الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ذَلِكَ فَعَلَيْهِ الْقِصَاصُ أَوْ الدِّيَةُ كَذَا ذَكَرَهُ ابْنُ الصَّبَّاغِ وَالْبَغَوِيُّ وَغَيْرُهُمَا، وَفِيهِ نَظَرٌ. انْتَهَى. وَتَعَقَّبَهُ الْأَذْرَعِيُّ بِأَنَّ هَذَا لَمْ يَذْكُرْهُ ابْنُ الصَّبَّاغِ، وَلَا غَيْرُهُ وَذَكَرَ نَحْوَهُ الزَّرْكَشِيُّ قَالَ: وَعِبَارَةُ الرَّافِعِيِّ سَالِمَةٌ مِنْهُ فَإِنَّهُ قَالَ فَفِي الشَّامِلِ وَالتَّهْذِيبِ عَلَيْهِ الْحُكُومَةُ ثُمَّ قَالَ، وَعَلَى هَذَا فَلَوْ قَطَعَهُ قَاطِعٌ بَعْدَ ذَلِكَ فَعَلَيْهِ الْقِصَاصُ أَوْ كَمَالُ الدِّيَةِ وَالْمَسْأَلَةُ غَيْرُ صَافِيَةٍ عَنْ الْإِشْكَالِ فَهَذَا إنَّمَا ذَكَرَهُ الرَّافِعِيُّ بَحْثًا تَفْرِيعًا عَلَى مُقْتَضَى مَا نَقَلَهُ لَا نَقْلًا عَمَّنْ ذَكَرَهُ. انْتَهَى. وَالْبَحْثُ ظَاهِرٌ أَخَذَهُ مِنْ تَعْلِيلِ وُجُوبِ الْحُكُومَةِ السَّابِقِ.
الْعُضْوُ (الثَّالِثَ عَشَرَ وَالرَّابِعَ عَشَرَ الْأُنْثَيَانِ وَالْأَلْيَتَانِ) ، وَهُمَا النَّائِتَانِ عَنْ الْبَدَنِ عِنْدَ اسْتِوَاءِ الظَّهْرِ وَالْفَخِذِ (فَفِي) قَطْعِ (كُلٍّ مِنْهُمَا الدِّيَةُ) كَمَا جَاءَ فِي خَبَرِ عَمْرِو بْنِ حَزْمٍ فِي الْأَوَّلِ، وَأَمَّا الثَّانِي فَلِمَا فِيهِ مِنْ الْجَمَالِ وَالْمَنْفَعَةِ الظَّاهِرَةِ فِي الرُّكُوبِ وَالْقُعُودِ وَغَيْرِهِمَا (وَإِنْ نَبَتَتَا) أَيْ الْأَلْيَتَانِ بَعْدَ قَطْعِهِمَا فَلَا تَسْقُطُ الدِّيَةُ كَالْمُوضِحَةِ إذَا الْتَحَمَتْ (فَإِنْ قُطِعَ بَعْضُ الْأَلْيَةِ فَالْقِسْطُ) لَهُ مِنْ دِيَتِهَا (إنْ انْضَبَطَ، وَإِلَّا فَحُكُومَةٌ، وَلَا يُشْتَرَطُ) فِي وُجُوبِ دِيَتِهَا (بُلُوغُ الْحَدِيدَةِ فِيهَا إلَى الْعَظْمِ) وَسَوَاءٌ فِي هَذَا الْعُضْوِ الرَّجُلُ وَالْمَرْأَةُ، وَلَا نَظَرَ إلَى اخْتِلَافِ الْقَدْرِ النَّاتِئِ وَاخْتِلَافِ النَّاسِ فِيهِ كَاخْتِلَافِهِمْ فِي سَائِرِ الْأَعْضَاءِ صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ.
الْعُضْوُ (الْخَامِسَ عَشَرَ الشُّفْرَانِ) بِضَمِّ الشِّينِ لِلْمَرْأَةِ (فَفِي قَطْعِهِمَا، وَإِشْلَالِهِمَا الدِّيَةُ) ؛ لِأَنَّ فِيهِمَا جَمَالًا، وَمَنْفَعَةً إذْ بِهِمَا يَقَعُ الِالْتِذَاذُ بِالْجِمَاعِ سَوَاءٌ شَفْرُ الرَّتْقَاءِ وَالْقَرْنَاءِ وَغَيْرِهِمَا؛ لِأَنَّ النُّقْصَانَ فِيهِمَا لَيْسَ فِي الشُّفْرَيْنِ بَلْ فِي دَاخِلِ الْفَرْجِ (وَهُمَا) اللَّحْمَانِ (الْمُشْرِفَانِ عَلَى الْمَنْفَذِ) أَيْ الْفَرْجِ (فَإِنْ قُطِعَ الْعَانَةُ مَعَهُمَا أَوْ مَعَ الذَّكَرِ فَدِيَةٌ، وَحُكُومَةٌ) تَجِبَانِ (وَإِنْ زَالَتْ بِهِ) أَيْ بِقَطْعِهِمَا (الْبَكَارَةُ فَأَرْشُهَا) وَاجِبٌ (مَعَ الدِّيَةِ) ، وَلَوْ قَطَعَهُمَا فَجَرَحَ مَوْضِعَهُمَا آخَرُ بِقَطْعِ لَحْمٍ أَوْ غَيْرِهِ لَزِمَ الثَّانِي حُكُومَةٌ صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ.
الْعُضْوُ (السَّادِسَ عَشَرَ سَلْخُ الْجِلْدِ، وَفِيهِ الدِّيَةُ) ؛ لِأَنَّ فِي الْجِلْدِ جَمَالًا، وَمَنْفَعَةً ظَاهِرَةً (فَإِنْ سُلِخَ مَقْطُوعًا) عُضْوُهُ كَيَدِهِ (أَوْ قُطِعَ مَسْلُوخًا جِلْدُهُ سَقَطَ الْقِسْطُ) مِنْ الدِّيَةِ فَتَجِبُ فِي الْأُولَى دِيَةُ الْجِلْدِ إلَّا قِسْطُ الْعُضْوِ وَتُوَزَّعُ فِي الثَّانِيَةِ مِسَاحَةُ الْجِلْدِ عَلَى جَمِيعِ الْبَدَنِ فَمَا يَخُصُّ الْعُضْوَ يَحُطُّ مِنْ دِيَتِهِ، وَيَجِبُ الْبَاقِي.
