الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الْعَبْدِ وَالصَّبِيِّ فَمَا أَتَى بِهِ أَوَّلًا لَيْسَ بِشَهَادَةٍ فِي الْحَقِيقَةِ (بِخِلَافِ الْكَافِرِ الْمُعْلِنِ وَالْعَبْدِ وَالصَّبِيِّ إذَا) شَهِدُوا شَهَادَةً ثُمَّ (أَعَادُوهَا بَعْدَ الْكَمَالِ قُبِلَتْ) لِأَنَّ شَهَادَتَهُمْ الْأُولَى لَمْ تَكُنْ فِي الْحَقِيقَةِ شَهَادَةً حَتَّى تُوصَفَ بِالرَّدِّ وَالْقَبُولِ وَلِأَنَّهُمْ لَا يَتَعَيَّرُونَ بِرَدِّ شَهَادَتِهِمْ فَلَا يُتَّهَمُونَ لِأَنَّ نَقْصَ الْعَبْدِ وَالصَّبِيِّ لَيْسَ إلَيْهِمَا وَالْكَافِرُ لَا يَعْتَقِدُ كُفْرَهُ نَقْصًا بَلْ يَفْتَخِرُ بِهِ وَلَا يُبَالِي بِرَدِّ شَهَادَتِهِ بِخِلَافِ الْفَاسِقِ وَالْعَدُوِّ وَخَرَجَ بِالْكَافِرِ الْمُعْلِنِ الْمُسِرُّ بِكُفْرِهِ فَلَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ الْمُعَادَةُ بَعْدَ إسْلَامِهِ لِلتُّهْمَةِ (وَلَوْ شَهِدَ) السَّيِّدُ (لِمُكَاتَبِهِ) أَوْ مَأْذُونِهِ (بِمَالٍ) أَوْ غَيْرِهِ (أَوْ لِمُوَرِّثِهِ بِجِرَاحَةٍ قَبْلَ انْدِمَالٍ) لَهَا (فَرُدَّتْ) شَهَادَتُهُ (ثُمَّ أَعَادَهَا بَعْدَ الْعِتْقِ وَالِانْدِمَالِ لَمْ تُقْبَلْ. كَمَا لَوْ شَهِدَ شَفِيعَانِ بِعَفْوِ)
الشَّفِيعِ (الثَّالِثِ) قَبْلَ عَفْوِهِمَا (فَرُدَّتْ) شَهَادَتُهُمَا (ثُمَّ أَعَادَاهَا بَعْدَ عَفْوِهِمَا وَإِنْ رُدَّتْ شَهَادَةُ الْفَرْعِ) الشَّاهِدِ عَلَى شَهَادَةِ أَصْلٍ (لِفِسْقِ الْأَصْلِ فَتَابَ) الْأَصْلُ (ثُمَّ أَعَادَهَا بِنَفْسِهِ أَوْ بِغَيْرِهِ لَمْ تُقْبَلْ) لِلتُّهْمَةِ وَلَوْ رُدَّتْ شَهَادَةُ الْفَرْعِ لِفِسْقِهِ لَمْ يُؤَثِّرْ فِي شَهَادَةِ الْأَصْلِ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَالْأَشْبَهُ قَبُولُ الشَّهَادَةِ الْمُعَادَةِ مِمَّنْ شُهِدَ بِهِ خَرَسٌ ثُمَّ زَالَ انْتَهَى وَمِثْلُهَا الْمُعَادَةُ مِمَّنْ شُهِدَ بِهِ عَمًى ثُمَّ زَالَ
