الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
(فَإِنْ سَقَطَتْ بِلَا جِنَايَةٍ) ثُمَّ أَفْسَدَ شَخْصٌ مَنْبَتَهَا (فَفِي إلْزَامِ الْمُفْسِدِ الْأَرْشَ تَرَدُّدٌ) وَالظَّاهِرُ الْمَنْعُ لِمَا مَرَّ آنِفًا (وَإِذَا نَبَتَتْ سِنُّ الْمَثْغُورِ) بَعْدَ قَلْعِهَا بِجِنَايَةٍ، وَأَخْذِ أَرْشِهَا (لَمْ يَسْتَرِدَّ الْأَرْشَ) ؛ لِأَنَّهُ نِعْمَةٌ جَدِيدَةٌ (كَمُوضِحَةٍ أَوْ جَائِفَةٍ الْتَحَمَتْ) بَعْدَ أَخْذِ أَرْشِهَا فَإِنَّهُ لَا يَسْتَرِدُّ كَمَا لَا يَسْقُطُ بِالْتِحَامِهَا الْقِصَاصُ (وَيَسْتَتِرُ) الْأَرْشُ (فِي سَائِرِ) أَيْ جَمِيعِ (الْمَعَانِي كَبَطْشِ الْيَدِ) أَيْ عَوْدِهِ (وَعَوْدِ النَّظَرِ وَنَحْوِهِ) لِظُهُورِ عَدَمِ زَوَالِهَا بِخِلَافِ الْأَجْسَامِ غَيْرِ الْإِفْضَاءِ وَسِنِّ غَيْرِ الْمَثْغُورِ فَإِنَّهُ تَحَقَّقَ فِيهَا الْإِبَانَةَ، وَلَا يُعْتَادُ فِيهَا الْعَوْدُ (وَتَجِبُ حُكُومَةٌ لَا أَرْشٌ فِي سِنٍّ مُتَزَلْزِلَةٍ أَوْ صَغِيرَةٍ بَطَلَ نَفْعُهُمَا، وَلَا يَضُرُّ نَقْصُهُ) أَيْ نَقْصُ نَفْعِهَا فِي إيجَابِ الْأَرْشِ فَيَجِبُ الْأَرْشُ مَعَ نَقْصِ نَفْعِهِمَا لِتَعَلُّقِ الْجَمَالِ، وَأَصْلِ الْمَنْفَعَةِ بِهِمَا فِي الْمَضْغِ، وَحِفْظِ الطَّعَامِ وَرَدِّ الرِّيقِ، وَلَا أَثَرَ لِضَعْفِهَا كَضَعْفِ الْبَطْشِ وَالْمَشْيِ.
(وَإِنْ تَزَلْزَلَتْ) سِنٌّ (صَحِيحَةٌ بِجِنَايَةٍ ثُمَّ سَقَطَتْ بَعْدُ لَزِمَهُ الْأَرْشُ، وَإِنْ بَقِيَتْ، وَعَادَتْ كَمَا كَانَتْ فَحُكُومَةٌ) تَلْزَمُهُ كَمَا لَمْ يَبْقَ فِي الْجِرَاحَةِ نَقْصٌ، وَلَا شَيْنٌ (أَوْ) عَادَتْ (نَاقِصَةَ الْمَنْفَعَةِ فَالْأَرْشُ) وَاجِبٌ كَذَا اقْتَضَاهُ كَلَامُهُ الْأَصْلُ وَاَلَّذِي فِي الْأَنْوَارِ لَزِمَتْهُ الْحُكُومَةُ لَا الْأَرْشُ؛ لِأَنَّ الْأَرْشَ يَجِبُ بِقَلْعِهَا كَمَا مَرَّ قَالَ، وَهَذَا الْمَوْضِعُ مَزِلَّةُ الْقَدَمِ فِي الشَّرْحَيْنِ وَالرَّوْضَةِ فَلْيُتَأَمَّلْ (فَإِذَا قَلَعَهَا آخَرُ لَزِمَتْهُ حُكُومَةٌ) دُونَ حُكُومَةِ سِنٍّ تَحَرَّكَتْ بِهَرَمٍ أَوْ مَرَضٍ؛ لِأَنَّ النَّقْصَ الَّذِي فِيهَا قَدْ غَرِمَهُ الْجَانِي الْأَوَّلُ بِخِلَافِهِ فِي الْهَرَمِ وَالْمَرَضِ نَقَلَهُ الْأَصْلُ عَنْ الشَّيْخِ أَبِي حَامِدٍ، وَأَقَرَّهُ (وَلَا أَثَرَ) فِي وُجُوبِ الْأَرْشِ (لِلسَّوَادِ الْأَصْلِيِّ) فَلَوْ قَلَعَ سِنًّا سَوْدَاءَ قَبْلَ أَنْ تُثْغِرَ، وَبَعْدَهُ لَزِمَهُ الْأَرْشُ؛ لِأَنَّ سَوَادَهَا مِنْ أَصْلِ الْخِلْقَةِ فَهُوَ كَعُمْشِ الْعَيْنِ خِلْقَةً (فَإِنْ ثُغِرَ) الشَّخْصُ بِضَمِّ الثَّاءِ، وَكَسْرِ الْغَيْنِ أَيْ قُلِعَتْ سِنُّهُ (فَنَبَتَتْ سَوْدَاءَ أَوْ بَيْضَاءَ) ثُمَّ (اسْوَدَّتْ، وَقَالُوا) أَيْ أَهْلُ الْخِبْرَةِ إنَّمَا يَكُونُ ذَلِكَ (لِعِلَّةٍ) فِيهَا (فَفِيهَا حُكُومَةٌ، وَإِلَّا) بِأَنْ قَالُوا لَمْ يَكُنْ لِعِلَّةٍ أَوْ أَنَّهُ قَدْ يَكُونُ لِعِلَّةٍ، وَقَدْ يَكُونُ لِغَيْرِهَا (فَالْأَرْشُ) وَاجِبٌ؛ لِأَنَّ الرَّدَّ إلَى الْحُكُومَةِ مَعَ كَمَالِ الْمَنْفَعَةِ، وَعَدَمِ تَحَقُّقِ الْعِلَّةِ خِلَافُ الْقِيَاسِ (وَمَتَى ضَرَبَهَا فَاسْوَدَّتْ أَوْ اخْضَرَّتْ) مَثَلًا (وَمَنْفَعَتُهَا بَاقِيَةٌ فَحُكُومَةٌ) تَلْزَمُهُ، وَحُكُومَةُ الِاخْضِرَارِ أَقَلُّ مِنْ حُكُومَةِ الِاسْوِدَادِ، وَحُكُومَةُ الِاصْفِرَارِ أَقَلُّ مِنْ الِاخْضِرَارِ ذَكَرَهُ الْأَصْلُ فَإِنْ فَاتَتْ مَنْفَعَتُهَا فَالْأَرْشُ.
(فَصْلٌ: الْأَسْنَانُ) فِي غَالِبِ الْفِطْرَةِ (اثْنَانِ وَثَلَاثُونَ) أَرْبَعٌ ثَنَايَا، وَهِيَ الْوَاقِعَةُ فِي مُقَدَّمِ الْفَمِ ثِنْتَانِ مِنْ أَعْلَى وَثِنْتَانِ مِنْ أَسْفَلَ ثُمَّ أَرْبَعٌ رَبَاعِيَاتٌ ثِنْتَانِ مِنْ أَعْلَى وَثِنْتَانِ مِنْ أَسْفَلَ ثُمَّ أَرْبَعٌ ضَوَاحِكُ ثُمَّ أَرْبَعَةُ أَنْيَابٍ، وَأَرْبَعَةُ نَوَاجِذَ وَاثْنَا عَشَرَ ضِرْسًا وَتُسَمَّى الطَّوَاحِينَ قَالَهُ فِي الْأَصْلِ لَا يُقَالُ قَضِيَّتُهُ أَنَّ النَّوَاجِذَ فِي الْإِثْنَاءِ، وَلَيْسَ كَذَلِكَ بَلْ هِيَ آخِرُ الْأَضْرَاسِ؛ لِأَنَّا نَمْنَعُ أَنَّ قَضِيَّتَهُ ذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ عَبَّرَ فِي الْأَوَّلِ بِثُمَّ ثُمَّ عَطَفَ النَّوَاجِذَ وَالْأَضْرَاسَ بِالْوَاوِ، وَهِيَ لَا تَقْتَضِي تَرْتِيبًا، وَأَمَّا خَبَرُ أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم «ضَحِكَ حَتَّى بَدَتْ نَوَاجِذُهُ» فَالْمُرَادُ ضَوَاحِكُهُ؛ لِأَنَّ ضَحِكَهُ صلى الله عليه وسلم كَانَ تَبَسُّمًا (فَإِذَا قَلَعَهَا مَعًا) أَوْ مُرَتَّبًا (لَزِمَهُ مِائَةٌ وَسِتُّونَ بَعِيرًا) لِمَا مَرَّ أَنَّ فِي كُلِّ سِنٍّ خَمْسَةَ أَبْعِرَةٍ وَلِكَوْنِهَا يَخْتَلِفُ نَبَاتُهَا تَقَدُّمًا