(فَصْلٌ: فِي) كَسْرِ (التَّرْقُوَتَيْنِ
حُكُومَةٌ) كَالضِّلْعِ وَسَائِرِ الْعِظَامِ (لَا جَمَلٌ) نَفْيٌ لِمَا قِيلَ إنَّ فِيهِمَا جَمَالًا لِمَا رُوِيَ عَنْ عُمَرَ أَنَّهُ قَضَى بِذَلِكَ، وَحَمَلَهُ الْأَوَّلُ عَلَى أَنَّ الْحُكُومَةَ كَانَتْ فِي الْوَاقِعَةِ قَدْرَ جَمَلٍ وَالتَّرْقُوَةُ بِفَتْحِ التَّاءِ الْعَظْمُ الْمُتَّصِلُ بَيْنَ الْمَنْكِبِ وَثُغْرَةِ النَّحْرِ.
(الْقِسْمُ الثَّالِثُ: الْمَنَافِعُ) أَيْ إزَالَتُهَا (وَهِيَ ثَلَاثَةَ عَشَرَ شَيْئًا الْأَوَّلُ الْعَقْلُ، وَفِيهِ إنْ لَمْ يُرْجَ عَوْدُهُ) بِقَوْلِ أَهْلِ الْخِبْرَةِ فِي مُدَّةٍ يَظُنُّ أَنَّهُ يَعِيشُ إلَيْهَا أَخْذًا مِمَّا يَأْتِي فِي السَّمْعِ، وَيَنْبَغِي أَنْ يَجْرِيَ مِثْلُهُ فِي الْبَصَرِ وَنَحْوِهِ (الدِّيَةُ) كَمَا جَاءَ فِي خَبَرِ عَمْرِو بْنِ حَزْمٍ؛ وَلِأَنَّهُ أَشْرَفُ الْمَعَانِي، وَبِهِ يَتَمَيَّزُ
ــ
[حاشية الرملي الكبير]
قَوْلُهُ: الثَّالِثَ عَشَرَ وَالرَّابِعَ عَشَرَ الْأُنْثَيَانِ وَالْأَلْيَتَانِ) لَوْ قَطَعَ أُنْثَيَيْهِ فَذَهَبَ مَنِيُّهُ لَزِمَهُ دِيَتَانِ
(قَوْلُهُ: السَّادِسَ عَشَرَ سَلْخُ الْجِلْدِ) ، وَفِيهِ الدِّيَةُ إنْ بَقِيَ حَيَاةٌ مُسْتَقِرَّةٌ، وَحَزَّ غَيْرُ السَّالِخِ رَقَبَتَهُ أَوْ السَّالِخُ، وَإِحْدَى جِنَايَتَيْهِ عَمْدٌ وَالْأُخْرَى خَطَأٌ، وَإِنْ مَاتَ أَوْ عَاشَ، وَلَمْ يَنْبُتْ فَدِيَةٌ، وَإِنْ نَبَتَ فَحُكُومَةٌ، قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: وَإِنَّمَا يَجِبُ فِي حَالِ عَوْدِهِ أَقَلُّ مِمَّا يَجِبُ إذَا لَمْ يَعُدْ، وَقَالَ الزَّرْكَشِيُّ: وَاعْلَمْ أَنَّ إيجَابَ الدِّيَةِ فِي السَّلْخِ ذَكَرَهُ ابْنُ الْقَاصِّ فِي التَّلْخِيصِ، وَجَرَى عَلَيْهِ الشَّيْخُ أَبُو عَلِيٍّ وَتَبِعَهُ الْإِمَامُ وَالرَّافِعِيُّ وَالنَّوَوِيُّ لَكِنَّ الْمَنْصُوصَ فِي الْأُمِّ وَبِهِ جَزَمَ الصَّيْمَرِيُّ وَالْمَاوَرْدِيُّ أَنَّ الْوَاجِبَ فِيهِ الْحُكُومَةُ، وَلَا يَبْلُغُ بِهَا دِيَةُ النَّفْسِ وَيُعْتَبَرُ انْدِمَالُهُ فَإِذَا عَادَ جِلْدُهُ كَانَتْ حُكُومَتُهُ أَقَلَّ مِنْهَا إذَا لَمْ يَعُدْ، وَنَقَلَهُ ابْنُ الْقَطَّانِ فِي فُرُوعِهِ عَنْ النَّصِّ ثُمَّ خَالَفَهُ، وَحُمِلَ النَّصُّ عَلَى مَنْ سُلِخَ بَعْضُ جِلْدِهِ.
(تَنْبِيهٌ) قَالَ فِي التَّنْبِيهِ، وَإِنْ قُطِعَ اللَّحْمُ النَّاتِئُ عَلَى الظَّهْرِ أَيْ مِنْ جَانِبَيْ السَّلْسَلَةِ لَزِمَتْهُ الدِّيَةُ، وَفِي إحْدَاهُمَا نِصْفُهَا، وَفِي بَعْضِهِ بِحِسَابِهِ قَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ: وَهَذِهِ الْمَسْأَلَةُ غَيْرُ مَذْكُورَةٍ فِي الْكُتُبِ الْمَشْهُورَةِ، قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: وَهِيَ غَرِيبَةٌ، وَقَدْ ذَكَرَهَا الْجُرْجَانِيُّ فِي الشَّافِي وَالتَّحْرِيرِ أَيْضًا وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ أَخَذَهَا مِنْ كَلَامِ الشَّيْخِ كَعَادَتِهِ
[فَصْلٌ فِي كَسْرِ التَّرْقُوَتَيْنِ]
(الْقِسْمُ الثَّالِثُ الْمَنَافِعُ، وَهِيَ ثَلَاثَةَ عَشَرَ شَيْئًا)(قَوْلُهُ: الْأَوَّلُ الْعَقْلُ) قَدَّمَهُ الْمُصَنِّفُ؛ لِأَنَّهُ أَشْرَفُ الْمَنَافِعِ وَاخْتُلِفَ فِي تَعْرِيفِ الْعَقْلِ عَلَى أَقْوَالٍ أَظْهَرُهَا أَنَّهُ مَلَكَةٌ أَيْ هَيْئَةٌ رَاسِخَةٌ تُدْرَكُ بِهَا الْعُلُومُ. ثَانِيهَا أَنَّهُ نَفْسُ الْعِلْمِ، وَهُوَ مَحْكِيٌّ عَنْ الْأَشْعَرِيِّ وَحَكَاهُ الْأُسْتَاذُ أَبُو إِسْحَاقَ عَنْ أَهْلِ الْحَقِّ قَالُوا وَاخْتِلَافُ النَّاسِ فِي الْعُقُولِ لِكَثْرَةِ الْعُلُومِ وَقِلَّتِهَا. ثَالِثُهَا أَنَّهُ بَعْضُ الْعُلُومِ الضَّرُورِيَّةِ وَبِهِ قَالَ الْقَاضِي أَبُو بَكْرٍ وَتَبِعَهُ مِنْ أَصْحَابِنَا سُلَيْمٌ الرَّازِيّ وَابْنُ الصَّبَّاغِ وَغَيْرُهُمَا فَخَرَجَ بِالضَّرُورِيَّةِ النَّظَرِيَّةُ لِصِحَّةِ الِاتِّصَافِ بِالْعَقْلِ مَعَ انْتِفَائِهَا، وَلَمْ يَجْعَلْهُ جَمِيعَ الْعُلُومِ الضَّرُورِيَّةِ لِئَلَّا يَلْزَمَ أَنَّ مَنْ فَقَدَ الْعِلْمَ بِمُدْرِكٍ غَيْرِ عَاقِلٍ، وَقَالَ الْقَاضِي عَبْدُ الْوَهَّابِ فَقُلْت لَهُ أَتَخُصُّ هَذَا النَّوْعَ مِنْ الضَّرُورَةِ فَقَالَ يُمْكِنُ أَنْ يُقَالَ مَا صَحَّ مَعَهُ الِاسْتِنْبَاطُ، وَنَقَلَ الْقُشَيْرِيُّ فِي الْمُرْشِدِ عَنْهُ أَنَّهُ قَالَ لَا أُنْكِرُ وُرُودَ الْعَقْلِ فِي اللُّغَةِ بِمَعْنًى، وَلَكِنَّ غَرَضِي أَنْ أُبَيِّنَ الْعَقْلَ الَّذِي رُبِطَ بِهِ التَّكْلِيفُ (قَوْلُهُ: وَيَنْبَغِي أَنْ يَجْرِيَ مِثْلُهُ فِي الْبَصَرِ وَنَحْوِهِ) قَضِيَّتُهُ أَنَّ الْإِمَامَ ذَكَرَ ذَلِكَ فِي السَّمْعِ خَاصَّةً، وَلَيْسَ كَذَلِكَ بَلْ فِي سَائِرِ الْمَعَانِي الَّتِي تَجِبُ فِيهَا الدِّيَةُ وَتَبِعَهُ عَلَى ذَلِكَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ.
