ لِجَمِيعِ مَا ذَكَرَهُ، وَهُوَ غَرِيبٌ (قَوْلُهُ كَمَا أَشَارُوا إلَيْهِ بِتَعْبِيرِهِمْ هُنَا بِالْمُبَالَغَةِ إلَخْ) وَفَرَّقَ الْإِمَامُ وَالْغَزَالِيُّ بَيْنَ الْمُبَالَغَةِ هُنَا وَبَابِ السَّلَمِ بِأَنَّ الْإِفْرَاطَ وَالتَّنَاهِي فِيهِ يُفْضِي إلَى عِزَّةِ الْوُجُودِ وَذَلِكَ مُمْتَنِعٌ فِي السَّلَمِ وَالْإِمْعَانُ فِي الْوَصْفِ فِي الْأَعْيَانِ يَزِيدُهَا وُضُوحًا وَتِبْيَانًا (قَوْلُهُ مِنْ اعْتِبَارِ وَصْفِهَا بِصِفَاتِ السَّلَمِ) قَالَ الْبُلْقِينِيُّ وَهَذَا الْكَلَامُ فِي غَيْرِ النَّقْدِ فَأَمَّا النَّقْدُ فَإِنَّهُ يُعْتَبَرُ فِيهِ ذِكْرُ الْجِنْسِ وَالنَّوْعِ وَالْقَدْرِ وَكَوْنُهُ صِحَاحًا أَوْ مُكَسَّرًا (قَوْلُهُ وَيُؤْخَذُ مِنْهُ كَفِيلٌ بِبَدَنِهِ) أَيْ وُجُوبًا (قَوْلُهُ لَكِنْ يَبْعَثُ بِهَا عَلَى يَدِ أَمِينٍ) بِشَرْطِهِ الْمَذْكُورِ فِي كِتَابِ الرَّهْنِ (قَوْلُهُ فَعَلَى الْمُدَّعِي مُؤْنَةُ الرَّدِّ) ، وَهِيَ مَا زَادَ بِسَبَبِ السَّفَرِ حَتَّى لَا تَنْدَرِجَ فِيهِ النَّفَقَةُ الْوَاجِبَةُ بِسَبَبِ الْمِلْكِ.
(قَوْلُهُ وَأُجْرَةُ الْعَيْنِ لِمُدَّةِ الْحَيْلُولَةِ) لِأَنَّهُ عَطَّلَ مَنْفَعَتَهَا عَلَى صَاحِبِهَا بِغَيْرِ حَقٍّ وَلَعَلَّهُمْ جَرَوْا عَلَى الْغَالِبِ مِنْ أَنَّ ذَلِكَ الزَّمَانَ إلَى أَنْ تَنْتَهِيَ الْخُصُومَةُ يَكُونُ لِمِثْلِهِ أُجْرَةٌ بِخِلَافِ الْحَاضِرِ فِي الْبَلَدِ فَلَوْ اتَّفَقَ تَقَارُبُ عَمَلَيْ الْقَاضِيَيْنِ بِحَيْثُ تَنْفَصِلُ الْقَضِيَّةُ فِي زَمَنٍ يَسِيرٍ فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ كَالْحَاضِرِ فِي الْبَلَدِ وَقَدْ يَزِيدُ زَمَنُ تَعْطِيلِ الْعَيْنِ الْحَاضِرَةِ بِالْبَلَدِ عَلَى زَمَنِ تَعْطِيلِ الْمُحْضَرَةِ مِنْ عَمَلِ قَاضٍ آخَرَ إمَّا لِإِحْضَارِ الشُّهُودِ مَجْلِسَ الْحُكْمِ لِيَشْهَدُوا بِالْعَيْنِ الْمُدَّعَاةِ وَإِمَّا لِاسْتِزْكَائِهِمْ أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ مِمَّا يَتَوَقَّفُ إنْهَاءُ الْخُصُومَةِ عَلَيْهِ وَحِينَئِذٍ فَالْقِيَاسُ أَنَّهُ إنْ كَانَ لِمِثْلِ الْعَيْنِ الْمُحْضَرَةِ أُجْرَةٌ وَجَبَتْ وَإِلَّا فَلَا مِنْ غَيْرِ فَرْقٍ بَيْنَ الْحَاضِرَةِ بِالْبَلَدِ وَالْمُحْضَرَةِ مِنْ بَلَدٍ أَوْ عَمَلٍ آخَرَ لِظُهُورِ التَّفْوِيتِ فِي الْحَالَتَيْنِ أَوْ يُقَالُ إنْ أَفْضَى التَّعْطِيلُ إلَى تَفْوِيتِ مَنْفَعَةٍ لَهَا وَقَعَ وَجَبَ غُرْمُهَا فِي الْحَالَيْنِ وَإِلَّا فَلَا وَهَذَا كُلُّهُ إذَا أَلْزَمَ الْحَاكِمُ الْخَصْمَ بِإِحْضَارِ الْعَيْنِ الْمُدَّعَاةِ لِيُشَخِّصَهَا الشُّهُودُ أَمَّا لَوْ أَحْضَرَهَا مِنْ تِلْقَاءِ نَفْسِهِ فَلَا أُجْرَةَ لَهُ بِحَالٍ فِيمَا يَظْهَرُ وَقَدْ يُقَالُ إنَّ أُجْرَةَ الْمُحْضَرَةِ إنَّمَا وَجَبَتْ لِرَفْعِ يَدِ صَاحِبِهَا عَنْهَا بِخِلَافِ الْحَاضِرَةِ فِي الْبَلَدِ غ (قَوْلُهُ وَأَمَّا الْعَيْنُ إذَا كَانَتْ فِي الْبَلَدِ) أَوْ عَلَى مَسَافَةِ الْعَدْوَى فِي عَمَلِ الْقَاضِي.
(قَوْلُهُ وَإِحْضَارُهَا مُتَيَسِّرٌ فَإِنَّهَا تَحْضُرُ إلَخْ) قَالَ الْبُلْقِينِيُّ: هَذَا إذَا كَانَ الَّذِي يَتَيَسَّرُ إحْضَارُهُ يَعْرِفُهُ الْمُدَّعِي وَالشُّهُودُ وَيُشَخِّصُهُ الْمُدَّعِي فَإِنْ كَانَتْ الدَّعْوَى فِي ثِيَابٍ مُشْتَبِهَةٍ كَالنَّصَّافِيِّ وَالْبَعْلَبَكِّيِّ وَغَيْرِ ذَلِكَ مِمَّا لَا يَعْرِفُهُ الْمُدَّعِي فَلَا يَأْمُرُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِإِحْضَارِهَا؛ لِأَنَّ الْمُدَّعِيَ لَمْ يُشَخِّصْ شَيْئًا وَالْمُدَّعَى عَلَيْهِ مُنْكِرٌ وَقَدْ قَالَ الْغَزَالِيُّ: فِي الْكِرْبَاسِ نَحْوَ ذَلِكَ فَقَالَ إذْ الْمُنْكِرُ لَا يَلْزَمُهُ إحْضَارُ الْكِرْبَاسِ؛ لِأَنَّهُ يَتَمَاثَلُ، وَإِنْ أُحْضِرَ أَيْ لِأَنَّ الْعَيْنَ الَّتِي أُحْضِرَتْ لَمْ
يَتَوَصَّلُ الْمُدَّعِي إلَى حَقِّهِ فَوَجَبَ إحْضَارُهَا كَمَا يَجِبُ عَلَى الْخَصْمِ الْحُضُورُ عِنْدَ الطَّلَبِ (وَلَا تُسْمَعُ) الْبَيِّنَةُ (عَلَى الْأَوْصَافِ) كَمَا فِي الْخَصْمِ الْغَائِبِ عَنْ الْمَجْلِسِ فِي الْبَلَدِ لِعَدَمِ الْحَاجَةِ إلَى ذَلِكَ بِخِلَافِهِ فِي الْغَائِبِ عَنْ الْبَلَدِ (وَأَمَّا الْعَقَارُ فَيُوصَفُ وَيُحَدَّدُ) فِي الدَّعْوَى وَتُقَامُ عَلَيْهِ الْبَيِّنَةُ بِتِلْكَ الْحُدُودِ إذْ لَا يَتَيَسَّرُ إحْضَارُهُ (وَقَدْ تَكْفِي شُهْرَتُهُ) عَنْ تَحْدِيدِهِ (وَيُحْكَمُ بِهِ) لِلْمُدَّعِي