الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَقَالَ قَدْ عَلَّمْتُك مَجَامِعَ الْحَمْدِ (وَفُسِّرَ فِي الرَّوْضَةِ يُوَافِي نِعَمَهُ) بِقَوْلِهِ (أَيْ يُلَاقِيهَا حَتَّى يَكُونَ مَعَهَا) وَيُكَافِئُ مَزِيدَهُ بِقَوْلِهِ أَيْ يُسَاوِي مَزِيدَ نِعَمِهِ أَيْ يَقُومُ بِشُكْرِ مَا زَادَ مِنْهَا (وَعِنْدِي أَنَّ مَعْنَاهُ يَفِي بِهَا وَيَقُومُ بِحَقِّهَا) وَيُمْكِنُ حَمْلُ كَلَامِ النَّوَوِيِّ عَلَى هَذَا
(وَأَفْضَلُ الصَّلَاةِ عَلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم مَا) يُقَالُ (فِي التَّشَهُّدِ) فِي الصَّلَاةِ فَلَوْ حَلَفَ لَيُصَلِّيَن عَلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أَفْضَلَ الصَّلَاةِ فَلْيَقُلْ اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِ مُحَمَّدٍ كَمَا صَلَّيْت عَلَى إبْرَاهِيمَ إلَخْ فَقَدْ ثَبَتَ أَنَّهُمْ قَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ كَيْفَ نُصَلِّي عَلَيْك فَقَالَ قُولُوا اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ إلَخْ، وَهَذَا مَا قَالَ فِي الرَّوْضَةِ إنَّهُ الصَّوَابُ وَنَقَلَ الرَّافِعِيُّ عَنْ الْمَرُّوذِيِّ أَنَّ أَفْضَلَهَا أَنْ يَقُولَ اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِ مُحَمَّدٍ كُلَّمَا ذَكَرَهُ الذَّاكِرُونَ وَكُلَّمَا سَهَا عَنْهُ الْغَافِلُونَ قَالَ النَّوَوِيُّ: وَقَدْ يُسْتَأْنَسُ لَهُ بِأَنَّ الشَّافِعِيَّ رضي الله عنه كَانَ يَسْتَعْمِلُ هَذِهِ الْعِبَارَةَ وَلَعَلَّهُ أَوَّلُ مَنْ اسْتَعْمَلَهَا وَاعْتَرَضَ الْقَمُولِيُّ مَا صَوَّبَهُ النَّوَوِيُّ بِأَنَّ فِي ذَاكَ مِنْ الْمُبَالَغَةِ مَا لَيْسَ فِي هَذَا فَإِنَّ هَذَا يَقْتَضِي صَلَاةً وَاحِدَةً وَذَاكَ يَقْتَضِي صَلَاةً مُتَكَرِّرَةً بِتَكَرُّرِ الذِّكْرِ وَالسَّهْوِ فَتَدُومُ كَمَا ثَبَتَ فِي الصَّحِيحِ أَنَّ قَوْلَهُ سُبْحَانَ اللَّهِ عَدَدَ خَلْقِهِ وَزِنَةَ عَرْشِهِ وَنَحْوَهُ أَفْضَلُ مِنْ أَعْدَادِ التَّسْبِيحَاتِ وَالتَّشْبِيهِ بِالصَّلَاةِ عَلَى إبْرَاهِيمَ وَعَلَى آلِ إبْرَاهِيمَ لَا يَقْتَضِي تَكْرَارًا وَقَالَ الْبَارِزِيُّ بَعْدَ ذِكْرِهِ كَلَامَ الْمَرُّوذِيِّ وَعِنْدِي أَنَّ الْبِرَّ أَنْ يَقُولَ اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِ مُحَمَّدٍ أَفْضَلَ صَلَوَاتِك عَدَدَ مَعْلُومَاتِك فَإِنَّهُ أَبْلَغُ فَيَكُونُ أَفْضَلَ ثُمَّ قَالَ وَقَالَ بَعْضُ عُلَمَاءِ زَمَانِنَا إنَّ زَمَانَنَا مَا يُقَالُ عَقِبَ التَّشَهُّدِ وَأَرَادَ بِهِ النَّوَوِيَّ فَإِنَّهُ اجْتَمَعَ بِهِ وَأَثْنَى عَلَيْهِ النَّوَوِيُّ وَتَأَخَّرَتْ وَفَاتُهُ عَنْهُ فَوْقَ سِتِّينَ سَنَةً وَمَا قَالَهُ، وَإِنْ كَانَ أَوْجَهَ مِمَّا قَالَهُ الْمَرُّوذِيُّ فَالْأَوْجَهُ مَا قَالَهُ النَّوَوِيُّ لِثُبُوتِهِ عَنْهُ صلى الله عليه وسلم فِي أَفْضَلِ الْعِبَادَاتِ بَعْدَ الْإِيمَانِ مَعَ أَنَّهُ أَبْلَغُ مِنْ غَيْرِهِ إذْ الصَّلَاةُ الْمُشَبَّهَةُ بِصَلَاةِ اللَّهِ تَعَالَى عَلَى مَنْ ذُكِرَ أَبْلَغُ مِنْ غَيْرِهَا بِلَا رَيْبٍ؛ وَلِأَنَّهُ صلى الله عليه وسلم لَا يَخْتَارُ لِنَفْسِهِ الشَّرِيفَةِ إلَّا الْأَفْضَلَ وَبِالْجُمْلَةِ فَالْأَحْوَطُ لِلْحَالِفِ أَنْ يَأْتِيَ بِجَمِيعِ مَا ذَكَرَ كَمَا قَالَهُ الْأَذْرَعِيُّ
(فَصْلٌ) لَوْ (حَلَفَ لَيَتْرُكَن الصَّوْمَ وَالْحَجَّ وَالِاعْتِكَافَ وَالصَّلَاةَ حَنِثَ بِالشُّرُوعِ الصَّحِيحِ) فِي كُلٍّ مِنْهَا (وَإِنْ فَسَدَ) بَعْدُ؛ لِأَنَّهُ لَا يُسَمَّى صَائِمًا وَحَاجًّا وَمُعْتَكِفًا وَمُصَلِّيًا فَالشُّرُوعُ هُوَ الْمُرَادُ كَمَا فِي خَبَرِ جِبْرِيلَ حَيْثُ «قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم صَلَّى بِي الظُّهْرَ حِينَ زَالَتْ الشَّمْسُ» (لَا) بِالشُّرُوعِ (الْفَاسِدِ) ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَأْتِ بِالْمَحْلُوفِ عَلَيْهِ لِعَدَمِ انْعِقَادِهِ (إلَّا فِي الْحَجِّ) فَيَحْنَثُ بِهِ كَمَا مَرَّ فِي فَصْلٍ حَلَفَ لَا يَبِيعُ وَذَكَرَهُ هُنَا وَذَكَرَ الْحِنْثَ وَعَدَمَهُ فِيمَا قَبْلَهُ فِي غَيْرِ الصَّلَاةِ مِنْ زِيَادَتِهِ وَكَذَا قَوْلُهُ (وَصُورَتُهُ) أَيْ انْعِقَادِ الْحَجِّ فَاسِدًا (أَنْ يُفْسِدَ عُمْرَتَهُ ثُمَّ يُدْخِلَ الْحَجَّ عَلَيْهَا) فَإِنَّهُ يَنْعَقِدُ فَاسِدًا وَتَصْوِيرُهُ بِأَنْ يُحْرِمَ بِهِ مُجَامِعًا إنَّمَا يَأْتِي عَلَى وَجْهٍ مَرْجُوحٍ إذْ الْأَصَحُّ عَدَمُ انْعِقَادِهِ كَمَا مَرَّ فِي بَابِهِ (أَوْ لَا أُصَلِّي صَلَاةً حَنِثَ بِالْفَرَاغِ) مِنْهَا إلَّا بِالشُّرُوعِ فِيهَا (وَلَوْ مِنْ) صَلَاةِ (فَاقِدِ الطَّهُورَيْنِ وَمِمَّنْ يُومِئُ) ؛ لِأَنَّهَا إنَّمَا تُعَدُّ صَلَاةً بِالْفَرَاغِ مِنْهَا وَلَا يَقْدَحُ فِي ذَلِكَ وُجُوبُ الْقَضَاءِ (لَا إنْ أَرَادَ) صَلَاةً (مُجْزِئَةً) فَلَا يَحْنَثُ بِصَلَاةِ فَاقِدِ الطَّهُورَيْنِ وَنَحْوِهَا مِمَّا يَجِبُ قَضَاؤُهَا عَمَلًا بِنِيَّتِهِ (لَا بِسُجُودِ تِلَاوَةٍ) وَشُكْرٍ (وَطَوَافٍ) فَلَا يَحْنَثُ بِهَا؛ لِأَنَّهَا لَا تُسَمَّى صَلَاةً وَقَضِيَّةُ كَلَامِهِمْ أَنَّهُ يَحْنَثُ بِصَلَاةِ رَكْعَةٍ وَاحِدَةٍ وَكَلَامُ الرُّويَانِيِّ يَقْتَضِي أَنَّهُ إنَّمَا يَحْنَثُ بِصَلَاةِ رَكْعَتَيْنِ فَأَكْثَرَ قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ وَالْقَفَّالُ: وَلَا يَحْنَثُ بِصَلَاةِ الْجِنَازَةِ؛ لِأَنَّهَا غَيْرُ مُتَبَادِرَةٍ عُرْفًا (وَإِنْ صَلَّى) صَلَاةً (فَاسِدَةً) وَكَانَ شُرُوعُهُ فِيهَا فَاسِدًا (وَحَلَفَ أَنَّهُ مَا صَلَّى لَمْ يَحْنَثْ، وَإِنْ حَلَفَ لَا يَقْرَأُ حَنِثَ) بِمَا قَرَأَ وَلَوْ (بِبَعْضِ آيَةٍ)
(النَّوْعُ السَّادِسُ) فِي تَأْخِيرِ الْحِنْثِ وَتَقْدِيمِهِ (لَوْ حَلَفَ لَيَأْكُلَن هَذَا الطَّعَامَ غَدًا فَتَلِفَ قَبْلَهُ بِغَيْرِ اخْتِيَارِهِ لَمْ يَحْنَثْ) لِفَوَاتِ الْبِرِّ بِغَيْرِ اخْتِيَارِهِ كَالْمُكْرَهِ (أَوْ) تَلِفَ كَذَلِكَ (بِاخْتِيَارِ حِنْثٍ) ؛ لِأَنَّهُ فَوَّتَ الْبِرَّ بِاخْتِيَارِهِ وَهَلْ يَحْنَثُ (مِنْ الْآنِ) لِحُصُولِ الْيَأْسِ مِنْ الْبِرِّ (أَوْ مِنْ الْغَدِ) ؛ لِأَنَّهُ وَقْتُ الْبِرِّ وَالْحِنْثِ (وَجْهَانِ) وَقِيلَ قَوْلَانِ وَتَرْجِيحُ
ــ
[حاشية الرملي الكبير]
قَوْلُهُ وَيُمْكِنُ حَمْلُ كَلَامِ النَّوَوِيِّ عَلَى هَذَا) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ
(قَوْلُهُ فَالْأَوْجَهُ مَا قَالَهُ النَّوَوِيُّ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ
[فَصْلٌ حَلَفَ لَيَتْرُكَن الصَّوْمَ وَالْحَجَّ وَالِاعْتِكَافَ وَالصَّلَاةَ]
(قَوْلُهُ لَوْ حَلَفَ لَيَتْرُكَن الصَّوْمَ إلَخْ) مَا الْحُكْمُ إذَا كَانَتْ الْيَمِينُ عَلَى فِعْلِ صَلَاةِ الْجُمُعَةِ إثْبَاتًا أَيَكْتَفِي بِالتَّحَرُّمِ، وَإِنْ فَسَدَتْ أَمْ لَا قَالَ شَيْخُنَا قِيَاسُ مَا سَيَأْتِي فِي خَطِّ الْوَالِدِ عَلَى الْهَامِشِ عَنْ الْقَاضِي حُسَيْنٍ أَنَّهُ لَوْ حَلَفَ فَقَالَ إنْ قَرَأْت سُورَةَ الْبَقَرَةِ فِي صَلَاةِ الصُّبْحِ فَأَنْت طَالِقٌ فَقَرَأَهَا ثُمَّ أَفْسَدَ الصَّلَاةَ أَنَّهَا لَا تَطْلُقُ أَنَّهُ لَا يَبَرُّ فِي مَسْأَلَةِ الْجُمُعَةِ إثْبَاتًا وَلَا نَفْيًا لَا مَعَ تَمَامِهَا (قَوْلُهُ فِي كُلٍّ مِنْهَا) وَلَوْ صَلَاةَ جِنَازَةٍ (قَوْلُهُ أَوْ لَا أُصَلِّي صَلَاةً حَنِثَ بِالْفَرَاغِ) قَالَ الْقَاضِي حُسَيْنٌ لَوْ قَالَ إنْ قَرَأْت سُورَةَ الْبَقَرَةِ فِي صَلَاةِ الصُّبْحِ فَأَنْتِ طَالِقٌ فَقَرَأَهَا ثُمَّ أَفْسَدَ الصَّلَاةَ لَمْ تَطْلُقْ عَلَى الْمَذْهَبِ اهـ؛ لِأَنَّ قَوْلَهُ صَلَاةُ الصُّبْحِ كَقَوْلِهِ لَا أُصَلِّي صَلَاةً (قَوْلُهُ إلَّا إنْ أَرَادَ مُجْزِئَةً) أَيْ مُسْقِطَةً لِلْقَضَاءِ
(فَرْعٌ) فِي فَتَاوَى الْقَفَّالِ أَنَّهُ لَوْ حَلَفَ لَا يَؤُمُّ النَّاسَ فَأَحْرَمَ بِالصَّلَاةِ مُنْفَرِدًا ثُمَّ اقْتَدَى بِهِ جَمَاعَةٌ لَمْ يَحْنَثْ إلَّا أَنْ يَنْوِيَ فِي أَثْنَاءِ صَلَاتِهِ الْإِمَامَةَ (قَوْلُهُ وَقَضِيَّةُ كَلَامِهِمْ أَنَّهُ يَحْنَثُ بِصَلَاةِ رَكْعَةٍ وَاحِدَةٍ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ وَكَلَامُ الرُّويَانِيِّ يَقْتَضِي أَنَّهُ إنَّمَا يَحْنَثُ إلَخْ) هُمَا وَجْهَانِ صَحَّحَ مِنْهُمَا الْجِيلِيُّ ثَانِيَهُمَا قَالَ شَيْخُنَا وَجَرَى صَاحِبُ الْأَنْوَارِ عَلَى الْحِنْثِ (قَوْلُهُ قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ وَالْقَفَّالُ وَلَا يَحْنَثُ بِصَلَاةِ الْجِنَازَةِ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ وَكَتَبَ فِي الْجُزْءِ الْآخَرِ الْمُعْتَمَدِ الْحِنْثَ بِهَا
(قَوْلُهُ بِغَيْرِ اخْتِيَارِهِ) بِأَنْ تَلِفَ بِغَيْرِ تَقْصِيرٍ مِنْهُ أَوْ أَتْلَفَهُ أَجْنَبِيٌّ وَلَمْ يُمْكِنْهُ دَفْعُهُ أَوْ أَتْلَفَهُ هُوَ تَأَسِّيًا أَوْ مُكْرَهًا
(النَّوْعُ السَّادِسُ)(قَوْلُهُ أَوْ تَلِفَ كَذَلِكَ بِاخْتِيَارِهِ) كَأَنْ أَتْلَفَهُ، وَهُوَ ذَاكِرٌ مُخْتَارٌ أَوْ تَلِفَ بِتَقْصِيرِهِ أَوْ أَتْلَفَهُ أَجْنَبِيٌّ وَأَمْكَنَهُ دَفْعُهُ وَتَلَفُ بَعْضِهِ كَتَلَفِ كُلِّهِ (قَوْلُهُ؛ لِأَنَّهُ فَوَّتَ الْبِرَّ بِاخْتِيَارِهِ) ؛ لِأَنَّ الْبِرَّ مُقَيَّدٌ بِزَمَانٍ فَكَانَ شَرْطًا كَالْمُقَيَّدِ بِالْمَكَانِ وَقَدْ فَوَّتَهُ بِاخْتِيَارِهِ وَلَوْ أَخَّرَ أَكْلَهُ إلَى مَا بَعْدَ الْغَدِ حَنِثَ أَوْ نَاسِيًا فَلَا قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ وَلَا يَلْزَمُهُ أَكْلُهُ بَعْدَ الْغَدِ