وَإِنْ كَانَ الرَّافِعِيُّ نَقَلَ كَلَامَ الْإِمَامِ فِي السَّمْعِ خَاصَّةً، وَقَالَ الْجُرْجَانِيُّ فِي التَّحْرِيرِ: كُلُّ حَاسَّةٍ تَخْتَصُّ بِمَنْفَعَةٍ كَالْعَقْلِ أَوْ السَّمْعِ أَوْ الْبَصَرِ أَوْ الْكَلَامِ أَوْ الشَّمِّ إذَا أُزِيلَتْ، وَجَبَتْ فِيهَا دِيَةُ النَّفْسِ إلَى أَنْ قَالَ، وَإِذَا قَالَ أَهْلُ الْخِبْرَةِ فِي الْعَقْلِ أَوْ السَّمْعِ أَوْ الْبَصَرِ إنَّهُ يَعُودُ إلَى مُدَّةٍ انْتَظَرَ إلَيْهَا فَإِنْ لَمْ يَعُدْ عِنْدَهَا أَوْ مَاتَ الْمَجْنِيُّ عَلَيْهِ فِي الْمُدَّةِ وَجَبَتْ الدِّيَةُ، وَلَمْ تَسْقُطْ بِعَوْدٍ مَظْنُونٍ. اهـ. بَلْ كَلَامُ الْمُتَوَلِّي نَفْسُهُ دَالٌّ عَلَيْهِ فِي الْعَقْلِ فَإِنَّهُ قَالَ فَإِنْ قَالُوا يَعُودُ الْعَقْلُ انْتَظَرَ فَإِنْ لَمْ يَعُدْ أَوْجَبْنَا الدِّيَةَ، وَإِنْ عَادَ قَبْلَ اسْتِيفَائِهَا فَلَا مُطَالَبَةَ أَوْ بَعْدَهُ رُدَّتْ كَمَا فِي ضَوْءِ الْبَصَرِ، وَقَدْ قَالَ فِيهِ فَإِنْ قَالُوا يَعُودُ إلَى مُدَّةٍ قَدَّرُوهَا اُنْتُظِرَ فَإِنْ مَضَتْ، وَلَمْ يَعُدْ أَوْجَبْنَا الدِّيَةَ، وَإِنْ عَادَ فَلَا (قَوْلُهُ: وَلِأَنَّهُ أَشْرَفُ الْمَعَانِي) فَكَانَ أَحَقَّ بِكَمَالِ الدِّيَةِ، وَلِذَلِكَ قَدَّمَهُ الْمُصَنِّفُ، وَقَوْلُهُ وَبِهِ يَتَمَيَّزُ الْإِنْسَانُ عَنْ
الْإِنْسَانُ عَنْ الْبَهِيمَةِ وَنَقَلَ ابْنُ الْمُنْذِرِ فِيهِ الْإِجْمَاعَ، قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ وَغَيْرُهُ: وَالْمُرَادُ الْعَقْلُ الْغَرِيزِيُّ الَّذِي بِهِ التَّكْلِيفُ دُونَ الْمُكْتَسَبِ الَّذِي بِهِ حُسْنُ التَّصَرُّفِ فَفِيهِ الْحُكُومَةُ (فَإِنْ رُجِيَ) عَوْدُهُ فِي الْمُدَّةِ الْمَذْكُورَةِ (اُنْتُظِرَ) فَإِنْ عَادَ فَلَا ضَمَانَ (كَمَنْ) أَيْ كَمَا فِي سِنِّ مَنْ (لَمْ يُثْغِرْ، وَفِي) إزَالَةِ (بَعْضِهِ) بَعْضُ الدِّيَةِ (بِالْقِسْطِ إنْ انْضَبَطَ بِزَمَانٍ) كَمَا لَوْ كَانَ يُجَنُّ يَوْمًا، وَيُفِيقُ يَوْمًا (أَوْ غَيْرَهُ) بِأَنْ يُقَابَلَ صَوَابُ قَوْلِهِ وَفِعْلِهِ بِالْمُخْتَلِّ مِنْهُمَا، وَتُعْرَفُ النِّسْبَةُ بَيْنَهُمَا.