كَمَا مَرَّ نَظِيرُهُ فِي الْغَائِبِ عَنْ الْبَلَدِ (وَكَذَا الْعَبْدُ) مَثَلًا (الْمَشْهُورُ) لِلنَّاسِ (لَا يُحْتَاجُ إلَى إحْضَارِهِ) كَمَا مَرَّ فِي الْعَقَارِ (وَكَذَا إنْ عَرَفَهُ الْقَاضِي) وَحَكَمَ بِعِلْمِهِ (بِنَاءً عَلَى جَوَازِ حُكْمِهِ بِعِلْمِهِ فَإِنْ كَانَتْ) حُجَّتُهُ الَّتِي يَحْكُمُ بِهَا (بَيِّنَةً أُحْضِرَ) لِتُشَاهِدَهُ الْبَيِّنَةُ بِنَاءً عَلَى أَنَّهَا لَا تُسْمَعُ بِالصِّفَةِ وَتَبِعَ فِي هَذِهِ أَصْلَهُ حَيْثُ نَقَلَ عَنْ الْغَزَالِيِّ أَنَّهُ يَحْكُمُ بِالْعَبْدِ الَّذِي يَعْرِفُهُ الْقَاضِي بِلَا إحْضَارٍ ثُمَّ اعْتَرَضَهُ بِأَنَّ هَذَا بَعِيدٌ فِيمَا إذَا جُهِلَ وَصْفُهُ وَقَامَتْ بِهِ بَيِّنَةٌ؛ لِأَنَّهَا لَا تُسْمَعُ بِالصِّفَةِ لَكِنْ أَجَابَ عَنْهُ ابْنُ الرِّفْعَةِ بِأَنَّ الْمَمْنُوعَ إنَّمَا هُوَ الشَّهَادَةُ بِوَصْفٍ لَا يَحْصُلُ لِلْقَاضِي بِهِ مَعْرِفَةُ الْمَوْصُوفِ مَعَهُ دُونَ مَا إذَا حَصَلَتْ بِهِ كَمَا هُنَا (وَمَا تَعَسَّرَ إحْضَارُهُ لِثِقَلٍ) فِيهِ (أَوْ إثْبَاتٍ) لَهُ (فِي جِدَارٍ) أَوْ أَرْضٍ وَضَرَّ قَلْعُهُ (وَصَفَهُ الْمُدَّعِي) إنْ أَمْكَنَ وَصْفُهُ.
(ثُمَّ يَأْتِيهِ الْقَاضِي أَوْ نَائِبُهُ لِتَقَعَ الشَّهَادَةُ عَلَى عَيْنِهِ) فَإِنْ لَمْ يُمْكِنْ وَصْفُهُ حَضَرَ الْقَاضِي أَوْ نَائِبُهُ لِلدَّعْوَى عَلَى عَيْنِهِ (وَكَذَا إذَا عَرَفَ الشُّهُودُ الْعَقَارَ دُونَ الْحُدُودِ يُحْضِرُهُ) هُوَ (أَوْ نَائِبُهُ) لِتَقَعَ الشَّهَادَةُ عَلَى عَيْنِهِ (فَإِنْ وَافَقَتْ الْحُدُودُ) مَا ذَكَرَهُ الْمُدَّعِي (فِي الدَّعْوَى حَكَمَ لَهُ) وَإِلَّا فَلَا (، وَإِنْ أَنْكَرَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ الْعَيْنَ) الْمُدَّعَاةَ بِأَنْ أَنْكَرَ اشْتِمَالَ يَدِهِ عَلَيْهَا (وَحَلَفَ فَلَهُ) أَيْ لِلْمُدَّعِي (أَنْ يَدَّعِيَ عَلَيْهِ قِيمَتَهَا فَلَعَلَّهَا بَلَغَتْ، وَإِنْ نَكَلَ) عَنْ الْيَمِينِ (وَحَلَفَ الْمُدَّعِي أَوْ قَامَتْ بَيِّنَةٌ) حِينَ أَنْكَرَ (وَلَمْ يُحْضِرْ الْعَيْنَ حُبِسَ) لِإِحْضَارِهَا (فَإِنْ ادَّعَى التَّلَفَ) لَهَا (صُدِّقَ بِيَمِينِهِ) ، وَإِنْ كَانَ عَلَى خِلَافِ قَوْلِهِ الْأَوَّلِ (لِئَلَّا يَخْلُدَ عَلَيْهِ الْحَبْسُ) مَعَ إمْكَانِ صِدْقِهِ (وَيُسَلِّمُ الْقِيمَةَ) عَنْهَا (فَإِنْ غَصَبَهُ عَيْنًا أَوْ أَعْطَاهُ) إيَّاهَا (لِيَبِيعَهَا) فَطَالَبَهُ بِهَا (فَجَحَدَهَا وَلَمْ يَدْرِ أَبَاقِيَةٌ هِيَ) فَيُطَالِبُهُ بِهَا (أَمْ لَا) فَيُطَالِبُهُ بِقِيمَتِهَا فِي الصُّورَتَيْنِ أَوْ بِثَمَنِهَا إنْ بَاعَهَا فِي الثَّانِيَةِ (فَقَالَ) فِي دَعْوَاهُ عَلَيْهِ بِهَا (ادَّعَى عَلَيْهِ عَيْنًا يَلْزَمُهُ رَدُّهَا إلَّا إنْ كَانَتْ بَاقِيَةً أَوْ قِيمَتُهَا إنْ تَلِفَتْ أَوْ ثَمَنُهَا إنْ بَاعَهَا سُمِعَتْ) دَعْوَاهُ وَإِنْ كَانَتْ مُتَرَدِّدَةً لِلْحَاجَةِ وَقَيَّدَ ابْنُ الرِّفْعَةِ تَبَعًا لِلْغَزَالِيِّ الثَّانِيَةَ بِمَا إذَا أَعْطَاهَا لَهُ لِيَبِيعَهَا بِأَكْثَرَ مِنْ قِيمَتِهَا، وَفِيهِ نَظَرٌ فِيمَا إذَا أَعْطَاهَا لَهُ لِيَبِيعَهَا بِدُونِ قِيمَتِهَا.
(فَإِنْ) أَقَرَّ بِشَيْءٍ فَذَاكَ، وَإِنْ (أَنْكَرَ حَلَفَ) يَمِينًا (أَنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ رَدُّ الْعَيْنِ وَلَا قِيمَتُهَا وَلَا ثَمَنُهَا فَإِنْ نَكَلَ) عَنْ الْيَمِينِ وَرَدَّهَا عَلَى الْمُدَّعِي (فَقِيلَ يَحْلِفُ كَمَا ادَّعَى) أَيْ عَلَى التَّرَدُّدِ (وَقِيلَ يُشْتَرَطُ التَّعْيِينُ) فِي حَلِفِهِ وَالْأَوْجَهُ الْأَوَّلُ، وَهَذَا ذَكَرَهُ الْأَصْلُ فِي أَوَائِلِ الدَّعَاوَى وَظَاهِرٌ أَنَّ مَا ذَكَرَهُ مِنْ الدَّعْوَى بِالْقِيمَةِ مَحَلُّهُ فِي الْمُتَقَوِّمِ أَمَّا الْمِثْلِيُّ فَيَدَّعِي فِيهِ بِالْمِثْلِ وَيُرَتِّبُ
ــ
[حاشية الرملي الكبير]
تَقَعْ الدَّعْوَى بِهَا مُشَخَّصَةً فَالتَّمَاثُلُ حَاصِلٌ، وَإِنْ حَصَلَ الْإِحْضَارُ بَعْدَ الْغَيْبَةِ بِخِلَافِ الْحَاضِرَةِ فِي ابْتِدَاءِ الْأَمْرِ الْمُشَخَّصَةِ فِي الدَّعْوَى إذَا شَهِدَ الشُّهُودُ عَلَى عَيْنِهَا لَا يَتَأَتَّى فِيهَا الْتِبَاسٌ وَقَالَ إمَامُ الْحَرَمَيْنِ: إنَّ الْمُدَّعَى بِهِ إذَا لَمْ يُمْكِنْ تَمْيِيزُهُ بِالْوَصْفِ كَأَذْرُعٍ مِنْ كِرْبَاسٍ كَأَنْ قَالَ الْمُدَّعِي لِي فِي يَدِ هَذَا عَشَرَةُ أَذْرُعٍ مِنْ الْكِرْبَاسِ فَقَالَ فِي يَدِي أَلْفُ ذِرَاعٍ مِنْ الْجِنْسِ الَّذِي قَالَ فَأَحْضِرْ مِنْهَا أَيَّهَا فَهَذَا قِسْمٌ لَا يُتَصَوَّرُ فِيهِ الْوُصُولُ إلَى التَّعْيِينِ وَلَا يُكَلَّفُ إحْضَارَ عَيْنٍ إلَّا أَنْ يُصَادِفَ الْمُدَّعِي عَيْنًا فِي يَدِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ فَيَدَّعِيهَا اهـ وَمُرَادُ الْإِمَامِ أَنَّ تَكْلِيفَهُ إحْضَارُ عَشَرَةِ أَذْرُعٍ مِمَّا فِي يَدِهِ مِنْ غَيْرِ ذِكْرِ صِفَةِ تَمْيِيزٍ لَا وَجْهَ لَهُ، وَكَذَلِكَ تَكْلِيفُهُ إحْضَارَ جَمِيعِ مَا فِي يَدِهِ قَدْ يُؤَدِّي إلَى عُسْرٍ وَمَشَقَّةٍ.
(قَوْلُهُ وَلَا تُسْمَعُ الْبَيِّنَةُ عَلَى الْأَوْصَافِ) أَفْهَمَ الِاقْتِصَارُ عَلَى نَفْيِ سَمَاعِ الْبَيِّنَةِ بِالصِّفَةِ جَوَازَ الدَّعْوَى بِهَا وَبِهِ صَرَّحَ فِي الْبَسِيطِ فَقَالَ وَالدَّعْوَى بِالْعَبْدِ الَّذِي لَا يَعْرِفُهُ الْقَاضِي بِعَيْنِهِ مَسْمُوعَةٌ عَلَى الْوَصْفِ لَا مَحَالَةَ إذْ قَدْ لَا يَقْدِرُ الْمُدَّعِي عَلَى إحْضَارِ الْعَبْدِ، وَهُوَ فِي يَدِ الْخَصْمِ وَنَبَّهَ الزَّرْكَشِيُّ عَلَى أَنَّهُ لَا تُسْمَعُ شَهَادَةٍ بِصِفَةٍ يُخَالِفُهُ مَا نَقَلَهُ الرَّافِعِيُّ بَعْدَ ذَلِكَ وَجَزَمَ بِهِ فِي الرَّوْضَةِ مِنْ أَنَّهُ لَوْ شَهِدُوا بِأَنَّهُ غَصَبَ مِنْهُ عَبْدًا بِصِفَةِ كَذَا فَمَاتَ الْعَبْدُ اسْتَحَقَّ قِيمَتَهُ بِتِلْكَ الصِّفَةِ (قَوْلُهُ لَكِنْ أَجَابَ ابْنُ الرِّفْعَةِ بِأَنَّ الْبَيِّنَةَ قَدْ تُشِيرُ إلَيْهِ فِي الْغَيْبَةِ) ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مَشْهُورًا بِأَنْ عَلِمْت أَنَّ الْقَاضِيَ رَآهُ فِي وَقْتٍ مَخْصُوصٍ رُؤْيَةً يَتَمَيَّزُ بِهَا عِنْدَهُ عَنْ غَيْرِهِ فَشَهِدَتْ عَلَى الْعَبْدِ الَّذِي رَآهُ ذَلِكَ الْوَقْتَ قَالَ وَأَيْضًا فَقَدْ يُقَالُ الْمَمْنُوعُ إلَخْ (قَوْلُهُ بِأَنَّ الْمَمْنُوعَ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ دُونَ مَا إذَا حَصَلَتْ بِهِ كَمَا هُنَا) وَقَالَ الْحُسْبَانِيُّ الظَّاهِرُ أَنَّهُ أَرَادَ الْعَبْدَ الْمَعْرُوفَ بَيْنَ النَّاسِ وَفِي كَلَامِ الْإِمَامِ مَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ الْمُرَادُ فَإِنَّهُ قَالَ إنَّهُ لَوْ تَعَيَّنَ الْمُدَّعَى بِهِ لِلْقَاضِي فَيَجُوزُ سَمَاعُ الْبَيِّنَةِ عَلَيْهِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ حَاضِرًا فِي مَجْلِسِ الْقَضَاءِ وَجْهًا وَاحِدًا أَيْ بِخِلَافِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ الْحَاضِرِ بِالْبَلَدِ قَالَ وَالْفِقْهُ فِيهِ أَنَّ الْخَصْمَ الْمُتَعَيِّنَ إذَا لَمْ يَحْضُرْ فَسَمَاعُ الْبَيِّنَةِ لَمْ يَمْتَنِعْ لِلْجَهَالَةِ وَإِنَّمَا امْتَنَعَ الْمَسْلَكُ الْأَقْرَبُ وَلَا يَتَحَقَّقُ فِي الْعَبْدِ الْمُعَيَّنِ الَّذِي يَعْرِفُهُ الْقَاضِي وَالشُّهُودُ (قَوْلُهُ أَوْ قَامَتْ بَيِّنَةٌ حِينَ أَنْكَرَ) صَرَّحَ الْغَزَالِيُّ بِأَنَّ الْمُرَادَ بَيِّنَةٌ عَلَى أَنَّ فِي يَدِهِ مِثْلَهُ أَوْ يَحْتَمِلُ أَنَّ الْمُرَادَ الشَّهَادَةُ عَلَى إقْرَارِهِ أَوْ بِمَا يَعْرِفُهُ الْقَاضِي مِنْ عَيْنٍ تَشَخَّصَتْ لَهُ فِي وَقْتٍ كَمَا تَقَدَّمَ.
(قَوْلُهُ فَإِنْ ادَّعَى التَّلَفَ صُدِّقَ بِيَمِينِهِ عَلَى التَّفْصِيلِ) الْمَارِّ فِي الْوَدِيعَةِ (قَوْلُهُ يَلْزَمُهُ رَدُّهَا) إنْ كَانَتْ بَاقِيَةً حَيَّةً يَلْزَمُهُ رَدُّهَا فِي مَكَانِ الدَّعْوَى (قَوْلُهُ أَوْ ثَمَنُهَا إنْ بَاعَهَا) قَالَ الْبُلْقِينِيُّ قَدْ يَكُونُ بَاعَهُ وَتَلِفَ الثَّمَنُ أَوْ الثَّوْبُ فِي يَدِهِ تَلَفًا لَا يَقْتَضِي تَضْمِينَهُ وَقَدْ يَكُونُ بَاعَهُ وَلَمْ يُسَلِّمْهُ وَلَمْ يَقْبِضْ الثَّمَنَ وَالدَّعْوَى الْمَذْكُورَةُ لَيْسَتْ جَامِعَةً لِذَلِكَ وَالْقَاضِي إنَّمَا يَسْمَعُ الدَّعْوَى الْمَرْدُودَةَ حَيْثُ اقْتَضَتْ الْإِلْزَامَ عَلَى كُلِّ وَجْهٍ فَلَوْ أَتَى بِبَقِيَّةِ الِاحْتِمَالَاتِ لَمْ يَسْمَعْهَا الْحَاكِمُ؛ لِأَنَّ فِيهَا مَا لَا إلْزَامَ فِيهِ قَالَ وَلَمْ أَرَ مَنْ تَعَرَّضَ لِذَلِكَ (قَوْلُهُ وَقَيَّدَ ابْنُ الرِّفْعَةِ تَبَعًا لِلْغَزَالِيِّ إلَخْ) هُوَ تَمْثِيلٌ جَرَيَا فِيهِ عَلَى الْغَالِبِ (قَوْلُهُ وَالْأَوْجَهُ الْأَوَّلُ) هُوَ الْأَصَحُّ (قَوْلُهُ مَحَلُّهُ فِي الْمُتَقَوِّمِ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ وَكَتَبَ أَوْ الْمِثْلِيِّ إذَا ظَفِرَ بِهِ فِي غَيْرِ مَحَلِّ التَّلَفِ وَلِلنَّقْلِ مُؤْنَةٌ بَيَاضٌ بِالْأَصْلِ