كَوْنِهِمَا وَجْهَيْنِ مِنْ زِيَادَتِهِ وَقَالَ الْإِسْنَوِيُّ أَنَّهُ الْمَعْرُوفُ فَقَدْ جَزَمَ بِهِ الرَّافِعِيُّ فِي النَّوْعِ الثَّانِي وَجَزَمَ بِهِ فِي الرَّوْضَةِ فِي الصِّيَامِ قَالَ وَالرَّاجِحُ مِنْ الْوَجْهَيْنِ الثَّانِي كَمَا رَجَّحَهُ الرَّافِعِيُّ فِي النَّوْعِ الْمَذْكُورِ وَعَلَى الْأَوَّلِ مِنْهُمَا لَوْ كَانَتْ كَفَّارَتُهُ بِالصَّوْمِ جَازَ أَنْ يَنْوِيَ صَوْمَ الْغَدِ عَنْهَا وَعَلَى الثَّانِي حِنْثُهُ بِمُضِيِّ زَمَنِ إمْكَانِ الْأَكْلِ مِنْ الْغَدِ أَوْ قُبَيْلَ غُرُوبِ الشَّمْسِ وَجْهَانِ وَأَصَحُّهُمَا عِنْدَ الْبَغَوِيّ وَالْإِمَامِ الْأَوَّلُ (أَوْ) تَلِفَ (فِي الْغَدِ بِغَيْرِ اخْتِيَارِهِ وَقَبْلَ التَّمَكُّنِ) مِنْ الْأَكْلِ (لَمْ يَحْنَثْ) كَتَلَفِهِ قَبْلَ الْغَدِ بِخِلَافِهِ بِاخْتِيَارِهِ أَوْ بَعْدَ التَّمَكُّنِ مِنْهُ لِتَمَكُّنِهِ مِنْ الْبِرِّ وَلَمْ يَفْعَلْ فَصَارَ كَقَوْلِهِ لَآكُلَن هَذَا الطَّعَامَ وَتَمَكَّنَ مِنْ أَكْلِهِ فَلَمْ يَأْكُلْ حَتَّى تَلِفَ (أَوْ لَآكُلَنهُ قَبْلَ غَدٍ فَتَلِفَ أَوْ مَاتَ بَعْدَ التَّمَكُّنِ) مِنْ أَكْلِهِ وَقَبْلَ الْغَدِ (حَنِثَ) ؛ لِأَنَّهُ فَوَّتَ الْبِرَّ بِاخْتِيَارِهِ (وَهَلْ هُوَ فِي الْحَالِ أَوْ بَعْدَ مَجِيءِ الْغَدِ وَجْهَانِ) أَرْجَحُهُمَا أَخْذًا مِمَّا مَرَّ الْأَوَّلُ وَتَلَفُ بَعْضِ الطَّعَامِ كَتَلَفِ كُلِّهِ فِيمَا مَرَّ وَمَوْتُ الْحَالِفِ مُتْلِفِ الطَّعَامِ مُصَرِّحٌ بِهِمَا الْأَصْلُ
(أَوْ) قَالَ وَاَللَّهِ (لَأَقْضِيَن حَقَّك) وَمَاتَ قَبْلَ الْقَضَاءِ فَإِنْ تَمَكَّنَ مِنْهُ وَلَمْ يَقْضِهِ حَنِثَ وَإِلَّا فَلَا أَوْ لَأَقْضِيَن حَقَّك (غَدًا فَمَاتَ فِيهِ بَعْدَ التَّمَكُّنِ) مِنْهُ وَلَمْ يَقْضِهِ حَنِثَ فِي الْحَالِ (وَإِلَّا) أَيْ، وَإِنْ مَاتَ قَبْلَ التَّمَكُّنِ (فَكَالْأَكْلِ) فِيمَا مَرَّ فَلَا يَحْنَثُ (وَقَضَاؤُهُ) أَيْ الْحَقِّ (قَبْلَهُ) أَيْ قَبْلَ مَجِيءِ الْغَدِ (كَإِتْلَافِهِ) أَيْ الْمَأْكُولِ فِيمَا مَرَّ فَيَحْنَثُ؛ لِأَنَّهُ فَوَّتَ الْبِرَّ بِاخْتِيَارِهِ (إلَّا أَنْ يُرِيدَ لَا أُؤَخِّرُهُ عَنْ غَدٍ) فَلَا يَحْنَثُ بِذَلِكَ بَلْ يَبَرُّ بِهِ (وَمَوْتُ صَاحِبِ الْحَقِّ هُنَا لَا يَقْتَضِي حِنْثًا) لِإِمْكَانِ الْقَضَاءِ بِالدَّفْعِ إلَى وَارِثِهِ كَمَا أَشَارَ إلَيْهِ بِقَوْلِهِ (وَالْوَارِثُ قَائِمٌ مَقَامَهُ أَوْ) قَالَ (لَأَقْضِيَنك) حَقَّك (غَدًا إلَّا أَنْ تَشَاءَ تَأْخِيرَهُ فَقَضَاهُ غَدًا بَرَّ) شَاءَ صَاحِبُ الْحَقِّ أَمْ لَا (وَإِنْ لَمْ يَقْضِهِ) فِي الْغَدِ (وَشَاءَ) صَاحِبُهُ (تَأْخِيرَهُ قَبْلَ مُضِيِّ الْغَدِ لَمْ يَحْنَثْ) وَإِلَّا حَنِثَ (فَإِنْ مَاتَ صَاحِبُ الْحَقِّ قَبْلَ تَمَكُّنِ الْحَالِفِ) مِنْ الْقَضَاءِ فِي الْغَدِ (فَكَالْمُكْرَهِ) فَلَا يَحْنَثُ (أَوْ بَعْدَهُ حَنِثَ) فِي الْحَالِ؛ لِأَنَّهُ فَوَّتَ الْبِرَّ بِاخْتِيَارِهِ وَهَذِهِ لَا يَقُومُ وَارِثُهُ فِيهَا مَقَامَهُ لِإِضَافَةِ الْقَضَاءِ إلَيْهِ فِيهَا (، وَإِنْ سَأَلَهُ أَنْ يُبَرِّئَهُ) مِنْ حَقِّهِ فِيمَا ذُكِرَ (فَأَبْرَأهُ حَنِثَ) لِتَفْوِيتِهِ الْبِرَّ بِاخْتِيَارِهِ حَيْثُ سَأَلَ فِي ذَلِكَ إلَّا أَنْ يُرِيدَ بِالْيَمِينِ لَا يَمْضِي الْغَدُ وَحَقُّهُ بَاقٍ عَلَيْهِ (وَكَذَا) إنْ أَبْرَأَهُ (بِلَا سُؤَالٍ بَعْدَ التَّمَكُّنِ) مِنْ الْقَضَاءِ لِتَفْوِيتِهِ الْبِرَّ بِاخْتِيَارِهِ أَيْضًا حَيْثُ تَمَكَّنَ مِنْ الْبِرِّ وَلَمْ يَفْعَلْ (لَا قَبْلَهُ) لِفَوَاتِ الْبِرِّ بِغَيْرِ اخْتِيَارِهِ كَالْمُكْرَهِ وَالتَّصْرِيحُ بِذِكْرِ السُّؤَالِ وَبِعَدَمِهِ مَعَ التَّفْرِقَةِ بَيْنَ التَّمَكُّنِ وَعَدَمِهِ مِنْ زِيَادَتِهِ وَلَوْ صَالَحَهُ عَنْ الدَّيْنِ أَوْ وَهَبَهُ الْحَقَّ وَكَانَ عَيْنًا حَنِثَ إنْ قَبِلَ وَإِلَّا فَلَا صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ وَبَنَى كَلَامَهُ فِي مَسْأَلَةِ الْإِبْرَاءِ عَلَى الْخِلَافِ فِيهِ فِي اشْتِرَاطِ الْقَبُولِ فِيهِ وَعَدَمِ اشْتِرَاطِهِ وَالْأَصَحُّ الثَّانِي وَعَلَيْهِ جَرَى الْمُصَنِّفُ
