الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الْقَبُولِ قُطِعَ) فِيهِمَا.
أَمَّا فِي الْأُولَى فَلِأَنَّ الْقَبُولَ لَمْ يَقْتَرِنْ بِالْوَصِيَّةِ وَأَمَّا فِي الثَّانِيَةِ فَبِنَاءً عَلَى أَنَّ الْمِلْكَ فِيهَا لَا يَحْصُلُ بِالْمَوْتِ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَفِيهِ نَظَرٌ ظَاهِرٌ وَأَطْلَقَ ابْنُ الرِّفْعَةِ الْقَوْلَ بِأَنَّهُ لَا يُقْطَعُ مِنْ غَيْرِ تَعَرُّضٍ لِبِنَاءٍ وَهُوَ أَقْرَبُ لِشُبْهَةِ الْمِلْكِ بِالْمَوْتِ وَالرَّافِعِيُّ تَبِعَ فِي الْبِنَاءِ الْبَغَوِيّ وَأَحْسَنَ الْخُوَارِزْمِيَّ فَصَحِيحٌ عَدَمُ الْقَطْعِ انْتَهَى، وَعَدَمُ الْقَطْعِ أَوْجَهُ وَإِلَّا أَشْكَلَ بِعَدَمِ الْقَطْعِ بِسَرِقَةِ مَا اتَّهَبَهُ قَبْلَ قَبْضِهِ، وَالْفَرْقُ بِأَنَّ الْقَبُولَ وُجِدَ ثَمَّ وَلَمْ يُوجَدْ هُنَا لَا يُجْدِي (لَا) إنْ سَرَقَ الْمُوصَى بِهِ (فَقِيرٌ) بَعْدَ مَوْتِ الْمُوصِي (وَالْوَصِيَّةُ لِلْفُقَرَاءِ) فَلَا يُقْطَعُ كَسَرِقَةِ الْمَالِ الْمُشْتَرَكِ بِخِلَافِ مَا لَوْ سَرَقَهُ الْغَنِيُّ (وَلَوْ ادَّعَى الْمِلْكَ) أَيْ أَنَّهُ مَالِكٌ (لِمَا سَرَقَهُ أَوْ لِلْحِرْزِ أَوْ لِلْمَالِكِ) لِمَا سَرَقَهُ (وَهُوَ مَجْهُولٌ) نَسَبًا (أَوْ أَنَّهُ أَخَذَهُ) مِنْ الْحِرْزِ (بِإِذْنِهِ أَوْ) أَنَّهُ أَخَذَهُ (وَالْحِرْزُ مَفْتُوحٌ) أَوْ وَصَاحِبُهُ مُعْرِضٌ عَنْ الْمُلَاحَظَةِ (أَوْ أَنَّهُ دُونَ النِّصَابِ سَقَطَ) عَنْهُ (الْقَطْعُ بِمُجَرَّدِ دَعْوَاهُ) وَإِنْ ثَبَتَتْ السَّرِقَةُ بِالْبَيِّنَةِ لِاحْتِمَالِ صِدْقِهِ فَصَارَ شُبْهَةً دَارِئَةً لِلْقَطْعِ وَلِأَنَّهُ صَارَ خَصْمًا فِي الْمَالِ وَسُمِّيَ هَذَا السَّارِقُ الظَّرِيفَ (وَلَا يَسْتَفْصِلُ) بَعْدَ ثُبُوتِ السَّرِقَةِ عَنْ كَوْنِ الْمَسْرُوقِ مِلْكَهُ أَوْ لَا وَإِنْ كَانَ فِيهِ سَعْيٌ فِي سُقُوطِ الْحَدِّ عَنْهُ؛ لِأَنَّهُ إغْرَاءٌ لَهُ بِادِّعَاءِ الْبَاطِلِ (وَلَا يَثْبُتُ لَهُ الْمَالُ إلَّا بِبَيِّنَةٍ أَوْ الْيَمِينِ الْمَرْدُودَةِ) لَا بِمُجَرَّدِ دَعْوَاهُ (فَإِنْ نَكَلَ) عَنْ الْيَمِينِ الْمَرْدُودَةِ (لَمْ يَجِبْ الْقَطْعُ) لِسُقُوطِهِ بِالشُّبْهَةِ
(وَإِنْ ادَّعَى) مَنْ شَهِدَ عَلَيْهِ أَرْبَعَةٌ بِزِنَا امْرَأَةٍ (أَنَّ الْمَوْطُوءَةَ زَوْجَتُهُ) أَوْ أَمَتُهُ (سَقَطَ) عَنْهُ (الْحَدُّ) لِاحْتِمَالِ صِدْقِهِ (وَإِنْ قَالَ أَحَدُ السَّارِقِينَ: الْمَالُ لِصَاحِبِي وَأَذِنَ لِي) فِي الْأَخْذِ مِنْهُ (لَمْ يُقْطَعْ) لِذَلِكَ (فَلَوْ أَنْكَرَ صَاحِبُهُ) أَنَّ الْمَالَ لَهُ (قُطِعَ الْمُنْكِرُ) ؛ لِأَنَّهُ مُقِرٌّ بِسَرِقَةِ نِصَابٍ بِلَا شُبْهَةٍ بِخِلَافِ مَا لَوْ صَدَّقَهُ أَوْ سَكَتَ أَوْ قَالَ لَا أَدْرِي (وَلَوْ سَرَقَ عَبْدٌ) نِصَابًا (وَادَّعَاهُ) أَيْ أَنَّ مَا سَرَقَهُ مِلْكٌ (لِسَيِّدِهِ لَمْ يُقْطَعْ وَإِنْ كَذَّبَهُ سَيِّدُهُ) كَالْحُرِّ يَدَّعِي الْمِلْكَ لِنَفْسِهِ
[فَرْعٌ مَلَكَ مَا سَرَقَهُ بَعْدَ ثُبُوتِ السَّرِقَةِ]
(فَرْعٌ) لَوْ (مَلَكَ مَا سَرَقَهُ بَعْدَ ثُبُوتِ السَّرِقَةِ قُطِعَ أَوْ قَبْلَهُ) وَلَوْ بَعْدَ الْإِخْرَاجِ مِنْ الْحِرْزِ وَقَبْلَ الرَّفْعِ إلَى الْحَاكِمِ (تَعَذَّرَ الْقَطْعُ لِعَدَمِ الْمُطَالِبِ) بِنَاءً عَلَى الْأَصَحِّ مِنْ أَنَّ الْقَطْعَ يَتَوَقَّفُ عَلَى دَعْوَى الْمَسْرُوقِ مِنْهُ وَمُطَالَبَتِهِ