وَتَأَخُّرًا اُعْتُبِرَتْ فِي نَفْسِهَا فَزَادَ أَرْشُهَا عَلَى أَرْشِ النَّفْسِ بِخِلَافِ الْأَصَابِعِ وَنَحْوِهَا (فَإِنْ زَادَتْ) عَلَى اثْنَيْنِ وَثَلَاثِينَ، وَكَانَ الزَّائِدُ عَلَى سُنَنِهَا (فَهَلْ لِلزَّائِدِ أَرْشٌ) لِظَاهِرِ الْخَبَرِ (أَوْ حُكُومَةٌ) لِزِيَادَتِهِ عَلَى الْغَالِبِ كَالْأُصْبُعِ الزَّائِدَةِ (وَجْهَانِ) صَحَّحَ مِنْهُمَا الْقَمُولِيُّ وَالْبُلْقِينِيُّ وَالزَّرْكَشِيُّ الْأَوَّلَ، وَصَاحِبُ الْأَنْوَارِ الثَّانِيَ، وَالْأَوَّلُ أَوْجَهُ.
الْعُضْوُ (الثَّامِنُ اللَّحْيَانِ) بِفَتْحِ اللَّامِ (وَهُمَا مَنْبَتُ الْأَسْنَانِ السُّفْلَى) ، وَمُلْتَقَاهُمَا الذَّقَنُ (وَفِيهِمَا الدِّيَةُ) ؛ لِأَنَّ فِيهِمَا جَمَالًا، وَمَنْفَعَةً ظَاهِرَةً (وَلَا يَتْبَعُهُمَا الْأَسْنَانُ) ؛ لِأَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا مُسْتَقِلٌّ بِرَأْسِهِ، وَلَهُ بَدَلٌ مُقَدَّرٌ وَاسْمٌ يَخُصُّهُ فَلَا يَدْخُلُ أَحَدُهُمَا فِي الْآخَرِ بِخِلَافِ الْيَدِ مَعَ الْأَصَابِعِ، وَلَوْ فَكَّهُمَا أَوْ ضَرَبَهُمَا فَيَبِسَا لَزِمَهُ دِيَتُهُمَا فَإِنْ تَعَطَّلَ بِذَلِكَ مَنْفَعَةُ الْأَسْنَانِ لَمْ يَجِبْ لَهَا شَيْءٌ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَجْنِ عَلَيْهَا بَلْ عَلَى اللَّحْيَيْنِ نَصَّ عَلَيْهِ فِي الْأُمِّ كَمَا نَقَلَهُ الْأَذْرَعِيُّ وَغَيْرُهُ.
الْعُضْوُ (التَّاسِعُ الْيَدَانِ، وَفِيهِمَا الدِّيَةُ)
ــ
[حاشية الرملي الكبير]
قَوْلُهُ: وَالظَّاهِرُ الْمَنْعُ) هُوَ الْأَصَحُّ (قَوْلُهُ: بَطَلَ نَفْعُهُمَا كَمَا قَالَ الزَّرْكَشِيُّ) كَانَ الْمُرَادُ مَنْفَعَةَ الْمَضْغِ لَا كُلَّ مَنْفَعَةٍ فَإِنَّ مَنْفَعَةَ الْجَمَالِ وَحَبْسِ الطَّعَامِ وَالرِّيقِ مَوْجُودَةٌ مَعَ بَقَائِهَا وَكَتَبَ أَيْضًا مَا نَصُّهُ، وَمَتَى انْتَهَى صِغَرُ السِّنِّ إلَى أَنْ لَا تَصْلُحَ لِلْمَضْغِ فَوَاجِبُهَا الْحُكُومَةُ كَالشَّلَّاءِ (قَوْلُهُ: أَوْ عَادَتْ نَاقِصَةَ الْمَنْفَعَةِ) أَيْ بَقِيَتْ السِّنُّ نَاقِصَةَ الْمَنْفَعَةِ بِمَعْنَى ذَاهِبَتِهَا (قَوْلُهُ: وَحُكُومَةُ الِاصْفِرَارِ أَقَلُّ مِنْ الِاخْضِرَارِ) قَالَ فِي الْأَنْوَارِ وَحُكُومَةُ الِاخْضِرَارِ أَقَلُّ مِنْ الِاصْفِرَارِ، وَجَزَمَ بِهِ غَيْرُهُ أَيْضًا قَالَ بَعْضُهُمْ، وَهُوَ الظَّاهِرُ.
[فَصْلٌ دِيَة الْأَسْنَان]
(فَصْلٌ: الْأَسْنَانُ اثْنَانِ وَثَلَاثُونَ)(قَوْلُهُ: فَإِذَا قَلَعَهَا لَزِمَهُ مِائَةٌ وَسِتُّونَ بَعِيرًا) لَوْ كَانَتْ أَسْنَانُ شَخْصٍ قِطْعَةً وَاحِدَةً مِنْ الْأَعْلَى، وَقِطْعَةً وَاحِدَةً مِنْ الْأَسْفَلِ وَأُزِيلَتْ بِجِنَايَةٍ هَلْ يَجِبُ عَلَى الْجَانِي دِيَةُ كَامِلِ الْأَسْنَانِ، وَهِيَ مِائَةٌ وَسِتُّونَ بَعِيرًا أَوْ مِائَةٌ وَخَمْسُونَ حَمْلًا عَلَى النَّاقِصِ أَوْ لَا يُزَادُ فِيهِ عَلَى دِيَةٍ؛ لِأَنَّ مَنْفَعَتَهَا وَاحِدَةٌ، وَقَدْ أُزِيلَتْ فِيهِ نَظَرٌ، وَالْأَقْرَبُ الْأَخِيرُ د، وَقَوْلُهُ، وَالْأَقْرَبُ الْأَخِيرُ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ: فَهَلْ لِلزَّائِدَةِ أَرْشٌ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ: وَالْأَوَّلُ أَوْجَهُ) ، وَهُوَ ظَاهِرُ إطْلَاقِ الْخَبَرِ وَالْجُمْهُورِ، وَقَالَ الْغَزِّيِّ: وَهُوَ مُتَعَيَّنٌ، وَإِلَّا فَلَكَ أَنْ تَقُولَ أَيُّ أَسْنَانِهِ الزَّائِدُ
(قَوْلُهُ: التَّاسِعُ الْيَدَانِ، وَفِيهِمَا الدِّيَةُ) قَالَ الْأَذْرَعِيُّ يَجِبُ التَّنَبُّهُ هُنَا لِصُورَةٍ ذَكَرَهَا الشَّافِعِيُّ وَالْأَصْحَابُ فِي بَابِ صَوْلِ الْفَحْلِ، وَهِيَ أَنَّهُ لَوْ أَتَى الدَّفْعَ عَلَى قَطْعِ يَمِينِ الصَّائِلِ فَوَلَّى فَتَبِعَهُ فَقَطَعَ يَسَارَهُ لَزِمَهُ قَوْدُهَا فَلَوْ عَادَ الصَّائِلُ بَعْدَ قَطْعِ يَدَيْهِ فَدَفَعَهُ الْمَصُولُ عَلَيْهِ عَنْ نَفْسِهِ ثَانِيًا فَأَتَى ذَلِكَ الدَّفْعُ عَلَى قَطْعِ إحْدَى رِجْلَيْهِ ثُمَّ مَاتَ لَزِمَهُ ثُلُثُ الدِّيَةِ لِيَدِهِ الْيُسْرَى، وَإِنْ أَتَى الدَّفْعُ عَلَى قَطْعِ يَدَيْهِ ثُمَّ قَطْعِ إحْدَى رِجْلَيْهِ بَعْدَ أَنْ وَلَّى لَزِمَهُ نِصْفُ الدِّيَةِ هَذَا لَفْظُ الْمُعْتَمَدِ، وَذَكَرَهَا الْأَصْحَابُ بِمَعْنَاهُ. اهـ. قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: وَقَدْ يَجِبُ فِي الْيَدَيْنِ بَعْضُ الدِّيَةِ وَصُورَةُ ذَلِكَ مَا إذَا سُلِخَ جِلْدُهُ فَبَادَرَ الْآخَرُ وَالْحَيَاةُ فِيهِ مُسْتَقِرَّةٌ فَقَطَعَ يَدَيْهِ فَإِنَّ الَّذِي سُلِخَ يَلْزَمُهُ دِيَةٌ كَامِلَةٌ، وَأَمَّا قَاطِعُ الْيَدَيْنِ فَيَسْقُطُ عَنْهُ مِنْ الدِّيَةِ مَا يَخُصُّ الْجِلْدَ الَّذِي كَانَ عَلَيْهِمَا
كَمَا جَاءَ فِي خَبَرِ عَمْرِو بْنِ حَزْمٍ (وَتَكْمُلُ) الدِّيَةُ (بِلَقْطِ الْأَصَابِعِ) لِمَا ثَبَتَ أَنَّ فِي كُلِّ أُصْبُعٍ عَشَرًا مِنْ الْإِبِلِ (وَتَدْخُلُ حُكُومَةُ الْكَفِّ فِي دِيَتِهَا) أَيْ الْأَصَابِعِ كَمَا فِي الْمَارِنِ مَعَ قَصَبَتِهِ (بِخِلَافِ مَا قُطِعَ مِنْ السَّاعِدِ، وَ) مِنْ (الْمَرْفِقِ، وَ) مِنْ (الْعَضُدِ) فَلَا تَدْخُلُ حُكُومَتُهَا فِي دِيَةِ الْيَدِ (بَلْ تَجِبُ حُكُومَتُهَا مَعَ الْيَدِ) ؛ لِأَنَّ كُلًّا مِنْهَا مَعَ الْيَدِ عُضْوَانِ بِخِلَافِ الْكَفِّ مَعَ الْأَصَابِعِ فَإِنَّهُمَا كَالْعُضْوِ الْوَاحِدِ بِدَلِيلِ قَطْعِهِمَا فِي السَّرِقَةِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا} [المائدة: 38](ثُمَّ) بَعْدَ لَقْطِهِ الْأَصَابِعَ (إنْ قَطَعَ الْكَفَّيْنِ) أَوْ أَحَدَهُمَا (بَعْدَ ذَلِكَ هُوَ أَوْ غَيْرُهُ فَحُكُومَةٌ) تَجِبُ (كَمَا فِي السِّنْخِ) مَعَ السِّنِّ لِاخْتِلَافِ الْجِنَايَةِ (وَفِي الْأُصْبُعِ) أَيْ فِي قَطْعِ كُلِّ أُصْبُعٍ (عَشَرَةُ أَبْعِرَةٍ) كَمَا جَاءَ فِي خَبَرِ عَمْرِو بْنِ حَزْمٍ (وَ) فِي قَطْعِ (أُنْمُلَةِ الْإِبْهَامِ نِصْفُهَا) أَيْ الْعَشَرَةِ (وَ) أُنْمُلَةِ (غَيْرِهَا ثُلُثُهَا) ؛ لِأَنَّ لِكُلِّ أُصْبُعٍ ثَلَاثَ أَنَامِلَ إلَّا الْإِبْهَامَ فَلَهَا أُنْمُلَتَانِ فَلَوْ انْقَسَمَتْ أُصْبُعٌ بِأَرْبَعِ أَنَامِلَ مُتَسَاوِيَةٍ فَفِي كُلِّ وَاحِدَةٍ رُبُعُ الْعُشْرِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ.
وَيُقَاسُ بِهَذِهِ النِّسْبَةِ الزَّائِدَةِ عَلَى الْأَرْبَعِ وَالنَّاقِصَةِ عَنْ الثَّلَاثِ، وَبِهِ صَرَّحَ الْمَاوَرْدِيُّ ثُمَّ قَالَ فَإِنْ قِيلَ لِمَ لَمْ يَقْسِمُوا دِيَةَ الْأَصَابِعِ عَلَيْهَا إنْ زَادَتْ أَوْ نَقَصَتْ كَمَا فِي الْأَنَامِلِ بَلْ أَوْجَبُوا فِي الْأُصْبُعِ الزَّائِدَةِ حُكُومَةً قُلْنَا الْفَرْقُ أَنَّ الزَّائِدَةَ مِنْ الْأَصَابِعِ مُتَمَيِّزَةٌ، وَمِنْ الْأَنَامِلِ غَيْرُ مُتَمَيِّزَةٍ (، وَمَنْ لَهُ يَمِينَانِ أَوْ شِمَالَانِ أَوْ كَفَّانِ) مَعَ الْأَصَابِعِ (عَلَى مَنْكِبٍ فِي) الْأُولَيَيْنِ (أَوْ مِعْصَمٌ) فِي الثَّالِثَةِ (وَإِحْدَاهُمَا أَكْمَلُ) مِنْ الْأُخْرَى (فَهِيَ الْيَدُ) الْأَصْلِيَّةُ (فَفِيهَا) أَيْ فِي قَطْعِهَا (الْقِصَاصُ، وَفِي الْأُخْرَى الْحُكُومَةُ، وَيُعْرَفُ الْكَمَالُ بِالْبَطْشِ أَوْ قُوَّتِهِ) ، وَإِنْ كَانَتْ الْبَاطِشَةُ أَوْ الْقَوِيَّةُ مُنْحَرِفَةً عَنْ الذِّرَاعِ أَوْ نَاقِصَةَ أُصْبُعٍ كَمَا أَفَادَهُ كَلَامُ الْقَاضِي؛ لِأَنَّ الْيَدَ خُلِقَتْ لِلْبَطْشِ فَهُوَ أَقْوَى دَلِيلًا عَلَى كَمَالِهَا أَيْ أَصَالَتِهَا (فَإِنْ كَانَتْ) إحْدَاهُمَا (مُعْتَدِلَةً وَالْأُخْرَى مُنْحَرِفَةً فَالْيَدُ) الْأَصْلِيَّةُ هِيَ (الْمُعْتَدِلَةُ لَا إنْ كَانَتْ الْمُنْحَرِفَةُ أَقْوَى بَطْشًا) فَإِنَّهَا الْأَصْلِيَّةُ لِمَا مَرَّ، وَلَوْ كَانَتْ إحْدَاهُمَا مُعْتَدِلَةً وَالْأُخْرَى زَائِدَةَ أُصْبُعٍ فَلَا تَمْيِيزَ عِنْدَ الْأَكْثَرِينَ؛ لِأَنَّ الْيَدَ الْأَصْلِيَّةَ كَثِيرًا مَا تَشْتَمِلُ عَلَى الْأُصْبُعِ الزَّائِدَةِ صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ (فَإِنْ) ، وَفِي نُسْخَةٍ، وَإِنْ (اسْتَوَيَا) بَطْشًا (وَإِحْدَاهُمَا) مُسْتَوِيَةٌ لَكِنَّهَا (نَاقِصَةُ أُصْبُعٍ وَالْأُخْرَى مُنْحَرِفَةٌ) كَامِلَةٌ (فَفِيهِ تَرَدُّدٌ لِلْإِمَامِ) .
قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَالْأَقْرَبُ أَنَّ الْمُنْحَرِفَةَ هِيَ الْأَصْلِيَّةُ كَمَا فِي زِيَادَةِ الْبَطْشِ وَذَكَرَ الْمَاوَرْدِيُّ أَنَّهُمَا إذَا اسْتَوَيَا بَطْشًا، وَكَانَتْ إحْدَاهُمَا أَكْبَرَ مِنْ الْأُخْرَى فَالْكَبِيرَةُ هِيَ الْأَصْلِيَّةُ (فَإِنْ) ، وَفِي نُسْخَةٍ، وَإِنْ (اسْتَوَيَا) بَطْشًا وَغَيْرُهُ (فَهُمَا كَيَدٍ وَاحِدَةٍ فَعَلَى قَاطِعِهِمَا الْقِصَاصُ أَوْ الدِّيَةُ، وَيَجِبُ مَعَ ذَلِكَ حُكُومَةٌ لِزِيَادَةِ الصُّورَةِ، وَفِي) قَطْعِ (إحْدَاهُمَا نِصْفُ دِيَةِ الْيَدِ، وَحُكُومَةٌ) ؛ لِأَنَّهَا نِصْفٌ فِي صُورَةِ الْكُلِّ (وَلَا قِصَاصَ) فِيهَا إلَّا أَنْ يَكُونَ لِلْقَاطِعِ مِثْلُهَا (، وَفِي) قَطْعِ (الْأُصْبُعِ وَالْأُنْمُلَةِ) مِنْهَا (نِصْفُ دِيَتِهِمَا، وَحُكُومَةٌ) لِمَا مَرَّ آنِفًا (فَلَوْ عَادَ) الْقَاطِعُ إحْدَاهُمَا بَعْدَ أَخْذِ الْأَرْشِ وَالْحُكُومَةِ مِنْهُ (وَقَطَعَ) الْيَدَ (الثَّانِيَةَ فَهَلْ لَهُ) أَيْ لِلْمَقْطُوعِ (رَدُّ الْأَرْشِ) الَّذِي أَخَذَهُ (غَيْرَ قَدْرِ الْحُكُومَةِ، وَيُقْتَصُّ) مِنْهُ؛ لِأَنَّ الْأَرْشَ إنَّمَا أُخِذَ لِتَعَذُّرِ الْقِصَاصِ لَا لِإِسْقَاطِهِ فَإِذَا قَطَعَ الثَّانِيَةَ حَصَلَ الْإِمْكَانُ أَوَّلًا؛ لِأَنَّ الْقِصَاصَ يَتَعَلَّقُ بِقَطْعِ الْيَدَيْنِ جَمِيعًا، وَقَدْ سَبَقَ مِنْهُ أَخْذُ الْأَرْشِ عَنْ إحْدَاهُمَا، وَهُوَ يَتَضَمَّنُ إسْقَاطَهُ فَلَا عَوْدَ إلَيْهِ بَعْدَ إسْقَاطِهِ (وَجْهَانِ) كَنَظِيرِهِمَا
ــ
[حاشية الرملي الكبير]
وَتُوجِبُ عَلَيْهِ الْبَاقِي مَعَ أَنَّهُ لَوْ قَتَلَهُ قَاتِلٌ لَأَوْجَبْنَا عَلَيْهِ الْقَوَدَ (قَوْلُهُ: وَتَدْخُلُ حُكُومَةُ الْكَفِّ فِي دِيَتِهَا) نَقَلَ ابْنُ الْمُنْذِرِ فِيهِ الْإِجْمَاعَ؛ وَلِأَنَّهَا الْمُعَبَّرُ عَنْهَا بِالْيَدَيْنِ شَرْعًا كَمَا قَالَ {وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا} [المائدة: 38] ، وَقَدْ «قُطِعَ صلى الله عليه وسلم السَّارِقُ مِنْ مَفْصِلِ الْكَفِّ» فَإِطْلَاقُ الشَّرْعِ يُحْمَلُ عَلَى عُرْفِهِ؛ وَلِأَنَّ الدِّيَةَ تَكْمُلُ فِي الرَّجُلِ إذَا قُطِعَتْ مِنْ مَفْصِلِ الْقَدَمِ؛ لِأَنَّهَا تُقْطَعُ مِنْهُ فِي السَّرِقَةِ فَكَذَا الْيَدُ؛ وَلِأَنَّهُ صلى الله عليه وسلم «كَمَّلَ الدِّيَةَ فِي الْيَدَيْنِ وَالرِّجْلَيْنِ بِأَصَابِعِهَا وَكَمَّلَهَا فِي الْأَصَابِعِ بِدُونِ الْكَفِّ» فَدَلَّ عَلَى أَنَّهَا غَيْرُ مُقَابَلَةٍ عِنْدَ قَطْعِ الْمَجْمُوعِ بِشَيْءٍ.
(فَائِدَةٌ) قَالَ الْعَلَائِيُّ فِي قَوَاعِدِهِ: مِمَّا نَظَمَهُ الْمَعَرِّيُّ يُشَكِّكُ بِهِ عَلَى الشَّرِيعَةِ فِي الْفَرْقِ بَيْنَ الدِّيَةِ وَالْقَطْعُ فِي السَّرِقَةِ
يَدٌ بِخَمْسٍ مِئِينَ عَسْجَدٍ وُدِيَتْ
…
مَا بَالُهَا قُطِعَتْ فِي رُبْعِ دِينَارِ
فَأَجَابَهُ الْقَاضِي عَبْدُ الْوَهَّابِ الْمَالِكِيُّ
وِقَايَةُ النَّفْسِ أَغْلَاهَا وَأَرْخَصَهَا
…
وِقَايَةُ الْمَالِ فَافْهَمْ حِكْمَةَ الْبَارِي