(أَوْ) لَأَقْضِيَنك حَقَّك غَدًا (لَا أَنْ يَشَاءَ زَيْدٌ تَأْخِيرَهُ فَمَاتَ) زَيْدٌ (قَبْلَهُ) أَيْ قَبْلَ انْقِضَاءِ الْغَدِ (وَلَمْ تُعْلَمْ مَشِيئَتُهُ لَمْ يَحْنَثْ) فِي الْحَالِ لِإِمْكَانِ الْقَضَاءِ بَعْدَ مَوْتِهِ فَلَا يَحْنَثُ (حَتَّى يَنْقَضِيَ) الْغَدُ (بِلَا قَضَاءٍ)، وَإِنْ مَاتَ مَنْ لَهُ الْحَقُّ قَبْلَ الْغَدِ لَمْ يَحْنَثْ أَوْ بَعْدَهُ وَبَعْدَ التَّمَكُّنِ حَنِثَ لِتَمَكُّنِهِ مِنْ الْبِرِّ صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ (أَوْ لَأَقْضِيَنك) حَقَّك (إلَى الْغَدِ فَطَلَعَ الْفَجْرُ) أَيْ فَجْرُ الْغَدِ (وَلَمْ يَقْضِهِ حَنِثَ) ؛ لِأَنَّ إلَى لِلْغَايَةِ وَبَيَانِ الْحَدِّ وَصَوَّرَ الْأَصْلُ الْمَسْأَلَةَ بِقَوْلِهِ أَوْ لَأَقْضِيَنك حَقَّك إلَى الْغَدِ إلَّا أَنْ تَشَاءَ تَأْخِيرَهُ فَإِنْ لَمْ يُقَدِّمْ الْقَضَاءَ عَلَى طُلُوعِ فَجْرِ الْغَدِ وَلَمْ يَشَأْ صَاحِبُ الْحَقِّ تَأْخِيرَهُ حَنِثَ قَالَ: وَلَوْ حَلَفَ لَيُطَلِّقَنهَا غَدًا فَطَلَّقَهَا الْيَوْمَ فَإِنْ اسْتَوْفَى الثَّلَاثَ حَنِثَ وَإِلَّا فَالْبِرُّ مُمْكِنٌ أَوْ لِيُصَلِّيَن مَنْذُورَةً عَلَيْهِ غَدًا فَصَلَّاهَا الْيَوْمَ حَنِثَ
(أَوْ) لَأَقْضِيَنك حَقَّك رَأْسَ الشَّهْرِ أَوْ أَوَّلَهُ أَوْ (مَعَ) رَأْسِ (الْهِلَالِ) أَوْ مَعَ الِاسْتِهْلَالِ أَوْ عِنْدَهُ (أَوْ عِنْدَ رَأْسِ الشَّهْرِ) أَوْ مَعَ رَأْسِهِ (حُمِلَ عَلَى أَوَّلِ جُزْءٍ مِنْ أَوَّلِ لَيْلَةٍ) مِنْهُ، وَهُوَ وَقْتُ الْغُرُوبِ لِاقْتِضَاءِ اللَّفْظِ الْمُقَارَنَةَ وَالْمُرَادُ الْمُقَارَنَةُ الْعُرْفِيَّةُ (فَإِنْ قَضَاهُ قَبْلَهُ أَوْ بَعْدَهُ حَنِثَ) لِتَفْوِيتِهِ الْبِرَّ بِاخْتِيَارِهِ (فَلْيَتَرَصَّدْ الْغُرُوبَ) وَيُعِدُّ الْمَالَ وَيَقْضِيهِ حِينَئِذٍ وَلَوْ أَخَذَ حِينَئِذٍ فِي مُقَدِّمَاتِ الْقَضَاءِ كَالْكَيْلِ وَالْوَزْنِ وَحَمَلَ الْمِكْيَالَ وَالْمِيزَانَ وَتَأَخَّرَ الْفَرَاغُ لِكَثْرَةِ الْمَالِ لَمْ يَحْنَثْ وَإِلَى ذَلِكَ أَشَارَ بِقَوْلِهِ (وَيَشْرَعُ بِهِ) أَيْ بِالْغُرُوبِ أَيْ مَعَهُ (فِي الْكَيْلِ) وَالْوَزْنِ
ــ
[حاشية الرملي الكبير]
قَوْلُهُ وَالرَّاجِحُ مِنْ الْوَجْهَيْنِ الثَّانِي) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ أَصَحُّهُمَا عِنْدَ الْبَغَوِيّ وَالْإِمَامِ الْأَوَّلُ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ
(قَوْلُهُ أَوْ بَعْدَ التَّمَكُّنِ مِنْهُ) لَوْ تَرَكَ أَكْلَهُ فِي الْغَدِ نَاسِيًا أَوْ مُكْرَهًا لَمْ يَحْنَثْ وَلَا يَلْزَمُهُ أَكْلُهُ لِفَوَاتِ وَقْتِهِ (قَوْلُهُ أَرْجَحُهُمَا أَخْذًا مِمَّا مَرَّ الْأَوَّلُ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ
(قَوْلُهُ فَلَا يَحْنَثُ) أَيْ إلَّا إنْ قَتَلَ نَفْسَهُ ذَاكِرًا لِلْحَلِفِ مُخْتَارًا أَوْ قَتَلَهُ غَيْرُهُ وَتَرَكَ دَفْعَهُ مَعَ تَمَكُّنِهِ مِنْهُ (قَوْلُهُ أَوْ لَا أَقْضِيَنك إلَخْ) حَلَفَ لَا أَقْضِيَنك غَدًا وَالدَّيْنُ مُؤَجَّلٌ هَلْ تَنْعَقِدُ الْيَمِينُ وَإِذَا انْعَقَدَتْ فَأَعْطَاهُ هَلْ يَجِبُ عَلَيْهِ أَنْ يَأْخُذَ فِيهِ نَظَرٌ ر
(تَنْبِيهٌ) رَجُلٌ لَهُ عَلَى آخَرَ دَيْنٌ فَقَالَ إنْ لَمْ آخُذْهُ مِنْك الْيَوْمَ فَامْرَأَتِي طَالِقٌ وَقَالَ صَاحِبُهُ: إنْ أَعْطَيْتُك الْيَوْمَ فَامْرَأَتِي طَالِقٌ فَالطَّرِيقُ أَنْ يَأْخُذَهُ مِنْ صَاحِبِ الْحَقِّ جَبْرًا فَلَا يَحْنَثَانِ قَالَهُ صَاحِبُ الْكَافِي (قَوْلُهُ وَالْأَصَحُّ الثَّانِي) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ
(قَوْلُهُ فَإِنْ قَضَاهُ قَبْلَهُ أَوْ بَعْدَهُ حَنِثَ) لَوْ نَوَى أَنَّهُ لَا يُؤَخِّرُهُ عَنْهُ لَمْ يَحْنَثْ فِي الْأَوْلَى وَحَنِثَ فِيهَا بِمُضِيِّ قَدْرِ الْإِمْكَانِ وَكَتَبَ أَيْضًا ذَكَرَ الْمُصَنِّفُ كَأَصْلِهِ فِيمَا لَوْ قَالَ لَأَقْضِيَنك غَدًا وَنَوَى أَنَّهُ لَا يُؤَخِّرُ عَنْ الْغَدِ أَنَّهُ لَا يَحْنَثُ بِقَضَائِهِ قَبْلَهُ وَيَجِيءُ هُنَا مِثْلُهُ
(قَوْلُهُ وَيَشْرَعُ بِهِ فِي الْكَيْلِ) قَالَ الْأَذْرَعِيُّ الظَّاهِرُ اعْتِبَارُ تَوَاصُلِ الْكَيْلِ أَوْ نَحْوِهِ إلَى كَمَالِ الْحَقِّ حَتَّى لَوْ تَخَلَّلَ فَتَرَاتٌ لَا يُعَدُّ الْكَيْلُ أَوْ الْوَزْنُ مَعَهَا مُتَوَاصِلًا حَنِثَ حَيْثُ لَا عُذْرَ وَلَمْ أَرَ فِيهِ شَيْئًا اهـ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَإِلَيْهِ يُشِيرُ كَلَامُ الْمَاوَرْدِيِّ حَيْثُ قَالَ، وَإِنْ كَانَ يَطُولُ زَمَنُ قَضَائِهِ كَمِائَةِ مُدٍّ مِنْ شَعِيرٍ اتَّسَعَ زَمَنُ بِرِّهِ إذَا شَرَعَ فِي الْقَضَاءِ مَعَ رَأْسِ الشَّهْرِ وَامْتَدَّ بِحَسَبِ الْوَاقِعِ مِنْ كَيْلِ هَذَا الْقَدْرِ حَتَّى رُبَّمَا امْتَدَّ أَيَّامًا وَقَالَ ابْنُ الصَّبَّاغِ كَيْلًا بَعْدَ كَيْلٍ عَلَى الْعَادَةِ وَكَتَبَ أَيْضًا قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ وَعَلَيْهِ أَنْ يَشْرَعَ فِي الْقَضَاءِ مَعَ رَأْسِ الشَّهْرِ فَإِنْ كَانَ الْحَقُّ مِمَّا لَا يَطُولُ الزَّمَانُ لِوَزْنِهِ مِنْ ذَهَبٍ أَوْ فِضَّةٍ ضَاقَ زَمَانُ
