الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَاحِدٌ تَنْزِيلًا لِأَجْزَاءِ الْوَجْهِ مَنْزِلَةَ أَجْزَاءِ الرَّأْسِ (أَوْ) اتَّصَلَتْ (مُوضِحَةُ الرَّأْسِ بِالْجَبْهَةِ فَأَرَشَانِ، وَلَوْ) كَانَ (بَيْنَهُمَا جِرَاحَةٌ دُونَ الْمُوضِحَةِ لِاخْتِلَافِ الْمَحَلِّ فَإِنْ لَمْ يُوضِحْ) الْمُوضِحُ لِلرَّأْسِ (الْجَبْهَةَ بَلْ جَرَحَهَا فَأَرْشٌ) لِمُوضِحَةِ الرَّأْسِ (وَحُكُومَةٌ) لِجُرْحِ الْجَبْهَةِ.
(وَلَوْ هَشَّمَ بَعْضَ مَا أَوْضَحَ فَهَاشِمَةٌ بِمُوضِحَةٍ) أَيْ مَعَهَا (وَلَوْ أَوْضَحَ، وَهَشَّمَ فِي مَوْضِعَيْنِ وَاتَّصَلَ الْهَشْمُ) بَيْنَهُمَا (بَاطِنًا فَهَاشِمَتَانِ) ؛ لِأَنَّ الْهَاشِمَةَ تَتْبَعُ الْمُوضِحَةَ، وَقَدْ وُجِدَتْ الْمُوضِحَتَانِ فَيَتَعَدَّدُ الْهَشْمُ بِتَعَدُّدِهِمَا (وَلَوْ تَبَعَّضَتْ الْمُوضِحَةُ قِصَاصًا، وَعُدْوَانًا أَوْ عَمْدًا، وَخَطَأً فَمُوضِحَتَانِ لِاخْتِلَافِ الْحُكْمِ لَكِنْ لَوْ رَفَعَ حَاجِزَ مُوضِحَتَيْ الْعَمْدِ خَطَأً) فِيمَا لَوْ أَوْضَحَ مُوضِحَتَيْنِ عَمْدًا (اتَّحَدَتَا) كَذَا رَجَّحَهُ فِي الرَّوْضَةِ، وَهُوَ كَمَا قَالَ الزَّرْكَشِيُّ عَجِيبٌ فَإِنَّ كَلَامَ الرَّافِعِيِّ مُصَرِّحٌ بِتَرْجِيحِ التَّعَدُّدِ فَإِنَّهُ قَالَ فِيهِ وَجْهَانِ لِاخْتِلَافِ الْحُكْمِ فَإِنْ جَعَلْنَاهُ مُؤَثِّرًا فَعَلَيْهِ أَرْشٌ ثَالِثٌ، وَإِلَّا لَمْ يَلْزَمْ إلَّا أَرْشٌ وَاحِدٌ.
(فَصْلٌ: الْجَائِفَةُ كَالْمُوضِحَةِ فِي الِاتِّحَادِ وَالتَّعَدُّدِ) ، وَقَدْ مَرَّ بَيَانُ ذَلِكَ (فَلَوْ طَعَنَ فِي جَائِفَةٍ غَيْرِهِ، وَلَمْ يَقْطَعْ) شَيْئًا (عُزِّرَ) لِتَعَدِّيهِ، وَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ (وَإِنْ زَادَ غَوْرًا) فِيهَا (أَوْ قَطَعَ ظَاهِرًا فَقَطْ أَوْ عَكْسُهُ) أَيْ بَاطِنًا فَقَطْ (فَحُكُومَةٌ) تَلْزَمُهُ (أَوْ) قَطَعَ (ظَاهِرًا فِي جَانِبٍ، وَبَاطِنًا فِي جَانِبٍ) آخَرَ (فَأَرْشٌ) آخَرُ يَلْزَمُ الْقَاطِعَ (إنْ أَكْمَلَا) أَيْ الْقَطْعَانِ (جَائِفَةً) كَأَنْ قَطَعَ الثَّانِي نِصْفَ الظَّاهِرِ مِنْ جَانِبٍ وَنِصْفَ الْبَاطِنِ مِنْ جَانِبٍ (وَإِلَّا) أَيْ، وَإِنْ لَمْ يُكْمِلَاهَا (فَبِالْقِسْطِ) يُعْتَبَرُ الْأَرْشُ بِأَنْ يُنْظَرَ فِي ثَخَانَةِ اللَّحْمِ وَالْجِلْدِ، وَيُقَسَّطَ أَرْشُ الْجَائِفَةِ عَلَى الْمَقْطُوعِ مِنْ الْجَانِبَيْنِ (وَلَوْ نَفَذَتْ الْجَائِفَةُ مِنْ) أَحَدِ الْجَانِبَيْنِ إلَى (الْجَانِبِ الْآخَرِ أَوْ طَعَنَهُ بِحَدِيدَةٍ لَهَا رَأْسَانِ وَالْحَاجِزُ بَيْنَهُمَا سَلِيمٌ فَجَائِفَتَانِ) ؛ لِأَنَّهُ جَرَحَهُ جُرْحَيْنِ نَافِذَيْنِ إلَى الْجَوْفِ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ بَيْنَهُمَا سَلِيمٌ فَجَائِفَةٌ وَاحِدَةٌ، وَهَذَا مَعْلُومٌ مِنْ صَدْرِ الْفَصْلِ (فَإِنْ جَرَحَتْ) أَيْ الْحَدِيدَةُ (عُضْوًا بَاطِنًا كَالْكَبِدِ زَادَ) مَعَ الْأَرْشِ اللَّازِمِ (حُكُومَةً) ، وَخَرَجَ بِقَوْلِهِ أَوَّلًا جَائِفَةُ غَيْرِهِ مَا لَوْ عَادَ الْجَانِي فَوَسَّعَ جَائِفَتَهُ أَوْ زَادَ فِي غَوْرِهَا، وَلَا يَزِيدُ الْوَاجِبَ، وَيَكُونُ كَمَا لَوْ أَجَافَ ابْتِدَاءً كَذَلِكَ (وَلَوْ أَدْخَلَ فِي دُبُرِهِ مَا خَرَقَ) بِهِ (جَائِفَةٌ فِي الْبَاطِنِ فَهَلْ هُوَ حَاجِزٌ) أَوْ لَا (وَجْهَانِ) قَالَ الرَّافِعِيُّ بِنَاءً عَلَى الْوَجْهَيْنِ فِي أَنَّ خَرْقَ الْحَاجِزِ بَيْنَ الْمُوضِحَتَيْنِ فِي الْبَاطِنِ هَلْ يَكُونُ كَخَرْقِ الظَّاهِرِ حَتَّى لَا يَلْزَمَ إلَّا أَرْشُ مُوضِحَةٍ وَاحِدَةٍ قَالَ فِي الْمُهِمَّاتِ، وَيُؤْخَذُ مِنْ الْبِنَاءِ الْمَذْكُورِ تَصْحِيحُ وُجُوبِ أَرْشِ الْجَائِفَةِ؛ لِأَنَّ الصَّحِيحَ فِي مَسْأَلَةِ الْمُوضِحَتَيْنِ أَنَّهُ لَا أَثَرَ لِبَقَاءِ الظَّاهِرِ حَتَّى تَرْجِعَ الْمُوضِحَتَانِ إلَى مُوضِحَةٍ.
(فَرْعٌ) لَوْ (خِيطَتْ جَائِفَةٌ فَنَزَعَ رَجُلٌ الْخَيْطَ) الَّذِي خِيطَتْ بِهِ (قَبْلَ الِالْتِحَامِ عُزِّرَ وَضَمِنَ الْخَيْطَ) إنْ تَلِفَ (وَالْخِيَاطَةُ) أَيْ أُجْرَةُ مِثْلِهَا، وَلَا أَرْشَ، وَلَا حُكُومَةَ (أَوْ) نَزَعَهُ (بَعْدَ الِالْتِحَامِ الظَّاهِرِ وَالْبَاطِنِ وَانْفَتَحَتْ) ، وَلَوْ مِنْ جَانِبٍ مِنْهَا (فَجَائِفَةٌ جَدِيدَةٌ أَوْ بَعْدَ الْتِحَامِ أَحَدِهِمَا) أَيْ الظَّاهِرِ دُونَ الْبَاطِنِ أَوْ عَكْسُهُ (فَحُكُومَةٌ) تَلْزَمُهُ دُونَ الْأَرْشِ إنْ لَمْ يُمْكِنْ التَّقْسِيطُ (وَيَضْمَنُ مَعَهَا الْخَيْطَ) إنْ تَلِفَ (لَا الْخِيَاطَةَ) لِدُخُولِهَا فِي الْحُكُومَةِ.
(الْقِسْمُ الثَّانِي إبَانَةُ الْأَطْرَافِ، وَمُقَدَّرُ الْبَدَلِ) مِنْ الْأَعْضَاءِ (سِتَّةَ عَشَرَ) عُضْوًا (فَمَا وَجَبَ فِيهِ الدِّيَةُ) مِنْهَا (وَهُوَ ثُنَائِيٌّ) كَالْيَدَيْنِ (فَفِي الْوَاحِدَةِ) مِنْهُ الْأَوْلَى الْوَاحِدُ (نِصْفُهَا أَوْ ثُلَاثِيٌّ) كَالْأَنْفِ (فَثُلُثُهَا أَوْ رُبَاعِيٌّ) كَالْأَجْفَانِ (فَرُبُعُهَا، وَفِي الْبَعْضِ) مِنْ كُلٍّ مِنْهَا (الْقِسْطُ) ؛ لِأَنَّ مَا وَجَبَ فِيهِ الدِّيَةُ وَجَبَ فِي بَعْضِهِ بِقِسْطِهِ (الْأَوَّلُ) مِنْ السِّتَّةَ عَشَرَ (الْأُذُنَانِ فَفِيهِمَا) قَطْعًا أَوْ قَلْعًا (الدِّيَةُ لِلسَّمِيعِ وَالْأَصَمِّ) بِنَاءً عَلَى أَنَّ السَّمْعَ لَا يَحِلُّهُمَا وَذَلِكَ لِمَا فِي خَبَرِ عَمْرِو بْنِ حَزْمٍ «، وَفِي الْأُذُنِ خَمْسُونَ مِنْ الْإِبِلِ» ، وَعَنْ عُمَرَ، وَعَلِيٍّ «فِي الْأُذُنَيْنِ الدِّيَةُ» ؛ وَلِأَنَّ فِيهِمَا مَعَ الْجَمَالِ مَنْفَعَتَيْنِ جَمْعُ الصَّوْتِ لِيَتَأَدَّى إلَى مَحَلِّ السَّمَاعِ، وَدَفْعُ الْهَوَامِّ؛ لِأَنَّ صَاحِبَهُمَا يَحُسُّ بِسَبَبِ مَعَاطِفِهِمَا بِدَبِيبِ الْهَوَامِّ فَيَطْرُدَهَا، وَهَذِهِ هِيَ الْمَنْفَعَةُ الْمُعْتَبَرَةُ فِي إيجَابِ الدِّيَةِ (وَكَذَا) تَجِبُ الدِّيَةُ (إذَا أَحْشَفَهُمَا) أَيْ أَيْبَسَهُمَا كَمَا لَوْ أَشَلَّ يَدَهُ؛ وَلِأَنَّهُ أَذْهَبَ الْإِحْسَاسَ الَّذِي يَدْفَعُ بِهِ الْهَوَامَّ.