(الشَّرْطُ الثَّالِثُ أَنْ يَكُونَ) الْمَسْرُوقُ (مُحْتَرَمًا فَلَا يُقْطَعُ) وَلَوْ ذِمِّيًّا (بِخَمْرٍ وَكَلْبٍ) وَلَوْ مُحْتَرَمَيْنِ (وَجِلْدُ مَيْتَةٍ لَمْ يُدْبَغْ) وَنَحْوِهَا؛ لِأَنَّهَا لَيْسَتْ بِمَالٍ وَهَذَا كَمَا قَالَ الرَّافِعِيُّ عُلِمَ مِنْ الشَّرْطِ الْأَوَّلِ؛ لِأَنَّ مَا لَا قِيمَةَ لَهُ لَا يَكُونُ نِصَابًا عَلَى أَنَّ الْغَرَضَ مِنْ هَذَا الشَّرْطِ أَنْ يَكُونَ مَالًا مُحْتَرَمًا لِيَخْرُجَ بِالْمَالِ مَا ذُكِرَ وَبِالْمُحْتَرَمِ غَيْرُهُ كَمَالِ الْحَرْبِيِّ (وَيُقْطَعُ بِإِنَاءِ خَمْرٍ وَلَوْ كَسَرَهُ فِي الْحِرْزِ وَأَخْرَجَهُ) مِنْهُ (وَبِآلَةِ لَهْوٍ وَبِإِنَاءِ ذَهَبٍ) أَوْ فِضَّةٍ وَلَوْ كَسَرَهُمَا فِي الْحِرْزِ وَأَخْرَجَهُمَا حَيْثُ (يَبْلُغُ مَكْسُورُهُمَا) أَيْ إنَاءِ الْخَمْرِ وَآلَةِ اللَّهْوِ وَإِنَاءِ الذَّهَبِ (نِصَابًا) ؛ لِأَنَّهُ سَرَقَ نِصَابًا مِنْ حِرْزٍ بِلَا شُبْهَةٍ بِخِلَافِ مَا إذَا لَمْ يَبْلُغْ ذَلِكَ وَلَوْ قَالَ لَوْ كَسَرَهَا فِي الْحِرْزِ وَأَخْرَجَهَا وَأَخَّرَهُ عَنْ قَوْلِهِ ذَهَبٍ كَانَ أَوْلَى وَأَوْفَى بِمَا فِي الْأَصْلِ (لَا إنْ أَخْرَجَهَا) مِنْ الْحِرْزِ (لِيُشْهِرَهَا) بِالْكَسْرِ، وَالتَّغْيِيرِ فَلَا يُقْطَعُ؛ لِأَنَّهَا غَيْرُ مُحْرَزَةٍ شَرْعًا إذْ لِكُلِّ مَنْ قَصْدَ كَسْرَهَا أَنْ يَدْخُلَ مَكَانَهَا لِيَكْسِرَهَا وَهُوَ إنَّمَا دَخَلَ بِقَصْدِ كَسْرِهَا وَقَضِيَّتُهُ أَنَّهُ لَوْ دَخَلَ بِقَصْدِ كَسْرِهَا وَأَخْرَجَهَا بِقَصْدِ سَرِقَتِهَا لَا يُقْطَعُ وَهُوَ ظَاهِرٌ وَقَضِيَّةُ كَلَامِهِ كَأَصْلِهِ أَنَّهُ لَا قَطْعَ أَيْضًا فِي عَكْسِ هَذِهِ
(الشَّرْطُ الرَّابِعُ تَمَامُ مِلْكِ الْغَيْرِ فَإِذَا سُرِقَ مَالُهُ فِيهِ شَرِكَةٌ لَمْ يُقْطَعْ) وَإِنْ قَلَّ نَصِيبُهُ إذْ مَا مِنْ قَدْرٍ يَأْخُذُهُ إلَّا وَلَهُ فِيهِ جُزْءٌ فَكَانَ شُبْهَةً كَوَطْءِ الْمُشْتَرَكَةِ وَخَرَجَ بِمَالِهِ فِيهِ شَرِكَةٌ مَا لَوْ سَرَقَ مِنْ مَالِ شَرِيكِهِ الَّذِي لَيْسَ بِمُشْتَرَكٍ قَدْرَ نِصَابٍ فَيُقْطَعُ إنْ اخْتَلَفَ حِرْزُهُمَا وَإِلَّا فَلَا قَالَهُ الْمَاوَرْدِيُّ وَعَلَيْهِ يُحْمَلُ إطْلَاقُ الْقَفَّالِ الْقَطْعَ (وَلَوْ) كَانَ الْمَسْرُوقُ (مَالَ بَيْتِ الْمَالِ) ، فَإِنَّهُ لَا يُقْطَعُ وَإِنْ كَانَ السَّارِقُ غَنِيًّا؛ لِأَنَّ لَهُ فِيهِ حَقًّا؛ لِأَنَّ ذَلِكَ قَدْ يُصْرَفُ فِي عِمَارَةِ الْمَسَاجِدِ، وَالرِّبَاطَاتِ، وَالْقَنَاطِرِ فَيَنْتَفِعُ بِهَا الْغَنِيُّ، وَالْفَقِيرُ مِنْ الْمُسْلِمِينَ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ مَخْصُوصٌ
ــ
[حاشية الرملي الكبير]
(قَوْلُهُ وَأَمَّا الثَّانِيَةُ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ وَكَتَبَ عَلَيْهِ مَعَ أَنَّهُ مُقَصِّرٌ بِعَدَمِ قَبُولِهِ قَبْلَ أَخْذِهِ (قَوْلُهُ وَالْفَرْقُ بِأَنَّ الْقَبُولَ وُجِدَ ثَمَّ وَلَمْ يُوجَدْ هُنَا لَا يُجْدِي) الْفَرْقُ جَيِّدٌ وَيَنْضَمُّ إلَيْهِ إنْ أَخَذَ الْمُتَّهَبُ الْمَوْهُوبَ قَدْ يَكُونُ سَبَبًا لِإِذْنِ الْوَاهِبِ لَهُ فِي قَبْضِهِ وَكَتَبَ أَيْضًا بَلْ يُجْدِي إذْ الْعَقْدُ قَدْ تَمَّ فِي الْهِبَةِ بِخِلَافِ الْوَصِيَّةِ وَأَيْضًا فَالْمُوصَى لَهُ مُسْتَغْنٍ عَنْ سَرِقَتِهِ لِقُدْرَتِهِ عَلَى تَحْقِيقِ مِلْكِهِ بِقَبُولِهِ قَبْلَهَا بِخِلَافِ الْمَوْهُوبِ لَهُ فَإِنَّهُ قَدْ يَحْتَاجُ إلَيْهَا بِأَنْ يَظُنَّهَا سَبَبًا لِإِذْنِ الْوَهْبِ لَهُ فِي الْقَبْضِ لِتَحْصِيلِ مِلْكِهِ (قَوْلُهُ أَوْ أَنَّهُ أَخَذَهُ بِإِذْنِهِ) أَوْ أَنَّهُ أَذِنَ لَهُ فِي دُخُولِ الْحِرْزِ (قَوْلُهُ أَوْ أَنَّهُ دُونَ النِّصَابِ) أَيْ وَلَمْ يَثْبُتْ كَوْنُهُ نِصَابًا (قَوْلُهُ لِاحْتِمَالِ صِدْقِهِ) بِخِلَافِ مَا لَوْ ثَبَتَ بِالْبَيِّنَةِ أَنَّهُ نِصَابٌ (قَوْلُهُ وَلِأَنَّهُ صَارَ خَصْمًا فِي الْمَالِ) فَإِنَّهُ لَوْ نَكَلَ رُدَّتْ الْيَمِينُ عَلَى السَّارِقِ فَكَيْفَ يُقْطَعُ عَلَى مَالٍ هُوَ خَصْمٌ فِيهِ وَلِأَنَّ مَا يَدَّعِيهِ مُحْتَمَلٌ فَصَارَ شُبْهَةً وَلَوْ قَالَ: ظَنَنْته مِلْكِي أَوْ مِلْكَ أَبِي أَوْ ابْنِي أَوْ أَنَّ الْحِرْزَ مِلْكِي أَوْ مِلْكُ أَبِي أَوْ ابْنِي لَمْ يُقْطَعْ