(فَصْلٌ وَلَوْ شَهِدَ فِي غَيْرِ) شَهَادَةِ (الْحِسْبَةِ قَبْلَ الدَّعْوَى وَكَذَا) بَعْدَهَا لَكِنْ (قَبْلَ الِاسْتِشْهَادِ) بِهِ (رُدَّتْ شَهَادَتُهُ) لِتُهْمَتِهِ بِالْحِرْصِ عَلَيْهَا وَفِي خَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ فِي مَعْرِضِ الذَّمِّ «ثُمَّ يَجِيءُ قَوْمٌ يَشْهَدُونَ وَلَا يُسْتَشْهَدُونَ» وَأَمَّا خَبَرُ مُسْلِمٍ «أَلَا أُخْبِرُكُمْ بِخَيْرِ الشُّهَدَاءِ الَّذِي يَأْتِي بِشَهَادَتِهِ قَبْلَ أَنْ يُسْأَلَهَا» فَمَحْمُولٌ عَلَى مَا يَجُوزُ الْمُبَادَرَةُ إلَيْهِ وَهُوَ شَهَادَةُ الْحِسْبَةِ وَلَا يَصِيرُ بِذَلِكَ مَجْرُوحًا فِي شَهَادَاتِهِ بَلْ فِي شَهَادَتِهِ (بِهَا) أَيْ بِتِلْكَ الْوَاقِعَةِ (فَقَطْ) أَيْ لَا فِي غَيْرِهَا وَلَا فِيهَا إذَا اُسْتُشْهِدَ (فِي مَجْلِسٍ آخَرَ) بَلْ أَوْ فِي مَجْلِسِ تِلْكَ الشَّهَادَةِ كَمَا اقْتَضَاهُ كَلَامُ الْأَصْلِ وَالْأَنْوَارِ وَعِبَارَتُهُ وَلَوْ أَعَادَهَا بِالِاسْتِشْهَادِ قُبِلَتْ فَقَوْلُهُ مِنْ زِيَادَتِهِ لَا فِي مَجْلِسٍ آخَرَ زِيَادَةُ ضَرَرٍ (فَرْعٌ تُقْبَلُ شَهَادَةُ مَنْ اخْتَبَأَ) فِي زَاوِيَةٍ (لِيَسْتَمِعَ) مَا يُشْهَدُ بِهِ وَلَا يُحْمَلُ عَلَى الْحِرْصِ لِأَنَّ الْحَاجَةَ قَدْ تَدْعُوَا إلَيْهِ كَأَنْ يُقِرَّ مَنْ عَلَيْهِ الْحَقُّ إذَا خَلَا بِهِ الْمُسْتَحِقُّ وَيَجْحَدُ إذَا حَضَرَ غَيْرُهُ (وَيُسْتَحَبُّ) لَهُ (أَنْ يُخْبِرَ الْخَصْمَ بِأَنَّهُ اخْتَبَأَ) وَشَهِدَ عَلَيْهِ لِئَلَّا يُبَادِرَ إلَى تَكْذِيبِهِ إذَا شَهِدَ فَيُعَزِّرُهُ الْقَاضِي (وَإِنْ قَالَا) أَيْ اثْنَانِ لِثَالِثٍ (حَاسِبِ بَيْنَنَا) لِنَتَصَادَقَ (وَلَا تَشْهَدْ) عَلَيْنَا بِمَا يَجْرِي (فَفَعَلَ لَزِمَهُ أَنْ يَشْهَدَ) بِمَا جَرَى وَالشَّرْطُ فَاسِدٌ (وَتُقْبَلُ شَهَادَةُ الْحِسْبَةِ فِي حُقُوقِ اللَّهِ تَعَالَى) وَالْأَصْلُ فِي قَبُولِهَا خَبَرُ مُسْلِمٍ السَّابِقُ (كَالْحُدُودِ وَالْمُسْتَحَبُّ سَتْرُهَا) أَيْ سَتْرُ مُوجِبَاتِهَا عَلَى مَا مَرَّ فِي الزِّنَا وَكَالصَّلَاةِ وَالصَّوْمِ بِأَنْ يَشْهَدَ بِتَرْكِهِمَا.
