الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فِيمَا ذُكِرَ، وَهُوَ مَنْ يَدْخُلُ عَلَى الْقَاضِي لِلِاسْتِئْذَانِ قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ أَمَّا مَنْ وَظِيفَتُهُ تَرْتِيبُ الْخُصُومِ وَالْإِعْلَامُ بِمَنَازِلِ النَّاسِ أَيْ، وَهُوَ الْمُسَمَّى الْآنَ بِالنَّقِيبِ فَلَا بَأْسَ بِاِتِّخَاذِهِ وَصَرَّحَ الْقَاضِي أَبُو الطَّيِّبِ وَالْبَنْدَنِيجِيّ وَابْنُ الصَّبَّاغِ بِاسْتِحْبَابِهِ
(فَصْلٌ وَيُشْهِدُ الْقَاضِي) وُجُوبًا شَاهِدَيْنِ (بِإِقْرَارٍ) مِنْ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ (لِمَنْ سَأَلَ) هـ ذَلِكَ (أَوْ بِحَلِفٍ) مِنْ الْمُدَّعِي (بَعْدَ نُكُولٍ) مِنْ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ قَدْ يُنْكِرُ بَعْدُ فَلَا يَتَمَكَّنُ الْقَاضِي مِنْ الْحُكْمِ عَلَيْهِ بِمَا سَبَقَ لِنِسْيَانٍ أَوْ عَزْلٍ أَوْ غَيْرِهِمَا (أَوْ بِحَلِفِ مُدَّعًى عَلَيْهِ) ، وَهُوَ السَّائِلُ فِي هَذِهِ فَيُجِيبُهُ الْقَاضِي لِيَكُونَ الْإِشْهَادُ حُجَّةً لَهُ فَلَا يُطَالِبُهُ خَصْمُهُ مَرَّةً أُخْرَى وَلَوْ أَقَامَ بَيِّنَةً بِمَا ادَّعَاهُ وَسَأَلَ الْقَاضِيَ الْإِشْهَادَ عَلَيْهِ لَزِمَهُ أَيْضًا صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ (، وَإِنْ سَأَلَهُ أَحَدُهُمَا كَتْبَ مَحْضَرٍ بِمَا جَرَى) لِيَحْتَجَّ بِهِ إذَا احْتَاجَ إلَيْهِ (وَثَمَّ) أَيْ وَعِنْدَ الْقَاضِي (قِرْطَاسٌ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ أَوْ أَتَى بِهِ السَّائِلُ اُسْتُحِبَّ أَنْ يَكْتُبَ لَهُ) ذَلِكَ (وَلَا يَجِبُ؛ لِأَنَّ الْحَقَّ يَثْبُتُ بِالشُّهُودِ لَا الْكِتَابِ) وَلِأَنَّ «النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم وَمَنْ بَعْدَهُ مِنْ الْأَئِمَّةِ كَانُوا يَحْكُمُونَ وَلَا يَكْتُبُونَ الْمُحَاضِرَ وَالسِّجِلَّاتِ» وَقَضِيَّةُ كَلَامِهِ أَنَّهُ إذَا لَمْ يَكُنْ عِنْدَهُ قِرْطَاسٌ وَلَا أَتَى بِهِ السَّائِلُ لَمْ يُسْتَحَبَّ ذَلِكَ وَالظَّاهِرُ اسْتِحْبَابُهُ وَعِبَارَةُ الْأَصْلِ لَا تُنَافِيهِ فَإِنَّهُ إنَّمَا نَفَى الْوُجُوبَ فَقَطْ (وَيَلْزَمُهُ أَنْ يَحْكُمَ بِمَا ثَبَتَ) عِنْدَهُ (إنْ سَأَلَ) فِيهِ (فَيَقُولُ حَكَمْت لَهُ بِكَذَا أَوْ نَفَّذْت الْحُكْمَ) بِهِ (أَوْ أَلْزَمْت خَصْمَهُ الْحَقَّ) أَوْ نَحْوَهَا (وَلَا يَجُوزُ) لَهُ الْحُكْمُ بِذَلِكَ (قَبْلَ أَنْ يَسْأَلَ) نَعَمْ لَوْ كَانَ الْحُكْمُ لِمَنْ لَا يُعَبِّرُ عَنْ نَفْسِهِ لِصِغَرٍ أَوْ جُنُونٍ، وَهُوَ وَلِيُّهُ فَيَظْهَرُ الْجَزْمُ بِأَنَّهُ لَا يَتَوَقَّفُ عَلَى سُؤَالِ أَحَدٍ قَالَهُ الْأَذْرَعِيُّ (وَيُسْتَحَبُّ) إذَا أَرَادَ الْحُكْمَ (أَنْ يُعْلِمَ الْخَصْمَ بِأَنَّ الْحُكْمَ تَوَجَّهَ عَلَيْهِ) لِيَكُونَ أَطْيَبَ لِقَلْبِهِ وَأَبْعَدَ عَنْ التُّهْمَةِ (وَهَلْ يَحْكُمُ عَلَى مَيِّتٍ بِإِقْرَارِهِ حَيًّا) عَمَلًا بِالْأَصْلِ الْخَالِي عَنْ الْمُعَارِضِ وَلِلْإِجْمَاعِ عَلَى صِحَّةِ الدَّعْوَى عَلَى الْمَيِّتِ أَوْ لَا؛ لِأَنَّ الْمَيِّتَ لَيْسَ أَهْلًا لِلِالْتِزَامِ (وَجْهَانِ) صَحَّحَ مِنْهُمَا الْأَذْرَعِيُّ وَالزَّرْكَشِيُّ الْأَوَّلَ (وَلَوْ قَالَ ثَبَتَ عِنْدِي كَذَا) بِالْبَيِّنَةِ الْعَادِلَةِ (أَوْ صَحَّ لَمْ يَكُنْ حُكْمًا) ؛ لِأَنَّهُ قَدْ يُرَادُ بِهِ قَبُولُ الشَّهَادَةِ وَاقْتِضَاءُ الْبَيِّنَةِ صِحَّةَ الدَّعْوَى فَصَارَ كَقَوْلِهِ سَمِعْت الْبَيِّنَةَ وَقَبِلْتهَا؛ وَلِأَنَّ الْحُكْمَ هُوَ الْإِلْزَامُ وَالثُّبُوتُ لَيْسَ بِإِلْزَامٍ وَكَذَا لَوْ كَتَبَ عَلَى ظَهْرِ الْكِتَابِ الْحُكْمِيِّ صَحَّ وُرُودُ هَذَا الْكِتَابِ عَلَيَّ فَقَبِلْته قَبُولَ مِثْلِهِ وَالْتَزَمْت الْعَمَلَ بِمُوجِبِهِ لِاحْتِمَالِ أَنَّ الْمُرَادَ تَصْحِيحُ الْكِتَابِ وَإِثْبَاتُ الْحُجَّةِ ذَكَرَهُ الْأَصْلُ فِي بَابِ الْقَضَاءِ عَلَى الْغَائِبِ وَوَقَعَ فِي نُسَخٍ غَيْرِ مُعْتَمَدَةٍ أُلْزِمْت بَدَلَ الْتَزَمْت وَلَيْسَ بِصَحِيحٍ
(وَيُشْتَرَطُ تَعْيِينُ مَا يَحْكُمُ بِهِ وَمَنْ يَحْكُمُ لَهُ لَكِنْ يَجُوزُ لِمَنْ اُبْتُلِيَ بِظَالِمٍ) يُرِيدُ مَا لَا يَجُوزُ وَيَحْتَاجُ إلَى مُلَايَنَتِهِ (أَنْ يُلَايِنَهُ كَمَا إذَا عَارَضَ الظَّالِمَ الدَّاخِلَ بَيِّنَةُ خَارِجٍ بِبَيِّنَةٍ فَاسِقَةٍ) وَطَلَب الْحُكْمَ بِنَاءً عَلَى تَرْجِيحِ بَيِّنَةِ الدَّاخِلِ (فَلَهُ إنْ خَافَهُ أَنْ يَكْتُبَ) شَيْئًا (مُوهِمًا يَدْفَعُهُ بِهِ فَيَقُولُ حَكَمْت بِمُقْتَضَى الشَّرْعِ فِي مُعَارَضَةِ بَيِّنَةِ فُلَانٍ الدَّاخِلِ وَفُلَانٍ الْخَارِجِ وَقَرَّرْت الْمَحْكُومَ بِهِ فِي يَدِ الْمَحْكُومِ
ــ
[حاشية الرملي الكبير]