(قَوْلُهُ لِأَنَّهَا لَيْسَتْ بِمَالٍ) خَرَجَ بِهَذَا مَا لَوْ صَارَتْ الْخَمْرُ خَلًّا أَوْ دُبِغَ الْجِلْدُ قَبْلَ الْإِخْرَاجِ فَإِنَّهُ يُقْطَعُ بِهِ (قَوْلُهُ وَبِآلَةِ لَهْوٍ) يَشْهَدُ لِقَطْعِهِ بِآلَةِ اللَّهْوِ مَا جَزَمَ بِهِ الرَّافِعِيُّ وَغَيْرُهُ فِيمَا إذَا سَرَقَ مَا لَا يَحِلُّ الِانْتِفَاعُ بِهِ مِنْ الْكُتُبِ أَنَّهُ يُقْطَعُ إذَا كَانَ الْجِلْدُ وَالْقِرْطَاسُ يَبْلُغُ نِصَابًا (قَوْلُهُ وَأَوْفَى بِمَا فِي الْأَصْلِ) وَإِنْ فُهِمَ مِمَّا ذَكَرَهُ بِالْأَوْلَى (قَوْلُهُ وَقَضِيَّةُ كَلَامِهِ أَنَّهُ لَوْ دَخَلَ بِقَصْدِ كَسْرِهَا وَأَخْرَجَهَا بِقَصْدِ سَرِقَتِهَا إلَخْ) بَقِيَ مَا لَوْ قَصَدَهُمَا أَوْ لَمْ يَقْصِدْ شَيْئًا أَوْ قَصَدَ أَحَدَهُمَا لَا بِعَيْنِهِ (قَوْلُهُ وَهُوَ ظَاهِرٌ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ وَكَذَا قَوْلُهُ وَقَضِيَّةُ كَلَامِهِ كَأَصْلِهِ إلَخْ
(قَوْلُهُ قَالَهُ الْمَاوَرْدِيُّ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ فَيَنْتَفِعُ بِهَا الْغَنِيُّ وَالْفَقِيرُ مِنْ الْمُسْلِمِينَ) وَأَيْضًا فَالْفَقِيرُ يُنْفِقُ عَلَيْهِ مِنْهُ وَالْغَنِيُّ يُعْطَى مِنْهُ بِسَبَبِ حَمْلَةٍ تَحَمَّلَهَا لِتَسْكِينِ فِتْنَةٍ وَسَرَقَ مِنْهُ رَجُلٌ عَلَى عَهْدِ عُمَرَ وَآخَرُ عَلَى زَمَنِ عَلِيٍّ فَلَمْ يَقْطَعَاهُمَا وَلَمْ يُنْكِرْهُ أَحَدٌ
بِهِمْ بِخِلَافِ الذِّمِّيِّ يُقْطَعُ بِذَلِكَ وَلَا نَظَرَ إلَى إنْفَاقِ الْإِمَامِ عَلَيْهِ عِنْدَ الْحَاجَةِ؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا يُنْفِقُ عَلَيْهِ لِلضَّرُورَةِ وَبِشَرْطِ الضَّمَانِ كَمَا يُنْفِقُ عَلَى الْمُضْطَرِّ بِشَرْطِ الضَّمَانِ وَانْتِفَاعُهُ بِالْقَنَاطِرِ، وَالرِّبَاطَاتِ لِلتَّبَعِيَّةِ مِنْ حَيْثُ إنَّهُ قَاطِنٌ بِدَارِ الْإِسْلَامِ لَا لِاخْتِصَاصِهِ بِحَقٍّ فِيهَا (لَا) إنْ كَانَ الْمَسْرُوقُ مَالَ (الصَّدَقَاتِ وَهُوَ) أَيْ السَّارِقُ (غَنِيٌّ) لَيْسَ غَارِمًا لِإِصْلَاحِ ذَاتِ الْبَيْنِ وَلَا غَازِيًا، فَإِنَّهُ يُقْطَعُ؛ لِأَنَّهُ لَا حَقَّ فِيهِ بِخِلَافِ الْفَقِيرِ، وَالْغَارِمِ، وَالْغَازِي الْمَذْكُورِينَ
(وَيُقْطَعُ) السَّارِقُ (بِمَا أَفْرَزَ لِغَيْرِهِ مِنْ) مَالِ (بَيْتِ الْمَالِ) كَأَنْ أُفْرِزَ مِنْهُ شَيْءٌ لِذَوِي الْقُرْبَى أَوْ الْمَسَاكِينِ وَلَيْسَ السَّارِقُ مِنْهُمْ وَلَا لَهُ فِيهِ شُبْهَةٌ؛ لِأَنَّهُ لَا حَقَّ لَهُ حِينَئِذٍ (كَكَفَنِ مَيِّتٍ) أَيْ كَمَا يُقْطَعُ مَنْ سَرَقَ كَفَنَ مَيِّتٍ وَإِنْ كَانَ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ أَوْ سَرَقَهُ بَعْدَ دَفْنِهِ لِعُمُومِ الْآيَةِ وَفِي خَبَرِ الْبَيْهَقِيّ «مَنْ نَبَشَ قَطَعْنَاهُ» وَلِأَنَّهُ لَمْ يَبْقَى لِغَيْرِ الْمَيِّتِ فِيهِ حَقٌّ كَمَا لَوْ صُرِفَ إلَى حَيٍّ (وَكَذَا سِتْرُ الْكَعْبَةِ) يُقْطَعُ سَارِقُهُ (إنْ خِيطَ) عَلَيْهَا؛ لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ مُحْرَزٌ (وَ) كَذَا (بَابُ مَسْجِدٍ وَجُذُوعُهُ) وَتَأْزِيرُهُ وَسَوَارِيهِ وَسُقُوفُهُ (وَقَنَادِيلُ زِينَتِهِ) يُقْطَعُ سَارِقُهُ لِعَدَمِ الشُّبْهَةِ (لَا) الْقَنَادِيلُ (الَّتِي) فِيهِ (لِلْإِسْرَاجِ وَلَا حُصْرُهُ) وَلَا سَائِرُ مَا يُفْرَشُ فِيهِ فَلَا يُقْطَعُ بِسَرِقَتِهَا؛ لِأَنَّهَا أُعِدَّتْ لِانْتِفَاعِ الْمُسْلِمِ بِهَا بِالْإِضَاءَةِ، وَالِافْتِرَاشِ بِخِلَافِ بَابِهِ وَجِذْعِهِ وَنَحْوِهِمَا، فَإِنَّهَا لِتَحْصِينِهِ وَعِمَارَتِهِ لَا لِلِانْتِفَاعِ هَذَا كُلُّهُ فِي الْمَسْجِدِ الْعَامِّ أَمَّا الْخَاصُّ بِطَائِفَةٍ فَيَخُصُّ الْقَطْعَ بِغَيْرِهَا بِنَاءً عَلَى أَنَّهُ إذَا خَصَّ الْمَسْجِدَ بِطَائِفَةٍ اخْتَصَّ بِهَا نَبَّهَ عَلَيْهِ الْأَذْرَعِيُّ (وَلَا بَكَرَةُ بِئْرٍ مُسَبَّلَةٍ) فَلَا يُقْطَعُ سَارِقُهَا؛ لِأَنَّهَا لِمَنْفَعَةِ النَّاسِ، وَحَاصِلُ كَلَامِ الْأَصْلِ أَنَّ هَذَا احْتِمَالٌ لِلْبَغَوِيِّ وَأَنَّ الْمَنْقُولَ خِلَافُهُ لَكِنَّ الِاحْتِمَالَ أَفْقَهُ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَبِهِ جَزَمَ صَاحِبُ الْبَحْرِ وَاقْتَضَى كَلَامُهُ أَنَّهُ الْمَذْهَبُ حَيْثُ قَالَ بَعْدَ جَزْمِهِ بِذَلِكَ وَقَالَ بَعْضُ أَصْحَابِنَا بِخُرَاسَانَ يُقْطَعُ وَهُوَ غَلَطٌ قَالَ وَعِنْدِي أَنَّ الذِّمِّيَّ لَا يُقْطَعُ بِسَرِقَتِهَا أَيْضًا؛ لِأَنَّ لَهُ فِيهَا حَقًّا انْتَهَى (فَإِنْ سَرَقَ ذِمِّيٌّ حُصْرَ مَسْجِدٍ أَوْ قَنَادِيلَهُ) أَوْ غَيْرَهَا (قُطِعَ) لِعَدَمِ الشُّبْهَةِ