(وَكَذَا تُقْبَلُ فِيمَا لِلَّهِ فِيهِ حَقٌّ مُؤَكَّدٌ) وَهُوَ مَا لَا يَتَأَثَّرُ بِرِضَا الْآدَمِيِّ (كَالطَّلَاقِ) رَجْعِيًّا كَانَ أَوْ بَائِنًا لِأَنَّ الْمُغَلَّبَ فِيهِ حَقُّ اللَّهِ تَعَالَى بِدَلِيلِ أَنَّهُ لَا يَرْتَفِعُ بِتَرَاضِي الزَّوْجَيْنِ (لَا فِي مَالِ الْخُلْعِ) لِأَنَّهُ حَقُّ آدَمِيٍّ بِخِلَافِ فِرَاقِهِ وَقِيلَ لَا تُقْبَلُ فِي فِرَاقِهِ أَيْضًا لِأَنَّهُ لَا يَنْفَكُّ عَنْ الْمَالِ وَالتَّرْجِيحُ مِنْ زِيَادَتِهِ وَبِهِ صَرَّحَ الْإِسْنَوِيُّ قَالَ فَقَدْ جَزَمَ بِهِ الْقَاضِي وَاخْتَارَهُ الْغَزَالِيُّ وَتَبِعَهُ الْحَاوِي الصَّغِيرُ (وَكَالْعِتْقِ وَالِاسْتِيلَادِ لَا) فِي (عَقْدَيْ التَّدْبِيرِ وَالْكِتَابَةِ) وَفَارَقَهُمَا الِاسْتِيلَادُ بِأَنَّهُ يُفْضِي إلَى الْعِتْقِ لَا مَحَالَةَ بِخِلَافِهِمَا (وَ) لَا فِي (شِرَاءِ الْقَرِيبِ) الَّذِي يُعْتَقُ بِهِ وَإِنْ تَضَمَّنَ الْعِتْقَ لِكَوْنِ الشَّهَادَةِ عَلَى الْمِلْكِ وَالْعِتْقُ تَبَعٌ وَلَيْسَ كَالْخُلْعِ لِأَنَّ الْمَالَ فِيهِ تَابِعٌ وَفِي الشِّرَاءِ مَقْصُودٌ فَإِثْبَاتُهُ دُونَ
ــ
[حاشية الرملي الكبير]
قَوْلُهُ فَمَا أَتَى بِهِ أَوَّلًا لَيْسَ بِشَهَادَةٍ فِي الْحَقِيقَةِ) فَهُوَ مَفْهُومٌ مِنْ قَوْلِهِمْ شَهِدُوا (قَوْلُهُ بِخِلَافِ الْكَافِرِ الْمُعْلِنِ وَلَوْ مُرْتَدًّا) وَفِي فَتَاوَى الْقَفَّالِ إنَّ الْمُرْتَدَّ لَوْ شَهِدَ فَرُدَّتْ شَهَادَتُهُ ثُمَّ أَعَادَهَا بَعْدَ الْإِسْلَامِ قُبِلَتْ كَالْكَافِرِ الْأَصْلِيِّ بِخِلَافِ الْفَاسِقِ وَلَعَلَّهُ أَرَادَ الْمُرْتَدَّ الْمُظْهِرَ لِلرِّدَّةِ أَوْ يَكُونُ عِنْدَهُ أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ الْمُسِرِّ لِلْكُفْرِ وَالْمُعْلِنِ بِهِ (قَوْلُهُ أَوْ لِمُوَرِّثِهِ بِجِرَاحَةٍ قَبْلَ الِانْدِمَالِ إلَخْ) مَثَلُهُ مَا لَوْ شَهِدَ بِالْجِرَاحَةِ قَبْلَ الِانْدِمَالِ وَهُوَ وَارِثٌ ثُمَّ حَدَثَ لِلْمَجْرُوحِ مَنْ يَحْجُبُهُ فَأَعَادَ تِلْكَ الشَّهَادَةَ ذَكَرَهُ الْمَاوَرْدِيُّ وَغَيْرُهُ وَهُوَ الصَّحِيحُ (قَوْلُهُ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَالْأَشْبَهُ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ
[فَصْلٌ شَهِدَ فِي غَيْرِ شَهَادَةِ الْحِسْبَةِ قَبْلَ الدَّعْوَى]
(قَوْلُهُ وَفِي خَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ فِي مَعْرِضِ الذَّمِّ يَجِيءُ قَوْمٌ يَشْهَدُونَ وَلَا يُسْتَشْهَدُونَ) هُوَ مَحْمُولٌ عَلَى مَا لَا تَجُوزُ الْمُبَادَرَةُ إلَيْهِ (قَوْلُهُ فَمَحْمُولٌ إلَخْ) وَمِنْهُمْ مَنْ حَمَلَهُ عَلَى مَا يَعْلَمُهُ دُونَ غَيْرِهِ وَمِنْهُمْ مَنْ حَمَلَهُ عَلَى الْكَاذِبِ فِي شَهَادَتِهِ (قَوْلُهُ عَلَى مَا تَجُوزُ الْمُبَادَرَةُ إلَيْهِ) إذْ قَدْ تُسْتَحَبُّ الْمُبَادَرَةُ فِي صُوَرٍ وَقَدْ تَجِبُ فِي صُوَرٍ وَتَجُوزُ فِي صُورَةٍ قَالَ الْبَيْهَقِيُّ يُحْتَمَلُ أَنَّهُ فِيمَنْ عِنْدَهُ شَهَادَةٌ وَصَاحِبُهَا لَا يَعْلَمُ بِهَا وَحَكَاهُ ابْنُ الْمُنْذِرِ عَنْ مَالِكٍ وَقِيلَ عَلَى سُرْعَةِ إجَابَةِ الشَّاهِدِ إذَا اُسْتُشْهِدَ فَلَا يَمْنَعُهَا وَلَا يُؤَخِّرُهَا وَقِيلَ عَلَى حَقِّ الصَّبِيِّ أَوْ الْمَجْنُونِ وَظَاهِرٌ أَنَّهُ لَا فَرْقَ فِي شَهَادَةِ الْحِسْبَةِ بَيْنَ مَا لَيْسَ لِلشَّاهِدِ فِيهِ عَلَقَةٌ أَمْ لَا لِأَنَّهُ مِنْ الْحُقُوقِ الْعَامَّةِ لَكِنْ فِي فَتَاوَى الْقَفَّالِ بَعْدَمَا سَبَقَ وَأَمَّا الْأَبُ إذَا جَاءَ وَقَالَ بَيْنَ بِنْتِي وَفُلَانٍ خَاطِبِهَا رَضَاعٌ يُنْظَرُ فَإِنْ كَانَ قَدْ شَهِدَ قَبْلَ ظُهُورِ الْعَضْلِ مِنْهُ قُبِلَتْ شَهَادَتُهُ أَوْ بَعْدَهُ لَمْ تُقْبَلْ وَعَلَى هَذَا إذَا جَاءَ رَجُلَانِ وَشَهِدَا أَنَّ هَذَا يَوْمُ الْعِيدِ فَإِنْ لَمْ يَكُونَا أَكَلَا قُبِلَتْ شَهَادَتُهُمَا وَإِلَّا لَمْ تُقْبَلْ (قَوْلُهُ وَتُقْبَلُ شَهَادَةُ الْحِسْبَةِ) أَيْ الشَّهَادَةُ قَبْلَ الِاسْتِشْهَادِ تَقَدَّمَتْ الدَّعْوَى أَمْ لَا وَمِنْ فَوَائِدِ سَمَاعِهَا أَنَّهُ لَا أَثَرَ لِتَكْذِيبِ الْمُدَّعِي إيَّاهَا وَلِهَذَا قَالَ شُرَيْحٌ الرُّويَانِيُّ لَوْ ادَّعَتْ أَنَّهُ طَلَّقَهَا وَأَقَامَتْ بِهِ بَيِّنَةً ثُمَّ رَجَعَتْ عَنْ الدَّعْوَى وَكَذَّبَتْ الْبَيِّنَةَ لَمْ تَسْقُطْ عَلَى الْأَصَحِّ لِأَنَّهَا مَقْبُولَةٌ فِي الِابْتِدَاءِ مِنْ غَيْرِ دَعْوَاهَا (قَوْلُهُ وَبِهِ صَرَّحَ الْإِسْنَوِيُّ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ.
(قَوْلُهُ وَتَبِعَهُ الْحَاوِي الصَّغِيرُ) أَيْ وَغَيْرُهُ (قَوْلُهُ وَفَارَقَهُمَا الِاسْتِيلَادُ إلَخْ) قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَفِي الْفَرْقِ إشَارَةٌ إلَى أَنَّ مَحَلَّ الْمَنْعِ إذَا شَهِدَ عَلَى الْمُدَبَّرِ فِي حَيَاتِهِ أَوْ عَلَى الْمُعَلَّقِ قَبْلَ وُجُودِ الصِّفَةِ أَمَّا لَوْ شَهِدَا بِذَلِكَ بَعْدَ مَوْتِهِ أَوْ بَعْدَ وُجُودِ الصِّفَةِ قُبِلَتْ لَا مَحَالَةَ (قَوْلُهُ لِكَوْنِ الشَّهَادَةِ عَلَى الْمِلْكِ) لِأَنَّ الْعِوَضَ رُكْنٌ فِي الْبَيْعِ فَلَوْ أَثْبَتْنَاهُ لَأَثْبَتْنَا الْعِوَضَ مِنْ غَيْرِ دَعْوَى وَلَوْ أَثْبَتْنَا الْعِتْقَ مِنْ غَيْرِ مَالٍ لَكَانَ إجْحَافًا بِالْمَالِكِ وَلَيْسَ كَالْخُلْعِ