(وَإِلَّا) أَيْ، وَإِنْ لَمْ يَنْضَبِطْ بِأَنْ كَانَ يَفْزَعُ أَحْيَانًا مِمَّا لَا يَفْزَعُ أَوْ يَسْتَوْحِشُ إذَا خَلَا (فَحُكُومَةٌ) تَجِبُ يُقَدِّرُهَا الْحَاكِمُ بِاجْتِهَادِهِ، وَكَذَا حَيْثُ تَجِبُ فِي سَائِرِ الْمَنَافِعِ الْآتِيَةِ (وَلَا قِصَاصَ فِيهِ) لِلْخِلَافِ فِي مَحَلِّهِ وَلِعَدَمِ الْإِمْكَانِ (وَإِذَا زَالَ) الْعَقْلُ (بِجِنَايَةٍ لَهَا أَرْشٌ) مُقَدَّرٌ (أَوْ حُكُومَةٌ وَجَبَا) أَيْ كُلٌّ مِنْهُمَا (مَعَ دِيَتِهِ) أَيْ الْعَقْلِ؛ لِأَنَّهَا جِنَايَةٌ أَبْطَلَتْ مَنْفَعَةً لَيْسَتْ فِي مَحَلِّ الْجِنَايَةِ فَكَانَتْ كَمَا لَوْ أَوْضَحَهُ فَذَهَبَ سَمْعُهُ أَوْ بَصَرُهُ فَلَوْ قَطَعَ يَدَيْهِ وَرِجْلَيْهِ فَزَالَ عَقْلُهُ وَجَبَ ثَلَاثُ دِيَاتٍ (وَإِنْ مَاتَ فِي أَثْنَاءِ الْمُدَّةِ الْمُقَدَّرِ عَوْدُهُ فِيهَا وَجَبَتْ الدِّيَةُ) كَمَا جَزَمَ بِهِ الْجُرْجَانِيُّ وَغَيْرُهُ وَاعْتِبَارُ الْمُدَّةِ وَالتَّصْرِيحِ بِوُجُوبِ الدِّيَةِ مِنْ زِيَادَتِهِ، وَكَذَا تَنْظِيرُ الِانْتِظَارِ فِيمَا مَرَّ بِسِنِّ مَنْ لَمْ يُثْغِرْ، وَعِبَارَةُ الْأَصْلِ نَقْلًا عَنْ الْمُتَوَلِّي فَإِنْ تَوَقَّعَ عَوْدَهُ فَيَتَوَقَّفُ فِي الدِّيَةِ فَإِنْ مَاتَ قَبْلَ الِاسْتِقَامَةِ فَفِي الدِّيَةِ وَجْهَانِ كَمَا لَوْ قَلَعَ سِنَّ مَثْغُورٍ فَمَاتَ قَبْلَ عَوْدِهَا، وَقَوْلُهُ سِنَّ مَثْغُورٍ، وَصَوَابُهُ كَمَا قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَغَيْرُهُ سِنَّ غَيْرِ مَثْغُورٍ فَإِنَّهُ الَّذِي ذَكَرَهُ الْمُتَوَلِّي، وَإِنْ كَانَ الْمُوَافِقُ لِلْمَنْقُولِ أَيْ مِنْ حَيْثُ الْحُكْمُ مَا عَبَّرَ بِهِ (فَإِنْ كَذَّبَهُ الْجَانِي) فِي زَوَالِ عَقْلِهِ وَنَسَبِهِ إلَى التَّجَانُنِ (اُخْتُبِرَ فِي غَفَلَاتِهِ فَإِنْ لَمْ يَنْتَظِمْ قَوْلُهُ، وَفِعْلُهُ أُعْطِيَ) الدِّيَةَ (بِلَا يَمِينٍ) ؛ لِأَنَّهُ يَتَجَانَنُ فِي الْجَوَابِ، وَيَعْدِلُ إلَى كَلَامٍ آخَرَ؛ وَلِأَنَّ يَمِينَهُ تُثْبِتُ جُنُونَهُ.
وَالْمَجْنُونُ لَا يَحْلِفُ لَا يُقَالُ يُسْتَدَلُّ بِحَلِفِهِ عَلَى عَقْلِهِ؛ لِأَنَّهُ قَدْ يَجْرِي انْتِظَامُ ذَلِكَ مِنْهُ اتِّفَاقًا نَعَمْ إنْ تَقَطَّعَ جُنُونُهُ حَلَفَ زَمَنَ إفَاقَتِهِ (وَإِنْ انْتَظَمَا حَلَفَ الْجَانِي) لِاحْتِمَالِ صُدُورِ الْمُنْتَظِمِ اتِّفَاقًا أَوْ جَرْيًا عَلَى الْعَادَةِ وَالِاخْتِبَارِ بِأَنْ يُكَرِّرَ ذَلِكَ إلَى أَنْ يَغْلِبَ عَلَى الظَّنِّ صِدْقُهُ أَوْ كَذِبُهُ.
(الثَّانِي السَّمْعُ) أَيْ إزَالَتُهُ (وَفِيهِ الدِّيَةُ) لِخَبَرِ الْبَيْهَقِيّ «، وَفِي السَّمْعِ الدِّيَةُ» وَنَقَلَ ابْنُ الْمُنْذِرِ فِيهِ الْإِجْمَاعَ؛ وَلِأَنَّهُ مِنْ أَشْرَفِ الْحَوَاسِّ فَكَانَ كَالْبَصَرِ (وَ) فِي إزَالَتِهِ (مَعَ) قَطْعِ (الْأُذُنَيْنِ)(دِيَتَانِ) ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ فِي الْأُذُنَيْنِ (، وَفِي) إزَالَةِ (سَمْعِ إحْدَاهُمَا نِصْفُهَا) أَيْ الدِّيَةِ لَا لِتَعَدُّدِ السَّمْعِ فَإِنَّهُ وَاحِدٌ، وَإِنَّمَا التَّعَدُّدُ فِي مَنْفَذِهِ بِخِلَافِ ضَوْءِ الْبَصَرِ إذْ تِلْكَ اللَّطِيفَةُ مُتَعَدِّدَةٌ، وَمَحَلُّهَا الْحَدَقَةُ بَلْ؛ لِأَنَّ ضَبْطَ نُقْصَانِهِ بِالْمَنْفَذِ أَقْرَبُ مِنْهُ بِغَيْرِهِ (فَإِنْ قَالُوا) أَيْ أَهْلُ الْخِبْرَةِ (يَعُودُ، وَقَدَّرُوا) لِعَوْدِهِ (مُدَّةً لَا يُسْتَبْعَدُ عَيْشُهُ) أَيْ أَنْ يَعِيشَ (إلَيْهَا اُنْتُظِرَتْ) فَإِنْ اُسْتُبْعِدَ ذَلِكَ أُخِذَتْ الدِّيَةُ، وَلَا تُنْتَظَرُ الْمُدَّةُ، وَإِنْ لَمْ يُقَدِّرُوا مُدَّةً أُخِذَتْ الدِّيَةُ فِي الْحَالِ؛ لِأَنَّ التَّأْخِيرَ لَا إلَى غَايَةٍ كَالتَّفْوِيتِ (وَإِنْ قَالُوا) لَطِيفَةُ السَّمْعِ بَاقِيَةٌ فِي مَقَرِّهَا، وَلَكِنْ (ارْتَتَقَ الْمَنْفَذُ) يَعْنِي مَنْفَذَ السَّمْعِ أَوْ الشَّمِّ (وَالسَّمْعُ أَوْ الشَّمُّ بَاقٍ فَحُكُومَةٌ) تَجِبُ لَا دِيَةٌ لِبَقَاءِ السَّمْعِ (إنْ لَمْ يُرْجَ فَتْقُهُ) فَإِنْ رُجِيَ لَمْ يَجِبْ شَيْءٌ (وَلَوْ أَذْهَبَ سَمْعَ طِفْلٍ فَلَمْ يَنْطِقْ) بِأَنْ تَعَطَّلَ مَعَ بَقَاءِ قُوَّتِهِ (لَمْ يَلْزَمْهُ دِيَةُ) تَعْطِيلِ (النُّطْقِ بَلْ حُكُومَةٌ) ؛ لِأَنَّ الطِّفْلَ يَتَدَرَّجُ إلَى النُّطْقِ تَلَقِّيًا مِمَّا يَسْمَعُ نَعَمْ تَجِبُ الدِّيَةُ لِإِزَالَةِ سَمْعِهِ (، وَيُمْتَحَنُ) الْمَجْنِيُّ عَلَيْهِ (إنْ ادَّعَى زَوَالَهُ) ، وَأَنْكَرَهُ الْجَانِي (فِي غَفَلَاتِهِ وَنَوْمِهِ بِالْأَصْوَاتِ الْمُنْكَرَةِ فَإِنْ انْزَعَجَ) عَلِمَا كَذِبَهُ، وَ (حَلَفَ الْجَانِي)
ــ
[حاشية الرملي الكبير]
الْبَهِيمَةِ، وَلَا يُنْتَفَعُ بِشَيْءٍ انْتِفَاعَهُ بِهِ (قَوْلُهُ: وَالْمُرَادُ الْعَقْلُ الْغَرِيزِيُّ) ، وَهُوَ الْعِلْمُ بِالْمُدْرَكَاتِ الضَّرُورِيَّةِ (قَوْلُهُ: وَفِي إزَالَةِ بَعْضِهِ بَعْضُ الدِّيَةِ) الْعَقْلُ الْغَرِيزِيُّ لَا يَتَبَعَّضُ فِي ذَاتِهِ بِأَنَّهُ مَحْدُودٌ بِمَا لَا يَتَجَزَّأُ فَلَا يَصِحُّ أَنْ يَذْهَبَ بَعْضُهُ وَيَبْقَى بَعْضُهُ، وَلَكِنْ قَدْ يَتَبَعَّضُ زَمَانُهُ فَيَعْقِلُ يَوْمًا وَيُجَنُّ يَوْمًا قَالَهُ الْمَاوَرْدِيُّ، وَمُقْتَضَى كَلَامِ غَيْرِهِ أَنَّهُ يَتَبَعَّضُ.
(قَوْلُهُ: لِلْخِلَافِ فِي مَحَلِّهِ) فَقِيلَ الْقَلْبُ، وَهُوَ الصَّحِيحُ عِنْدَ أَصْحَابِنَا، وَأَكْثَرِ الْمُتَكَلِّمِينَ، وَقِيلَ الدِّمَاغُ، وَإِلَيْهِ ذَهَبَ أَبُو حَنِيفَةَ، وَجَمَاعَةٌ مِنْ الْأَطِبَّاءِ، وَقِيلَ مُشْتَرَكٌ بَيْنَهُمَا د (قَوْلُهُ: وَإِنْ أَزَالَهُ بِجِنَايَةٍ لَهَا أَرْشٌ) قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ لَوْ أَزَالَ عَقْلَهُ بِمُبَاشَرَةٍ لَا تُوجِبُ غُرْمًا كَاللَّطْمَةِ وَاللَّكْمَةِ وَنَحْوِهِمَا فَلَا تَجِبُ إلَّا الدِّيَةُ، وَهَلْ يُعَزَّرُ؟ . فِيهِ وَجْهَانِ (قَوْلُهُ: لِأَنَّهَا جِنَايَةٌ أَبْطَلَتْ مَنْفَعَةً لَيْسَتْ فِي مَحَلِّ الْجِنَايَةِ) عُلِمَ مِنْهُ أَنَّ مَحَلَّهُ الْقَلْبُ لَا الدِّمَاغُ إذْ لَوْ كَانَ فِي الرَّأْسِ لَمْ يَجِبْ غَيْرُ دِيَةِ الْعَقْلِ؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا شَجَّ رَأْسَهُ، وَأَتْلَفَ عَلَيْهِ الْعَقْلَ الَّذِي هُوَ مَنْفَعَةٌ فِي الْعُضْوِ الْمَشْجُوجِ (قَوْلُهُ: فَإِنْ كَذَّبَهُ الْجَانِي فِي دَعْوَى زَوَالِهِ مِنْ وَلِيِّهِ) أَوْ مَنْصُوبِ الْحَاكِمِ (قَوْلُهُ: أَعْطَى الدِّيَةَ بِلَا يَمِينٍ) فَإِنْ كَانَ جُنُونُهُ مُتَقَطِّعًا وَادَّعَى زَمَنَ إفَاقَتِهِ حَلَفَ فِيهِ (قَوْلُهُ: وَالِاخْتِبَارُ بِأَنْ يُكَرَّرَ ذَلِكَ إلَخْ) قَالَ ابْنُ الْقَطَّانِ وَطَرِيقُ الْعِلْمِ بِذَهَابِ عَقْلِهِ أَنْ نَمْتَحِنَهُ بِأَفْعَالِهِ مَرَّاتٍ حَتَّى يَقَعَ لَنَا الْعِلْمُ بِذَهَابِهِ، وَأَنَّهُ لَيْسَ بِمُتَصَنِّعٍ فِي ذَلِكَ ثُمَّ نَسْأَلُ أَهْلَ الْخِبْرَةِ فَإِنْ قَالُوا هَذَا يَزُولُ تَرَبَّصْنَا بِهِ الْمُدَّةَ فَإِنْ زَالَ لَمْ نَحْكُمْ بِشَيْءٍ، وَإِلَّا حَكَمْنَا بِالدِّيَةِ.
