الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَعَلَيْهِ يُحْمَلُ خَبَرُ «أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم أَلَوَى بِيَدِهِ بِالتَّسْلِيمِ» رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَحَسَّنَهُ وَيَدُلُّ لَهُ أَنَّ أَبَا دَاوُد رَوَاهُ وَقَالَ فِي رِوَايَةٍ «فَسَلَّمَ عَلَيْنَا» .
(وَصِيغَتُهُ رَدًّا وَعَلَيْكُمْ السَّلَامُ) قَالَ فِي الْأَصْلِ أَوْ وَعَلَيْك السَّلَامُ لِلْوَاحِدِ (وَكَذَا لَوْ تَرَكَ الْوَاوَ) فَقَالَ عَلَيْكُمْ السَّلَامُ وَإِنْ كَانَ ذِكْرُهَا أَفْضَلَ كَمَا أَشْعَرَ بِهِ كَلَامُهُ (فَإِنْ عَكَسَ) فِيهِمَا فَقَالَ وَالسَّلَامُ عَلَيْكُمْ أَوْ السَّلَامُ عَلَيْكُمْ (جَازَ) وَكَفَى (فَإِنْ قَالَ وَعَلَيْكُمْ وَسَكَتَ) عَنْ السَّلَامِ (لَمْ يَجُزْ) إذْ لَيْسَ فِيهِ تَعَرُّضٌ لِلسَّلَامِ وَقِيلَ يُجْزِئُ وَالتَّصْرِيحُ بِالتَّرْجِيحِ مِنْ زِيَادَتِهِ وَقَدْ يُقَالُ يُؤَيِّدُ الثَّانِي مَا يَأْتِي مِنْ أَنَّهُ لَوْ سَلَّمَ عَلَى الْمُسْلِمِ ذِمِّيٌّ لَمْ يَزِدْ فِي الرَّدِّ عَلَى قَوْلِهِ وَعَلَيْك وَيُجَابُ بِأَنَّهُ لَيْسَ الْغَرَضُ ثَمَّ السَّلَامُ عَلَى الذِّمِّيِّ بَلْ الْغَرَضُ أَنْ يَرُدَّ عَلَيْهِ لِمَا ثَبَتَ فِي الْحَدِيثِ.
(وَهُوَ) أَيْ السَّلَامُ ابْتِدَاءً وَرَدًّا (بِالتَّعْرِيفِ أَفْضَلُ) مِنْهُ بِالتَّنْكِيرِ فَيَكْفِي سَلَامٌ عَلَيْكُمْ وَعَلَيْكُمْ سَلَامٌ وَإِنْ كَانَا مَفْضُولَيْنِ.
(وَزِيَادَةُ وَرَحْمَةُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُهُ) عَلَى السَّلَامِ (ابْتِدَاءً وَرَدًّا أَكْمَلُ) مِنْ تَرْكِهَا وَجَاءَ فِيهِ فِي الِابْتِدَاءِ حَدِيثٌ حَسَنٌ رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَغَيْرُهُ.
(وَإِنْ سَلَّمَ كُلٌّ) مِنْ اثْنَيْنِ تَلَاقِيًا (عَلَى الْآخَرِ مَعًا لَزِمَ كُلًّا) مِنْهُمَا (الرَّدُّ) عَلَى الْآخَرِ وَلَا يَحْصُلُ الْجَوَابُ بِالسَّلَامِ (أَوْ مُرَتَّبًا كَفَى الثَّانِي سَلَامُهُ رَدًّا) نَعَمْ إنْ قَصَدَ بِهِ الِابْتِدَاءَ صَرَفَهُ عَنْ الْجَوَابِ قَالَهُ الزَّرْكَشِيُّ وَيُؤْخَذُ مِنْ تَعْبِيرِ الْمُصَنِّفِ بِكَفَى أَنَّ الْأَوْلَى أَنْ يُجِيبَ بِغَيْرِ سَلَامِهِ.
(وَإِنْ سَلَّمَ عَلَيْهِ جَمَاعَةٌ كَفَاهُ) أَنْ يَقُولَ (وَعَلَيْكُمْ السَّلَامُ بِقَصْدِهِمْ) أَيْ بِقَصْدِ الرَّدِّ عَلَيْهِمْ جَمِيعًا كَمَا لَوْ صَلَّى عَلَى جَنَائِزَ صَلَاةً وَاحِدَةً بِخِلَافِ مَا إذَا لَمْ يَقْصِدْ الرَّدَّ عَلَيْهِمْ جَمِيعًا وَقَضِيَّتُهُ أَنَّهُ لَوْ أَطْلَقَ لَمْ يَكْفِهِ وَالْأَوْجَهُ خِلَافُهُ.
(وَيُسَلِّمُ) نَدْبًا (الرَّاكِبُ عَلَى الْمَاشِي وَالْمَاشِي عَلَى الْوَاقِفِ وَالصَّغِيرُ عَلَى الْكَبِيرِ وَ) الْجَمْعُ (الْقَلِيلُ عَلَى الْكَثِيرِ فِي) حَالِ (التَّلَاقِي) فِي طَرِيقٍ كَمَا ثَبَتَ ذَلِكَ فِي الصَّحِيحَيْنِ وَلِأَنَّ الْقَصْدَ بِالسَّلَامِ الْأَمَانُ وَالْمَاشِي يَخَافُ الرَّاكِبَ وَالْوَاقِفُ يَخَافُ الْمَاشِي فَأَمَرَ بِالِابْتِدَاءِ لِيَحْصُلَ مِنْهُمَا الْأَمْنُ وَلِلْكَبِيرِ وَالْكَثِيرِ زِيَادَةُ مَرْتَبَةٍ فَأَمَرَ الصَّغِيرَ وَالْقَلِيلَ بِالِابْتِدَاءِ تَأَدُّبًا فَلَوْ تَلَاقَى مَاشٍ وَكَثِيرُ رَاكِبٍ تَعَارَضَا.
(وَإِنْ عُكِسَ) بِأَنْ سَلَّمَ الْمَاشِي عَلَى الرَّاكِبِ وَالْوَاقِفُ عَلَى الْمَاشِي وَالْكَبِيرُ عَلَى الصَّغِيرِ وَالْكَثِيرُ عَلَى الْقَلِيلِ (لَمْ يُكْرَهْ) وَإِنْ كَانَ خِلَافَ السُّنَّةِ، وَذِكْرُ عَدَمِ الْكَرَاهَةِ فِي سَلَامِ الْكَبِيرِ عَلَى الصَّغِيرِ مِنْ زِيَادَتِهِ وَصَرَّحَ بِهِ النَّوَوِيُّ فِي أَذْكَارِهِ.
(وَكُلُّهُمْ يُسَلِّمُ) فِيمَا إذَا وَرَدُوا عَلَى قَاعِدٍ (عَلَى الْقَاعِدِ مُطْلَقًا) عِبَارَةُ الرَّوْضَةِ ثُمَّ هَذَا الْأَدَبُ فِيمَا إذَا تَلَاقَيَا أَوْ تَلَاقَوْا فِي طَرِيقٍ فَأَمَّا إذَا وَرَدُوا عَلَى قَاعِدٍ أَوْ عَلَى قُعُودٍ فَإِنَّ الْوَارِدَ يَبْدَأُ سَوَاءٌ كَانَ صَغِيرًا أَوْ كَبِيرًا قَلِيلًا أَوْ كَثِيرًا انْتَهَى وَكَالْقَاعِدِ الْوَاقِفُ وَالْمُضْطَجِعُ.
(وَيُكْرَهُ تَخْصِيصُ الْبَعْضِ) مِنْ الْجَمْعِ بِالسَّلَامِ ابْتِدَاءً وَرَدًّا لِأَنَّ الْقَصْدَ مِنْهُ الْمُؤَانَسَةُ وَالْأُلْفَةُ وَفِي تَخْصِيصِ الْبَعْضِ إيحَاشُ الْبَاقِينَ وَرُبَّمَا صَارَ سَبَبًا لِلْعَدَاوَةِ.