الْمَالِ مُحَالٌ (لَا) شَهَادَتُهَا (بِالْعِتْقِ) الْحَاصِلِ بِهَا أَيْ بِالتَّدْبِيرِ وَالْكِتَابَةِ وَشِرَاءُ الْقَرِيبِ أَيْ بِكُلٍّ مِنْهَا فَتُقْبَلُ وَذِكْرُ هَذَا فِي الثَّالِثَةِ مِنْ زِيَادَتِهِ (وَتُقْبَلُ فِي الْعَفْوِ عَنْ الْقِصَاصِ) لِمَا فِي قَبُولِهَا فِيهِ مِنْ سَلَامَةِ النَّفْسِ (وَفِي الْوَصِيَّةِ وَالْوَقْفِ إذَا عَمَّتْ جِهَتُهُمَا) وَلَوْ أُخِّرَتْ الْجِهَةُ الْعَامَّةُ فَيَدْخُلُ نَحْوُ مَا أَفْتَى بِهِ الْبَغَوِيّ مِنْ أَنَّهُ لَوْ وَقَفَ دَارًا عَلَى أَوْلَادِهِ ثُمَّ عَلَى الْفُقَرَاءِ فَاسْتَوْلَى عَلَيْهَا وَرَثَتُهُ وَتَمَلَّكُوهَا فَشَهِدَ شَاهِدَانِ حِسْبَةً قَبْلَ انْقِرَاضِ أَوْلَادِهِ بِوَقْفِيَّتِهَا قُبِلَتْ شَهَادَتُهُمَا لِأَنَّ آخِرَهُ وَقْفٌ عَلَى الْفُقَرَاءِ (لَا إنْ خُصَّتْ) جِهَتُهُمَا فَلَا تُقْبَلُ فِيهِمَا لِتَعَلُّقِهِمَا بِحُظُوظٍ خَاصَّةٍ.
(وَ) تُقْبَلُ (فِي الرَّضَاعِ وَالنَّسَبِ وَانْقِضَاءِ الْعِدَّةِ وَبَقَائِهَا وَتَحْرِيمِ الْمُصَاهَرَةِ وَالزَّكَوَاتِ وَالْكَفَّارَاتِ) بِأَنْ يَشْهَدَ بِتَرْكِهِمَا (وَالْبُلُوغِ وَالْإِسْلَامِ وَالْكُفْرِ وَقَطْعِ الطَّرِيقِ وَالسَّرِقَةِ) وَهَذَانِ مُكَرَّرَانِ لِدُخُولِهِمَا فِي الْحُدُودِ (وَالْإِحْصَانِ) وَالتَّعْدِيلِ (لَا) فِي حَقِّ (الْآدَمِيِّ كَالْقِصَاصِ وَحَدِّ الْقَذْفِ وَالْبُيُوعِ وَنَحْوِهَا لَكِنْ إذَا لَمْ يَعْلَمْ صَاحِبُ الْحَقِّ بِهِ أَعْلَمَهُ) الشَّاهِدُ بِهِ (لِيَسْتَشْهِدَهُ) بَعْدَ الدَّعْوَى (وَلَا تُسْمَعُ دَعْوَى الْحِسْبَةِ) فِيمَا تُقْبَلُ فِيهِ شَهَادَتُهَا اكْتِفَاءً بِشَهَادَتِهَا وَلِأَنَّهُ لَا حَقَّ لِلْمُدَّعِي فِي الْمَشْهُودِ بِهِ وَمَنْ لَهُ الْحَقُّ لَمْ يَأْذَنْ فِي الطَّلَبِ وَالْإِثْبَاتِ بَلْ أُمِرَ فِيهِ بِالْإِعْرَاضِ وَالدَّفْعِ مَا أَمْكَنَ وَقِيلَ تُسْمَعُ لِأَنَّ الْبَيِّنَةَ قَدْ لَا تُسَاعِدُ وَيُرَادُ اسْتِخْرَاجُ الْحَقِّ بِإِقْرَارِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ وَالتَّرْجِيحُ مِنْ زِيَادَتِهِ وَبِهِ صَرَّحَ الْإِسْنَوِيُّ بَلْ مَا رَجَّحَهُ نَسَبَهُ الْإِمَامُ إلَى الْعِرَاقِيِّينَ وَقَضِيَّةُ مَا مَرَّ فِي السَّرِقَةِ وَآخِرِ الْقَضَاءِ عَلَى الْغَائِبِ تَرْجِيحُ الثَّانِي وَصَحَّحَهُ الْبُلْقِينِيُّ وَيَجِبُ حَمْلُهُ عَلَى غَيْرِ حُدُودِ اللَّهِ تَعَالَى فَسَيَأْتِي فِي الدَّعَاوَى عَدَمُ سَمَاعِهَا فِيهَا لَكِنْ مَحِلُّهُ كَمَا قَالَ ابْنُ الصَّبَّاغِ وَالْبَنْدَنِيجِيّ وَالْمَاوَرْدِيُّ وَغَيْرُهُمْ إذَا لَمْ يَتَعَلَّقْ بِهَا حَقُّ آدَمِيٍّ فَتُسْمَعُ فِي السَّرِقَةِ إذَا لَمْ يَبْرَأْ السَّارِقُ مِنْ الْمَالِ بِرَدٍّ وَنَحْوِهِ وَإِلَّا فَلَا تُسْمَعُ لِتَمَحُّضِ الْحَقِّ لِلَّهِ تَعَالَى كَالزِّنَا فَالْمُعْتَمَدُ سَمَاعُهَا إلَّا فِي مَحْضِ حُدُودِ اللَّهِ تَعَالَى (وَلَا) تُسْمَعُ (شَهَادَتُهَا) أَيْ الْحِسْبَةِ (حَتَّى تَقُولَ شُهُودُهَا) ابْتِدَاءً (لِلْقَاضِي نَشْهَدُ بِكَذَا عَلَى فُلَانٍ فَأَحْضِرْهُ لِنَشْهَدَ عَلَيْهِ فَإِنْ قَالُوا ابْتِدَاءً فُلَانٌ زَنَى فَهُمْ قَذَفَةٌ) .
نَعَمْ إنْ وَصَلُوا شَهَادَتَهُمْ بِهِ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ فَالظَّاهِرُ أَنَّهُمْ لَبِسُوا بِقَذْفَةٍ لَكِنْ كَلَامُ الرُّويَانِيِّ يَقْتَضِي أَنَّهُ لَا فَرْقَ انْتَهَى (وَإِنَّمَا تُسْمَعُ عِنْدَ الْحَاجَةِ) إلَيْهَا (فَإِنْ شَهِدُوا بِحُرِّيَّةٍ) لِشَخْصٍ (قَالُوا وَفُلَانٌ يَسْتَرِقُّهُ أَوْ) شَهِدُوا (بِرَضَاعٍ) مُحَرِّمٍ لِامْرَأَةٍ عَلَى رَجُلٍ (قَالُوا) وَفُلَانٌ (يُرِيدُ أَنْ يَنْكِحَ) هَا (أَوْ نَكَحَ) هَا قَالَ فِي الْأَصْلِ نَقْلًا عَنْ فَتَاوَى الْقَفَّالِ وَلَوْ شَهِدَ اثْنَانِ بِطَلَاقٍ وَقَضَى الْقَاضِي بِشَهَادَتِهِمَا ثُمَّ جَاءَ
ــ
[حاشية الرملي الكبير]
قَوْلُهُ لَا شَهَادَتُهُمَا بِالْعِتْقِ بِهِمَا) فَإِنْ ادَّعَى الْوَارِثُ أَوْ الْمُعَلَّقُ زَوَالَ الْمِلْكِ ثُمَّ عَوْدَهُ فَعَلَيْهِ الْبَيِّنَةُ إذْ الْأَصْلُ عَدَمُهُ (قَوْلُهُ وَالْوَقْفِ) مِنْ ذَلِكَ وَقْفُ مَسْجِدٍ أَوْ خَانٍ لِلسَّبِيلِ أَوْ مَقْبَرَةٍ وَكَذَا بِمَا أُخِذَ مِنْ خَشَبِ مَسْجِدٍ أَوْ أَرْضِهِ وَنَحْوِ ذَلِكَ (قَوْلُهُ فَيَدْخُلُ نَحْوُ مَا أَفْتَى بِهِ الْبَغَوِيّ إلَخْ) وَمِمَّا يُسْتَغْرَبُ قَوْلُهُ فِي الْفَتَاوَى الْمَذْكُورَةِ أَنَّهُ تُقْبَلُ الشَّهَادَةُ حِسْبَةً بِالسَّفَهِ وَيَجُوزُ لِلْقَاضِي أَنْ يَحْجُرَ عَلَيْهِ فِي غَيْبَتِهِ لِأَنَّهُ يَتَعَلَّقُ بِهِ حُقُوقُ اللَّهِ تَعَالَى (قَوْلُهُ وَالنَّسَبِ) لِأَنَّ فِيهِ حَقًّا لِلَّهِ تَعَالَى إذْ الشَّرْعُ أَكَّدَ الْأَنْسَابَ وَمَنَعَ قَطْعَهَا فَضَاهَى الطَّلَاقَ وَالْعِتْقَ.