(وَإِذَا قَطَعَ أُذُنًا مُسْتَحْشِفَةً فَحُكُومَةٌ) تَلْزَمُهُ كَمَنْ قَطَعَ يَدًا شَلَّاءَ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: وَقَضِيَّتُهُ أَنْ لَا قِصَاصَ بِقَطْعِهَا لَكِنْ مَرَّ أَنَّ الْأُذُنَ الصَّحِيحَةَ تُقْطَعُ بِالْمُسْتَحْشِفَةِ وَالْجَمْعُ بَيْنَ جَرَيَانِ الْقِصَاصِ فِيهَا، وَعَدَمِ تَكْمِيلِ الدِّيَةِ مِمَّا لَا يُعْقَلُ فَالرَّاجِحُ وُجُوبُ الدِّيَةِ، وَهُوَ مَا عَزَاهُ الْمَرْوَزِيِّ إلَى الْجَدِيدِ. انْتَهَى. وَقَدْ يُجَابُ بِأَنَّهُ لَا تَلَازُمَ بَيْنَ وُجُوبِ الْقِصَاصِ وَوُجُوبِ الدِّيَةِ (وَإِنْ
ــ
[حاشية الرملي الكبير]
(قَوْلُهُ: وَهُوَ كَمَا قَالَ الزَّرْكَشِيُّ) كَالْأَذْرَعِيِّ (قَوْلُهُ: فَإِنْ جَعَلْنَاهُ مُؤَثِّرًا)، وَهُوَ الصَّحِيحُ (قَوْلُهُ: فَعَلَيْهِ أَرْشٌ ثَالِثٌ) ، وَهَذَا هُوَ الْأَصَحُّ
[فَصْلٌ الْجَائِفَةُ حُكْمهَا فِي التَّعَدُّد وَالِاتِّحَاد فِي الدِّيَة]
(قَوْلُهُ: الْجَائِفَةُ كَالْمُوضِحَةِ فِي الِاتِّحَادِ وَالتَّعَدُّدِ) لِمَا رُوِيَ أَنَّ أَبَا بَكْرٍ قَضَى عَلَى رَجُلٍ رَمَى رَجُلًا بِسَهْمٍ فَأَنْفَذَهُ بِثُلُثَيْ الدِّيَةِ وَنَقَلَ ابْنُ الْمُنْذِرِ فِيهِ الْإِجْمَاعَ (قَوْلُهُ: وَلَوْ نَفَذَتْ الْجَائِفَةُ مِنْ الْجَانِبِ الْآخَرِ) بِأَنْ نَفَذَتْ فِي بَطْنِهِ وَخَرَجَتْ مِنْ ظَهْرِهِ مَعَ أَنَّ الْخَارِجَةَ لَيْسَتْ دَاخِلَةً إلَى الْجَوْفِ بَلْ نَفَذَتْ مِنْ الْبَاطِنِ إلَى الظَّاهِرِ (قَوْلُهُ: كَخَرْقِ الظَّاهِرِ) أَيْ مَعَ الْبَاطِنِ (قَوْلُهُ: قَالَ فِي الْمُهِمَّاتِ وَيُؤْخَذُ مِنْ الْبِنَاءِ إلَخْ) قَالَ ابْنُ قَاضِي عَجْلُونٍ فِي تَصْحِيحِهِ وَكَانَ الْإِسْنَوِيُّ حَمَلَ مَسْأَلَةَ الْمُوضِحَتَيْنِ الْمَبْنِيَّ عَلَيْهَا عَلَى مَسْأَلَةِ الْمِنْهَاجِ لَا عَلَى مَسْأَلَةِ الْوَجْهَيْنِ السَّابِقَةِ فَتَأَمَّلْهُ. اهـ. مَا قَالَهُ فِي الْمُهِمَّاتِ صَحِيحٌ فَإِنَّ النَّوَوِيَّ صَحَّحَ فِي مَسْأَلَةِ الْوَجْهَيْنِ فِي تَصْحِيحِ التَّنْبِيهِ الِاتِّحَادَ.
[فَرْعٌ خِيطَتْ جَائِفَةٌ فَنَزَعَ رَجُلٌ الْخَيْطَ الَّذِي خِيطَتْ بِهِ قَبْلَ الِالْتِحَامِ]
(قَوْلُهُ: جَمْعِ الصَّوْتِ) أَيْ، وَمَنْعِ دُخُولِ الْمَاءِ (قَوْلُهُ: قَالَ الزَّرْكَشِيُّ) أَيْ وَغَيْرُهُ
قَطَعَهُمَا بِإِيضَاحِ) الْعَظْمِ (فَدِيَةٌ، وَمُوضِحَتَانِ) أَيْ أَرْشُهُمَا، وَلَا يَتْبَعَانِ الدِّيَةَ إذْ لَا يَتْبَعُ مُقَدَّرٌ مُقَدَّرًا.
(الْعُضْوُ الثَّانِي الْعَيْنَانِ فَفِيهِمَا) أَيْ فِي فَقْئِهِمَا (الدِّيَةُ، وَإِنْ كَانَ أَعْمَشَ أَوْ أَخْفَشَ أَوْ أَعْشَى كَالْقِصَاصِ) ؛ وَلِأَنَّ الْمَنْفَعَةَ بَاقِيَةٌ فِي أَعْيُنِ هَؤُلَاءِ، وَمِقْدَارُ الْمَنْفَعَةِ لَا يُنْظَرُ إلَيْهِ، وَفِي خَبَرِ عَمْرِو بْنِ حَزْمٍ «فِي الْعَيْنِ خَمْسُونَ مِنْ الْإِبِلِ» رَوَاهُ مَالِكٌ وَرَوَى النَّسَائِيّ وَابْنُ حِبَّانَ وَالْحَاكِمُ «فِي الْعَيْنَيْنِ الدِّيَةُ» ؛ وَلِأَنَّهُمَا أَعْظَمُ الْجَوَارِحِ نَفْعًا، وَأَجَلُّ الْحَوَاسِّ قَدْرًا وَالْأَعْمَشُ ضَعِيفُ الرُّؤْيَةِ مَعَ سَيَلَانِ الدَّمْعِ غَالِبًا وَتَقَدَّمَ تَفْسِيرُ الْأَخْفَشِ وَالْأَعْشَى فِي بَابِ خِيَارِ النَّقْصِ (وَكَذَا بَيَاضٌ لَا يُنْقِصُ الضَّوْءَ) فَتَجِبُ مَعَهُ الدِّيَةُ كَمَا تَجِبُ فِي الْيَدِ وَالرِّجْلِ مَعَ الثَّآلِيلِ (فَإِنْ نَقَصَ) الضَّوْءُ (وَانْضَبَطَ) النَّقْصُ بِالِاعْتِبَارِ بِالصَّحِيحَةِ الَّتِي لَا بَيَاضَ فِيهَا (فَقِسْطٌ) مِنْ الدِّيَةِ يَلْزَمُ (وَإِلَّا فَحُكُومَةٌ) ، وَفَرَّقَ بَيْنَهُ، وَبَيْنَ عَيْنِ الْأَعْمَشِ بِأَنَّ الْبَيَاضَ نَقْصُ الضَّوْءِ الَّذِي كَانَ فِي أَصْلِ الْخِلْقَةِ، وَعَيْنُ الْأَعْمَشِ لَمْ يَنْقُصْ ضَوْءُهَا عَمَّا كَانَ فِي الْأَصْلِ قَالَهُ الرَّافِعِيُّ، وَيُؤْخَذُ مِنْهُ كَمَا قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَغَيْرُهُ أَنَّ الْعُمْشَ لَوْ تَوَلَّدَ مِنْ آفَةٍ أَوْ جِنَايَةٍ لَا تَكْمُلُ فِيهِ الدِّيَةُ.