[فَرْعٌ السَّلَامُ لِلنِّسَاءِ]
(فَرْعٌ وَيُسَنُّ) السَّلَامُ (لِلنِّسَاءِ) مَعَ بَعْضِهِنَّ وَغَيْرِهِنَّ (لَا مَعَ الرِّجَالِ الْأَجَانِبِ) أَفْرَادًا وَجَمْعًا.
(فَيَحْرُمُ) السَّلَامُ عَلَيْهِمْ (مِنْ الشَّابَّةِ ابْتِدَاءً وَرَدًّا) خَوْفَ الْفِتْنَةِ (وَيُكْرَهَانِ) أَيْ ابْتِدَاءُ السَّلَامِ وَرَدُّهُ (عَلَيْهَا) نَعَمْ لَا يُكْرَهُ سَلَامُ الْجَمْعِ الْكَثِيرِ مِنْ الرِّجَالِ عَلَيْهَا إنْ لَمْ يُخَفْ فِتْنَةٌ ذَكَرَهُ فِي الْأَذْكَارِ وَذِكْرُ حُرْمَةِ وَكَرَاهَةِ ابْتِدَائِهَا بِهِ مِنْ زِيَادَةِ الْمُصَنِّفِ.
(لَا عَلَى جَمْعِ نِسْوَةٍ أَوْ عَجُوزٍ) أَيْ لَا يُكْرَهُ ابْتِدَاءُ السَّلَامِ وَرَدُّهُ عَلَيْهِنَّ لِانْتِفَاءِ خَوْفِ الْفِتْنَةِ بَلْ يُنْدَبُ الِابْتِدَاءُ بِهِ مِنْهُنَّ عَلَى غَيْرِهِنَّ وَعَكْسُهُ وَيَجِبُ الرَّدُّ لِذَلِكَ وَذِكْرُ الِابْتِدَاءِ مِنْهُنَّ مَا عَدَا الْعَجُوزَ مِنْ زِيَادَتِهِ وَيُسْتَثْنَى عَبْدُ الْمَرْأَةِ بِالنِّسْبَةِ إلَيْهَا وَمِثْلُهُ كُلُّ مَنْ يُبَاحُ نَظَرُهُ إلَيْهَا كَمَمْسُوحٍ.
(وَلَوْ سَلَّمَ بِالْعَجَمِيَّةِ جَازَ إذَا فَهِمَ) الْمُخَاطَبُ وَإِنْ قَدَرَ عَلَى الْعَرَبِيَّةِ (وَوَجَبَ الرَّدُّ) ؛ لِأَنَّهُ يُسَمَّى سَلَامًا.
(وَلَا يَبْدَأُ بِهِ) أَيْ بِالسَّلَامِ (فَاسِقًا وَ) لَا (مُبْتَدِعًا عَلَى الْمُخْتَارِ إلَّا لِعُذْرٍ) كَخَوْفٍ مِنْ مَفْسَدَةٍ وَالتَّرْجِيحُ وَالِاسْتِثْنَاءُ فِي مَسْأَلَةِ الْفَاسِقِ مِنْ زِيَادَتِهِ وَصَرَّحَ بِهِ فِي الْأَذْكَارِ وَغَيْرِهِ وَسَكَتَ عَنْ حُكْمِ الرَّدِّ عَلَى الْفَاسِقِ وَالْمُبْتَدِعِ وَقَدْ قَالَ فِي الْأَذْكَارِ يَنْبَغِي أَنْ لَا يُسَلِّمَ عَلَيْهِمَا وَلَا يَرُدَّ عليهما السلام كَمَا قَالَهُ الْبُخَارِيُّ وَغَيْرُهُ.
(وَفِي وُجُوبِ الرَّدِّ عَلَى الْمَجْنُونِ وَالسَّكْرَانِ) إذَا سَلَّمَا (وَجْهَانِ) أَصَحُّهُمَا فِي الْمَجْمُوعِ الْمَنْعُ؛ لِأَنَّ السَّلَامَ عِبَادَةٌ وَهِيَ لَا تُقْصَدُ مِنْهُمَا.
(وَيَحْرُمُ أَنْ يَبْدَأَ بِهِ) الشَّخْصُ (ذِمِّيًّا) لِلنَّهْيِ عَنْهُ فِي خَبَرِ مُسْلِمٍ.
(فَإِنْ بَانَ) مَنْ سَلَّمَ هُوَ عَلَيْهِ (ذِمِّيًّا فَلْيَقُلْ لَهُ اسْتَرْجَعْت سَلَامِي) تَحْقِيرًا لَهُ كَذَا فِي أَصْلِ الرَّوْضَةِ والَّذِي فِي الرَّافِعِيِّ وَالْأَذْكَارِ وَغَيْرِهِمَا فَيُسْتَحَبُّ أَنْ يَسْتَرِدَّ سَلَامَهُ بِأَنْ يَقُولَ: رُدَّ عَلَيَّ سَلَامِي قَالَ فِي الْأَذْكَارِ وَالْغَرَضُ مِنْ ذَلِكَ أَنْ يُوحِشَهُ وَيُظْهِرَ لَهُ أَنْ لَيْسَ بَيْنَهُمَا أُلْفَةٌ وَرُوِيَ أَنَّ
ــ
[حاشية الرملي الكبير]
قَوْلُهُ: نَعَمْ إنْ قَصَدَ بِهِ الِابْتِدَاءَ صَرَفَهُ عَنْ الْجَوَابِ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ وَكَتَبَ عَلَيْهِ أَوْ قَصَدَ بِهِ الِابْتِدَاءَ وَالرَّدَّ فَكَذَلِكَ فَيَجِبُ رَدُّ السَّلَامِ عَلَى مَنْ سَلَّمَ أَوَّلًا
(قَوْلُهُ: وَإِنْ سَلَّمَ عَلَيْهِ جَمَاعَةٌ) دَفْعَةً أَوْ مُرَتِّبًا وَلَمْ يُطِلْ الْفَصْلَ بَيْنَ سَلَامِ الْأَوَّلِ وَالْجَوَابِ (قَوْلُهُ: كَفَاهُ أَنْ يَقُولَ وَعَلَيْكُمْ السَّلَامُ) قَالَ بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ هَذَا إذَا سَلَّمُوا دَفْعَةً أَمَّا لَوْ سَلَّمُوا وَاحِدًا بَعْدَ وَاحِدٍ وَكَانُوا كَثِيرِينَ فَلَا يَحْصُلُ الرَّدُّ لِكُلِّهِمْ إذْ قَدْ مَرَّ أَنَّ شَرْطَ حُصُولِ الرَّدِّ أَنْ يَقَعَ عَلَى الْفَوْرِ قَالَ وَهَذَا لَا يَنْبَغِي أَنْ يُفْهَمَ غَيْرُهُ. اهـ. (قَوْلُهُ: أَيْ بِقَصْدِ الرَّدِّ عَلَيْهِمْ جَمِيعًا) أَوْ بِقَصْدِ الرَّدِّ فَقَطْ (قَوْلُهُ وَالْأَوْجَهُ خِلَافُهُ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ
(قَوْلُهُ: عَلَى الْوَاقِفِ) أَيْ وَالْقَاعِدِ
(قَوْلُهُ لَا مَعَ الرِّجَالِ الْأَجَانِبِ) بِأَنْ يَكُونَ بَيْنَهُمَا زَوْجِيَّةٌ وَلَا مَحْرَمِيَّةٌ وَلَا تَكُونُ أَمَتَهُ وَلَا سَيِّدَتَهُ
(قَوْلُهُ: وَيُكْرَهَانِ عَلَيْهَا) أَيْ إنْ لَمْ يَخْشَ الْفِتْنَةَ وَإِلَّا فَيَحْرُمَانِ وَكَتَبَ أَيْضًا وَظَاهِرٌ أَنَّ الْخُنْثَى مَعَ الْمَرْأَةِ كَالرَّجُلِ مَعَهَا وَمَعَ الرَّجُلِ كَالْمَرْأَةِ مَعَهُ ش (قَوْلُهُ إنْ لَمْ يَخَفْ فِتْنَةً) ذَكَرَهُ فِي الْأَذْكَارِ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ
(قَوْلُهُ: وَيُسْتَثْنَى عَبْدُ الْمَرْأَةِ بِالنِّسْبَةِ إلَيْهَا) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ
(قَوْلُهُ: وَلَا يُبْدَأُ بِهِ فَاسِقًا) أَيْ مُتَجَاهِرًا بِفِسْقِهِ (قَوْلُهُ: وَقَدْ قَالَ فِي الْأَذْكَارِ يَنْبَغِي إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ
(قَوْلُهُ: أَصَحُّهُمَا فِي الْمَجْمُوعِ الْمَنْعُ) أَيْ إلَّا أَنْ يُخَافَ مِنْ تَرْكِهِ شَرٌّ فَيَجِبُ دَفْعًا لِلشَّرِّ وَكَتَبَ أَيْضًا قَالَ الْبُلْقِينِيُّ وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَا يُسَنُّ ابْتِدَاءُ السَّلَامِ عَلَيْهِمَا اهـ قَالَ فِي الْخَادِمِ جَزَمَ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ بِأَنَّهُ لَا يُسْتَحَبُّ السَّلَامُ عَلَيْهِمَا
ابْنَ عُمَرَ سَلَّمَ عَلَى رَجُلٍ فَقِيلَ لَهُ: إنَّهُ يَهُودِيٌّ فَتَبِعَهُ وَقَالَ لَهُ: رُدَّ عَلَيَّ سَلَامِي انْتَهَى وَبِذَلِكَ عُلِمَ أَنَّ كُلًّا مِنْ الصِّيغَتَيْنِ كَافِيَةٌ.