(وَكَذَا مُقَدِّمَاتُهُ كَتَقْرِيبِ الْمِكْيَالِ وَالْمِيزَانِ) قَالَ فِي الشَّرْحِ الصَّغِيرِ: وَكَانَ يَجُوزُ أَنْ يُقَالَ يَنْبَغِي تَقْدِيمُهَا بِحَيْثُ يَنْطَبِقُ الْفَرَاغُ عِنْدَ الِاسْتِهْلَالِ لِيُقَارِنَهُ الْوَفَاءُ
(فَإِنْ شَكَّ فِي الْهِلَالِ) فَأَخَّرَ الْقَضَاءَ عَنْ اللَّيْلَةِ الْأُولَى (وَبِأَنَّ كَوْنَهَا) مِنْ الشَّهْرِ (فَكَمُكْرَهٍ) فَلَا يَحْنَثُ (وَانْحَلَّتْ) يَمِينُهُ وَالتَّصْرِيحُ بِانْحِلَالِهَا مِنْ زِيَادَتِهِ (أَوْ) لَأَقْضِيَنك حَقَّك (أَوَّلَ يَوْمِ كَذَا فَبِطُلُوعِ فَجْرِهِ) يَشْتَغِلُ بِالْقَضَاءِ (أَوْ إلَى رَأْسِ الشَّهْرِ) أَوْ إلَى رَمَضَانَ (فَلِيُقَدِّمَهُ عَلَيْهِ) كَمَا مَرَّ فِي قَوْلِهِ إلَى الْغَدِ نَعَمْ إنْ أَرَادَ بِإِلَى مَعْنَى عِنْدَ فَالرَّاجِحُ عِنْدَ الْإِمَامِ وَالْغَزَالِيِّ وَالْقَاضِي مُجَلِّي قَبُولُ قَوْلِهِ بِيَمِينِهِ (أَوْ إلَى حِينٍ أَوْ إلَى زَمَانٍ) أَوْ دَهْرٍ أَوْ حِقَبٍ أَوْ أَحْقَابٍ أَوْ نَحْوِهَا (حَنِثَ بِالْمَوْتِ) أَيْ قُبَيْلَهُ (مُتَمَكِّنًا) مِنْ الْقَضَاءِ لَا بِمُضِيِّ زَمَنِ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ لَا يَخْتَصُّ بِزَمَنٍ مُقَدَّرٍ بَلْ يَقَعُ عَلَى الْقَلِيلِ وَالْكَثِيرِ كَمَا مَرَّ فِي الطَّلَاقِ فَيَكُونُ كَقَوْلِهِ لَأَقْضِيَن حَقَّك فَمَتَى قَضَاهُ بَرَّ سَوَاءٌ وَصَفَ هَذِهِ الْأَلْفَاظَ بِقُرْبٍ أَمْ بُعْدٍ أَوْ لَا فَجَمِيعُ الْعُمُرِ مُهْلَةٌ لَهُ وَيُخَالِفُ الطَّلَاقُ حَيْثُ يَقَعُ بَعْدَ لَحْظَةٍ فِي قَوْلِهِ أَنْتِ طَالِقٌ بَعْدَ حِينٍ أَوْ نَحْوِهِ وَفَرَّقَ الْأَصْلُ بَيْنَهُمَا بِأَنَّ قَوْلَهُ أَنْتِ طَالِقٌ بَعْدَ حِينٍ تَعْلِيقٌ فَيَتَعَلَّقُ الطَّلَاقُ بِأَوَّلِ مَا يُسَمَّى حِينًا وَقَوْلُهُ لَأَقْضِيَن حَقَّك إلَى حِينِ وَعَدَ، وَهُوَ لَا يَخْتَصُّ بِأَوَّلِ مَا يَقَعُ عَلَيْهِ الِاسْمُ وَقَضِيَّتُهُ أَنَّهُ لَوْ حَلَفَ بِالطَّلَاقِ لَيَقْضِيَن حَقَّ فُلَانٍ إلَى حِينٍ لَا يَحْنَثُ بَعْدَ لَحْظَةٍ
(أَوْ) قَالَ (لَا أُكَلِّمُك حِينًا أَوْ دَهْرًا) أَوْ زَمَانًا أَوْ حِقَبًا أَوْ نَحْوَهُ (بَرَّ بِأَدْنَى زَمَانٍ) لِصِدْقِ ذَلِكَ بِهِ (وَالْمُدَّةُ الْقَرِيبَةُ) وَالْبَعِيدَةُ (كَالْحِينِ) وَعِبَارَةُ الْأَصْلِ وَلَوْ قَالَ: لَأَقْضِيَن حَقَّك إلَى مُدَّةٍ قَرِيبَةٍ أَوْ بَعِيدَةٍ لَمْ يَتَقَدَّرْ بِزَمَنٍ أَيْضًا، وَهُوَ كَالْحِينِ (وَلَوْ قَالَ) لَأَقْضِيَن حَقَّك (إلَى أَيَّامٍ فَثَلَاثَةٌ) مِنْهَا يُحْمَلُ ذَلِكَ عَلَيْهَا؛ لِأَنَّهَا أَقَلُّ الْجَمْعِ، وَأُمَّا إطْلَاقُهَا عَلَى الْقَلِيلِ وَالْكَثِيرِ كَالْحِينِ فِي قَوْلِهِمْ أَيَّامَ الْعَدْلِ وَأَيَّامَ الْفِتْنَةِ وَنَحْوِهِمَا فَخَرَجَ بِالْقَرِينَةِ هَذَا (إنْ لَمْ يَنْوِ) غَيْرَهَا وَإِلَّا عَمِلَ بِمَا نَوَاهُ
(النَّوْعُ السَّابِعُ الْخُصُومَاتُ) وَنَحْوُهَا (لَوْ حَلَفَ لَا يَرَى مُنْكَرًا إلَّا رَفَعَهُ إلَى الْقَاضِي وَعَيَّنَهُ بَرَّ بِالرَّفْعِ إلَيْهِ) وَلَوْ (عَلَى التَّرَاخِي وَلَوْ) كَانَ الرَّفْعُ (بِرَسُولٍ وَكِتَابٍ) وَبِدُونِ حُضُورِ مُرْتَكِبِ الْمُنْكَرِ (فَإِنْ مَاتَ أَحَدُهُمَا بَعْدَ التَّمَكُّنِ) مِنْ الرَّفْعِ إلَيْهِ (حَنِثَ) لِتَفْوِيتِهِ الْبِرَّ بِاخْتِيَارِهِ وَإِلَّا لَمْ يَحْنَثْ (لَا إنْ عُزِلَ) الْقَاضِي فَلَا يَحْنَثُ بَلْ يَبَرُّ بِالْفَرْعِ إلَيْهِ كَمَا قَالَ (وَيُرْفَعُ إلَيْهِ) حَالَةَ كَوْنِهِ (مَعْزُولًا) سَوَاءٌ أَرَادَ عَيْنَ الشَّخْصِ بِذِكْرِ الْقَضَاءِ تَعْرِيفًا لَهُ، وَهُوَ ظَاهِرٌ أَمْ أَطْلَقَ تَغْلِيبًا لِلْعَيْنِ كَمَا لَوْ قَالَ: لَأَدْخُلُ دَارَ زَيْدٍ هَذِهِ فَبَاعَهَا يَحْنَثُ بِدُخُولِهَا؛ لِأَنَّهُ عَقَدَ الْيَمِينَ فِي الصُّورَتَيْنِ عَلَى الْعَيْنِ وَكُلٌّ مِنْ الْوَصْفِ وَالْإِضَافَةِ يَطْرَأُ أَوْ يَزُولُ وَبِهَذَا يَنْدَفِعُ اسْتِشْكَالُ ذَلِكَ بِمَا لَوْ حَلَفَ لَا يُكَلِّمُ هَذَا الْعَبْدَ فَكَلَّمَهُ بَعْدَ الْعِتْقِ؛ لِأَنَّ الْعُبُودِيَّةَ لَيْسَ مِنْ شَأْنِهَا أَنْ تَطْرَأَ وَتَزُولَ (لَا إنْ أَرَادَ) أَنْ يَرْفَعَهُ إلَيْهِ (وَهُوَ قَاضٍ) أَوْ تَلَفَّظَ بِهِ كَمَا فُهِمَ بِالْأَوْلَى وَصَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ (فَيَصِيرُ) أَيْ فَلَا يَبَرُّ بِالرَّفْعِ إلَيْهِ مَعْزُولًا وَلَا يَحْنَثُ، وَإِنْ تَمَكَّنَ مِنْ الرَّفْعِ إلَيْهِ بَلْ يَصِيرُ (فَقَدْ يَتَوَلَّى) ثَانِيًا فَيَرْفَعُ ذَلِكَ إلَيْهِ فَإِنْ مَاتَ أَحَدُهُمَا، وَقَدْ تَمَكَّنَ مِنْ الرَّفْعِ إلَيْهِ، وَهُوَ قَاضٍ قَبْلَ أَنْ يَتَوَلَّى تَبَيَّنَ الْحِنْثُ وَمَا فِي الْمِنْهَاجِ كَأَصْلِهِ مِنْ أَنَّهُ إذَا عُزِلَ بَعْدَ تَمَكُّنِهِ مِنْ الرَّفْعِ إلَيْهِ حَنِثَ حُمِلَ عَلَى عَزْلٍ اتَّصَلَ بِالْمَوْتِ وَلَا حَاجَةَ إلَى هَذَا فَإِنَّ الْمِنْهَاجَ كَأَصْلِهِ قَيَّدَ بِدَوَامِ كَوْنِهِ قَاضِيًا فَلَا يُخَالِفُ مَا هُنَا أَصْلًا