(الْعُضْوُ الثَّالِثُ: الْأَجْفَانُ فَفِي قَطْعِهِمَا أَوْ إحْشَافِهِمَا) الْأَوْلَى فَفِي قَطْعِهَا، وَإِحْشَافِهَا (الدِّيَةُ) ، وَلَوْ كَانَتْ لِأَعْمَى؛ لِأَنَّ فِيهَا جَمَالًا، وَمَنْفَعَةً (وَ) فِي قَطْعِهَا أَوْ إحْشَافِهَا (مَعَ) فَقْءِ (الْعَيْنَيْنِ دِيَتَانِ، وَفِي) قَطْعِ الْجَفْنِ (الْمُسْتَحْشِفِ حُكُومَةٌ، وَكَذَا الْأَهْدَابُ، وَ) سَائِرُ (الشُّعُورِ) كَشَعْرِ الرَّأْسِ وَاللِّحْيَةِ تَجِبُ فِي قَطْعِهَا حُكُومَةٌ (إنْ فَسَدَ الْمَنْبَتُ) لَا دِيَةٌ؛ لِأَنَّ الْفَائِتَ بِقَطْعِهَا الزِّينَةُ وَالْجَمَالُ دُونَ الْمَقَاصِدِ الْأَصْلِيَّةِ (وَإِلَّا فَالتَّعْزِيرُ وَتَدْخُلُ حُكُومَةُ الْأَهْدَابِ فِي دِيَةِ الْأَجْفَانِ) كَمَا تَدْخُلُ حُكُومَةُ الْكَفِّ فِي دِيَةِ الْأَصَابِعِ، وَكَمَا أَنَّ شَعْرَ السَّاعِدِ وَالسَّاقِ، وَمَحَلُّ الْمُوضِحَةِ لَا يُفْرَدُ بِحُكُومَةِ الْعُضْوِ.
(الرَّابِعُ: الْأَنْفُ فَفِي) قَطْعِ (الْمَارِنِ) وَهُوَ مَا لَانَ مِنْ الْأَنْفِ (الدِّيَةُ) كَمَا جَاءَ فِي خَبَرِ عَمْرِو بْنِ حَزْمٍ؛ وَلِأَنَّ فِيهِ جَمَالًا، وَمَنْفَعَةً (وَهُوَ) أَيْ الْمَارِنُ (الْمَنْخِرَانِ وَالْحَاجِزُ بَيْنَهُمَا وَالْأَخْشَمُ) فِي ذَلِكَ (كَغَيْرِهِ) ؛ لِأَنَّ الشَّمَّ لَيْسَ فِي الْأَنْفِ (، وَفِي) قَطْعِ (بَاقِي الْمَقْطُوعِ) مِنْ الْمَارِنِ بِجِنَايَةٍ أَوْ غَيْرِهَا (وَلَوْ بِجُذَامٍ قِسْطُهُ) مِنْ الدِّيَةِ بِالْمِسَاحَةِ، وَهَذَا عُلِمَ مِنْ صَدْرِ هَذَا الْقِسْمِ (وَإِحْشَافُهَا) أَيْ الْمَنْخِرَيْنِ وَالْحَاجِزُ بَيْنَهُمَا (كَالْأُذُنِ) أَيْ كَإِحْشَافِهَا فَفِيهَا الدِّيَةُ لِإِبْطَالِ مَنْفَعَتِهَا (وَفِي الشَّقِّ) لِلْمَارِنِ إذَا لَمْ يَذْهَبْ مِنْهُ شَيْءٌ (حُكُومَةٌ، وَإِنْ لَمْ يَلْتَئِمْ فَإِنْ تَآكَلَ) بِالشَّقِّ بِأَنْ ذَهَبَ بَعْضُهُ (فَقِسْطُهُ مِنْ الدِّيَةِ) وَاجِبٌ (، وَقَاطِعُ الْقَصَبَةِ مُنَقِّلٌ) فَفِي قَطْعِهَا وَحْدَهَا دِيَةُ مُنَقِّلَةٍ (فَلَوْ قَطَعَهَا مَعَ الْمَارِنِ تَبِعَتْهُ فِي الدِّيَةِ) كَذَا رَجَّحَهُ فِي أَصْلِ الرَّوْضَةِ وَنَقَلَ الرَّافِعِيُّ تَرْجِيحَهُ عَنْ الْإِمَامِ قَالَ الْإِسْنَوِيُّ وَغَيْرُهُ، وَهُوَ خِلَافُ نَصِّ الْأُمِّ مِنْ وُجُوبِ الْحُكُومَةِ مَعَ الدِّيَةِ قَالَ الْإِسْنَوِيُّ: وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى. (وَفِي قَصَبَةٍ كُسِرَتْ وَانْجَبَرَتْ) بَعْدَ كَسْرِهَا بِلَا تَعَوُّجٍ (حُكُومَةٌ، وَمَعَ التَّعَوُّجِ تَكْثُرُ) الْحُكُومَةُ.
(الْعُضْوُ الْخَامِسُ: الشَّفَتَانِ فَفِي قَطْعِهِمَا، وَإِشْلَالِهِمَا الدِّيَةُ) كَمَا جَاءَ فِي خَبَرِ عَمْرِو بْنِ حَزْمٍ؛ وَلِأَنَّ فِيهِمَا جَمَالًا، وَمَنْفَعَةً سَوَاءٌ أَكَانَتَا غَلِيظَتَيْنِ أَمْ رَقِيقَتَيْنِ كَبِيرَتَيْنِ أَمْ صَغِيرَتَيْنِ (وَهُمَا السَّاتِرَانِ لِلِّثَةِ وَلِلْأَسْنَانِ فِي جَانِبَيْ الْفَمِ) وَتَحْرِيرُهُ أَنَّهُمَا فِي عَرْضِ الْوَجْهِ إلَى الشِّدْقَيْنِ، وَفِي طُولِهِ إلَى مَا يَسْتُرُ اللِّثَةَ، وَهِيَ اللَّحْمُ حَوْلَ الْأَسْنَانِ (وَهَلْ يَسْقُطُ مَعَهُمَا) أَيْ مَعَ قَطْعِهِمَا (حُكُومَةُ الشَّارِبِ) أَوْ لَا (وَجْهَانِ) أَوْجَهُهُمَا الْأَوَّلُ كَمَا فِي الْأَهْدَابِ مَعَ الْأَجْفَانِ (، وَفِي شَقِّهِمَا بِلَا إبَانَةٍ حُكُومَةُ) ، وَكَذَا فِي الشَّفَةِ الشَّلَّاءِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ (وَلَوْ قَطَعَ) شَفَةً (مَشْقُوقَةً فَدِيَتُهَا) وَاجِبَةٌ (لَا حُكُومَةُ الشَّقِّ، وَإِنْ قَطَعَ بَعْضَهُمَا فَتَقَلَّصَا) أَيْ الْبَعْضَانِ الْبَاقِيَانِ (وَبَقِيَا كَمَقْطُوعِ الْجَمِيعِ فَهَلْ تَكْمُلُ الدِّيَةُ) أَوْ يَتَوَزَّعُ عَلَى الْمَقْطُوعِ وَالْبَاقِي (وَجْهَانِ) أَوْجَهُهُمَا الثَّانِي وَنَصُّ الْأُمِّ يَقْتَضِيهِ، وَكَذَا كَلَامُ الرَّافِعِيِّ عَلَى قَطْعِ الْأَجْفَانِ وَصَرَّحَ بِتَصْحِيحِهِ فِي الْأَنْوَارِ.
الْعُضْوُ (السَّادِسُ اللِّسَانُ، وَفِيهِ الدِّيَةُ) لِمَا مَرَّ وَ (الْأَلْكَنُ وَالْأَرَتُّ وَالْأَلْثَغُ وَالْمَوْلُودُ) أَيْ كُلٌّ مِنْهُمْ (كَغَيْرِهِ) كَضَعِيفِ الْبَطْشِ (فَإِنْ بَلَغَ الْمَوْلُودُ النُّطْقَ وَالتَّحْرِيكَ) أَيْ أَوَانَهُمَا (وَلَمْ يُوجَدَا) مِنْهُ (فَحُكُومَةٌ) لَا دِيَةٌ لِإِشْعَارِ الْحَالِ بِعَجْزِهِ (وَإِنْ لَمْ يَبْلُغْهُ) يَعْنِي أَوَانَ النُّطْقِ (فَدِيَةٌ) أَخْذًا بِظَاهِرِ السَّلَامَةِ كَمَا تَجِبُ الدِّيَةُ فِي رِجْلِهِ، وَيَدِهِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِي الْحَالِ مَشْيٌ، وَلَا بَطْشٌ، وَهَذَا عُلِمَ مِنْ قَوْلِهِ وَالْمَوْلُودُ كَغَيْرِهِ (فَإِنْ أُخِذَتْ الْحُكُومَةُ لِقَطْعِ بَعْضِهِ) أَيْ بَعْضِ لِسَانِهِ لِأَمْرٍ اقْتَضَى إيجَابَهَا (ثُمَّ نَطَقَ بِبَعْضِ الْحُرُوفِ) ، وَعَرَفْنَا سَلَامَةَ لِسَانِهِ (وَجَبَ تَمَامُ قِسْطِ
ــ
[حاشية الرملي الكبير]
(قَوْلُهُ: وَمِقْدَارُ الْمَنْفَعَةِ لَا يُنْظَرُ إلَيْهِ) كَمَا لَا نَظَرَ لِقُوَّةِ الْبَطْشِ وَالْمَشْيِ وَضَعْفِهِمَا
(قَوْلُهُ: فَفِي الْمَارِنِ الدِّيَةُ) قَالَ الْجُرْجَانِيُّ فِي الشَّافِي، وَلَوْ قَطَعَ مَارِنَهُ وَبَقِيَ مُعَلَّقًا بِجِلْدَةٍ رَقِيقَةٍ فَرَدَّهُ فَالْتَصَقَ فَفِيهِ حُكُومَةٌ؛ لِأَنَّ الْإِبَانَةَ لَمْ تُوجَدْ وَالرَّدُّ مُبَاحٌ بِخِلَافِ مَا لَوْ أَبَانَهُ فَرَدَّهُ فِي الْأَمْرَيْنِ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: وَتَحْرِيمُ الرَّدِّ بِنَاءً عَلَى نَجَاسَةِ الْعُضْوِ الْمُنْفَصِلِ كَمَا هُوَ طَرِيقَةُ الْعِرَاقِيِّينَ وَبِهِ صَرَّحَ الْمَاوَرْدِيُّ قَالَ، وَلَوْ أَلْصَقَهُ الْمُقْتَصُّ مِنْهُ حَتَّى الْتَحَمَ أُخِذَ بِقَطْعِهِ إنْ كَانَ قَبْلَ انْفِصَالِهِ فِي حَقِّ الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ، وَإِلَّا فَفِي حَقِّ اللَّهِ تَعَالَى (قَوْلُهُ: فَلَوْ قَطَعَهَا مَعَ الْمَارِنِ تَبِعَتْهُ فِي الدِّيَةِ) كَالْكَفِّ مَعَ الْأَصَابِعِ وَالْأَطْرَافِ مَعَ النَّفْسِ
(قَوْلُهُ: وَتَحْرِيرُهُ أَنَّهُمَا فِي عَرْضِ الْوَجْهِ إلَى الشِّدْقَيْنِ إلَخْ) وَكَذَا عَبَّرَ بِهِ فِي بَعْضِ نُسَخِ الْمِنْهَاجِ وَكَذَا قَالَهُ فِي الْمُحَرَّرِ، وَعَنْ نُسْخَةِ الْمُصَنِّفِ أَنَّهُ ذَكَرَهَا ثُمَّ ضَرَبَ عَلَيْهَا (قَوْلُهُ: أَوْجَهُهُمَا الْأَوَّلُ إلَخْ) هُوَ الْأَصَحُّ (قَوْلُهُ: أَوْجَهُهُمَا الثَّانِي) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ.
(قَوْلُهُ: السَّادِسُ اللِّسَانُ، وَفِيهِ الدِّيَةُ) شَمِلَ مَا لَوْ كَانَ نَاطِقًا فَاقِدَ الذَّوْقِ، وَإِنْ قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: إنَّ فِيهِ الْحُكُومَةَ كَالْأَخْرَسِ، وَلَوْ قُطِعَ لِسَانُهُ فَذَهَبَ كَلَامُهُ، وَذَوْقُهُ لَزِمَهُ دِيَتَانِ (قَوْلُهُ: أَيْ أَوَانَهُمَا) قَالَ الْبُلْقِينِيُّ: وَقْتَ التَّحْرِيكِ هُوَ مَا بَعْدَ الْوِلَادَةِ فِي الزَّمَنِ الْقَرِيبِ مِنْهَا الَّذِي يُحَرِّكُ الْمَوْلُودُ فِيهِ لِسَانَهُ لِبُكَاءٍ، وَمَصٍّ وَنَحْوِهِمَا (قَوْلُهُ: وَهَذَا قَدْ عُلِمَ مِنْ قَوْلِهِ، وَالْمَوْلُودُ كَغَيْرِهِ) ذَكَرَ فِي الْمُحَرَّرِ كَالْوَجِيزِ أَنَّهُ تَجِبُ الدِّيَةُ مُطْلَقًا وَحَكَى الْإِمَامُ قَطْعَ الْأَصْحَابِ بِهِ
دِيَتِهِ، وَفِي) قَطْعِ لِسَانٍ (الْأَخْرَسِ) ، وَلَوْ كَانَ خَرَسُهُ عَارِضًا (حُكُومَةٌ، وَإِنْ فَقَدَ) الْأَخْرَسُ (الذَّوْقَ) بِقَطْعِ لِسَانِهِ (فَدِيَةٌ) تَجِبُ لَا حُكُومَةٌ (وَ) اللِّسَانُ (ذُو الطَّرَفَيْنِ إنْ اسْتَوَيَا) خِلْقَةً (فَلِسَانٌ) مَشْقُوقٌ فَيَجِبُ بِقَطْعِهِمَا الدِّيَةُ، وَبِقَطْعِ أَحَدِهِمَا قِسْطُهُ مِنْهَا (وَإِلَّا) بِأَنْ كَانَ أَحَدُهُمَا أَصْلِيًّا وَالْآخَرُ زَائِدًا (فَلِلزَّائِدِ) أَيْ لِقَطْعِهِ (حُكُومَةٌ دُونَ قِسْطِ قَدْرِهِ مِنْ) لِسَانٍ (أَصْلِيٍّ) مِنْ ثُلُثٍ وَرُبُعٍ وَنَحْوِهِمَا وَلِقَطْعِ الْأَصْلِيِّ دِيَةٌ (وَفِي) قَطْعِ (اللِّهَاتِ) قَالَ الْجَوْهَرِيُّ، وَهِيَ الْهَنَةُ الْمُطْبَقَةُ فِي أَقْصَى سَقْفِ الْفَمِ (حُكُومَةٌ) .
الْعُضْوُ (السَّابِعُ الْأَسْنَانُ، وَفِي كُلِّ سِنٍّ أَصْلِيَّةٍ تَامَّةٍ مَثْغُورَةٍ غَيْرِ مُتَقَلْقِلَةٍ) صَغِيرَةٍ أَوْ كَبِيرَةٍ (لِذَكَرٍ حُرٍّ مُسْلِمٍ خَمْسَةُ أَبْعِرَةٍ) كَمَا جَاءَ فِي خَبَرِ عَمْرِو بْنِ حَزْمٍ، وَلَا فَرْقَ بَيْنَ الضِّرْسِ وَالثَّنِيَّةِ لِدُخُولِهِمَا فِي لَفْظِ السِّنِّ، وَإِنْ انْفَرَدَ كُلٌّ مِنْهُمَا بِاسْمٍ كَالْخِنْصَرِ وَالسَّبَّابَةِ وَالْوُسْطَى فِي الْأَصَابِعِ (فَفِي الشَّاغِيَةِ) أَيْ الزَّائِدَةِ الَّتِي يُخَالِفُ نَبْتَتُهَا نَبْتَةَ غَيْرِهَا مِنْ الْأَسْنَانِ (حُكُومَةٌ) لَا دِيَةٌ كَالْأُصْبُعِ الزَّائِدَةِ (، وَيُعَزَّرُ قَالِعُ) سِنٍّ (مُتَّخَذَةٍ مِنْ ذَهَبٍ، وَعَظْمٍ) وَغَيْرِهِمَا مِنْ غَيْرِ دِيَةٍ، وَلَا حُكُومَةٍ (وَإِنْ تَشَبَّثَتْ بِاللَّحْمِ) وَاسْتَعَدَّتْ لِلْمَضْغِ وَالْقَطْعِ؛ لِأَنَّهَا مُلْحَقَةٌ، وَلَيْسَتْ جُزْءًا مِنْ الشَّخْصِ (وَتَكْمُلُ الدِّيَةُ) لِلسِّنِّ (بِكَسْرِ الظَّاهِرِ) مِنْهَا (خِلْقَةً) ، وَإِنْ بَقِيَ السِّنْخُ بِحَالِهِ؛ لِأَنَّ السِّنَّ اسْمٌ لِلظَّاهِرِ وَالْمُسْتَتِرِ بِاللَّحْمِ يُسَمَّى سِنْخًا؛ وَلِأَنَّ الْجَمَالَ وَالْمَنْفَعَةَ مِنْ الْعَضِّ وَالْمَضْغِ وَجَمْعِ الرِّيقِ يَتَعَلَّقَانِ بِالظَّاهِرِ، وَمَنْفَعَةُ الْمُسْتَتِرِ حَمْلُ الظَّاهِرِ، وَحِفْظُهُ، وَهُوَ مَعَ الظَّاهِرِ كَالْكَفِّ مَعَ الْأَصَابِعِ (وَعَلَيْهِ) أَيْ الظَّاهِرِ (التَّوْزِيعُ) ؛ لِأَنَّا نُوجِبُ فِيهِ تَمَامَ الْأَرْشِ فَلَوْ قُطِعَ بَعْضُهُ فَعَلَيْهِ قِسْطُهُ مِنْ الْأَرْشِ، وَيُنْسَبُ الْمَقْطُوعُ إلَى الظَّاهِرِ دُونَ السِّنْخِ (وَكَذَا) يُوَزَّعُ (عَلَى الْحَشَفَةِ وَالْحَلَمَةِ وَالْمَارِنِ) فِيمَا إذَا قُطِعَ بَعْضُهَا لَا عَلَى جَمِيعِ الذَّكَرِ وَالثَّدْيِ وَالْأَنْفِ.
(وَأَمَّا السِّنْخُ) بِكَسْرِ الْمُهْمَلَةِ وَسُكُونِ النُّونِ، وَإِعْجَامِ الْخَاءِ، وَيُقَالُ بِالْجِيمِ، وَهُوَ أَصْلُ السِّنِّ الْمُسْتَتِرُ بِاللَّحْمِ كَمَا مَرَّ (فَتَابِعٌ) لَهَا (إنْ قُلِعَتْ) فَتَنْدَرِجُ حُكُومَةٌ فِي دِيَتِهَا كَمَا تَنْدَرِجُ حُكُومَةُ الْكَفِّ فِي دِيَةِ الْأَصَابِعِ (وَإِنْ بَرَزَ بَعْضُهُ) أَيْ السِّنْخِ (لِحَفْرٍ) أَصَابَ اللِّثَةَ؛ لِأَنَّ بُرُوزَهُ عَارِضٌ (فَإِنْ كَسَرَهَا) أَيْ السِّنَّ (ثُمَّ قَلَعَهُ) أَيْ السِّنْخَ هُوَ أَوْ غَيْرُهُ (وَلَوْ قَبْلَ الِانْدِمَالِ فَدِيَةٌ، وَحُكُومَةٌ) لِتَعَدُّدِ الْجِنَايَةِ (وَإِنْ كَسَرَ نِصْفَهَا الظَّاهِرَ عَرْضًا ثُمَّ قَلَعَ) شَخْصٌ (آخَرُ الْبَاقِيَ مَعَ السِّنْخِ دَخَلَتْ الْحُكُومَةُ) لِلسِّنْخِ (فِي الْأَرْشِ) لِلْبَاقِي مِنْ السِّنِّ (أَوْ) كَسَرَهُ (طُولًا) ثُمَّ قَلَعَ آخَرُ الْبَاقِيَ مَعَ السِّنْخِ (لَزِمَهُ حُكُومَةُ سِنْخِ) الْمَكْسُورِ كَمَا مَرَّ فِيمَا إذَا قَطَعَ كَفًّا عَلَيْهَا بَعْضُ الْأَصَابِعِ دُونَ بَعْضٍ وَسِنْخُ الْبَاقِي يَدْخُلُ فِي أَرْشِهِ (وَإِنْ قَلَعَهَا فَتَعَلَّقَتْ بِعِرْقٍ فَأَعَادَهَا) عِبَارَةُ الْأَصْلِ ثُمَّ عَادَتْ (وَثَبَتَتْ فَحُكُومَةٌ) تَلْزَمُهُ لَا دِيَةٌ؛ لِأَنَّهَا إنَّمَا تَجِبُ بِالْإِبَانَةِ، وَلَمْ تُوجَدْ.
(وَإِنْ كَسَرَ سِنًّا مَكْسُورَةً) وَاخْتَلَفَ هُوَ وَصَاحِبُهَا فِي قَدْرِ الْفَائِتِ (صُدِّقَ صَاحِبُهَا فِي قَدْرِ الْفَائِتِ) بِيَمِينِهِ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ فَوَاتِ الزَّائِدِ (لَوْ) كَسَرَ سِنًّا (صَحِيحَةً) وَاخْتَلَفَ هُوَ وَصَاحِبُهَا فِي قَدْرِ مَا كُسِرَ مِنْهَا (صُدِّقَ الْجَانِي فِي قَدْرِ مَا كُسِرَ) بِيَمِينِهِ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ بَرَاءَةُ ذِمَّتِهِ (وَتَنْقُصُ) الدِّيَةُ (لِصِغَرٍ شَائِنٍ فِي بَعْضِ الْأَسْنَانِ) بِحَسَبِ نُقْصَانِ السِّنِّ (كَمُسَاوَاةِ الثَّنِيَّتَيْنِ لِلرُّبَاعِيَّتَيْنِ) بِفَتْحِ الرَّاءِ وَتَخْفِيفِ الْيَاءِ (أَوْ نَقْصِهِمَا عَنْهُمَا) ؛ لِأَنَّ الْغَالِبَ أَنَّ الثَّنَايَا أَطْوَلُ مِنْ الرَّبَاعِيَاتِ، وَقِيلَ تَجِبُ الدِّيَةُ كَامِلَةً فِي الثَّنِيَّتَيْنِ وَالتَّصْرِيحُ بِالتَّقْيِيدِ بِالشَّاهِدَيْنِ، وَبِالتَّرْجِيحِ مِنْ زِيَادَتِهِ.
(وَلَا دِيَةَ فِي) سِنٍّ (غَيْرِ مَثْغُورَةٍ قَبْلَ الْعِلْمِ بِفَسَادِ الْمَنْبَتِ) ؛ لِأَنَّ الْغَالِبَ عَوْدُهَا فَهِيَ كَالشَّعْرِ يُحْلَقُ (وَلَوْ مَاتَ قَبْلَهُ) أَيْ قَبْلَ الْعِلْمِ بِذَلِكَ (أَوْ قَبْلَ تَمَامِ نَبَاتِهَا فَحُكُومَةٌ) تَجِبُ، وَإِنْ لَمْ يَبْقَ شَيْنٌ لِمَا حَصَلَ مِنْ الْأَلَمِ، وَكَمَا يَجِبُ بِتَقْدِيرِ الْعَوْدِ، وَإِنْ لَمْ يَبْقَ شَيْنٌ بِأَنْ تُقَدَّرَ الْجِنَايَةُ فِي حَالِ كَوْنِهَا دَامِيَةً كَمَا سَيَأْتِي أَمَّا بَعْدَ الْعِلْمِ بِالْفَسَادِ فَتَجِبُ الدِّيَةُ كَمَا يَجِبُ الْقِصَاصُ (وَإِنْ قَلَعَهَا قَبْلَ التَّمَامِ) لِنَبَاتِهَا (آخَرُ اُنْتُظِرَتْ فَإِنْ لَمْ تَنْبُتْ فَالدِّيَةُ عَلَى الْآخَرِ، وَإِلَّا فَحُكُومَةٌ أَكْثَرُ مِنْ الْحُكُومَةِ الْأُولَى، وَإِنْ أَفْسَدَ مَنْبَتَ غَيْرِ الْمَثْغُورَةِ آخَرُ) بَعْدَ قَلْعِ غَيْرِهِ لَهَا (فَعَلَيْهِ حُكُومَةٌ، وَفِي إلْزَامِ الْأَوَّلِ الْأَرْشَ تَرَدُّدٌ) أَيْ احْتِمَالَانِ لِلْإِمَامِ وَالظَّاهِرُ مِنْهُمَا كَمَا فِي الْبَسِيطِ الْمَنْعُ وَالِاقْتِصَارُ عَلَى حُكُومَةٍ
ــ
[حاشية الرملي الكبير]
قَوْلُهُ: وَفِي قَطْعِ لِسَانِ الْأَخْرَسِ حُكُومَةٌ) قَالَ الرَّافِعِيُّ وَالنَّوَوِيُّ: لَوْ تَعَذَّرَ النُّطْقُ لَا لِخَلَلٍ فِي اللِّسَانِ، وَلَكِنَّهُ وُلِدَ أَصَمَّ فَلَمْ يُحْسِنْ الْكَلَامَ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَسْمَعْ شَيْئًا فَهَلْ تَجِبُ فِيهِ الدِّيَةُ أَوْ الْحُكُومَةُ فِيهِ، وَجْهَانِ يَجِيءُ ذِكْرُهُمَا قَالَ الْأَذْرَعِيُّ ثُمَّ لَمْ أَرَهُمَا ذَكَرَا شَيْئًا، وَقَالَ الزَّرْكَشِيُّ أَصَحُّهُمَا الثَّانِي. اهـ. أَيْ؛ وَلِأَنَّ الْمَنْفَعَةَ الْمُعْتَبَرَةَ فِي اللِّسَانِ النُّطْقُ، وَهُوَ مَيْئُوسٌ مِنْ الْأَصَمِّ، وَالصَّبِيُّ إنَّمَا يَنْطِقُ بِمَا يَسْمَعُهُ فَإِذَا لَمْ يَسْمَعْ، وَلَمْ يَنْطِقْ، وَجَزَمَ فِي الْأَنْوَارِ بِالْأَوَّلِ وَكَتَبَ أَيْضًا شَمِلَ مَنْ تَعَذَّرَ نُطْقُهُ لَا لِخَلَلٍ فِي لِسَانِهِ بَلْ لِكَوْنِهِ وُلِدَ أَصَمَّ فَلَمْ يُحْسِنْ الْكَلَامَ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَسْمَعْ شَيْئًا، وَهُوَ أَحَدُ، وَجْهَيْنِ فِي الرَّوْضَةِ، وَأَصْلِهَا رَجَّحَهُ الْأَذْرَعِيُّ وَالزَّرْكَشِيُّ وَغَيْرُهُمَا، وَجَزَمَ صَاحِبُ الْأَنْوَارِ بِمُقَابِلِهِ، وَهُوَ وُجُوبُ الدِّيَةِ.
(قَوْلُهُ: وَفِي كُلِّ سِنٍّ أَصْلِيَّةٍ إلَخْ) فَفِيهَا نِصْفُ عُشْرِ دِيَةِ صَاحِبِهَا شَمِلَ مَا لَوْ ذَهَبَتْ حِدَّتُهَا حَتَّى كَلَّتْ بِمُرُورِ الزَّمَانِ (قَوْلُهُ: وَتَنْقُصُ الدِّيَةُ لِصِغَرِ سِنٍّ فِي بَعْضِ الْأَسْنَانِ إلَخْ) قَالَ فِي الْبَيَانِ، وَإِنْ كَانَ بَعْضُ الْأَضْرَاسِ طِوَالًا وَبَعْضُهَا قِصَارًا أَوْ بَعْضُ الرَّبَاعِيَاتِ طِوَالًا وَبَعْضُهَا قِصَارًا قَالَ الشَّافِعِيُّ فَإِنْ كَانَ النُّقْصَانُ قَرِيبًا فَفِي كُلِّ سِنٍّ دِيَتُهَا؛ لِأَنَّ هَذَا مِنْ خِلْقَةِ الْأَصْلِ، وَإِنْ كَانَ النُّقْصَانُ كَثِيرًا فَفِيهَا بِقِسْطِهَا مِنْ الدِّيَةِ فَإِنْ كَانَتْ الْقَصِيرَةُ نِصْفَ الطَّوِيلَةِ فَفِيهَا نِصْفُ الدِّيَةِ، وَإِنْ كَانَتْ ثُلُثَيْهَا فَفِيهَا ثُلُثَا الدِّيَةِ؛ لِأَنَّ هَذَا النَّقْصَ لَا يَكُونُ إلَّا مِنْ سَبَبِ مَرَضٍ أَوْ غَيْرِهِ (قَوْلُهُ: أَوْ نَقْصِهِمَا عَنْهُمَا) وَنَقْصِ إحْدَى الثِّنْتَيْنِ عَنْ أُخْتِهَا (قَوْلُهُ: وَالتَّصْرِيحُ بِالتَّقْيِيدِ بِالشَّائِنِ إلَخْ) خَرَجَ بِهِ مَا إذَا كَانَتْ مَنْفَعَتُهَا بَاقِيَةً فَإِنَّ دِيَتَهَا كَدِيَةِ غَيْرِهَا (قَوْلُهُ: وَالظَّاهِرُ مِنْهُمَا كَمَا فِي الْبَسِيطِ إلَخْ) الْمَنْعُ هُوَ الرَّاجِحُ إذْ لَمْ يُقْلِعْ سِنًّا بِمُجَرَّدِ الْإِفْسَادِ، وَلَا عَلَيْهِمَا إذْ لَا مُنَاسَبَةَ بَيْنَ جِنَايَتَيْهِمَا (قَوْلُهُ: وَالِاقْتِصَارُ عَلَى حُكُومَةٍ) هُوَ الْأَصَحُّ