(وَإِنْ سَلَّمَ الذِّمِّيُّ) عَلَى مُسْلِمٍ (قَالَ لَهُ) وُجُوبًا كَمَا قَالَهُ الْمَاوَرْدِيُّ وَالرُّويَانِيُّ (وَعَلَيْك) فَقَطْ لِخَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ «إذَا سَلَّمَ عَلَيْكُمْ أَهْلُ الْكِتَابِ فَقُولُوا وَعَلَيْكُمْ» وَرَوَى الْبُخَارِيُّ خَبَرَ «إذَا سَلَّمَ عَلَيْكُمْ الْيَهُودُ فَإِنَّمَا يَقُولُ أَحَدُهُمْ السَّامُّ عَلَيْك فَقُولُوا وَعَلَيْك» وَقَالَ الْخَطَّابِيُّ كَانَ سُفْيَانُ يَرْوِي عَلَيْكُمْ بِحَذْفِ الْوَاوِ وَهُوَ الصَّوَابُ؛ لِأَنَّهُ إذَا حَذَفَهَا صَارَ قَوْلُهُمْ مَرْدُودًا عَلَيْهِمْ وَإِذَا ذَكَرَهَا وَقَعَ الِاشْتِرَاكُ مَعَهُمْ وَالدُّخُولُ فِيمَا قَالُوهُ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَفِيهِ نَظَرٌ إذْ الْمَعْنَى وَنَحْنُ نَدْعُو عَلَيْكُمْ بِمَا دَعَوْتُمْ بِهِ عَلَيْنَا عَلَى أَنَّا فَسَّرْنَا السَّامَّ بِالْمَوْتِ فَلَا إشْكَالَ لِاشْتِرَاكِ الْخَلْقِ فِيهِ (وَيَسْتَثْنِيه) أَيْ الذِّمِّيَّ وُجُوبًا وَلَوْ (بِقَلْبِهِ إنْ كَانَ بَيْنَ مُسْلِمِينَ) وَسَلَّمَ عَلَيْهِمْ وَلَوْ قَالَ إنْ كَانَ مَعَ مُسْلِمٍ كَانَ أَخْصَرَ وَأَعَمَّ.
(وَلَا يَبْدَأُ) الذِّمِّيَّ (بِتَحِيَّةِ غَيْرِ السَّلَامِ) أَيْضًا (إلَّا لِعُذْرٍ) كَقَوْلِهِ: هَدَاك اللَّهُ أَوْ أَنْعَمَ اللَّهُ صَبَاحَك أَوْ صُبِّحْت بِالْخَيْرِ أَوْ بِالسَّعَادَةِ أَوْ أَطَالَ اللَّهُ بَقَاءَك، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ عُذْرٌ لَمْ يَبْدَأْهُ بِشَيْءٍ مِنْ الْإِكْرَامِ أَصْلًا فَإِنَّ ذَلِكَ بَسْطٌ لَهُ وَإِينَاسٌ وَمُلَاطَفَةٌ وَإِظْهَارُ وُدٍّ وَنَحْنُ مَأْمُورُونَ بِالْإِغْلَاظِ عَلَيْهِمْ وَمَنْهِيُّونَ عَنْ وُدِّهِمْ فَلَا تُظْهِرْهُ قَالَ تَعَالَى {لا تَجِدُ قَوْمًا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ} [المجادلة: 22] .
(وَإِنْ كَتَبَ إلَى كَافِرٍ) كِتَابًا وَأَرَادَ أَنْ يَكْتُبَ فِيهِ سَلَامًا (قَالَ) أَيْ كَتَبَ نَدْبًا «مَا كَتَبَهُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم إلَى هِرَقْلَ السَّلَامُ عَلَى مِنْ اتَّبَعَ الْهُدَى» .
(وَلَوْ قَامَ عَنْ جَلِيسٍ) لَهُ (فَسَلَّمَ) عَلَيْهِ (وَجَبَ الرَّدُّ) عَلَيْهِ؛ لِأَنَّ ابْتِدَاءَ السَّلَامِ مِنْهُ سُنَّةٌ لِخَبَرِ «إذَا انْتَهَى أَحَدُكُمْ إلَى الْمَجْلِسِ فَلْيُسَلِّمْ فَإِذَا أَرَادَ أَنْ يَقُومَ فَلْيُسَلِّمْ فَلَيْسَتْ الْأُولَى بِأَحَقَّ مِنْ الْآخِرَةِ» رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَحَسَّنَهُ وَقِيلَ لَا يَجِبُ الرَّدُّ وَالتَّصْرِيحُ بِالتَّرْجِيحِ مِنْ زِيَادَتِهِ وَمَا صَرَّحَ بِتَرْجِيحِهِ صَوَّبَهُ فِي الْمَجْمُوعِ فِي بَابِ الْجُمُعَةِ.
(وَمَنْ دَخَلَ دَارِهِ فَلْيُسَلِّمْ) نَدْبًا (عَلَى أَهْلِهِ) لِخَبَرِ أَنَسٍ «أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم قَالَ لَهُ يَا بُنَيَّ إذَا دَخَلْت عَلَى أَهْلِك فَسَلِّمْ يَكُنْ بَرَكَةً عَلَيْك وَعَلَى أَهْلِ بَيْتِك» رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَقَالَ حَسَنٌ صَحِيحٌ.
(أَوْ) دَخَلَ (مَوْضِعًا خَالِيًا) عَنْ النَّاسِ (فَلْيَقُلْ) نَدْبًا (السَّلَامُ عَلَيْنَا وَعَلَى عِبَادِ اللَّهِ الصَّالِحِينَ) لِمَا رَوَى مَالِكٌ فِي مُوَطَّئِهِ أَنَّهُ بَلَغَنِي أَنَّهُ يُسْتَحَبُّ ذَلِكَ حِينَئِذٍ وَقَالَ تَعَالَى {فَإِذَا دَخَلْتُمْ بُيُوتًا فَسَلِّمُوا عَلَى أَنْفُسِكُمْ تَحِيَّةً مِنْ عِنْدِ اللَّهِ مُبَارَكَةً طَيِّبَةً} [النور: 61] .
(وَيُسَمِّ اللَّهَ) نَدْبًا (قَبْلَ دُخُولِهِ وَيَدْعُو) بِمَا أَحَبَّ ثُمَّ يُسَلِّمُ بَعْدَ دُخُولِهِ لِخَبَرِ أَبِي دَاوُد «إذَا وَلَجَ الرَّجُلُ بَيْتَهُ فَلْيَقُلْ: اللَّهُمَّ إنِّي أَسْأَلُك خَيْرَ الْمَوْلَجِ وَخَيْرَ الْمَخْرَجِ بِسْمِ اللَّهِ وَلَجْنَا وَبِسْمِ اللَّهِ خَرَجْنَا وَعَلَى اللَّهِ رَبِّنَا تَوَكَّلْنَا ثُمَّ لِيُسَلِّمْ عَلَى أَهْلِهِ» .
(وَلَا يُسَلِّمُ عَلَى مَنْ فِي الْحَمَّامِ) أَيْ لَا يُسْتَحَبُّ السَّلَامُ عَلَيْهِ قَالَ الرَّافِعِيُّ: لِأَنَّهُ بَيْتُ الشَّيْطَانِ وَلِاشْتِغَالِهِ بِالْغُسْلِ، وَقَضِيَّةُ تَعْلِيلِهِ الْأَوَّلَ دُخُولُ مَحَلِّ نَزْعِ الثِّيَابِ، وَالثَّانِيَ خُرُوجُهُ وَهُوَ الظَّاهِرُ وَعَلَيْهِ جَرَى الزَّرْكَشِيُّ وَغَيْرُهُ.
(وَ) لَا عَلَى مِنْ (يَقْضِي الْحَاجَةَ) لِلنَّهْيِ عَنْهُ وَلِأَنَّ مُكَالَمَتَهُ بَعِيدَةٌ عَنْ الْأَدَبِ وَالْمُرُوءَةِ.
(أَوْ) عَلَى مَنْ (يَأْكُلُ) وَخَصَّهُ الْإِمَامُ بِحَالَةِ الْمَضْغِ وَجَزَمَ بِهِ النَّوَوِيُّ فِي أَذْكَارِهِ وَالشُّرْبُ كَالْأَكْلِ كَمَا فِي التَّعْلِيقَةِ.
(أَوْ) عَلَى مَنْ (يُصَلِّيَ) لِاشْتِغَالِهِ بِالصَّلَاةِ وَفِي مَعْنَاهَا سَجْدَةُ التِّلَاوَةِ وَالشُّكْرِ.
(أَوْ) عَلَى مَنْ (يُؤَذِّنُ) وَالضَّابِطُ كَمَا قَالَهُ الْإِمَامُ أَنْ يَكُونَ الشَّخْصُ بِحَالَةٍ لَا يَلِيقُ بِالْمُرُوءَةِ الْقُرْبُ مِنْهُ فِيهَا فَيَدْخُلُ النَّائِمُ وَالنَّاعِسُ وَالْخَطِيبُ.
(وَلَا يَلْزَمُ) مَنْ لَا يُسْتَحَبُّ السَّلَامُ عَلَيْهِ (الرَّدُّ عَلَيْهِ) أَيْ عَلَى مَنْ سَلَّمَ عَلَيْهِ وَيُسْتَثْنَى مِنْهُ السَّلَامُ عَلَى مُسْتَمِعِ الْخُطْبَةِ فَإِنَّهُ يَجِبُ فِيهِ الرَّدُّ مَعَ أَنَّهُ مَكْرُوهٌ كَمَا مَرَّ فِي بَابِ الْجُمُعَةِ بِمَا فِيهِ.
(وَيَرُدُّ الْمُلَبِّي) فِي الْإِحْرَامِ (بِاللَّفْظِ) عَلَى مَنْ سَلَّمَ عَلَيْهِ وَتَقَدَّمَ فِي الْحَجِّ أَنَّهُ يُكْرَهُ السَّلَامُ عَلَيْهِ قَالَ فِي الْأَذْكَارِ؛ لِأَنَّهُ يُكْرَهُ لَهُ قَطْعُ التَّلْبِيَةِ انْتَهَى وَرَدُّ الْمُلَبِّي مَحْمُولٌ عَلَى الِاسْتِحْبَابِ لِمَا مَرَّ آنِفًا.
(وَيُكْرَهُ) الرَّدُّ (لِمَنْ يَبُولُ أَوْ يُجَامِعُ) أَوْ لِنَحْوِهِمَا كَمَا مَرَّ فِي الِاسْتِنْجَاءِ.
(وَيُسَنُّ) الرَّدُّ (لِمَنْ يَأْكُلُ أَوْ فِي الْحَمَّامِ) بِاللَّفْظِ (وَكَذَا) يُسَنُّ (لِلْمُصَلِّي وَنَحْوِهِ) كَسَاجِدٍ لِتِلَاوَةٍ وَمُؤَذِّنٍ (بِالْإِشَارَةِ) وَقَوْلُهُ وَنَحْوِهِ مِنْ زِيَادَتِهِ.
(وَيُسَنُّ إرْسَالُ السَّلَامِ إلَى غَائِبٍ) عَنْهُ (بِرَسُولٍ أَوْ كِتَابٍ وَيَجِبُ) عَلَى الرَّسُولِ (التَّبْلِيغُ) لِلْغَائِبِ؛ لِأَنَّهُ أَمَانَةٌ (وَ) يَجِبُ عَلَى الْغَائِبِ (الرَّدُّ) فَوْرًا بِاللَّفْظِ فِي الرَّسُولِ وَبِهِ أَوْ بِالْكِتَابَةِ فِي الْكِتَابِ (وَيُسْتَحَبُّ الرَّدُّ عَلَى الْمُبَلِّغِ أَيْضًا) فَيَقُولُ وَعَلَيْهِ وَعَلَيْك السَّلَامُ.
(وَ) يُسْتَحَبُّ (أَنْ يَحْرِصَ كُلٌّ مِنْ الْمُتَلَاقِيَيْنِ عَلَى الْبُدَاءَةِ) بِالسَّلَامِ لَخَبَرِ «أَنَّ
ــ
[حاشية الرملي الكبير]
قَوْلُهُ: وَبِذَلِكَ عُلِمَ أَنَّ كُلًّا مِنْ الصِّيغَتَيْنِ كَافِيَةٌ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ
(قَوْلُهُ: وَإِذَا سَلَّمَ الذِّمِّيُّ) وَخَرَجَ بِالذِّمِّيِّ الْمُرْتَدُّ وَالْحَرْبِيُّ (قَوْلُهُ: قَالَ لَهُ وُجُوبًا) كَمَا قَالَهُ الْمَاوَرْدِيُّ وَالرُّويَانِيُّ قَالَ الْبُلْقِينِيُّ بِإِيجَابِ الرَّدِّ عَلَى الذِّمِّيِّ وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ يَجُوزُ الرَّدُّ عَلَيْهِ وَلَا يَجِبُ وَجَرَى عَلَى بَحْثِهِ الْأَذْرَعِيُّ وَالزَّرْكَشِيُّ وَغَيْرُهُمَا (قَوْلُهُ: وَعَلَيْك فَقَطْ) قَالَ فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ مَذْهَبُنَا تَحْرِيمُ ابْتِدَائِهِمْ بِهِ وَوُجُوبُ رَدِّهِ عَلَيْهِمْ أَيْ بِلَفْظِ وَعَلَيْك أَوْ وَعَلَيْكُمْ دُونَ لَفْظِ السَّلَامِ كَمَا فِي الصَّحِيحَيْنِ وَغَيْرِهِمَا أب
(قَوْلُهُ: وَلَا يَبْدَأُ الذِّمِّيَّ بِتَحِيَّةٍ إلَخْ) أَيْ يَحْرُمُ وَكَتَبَ أَيْضًا عِبَارَةَ الْأَنْوَارِ وَتَجُوزُ تَحِيَّةُ الذِّمِّيِّ بِغَيْرِ السَّلَامِ
(قَوْلُهُ: وَالثَّانِي خُرُوجُهُ وَهُوَ الظَّاهِرُ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ: وَعَلَيْهِ جَرَى الزَّرْكَشِيُّ وَغَيْرُهُ) وَهُوَ ظَاهِرٌ وَقَالَ الْأَذْرَعِيُّ: الظَّاهِرُ أَنَّ الْمُرَادَ مَوْضِعُ الِاغْتِسَالِ وَنَحْوِهِ فَقَطْ وَتَعْلِيلُهُمْ يُرْشِدُ إلَيْهِ
(قَوْلُهُ: وَخَصَّهُ الْإِمَامُ بِحَالَةِ الْمَضْغِ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ: وَجَزَمَ بِهِ النَّوَوِيُّ فِي أَذْكَارِهِ) وَقَالَ الْبُلْقِينِيُّ إنَّهُ الْأَرْجَحُ
(قَوْلُهُ: أَوْ عَلَى مَنْ يُؤَذِّنُ أَوْ يُقِيمُ) أَوْ يَخْطُبُ (قَوْلُهُ: وَالضَّابِطُ كَمَا قَالَهُ الْإِمَامُ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ
(قَوْلُهُ: كَمَا مَرَّ فِي بَابِ الْجُمُعَةِ بِمَا فِيهِ) قَالَ الْبُلْقِينِيُّ وَالْقِيَاسُ أَنَّ هَذَا يَعُمُّ كُلَّ خَطِيبٍ
(قَوْلُهُ: وَرَدُّ الْمُلَبِّي مَحْمُولٌ عَلَى الِاسْتِحْبَابِ) نَصَّ عَلَيْهِ فِي الْأَمَالِي
(قَوْلُهُ: وَيُجَامِعُ) قَالَ الْأَذْرَعِيُّ يَنْبَغِي الْجَزْمُ بِتَحْرِيمِ السَّلَامِ عَلَى الْمُجَامِعِ لِمَا فِيهِ مِنْ الْأَذَى وَالتَّخْجِيلِ وَقِلَّةِ الْحَيَاءِ، وَالْفَرْضُ أَنَّهُ عَالِمٌ بِحَالِهِ وَإِلَّا فَلَا يُكْرَهُ
أَوْلَى النَّاسِ بِاَللَّهِ مَنْ بَدَأَهُمْ بِالسَّلَامِ» رَوَاهُ أَبُو دَاوُد بِإِسْنَادٍ جَيِّدٍ وَلِخَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ «وَخَيْرُهُمَا الَّذِي يَبْدَأُ بِالسَّلَامِ» .
(وَ) أَنْ (يَتَكَرَّرَ بِتَكَرُّرِ التَّلَاقِي) لِخَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ فِي خَبَرِ الْمُسِيءِ صَلَاتَهُ «أَنَّهُ جَاءَ فَصَلَّى ثُمَّ جَاءَ إلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَسَلَّمَ عَلَيْهِ فَرَدَّ عليه السلام فَقَالَ: ارْجِعْ فَصَلِّ فَإِنَّك لَمْ تُصَلِّ فَرَجَعَ فَصَلَّى ثُمَّ جَاءَ فَسَلَّمَ عَلَيْهِ حَتَّى فَعَلَ ذَلِكَ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ» وَرَوَى أَبُو دَاوُد خَبَرًا «إذَا لَقِيَ أَحَدُكُمْ أَخَاهُ فَلْيُسَلِّمْ عَلَيْهِ، فَإِنْ حَالَتْ بَيْنَهُمَا شَجَرَةٌ أَوْ جِدَارٌ أَوْ حَجَرٌ ثُمَّ لَقِيَهُ فَلْيُسَلِّمْ عَلَيْهِ» وَخَرَجَ بِتَكَرُّرِ التَّلَاقِي مَا إذَا لَمْ يَتَكَرَّرْ بِأَنْ اتَّحِدَ مَجْلِسُ سَلَامٍ بِأَنْ سَلَّمَ فِيهِ عَلَى رَجُلٍ فَرَدَّ عَلَيْهِ ثُمَّ أَرَادَ أَنْ يُسَلِّمَ عَلَيْهِ فِيهِ ثَانِيًا فَلَا يُسْتَحَبُّ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الرُّويَانِيِّ.
(وَأَنْ يَبْدَأَ بِهِ قَبْلَ الْكَلَامِ) لِلْأَخْبَارِ الصَّحِيحَةِ فِي ذَلِكَ وَأَمَّا خَبَرُ السَّلَامُ قَبْلَ الْكَلَامِ فَضَعِيفٌ.
(وَإِنْ كَانَ) مَارًّا (فِي سُوقٍ أَوْ جَمْعٍ لَا يَنْتَشِرُ فِيهِمْ السَّلَامُ) الْوَاحِدُ كَالْجَامِعِ (سَلَّمَ عَلَى مَنْ يَلِيه) فَقَطْ (أَوَّلًا) أَيْ أَوَّلَ مُلَاقَاتِهِ؛ لِأَنَّهُ لَوْ سَلَّمَ عَلَى الْجَمِيعِ تَعَطَّلَ عَنْ كُلٍّ مِنْهُمْ وَخَرَجَ بِهِ عَنْ الْعُرْفِ وَإِذَا سَلَّمَ عَلَى مَنْ يَلِيه كَانَ مُؤَدِّيًا سُنَّةَ السَّلَامِ فِي حَقِّ مَنْ سَمِعَهُ وَيَدْخُلُ فِي وُجُوبِ الرَّدِّ كُلُّ مَنْ سَمِعَهُ.
(فَإِنْ) جَلَسَ إلَى مَنْ سَمِعَهُ سَقَطَ عَنْهُ سُنَّةُ السَّلَامِ فِي حَقِّ مَنْ لَمْ يَسْمَعْ.
وَإِنْ (تَخَطَّى وَجَلَسَ إلَى مَنْ لَمْ يَسْمَعْ) سَلَامَهُ (سَلَّمَ ثَانِيًا وَلَا يَسْقُطُ الْفَرْضُ) لِلرَّدِّ (عَنْ الْأَوَّلِينَ بِرَدِّ الْآخَرِينَ) .
(وَلَا يَتْرُكُ السَّلَامَ خَوْفَ عَدَمِ الرَّدِّ) عَلَيْهِ لِتَكَبُّرٍ أَوْ غَيْرِهِ؛ لِأَنَّ الَّذِي أُمِرَ بِهِ الْمَارُّ أَنْ يُسَلِّمَ لَا أَنْ يَحْصُلَ الرَّدُّ مَعَ أَنَّ الْمُرُورَ بِهِ قَدْ يُرَدُّ وَيُسْتَحَبُّ لِمَنْ سَلَّمَ عَلَى إنْسَانٍ وَتَوَجَّهَ عَلَيْهِ الرَّدُّ فَلَمْ يُرِدْ أَنْ يُحَلِّلَهُ مِنْ ذَلِكَ فَيَقُولُ: أَبْرَأْته مِنْ حَقِّي فِي رَدِّ السَّلَامِ أَوْ جَعَلْتُهُ فِي حِلٍّ مِنْهُ أَوْ نَحْوِ ذَلِكَ، وَيُسْتَحَبُّ أَنْ يَقُولَ لَهُ بِعِبَارَةٍ لَطِيفَةٍ رَدُّ السَّلَامِ وَاجِبٌ فَيَنْبَغِي لَك أَنْ تَرُدَّ عَلَيَّ لِيَسْقُطَ عَنْك الْفَرْضُ.
(وَالتَّحِيَّةُ) مِنْ الْمَارِّ عَلَى مَنْ خَرَجَ مِنْ حَمَّامٍ أَوْ غَيْرِهِ (بِنَحْوِ صَبَّحَك اللَّهُ بِالْخَيْرِ) أَوْ بِالسَّعَادَةِ أَوْ قَوَّاك اللَّهُ أَوْ طَابَ حَمَّامُك أَوْ غَيْرُهَا مِنْ أَلْفَاظِ الْعُرْفِ (لَا أَصْلَ لَهَا) إذْ لَمْ يَثْبُتْ فِيهَا شَيْءٌ (وَلَا جَوَابَ) لِقَائِلِهَا عَلَى الْمَدْعُوِّ لَهُ (فَإِنْ أَجَابَهُ بِالدُّعَاءِ فَحَسَنٌ إلَّا أَنْ يُرِيدَ تَأْدِيبَهُ) لِتَرْكِهِ السَّلَامَ فَتَرْكُ الدُّعَاءِ لَهُ حَسَنٌ.
(وَأَمَّا الطَّلْبَقَةُ) أَيْ التَّحِيَّةُ بِهَا وَهِيَ أَطَالَ اللَّهُ بَقَاءَك (فَقِيلَ بِكَرَاهَتِهَا) قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَفِيهِ نَظَرٌ بَلْ يَنْبَغِي أَنْ يُقَالَ: إنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ الدِّينِ أَوْ الْعِلْمِ أَوْ مِنْ وُلَاةِ الْعَدْلِ فَالدُّعَاءُ لَهُ بِذَلِكَ قُرْبَةٌ وَإِلَّا فَمَكْرُوهٌ بَلْ حَرَامٌ وَكَلَامُ ابْنِ أَبِي الدَّمِ يُشِيرُ إلَى مَا قَالَهُ.
(وَحَنْيُ الظَّهْرِ مَكْرُوهٌ) لِخَبَرِ «أَنَّ رَجُلًا قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ الرَّجُلُ مِنَّا يَلْقَى أَخَاهُ أَوْ صَدِيقَهُ أَيَنْحَنِي لَهُ قَالَ لَا قَالَ أَفَيَلْتَزِمُهُ وَيُقَبِّلُهُ قَالَ لَا قَالَ فَيَأْخُذُ بِيَدِهِ وَيُصَافِحُهُ قَالَ نَعَمْ» رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَحَسَّنَهُ وَلَا يُغْتَرُّ بِكَثْرَةِ مَنْ يَفْعَلُهُ مِمَّنْ يُنْسَبُ إلَى عِلْمٍ وَصَلَاحٍ وَغَيْرِهِمَا وَمَا اقْتَضَاهُ كَلَامُ الْمُصَنِّفِ كَأَصْلِهِ مِنْ جَوَازِ الِانْحِنَاءِ قَالَ الْإِسْنَوِيُّ مَرْدُودٌ مُخَالِفٌ لِلْحَدِيثِ الصَّحِيحِ وَلِلْمَعْرُوفِ فِي الْمَذْهَبِ وَأَطَالَ فِي بَيَانِهِ.
(وَالْقِيَامُ لِلدَّاخِلِ مُسْتَحَبٌّ إنْ كَانَ فِيهِ فَضِيلَةٌ ظَاهِرَةٌ مِنْ عِلْمٍ أَوْ صَلَاحٍ) أَوْ شَرَفٍ (أَوْ وِلَادَةٍ) أَوْ رَحِمٍ (أَوْ وِلَايَةٍ مَصْحُوبَةٍ بِصِيَانَةٍ) أَوْ نَحْوِهَا وَيَكُونُ هَذَا الْقِيَامُ (لِلْبِرِّ وَالْإِكْرَامِ) وَالِاحْتِرَامِ لَا لِلرِّيَاءِ وَالْإِعْظَامِ اتِّبَاعًا لِلسَّلَفِ وَالْخَلَفِ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ بَلْ يَظْهَرُ وُجُوبُهُ فِي هَذَا الزَّمَانِ دَفْعًا لِلْعَدَاوَةِ وَالتَّقَاطُعِ كَمَا أَشَارَ إلَيْهِ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ فَيَكُونُ مِنْ بَابِ دَفْعِ الْمَفَاسِدِ.
(وَيَحْرُمُ) عَلَى الدَّاخِلِ (مَحَبَّةُ الْقِيَامِ لَهُ) فَفِي الْحَدِيثِ الْحَسَنِ «مَنْ أَحَبَّ أَنْ يَتَمَثَّلَ لَهُ النَّاسُ قِيَامًا فَلْيَتَبَوَّأْ مَقْعَدَهُ مِنْ النَّارِ» وَالْمُرَادُ بِتَمَثُّلِهِمْ لَهُ قِيَامًا أَنْ يَقْعُدَ وَيَسْتَمِرُّوا قِيَامًا لَهُ كَعَادَةِ الْجَبَابِرَةِ كَمَا أَشَارَ إلَيْهِ الْبَيْهَقِيُّ وَمِثْلُهُ حُبُّ الْقِيَامِ لَهُ تَفَاخُرًا وَتَطَاوُلًا عَلَى الْأَقْرَانِ أَمَّا مَنْ أَحَبَّ ذَلِكَ إكْرَامًا لَهُ لَا عَلَى الْوَجْهِ الْمَذْكُورِ فَلَا يَتَّجِهُ تَحْرِيمُهُ؛ لِأَنَّهُ صَارَ شِعَارًا فِي هَذَا الزَّمَنِ لِتَحْصِيلِ الْمَوَدَّةِ نَبَّهَ عَلَيْهِ ابْنُ الْعِمَادِ.
(وَتَقْبِيلُ الْيَدِ لِزُهْدٍ أَوْ صَلَاحٍ أَوْ) كِبَرِ (سِنٍّ) أَوْ نَحْوِهَا مِنْ الْأُمُورِ الدِّينِيَّةِ كَشَرَفٍ وَصِيَانَةٍ (مُسْتَحَبٌّ) اتِّبَاعًا لِلسَّلَفِ وَالْخَلَفِ (وَ) تَقْبِيلُهَا (لِدُنْيَا وَثَرْوَةٍ) وَنَحْوِهِمَا كَشَوْكَةٍ وَوَجَاهَةٍ عِنْدَ أَهْلِ الدُّنْيَا مَكْرُوهٌ (شَدِيدُ الْكَرَاهَةِ) .
(وَتَقْبِيلُ خَدِّ طِفْلٍ) وَلَوْ (لِغَيْرِهِ لَا يُشْتَهَى وَ) سَائِرِ (أَطْرَافِهِ) أَيْ تَقْبِيلُ كُلٍّ مِنْهَا (شَفَقَةً) وَرَحْمَةً (مُسْتَحَبٌّ) لِلْأَخْبَارِ الصَّحِيحَةِ فِي ذَلِكَ أَمَّا تَقْبِيلُهَا بِشَهْوَةٍ فَحَرَامٌ.
(وَلَا بَأْسَ بِتَقْبِيلِ وَجْهِ الْمَيِّتِ الصَّالِحِ) لِلتَّبَرُّكِ.