(وَلَوْ لَمْ يُعَيِّنْ الْقَاضِي) بِأَنْ حَلَفَ لَا يَرَى مُنْكَرًا إلَّا رَفَعَهُ إلَى الْقَاضِي (بَرَّ بِمَنْ قَضَى) أَيْ بِالرَّفْعِ إلَى الْقَاضِي (فِي بَلَدِهِ) الَّذِي حَلَفَ فِيهِ دُونَ قَضَاءِ بَقِيَّةِ الْبِلَادِ حَمْلًا لَهُ عَلَى الْمَعْهُودِ
ــ
[حاشية الرملي الكبير]
بِرِّهِ فَإِنْ أَخَّرَ عَنْهُ بِأَقَلِّ زَمَانٍ حَنِثَ فَإِنْ شَرَعَ فِي حَمْلِهِ إلَيْهِ مَعَ رَأْسِ الشَّهْرِ وَكَانَ بَعِيدَ الدَّارِ مِنْهُ حَتَّى مَضَتْ اللَّيْلَةُ لَمْ يَحْنَثْ؛ لِأَنَّهُ مُعْتَبَرٌ فِي الْإِمْكَانِ، وَإِنْ كَانَ الْحَقُّ مِمَّا يَطُولُ زَمَانُ قَضَائِهِ كَمِائَةِ مُدٍّ مِنْ بُرٍّ اتَّسَعَ زَمَنُ بِرِّهِ إذَا شَرَعَ فِي الْقَضَاءِ مَعَ رَأْسِ الشَّهْرِ وَامْتَدَّ بِحَسَبِ الْوَاقِعِ مِنْ كَيْلِ هَذَا الْقَدْرِ حَتَّى رُبَّمَا امْتَدَّ أَيَّامًا فَإِنْ أَخَذَ عِنْدَ رَأْسِ الشَّهْرِ فِي جَمِيعِ مَا يَقْضِيهِ وَتَحْصِيلِهِ لِلْقَضَاءِ حَنِثَ، وَإِنْ أَخَذَ فِي نَقْلِهِ إلَيْهِ لَمْ يَحْنَثْ؛ لِأَنَّ نَقْلَهُ شُرُوعٌ فِي الْقَضَاءِ وَلَيْسَ جَمْعُهُ شُرُوعًا فِيهِ اهـ وَفِيهِ فَوَائِدُ ق
و (قَوْلُهُ فَإِنْ شَكَّ فِي الْهِلَالِ إلَخْ) لَوْ رَأَى الْهِلَالَ نَهَارًا بَعْدَ الزَّوَالِ فَهُوَ اللَّيْلَةُ الْمُسْتَقْبِلَةِ فَلَوْ أَخَّرَ الْقَضَاءَ لِلْغُرُوبِ لَمْ يَحْنَثْ قَالَهُ الصَّيْدَلَانِيُّ فِي شَرْحِ الْمُخْتَصَرِ وَهُوَ فَرْعٌ حَسَنٌ قَوْلُهُ فَالرَّاجِحُ عِنْدَ الْإِمَامِ إلَخْ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ قَوْلُهُ بَلْ يَقَعُ عَلَى الْقَلِيلِ وَالْكَثِيرِ مِثْلُهُ مَا لَوْ حَلَفَ لَا بُدَّ أَنْ يَفْعَلَ كَذَا قَوْلُهُ إنَّهُ لَوْ حَلَفَ بِالطَّلَاقِ إلَخْ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ
(النَّوْعُ السَّابِعُ الْخُصُومَاتُ)(قَوْلُهُ حَلَفَ لَا يَرْمِي مُنْكَرًا أَوْ غَيْرَهُ) كَلُقَطَةٍ (قَوْلُهُ فَلَا يَبَرُّ بِالرَّفْعِ إلَيْهِ مَعْزُولًا) لَوْ كَانَ الْقَاضِي غَيْرَ أَهْلٍ وَلَمْ تَنْعَقِدْ وِلَايَتُهُ بَاطِنًا أَوْ انْعَقَدَتْ وَانْعَزَلَ بَاطِنًا بِسَبَبٍ يَقْتَضِيهِ وَالْحَالِفُ يَعْلَمُ ذَلِكَ بَعْدَ حَلِفِهِ هَلْ يَبَرُّ بِالرَّفْعِ إلَيْهِ أَوْ يَكُونُ كَالْعَدَمِ وَكَمَا لَوْ انْعَزَلَ ظَاهِرًا لَمْ أَرَ فِيهِ شَيْئًا وَفِيهِ احْتِمَالٌ وَيَجُوزُ أَنْ يُفَرِّقَ بَيْنَ كَوْنِ الْحَالِفِ فَقِيهًا وَعَامِّيًّا وَأَنْ يَنْظُرَ إلَى ظَاهِرِ الْحَالِ وَيُعَلِّقَ الْحُكْمَ بِهِ وَهُوَ بَعِيدٌ غ وَقَوْلُهُ أَوْ يَكُونُ كَالْعَدَمِ يَكُونُ كَالْعَدَمِ إلَخْ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ قَوْلُهُ وَلَا حَاجَةَ إلَى هَذَا الْقَيْدِ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ فَإِنَّ الْمِنْهَاجَ كَأَصْلِهِ قُيِّدَ بِدَوَامِ كَوْنِهِ قَاضِيًا إلَخْ) ؛ لِأَنَّ الدَّيْمُومَةَ تَقْتَضِي الدَّوَامَ وَتَعَاقُبُ الْأَزْمِنَةِ كَمَا نَقَلَهُ الرَّافِعِيُّ فِي آخِرِ الطَّلَاقِ فَقَوْلُهُ مَا دَامَ قَاضِيًا أَيْ فِي الْوِلَايَةِ الَّتِي هُوَ فِيهَا كَمَا لَوْ حَلَفَ لَا يَدْخُلُ دَارًا امَا دَامَ زَيْدٌ فِيهَا فَانْتَقَلَ زَيْدٌ ثُمَّ عَادَ إلَيْهَا وَدَخَلَ الْحَالِفُ لَمْ يَحْنَثْ قَالَ الْعِرَاقِيُّ: سُئِلْت عَمَّنْ حَلَفَ لَا يَزْرَعُ الْأَرْضَ الْفُلَانِيَّةَ مَا دَامَتْ فِي إجَارَةِ فُلَانٍ فَأَجَرَهَا فُلَانٌ لِغَيْرِهِ ثُمَّ زَرَعَ فِيهَا الْحَالِفُ هَلْ يَحْنَثُ بِذَلِكَ أَمْ لَا فَأَجَبْت بِأَنَّهُ إنْ أَرَادَ مَا دَامَ مُسْتَحِقًّا لِمَنْفَعَتِهَا لَمْ يَحْنَثْ لِانْتِقَالِ الْمَنْفَعَةِ عَنْهُ، وَإِنْ أَرَادَ مَا دَامَ عَقْدُ إجَارَتِهِ بَاقِيًا لَمْ تَنْقَضِ مُدَّتُهُ حَنِثَ؛ لِأَنَّ إجَارَتَهُ بَاقِيَةٌ لَمْ تَفْرُغْ وَلَمْ تَنْفَسِخْ، وَإِنْ أَطْلَقَ فَاَلَّذِي يَظْهَرُ أَنَّهُ لَا يَحْنَثُ؛ لِأَنَّ أَهْلَ الْعُرْفِ لَا يُرِيدُونَ بِكَوْنِهَا فِي إجَارَتِهِ إلَّا أَنَّهُ هُوَ الْمُسْتَحِقُّ لِمَنْفَعَتِهَا وَقَدْ انْتَقَلَ عَنْهُ الِاسْتِحْقَاقُ وَأَيْضًا قَدْ فُهِمَ مِنْ غَرَضِ الْحَالِفِ أَنَّهُ يُرِيدُ أَنْ لَا يَكُونَ لَهُ تَحَكُّمٌ عَلَيْهِ فِي أَرْضٍ يَزْرَعُهَا وَقَدْ زَالَ التَّحَكُّمُ بِانْتِقَالِ الْمَنْفَعَةِ لِغَيْرِهِ