قَوْلُهُ وَصَرَّحَ الْقَاضِي أَبُو الطَّيِّبِ وَالْبَنْدَنِيجِيّ وَابْنُ الصَّبَّاغِ بِاسْتِحْبَابِهِ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ وَكَتَبَ عَلَيْهِ فَقَالُوا يُسْتَحَبُّ أَنْ يَتَّخِذَ حَاجِبًا يَقُومُ عَلَى رَأْسِهِ إذَا قَعَدَ وَيُقَدِّمُ الْخُصُومَ وَيُؤَخِّرُهُمْ قَالَ ابْنُ أَبِي الدَّمِ: وَهَذَا هُوَ الصَّحِيحُ لَا سِيَّمَا فِي زَمَانِنَا بَلْ لَوْ قِيلَ إنَّهُ مُتَعَيِّنٌ لَمْ يَبْعُدْ لِمَا فِيهِ مِنْ الْمَصَالِحِ وَدَفْعِ الْمَفَاسِدِ نَعَمْ يُشْتَرَطُ كَوْنُهُ عَدْلًا أَمِينًا عَفِيفًا صَرَّحَ بِهِ الْمَاوَرْدِيُّ وَغَيْرُهُ وَقَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ: إنَّهُ الظَّاهِرُ وَاسْتَحَبَّ الْمَاوَرْدِيُّ كَوْنَهُ حَسَنَ الْمَنْظَرِ جَمِيلَ الْمَخْبَرِ عَارِفًا بِمَقَادِيرِ النَّاسِ بَعِيدًا مِنْ الْهَوَى وَالْعَصَبِيَّةِ وَذَكَرَ ابْنُ خَيْرَانَ أَنَّهُ يُسْتَحَبُّ كَوْنُهُ كَهْلًا سِتِّيرًا أَيْ كَثِيرَ السَّتْرِ عَلَى النَّاسِ
[فَصْلٌ يُشْهِدُ الْقَاضِي وُجُوبًا شَاهِدَيْنِ بِإِقْرَارٍ مِنْ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ لِمَنْ سَأَلَهُ ذَلِكَ]
(فَصْلٌ)(قَوْلُهُ وَيُشْهِدُ الْقَاضِي عَلَيْهِ إلَخْ) لِئَلَّا يُنْكِرَ فَلَا يَتَمَكَّنُ الْقَاضِي مِنْ الْحُكْمِ عَلَيْهِ إنْ قُلْنَا لَا يَقْضِي بِعِلْمِهِ (قَوْلُهُ لَزِمَهُ أَيْضًا) ؛ لِأَنَّهُ يَتَضَمَّنُ تَعْدِيلَ الْبَيِّنَةِ وَإِثْبَاتَ حَقِّهِ (قَوْلُهُ اُسْتُحِبَّ أَنْ يَكْتُبَ لَهُ ذَلِكَ) مَحَلُّ الْخِلَافِ فِي الْبَالِغِ الْعَاقِلِ فَإِنْ تَعَلَّقَتْ الْحُكُومَةُ بِصَبِيٍّ أَوْ مَجْنُونٍ لَهُ أَوْ عَلَيْهِ وَجَبَ التَّسْجِيلُ جَزْمًا كَمَا قَطَعَ بِهِ الزَّبِيلِيُّ وَشُرَيْحٌ الرُّويَانِيُّ فِي أَدَبِ الْقَضَاءِ، وَهُوَ ظَاهِرٌ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: وَيُشْبِهُ أَنْ يَلْتَحِقَ بِهِ الْغَائِبُ حِفْظًا لِحَقِّهِ وَكَذَا مَا يَتَعَلَّقُ بِوَقْفٍ وَنَحْوِهِ مِمَّا يُحْتَاطُ لَهُ فَسُنَّ ر (قَوْلُهُ وَقَضِيَّةُ كَلَامِهِ أَنَّهُ إذَا لَمْ يَكُنْ عِنْدَهُ إلَخْ)، وَهُوَ كَذَلِكَ (قَوْلُهُ وَيَلْزَمُهُ أَنْ يَحْكُمَ بِمَا ثَبَتَ عِنْدَهُ) مِنْ الْمُهِمِّ مَعْرِفَةُ الْفَرْقِ بَيْنَ الْحُكْمِ وَدَفْعِ الْحُكْمِ: أَنَّ الْحُكْمَ لَا بُدَّ فِيهِ مِنْ طَرِيقٍ قَوِيَّةٍ، وَهِيَ الْبَيِّنَةُ الْكَامِلَةُ أَوْ الْإِقْرَارُ أَوْ الْيَمِينُ مَعَ الشَّاهِدِ فِي الْمَالِ أَوْ الْيَمِينِ مَعَ الْيَدِ أَوْ الْيَمِينِ الْمَرْدُودَةِ مَعَ نُكُولِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ أَوْ عِلْمِهِ بِشَرْطِهِ فَلَا يَجُوزُ لِلْقَاضِي أَنْ يُقْدِمَ عَلَى حُكْمٍ إلَّا بِوَاحِدٍ مِنْ هَذِهِ الْأَرْبَعِ إلَّا فِي الْقَسَامَةِ وَهِيَ طَرِيقٌ خَامِسٌ، وَهِيَ إيمَانُ الْمُدَّعِي مَعَ ظُهُورِ اللَّوْثِ وَأَمَّا دَفْعُ الْحُكْمِ فَأَسْهَلُ مِنْ الْحُكْمِ وَلَهُ أَسْبَابٌ مِنْهَا يَمِينُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ، وَمِنْهَا غَيْرُ ذَلِكَ؛ وَلِذَلِكَ يُكْتَفَى فِيهِ بِالظُّهُورِ وَتَنْدَفِعُ بِهِ الدَّعْوَى وَالْيَمِينُ فِي مَوَاضِعَ لَا يَكْفِي مِثْلُهَا فِي الْحُكْمِ لِمَا فِي الْإِقْدَامِ عَلَى الْحُكْمِ مِنْ الْقُوَّةِ الزَّائِدَةِ وَالْأَهَمُّ الْفَرْقُ بَيْنَ الْحُكْمِ بِالصِّحَّةِ وَالْحُكْمِ بِالْمُوجِبِ أَنَّ الْحُكْمَ بِالْمُوجِبِ يَسْتَدْعِي صِحَّةَ الصِّيغَةِ وَأَهْلِيَّةَ الْمُتَصَرِّفِ وَالْحُكْمَ بِالصِّحَّةِ يَسْتَدْعِي ذَلِكَ وَأَنَّ التَّصَرُّفَ صَادِرٌ فِي مَحَلِّهِ وَهَذَا نَافِعٌ فِي الصُّوَرِ الْمُخْتَلَفِ فِيهَا فَإِذَا وَقَفَ عَلَى نَفْسِهِ فَحُكْمُ حَاكِمٍ بِمُوجِبِ ذَلِكَ كَانَ حُكْمًا مِنْهُ بِأَنَّ الْوَاقِفَ مِنْ أَهْلِ التَّصَرُّفِ وَأَنَّ صِيغَتَهُ هَذِهِ صَحِيحًا حَتَّى لَا يَحْكُمَ بَعْدَهُ بِبُطْلَانِهَا مَنْ يَرَى الْإِبْطَالَ وَلَيْسَ حُكْمًا بِصِحَّةِ وَقْفِهِ ذَلِكَ لِتَوَقُّفِهِ عَلَى كَوْنِهِ مَالِكًا لِمَا وَقَفَهُ وَلَمْ يَثْبُتْ فَإِذَا ثَبَتَ حُكْمٌ حِينَئِذٍ بِصِحَّةِ الْوَقْفِ وَالرَّافِعُ لِلْخِلَافِ الْحُكْمُ بِصِحَّةِ الصِّيغَةِ؛ لِأَنَّهُ مَوْضِعُ الْخِلَافِ وَ (قَوْلُهُ فَيَظْهَرُ الْجَزْمُ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ رَجَّحَ مِنْهُمَا الْأَذْرَعِيُّ وَالزَّرْكَشِيُّ الْأَوَّلَ) هُوَ الْأَصَحُّ وَكَلَامُهُمْ شَامِلٌ لَهُ (قَوْلُهُ وَلَوْ قَالَ ثَبَتَ عِنْدِي إلَخْ) لَوْ قَالَ الْحَاكِمُ فِي مَجْلِسِ حُكْمِهِ أَشْهَدُ أَنَّ فُلَانًا أَعْتَقَ عَبْدَهُ فُلَانًا لَمْ يَكُنْ حُكْمًا بِعِتْقِهِ خِلَافًا لِمَا أَفْتَى بِهِ الْبُلْقِينِيُّ
(قَوْلُهُ بِبَيِّنَةٍ) مُتَعَلِّقٌ بِعَارِضٍ وَقَوْلُهُ بَيِّنَةَ خَارِجٍ مَفْعُولٌ لَهُ فَانْدَفَعَ قَوْلُ الْفَتَى إنَّهُ غَيْرُ مُسْتَقِيمٍ
لَهُ وَسَلَّطْته عَلَيْهِ) وَمَكَّنْته مِنْ التَّصَرُّفِ فِيهِ وَقَوْلُهُ وَلَا يَجُوزُ إلَخْ ذَكَرَهُ الْأَصْلُ فِي بَابِ الْقَضَاءِ عَلَى الْغَائِبِ إلَّا قَوْلَهُ وَيُسْتَحَبُّ أَنْ يَعْلَمَ الْخَصْمُ بِأَنَّ الْحُكْمَ تَوَجَّهَ عَلَيْهِ فَذَكَرَهُ هُنَا فِي الطَّرَفِ الثَّالِثِ.
(ثُمَّ إنَّ الْقَاضِيَ إنْ سَأَلَ) الْإِشْهَادَ بِحُكْمِهِ أَوْ كَتْبَ سِجِلٍّ بِهِ (يَلْزَمُهُ الْإِشْهَادُ بِالْحُكْمِ لَا الْكَتْبُ) بِهِ فَلَا يَلْزَمُهُ وَلَوْ فِي الدُّيُونِ الْمُؤَجَّلَةِ وَالْوُقُوفِ وَأَمْوَالِ الْمَصَالِحِ (كَمَا سَبَقَ) فِي نَظِيرِهِ فِي كَتْبِ الْمَحْضَرِ وَيَأْتِي فِي اسْتِحْبَابِهِ التَّفْصِيلُ السَّابِقُ ثَمَّ كَمَا أَفَادَهُ كَلَامُ الْأَصْلِ (وَيَكْتُبُ) الْكَاتِبُ (فِي الْمَحْضَرِ حُضُورَ الْخَصْمَيْنِ عِنْدَ الْقَاضِيَ وَيَصِفُ الْجَمِيعَ) أَيْ الثَّلَاثَةَ (بِمَا يُمَيِّزُهُمْ وَكَذَا) يَكْتُبُ (فِي السِّجِلِّ) ذَلِكَ (وَ) يُكْتَبُ فِيهِمَا (دَعْوَى الْمُدَّعِي وَإِقْرَارَ خَصْمِهِ أَوْ إنْكَارَهُ وَإِحْضَارَهُ الشُّهُودَ وَيُسَمِّيهِمْ) وَقَوْلُهُ (وَيَكْتُبُ حِلْيَتَهُمْ) أَيْ إذَا احْتَاجَ إلَيْهَا مِنْ زِيَادَتِهِ وَكَأَنَّهُ قَاسَهُ عَلَى كَتْبِ حِلْيَةِ الْخَصْمَيْنِ فَكَانَ حَقُّهُ أَنْ يَفْصِلَ بَيْنَ مَعْرِفَتِهِ الشُّهُودَ وَعَدَمِهَا كَمَا يَأْتِي فِي الْخَصْمَيْنِ (وَالنَّظَرُ إلَى الْمَرْأَةِ فِي هَذَا) أَيْ فِي كَتْبِ الْحِلْيَةِ إذَا كَانَتْ أَحَدَ الشُّهُودِ أَوْ الْخُصُومِ (كَتَحَمُّلِ الشَّهَادَةِ) فَيَجُوزُ إذَا اُحْتِيجَ إلَى إثْبَاتِ حِلْيَتِهَا (فَإِنْ كَانَ) الْقَاضِي (يَعْرِفُ الْخَصْمَيْنِ فَكَتَبَ حِلْيَتَهُمَا) طُولًا وَقِصَرًا وَسُمْرَةً وَشُقْرَةً وَنَحْوَهَا (مُسْتَحَبٌّ وَإِلَّا فَلَا بُدَّ مِنْهُ وَيَكْتُبُ) مَعَ مَا ذُكِرَ (سَمَاعُ الشَّهَادَةِ بِسُؤَالِهِ) أَيْ الْمُدَّعِي (فِي مَجْلِسِ حُكْمِ الْقَاضِي وَثُبُوتِ عَدَالَتِهِمْ) عِنْدَهُ (وَيُؤَرِّخُ) مَا يَكْتُبُهُ (وَيَكْتُبُ) الْقَاضِي (عَلَى رَأْسِ الْمَحْضَرِ عَلَامَتَهُ) مِنْ الْحَمْدَلَةِ وَغَيْرِهَا.
(وَيَجُوزُ إبْهَامُ الشَّاهِدَيْنِ فَيَكْتُبُ) وَأَحْضَرَ (عَدْلَيْنِ) شَهِدَا بِمَا ادَّعَاهُ (وَإِنْ اكْتَفَى عَنْ الْمَحْضَرِ بِكَتْبِهِ عَلَى شَاهِدَيْ الصَّكِّ شَهِدَا عِنْدِي بِكَذَا وَعَلَامَتُهُ جَازَ) عِبَارَةُ الْأَصْلِ وَلَوْ كَانَ مَعَ الْمُدَّعِي كِتَابٌ فِيهِ خَطُّ الشَّاهِدَيْنِ وَكَتَبَ تَحْتَ خَطِّهِمَا شَهِدَا عِنْدِي بِذَلِكَ وَأَثْبَتَ عَلَامَتَهُ فِي رَأْسِ الْكِتَابِ وَاكْتَفَى بِهِ عَنْ الْمَحْضَرِ جَازَ، وَإِنْ كَتَبَ الْمَحْضَرَ وَضَمَّنَهُ ذَلِكَ الْكِتَابَ جَازَ وَعَلَى هَذَا قِيَاسُ مَحْضَرٍ يُذْكَرُ فِيهِ تَحْلِيفُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ أَوْ الْمُدَّعِي بَعْدَ نُكُولِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ. اهـ. (وَفِي السِّجِلِّ يَحْكِي) الْكَاتِبُ (صُورَةَ الْحَالِ وَأَنَّهُ حَكَمَ بِذَلِكَ) لِفُلَانٍ عَلَى فُلَانٍ (وَأَنْفَذَهُ بِسُؤَالِ الْمَحْكُومِ لَهُ) وَقَدْ بَيَّنَ الْأَصْلُ صُورَتَيْ الْمَحْضَرِ وَالسِّجِلِّ (وَيَجْعَلُ مِنْ الْمَحَاضِرِ وَالسِّجِلَّانِ نُسْخَتَيْنِ لِتَبْقَى عِنْدَهُ) فِي دِيوَانِ الْحُكْمِ (وَاحِدَةٌ) لِلْأَمْنِ مِنْ التَّزْوِيرِ (مَخْتُومَةً مُعَنْوَنَةً بِاسْمِ أَصْحَابِهَا) وَيَجْعَلُ الْأُخْرَى عِنْدَ ذِي الْحَقِّ غَيْرَ مَخْتُومَةٍ لِيُلْقِيَ بِهَا الشُّهُودُ وَالْحَاكِمُ فِي بَعْضِ الْأَزْمِنَةِ وَيُذَكِّرَهُمْ لِئَلَّا يَنْسَوْا (وَتُوضَعُ) الَّتِي عِنْدَ الْقَاضِي (فِي الْقِمَطْرِ) ، وَهُوَ السَّفَطُ الَّذِي يُجْمَعُ فِيهِ الْمَحَاضِرُ وَالسِّجِلَّاتُ وَيَكُونُ (بَيْنَ يَدَيْهِ) إلَى آخِرِ الْمَجْلِسِ (وَيَخْتِمُ عِنْدَ قِيَامِهِ. وَهُوَ يَنْظُرُ وَيَحْمِلُ مَعَهُ)
إلَى مَوْضِعِهِ (وَيَجْمَعُ أُسْبُوعًا) بِأَنْ يَدْعُوَ بِهِ فِي الْيَوْمِ الثَّانِي وَيَنْظُرُ فِي الْخَتْمِ وَيَفُكُّ، وَهُوَ يَنْظُرُ وَيَضَعُ فِيهِ كُتُبَ الْيَوْمِ الثَّانِي كَمَا ذُكِرَ وَهَكَذَا يَفْعَلُ حَتَّى يَمْضِيَ الْأُسْبُوعُ (ثُمَّ إنْ كَثُرَتْ جَعَلَهَا إضْبَارَةً) بِهَمْزَةٍ مَكْسُورَةٍ وَضَادٍ مُعْجَمَةٍ وَبَاءٍ مُوَحَّدَةٍ وَرَاءٍ مُهْمَلَةٍ هِيَ الرَّبْطَةُ مِنْ الْوَرَقِ وَيُعَبَّرُ عَنْهَا بِالرِّزْمَةِ وَبِالْحُزْمَةِ تَقُولُ ضَبَرْت الْكُتُبَ أَضْبِرُهَا ضَبْرًا إذَا ضَمَمْت بَعْضَهَا إلَى بَعْضٍ وَجَعَلْتهَا رَبْطَةً وَاحِدَةً وَيُسَمَّى أَيْضًا كُلُّ شَيْءٍ مُجْتَمِعٍ ضِبَارَةً بِكَسْرِ الضَّادِ وَجَمْعُهُ ضَبَائِرُ (وَيَكْتُبُ عَلَيْهَا خُصُومَةَ أُسْبُوعِ كَذَا وَيُؤَرِّخُ) بِأَنْ يَكْتُبَ مِنْ شَهْرِ كَذَا مِنْ سَنَةِ كَذَا (وَإِلَّا) أَيْ، وَإِنْ لَمْ تَكْثُرْ (جَمَعَهَا فِي السَّنَةِ) بِأَنْ يَتْرُكَهَا حَتَّى يَمْضِيَ شَهْرٌ ثُمَّ يَعْزِلَهَا فَإِذَا مَضَتْ سَنَةٌ يَجْمَعُهَا (وَيَكْتُبُ) عَلَيْهَا (خُصُومَاتُ سَنَةِ كَذَا) لِيَسْهُلَ الْوُقُوفُ عَلَيْهَا عِنْدَ الْحَاجَةِ (وَيَحْتَاطُ فِي حِفْظِهَا) بِأَنْ يَجْعَلَهَا بِمَوْضِعٍ لَا يَصِلُهُ غَيْرُهُ (وَيَتَوَلَّى الْأَخْذَ مِنْهَا بِنَفْسِهِ) إذَا احْتَاجَ إلَى شَيْءٍ مِنْهَا وَيَنْظُرُ أَوَّلًا إلَى خَتْمِهِ وَعَلَامَتِهِ (وَ) يَتَوَلَّى (رَدَّهَا مَكَانَهَا)
وَمِنْ الْآدَابِ أَنْ (يَجْمَعَ) الْقَاضِي بِمَجْلِسِ الْحُكْمِ (الْعُلَمَاءَ) الْمُوَافِقِينَ لَهُ وَالْمُخَالِفِينَ (الْأُمَنَاءَ لِلْمُشْكِلَةِ) مِنْ الْمَسَائِلِ ثُمَّ يَخْرُجُ إلَيْهِمْ (وَيُشَاوِرُهُمْ) فِي الْحُكْمِ فِيهَا عِنْدَ تَعَارُضِ الْآرَاءِ وَالْمَذَاهِبِ لِيَأْخُذَ بِالْأَرْجَحِ عِنْدَهُ مِنْ مَجْمُوعِ أَدِلَّتِهِمْ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَشَاوِرْهُمْ فِي الأَمْرِ} [آل عمران: 159] وَلِخَبَرِ الْبَيْهَقِيّ وَغَيْرِهِ «الْمُسْتَشِيرُ مُعَانٌ وَالْمُسْتَشَارُ مُؤْتَمَنٌ» ؛ وَلِأَنَّهُ أَبْعَدُ مِنْ التُّهْمَةِ وَأَطْيَبُ لِلْخُصُومِ بِخِلَافِ الْحُكْمِ الْمَعْلُومِ بِنَصٍّ أَوْ إجْمَاعٍ أَوْ قِيَاسٍ جَلِيٍّ وَلَا يُشَاوِرُ غَيْرَ عَالَمٍ وَلَا عَالِمًا غَيْرَ أَمِينٍ فَإِنَّهُ رُبَّمَا يُضِلُّهُ وَإِذَا حَضَرُوا فَإِنَّمَا يَذْكُرُونَ مَا عِنْدَهُمْ إذَا سَأَلَهُمْ (وَلَا يَبْتَدِرُونَ بِالِاعْتِرَاضِ عَلَيْهِ إلَّا فِيمَا يَجِبُ نَقْضُهُ) كَمَا سَيَأْتِي (وَ) أَنْ (يُؤَدِّبَ مَنْ أَسَاءَ) الْأَدَبَ (بِمَجْلِسِهِ) مِنْ الْخُصُومِ (بِتَكْذِيبِ شَاهِدٍ وَإِظْهَارِ تَعَنُّتٍ لِخَصْمٍ) كَأَنْ ادَّعَى عَلَيْهِ وَقَالَ
ــ
[حاشية الرملي الكبير]
قَوْلُهُ يَلْزَمُهُ الْإِشْهَادُ بِالْحُكْمِ) ؛ لِأَنَّ الْمَحْكُومَ عَلَيْهِ قَدْ يُنْكِرُ مِنْ بَعْدُ فَلَا يَتَمَكَّنُ الْقَاضِي مِنْ الْحُكْمِ عَلَيْهِ إنْ قُلْنَا لَا يَقْضِي بِعِلْمِهِ أَوْ قَدْ يَنْسَى أَوْ يُعْزَلُ فَلَا يُقْبَلُ قَوْلُهُ (قَوْلُهُ فِي الْقِمَطْرِ) بِكَسْرِ الْقَافِ وَفَتْحِ الْمِيمِ وَسُكُونِ الطَّاءِ (قَوْلُهُ وَهُوَ السَّفَطُ) بِفَتْحِ السِّينِ وَالْفَاءِ
(قَوْلُهُ: وَيُشَاوِرُهُمْ فِي الْحُكْمِ عِنْدَ تَعَارُضِ الْآرَاءِ) وَإِنْ كَانُوا دُونَهُ فَإِنَّ الْعُلُومَ مَوَاهِبُ وَقَدْ يُفْتَحُ عَلَى الصَّغِيرِ بِمَا لَيْسَ عِنْدَ الْكَبِيرِ وَقَدْ «شَاوَرَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم أَصْحَابَهُ» وَهُمْ بِلَا شَكٍّ دُونَهُ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ مَوْضِعُ النَّدْبِ فِي الْمُجْتَهِدِ الَّذِي لَهُ أَهْلِيَّةُ النَّظَرِ أَوْ التَّخْرِيجِ عَلَى مَذْهَبِ إمَامِهِ فَإِنْ قَصَّرَ عَنْ هَذِهِ الْمَرْتَبَةِ فَيُتَّجَهُ وُجُوبُ إحْضَارِ فُقَهَاءِ مَذْهَبِهِ اهـ فَلَعَلَّهُمْ يُنَبِّهُونَهُ عَلَى نَصٍّ لِإِمَامِهِ أَوْ قَيْدٍ أَوْ شَرْطٍ فِي الْمَسْأَلَةِ أَوْ نَقْلٍ خَاصٍّ فِيهَا لَمْ يَظْفَرْ بِهِ أَوْ تَرْجِيحٍ وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ وَكَتَبَ أَيْضًا قَالَ الْأَذْرَعِيُّ قَالَ جَمَاعَةٌ: مِنْ أَصْحَابِنَا وَهُمْ الَّذِينَ تَجُوزُ تَوْلِيَتُهُمْ الْقَضَاءَ وَقَالَ آخَرُونَ الَّذِينَ يَجُوزُ لَهُمْ الْإِفْتَاءُ وَهُوَ الظَّاهِرُ فَيُشَاوِرُ الْأَعْمَى وَالْعَبْدَ وَالْمَرْأَةَ لَكِنْ لَا تَحْضُرُ الْمَرْأَةُ الْمَجْلِسَ كَمَا قَالَهُ الْمَاوَرْدِيُّ قَالَ الْقَاضِي حُسَيْنٌ وَإِنَّمَا يُشَاوِرُ مَنْ فَوْقَهُ أَوْ مِثْلَهُ فِي الْعِلْمِ لَا دُونَهُ عَلَى الْأَصَحِّ وَفِيهِ نَظَرٌ ظَاهِرٌ قَالَ الْقَاضِي وَإِذَا أَشْكَلَ الْحُكْمُ تَكُونُ الْمُشَاوَرَةُ وَاجِبَةً وَإِلَّا فَمُسْتَحَبَّةٌ