(قَوْلُهُ: وَلِأَنَّهُ مِنْ أَشْرَفِ الْحَوَاسِّ) فَكَانَ كَالْبَصَرِ بَلْ هُوَ أَشْرَفُ مِنْهُ عِنْدَ أَكْثَرِ الْفُقَهَاءِ؛ لِأَنَّهُ يُدْرَكُ بِهِ مِنْ الْجِهَاتِ، وَفِي النُّورِ وَالظُّلْمَةِ، وَلَا يُدْرَكُ بِالْبَصَرِ إلَّا مِنْ جِهَةِ الْمُقَابَلَةِ وَبِوَاسِطَةٍ مِنْ ضِيَاءٍ أَوْ شُعَاعٍ وَتَقْدِيمِ ذِكْرِ السَّمْعِ فِي آيَاتِ الْقُرْآنِ وَالْأَحَادِيثِ يَقْتَضِي أَفْضَلِيَّتَهُ، وَقَالَ أَكْثَرُ الْمُتَكَلِّمِينَ بِتَفْضِيلِ الْبَصَرِ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّ السَّمْعَ لَا يُدْرَكُ بِهِ إلَّا الْأَصْوَاتُ وَالْبَصَرُ تُدْرَكُ بِهِ الْأَجْسَامُ وَالْأَلْوَانُ وَالْهَيْئَاتُ فَلَمَّا كَانَتْ تَعَلُّقَاتُهُ أَكْثَرَ كَانَ أَفْضَلَ (قَوْلُهُ: وَإِنْ قَالُوا يَعُودُ، وَقَدَّرُوا مُدَّةَ إلَخْ) نَقَلَاهُ عَنْ الْإِمَامِ، وَقَضِيَّتُهُ أَنَّهُ ذَكَرَهُ فِي السَّمْعِ خَاصَّةً، وَلَيْسَ كَذَلِكَ بَلْ فِي سَائِرِ الْمَعَانِي الَّتِي يَجِبُ فِيهَا الدِّيَةُ وَتَبِعَهُ عَلَى ذَلِكَ الشَّيْخُ عِزُّ الدِّينِ بْنُ عَبْدِ السَّلَامِ (قَوْلُهُ: فَإِنْ اُسْتُبْعِدَ ذَلِكَ أُخِذَتْ الدِّيَةُ) ، وَلَا تُنْظَرُ الْمُدَّةُ نَقَلَهُ الرَّافِعِيُّ عَنْ الْإِمَامِ (قَوْلُهُ: وَيُمْتَحَنُ إنْ ادَّعَى زَوَالَهُ إلَخْ) صُورَةُ امْتِحَانِهِ أَنْ يَتَغَفَّلَ ثُمَّ يُصَاحُ بِأَزْعَج صَوْتِ، وَأَهْوَلِهِ أَوْ بِأَنْ يُطْرَحَ فِي مَوْضِعِ جُلُوسِهِ طَسْتٌ أَوْ نَحْوُهُ عَلَى صَخْرَةٍ مِنْ مَوْضِعٍ عَالٍ (قَوْلُهُ: بِالْأَصْوَاتِ الْمُنْكَرَةِ) كَالرَّعْدِ وَطَرْحِ شَيْءٍ لَهُ صَوْتٌ مِنْ عُلُوٍّ
إنَّ سَمْعَهُ بَاقٍ لِاحْتِمَالِ أَنْ يَكُونَ انْزِعَاجُهُ اتِّفَاقًا (وَإِلَّا) عَلِمْنَا صِدْقَهُ، وَ (حَلَفَ هُوَ) لِاحْتِمَالِ تَجَلُّدِهِ، وَلَا بُدَّ فِي امْتِحَانِهِ مِنْ تَكَرُّرِهِ مَرَّةً بَعْدَ أُخْرَى إلَى أَنْ يَغْلِبَ عَلَى الظَّنِّ صِدْقُهُ أَوْ كَذِبُهُ (وَإِنْ ادَّعَاهُ) أَيْ زَوَالَهُ (مِنْ إحْدَاهُمَا حُشِيَتْ الْأُخْرَى وَامْتُحِنَ) كَمَا مَرَّ (وَإِنْ ادَّعَى زَوَالَ بَعْضِهِ) مِنْ الْأُذُنَيْنِ أَوْ إحْدَاهُمَا، وَكَذَّبَهُ الْجَانِي (صُدِّقَ) الْمَجْنِيُّ عَلَيْهِ (بِيَمِينِهِ) ؛ لِأَنَّهُ لَا يُعْرَفُ إلَّا مِنْهُ (وَقُسِّطَ) وَاجِبُ السَّمْعِ عَلَى الزَّائِلِ وَالْبَاقِي (إنْ أَمْكَنَ) التَّقْسِيطُ بِأَنْ عَرَفَ فِي الْأُولَى أَنَّهُ كَانَ يَسْمَعُ مِنْ مَوْضِعِ كَذَا فَصَارَ يَسْمَعُ مِنْ دُونِهِ، وَبِأَنْ يَخْشَى فِي الثَّانِيَةِ الْعَلِيلَةَ، وَيَضْبِطَ مُنْتَهَى سَمَاعِ الْأُخْرَى ثُمَّ يَعْكِسَ، وَيَجِبَ قِسْطُ التَّفَاوُتِ كَمَا سَيَأْتِي ذَلِكَ فَإِنْ كَانَ نِصْفًا وَجَبَ فِي الْأُولَى نِصْفُ الدِّيَةِ، وَفِي الثَّانِيَةِ رُبُعُهَا (وَإِلَّا) أَيْ، وَإِنْ لَمْ يُمْكِنْ التَّقْسِيطُ (فَحُكُومَةٌ) تَجِبُ.
(الثَّالِثُ الْبَصَرُ، وَفِيهِ) أَيْ فِي إزَالَتِهِ (الدِّيَةُ) قَالُوا لِخَبَرِ مُعَاذٍ «فِي الْبَصَرِ الدِّيَةُ» ، وَهُوَ غَرِيبٌ؛ وَلِأَنَّهُ مِنْ الْمَنَافِعِ الْمَقْصُودَةِ سَوَاءٌ الْأَحْوَلُ وَالْأَعْمَشُ وَالْأَعْشَى وَغَيْرُهُمْ، وَلَا فَرْقَ بَيْنَ إزَالَتِهِ (وَحْدَهُ، وَ) إزَالَتِهِ (مَعَ الْعَيْنَيْنِ) كَمَا فِي الْبَطْشِ مَعَ الْيَدَيْنِ بِخِلَافِ السَّمْعِ مَعَ الْأُذُنَيْنِ لِمَا مَرَّ (، وَفِي) إزَالَةِ (بَعْضِهِ) بَعْضُ دِيَتِهِ (بِالْقِسْطِ)(إنْ تَقَدَّرَ) أَيْ أَمْكَنَ تَقْدِيرُهُ بِأَنْ كَانَ يَرَى الشَّخْصَ مِنْ مَسَافَةٍ مُعَيَّنَةٍ فَصَارَ لَا يَرَاهُ إلَّا مِنْ بَعْضِهَا (وَإِلَّا فَحُكُومَةٌ) كَمَا فِي السَّمْعِ (وَلَوْ اخْتَلَفَا) فِي زَوَالِهِ مِنْ الْعَيْنَيْنِ أَوْ إحْدَاهُمَا (حُكِمَ) فِيهِ (بِشَهَادَةِ عَدْلَيْنِ خَبِيرَيْنِ) مُطْلَقًا (أَوْ رَجُلٍ وَامْرَأَتَيْنِ إنْ كَانَ خَطَأً) أَوْ شِبْهَ عَمْدٍ، وَالتَّصْرِيحُ بِذِكْرِ الْعَدَالَةِ مِنْ زِيَادَتِهِ (وَيُمْتَحَنُ بِمِثْلِ) تَقْرِيبِ (حَيَّةٍ مُغَافِصَةٍ) أَيْ بَغْتَةٍ فَإِنْ انْزَعَجَ صُدِّقَ الْجَانِي بِيَمِينِهِ، وَإِلَّا فَالْمَجْنِيُّ عَلَيْهِ بِيَمِينِهِ، وَخَيْرٌ فِي الْمِنْهَاجِ كَأَصْلِهِ بَيْنَ الِامْتِحَانِ بِذَلِكَ وَسُؤَالِ أَهْلِ الْخِبْرَةِ فَإِنَّهُمْ إذَا أَوْقَفُوا الشَّخْصَ فِي مُقَابَلَةِ عَيْنِ الشَّمْسِ وَنَظَرُوا فِي عَيْنِهِ عَرَفُوا أَنَّ الضَّوْءَ ذَاهِبٌ أَوْ قَائِمٌ بِخِلَافِ السَّمْعِ إذْ لَا طَرِيقَ لَهُمْ إلَى مَعْرِفَتِهِ لَكِنْ مَا يَأْتِي مِنْ أَنَّهُمْ إذَا تَوَقَّعُوا عَوْدَهُ، وَقَدَّرُوا لَهُ مُدَّةً انْتَظَرَ قَدْ يَقْتَضِي أَنَّ لَهُمْ طَرِيقًا إلَى مَعْرِفَتِهِ، وَاَلَّذِي فِي الْأَصْلِ نَقْلُ سُؤَالِهِمْ عَنْ نَصِّ الْأُمِّ وَجَمَاعَةٍ وَالِامْتِحَانُ عَنْ جَمَاعَةٍ وَرَدَ الْأَمْرَ إلَى خِيَرَةِ الْحَاكِمِ بَيْنَهُمَا عَنْ الْمُتَوَلِّي وَرَتَّبَ فِي الْكِفَايَةِ فَقَالَ يُسْأَلُونَ فَإِنْ تَعَذَّرَ الْأَخْذُ بِقَوْلِهِمْ اُمْتُحِنَ وَظَاهِرُ كَلَامِهِ أَنَّهُ الْمُعْتَبَرُ، وَقَالَ الْبُلْقِينِيُّ أَنَّهُ مُتَعَيَّنٌ وَصَوَّبَهُ الزَّرْكَشِيُّ، وَكَلَامُ الْمُصَنِّفِ لَا يُوَافِقُ شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ لِجَمْعِهِ بَيْنَ
ــ
[حاشية الرملي الكبير]
قَوْلُهُ: وَإِلَّا حَلَفَ هُوَ) قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: لَا بُدَّ فِي يَمِينِهِ مِنْ التَّعَرُّضِ لِذَهَابِ سَمْعِهِ بِجِنَايَةِ الْجَانِي فَإِنْ لَمْ يَقُلْ مِنْ جِنَايَتِهِ لَمْ يُحْكَمْ لَهُ بِالدِّيَةِ لِجَوَازِ ذَهَابِهِ بِغَيْرِ جِنَايَتِهِ.
(قَوْلُهُ: الثَّالِثُ الْبَصَرُ، وَفِيهِ الدِّيَةُ) سُئِلَ ابْنُ الصَّلَاحِ عَنْ رَجُلٍ أَرْمَدَ أَتَى امْرَأَةً بِالْبَادِيَةِ تَدَّعِي الطِّبَّ لِتُدَاوِيَ عَيْنَهُ فَكَحَّلَتْهُ فَتَلِفَتْ عَيْنُهُ هَلْ يَلْزَمُهَا ضَمَانُهَا؟ . فَأَجَابَ إنْ ثَبَتَ أَنَّ ذَهَابَ عَيْنِهِ بِدَوَائِهَا فَعَلَى عَاقِلَتِهَا ضَمَانُهَا فَإِنْ لَمْ تَكُنْ فَعَلَى بَيْتِ الْمَالِ، وَإِنْ تَعَدَّتْ فَعَلَيْهَا فِي مَالِهَا إلَّا أَنْ يَكُونَ الْأَرْمَدُ أَذِنَ لَهَا فِي الْمُدَاوَاةِ بِهَذَا الدَّوَاءِ الْمُعَيَّنِ فَلَا تَضْمَنُ، قَالَ: وَنَظِيرُهُ مَا إذَا أَذِنَ الْبَالِغُ الْعَاقِلُ فِي قَطْعِ سِلْعَتِهِ أَوْ فَصْدِهِ فَمَاتَ لَا يَضْمَنُ أَمَّا إذَا لَمْ يَنُصَّ عَلَيْهِ فَلَا يَتَنَاوَلُ إذْنُهُ مَا يَكُونُ سَبَبًا فِي إتْلَافِهِ. (قَوْلُهُ: كَمَا فِي الْبَطْشِ مَعَ الْيَدَيْنِ) أَيْ ابْتِدَاءً أَمَّا لَوْ عَادَ إذْهَابُهُ الْبَصَرَ فَفَقَأَهُمَا فَعَلَيْهِ حُكُومَةٌ أَيْضًا (قَوْلُهُ: وَلَوْ اخْتَلَفَا فِي زَوَالِهِ مِنْ الْعَيْنَيْنِ أَوْ إحْدَاهُمَا حُكِمَ فِيهِ بِشَهَادَةِ عَدْلَيْنِ إلَخْ) قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: أَحْسَنُ مَنْ رَأَيْته ذَكَرَ الْمَسْأَلَةَ الْمَاوَرْدِيُّ فَلْنَذْكُرْ كَلَامَهُ، وَإِنْ تَضَمَّنَ تَكْرَارًا فَفِي ضِمْنِهِ فَوَائِدُ إذَا ذَهَبَ ضَوْءُهَا رُوجِعَ الْأَطِبَّاءُ فَإِنْ لَمْ يَعْلَمُوا حَالَهَا، وَجَوَّزُوا ذَهَابَهُ وَبَقَاءَهُ عَمِلْنَا بِقَوْلِ الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ بَعْدَ الِاسْتِظْهَارِ إنْ كَانَ بَالِغًا عَاقِلًا فَيُسْتَقْبَلُ فِي غَفَلَاتِهِ بِمَا يُزْعِجُ الْبَصَرَ رُؤْيَتُهُ وَيُشَارُ إلَى عَيْنِهِ بِمَا يَتَوَقَّاهُ الْبَصَرُ بِإِغْمَاضِهِ، وَيُؤْمَرُ بِالْمَشْيِ فِي طَرِيقِ الْحَفَائِرِ وَالْآبَارِ، وَمَعَهُ مَنْ يُحَوِّلُهُ عَنْهَا، وَهُوَ لَا يَشْعُرُ فَإِذَا بَانَ صِدْقُهُ قَضَى لَهُ بِالْقَوَدِ فِي الْعَمْدِ وَبِالدِّيَةِ فِي غَيْرِهِ، وَإِنْ تَوَقَّى ذَلِكَ حَلَفَ الْجَانِي إنَّ بَصَرَهُ لَبَاقٍ لَمْ يَذْهَبْ.