(قَوْلُهُ بَرَّ بِمَنْ قَضَى فِي بَلَدِهِ الَّذِي حَلَفَ فِيهِ) فَعُلِمَ أَنَّهُ إنَّمَا يَبَرُّ إذَا رَفَعَهُ إلَيْهِ، وَهُوَ فِي مَحَلِّ وِلَايَتِهِ فَإِنْ كَانَ فِي غَيْرِهَا لَمْ يَبَرَّ إذْ لَا يُمْكِنُهُ إقَامَةُ مُوجِبِهِ
سَوَاءٌ أَكَانَ هُوَ الْمَوْجُودُ عِنْدَ الْحَلِفِ أَمْ لَا حَتَّى لَوْ عُزِلَ مَنْ كَانَ قَاضِيًا أَوْ مَاتَ وَوُلِّيَ غَيْرُهُ بِالرَّفْعِ إلَى الثَّانِي لَا إلَى الْمَعْزُولِ (وَلَوْ عَلِمَهُ) أَيْ الْقَاضِي الْمُنْكَرَ (مِنْ غَيْرِهِ) أَيْ الْحَالِفِ قَبْلَ رَفْعِهِ إلَيْهِ سَوَاءٌ أَعَلِمَهُ مِنْ مُخْبِرٍ آخَرَ أَمْ مِنْ رُؤْيَتِهِ بَيْنَ يَدَيْهِ فَإِنَّهُ إنَّمَا يَحْصُلُ الْبِرُّ بِالرَّفْعِ إلَيْهِ وَقِيلَ لَا حَاجَةَ لِلرَّفْعِ فِي الثَّانِيَةِ وَالتَّرْجِيحُ فِيهَا مِنْ زِيَادَتِهِ (وَإِنْ كَانَ) فِي بَلَدِهِ (قَاضِيَانِ كَفَى الرَّفْعُ إلَى أَحَدِهِمَا) نَعَمْ إنْ اخْتَصَّ كُلٌّ مِنْهُمَا بِنَاحِيَةٍ مِنْ الْبَلَدِ فَيَنْبَغِي أَنْ يَتَعَيَّنَ قَاضِي النَّاحِيَةِ الَّتِي فِيهَا فَاعِلُ الْمُنْكَرِ، وَهُوَ الَّذِي تَجِبُ عَلَيْهِ إجَابَتُهُ إذَا دَعَاهُ قَالَهُ ابْنُ الرِّفْعَةِ، وَقَدْ يُتَوَقَّفُ فِيهِ إذَا رَفَعَ الْمُنْكَرَ إلَى الْقَاضِي مَنُوطٌ بِإِخْبَارِهِ كَمَا مَرَّ لَا بِوُجُودِ إجَابَةِ فَاعِلِهِ عَلَى أَنَّ الْمُعْتَبَرَ إنَّمَا هُوَ نَاحِيَةُ الْحَالِفِ أَخْذًا مِمَّا مَرَّ مِنْ أَنَّ الْمُعْتَبَرَ بَلَدُهُ
(وَ) إنْ قَالَ وَاَللَّهِ لَا رَأَيْت مُنْكَرًا (إلَّا رَفَعْته إلَى قَاضٍ فَكُلُّ قَاضٍ) بِبَلَدِهِ أَوْ غَيْرِهِ (كَافٍ) فِي الْبِرِّ بِالرَّفْعِ إلَيْهِ سَوَاءٌ أَكَانَ قَاضِيًا عِنْدَ الْحَلِفِ أَمْ لَا (وَإِنْ حَلَفَ لَا يُفَارِقُ غَرِيمَهُ حَتَّى يَسْتَوْفِيَ مِنْهُ) حَقَّهُ (فَفَارَقَهُ) قَبْلَ اسْتِيفَائِهِ مِنْهُ (كَفُرْقَةِ الْمُتَبَايِعَيْنِ) عَنْ مَجْلِسِ الْبَيْعِ عَالِمًا (مُخْتَارًا حَنِثَ) وَإِلَّا فَلَا لِوُجُودِ الْمَحْلُوفِ عَلَيْهِ شَرْعًا فِي الشِّقِّ الْأَوَّلِ دُونَ الثَّانِي (فَإِنْ فَارَقَهُ الْغَرِيمُ) وَفَرَّ مِنْهُ (فَلَا حِنْثَ، وَإِنْ أَذِنَ لَهُ) فِي الْمُفَارَقَةِ أَوْ تَمَكَّنَ مِنْ مُتَابَعَتِهِ وَلَمْ يَتَّبِعْهُ أَوْ فَارَقَ الْحَالِفُ بِمَكَانِهِ بَعْدَ ذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ حَلَفَ عَلَى فِعْلِ نَفْسِهِ فَلَا يَحْنَثُ بِفِعْلِ غَرِيمِهِ (فَإِنْ تَمَاشَيَا وَوَقَفَ أَحَدُهُمَا حَنِثَ) الْحَالِفُ؛ لِأَنَّهُ إنْ وَقَفَ الْغَرِيمُ فَقَدْ فَارَقَهُ الْحَالِفُ بِمَشْيِهِ أَوْ الْحَالِفُ فَقَدْ فَارَقَهُ بِالْوُقُوفِ؛ لِأَنَّهُ الْحَادِثُ فَنُسِبَتْ الْمُفَارَقَةُ إلَيْهِ بِخِلَافِ مَا إذَا كَانَا سَاكِنَيْنِ فَمَشَى الْغَرِيمُ دُونَهُ؛ لِأَنَّ الْحَادِثَ ثَمَّ الْمَشْيُ
(فَإِنْ قَالَ) وَاَللَّهِ (لَا تُفَارِقْنِي حَتَّى أَسْتَوْفِيَ) مِنْك حَقِّي أَوْ حَتَّى تُوَفِّيَنِي حَقِّي (فَفَارَقَهُ الْغَرِيمُ) عَالِمًا (مُخْتَارًا) وَلَوْ بِالْفِرَارِ (حَنِثَ الْحَالِفُ، وَإِنْ لَمْ يَخْتَرْ) فِرَاقَهُ؛ لِأَنَّ الْيَمِينَ عَلَى فِعْلِ الْغَرِيمِ، وَهُوَ مُخْتَارٌ فِي الْمُفَارَقَةِ (فَإِنْ نَسِيَ الْغَرِيمُ) الْحَالِفَ (أَوْ أُكْرِهَ) عَلَى الْمُفَارَقَةِ (فَفَارَقَ فَلَا حِنْثَ) إنْ كَانَ مِمَّنْ يُبَالَى بِتَعْلِيقِهِ كَنَظِيرِهِ فِي الطَّلَاقِ نَبَّهَ عَلَيْهِ الْإِسْنَوِيُّ وَقِسْ عَلَيْهِ مَا يَأْتِي (وَلَوْ فَرَّ الْحَالِفُ مِنْهُ لَمْ يَحْنَثْ) ، وَإِنْ أَمْكَنَهُ مُتَابَعَتُهُ؛ لِأَنَّ الْيَمِينَ عَلَى فِعْلِهِ (فَإِنْ قَالَ لَا نَفْتَرِقُ حَتَّى أَسْتَوْفِيَ مِنْك) حَقِّي (حَنِثَ بِمُفَارَقَةِ أَحَدِهِمَا) الْآخَرَ عَالِمًا (مُخْتَارًا وَكَذَا) إنْ قَالَ (لَا افْتَرَقْنَا) حَتَّى أَسْتَوْفِيَ مِنْك لِصِدْقِ الِافْتِرَاقِ بِذَلِكَ فَإِنْ فَارَقَهُ نَاسِيًا أَوْ مُكْرَهًا لَمْ يَحْنَثْ (ثُمَّ) بَعْدَ ذَلِكَ (يُنْظَرُ فِي الِاسْتِيفَاءِ) لِلْحَقِّ (فَإِنْ أَبْرَأَهُ) مِنْهُ الْحَالِفُ (حَنِثَ) بِالْإِبْرَاءِ، وَإِنْ لَمْ يُفَارِقْهُ (لِتَفْوِيتِهِ الْبِرَّ) بِاخْتِيَارِهِ (وَكَذَا) يَحْنَثُ (لَوْ أَحَالَ) الْغَرِيمُ الْحَالِفَ (بِهِ) أَيْ بِالْحَقِّ (أَوْ) أَحَالَ هُوَ أَجْنَبِيًّا (عَلَيْهِ) بِهِ (أَوْ اعْتَاضَ عَنْهُ) ، وَإِنْ كَانَتْ قِيمَةُ الْعِوَضِ أَكْثَرَ مِنْ حَقِّهِ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ لَيْسَ اسْتِيفَاءً حَقِيقَةً فَهُوَ مُفَوِّتٌ لِلْبِرِّ بِاخْتِيَارِهِ (إلَّا إنْ نَوَى) بِيَمِينِهِ (أَنْ لَا يُفَارِقَهُ وَعَلَيْهِ حَقُّهُ) فَلَا يَحْنَثُ بِشَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ.
(فَإِنْ أَفْلَسَ) الْغَرِيمُ أَوْ ظَهَرَ أَنَّهُ مُفْلِسٌ (فَفَارَقَهُ) عَالِمًا مُخْتَارًا (حَنِثَ) ، وَإِنْ كَانَ تَرْكُهُ وَاجِبًا شَرْعًا كَمَا لَوْ قَالَ لَا أُصَلِّي الْفَرْضَ فَصَلَّى حَنِثَ، وَإِنْ وَجَبَتْ الصَّلَاةُ عَلَيْهِ شَرْعًا لِعَدَمِ وُجُودِ الْمَحْلُوفِ عَلَيْهِ (فَإِنْ مَنَعَهُ الْحَاكِمُ) مِنْ مُلَازَمَتِهِ فَفَارَقَهُ (فَمُكْرَهٌ) أَيْ فَكَمُكْرَهٍ فَلَا حِنْثَ (وَإِنْ اسْتَوْفَى) حَقَّهُ (مِنْ وَكِيلِهِ) أَيْ مِنْ وَكِيلِ غَرِيمِهِ (أَوْ) مِنْ (مُتَبَرِّعٍ) بِهِ وَفَارَقَهُ (حَنِثَ إنْ) كَانَ (قَالَ) لَا أُفَارِقُك حَتَّى أَسْتَوْفِيَ حَقِّي (مِنْك وَإِلَّا) بِأَنْ لَمْ يَقُلْ مِنْك (فَلَا) يَحْنَثُ (فَإِنْ اسْتَوْفَى) حَقَّهُ ثُمَّ فَارَقَهُ (ثُمَّ وَجَدَهُ مَعِيبًا لَمْ يَحْنَثْ) إنْ كَانَ مِنْ جِنْسِ حَقِّهِ؛ لِأَنَّ الْعَيْبَ لَا يَمْنَعُ مِنْ الِاسْتِيفَاءِ نَعَمْ إنْ كَانَ الْأَرْشُ كَثِيرًا لَا يُتَسَامَحُ بِمِثْلِهِ حَنِثَ قَالَهُ الْمَاوَرْدِيُّ وَتَبِعَهُ ابْنُ الرِّفْعَةِ قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ فَإِنْ قِيلَ نُقْصَانُ الْحَقِّ مُوجِبٌ لِلْحِنْثِ فِيمَا قَلَّ وَكَثُرَ فَهَلَّا كَانَ نُقْصَانُ الْأَرْشِ كَذَلِكَ قُلْنَا؛ لِأَنَّ نُقْصَانَ الْحَقِّ مُحَقَّقٌ وَنُقْصَانُ الْأَرْشِ مَظْنُونٌ (فَإِنْ بَانَ غَيْرَ جِنْسِ حَقِّهِ) كَمَغْشُوشٍ أَوْ نُحَاسٍ (وَلَمْ يَعْلَمْ) بِالْحَالِ (فَجَاهِلٌ) فَلَا يَحْنَثُ وَإِلَّا حَنِثَ (وَإِنْ حَلَفَ) الْغَرِيمُ فَقَالَ وَاَللَّهِ (لَا أُوَفِّيك حَقَّك فَسَلَّمَهُ) لَهُ (مُكْرَهًا) أَوْ نَاسِيًا (لَمْ يَحْنَثْ أَوْ لَا اسْتَوْفَيْت) حَقَّك مِنِّي (فَأَخَذَهُ مُكْرَهًا) أَوْ نَاسِيًا (فَكَذَلِكَ) أَيْ لَمْ يَحْنَثْ بِخِلَافِ مَا إذَا أَخَذَهُ عَالِمًا مُخْتَارًا، وَإِنْ كَانَ الْمُعْطِي مُكْرَهًا أَوْ نَاسِيًا
(وَإِنْ حَلَفَ لَيَضْرِبَنهُ لَمْ يَكْفِ وَضْعُ سَوْطٍ وَيَدٍ) وَغَيْرِهِمَا عَلَيْهِ (بِلَا اسْمِ ضَرْبٍ) فَإِنْ سُمِّيَ ذَلِكَ ضَرْبًا كَفَى (وَلَا يَكْفِي عَضٌّ) لَا (نَتْفُ شَعْرٍ) وَلَا قَرْصٌ وَلَا خَنْقٌ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ لَا يُسَمَّى ضَرْبًا وَلِهَذَا يُقَالُ مَا ضَرَبَهُ وَلَكِنْ عَضَّهُ وَنَتَفَ شَعْرَهُ وَقَرَصَهُ وَخَنَقَهُ (فَلَوْ لَطَمَ أَوْ لَكَمَ فَضَرْبٌ) فَيَكْفِي (وَلَا يُشْتَرَطُ)
ــ
[حاشية الرملي الكبير]
قَوْلُهُ وَالتَّرْجِيحُ فِيهَا مِنْ زِيَادَتِهِ) قَالَ الْبُلْقِينِيُّ نَصَّ فِي الْأُمِّ عَلَى نَحْوِهِ فَهُوَ الْمُعْتَمَدُ (قَوْلُهُ فَيَنْبَغِي أَنْ يَتَعَيَّنَ قَاضِي النَّاحِيَةِ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ وَكَتَبَ عَلَيْهِ وَوَجْهُهُ أَنَّ الْمَقْصُودَ مِنْ الرَّفْعِ إلَى الْقَاضِي الزَّجْرُ عَنْهُ لِنُفُوذِ حُكْمِهِ عَلَى مُرْتَكِبِهِ وَحَيْثُ لَمْ يَكُنْ بِمَحَلِّ وِلَايَتِهِ انْتَفَى ذَلِكَ اب
(قَوْلُهُ فَإِنْ فَارَقَهُ الْغَرِيمُ فَلَا حِنْثَ إلَخْ) هَذَا عِنْدَ إطْلَاقِ الْيَمِينِ فَإِنْ نَوَى أَنْ لَا يَدَعَهُ يُفَارِقُهُ وَنَحْوُهُ فَعَلَى مَا نَوَاهُ
(قَوْلُهُ؛ لِأَنَّ الْيَمِينَ عَلَى فِعْلِهِ) أَيْ الْغَرِيمِ (قَوْلُهُ قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ وَتَبِعَهُ ابْنُ الرِّفْعَةِ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (تَنْبِيهٌ)
وَلَوْ حَلَفَ لَيَقْضِيَن حَقَّهُ قَبْلَ أَنْ يُفَارِقَهُ أَوْ لَا يُفَارِقُهُ حَتَّى يَقْضِيَ حَقَّهُ فَالْقَوْلُ فِي مُفَارَقَتِهِ مُخْتَارًا أَوْ مُكْرَهًا وَفِي الْحَوَالَةِ وَالْمُصَالَحَةِ وَغَيْرِهَا عَلَى مَا سَبَقَ
(قَوْلُهُ فَإِنْ سَمَّى ذَلِكَ ضَرْبًا كَفَى) ، وَهُوَ الصَّدْمُ بِمَا يَعْرِضُ مِنْهُ وُقُوعُ الْأَلَمِ حَصَلَ الْأَلَمُ أَوْ لَمْ يَحْصُلْ وَكَتَبَ أَيْضًا فَيُعْتَبَرُ فِيهِ الصَّدْمُ بِمَا يُؤْلِمُ أَوْ يَتَوَقَّعُ مِنْهُ إيلَامٌ