وَهُوَ جَوَابٌ بَدِيعٌ مَعَ اخْتِصَارِهِ، وَمَعْنَاهُ أَنَّ الْيَدَ لَوْ كَانَتْ تُودَى بِمَا تُقْطَعُ فِيهِ أَوْ بِمَا يُقَارِبُهُ لَكَثُرَتْ الْجِنَايَاتُ عَلَى الْأَطْرَافِ لِسُهُولَةِ مَا يَغْرَمُ الْجَانِي فِي مُقَابَلَتِهَا فَغَلَّظَ الشَّرْعُ ذَلِكَ بِأَنْ جَعَلَ دِيَتَهَا ذَلِكَ الْمِقْدَارَ حِفْظًا لَهَا وَدَفْعًا لِضَرَرِ الْجِنَايَةِ عَلَيْهَا، وَلَوْ كَانَتْ لَا تُقْطَعُ إلَّا فِي سَرِقَةِ مَا نُودَى بِهِ لَكَثُرَتْ الْجِنَايَاتُ عَلَى الْأَمْوَالِ، وَقَلَّ مَنْ يُقْطَعُ بِخَمْسِمِائَةِ دِينَارٍ فَحَفِظَ الشَّارِعُ ذَلِكَ بِتَقْلِيلِ مَا تُقْطَعُ فِيهِ حِفْظًا لِلْأَمْوَالِ وَدَفْعًا لِضَرَرِ الْجِنَايَةِ عَلَيْهَا. اهـ. وَقَدْ أَجَابَ الْإِمَامُ الشَّافِعِيُّ رضي الله عنه أَيْضًا عَنْ ذَلِكَ بِجَوَابٍ مُخْتَصَرٍ جَيِّدٍ فَقَالَ لَمَّا كَانَتْ أَمِينَةً كَانَتْ ثَمِينَةً، وَلَمَّا خَانَتْ هَانَتْ. اهـ.
(قَوْلُهُ: وَفِي الْأُصْبُعِ عَشَرَةُ أَبْعِرَةٍ) شَمِلَ مَا إذَا كَانَتْ الْأُصْبُعُ الْوُسْطَى مِثْلَ الْمُسَبِّحَةِ، وَالْبِنْصِرُ مِثْلُ الْخِنْصَرِ، وَكَتَبَ أَيْضًا يَدْخُلُ فِي إطْلَاقِهِ الْعَشْرُ فِي كُلِّ أُصْبُعٍ مَا لَوْ كَانَ فِي الْكَفِّ سِتُّ أَصَابِعَ أَصْلِيَّةٍ لِاسْتِوَائِهَا فِي الْكَمَالِ وَالْقُوَّةِ فَتَجِبُ سِتُّونَ، وَقَضِيَّةُ كَلَامِ الرَّافِعِيِّ فِي طَرِيقِ الْمُمَاثَلَةِ فِي الْقِصَاصِ أَنَّهُ لَا يَجِبُ غَيْرُ خَمْسِينَ فَإِنَّهُ أَوْجَبَ فِي الْوَاحِدِ مِنْهَا سُدُسَ الدِّيَةِ، وَدَخَلَ فِي إطْلَاقِهِ الْأُصْبُعُ مَا إذَا لَمْ يَكُنْ لَهَا مَفَاصِلُ، وَنَقْلًا عَنْ الْإِمَامِ هُنَاكَ أَنَّ الْأَرْجَحَ عِنْدَهُ نُقْصَانُ شَيْءٍ مِنْ الدِّيَةِ؛ لِأَنَّ الِانْثِنَاءَ إذَا زَالَ سَقَطَ مُعْظَمُ مَنَافِعِ الْأُصْبُعِ (قَوْلُهُ: وَبِهِ صَرَّحَ الْمَاوَرْدِيُّ) أَيْ وَغَيْرُهُ (قَوْلُهُ: قُلْنَا الْفَرْقُ أَنَّ الزَّائِدَةَ إلَخْ) ، وَأَنَّ الْأَنَامِلَ لَمَّا اخْتَلَفَتْ فِي أَصْلِ الْخِلْقَةِ الْغَالِبَةِ بِالزِّيَادَةِ وَالنَّقْصِ كَانَ كَذَلِكَ فِي الْخِلْقَةِ النَّادِرَةِ، وَلَمَّا لَمْ تَخْتَلِفْ الْأَصَابِعُ فِي الْخِلْقَةِ الْمَعْهُودَةِ فَارَقَهَا حُكْمُ الْخِلْقَةِ النَّادِرَةِ (قَوْلُهُ: كَمَا أَفَادَهُ كَلَامُ الْقَاضِي) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ، وَكَتَبَ عَلَيْهِ كِلَاهُمَا يُؤْخَذُ مِنْ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ الْآتِي (قَوْلُهُ: قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَالْأَقْرَبُ إلَخْ) هُوَ الْأَصَحُّ