وَإِنْ كَانَ الْمَجْنِيُّ عَلَيْهِ صَغِيرًا أَوْ مَجْنُونًا وَقَفَ أَمْرُهُمَا إلَى كَمَالِهِمَا ثُمَّ يَرْجِعُ إلَيْهِمَا فَإِنْ مَاتَا قَبْلَ ذَلِكَ خَلَفَهُمَا وَلِيُّهُمَا فِي ذَلِكَ، وَإِنْ عَلِمَ الْأَطِبَّاءُ الْحَالَ فَفِيهِ أَقْسَامٌ. الْأَوَّلُ أَنْ يَشْهَدَ عَدْلَانِ مِنْهُمْ بِبَقَاءِ الْبَصَرِ فِي الْحَالِ، وَمَا بَعْدَهَا فَيُحْكَمُ بِهِمَا وَيَبْرَأُ الْجَانِي مِنْ الْقَوَدِ وَالدِّيَةِ ثُمَّ إنْ كَانَ لِلْجِنَايَةِ أَثَرٌ أُخِذَ بِحُكُومَتِهِ، وَلَمْ يُعَزَّرْ، وَإِلَّا عُزِّرَ أَدَبًا، وَلَا غُرْمَ الثَّانِي أَنْ يَشْهَدَا بِبَقَاءِ بَصَرِهِ فِي الْحَالِ، وَجَوَازِ ذَهَابِهِ فِي الثَّانِي، فَإِنْ قَدَّرَا لِتَجْوِيزِ ذَهَابِهِ مُدَّةً فَقَالَا يَجُوزُ ذَهَابُهُ إلَى سَنَةٍ، وَلَا يَجُوزُ أَنْ يَذْهَبَ بَعْدَهَا عُمِلَ عَلَى شَهَادَتِهِمَا وَوُقِفَ سَنَةً فَإِنْ ذَهَبَ بَصَرُهُ فِيهَا فَلَهُ الْقَوَدُ فِي الْعَمْدِ، وَالدِّيَةُ فِي غَيْرِهِ، وَإِنْ ذَهَبَ بَعْدَهَا فَلَا دِيَةَ وَتَجِبُ حُكُومَةٌ إنْ كَانَ ثَمَّ أَثَرٌ، وَلَا يُعَزَّرُ، وَإِلَّا عُزِّرَ، وَلَا غُرْمَ فَعَلَى هَذَا لَوْ فَقَأَ بَصَرَهُ آخَرُ أَخَذَ بِهِ قَوَدًا وَدِيَةً دُونَ الْأَوَّلِ سَوَاءٌ فَقَأَهَا فِي السَّنَةِ أَوْ بَعْدَهَا لِبَقَاءِ الْبَصَرِ حَالَ جِنَايَتِهِ. الثَّالِثُ أَنْ يَشْهَدَا بِذَهَابِهِ فِي الْحَالِ وَبَعْدَهُ فَلَهُ الْقَوَدُ فِي الْعَمْدِ إذَا شَهِدَ لَهُ رَجُلَانِ، وَالدِّيَةُ فِي الْخَطَأِ إذَا شَهِدَ لَهُ رَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ مِنْهُمْ.
الرَّابِعُ أَنْ يَشْهَدَا بِذَهَابِهِ فِي الْحَالِ، وَجَوَازِ عَوْدِهِ فِي الثَّانِي فَإِنْ لَمْ يُقَدِّرُوا مُدَّةً لِعَوْدِهِ، وَقَالُوا يَجُوزُ أَنْ يَعُودَ عَلَى الْأَبَدِ مِنْ غَيْرِ تَحْدِيدٍ لَمْ تُوجِبْ هَذِهِ الشَّهَادَةُ تَوَقُّفَ عَنْ قِصَاصٍ، وَلَا دِيَةٍ، وَأُخِذَا فِي الْحَالِ، وَإِنْ قَدَّرُوهُ بِمُدَّةٍ، وَقَالُوا يَجُوزُ عَوْدُهُ إلَى سَنَةٍ فَإِنْ عَادَ فِيهَا بَرِئَ الْجَانِي، وَعَلَيْهِ حُكُومَةٌ إنْ أَثَّرَتْ جِنَايَتُهُ، وَلَا يُعَزَّرُ، وَإِلَّا عُزِّرَ، وَلَا غُرْمَ، وَإِنْ انْقَضَتْ السَّنَةُ، وَلَمْ يَعُدْ أُخِذَ بِالْقَوَدِ أَوْ الدِّيَةِ.
فَلَوْ فَقَأَ عَيْنَيْهِ آخَرُ قَبْلَ انْقِضَاءِ السَّنَةِ فَالْقَوَدُ وَالدِّيَةُ عَلَى الْأَوَّلِ فَقَطْ، وَلَوْ اخْتَلَفَ الْأَوَّلُ وَالثَّانِي فَقَالَ الْأَوَّلُ عَادَ الْبَصَرُ قَبْلَ جِنَايَتِك فَعَلَيْك ضَمَانُهُ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الثَّانِي بِيَمِينِهِ، وَإِنْ ادَّعَيَا عِلْمَ الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ نَظَرٌ إنْ صُدِّقَ الثَّانِي أَنَّ بَصَرَهُ لَمْ يَعُدْ حَلَفَ لِلْأَوَّلِ إنْ طَلَبَ يَمِينَهُ، وَقَضَى عَلَيْهِ بِالْقَوَدِ أَوْ الدِّيَةِ، وَإِنْ صُدِّقَ الْأَوَّلُ أَنَّهُ عَادَ قَبْلَ جِنَايَةِ الثَّانِي بَرِئَ الْأَوَّلُ مِنْ الْقَوَدِ أَوْ الدِّيَةِ بِتَصْدِيقِهِ، وَلَمْ يُقْبَلْ قَوْلُهُ: عَلَى الثَّانِي، وَهُدِرَتْ عَيْنُهُ، وَإِنْ لَمْ يَجْنِ عَلَيْهِ جَانٍ بَلْ مَاتَ عِنْدَ انْقِضَاءِ السَّنَةِ أُخِذَ الْجَانِي بِالْقَوَدِ أَوْ الدِّيَةِ (قَوْلُهُ: فَقَالَ يَسْأَلُونَ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ: وَقَالَ الْبُلْقِينِيُّ أَنَّهُ مُتَعَيَّنٌ إلَخْ) ، وَقَالَ الْأَذْرَعِيُّ إنَّهُ الْمَذْهَبُ، وَإِنَّهُ إنَّمَا يَمْتَحِنُهُ عِنْدَ فَقْدِهِمْ أَوْ تَحَيُّرِهِمْ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْمَاوَرْدِيُّ