الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
التَّوْزِيعُ) لِلدِّيَةِ عَلَى السِّيَاطِ (قَوْلَانِ) أَقْرَبُهُمَا الثَّانِي كَمَا لَوْ ضَرَبَهُ زَائِدًا عَلَى حَدِّ الْقَذْفِ فَمَاتَ.
(وَإِنْ قَالَ زَنَيْت بِفُلَانَةُ فَأَنْكَرَتْ أَوْ قَالَتْ) كَانَ (تَزَوَّجَنِي فَمُقِرٌّ) بِالزِّنَا (وَقَاذِفٌ) لَهَا فَيَلْزَمُهُ حَدُّ الزِّنَا وَحَدُّ الْقَذْفِ فَإِنْ رَجَعَ سَقَطَ حَدُّ الزِّنَا وَحْدَهُ.
(فَإِنْ قَالَ) زَنَيْت بِهَا (مُكْرَهَةً لَزِمَهُ حَدٌّ) لِلزِّنَا لَا لِلْقَذْفِ (وَ) لَزِمَهُ لَهَا (مَهْرٌ فَإِنْ رَجَعَ) عَنْ إقْرَارِهِ (سَقَطَ الْحَدُّ) كَمَا عُلِمَ مِمَّا مَرَّ (لَا الْمَهْرُ) ؛ لِأَنَّهُ حَقُّ آدَمِيٍّ.
(وَلَوْ شَهِدُوا بِإِقْرَارِهِ) بِالزِّنَا، وَلَوْ قَبْلَ الْحُكْمِ بِهِ (فَكَذَّبَهُمْ) كَأَنْ قَالَ مَا أَقْرَرْت (لَمْ يُقْبَلْ) تَكْذِيبُهُ؛ لِأَنَّهُ تَكْذِيبٌ لِلشُّهُودِ وَالْقَاضِي (أَوْ كَذَّبَ نَفْسَهُ) فِي إقْرَارِهِ (قُبِلَ فِي إقْرَارِهِ) كَمَا عُلِمَ مِمَّا مَرَّ، وَالتَّصْرِيحُ بِهَذَا مِنْ زِيَادَتِهِ.
(وَلَوْ قَالَ لَا تَحُدُّونِي وَامْتَنَعَ) مِنْ تَسْلِيمِ نَفْسِهِ (أَوْ هَرَبَ فَلَيْسَ بِرُجُوعٍ) فَلَا يَسْقُطُ عَنْهُ الْحَدُّ لِوُجُودِ مُثْبِتِهِ مَعَ عَدَمِ تَصْرِيحِهِ بِالرُّجُوعِ (لَكِنْ يُكَفُّ عَنْهُ) فِي الْحَالِ لِمَا فِي خَبَرِ مَاعِزٍ «هَلَّا تَرَكْتُمُوهُ» ؛ وَلِأَنَّهُ رُبَّمَا قَصَدَ الرُّجُوعَ فَيُعْرَضُ عَنْهُ احْتِيَاطًا (فَإِنْ رَجَعَ) فَذَاكَ (وَإِلَّا حُدَّ، وَإِنْ لَمْ يُكَفَّ عَنْهُ) فَمَاتَ (فَلَا ضَمَانَ) ؛ لِأَنَّهُ صلى الله عليه وسلم لَمْ يُوجِبْ عَلَيْهِمْ فِي قِصَّةِ مَاعِزٍ شَيْئًا.
(وَ) الْحَدُّ (الثَّابِتُ بِالْبَيِّنَةِ لَا يَسْقُطُ بِالرُّجُوعِ) ، وَأَفْهَمَ كَلَامُهُ أَنَّهُ لَا يَسْقُطُ بِالتَّوْبَةِ سَوَاءٌ أُثْبِتَ بِالْإِقْرَارِ أَمْ بِالْبَيِّنَةِ، وَصَرَّحَ الْأَصْلُ بِتَصْحِيحِهِ وَذَلِكَ لِئَلَّا يَتَّخِذَهَا ذَرِيعَةً إلَى إسْقَاطِ الزَّوَاجِرِ (فَإِنْ أَقَرَّ) بِالزِّنَا (ثُمَّ قَامَتْ بَيِّنَةٌ بِزِنَاهُ ثُمَّ رَجَعَ) عَنْ الْإِقْرَارِ (فَوَجْهَانِ) أَحَدُهُمَا لَا يَسْقُطُ الْحَدُّ لِبَقَاءِ حُجَّةِ الْبَيِّنَةِ كَمَا لَوْ شَهِدَ عَلَيْهِ ثَمَانِيَةٌ فَرَدَّ أَرْبَعَةً وَثَانِيهِمَا يَسْقُطُ إذْ لَا أَثَرَ لِلْبَيِّنَةِ مَعَ الْإِقْرَارِ، وَقَدْ بَطَلَ وَنَقَلَهُمَا الْمَاوَرْدِيُّ فِي ذَلِكَ وَفِي عَكْسِهِ، وَقَالَ الْأَصَحُّ عِنْدِي اعْتِبَارُ أَسْبَقِهِمَا وَيَنْبَغِي تَقْيِيدُ مَحَلِّ الْخِلَافِ بِمَا قَبْلَ الْحُكْمِ أَوْ بَعْدَهُ، وَقَدْ أَسْنَدَ إلَيْهِمَا مَعًا أَوْ أَطْلَقَ فَإِنْ كَانَ بَعْدَهُ، وَقَدْ أَسْنَدَ إلَى أَحَدِهِمَا فَقَطْ فَهُوَ الْمُعْتَبَرُ قَطْعًا ثُمَّ رَأَيْت الزَّرْكَشِيَّ أَشَارَ إلَى بَعْضِ ذَلِكَ (، وَلَا يُشْتَرَطُ حَيَاةُ الشُّهُودِ) ، وَلَا حُضُورُهُمْ كَمَا فُهِمَ بِالْأَوْلَى، وَصَرَّحَ بِهِ أَصْلُهُ (حَالَةَ الْحُكْمِ، وَلَا قُرْبَ عَهْدِ الزِّنَا) فَتُقْبَلُ الشَّهَادَةُ بِهِ، وَإِنْ تَطَاوَلَ الزَّمَانُ.
(وَإِنْ قَامَتْ بَيِّنَةٌ بِبَكَارَةِ مَنْ ثَبَتَ زِنَاهَا أَوْ رَتَقُهَا) أَوْ قَرَنُهَا (سَقَطَ الْحَدُّ عَنْهَا) لِلشُّبْهَةِ نَعَمْ إنْ كَانَتْ غَوْرَاءَ يُمْكِنُ تَغْيِيبُ الْحَشَفَةِ فِيهَا مَعَ بَقَاءِ الْبَكَارَةِ فَالْأَشْبَهُ كَمَا قَالَ الزَّرْكَشِيُّ أَنَّهَا تُحَدُّ لِثُبُوتِ زِنَاهَا قَالَ وَالْفَرْقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ عَدَمِ حُصُولِ التَّحْلِيلِ بِهِ عَلَى مَا قَالَهُ الْبَغَوِيّ أَنَّ التَّحْلِيلَ مَبْنِيٌّ عَلَى تَكْمِيلِ اللَّذَّةِ (وَعَنْ قَاذِفِهَا) لِقِيَامِ الشَّهَادَةِ بِزِنَاهَا مَعَ احْتِمَالِ عَوْدِ الْبَكَارَةِ بَعْدَ زَوَالِهَا لِتَرْكِ الْمُبَالَغَةِ فِي الِافْتِضَاضِ فِي الْبِكْرِ وَرَمْيِ مَنْ لَا يُمْكِنُ جِمَاعُهُ فِي الْأُخْرَيَيْنِ، وَكَذَا لَا يَجِبُ حَدُّ الْقَذْفِ عَلَى الشُّهُودِ لِذَلِكَ قَالَ الْقَاضِي، وَتَبْطُلُ حَصَانَتُهَا بِلَا خِلَافٍ.
(أَوْ) قَامَتْ بَيِّنَةٌ (بِبَكَارَةِ مَنْ ثَبَتَ لَهَا مَهْرٌ) عَلَى مَنْ وَطِئَهَا، وَلَوْ بِشُبْهَةٍ أَوْ إكْرَاهٍ (لَمْ يَسْقُطْ) مَهْرُهَا لِثُبُوتِهِ مَعَ الشُّبْهَةِ، وَلَا حَدَّ عَلَيْهِ فِيمَا لَوْ شَهِدَ بِزِنَاهُ بِهَا أَرْبَعَةٌ، وَلَا عَلَى الشُّهُودِ لِلشُّبْهَةِ، وَلَا عَلَيْهَا لِلشَّهَادَةِ، وَتَعْبِيرُهُ بِالْبَيِّنَةِ أَعَمُّ مِنْ تَعْبِيرِ أَصْلِهِ بِأَرْبَعِ نِسْوَةٍ، وَإِنْ شَهِدَ اثْنَانِ بِإِكْرَاهِهَا عَلَى الزِّنَا لَمْ يَثْبُتْ الزِّنَا وَكَذَا الْمَهْرُ بِنَاءً عَلَى الْأَصَحِّ مِنْ أَنَّ شُهُودَ الزِّنَا إذَا نَقَصُوا عَنْ أَرْبَعَةٍ لَزِمَهُمْ حَدُّ الْقَذْفِ صَرَّحَ بِذَلِكَ الْأَصْلُ.
(وَإِنْ شَهِدَ اثْنَانِ بِإِكْرَاهِهَا) عَلَى الزِّنَا (وَاثْنَانِ بِمُطَاوَعَتِهَا) عَلَيْهِ (لَزِمَهُ الْمَهْرُ لِسُقُوطِ الْحَدِّ عَنْ شُهُودِ الْإِكْرَاهِ) لِتَمَامِ عَدَدِ شُهُودِ زِنَاهُ (دُونَ الْحَدِّ) أَيْ حَدِّ زِنَاهُ فَلَا يَلْزَمُهُ (لِوُجُوبِهِ) أَيْ حَدُّ قَذْفِهَا (عَلَى الْآخَرِينَ) لِعَدَمِ تَمَامِ عَدَدِ شُهُودِ زِنَاهَا فَخَرَجَ قَوْلُهُمَا عَنْ كَوْنِهِ شَهَادَةً، وَلَا حَدَّ عَلَيْهَا لِذَلِكَ، وَلَا يَجِبُ حَدُّ الْقَذْفِ لِلرَّجُلِ؛ لِأَنَّ عَدَدَ شُهُودِ زِنَاهُ قَدْ تَمَّ، وَإِنَّمَا رَدَدْنَا الشَّهَادَةَ لِأَمْرٍ مُجْتَهَدٍ فِيهِ (وَإِنْ ذَكَرَ كُلٌّ مِنْ الشُّهُودِ) لِلزِّنَا (زَاوِيَةً) مِنْ زَوَايَا الْبَيْتِ الَّذِي زَنَيَا فِيهِ (فَسَيَأْتِي) بَيَانُهُ (فِي الشَّهَادَاتِ)
[الْبَابُ الثَّانِي فِي اسْتِيفَاءِ الْحَدِّ]
(الْبَابُ الثَّانِي فِي اسْتِيفَاءِ الْحَدِّ)(إنَّمَا يَسْتَوْفِيهِ مِنْ الْحُرِّ الْإِمَامُ أَوْ نَائِبُهُ) ؛ لِأَنَّهُ فِي عَهْدِهِ صلى الله عليه وسلم وَعَهْدِ الْخُلَفَاءِ بَعْدَهُ لَمْ يُقَمْ إلَّا بِإِذْنِهِمْ قَالَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ، وَإِنَّمَا لَمْ يُفَوَّضْ لِأَوْلِيَاءِ الْمَزْنِيِّ بِهَا؛ لِأَنَّهُمْ قَدْ لَا يَسْتَوْفُونَهُ خَوْفًا مِنْ الْعَارِ قَالَ الْقَاضِي، وَلَا بُدَّ فِي إقَامَةِ الْحُدُودِ مِنْ النِّيَّةِ حَتَّى لَوْ ضُرِبَ لِصَادِرَةٍ أَوْ غَيْرِهَا، وَعَلَيْهِ حُدُودٌ لَمْ يُحْسَبْ مِنْهَا وَفِي فَتَاوَى شَيْخِهِ الْقَفَّالِ
ــ
[حاشية الرملي الكبير]
قَوْلُهُ: أَقْرَبُهُمَا الثَّانِي) هُوَ الْأَظْهَرُ
(قَوْلُهُ: وَصَرَّحَ الْأَصْلُ بِتَصْحِيحِهِ) وَحَذَفَهُ الْمُصَنِّفُ لِدُخُولِهِ فِي قَوْلِهِ فِي بَابِ قُطَّاعِ الطَّرِيقِ، وَلَا يَسْقُطُ بِهَا سَائِرُ الْحُدُودِ (قَوْلُهُ: أَحَدُهُمَا لَا يَسْقُطُ الْحَدُّ لِبَقَاءِ حُجَّةِ الْبَيِّنَةِ) هَذَا هُوَ الْأَصَحُّ (قَوْلُهُ: وَقَالَ الْأَصَحُّ عِنْدِي اعْتِبَارُ أَسْبَقِهِمَا) فَإِنْ أَقَرَّ ثُمَّ شَهِدَ عَلَيْهِ ثُمَّ رَجَعَ لَمْ يُحَدَّ، وَأَمَّا عَكْسُهُ فَحَكَى الْقَاضِي حُسَيْنٌ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ أَيْضًا السُّقُوطَ، وَلَمْ يَتَعَرَّضْ لَهُ الرَّافِعِيُّ (قَوْلُهُ: وَيَنْبَغِي تَقْيِيدُ مَحَلِّ الْخِلَافِ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ: ثُمَّ رَأَيْت الزَّرْكَشِيُّ أَشَارَ إلَى بَعْضِ ذَلِكَ) ، قَالَ الْأَذْرَعِيُّ سَيَأْتِي فِي الدَّعَاوَى مَا يَقْتَضِي أَنَّهُ يَسْتَنِدُ إلَى الشَّهَادَةِ فَقَطْ، وَكَتَبَ أَيْضًا نَقَلَ الشَّيْخَانِ فِي بَابِ الْقَضَاءِ، وَجْهَيْنِ فِيمَا لَوْ شَهِدَ عَدْلَانِ بِحَقٍّ ثُمَّ أَقَرَّ الْخَصْمُ قَبْلَ الْحُكْمِ هَلْ يُسْتَنَدُ الْحُكْمُ إلَى الْإِقْرَارِ أَوْ إلَيْهِمَا جَمِيعًا، وَأَنَّ الصَّحِيحَ الْأَوَّلُ. اهـ. أَيْ؛ لِأَنَّ الْإِقْرَارَ فِي حُقُوقِ الْآدَمِيِّينَ أَقْوَى مِنْ الْبَيِّنَةِ، وَأَمَّا فِي حُقُوقِ اللَّهِ تَعَالَى فَيَسْتَنِدُ الْحُكْمُ فِيهَا إلَى الْبَيِّنَةِ؛ لِأَنَّهَا أَقْوَى مِنْ الْإِقْرَارِ فَالْأَصَحُّ فِي مَسْأَلَتِنَا عَدَمُ السُّقُوطِ.
(قَوْلُهُ: فَالْأَشْبَهُ كَمَا قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: أَنَّهَا تُحَدُّ) هُوَ الرَّاجِحُ وَفِي الْحَاوِي إنْ لَمْ يَمْنَعْ الرَّتَقُ وَالْقَرَنُ إيلَاجَ الْحَشَفَةِ حُدَّتْ، وَمَا تَفَقَّهَهُ الزَّرْكَشِيُّ جَزَمَ بِهِ الْبُلْقِينِيُّ وَغَيْرُهُ (قَوْلُهُ: لِقِيَامِ الشَّهَادَةِ بِزِنَاهَا مَعَ احْتِمَالِ عَوْدِ الْبَكَارَةِ بَعْدَ زَوَالِهَا) خَصَّ الْقَاضِي ذَلِكَ بِمَا إذَا كَانَ بَيْنَ الشَّهَادَتَيْنِ زَمَنٌ بَعِيدٌ يُمْكِنُ عَوْدُ الْعُذْرَةِ فِيهِ. (قَوْلُهُ: قَالَ الْقَاضِي وَتَبْطُلُ حَضَانَتُهَا بِلَا خِلَافٍ) ، قَالَ الْقَاضِي هَذَا إذَا كَانَ بَيْنَ الشَّهَادَتَيْنِ زَمَنٌ بَعِيدٌ يُمْكِنُ عَوْدُ الْعُذْرَةِ فِيهِ فَإِنْ شَهِدُوا أَنَّهَا زَنَتْ السَّاعَةَ، وَشَهِدَتْ بِأَنَّهَا عَذْرَاءُ، وَجَبَ الْحَدُّ، وَقَوْلُهُ هَذَا إذَا كَانَ إلَخْ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ.
(قَوْلُهُ: وَلَا حَدَّ فِيمَا لَوْ شَهِدَ إلَخْ) ، قَالَ شَيْخُنَا كَلَامُ الْقَاضِي قَرِينَةٌ تُقَيِّدُ هَذِهِ الْمَسْأَلَةَ أَيْضًا.
(الْبَابُ الثَّانِي فِي اسْتِيفَاءِ الْحَدِّ) (قَوْلُهُ: وَفِي فَتَاوَى شَيْخِهِ الْقَفَّالِ
أَنَّهُ لَا يَحْتَاجُ فِيهَا إلَى نِيَّةٍ حَتَّى لَوْ حُدَّ بِنِيَّةِ الشُّرْبِ فَظَهَرَ أَنَّ حَدَّهُ الزِّنَا جَازَ؛ لِأَنَّهُ لَوْ أَخْطَأَ مِنْ يَدِهِ الْيُمْنَى إلَى الْيُسْرَى فِي السَّرِقَةِ أَجْزَأَ قَالَ: وَعَلَى هَذَا لَوْ أَنَّ الْإِمَامَ جَلَدَ رَجُلًا مِائَةً ظُلْمًا فَبَانَ أَنَّ عَلَيْهِ حَدَّ الزِّنَا سَقَطَ عَنْهُ كَمَا لَوْ قَتَلَ رَجُلًا فَبَانَ أَنَّهُ قَاتِلُ أَبِيهِ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ بَعْدَ نَقْلِهِ ذَلِكَ: وَالْأَشْبَهُ فِي صُورَةِ جَلْدِهِ ظُلْمًا مَا قَالَهُ الْقَاضِي، وَأَمَّا مَا قَبْلَهَا فَالْإِجْزَاءُ فِيهِ ظَاهِرٌ؛ لِأَنَّهُ قَصَدَ الْحَدَّ فَلَا عِبْرَةَ بِظَنِّهِ أَنَّهُ عَنْ الشُّرْبِ.
(وَيُسْتَحَبُّ حُضُورُهُ) أَيْ الْإِمَامِ أَوْ نَائِبِهِ اسْتِيفَاءَ حَدِّ الزِّنَا سَوَاءٌ أُثْبِتَ بِالْإِقْرَارِ أَمْ بِالْبَيِّنَةِ، وَلَا يَجِبُ؛ لِأَنَّهُ صلى الله عليه وسلم «أَمَرَ بِرَجْمِ مَاعِزٍ وَالْغَامِدِيَّةِ، وَلَمْ يَحْضُرْ» (وَحُضُورُ جَمْعٍ) مِنْ الرِّجَالِ الْمُسْلِمِينَ الْأَحْرَارِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَلْيَشْهَدْ عَذَابَهُمَا طَائِفَةٌ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ} [النور: 2](، وَأَقَلُّهُمْ أَرْبَعَةٌ) ؛ لِأَنَّ الزِّنَا لَا يَثْبُتُ بِأَقَلَّ مِنْهُمْ، وَالتَّصْرِيحُ بِاسْتِحْبَابِ حُضُورِ الْإِمَامِ أَوْ نَائِبِهِ مِنْ زِيَادَتِهِ، وَصَرَّحَ بِهِ فِي الْمِنْهَاجِ وَغَيْرِهِ، وَصَرَّحَ الْأَصْلُ بِاسْتِحْبَابِ حُضُورِ الشُّهُودِ إذَا ثَبَتَ بِالْبَيِّنَةِ وَظَاهِرُهُ اسْتِحْبَابُ حُضُورِ الْجَمْعِ الْمَذْكُورِ حِينَئِذٍ أَيْضًا وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ إنَّمَا يُسْتَحَبُّ إذَا ثَبَتَ زِنَاهُ بِالْإِقْرَارِ أَوْ بِالْبَيِّنَةِ، وَلَمْ تَحْضُرْ، قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: وَتُعْرَضُ عَلَيْهِ التَّوْبَةُ قَبْلَ رَجْمِهِ فَإِنْ حَضَرَ وَقْتُ صَلَاةٍ أُمِرَ بِهَا، وَإِنْ تَطَوَّعَ مُكِّنَ مِنْ رَكْعَتَيْنِ، وَإِنْ اسْتَسْقَى مَاءً سُقِيَ، وَإِنْ اسْتَطْعَمَ لَمْ يُطْعَمْ.
(وَ) يُسْتَحَبُّ (أَنْ يُحَاطَ بِالْمَحْدُودِ) الْمُحْصَنِ فَيُرْمَى مِنْ الْجَوَانِبِ (وَأَنْ يُرْجَمَ بِحِجَارَةٍ) وَمَدَرٍ وَنَحْوِهَا (مُعْتَدِلَةٍ) فَفِي خَبَرِ مَاعِزٍ فَرَمَيْنَاهُ بِالْعِظَامِ وَالْمَدَرِ وَالْخَزَفِ وَخَرَجَ بِالْمُعْتَدِلَةِ الْحَصَيَاتُ الْخَفِيفَةُ لِئَلَّا يَطُولَ تَعْذِيبُهُ وَالصَّخَرَاتُ لِئَلَّا تُذَفِّفَهُ فَيَفُوتَ بِهِ التَّنْكِيلُ الْمَقْصُودُ، وَلَيْسَ لِمَا يُرْجَمُ بِهِ تَقْدِيرٌ لَا جِنْسًا، وَلَا عَدَدًا فَقَدْ تُصِيبُ الْأَحْجَارُ مَقَاتِلَهُ فَيَمُوتُ سَرِيعًا، وَقَدْ يُبْطِئُ مَوْتُهُ ذَكَرَهُ الْأَصْلُ لَكِنْ ضَبَطَهُ الْمَاوَرْدِيُّ فَقَالَ الِاخْتِيَارُ أَنْ تَكُونَ مِلْءَ الْكَفِّ، وَأَنْ يَكُونَ مَوْقِفُ الرَّامِي مِنْهُ بِحَيْثُ لَا يَبْعُدُ عَنْهُ فَيُخْطِئُهُ، وَلَا يَدْنُو مِنْهُ فَيُؤْلِمُهُ، وَجَمِيعُ بَدَنِهِ مَحَلٌّ لِلرَّجْمِ وَيَخْتَارُ أَنْ يَتَوَقَّى الْوَجْهَ، وَلَا يَرْبِطُ، وَلَا يُقَيِّدُ (وَأَنْ يَبْدَأَ الشُّهُودُ) بِالرَّجْمِ ثُمَّ الْإِمَامُ ثُمَّ النَّاسُ فَإِنْ ثَبَتَ بِالْإِقْرَارِ بَدَأَ الْإِمَامُ ثُمَّ النَّاسُ قَالَهُ ابْنُ الرِّفْعَةِ.
(وَأَنْ يُحْفَرَ لِلْمَرْأَةِ) عِنْدَ رَجْمِهَا (إلَى صَدْرِهَا إنْ ثَبَتَ) زِنَاهَا (بِبَيِّنَةٍ) لِئَلَّا تَنْكَشِفَ بِخِلَافِ مَا إذَا ثَبَتَ بِالْإِقْرَارِ لِيُمْكِنَهَا الْهَرَبُ إنْ رَجَعَتْ وَبِخِلَافِ الرَّجُلِ لَا يُحْفَرُ لَهُ، وَإِنْ ثَبَتَ زِنَاهُ بِالْبَيِّنَةِ، وَأَمَّا ثُبُوتُ الْحَفْرِ فِي قِصَّةِ الْغَامِدِيَّةِ مَعَ أَنَّهَا كَانَتْ مُقِرَّةً فَبَيَانٌ لِلْجَوَازِ وَوُجُوبُ الْحَدِّ عَلَى الْمَرْأَةِ بِاللِّعَانِ كَوُجُوبِهِ بِالْبَيِّنَةِ.
(وَلَا يُقْتَلُ بِالسَّيْفِ) وَنَحْوُهُ إذْ الْقَصْدُ التَّنْكِيلُ بِهِ بِالرَّجْمِ (، وَتُؤَخَّرُ وُجُوبًا حُدُودُ اللَّهِ كَقَطْعِ السَّرِقَةِ لِمَرَضٍ يُرْجَى زَوَالُهُ وَشِدَّةِ حَرٍّ وَبَرْدٍ) إلَى الْبُرْءِ وَاعْتِدَالِ الزَّمَنِ لِئَلَّا يَهْلِكَ الْمَحْدُودُ؛ وَلِأَنَّ حُقُوقَهُ تَعَالَى مَبْنِيَّةٌ عَلَى الْمُسَاهَلَةِ بِخِلَافِ حُقُوقِ الْآدَمِيِّينَ كَقِصَاصٍ وَحَدِّ قَذْفٍ فَلَا تُؤَخَّرُ؛ لِأَنَّهَا مَبْنِيَّةٌ عَلَى الْمُضَايَقَةِ وَكَالْمَرَضِ الْمَذْكُورِ النِّفَاسُ وَالْحَمْلُ وَالْجُرْحُ وَالضَّرْبُ، وَاسْتَثْنَى الْمَاوَرْدِيُّ وَالرُّويَانِيُّ مَا لَوْ كَانَ بِبِلَادٍ لَا يَنْفَكُّ حَرُّهَا أَوْ بَرْدُهَا فَلَا يُؤَخَّرُ، وَلَا يُنْقَلُ إلَى الْبِلَادِ الْمُعْتَدِلَةِ لِمَا فِيهِ مِنْ تَأْخِيرِ الْحَدِّ وَلِخَوْفِ الْمَشَقَّةِ وَكُلُّ مَنْ أُخِّرَ حَدُّهُ لِعُذْرٍ فَلَا يُخَلَّى بَلْ يُحْبَسُ حَتَّى يَزُولَ عُذْرُهُ، قَالَهُ الْإِمَامُ، وَتَوَقَّفَ فِيهِ ابْنُ الرِّفْعَةِ، وَقَالَ: لَا يُتَّجَهُ حَبْسُ الْمُقِرِّ كَمَا ذَكَرَهُ الْإِمَامُ احْتِمَالًا فِي مَوْضِعٍ آخَرَ، وَأَمَّا الثَّابِتُ زِنَاهُ بِالْبَيِّنَةِ فَإِنْ أَمِنَ هَرَبَهُ لَمْ يُحْبَسْ، وَإِلَّا فَيُشْبِهُ أَنْ يُوَكِّلَ بِهِ مَنْ يَحْفَظُهُ أَوْ يُرَاقِبُهُ (لَا الرَّجْمُ) فَلَا يُؤَخَّرُ لِشَيْءٍ مِمَّا ذُكِرَ.
(وَلَوْ ثَبَتَ) زِنَاهُ (بِإِقْرَارِهِ) ؛ لِأَنَّ نَفْسَهُ مُسْتَوْفَاةٌ بِهِ وَيُؤَخَّرُ لِلْحَمْلِ وَانْقِضَاءِ الْفِطَامِ، وَلَوْ كَانَ الْحَمْلُ مِنْ زِنًا كَمَا فِي اسْتِيفَاءِ الْقِصَاصِ (فَلَوْ أُقِيمَتْ) حُدُودُ اللَّهِ تَعَالَى مَعَ مَا ذُكِرَ فَمَاتَ الْمَحْدُودُ (فَلَا ضَمَانَ) عَلَى الْمُقِيمِ لَهَا، وَإِنْ عَصَى بِتَرْكِ التَّأْخِيرِ؛ لِأَنَّهُ تَلِفَ بِوَاجِبٍ أُقِيمَ عَلَيْهِ، وَيُفَارِقُ الضَّمَانَ فِيمَا لَوْ خُتِنَ أَقْلَفُ فِي مَرَضٍ أَوْ شِدَّةِ حَرٍّ أَوْ بَرْدٍ فَمَاتَ بِأَنَّ الْجَلْدَ ثَبَتَ قَدْرًا بِالنَّصِّ وَالْخِتَانُ أَصْلًا، وَقَدْرًا بِالِاجْتِهَادِ؛ وَلِأَنَّ اسْتِيفَاءَ الْحُدُودِ إلَى الْإِمَامِ فَلَا يُؤَاخَذُ بِمَا يَتَوَلَّدُ مِنْهَا وَالْخِتَانُ لَا يَتَوَلَّاهُ الْإِمَامُ أَصَالَةً بَلْ يَتَوَلَّاهُ الْإِنْسَانُ بِنَفْسِهِ أَوْ يَقُومُ بِهِ وَلِيُّهُ فِي صِغَرِهِ فَإِذَا تَوَلَّاهُ الْإِمَامُ بِالنِّيَابَةِ اُشْتُرِطَ فِيهِ سَلَامَةُ الْعَاقِبَةِ.
(وَإِنْ لَمْ يُرْجَ) زَوَالُ الْمَرَضِ كَالسُّلِّ وَالزَّمَانَةِ (أَوْ كَانَ
ــ
[حاشية الرملي الكبير]
أَنَّهُ لَا يَحْتَاجُ فِيهَا إلَى نِيَّةٍ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ: حَتَّى لَوْ حُدَّ بِنِيَّةِ الشُّرْبِ فَظَهَرَ أَنَّ حَدَّهُ الزِّنَا جَازَ) أَيْ أَنْ يَكْمُلَ حَدَّ الزِّنَا (قَوْلُهُ: قَالَ وَعَلَى هَذَا لَوْ أَنَّ الْإِمَامَ جَلَدَ رَجُلًا إلَخْ) هَذَا هُوَ الرَّاجِحُ وَبِهِ أَفْتَيْت (قَوْلُهُ: وَالْأَشْبَهُ فِي صُورَةِ جَلْدِهِ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ
(قَوْلُهُ: وَصَرَّحَ الْأَصْلُ بِاسْتِحْبَابِ حُضُورِ الشُّهُودِ) هُوَ مَأْخُوذٌ مِنْ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ، وَأَنْ يَبْدَأَ الشُّهُودُ، وَكَتَبَ أَيْضًا، وَلَا يَجِبُ خِلَافًا لِأَبِي حَنِيفَةَ. (قَوْلُهُ: وَظَاهِرُهُ اسْتِحْبَابُ حُضُورِ الْجَمْعِ الْمَذْكُورِ حِينَئِذٍ أَيْضًا) ، وَهُوَ كَذَلِكَ فَقَدْ صَرَّحَ بِهِ جَمَاعَاتٌ أَمَّا اسْتِحْبَابُ حُضُورِ الْجَمْعِ فَلِمَا مَرَّ، وَأَمَّا حُضُورُ شُهُودِ الزِّنَا فَلِلْخُرُوجِ مِنْ خِلَافِ أَبِي حَنِيفَةَ فَإِنَّهُ يَقُولُ بِوُجُوبِهِ وَلِاحْتِمَالِ رُجُوعِهِمْ أَوْ رُجُوعِ بَعْضِهِمْ (قَوْلُهُ: وَإِنْ اسْتَسْقَى مَاءً سُقِيَ، وَإِنْ اُسْتُطْعِمَ لَمْ يُطْعَمْ) ؛ لِأَنَّ الشُّرْبَ لِعَطَشٍ مُتَقَدِّمٍ، وَالْأَكْلُ لِشِبَعِ مُسْتَقْبَلٍ.
(قَوْلُهُ: وَأَنْ يَبْدَأَ الشُّهُودُ بِالرَّجْمِ) فَإِنَّ أَبَا حَنِيفَةَ يَرَى أَنَّ إمْسَاكَهُمْ عَنْ الرَّجْمِ شُبْهَةٌ يُدْرَأُ بِهَا الْحَدُّ.
(قَوْلُهُ: وَبِخِلَافِ الرَّجُلِ لَا يُحْفَرُ لَهُ، وَإِنْ ثَبَتَ زِنَاهُ بِالْبَيِّنَةِ) ظَاهِرُ كَلَامِهِ امْتِنَاعُ الْحَفْرِ وَاسْتَشْكَلَهُ الْإِسْنَوِيُّ فِي التَّنْقِيحِ بِمَا فِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ مِنْ حَدِيثِ بُرَيْدَةَ أَنَّ مَاعِزًا حُفِرَ لَهُ مَعَ أَنَّ زِنَاهُ ثَبَتَ بِالْإِقْرَارِ وَأُجِيبَ بِأَنَّهُ مُعَارَضٌ بِمَا فِي مُسْلِمٍ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ أَنَّهُ لَمْ يَحْفِرْ لَهُ وَلِهَذَا مَالَ النَّوَوِيُّ فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ إلَى التَّخْيِيرِ مُطْلَقًا وَاخْتَارَهُ الْبُلْقِينِيُّ، وَجَمَعَ بَيْنَ الرِّوَايَتَيْنِ الْمَذْكُورَتَيْنِ فَإِنَّهُ حَفَرَ لِمَاعِزٍ حَفِيرَةً صَغِيرَةً فَلَمَّا رُجِمَ هَرَبَ مِنْهَا.
(قَوْلُهُ: وَاسْتَثْنَى الْمَاوَرْدِيُّ وَالرُّويَانِيُّ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ: بَلْ يُحْبَسُ حَتَّى يَزُولَ عُذْرُهُ، قَالَهُ الْإِمَامُ) الصَّحِيحُ أَنَّهُ لَا يُحْبَسُ فَقَدْ، قَالَ الشَّيْخَانِ إنَّ الْحَامِلَ لَا تُحْبَسُ فِي الرَّجْمِ، وَلَا فِي حَدٍّ لِلَّهِ عَلَى الصَّحِيحِ (قَوْلُهُ: وَإِلَّا فَيُشْبِهُ أَنْ يُوَكِّلَ بِهِ مَنْ يَحْفَظُهُ أَوْ يُرَاقِبُهُ) الرَّاجِحُ أَنَّهُ لَا يُحْبَسُ فِي حُدُودِ اللَّهِ تَعَالَى كَمَا صَرَّحُوا بِهِ فِي بَابِ اسْتِيفَاءِ الْقِصَاصِ.
(قَوْلُهُ: وَيُؤَخَّرُ لِلْحَمْلِ وَانْقِضَاءِ الْفِطَامِ) أَيْ وَوُجُودِ مَنْ يَكْفُلُهُ