(وَيُسَنُّ تَقْبِيلُ وَجْهِ صَاحِبٍ قَدِمَ مِنْ السَّفَرِ) أَوْ نَحْوِهِ (وَمُعَانَقَتُهُ) لِلِاتِّبَاعِ رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَحَسَّنَهُ (وَيُكْرَهُ) ذَلِكَ (لِغَيْرِ الْقَادِمِ) مِنْ سَفَرٍ أَوْ نَحْوِهِ لِلْخَبَرِ السَّابِقِ فِي الْكَلَامِ عَلَى حَنْيِ الظَّهْرِ هَذَا كُلُّهُ فِي غَيْرِ الْأَمْرَدِ الْحَسَنِ الْوَجْهِ أَمَّا هُوَ فَيَحْرُمُ تَقْبِيلُهُ بِكُلِّ حَالٍ وَالظَّاهِرُ أَنَّ مُعَانَقَتَهُ كَتَقْبِيلِهِ أَوْ قَرِيبَةٌ مِنْهُ وَلَا فَرْقَ فِي هَذَا بَيْنَ أَنْ يَكُونَ الْمُقَبِّلُ وَالْمُقَبَّلُ
ــ
[حاشية الرملي الكبير]
قَوْلُهُ: بَلْ يَنْبَغِي أَنْ يُقَالَ: إنْ كَانَ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ
(قَوْلُهُ: وَحَنْيُ الظَّهْرِ مَكْرُوهٌ) قَالَ الشَّيْخُ عِزُّ الدِّينِ بْنُ عَبْدِ السَّلَامِ تَنْكِيسُ الرُّءُوسِ إنْ انْتَهَى إلَى حَدِّ الرُّكُوعِ فَلَا يُفْعَلُ كَالسُّجُودِ وَلَا بَأْسَ بِمَا يَنْقُصُ عَنْ حَدِّ الرُّكُوعِ لِمَنْ يُكْرِمُ مِنْ الْمُسْلِمِينَ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَيَشْهَدُ لِمَا ذَكَرَهُ قَوْلُ الْمَاوَرْدِيِّ لَا يَجُوزُ الرُّكُوعُ
صَالِحَيْنِ أَمْ فَاسِقَيْنِ أَمْ أَحَدُهُمَا صَالِحًا وَالْآخَرُ فَاسِقًا ذُكِرَ ذَلِكَ فِي الْأَذْكَارِ.
(وَتُسَنُّ الْمُصَافَحَةُ مَعَ الْبَشَاشَةِ) بِالْوَجْهِ (وَالدُّعَاءِ) بِالْمَغْفِرَةِ وَغَيْرِهَا (لِلتَّلَاقِي) فِي الثَّلَاثَةِ لِلْخَبَرِ الْمُشَارِ إلَيْهِ آنِفًا وَلِخَبَرِ «مَا مِنْ مُسْلِمَيْنِ يَلْتَقِيَانِ فَيَتَصَافَحَانِ إلَّا غُفِرَ لَهُمَا قَبْلَ أَنْ يَتَفَرَّقَا» رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَغَيْرُهُ وَلِخَبَرِ أَنَّ «الْمُسْلِمَيْنِ إذَا الْتَقَيَا فَتَصَافَحَا وَتَكَاشَرَا بِوُدٍّ وَنَصِيحَةٍ تَنَاثَرَتْ خَطَايَاهُمَا بَيْنَهُمَا» وَفِي رِوَايَةٍ «إذَا الْتَقَى الْمُسْلِمَانِ فَتَصَافَحَا وَحَمِدَا اللَّهَ تَعَالَى وَاسْتَغْفَرَا غَفَرَ اللَّهُ لَهُمَا» قَالَ فِي الْأَذْكَارِ وَيَنْبَغِي أَنْ يَحْتَرِزَ مِنْ مُصَافَحَةِ الْأَمْرَدِ الْحَسَنِ الْوَجْهِ لِمَا فِيهِ مِنْ الْمَسِّ.
(وَلَا أَصْلَ لَهَا) أَيْ لِلْمُصَافَحَةِ (بَعْدَ صَلَاتَيْ الصُّبْحِ وَالْعَصْرِ وَ) لَكِنْ (لَا بَأْسَ بِهَا) فَإِنَّهَا مِنْ جُمْلَةِ الْمُصَافَحَةِ، وَقَدْ حَثَّ الشَّارِعُ عَلَيْهَا.
(وَإِنْ قَصَدَ بَابًا مُغْلَقًا) لِغَيْرِهِ (فَالسُّنَّةُ أَنْ يُسَلِّمَ) عَلَى أَهْلِهِ (ثُمَّ يَسْتَأْذِنَ) فَيَقُولَ وَهُوَ عِنْدَ الْبَابِ بِحَيْثُ لَا يَنْظُرُ إلَى مَنْ بِدَاخِلِهِ: السَّلَامُ عَلَيْكُمْ أَأَدْخُلُ رَوَاهُ هَكَذَا أَبُو دَاوُد وَغَيْرُهُ (فَإِنْ لَمْ يُجَبْ أَعَادَهُ إلَى ثَلَاثٍ) مِنْ الْمَرَّاتِ (فَإِنْ أُجِيبَ) فَذَاكَ (وَالْأَرْجَحُ) لِخَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ «الِاسْتِئْذَانُ ثَلَاثًا فَإِنْ أُذِنَ لَك وَإِلَّا فَارْجِعْ» (فَإِنْ قِيلَ) لَهُ بَعْدَ اسْتِئْذَانِهِ بِدَقِّ الْبَابِ أَوْ نَحْوِهِ (مَنْ أَنْتَ فَلْيَقُلْ) نَدْبًا (فُلَانُ بْنُ فُلَانٍ) أَوْ فُلَانُ الْمَعْرُوفُ بِكَذَا أَوْ نَحْوِهِ مِمَّا يَحْصُلُ بِهِ التَّعْرِيفُ التَّامُّ بِهِ لِلْأَخْبَارِ الصَّحِيحَةِ فِي ذَلِكَ (وَلَا بَأْسَ أَنْ يُكَنِّيَ نَفْسَهُ) أَوْ يَقُولَ الْقَاضِي ك فُلَانٌ أَوْ الشَّيْخُ فُلَانٌ أَوْ نَحْوُهُ مِمَّا يُعْرَفُ بِهِ وَإِنْ تَضَمَّنَ تَبْجِيلًا لَهُ (لِيُعْرَفَ) أَيْ إذَا لَمْ يَعْرِفْهُ الْمُخَاطَبُ إلَّا بِهِ لِذَلِكَ وَلِأَنَّ الْحَاجَةَ دَعَتْ إلَيْهِ مَعَ عَدَمِ إرَادَةِ الِافْتِخَارِ (وَيُكْرَهُ اقْتِصَارُهُ) فِي التَّعْرِيفِ (عَلَى) قَوْلِهِ (أَنَا أَوْ الْخَادِمُ) أَوْ نَحْوُهُ مِمَّا لَا يُعْرَفُ بِهِ كَالْمُحِبِّ لِخَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ عَنْ جَابِرٍ قَالَ «أَتَيْت النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم فَدَقَقْت الْبَابَ فَقَالَ مَنْ ذَا فَقُلْت أَنَا فَقَالَ أَنَا أَنَا كَأَنَّهُ كَرِهَهَا» .
(وَتُسَنُّ زِيَارَةُ الصَّالِحِينَ وَالْجِيرَانِ) غَيْرِ الْأَشْرَارِ (وَالْإِخْوَانِ) وَالْأَقَارِبِ وَإِكْرَامِهِمْ (بِحَيْثُ لَا يَشُقُّ) عَلَيْهِ وَلَا عَلَيْهِمْ فَتَخْتَلِفُ زِيَارَتُهُمْ بِاخْتِلَافِ أَحْوَالِهِمْ وَمَرَاتِبِهِمْ وَفَرَاغِهِمْ لِلْأَخْبَارِ الْمَشْهُورَةِ فِي ذَلِكَ.
(وَ) تُسَنُّ (اسْتِزَارَتُهُمْ) بِأَنْ يَطْلُبَ مِنْهُمْ أَنْ يَزُورُوهُ وَأَنْ يُكْثِرُوا زِيَارَتَهُ بِحَيْثُ لَا يَشُقُّ لِخَبَرِ الْبُخَارِيِّ «أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم قَالَ لِجِبْرِيلَ مَا يَمْنَعُك أَنْ تَزُورَنَا أَكْثَرَ مِمَّا تَزُورُنَا فَنَزَلَتْ {وَمَا نَتَنَزَّلُ إِلا بِأَمْرِ رَبِّكَ} [مريم: 64] » .
(وَ) تُسَنُّ (عِيَادَةُ الْمَرْضَى) لِخَبَرِ التِّرْمِذِيِّ وَغَيْرِهِ «مَنْ عَادَ مَرِيضًا أَوْ زَارَ أَخًا لَهُ فِي اللَّهِ تَعَالَى نَادَاهُ مُنَادٍ بِأَنْ طِبْت وَطَابَ مَمْشَاك وَتَبَوَّأْت مِنْ الْجَنَّةِ مَنْزِلًا» .
(وَأَنْ يَضَعَ الْعَاطِسُ) أَيْ الَّذِي جَاءَهُ الْعُطَاسُ (يَدَهُ أَوْ ثَوْبَهُ) أَوْ نَحْوَهُ (عَلَى وَجْهِهِ وَيَخْفِضَ صَوْتَهُ) مَا أَمْكَنَ لِلِاتِّبَاعِ رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَقَالَ حَسَنٌ صَحِيحٌ وَرَوَى ابْنُ السُّنِّيِّ خَبَرًا «أَنَّ اللَّهَ يَكْرَهُ رَفْعَ الصَّوْتِ بِالتَّثَاؤُبِ وَالْعُطَاسِ» (وَ) أَنْ (يَحْمَدَ اللَّهَ) عَقِبَ عُطَاسِهِ بِأَنْ يَقُولَ: الْحَمْدُ لِلَّهِ قَالَ فِي الْأَذْكَارِ فَلَوْ قَالَ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ كَانَ أَحْسَنَ وَلَوْ قَالَ الْحَمْدُ لِلَّهِ عَلَى كُلِّ حَالٍ كَانَ أَفْضَلَ لِخَبَرِ أَبِي دَاوُد وَغَيْرِهِ بِإِسْنَادٍ صَحِيحٍ «إذَا عَطَسَ أَحَدُكُمْ فَلْيَقُلْ الْحَمْدُ لِلَّهِ عَلَى كُلِّ حَالٍ وَلْيَقُلْ أَخُوهُ أَوْ صَاحِبُهُ يَرْحَمُك اللَّهُ وَيَقُولُ هُوَ يَهْدِيكُمْ اللَّهُ وَيُصْلِحُ بَالَكُمْ» .
(وَإِنْ كَانَ) الْعَاطِسُ (فِي صَلَاةٍ أَسَرَّ بِهِ) أَوْ فِي حَالَةِ الْبَوْلِ أَوْ الْجِمَاعِ أَوْ نَحْوِهِمَا حَمِدَ اللَّهَ فِي نَفْسِهِ قَالَهُ الْبَغَوِيّ وَغَيْرُهُ وَتَقَدَّمَتْ الْأُولَى فِي الِاسْتِنْجَاءِ.
(فَإِنْ حَمِدَ) اللَّهَ (شُمِّتَ) لِلْأَمْرِ بِهِ فِي الصَّحِيحَيْنِ.
فَإِنْ تَكَرَّرَ مِنْهُ الْعُطَاسُ مُتَوَالِيًا سُنَّ تَشْمِيتُهُ لِكُلِّ مَرَّةٍ (إلَى ثَلَاثٍ) مِنْ الْمَرَّاتِ لِتَكَرُّرِ السَّبَبِ وَفِيهِ خَبَرٌ رَوَاهُ ابْنُ السُّنِّيِّ (ثُمَّ) إنْ زَادَ عَلَيْهَا (يُدْعَى لَهُ بِالشِّفَاءِ وَيُذَكَّرُ بِالْحَمْدِ إنْ تَرَكَهُ) ؛ لِأَنَّهُ إعَانَةٌ عَلَى مَعْرُوفٍ وَلَا يُشَمِّتُهُ حَتَّى يَسْمَعَ تَحْمِيدَهُ وَأَقَلُّ الْحَمْدِ والتَّشْمِيتِ وَجَوَابِهِ أَنْ يَرْفَعَ صَوْتَهُ بِحَيْثُ يَسْمَعُ صَاحِبُهُ وَإِذَا قَالَ الْعَاطِسُ لَفْظًا آخَرَ غَيْرَ الْحَمْدِ لَمْ يُشَمَّتْ لِخَبَرِ مُسْلِمٍ «إذَا عَطَسَ أَحَدُكُمْ فَحَمِدَ اللَّهَ تَعَالَى فَشَمِّتُوهُ، فَإِنْ لَمْ يَحْمَدْ اللَّهَ تَعَالَى فَلَا تُشَمِّتُوهُ» صَرَّحَ بِذَلِكَ فِي الرَّوْضَةِ.
(فَإِنْ شُمِّتَ قَالَ) نَدْبًا لِمُشَمِّتِيهِ (يَهْدِيكُمْ اللَّهُ أَوْ يَغْفِرُ اللَّهُ لَكُمْ) أَوْ نَحْوِهِ لِخَبَرِ أَبِي دَاوُد السَّابِقِ وغَيْرِهِ قَالَ الْإِمَامُ وَلَعَلَّ السَّبَبَ فِي أَنَّ هَذَا سُنَّةٌ، وَرَدُّ السَّلَامِ وَاجِبٌ أَنَّ التَّشْمِيتَ لِلْعُطَاسِ وَلَا عُطَاسَ بِالْمُشَمِّتِ وَالتَّحِيَّةُ تَشْمَلُ الطَّرَفَيْنِ وَفِي حُصُولِ الْفَرْقِ بِمَا قَالَهُ نَظَرٌ.
(وَالتَّشْمِيتُ) لِلْمُسْلِمِ (يَرْحَمُك اللَّهُ) أَوْ رَبُّك لِخَبَرِ أَبِي دَاوُد السَّابِقِ وَلِخَبَرِ الْبُخَارِيِّ الْآتِي وَكَيَرْحَمُكَ اللَّهُ يَرْحَمُكُمْ اللَّهُ وَرَحِمَك اللَّهُ وَرَحِمَكُمْ اللَّهُ ذَكَرَهُ فِي الْأَذْكَارِ.
(وَهُوَ) أَيْ التَّشْمِيتُ (سُنَّةُ كِفَايَةٍ) كَابْتِدَاءِ السَّلَامِ.
(وَ) التَّشْمِيتُ (لِلْكَافِرِ يَهْدِيك اللَّهُ) وَنَحْوُهُ لَا يَرْحَمُك اللَّهُ لِلِاتِّبَاعِ رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَقَالَ حَسَنٌ صَحِيحٌ.
(وَيُسَنُّ رَدُّ التَّثَاؤُبِ) مَا اسْتَطَاعَ لِخَبَرِ الْبُخَارِيِّ «إنَّ اللَّهَ تَعَالَى يُحِبُّ الْعُطَاسَ وَيَكْرَهُ التَّثَاؤُبَ فَإِذَا عَطَسَ
ــ
[حاشية الرملي الكبير]
قَوْلُهُ: قَالَ فِي الْأَذْكَارِ وَيَنْبَغِي أَنْ يُحْتَرَزَ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ
(قَوْلُهُ أَيْ إذَا لَمْ يَعْرِفْهُ الْمُخَاطَبُ إلَّا بِهِ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ
(قَوْلُهُ: فَإِنْ تَكَرَّرَ مِنْهُ الْعُطَاسُ مُتَوَالِيًا إلَخْ) لَوْ عَطَسَ مَرَّاتٍ مُتَتَابِعَةً صَبَرَ حَتَّى فَرَغَ وَحَمِدَ اللَّهَ ثُمَّ يَقُولُ يَرْحَمُك اللَّهُ وَتَكْفِيهِ مَرَّةٌ وَلَوْ عَطَسَ عَشْرًا
(قَوْلُهُ: وَالتَّشْمِيتُ يَرْحَمُك اللَّهُ) قَالَ بَعْضُهُمْ وَيُقَالُ لِلصَّغِيرِ أَصْلَحَك اللَّهُ أَوْ بَارَكَ اللَّهُ فِيك