(قَوْلُهُ لَا فِي حَقِّ الْآدَمِيِّ إلَخْ) فِي فَتَاوَى الْقَفَّالِ أَنَّهُ تُسْمَعُ دَعْوَى الْحِسْبَةِ عَلَى قَيِّمِ صَبِيٍّ أَنَّهُ أَتْلَفَ مَالًا لِلصَّبِيِّ وَلَهُ أَنْ يُحَلِّفَ الْقَيِّمَ إنْ اتَّهَمَهُ فِيهِ قَالَ الْغَزِّيِّ وَإِذَا كَانَ لَهُ تَحْلِيفُهُ كَانَ لَهُ أَنْ يُقِيمَ الْبَيِّنَةَ عَلَيْهِ قَالَ وَهَذِهِ مَسْأَلَةٌ نَفِيسَةُ وَكَثِيرًا مَا يَدَّعِي بَعْضُ أَقْرِبَاءِ الطِّفْلِ أَوْ جِيرَانُهُ عَلَى وَصِيَّةٍ أَنَّهُ أَتْلَفَ لَهُ مَالًا فَلَا يَسْمَعُ الْقَاضِي كَلَامَهُ وَيَقُولُ إنَّهُ فُضُولِيٌّ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَهَذِهِ مَسْأَلَةٌ مِمَّا تَعُمُّ بِهِ الْبَلْوَى وَهُوَ أَنْ يَدَّعِيَ قَرِيبٌ لِلْمَيِّتِ عَلَى وَصِيِّهِ بِإِتْلَافِ شَيْءٍ مِنْ مَالِهِ أَوْ خِيَانَةً وَنَحْوَهَا مُحْتَسِبًا فَتُرَدُّ دَعْوَاهُ كَمَا شَاهَدْته مِنْ حُكَّامِ الْعَصْرِ مُعْتَلِّينَ بِأَنَّهُ لَا حَقَّ لَهُ وَلَا وِلَايَةَ عَلَى الطِّفْلِ وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ إذَا كَانَ لِلْمُحْتَسِبِ أَنْ يُحَلِّفَ الْقَيِّمَ فَلَهُ أَنْ يُقِيمَ الْبَيِّنَةَ عَلَى مَا ادَّعَاهُ بَلْ أَوْلَى وَلَا أَحْسَبُ أَنَّ هَذَا مِنْ تَفْرِيعِ الْوَجْهِ الذَّاهِبِ إلَى سَمَاعِ شَهَادَةِ الْحِسْبَةِ بِذَلِكَ كَمَا سَبَقَ بَيَانُهُ غَيْرَ مَرَّةٍ بَلْ هُوَ مَجْزُومٌ بِهِ وَحَسُنَ أَنْ يَأْذَنَ لَهُ الْحَاكِمُ فِي الدَّعْوَى وَيَتَعَيَّنُ ذَلِكَ عِنْدَ ظُهُورِ قَرَائِنِ صِدْقِهِ وَإِفْسَادِ حَالِ الْوَصِيِّ أَوْ جَهَالَةِ حَالِهِ لَا سِيَّمَا فِي هَذَا الزَّمَانِ.
(قَوْلُهُ وَالتَّرْجِيحُ مِنْ زِيَادَتِهِ جَزَمَ بِهِ الرَّافِعِيُّ فِي الدَّعَاوَى) وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ وَإِنْ أَوْهَمَ كَلَامُهُ فِي السَّرِقَةِ خِلَافَهُ فَهُوَ مُؤَوَّلٌ ع (قَوْلُهُ لَكِنْ مَحِلُّهُ كَمَا قَالَهُ ابْنُ الصَّبَّاغِ إلَخْ) لِأَنَّهُ يُسْتَحَبُّ سَتْرُهَا وَهَذَا التَّعْلِيلُ قَدْ يُومِئُ إلَى أَنَّ مَحِلَّ الْخِلَافِ إذَا كَانَ السَّتْرُ مُسْتَحَبًّا أَمَّا إذَا قُلْنَا لَا يُسْتَحَبُّ حَيْثُ تَكُونُ الْمَصْلَحَةُ فِي الشَّهَادَةِ عَلَيْهِ فَتُسْمَعُ وَقَالَ الْمَاوَرْدِيُّ إنَّ هَذَا فِيمَا إذَا لَمْ يَتَعَلَّقْ بِتَرْكِ الشَّهَادَةِ إيجَابُ حَدٍّ عَلَى الْغَيْرِ فَإِنْ تَعَلَّقَ بِهِ كَمَنْ شَهِدَ عَلَيْهِ ثَلَاثَةٌ بِالزِّنَا فَإِنَّهُ يَجِبُ عَلَى الرَّابِعِ الْأَدَاءُ وَيَأْثَمُ بِالتَّوَقُّفِ وَتَبِعَهُ فِي الْبَحْرِ (قَوْلُهُ قَالُوا وَفُلَانٌ يَسْتَرِقُّهُ) نَازَعَ فِيهَا الْبُلْقِينِيُّ وَقَالَ لَا يُتَوَقَّفُ سَمَاعُهَا عَلَى الِاسْتِرْقَاقِ بَلْ تُسْمَعُ حَيْثُ حَصَلَتْ فَائِدَةٌ وَكَتَبَ أَيْضًا قَالَ الْجُرْجَانِيُّ يَجُوزُ إثْبَاتُ الْجَرْحِ عِنْدَ الْحَاكِمِ بِالْبَيِّنَةِ بَعْدَ الشَّهَادَةِ لِلْحَاجَةِ إلَيْهِ فِي رَدِّ شَهَادَتِهِ وَلَا يَجُوزُ إثْبَاتُهُ قَبْلَهَا لِعَدَمِ الْحَاجَةِ إلَيْهِ (قَوْلُهُ قَالَ فِي الْأَصْلِ نَقْلًا عَنْ فَتَاوَى الْقَفَّالِ إلَخْ) نَازَعَ فِيهَا الْبُلْقِينِيُّ وَقَالَ الْأَرْجَحُ فِيهَا قَبُولُ الشَّهَادَةِ الْآنَ دَفْعًا لِمَا يُتَوَهَّمُ فِي الْمُسْتَقْبَلِ مِنْ إرَادَةِ نِكَاحِ مَنْ كَانَتْ زَوْجَتَهُ فَتَنْقَطِعُ الْمَادَّةُ فِي ذَلِكَ بِإِثْبَاتِ الْإِخْوَةِ. اهـ.
وَفِي فَتَاوَى ابْنِ الصَّلَاحِ لَوْ شَهِدَا حِسْبَةً عَلَى إقْرَارِ غَائِبٍ أَوْ حَاضِرٍ أَوْ مَيِّتٍ أَنَّهُ أَعْتَقَ عَبْدًا لَهُ حُكِمَ عَلَيْهِ بِالْعِتْقِ حِسْبَةً مِنْ غَيْرِ سُؤَالِ الْعَبْدِ فَلَا يَحْتَاجُ الْحُكْمُ إلَى يَمِينِ الْعَبْدِ وَإِذَا طَلَبَ الْعَبْدُ الْحُكْمَ إذَا لَاحَظَ فِي حُكْمِهِ جِهَةَ الْحِسْبَةِ مُعْرِضًا عَنْ طَلَبِهِ قَالَ الْغَزِّيِّ وَالْمُتَّجَهُ أَنْ يُقَالَ إنْ كَانَ فِي الشَّهَادَةِ حَاجَةٌ فَلَا رَيْبَ فِي سَمَاعِهَا وَمِنْ الْحَاجَةِ قَطْعُ سَلْطَنَةٍ مَوْجُودَةٍ كَإِزَالَةِ الرِّقِّ فِي الْعَبْدِ فَمَا قَالَ الرَّافِعِيُّ عَنْ الْقَفَّالِ مِنْ عَدِمَ سَمَاعَ الشَّهَادَةِ بِالْعِتْقِ إلَّا إذَا كَانَ الْمَشْهُودُ عَلَيْهِ يَسْتَرِقُّ مَنْ أَعْتَقَهُ مَمْنُوعٌ وَفَتْوَى ابْنِ الصَّلَاحِ أَصَحُّ وَصَرَّحَ الْأَصْحَابُ بِأَنَّهُ لَوْ وَكَّلَ بِتَطْلِيقِ زَوْجَتِهِ فَطَلَّقَهَا الْوَكِيلُ ثُمَّ أَنْكَرَ الْمُوَكِّلُ التَّوْكِيلَ وَجَبَ عَلَى الْوَكِيلِ أَنْ يَشْهَدَ حِسْبَةً أَنَّهُ طَلَّقَ زَوْجَتَهُ وَلَا يَذْكُرُ أَنَّهُ وَكَّلَهُ فِيهِ لِئَلَّا يَمْتَنِعَ قَبُولُ الشَّهَادَةِ اهـ وَلَمْ يَشْتَرِطُوا أَنْ يَكُونَ