(وَلَوْ سَرَقَ رَجُلٌ وَقْفًا عَلَى غَيْرِهِ أَوْ مُسْتَوْلَدَةً نَائِمَةً أَوْ مَجْنُونَةً) أَوْ مُغْمًى عَلَيْهَا أَوْ سَكْرَانَةً أَوْ مُكْرَهَةً أَوْ أَعْجَمِيَّةً تَعْتَقِدُ طَاعَةَ آمِرِهَا (قُطِعَ) كَسَائِرِ الْأَمْوَالِ بِخِلَافِ الْعَاقِلَةِ الْمُسْتَيْقِظَةِ الْمُخْتَارَةِ لِقُدْرَتِهَا عَلَى الِامْتِنَاعِ سَوَاءٌ أَقُلْنَا: الْمِلْكُ فِي الْوَقْفِ لِلَّهِ تَعَالَى أَمْ لِلْمَوْقُوفِ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ مِلْكٌ لَازِمٌ وَإِنْ كَانَ ضَعِيفًا كَالْمُسْتَوْلَدَةِ فِي ذَلِكَ غَيْرَهَا مِنْ الْأَرِقَّاءِ كَمَا فُهِمَ بِالْأَوْلَى (لَا) إنْ سَرَقَ (مُكَاتَبًا وَمُبَعَّضًا) فَلَا يُقْطَعُ؛ لِأَنَّ الْمُكَاتَبَ فِي يَدِ نَفْسِهِ كَالْحُرِّ، وَالْمُبَعَّضُ فِيهِ شُبْهَةُ الْحُرِّيَّةِ (وَلَوْ زَنَى بِجَارِيَةِ بَيْتِ الْمَالِ حُدَّ) كَمَا مَرَّ فِي بَابِهِ
(الشَّرْطُ الْخَامِسُ عَدَمُ الشُّبْهَةِ) لِلسَّارِقِ فِي الْمَسْرُوقِ (فَإِنْ سَرَقَ مَالَ غَرِيمِهِ الْجَاحِدِ) لِلدَّيْنِ الْحَالِّ (أَوْ الْمُمَاطِلِ) وَأَخَذَهُ (بِقَصْدِ الِاسْتِيفَاءِ لَمْ يُقْطَعْ) ؛ لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ مَأْذُونٌ لَهُ فِي أَخْذِهِ شَرْعًا (وَإِلَّا قُطِعَ وَغَيْرُ جِنْسِ حَقِّهِ كَهُوَ) أَيْ كَجِنْسِ حَقِّهِ فِي ذَلِكَ (وَلَا يُقْطَعُ بِزَائِدٍ عَلَى) قَدْرِ (حَقِّهِ أَخَذَهُ مَعَهُ) وَإِنْ بَلَغَ الزَّائِدُ نِصَابًا وَهُوَ مُسْتَقِلٌّ؛ لِأَنَّهُ إذَا تَمَكَّنَ مِنْ الدُّخُولِ، وَالْأَخْذِ لَمْ يَبْقَ الْمَالُ مُحْرَزًا عَنْهُ (وَلَا يُقْطَعُ بِمَالِ فَرْعِهِ) وَإِنْ سَفَلَ (وَأَصْلِهِ) وَإِنْ عَلَا لِمَا بَيْنَهُمَا مِنْ الِاتِّحَادِ وَلِأَنَّ مَالَ كُلٍّ مِنْهُمَا مَرْصَدٌ لِحَاجَةِ الْآخَرِ وَمِنْهَا أَنْ لَا تُقْطَعُ يَدُهُ بِسَرِقَةِ ذَلِكَ الْمَالِ بِخِلَافِ سَائِرِ الْأَقَارِبِ وَسَوَاءٌ أَكَانَ السَّارِقُ مِنْهُمَا حُرًّا أَمْ عَبْدًا صَرَّحَ بِهِ الزَّرْكَشِيُّ تَفَقُّهًا مُؤَيِّدًا لَهُ بِمَا ذَكَرُوهُ مِنْ أَنَّهُ لَوْ وَطِئَ الرَّقِيقُ أَمَةَ فَرْعِهِ الْحُرِّ لَمْ يُحَدَّ لِلشُّبْهَةِ
ــ
[حاشية الرملي الكبير]
قَوْلُهُ لَا الصَّدَقَاتِ) فِي مَعْنَى الزَّكَاةِ مَا يَجِبُ مِنْ الْكَفَّارَاتِ وَالنُّذُورِ وَنَحْوِهَا وَلَوْ سَرَقَ مِنْ الزَّكَوَاتِ وَنَحْوِهَا مَنْ حَرُمَتْ عَلَيْهِ لِشَرَفِهِ وَهُوَ فَقِيرٌ هَلْ يُقْطَعُ كَالْغَنِيِّ لِأَنَّهُ لَا حَقَّ لَهُ فِيهَا أَوْ لَا لِشُبْهَةِ الِاسْتِحْقَاقِ عِنْدَ مَنْعِهِمْ حَقَّهُمْ مِنْ الْفَيْءِ كَمَا ذَهَبَ إلَيْهِ الْإِصْطَخْرِيِّ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ لَمْ أَرَ فِيهِ شَيْئًا اهـ وَقَالَ النَّاشِرِيُّ يَنْبَغِي أَنْ لَا يُقْطَعَ لِأَجْلِ الشُّبْهَةِ (قَوْلُهُ وَهُوَ غَنِيٌّ) مِثْلُ الْغَنِيِّ مَنْ حَرُمَتْ عَلَيْهِ لِشَرَفِهِ
(قَوْلُهُ وَيُقْطَعُ لِمَا أُفْرِزَ لِغَيْرِهِ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ) قَالَ الْبُلْقِينِيُّ مَحَلُّهُ فِي طَائِفَةٍ لَهَا مُسْتَحَقٌّ مُقَدَّرٌ بِالْإِخْرَاجِ فِي مَالٍ مُشَاعٍ بِصِفَةٍ فَأَمَّا إذَا أَفْرَزَ الْإِمَامُ مِنْ سَهْمِ الْمَصَالِحِ لِطَائِفَةٍ مِنْ الْعُلَمَاءِ أَوْ الْقُضَاةِ أَوْ الْمُؤَذِّنِينَ شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ فَلَا أَثَرَ لِهَذَا الْإِفْرَازِ إذْ لَا سَهْمَ لَهُمْ مُقَدَّرٌ يَتَوَلَّى الْإِمَامُ إفْرَازَهُ لَهُمْ وَالْحُكْمُ فِيهِ كَمَا لَوْ كَانَ مُشَاعًا قَالَ وَلَمْ أَرَ مَنْ تَعَرَّضَ لَهُ وَلَا بُدَّ مِنْهُ اهـ فِيهِ نَظَرٌ إذْ لَا دَخْلَ لِتَقْدِيرِ السَّهْمِ وَعَدَمِ تَقْدِيرِهِ فِي إفْرَازِ الْإِمَامِ فَمَا عَيَّنَهُ الْإِمَامُ لِطَائِفَةٍ مِمَّا هُوَ مُشْتَرَكٌ بَيْنَهَا وَبَيْنَ غَيْرِهَا يَتَعَيَّنُ لَهَا بِالْإِفْرَازِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهَا مُقَدَّرٌ (قَوْلُهُ لَا الَّتِي لِلْإِسْرَاجِ) وَإِنْ لَمْ تَكُنْ فِي حَالَةِ الْأَخْذِ تُسْرَجُ (قَوْلُهُ وَلَا حُصْرُهُ) لَا فَرْقَ فِي حَصْرِ الْمَسْجِدِ وَنَحْوِهَا بَيْنَ كَوْنِهَا مِنْ مَالِ الْمَصَالِحِ وَمِنْ مَالِ وَقْفِهِ أَوْ تَبَرَّعَ بِهَا عَلَيْهِ مُتَبَرِّعٌ (تَنْبِيهٌ)
قَدْ عُلِمَ أَنَّهُ لَا يُقْطَعُ بِبَلَاطِهِ وَلَوْ سَرَقَ الْمُصْحَفَ الْمَوْقُوفَ لِلْقِرَاءَةِ فِي الْمَسْجِدِ يَحْتَمِلُ أَنْ يُقَالَ: إنْ كَانَ قَارِئًا لَمْ يُقْطَعْ لِأَنَّ لَهُ فِيهِ حَقًّا فَيَصِيرُ كَالْقَنَادِيلِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ قَارِئًا قُطِعَ وَيُحْتَمَلُ أَنْ يُقَالَ: لَا يُقْطَعُ وَإِنْ لَمْ يُحْسِنْ الْقِرَاءَةَ لِأَنَّهُ قَدْ يَدْفَعُهُ إلَى مَنْ يَقْرَأُ فِيهِ لِإِسْمَاعِ الْحَاضِرِينَ اهـ وَالِاحْتِمَالُ الثَّانِي هُوَ الرَّاجِحُ وَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ الْمِنْبَرُ وَالْكُرْسِيُّ الَّذِي يَجْلِسُ عَلَيْهِ لِلْقِرَاءَةِ فِي الْمُصْحَفِ الْمَوْضُوعِ عَلَيْهِ كَذَلِكَ وَكَذَلِكَ الْكُرْسِيُّ لِجُلُوسِ الْوَاعِظِ عَلَيْهِ وَدَكْمَةُ الْمُؤَذِّنِ (قَوْلُهُ نَبَّهَ عَلَيْهِ الْأَذْرَعِيُّ) أَيْ وَغَيْرُهُ حَاصِلُهُ أَنَّ هَذَا التَّفْصِيلَ جَارٍ فِي تِلْكَ الطَّائِفَةِ وَأَنَّ غَيْرَهَا يُقْطَعُ مُطْلَقًا (قَوْلُهُ لَكِنَّ الِاحْتِمَالَ أَفْقَهُ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ قَالَ وَعِنْدِي أَنَّ الذِّمِّيَّ لَا يُقْطَعُ بِسَرِقَتِهَا أَيْضًا) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ
(قَوْلُهُ أَوْ مُسْتَوْلَدَةً نَائِمَةً إلَخْ) قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَكَذَلِكَ الْعَمْيَاءُ لِعَدَمِ التَّمْيِيزِ (قَوْلُهُ وَكَالْمُسْتَوْلَدَةِ فِي ذَلِكَ غَيْرُهَا مِنْ الْأَرِقَّاءِ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ
(قَوْلُهُ الْجَاحِدُ لِلدَّيْنِ أَوْ الْمُمَاطِلُ) قَالَ الْأَذْرَعِيُّ الظَّاهِرُ أَنَّهُ لَوْ ادَّعَى جُحُودَ مَدْيُونِهِ أَوْ مُمَاطَلَتَهُ أَنَّهُ يُصَدَّقُ عَلَى الْوَجْهَيْنِ لِاحْتِمَالِ صِدْقِهِ (قَوْلُهُ لِمَا بَيْنَهُمَا مِنْ الِاتِّحَادِ) قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ يَتَّفِقُ دِينُهُمَا أَوْ يَخْتَلِفَ (قَوْلُهُ صَرَّحَ بِهِ الزَّرْكَشِيُّ تَفَقُّهًا إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ وَكَتَبَ عَلَيْهِ سَبَقَهُ إلَيْهِ الْبُلْقِينِيُّ وَاسْتَثْنَى مَا لَوْ نَذَرَ اعْتَاقَ عَبْدِهِ غَيْرَ الْمُمَيِّزِ فَسَرَقَهُ أَصْلُ النَّاذِرِ أَوْ
وَتَعْبِيرُ الْمُصَنِّفِ بِمَا قَالَهُ أَوْلَى مِنْ تَعْبِيرِ أَصْلِهِ بِمَالِ مَنْ يَسْتَحِقُّ عَلَيْهِ النَّفَقَةَ بِالْبَعْضِيَّةِ (وَ) لَا بِمَالِ (سَيِّدِهِ وَلَوْ كَاتَبَهُ) أَوْ كَانَ هُوَ مُبَعَّضًا لِلشُّبْهَةِ وَلِأَنَّ الْمُكَاتَبَ قَدْ يَعْجِزُ فَيَصِيرُ كَمَا كَانَ (وَيُقْطَعُ بِمَالِ زَوْجٍ) ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى (وَأَخٍ إنْ كَانَ مُحْرَزًا عَنْهُ) لِعُمُومِ الْآيَةِ، وَالْأَخْبَارِ وَلِأَنَّ النِّكَاحَ عَقْدٌ عَلَى مَنْفَعَةٍ فَلَا يُؤَثِّرُ فِي دَرْءِ الْحَدِّ كَالْإِجَارَةِ لَا يَسْقُطُ بِهَا الْحَدُّ عَنْ الْأَجِيرِ أَوْ الْمُسْتَأْجِرِ إذَا سَرَقَ أَحَدُهُمَا مِنْ الْآخَرِ وَتُفَارِقُ الزَّوْجَةُ الْعَبْدَ بِأَنَّ مُؤْنَتَهَا عَلَى الزَّوْجِ عِوَضٌ كَثَمَنِ الْمَبِيعِ وَنَحْوِهِ بِخِلَافِ مُؤْنَةِ الْعَبْدِ وَذِكْرُ الْأَخِ مِثَالٌ وَلَا حَاجَةَ إلَيْهِ وَلَا إلَى الشَّرْطِ بَعْدَهُ (وَفِي) الْقَطْعِ بِسَرِقَةِ (مَالُ عَبْدِهِ الْحُرِّ بَعْضُهُ) أَيْ مَالِ مَنْ بَعْضُهُ مَمْلُوكٌ لَهُ وَبَعْضُهُ حُرٌّ (وَجْهَانِ) أَحَدُهُمَا لَا؛ لِأَنَّ مَا مَلَكَهُ بِالْحُرِّيَّةِ فِي الْحَقِيقَةِ لِجَمِيعِ بَدَنِهِ فَصَارَ شُبْهَةً. وَثَانِيهِمَا: نَعَمْ لِتَمَامِ مِلْكِهِ كَمَالِ الشَّرِيكِ بَعْدَ الْقِسْمَةِ، وَالرَّاجِحُ كَمَا قَالَ الزَّرْكَشِيُّ الْأَوَّلُ فَقَدْ جَزَمَ بِهِ الْمَاوَرْدِيُّ وَالشَّيْخُ أَبُو حَامِدٍ وَغَيْرُهُمَا (وَمَنْ لَا يُقْطَعُ بِمَالٍ لَا يُقْطَعُ بِهِ عَبْدُهُ) فَكَمَا لَا يُقْطَعُ الْأَصْلُ بِسَرِقَةِ مَالِ الْفَرْعِ وَبِالْعَكْسِ لَا يُقْطَعُ عَبْدُ أَحَدِهِمَا بِسَرِقَتِهِ مَالَ الْآخَرِ
(وَيُحَدُّ زَانٍ بِأَمَةِ سَيِّدِهِ) إذْ لَا شُبْهَةَ لَهُ فِي بُضْعِهَا (وَلَوْ ظَنَّ) السَّارِقُ (أَنَّ الْمَالَ) الَّذِي سَرَقَهُ (أَوْ الْحِرْزَ لَهُ أَوْ لِأَبِيهِ) أَوْ لِابْنِهِ (لَمْ يُقْطَعْ) لِلشُّبْهَةِ كَمَا لَوْ وَطِئَ امْرَأَةً ظَنَّهَا زَوْجَتَهُ أَوْ أَمَتَهُ (وَيُقْطَعُ بِحَطَبٍ) أَيْ بِسَرِقَةِ حَطَبٍ (وَحَشِيشٍ) وَنَحْوِهِمَا كَصَيْدٍ لِعُمُومِ الْأَدِلَّةِ وَلَا أَثَرَ لِكَوْنِهَا مُبَاحَةَ الْأَصْلِ (وَ) بِسَرِقَةِ (مُعَرَّضٍ لِلتَّلَفِ كَهَرِيسَةٍ) وَفَوَاكِهَ وَبُقُولٍ لِذَلِكَ وَرَوَى أَبُو دَاوُد وَغَيْرُهُ «أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم سُئِلَ عَنْ التَّمْرِ الْمُعَلَّقِ فَقَالَ مَنْ سَرَقَ مِنْهُ شَيْئًا بَعْدَ أَنْ يُؤْوِيَهُ الْجَرِينَ فَبَلَغَ ثَمَنَ الْمِجَنِّ فَعَلَيْهِ الْقَطْعُ» وَالْمِجَنُّ التُّرْسُ، وَكَانَ ثَمَنُهُ عِنْدَهُمْ رُبْعَ دِينَارٍ أَوْ ثَلَاثَةَ دَرَاهِمَ، وَكَانَتْ مُقَدَّرَةً عِنْدَهُمْ بِرُبْعِ دِينَارٍ (وَكَذَا مَاءٌ وَتُرَابٌ وَمُصْحَفٌ وَكُتُبُ عِلْمٍ) شَرْعِيٍّ وَمَا يَتَعَلَّقُ بِهِ (وَ) كُتُبُ (شَعْرٍ نَافِعٍ مُبَاحٍ) لِمَا مَرَّ (وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ نَافِعًا مُبَاحًا (قُوِّمَ الْوَرَقُ، وَالْجِلْدُ) ، فَإِنْ بَلَغَا نِصَابًا قُطِعَ وَإِلَّا فَلَا (وَإِنْ قُطِعَ بِسَرِقَةِ عَيْنٍ ثُمَّ سَرَقَهَا) ثَانِيًا مِنْ مَالِكِهَا الْأَوَّلِ أَوْ مِنْ غَيْرِهِ (قُطِعَ أَيْضًا) ؛ لِأَنَّ الْقَطْعَ عُقُوبَةٌ تَتَعَلَّقُ بِفِعْلٍ فِي عَيْنٍ فَيَتَكَرَّرُ بِتَكَرُّرِ ذَلِكَ الْفِعْلِ كَمَا لَوْ زَنَى بِامْرَأَةٍ وَحُدَّ ثُمَّ زَنَى بِهَا ثَانِيًا
(الشَّرْطُ السَّادِسُ الْحِرْزُ) فَلَا قَطْعَ بِسَرِقَةِ مَا لَيْسَ مُحْرَزًا لِخَبَرِ «لَا قَطْعَ فِي شَيْءٍ مِنْ الْمَاشِيَةِ إلَّا فِيمَا أَوَاهُ الْمُرَاحُ وَمَنْ سَرَقَ مِنْ التَّمْرِ شَيْئًا بَعْدَ أَنْ يُؤْوِيَهُ الْجَرِينُ فَبَلَغَ ثَمَنَ الْمِجَنِّ فَعَلَيْهِ الْقَطْعُ» رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَغَيْرُهُ وَلِأَنَّ الْجِنَايَةَ تَعْظُمُ بِمُخَاطَرَةِ أَخْذِهِ مِنْ الْحِرْزِ فَحُكِمَ بِالْقَطْعِ زَجْرًا بِخِلَافِ مَا إذَا جَرَّأَهُ الْمَالِكُ وَمَكَّنَهُ بِتَضْيِيعِهِ (، وَالْمُحَكَّمُ) فِي الْحِرْزِ (الْعُرْفُ) ؛ لِأَنَّهُ يَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ الْأَمْوَالِ، وَالْأَحْوَالِ، وَالْأَوْقَاتِ وَلَمْ يَحُدَّهُ الشَّرْعُ وَلَا اللُّغَةُ فَيَرْجِعُ فِيهِ إلَى الْعُرْفِ كَالْقَبْضِ، وَالْإِحْيَاءِ (فَالْإِصْطَبْلُ، وَالتِّبْنُ) الْمُتَّصِلَانِ بِالدُّورِ أَخْذًا مِمَّا يَأْتِي (حِرْزُ الدَّوَابِّ) فِي الْأَوَّلِ وَإِنْ كَانَتْ نَفِيسَةً (وَالتِّبْنُ) فِي الثَّانِي (لَا الثِّيَابُ وَنَحْوُهَا) كَالنُّقُودِ، وَالْفَرْقُ أَنَّ إخْرَاجَ الدَّوَابِّ، وَالتِّبْنِ مِمَّا يَظْهَرُ وَيَبْعُدُ الِاجْتِرَاءُ عَلَيْهِ بِخِلَافِ الثِّيَابِ وَنَحْوِهَا، فَإِنَّهَا مِمَّا يَخْفَى وَيَسْهُلُ إخْرَاجُهَا وَيُسْتَثْنَى مِنْهَا كَمَا قَالَهُ الْبُلْقِينِيُّ وَغَيْرُهُ آنِيَةُ الْإِصْطَبْلِ كَالسَّطْلِ وَثِيَابِ الْغُلَامِ وَآلَاتِ الدَّوَابِّ مِنْ سُرُوجٍ وَبَرَادِعَ وَلُجُمٍ وَرِحَالِ جِمَالٍ وَقِرْبَةِ السُّقَاةِ، وَالرَّاوِيَةِ وَنَحْوِ ذَلِكَ مِمَّا جَرَتْ الْعَادَةُ بِوَضْعِهِ فِي إصْطَبْلَات الدَّوَابِّ (، وَالصُّفَّةُ، وَالْعَرْصَةُ) لِلدَّارِ (حِرْزُ آنِيَةٍ) خَسِيسَةٍ بِخِلَافِ النَّفِيسَةِ كَالْمُتَّخَذَةِ مِنْ الْجَوَاهِرِ النَّفِيسَةِ قَالَهُ الْأَذْرَعِيُّ (وَثِيَابُ بِذْلَةٍ) وَنَحْوِهَا كَالْبُسُطِ (وَالْمَخْزَنُ حِرْزُ الْحُلِيِّ، وَالنَّقْدِ، وَالدُّورُ وَبُيُوتُ الْخَانَاتِ) ، وَالْأَسْوَاقُ الْمَنِيعَةُ (حِرْزُ الثِّيَابِ النَّفِيسَةِ وَإِلَّا عَلَى حِرْزِ الْأَدْنَى لَا عَكْسِهِ) عِبَارَةُ الْأَصْلِ وَمَا كَانَ حِرْزًا لِنَوْعٍ كَانَ حِرْزًا لِمَا دُونَهُ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ حِرْزًا لِمَا فَوْقَهُ وَهِيَ أَحْسَنُ مِنْ عِبَارَةِ الْمُصَنِّفِ فِي صُورَةِ الْعَكْسِ فَتَأَمَّلْ
(وَإِنْ وَضَعَ مَتَاعَهُ بِقُرْبِهِ
ــ
[حاشية الرملي الكبير]
فَرْعُهُ فَقَالَ يُقْطَعُ وَعَلَّلَهُ بِأَنَّ شُبْهَةَ اسْتِحْقَاقِ النَّفَقَةِ إنَّمَا يَتَعَلَّقُ بِالْمَالِ الَّذِي لِمَالِكِهِ تَصَرُّفٌ فِيهِ وَلَا تَصَرُّفَ لَهُ فِي هَذَا وَإِنْ لَمْ يَزُلْ مِلْكُهُ عَنْهُ وَلَيْسَ كَالْمُسْتَوْلَدَةِ وَلَدُهَا لِأَنَّ لِلْمَالِكِ إجَارَتَهُمَا قَالَ وَلَمْ أَرَ مَنْ تَنَبَّهَ لَهُ اهـ وَفِيهِ نَظَرٌ فس (قَوْلُهُ وَيُقْطَعُ بِمَالِ زَوْجٍ) مَحَلُّهُ فِي الزَّوْجَةِ إذَا لَمْ تَسْتَحِقَّ عَلَيْهِ نَفَقَةً أَوْ كِسْوَةً حَالَ أَخْذِهَا (قَوْلُهُ وَالرَّاجِحُ كَمَا قَالَ الزَّرْكَشِيُّ الْأَوَّلُ إلَخْ) هُوَ الْأَصَحُّ (قَوْلُهُ وَغَيْرُهُمَا) كَصَاحِبِ الْحَاوِي فِي عُجَابِهِ
(قَوْلُهُ السَّادِسُ الْحِرْزُ) قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ الْإِحْرَازُ يَخْتَلِفُ مِنْ خَمْسَةِ أَوْجُهٍ بِاخْتِلَافِ نَفَاسَةِ الْمَالِ وَسَعَتِهِ وَبِاخْتِلَافِ سَعَةِ الْبَلَدِ وَكَثْرَةِ ذُعَّارِهِ وَعَكْسُهُ، وَبِاخْتِلَافِ السُّلْطَانِ عَدْلًا وَغِلْظَةً عَلَى الْمُفْسِدِينَ وَعَكْسُهُ وَبِاخْتِلَافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ فَإِحْرَازُ اللَّيْلِ أَغْلَظُ هَذَا مُلَخَّصُ كَلَامِهِ وَكَتَبَ أَيْضًا لَا يَكْفِي حَصَانَةُ الْمَوْضِعِ عَنْ أَصْلِ الْمُلَاحَظَةِ قَالَ فِي الرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا: وَالتَّعْوِيلُ فِي صِيَانَةِ الْمَالِ وَإِحْرَازِهِ عَلَى شَيْئَيْنِ: أَحَدُهُمَا: الْمُلَاحَظَةُ وَالْمُرَاقَبَةُ قَالَ الْبُلْقِينِيُّ يَنْبَغِي أَنْ يَقُولَ الْمُلَاحَظَةُ وَالْمُرَاقَبَةُ أَوْ مَا نَزَلَ مَنْزِلَتَهُمَا وَذَلِكَ لِيَشْمَلَ النَّائِمَ عَلَى ثَوْبِهِ فَإِنَّهُ لَا مُلَاحَظَةَ مِنْهُ وَلَا مُرَاقَبَةَ وَلَكِنَّهُ مُنَزَّلٌ مَنْزِلَةَ الْمُلَاحَظَةِ وَالْمُرَاقَبَةِ بِاعْتِبَارِ أَنَّ الْعَادَةَ غَالِبًا أَنَّ مَنْ جَرَّ ثَوْبَهُ مِنْ تَحْتِهِ انْتَبَهَ (قَوْلُهُ فَالْإِصْطَبْلُ) بِكَسْرِ الْهَمْزَةِ وَهِيَ هَمْزَةُ قَطْعٍ أَصْلِيَّةٌ وَسَائِرُ حُرُوفِهَا أَصْلِيَّةٌ (قَوْلُهُ وَيُسْتَثْنَى مِنْهَا كَمَا قَالَهُ الْبُلْقِينِيُّ وَغَيْرُهُ آنِيَةُ الْإِصْطَبْلِ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ وَكَتَبَ عَلَيْهِ وَبَحَثَهُ الْأَذْرَعِيُّ وَنَقَلَهُ غَيْرُهُ عَنْ جَمَاعَةٍ وَعُلِمَ مِنْهُ أَنَّ الْمُرَادَ السُّرُوجُ وَاللُّجُمُ الْخَسِيسَةُ فَقَدْ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ الظَّاهِرُ أَنَّ الْإِصْطَبْلَ حِرْزٌ لِأَمْتِعَةِ الدَّوَابِّ الْخَسِيسَةِ كَجِلَالِهَا وَرِحَالِهَا وَنَحْوِهِمَا مِمَّا جَرَى الْعُرْفُ بِتَرْكِهِ هُنَا بِخِلَافِ النَّفِيسِ مِنْ السُّرُوجِ وَاللُّجُمِ الْمُفَضَّضَةِ وَنَحْوِهِمَا فَإِنَّ الْعُرْفَ أَنْ تُحْرَزَ بِمَكَانٍ مُفْرَدٍ لَهَا مِغْلَقٌ غَالِبًا وَقَوْلُهُ فَقَدْ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ الظَّاهِرُ إلَخْ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ
(قَوْلُهُ قَالَهُ الْأَذْرَعِيُّ) أَيْ وَغَيْرُهُ وَهُوَ ظَاهِرٌ (قَوْلُهُ وَعِبَارَةُ الْأَصْلِ وَمَا كَانَ حِرْزَ النَّوْعِ كَانَ حِرْزًا لِمَا دُونَهُ إلَخْ) قَالَ الزَّنْجَانِيُّ لَا بُدَّ مِنْ قَيْدٍ آخَرَ وَهُوَ أَنْ يَكُونَ حِرْزًا لِمَا دُونَهُ مِنْ ذَلِكَ النَّوْعِ أَوْ مَا يَكُونُ تَبَعًا لِذَلِكَ النَّوْعِ إذْ الْإِصْطَبْلُ حِرْزُ الدَّوَابِّ وَلَا يَكُونُ حِرْزًا لِلثِّيَابِ وَإِنْ
فِي صَحْرَاءَ أَوْ مَسْجِدٍ أَوْ شَارِعٍ وَأَعْرَضَ) عَنْهُ كَانَ وَرَاءَ ظَهْرِهِ أَوْ ذَهَلَ عَنْهُ بِشَاغِلٍ (أَوْ نَامَ فَضَاعَ) فَلَيْسَ بِمُحْرَزٍ (وَإِنْ أَدَامَ مُلَاحَظَتَهُ مَنْ يُبَالِي بِهِ لِقُوَّتِهِ أَوْ اسْتِغَاثَةٍ) بِغَيْرِهِ (أَوْ نَامَ فِيهَا) أَيْ فِي الصَّحْرَاءِ أَوْ تَالِيَيْهَا (لَابِسًا لِعِمَامَتِهِ أَوْ غَيْرِهَا) كَمَدَاسِهِ أَوْ خَاتَمِهِ (أَوْ مُفْتَرِشًا ثَوْبَهُ أَوْ مُتَّكِئًا عَلَى الْمَتَاعِ) وَلَوْ بِتَوَسُّدِهِ (فَمُحْرَزٌ) بِهِ (فَيُقْطَعُ) السَّارِقُ بِدَلِيلِ الْأَمْرِ بِقَطْعِ سَارِقِ رِدَاءِ صَفْوَانَ قَالَ الشَّافِعِيُّ رضي الله عنه وَرِدَاؤُهُ كَانَ مُحْرَزًا بِاضْطِجَاعِهِ عَلَيْهِ وَإِنَّمَا يُقْطَعُ (بِتَغْيِيبِهِ عَنْهُ وَلَوْ بِدَفْنِهِ) إذْ إحْرَازُ مِثْلِهِ بِالْمُعَايَنَةِ، فَإِذَا غَيَّبَهُ عَنْ عَيْنِ الْحَارِسِ بِحَيْثُ لَوْ نُبِّهَ لَهُ لَمْ يَرَهُ كَأَنْ دَفَنَهُ فِي تُرَابٍ أَوْ وَارَاهُ تَحْتَ ثَوْبِهِ أَوْحَالَ بَيْنَهُمَا جِدَارٌ فَقَدْ أَخْرَجَهُ مِنْ حِرْزِهِ وَهَذَا ذَكَرَهُ الْأَصْلُ آخِرَ الْبَابِ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ تَبَعًا لِلْأَذْرَعِيِّ، وَالْكَلَامُ فِي مَتَاعٍ بَعْدَ التَّوَسُّدِ بِهِ حِرْزًا لَهُ أَمَّا لَوْ تَوَسَّدَ كِيسًا فِيهِ نَقْدٌ أَوْ جَوْهَرٌ وَنَامَ فَلَيْسَ بِمُحْرَزٍ حَتَّى يَشُدَّهُ بِوَسَطِهِ قَالَهُ الْمَاوَرْدِيُّ وَالرُّويَانِيُّ وَيَنْبَغِي تَقْيِيدُهُ بِشَدِّهِ تَحْتَ الثِّيَابِ انْتَهَى (وَإِنْ انْقَلَبَ) فِي نَوْمِهِ (عَنْ الْمَتَاعِ أَوْ قَلَّبَهُ السَّارِقُ) عَنْهُ (أَوَّلًا ثُمَّ أَخَذَهُ أَوْ كَانَ الْحَارِسُ لَا يُبَالِي بِهِ) لِعَدَمِ الْقُوَّةِ، وَالِاسْتِغَاثَةِ (فَضَائِعٌ) فَلَيْسَ بِمُحْرَزٍ وَمَا ذَكَرَهُ كَأَصْلِهِ فِي الثَّانِيَةِ تَبِعَ فِيهِ الْبَغَوِيّ كَمَا قَالَهُ جَمَاعَةٌ مِنْهُمْ الْبُلْقِينِيُّ قَالَ وَهُوَ عِنْدَنَا شَاذٌّ مَرْدُودٌ لَا وَجْهَ لَهُ وَاَلَّذِي نَعْتَقِدُهُ الْقَطْعُ بِخِلَافِهِ؛ لِأَنَّهُ أَزَالَ الْحِرْزَ ثُمَّ أَخَذَ النِّصَابَ فَصَارَ كَمَا لَوْ نَقَبَ الْحَائِطَ أَوْ كَسَرَ الْبَابَ أَوْ فَتَحَهُ وَأَخَذَ النِّصَابَ، فَإِنَّهُ يُقْطَعُ اتِّفَاقًا انْتَهَى وَهُوَ حَسَنٌ، فَإِنْ قُلْت يُفَرَّقُ بِأَنَّ الْمَالَ ثَمَّ لَمَّا أَخَذَهُ كَانَ مُحْرَزًا فِي الْجُمْلَةِ بِخِلَافِهِ هُنَا
قُلْت: مُنْتَقِضٌ بِمَا نُقِلَ عَنْ الشَّيْخِ أَبِي مُحَمَّدٍ الْجُوَيْنِيِّ وَابْنِ الْقَطَّانِ مِنْ أَنَّهُ لَوْ وَجَدَ جَمَلًا وَصَاحِبُهُ نَائِمٌ عَلَيْهِ فَأَلْقَاهُ عَنْهُ وَهُوَ نَائِمٌ وَأَخَذَ الْجَمَلَ قُطِعَ مَعَ أَنَّهُ لَمَّا أَخَذَهُ لَمْ يَكُنْ مُحْرَزًا أَصْلًا لَكِنْ قَالَ الْبَغَوِيّ فِي هَذِهِ بِعَدَمِ الْقَطْعِ أَيْضًا قَالَ: لِأَنَّهُ رَفَعَ الْحِرْزَ وَلَمْ يَهْتِكْهُ بِخِلَافِ مَا لَوْ نَقَبَ وَأَخَذَ الْمَالَ قَالَ فِي الْأَصْلِ وَيَنْبَغِي أَنْ لَا يُفَرَّقَ فِيمَا ذَكَرْنَا بَيْنَ كَوْنِ الصَّحْرَاءِ مَوَاتًا أَوْ غَيْرَهُ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ لَكِنْ قَيَّدَهُ الشَّافِعِيُّ فِي الْأُمِّ بِالْوَضْعِ الْمُبَاحِ وَجَرَى عَلَيْهِ الْقَاضِي وَيُؤَيِّدُهُ مَا سَيَأْتِي فِي الْغَاصِبِ قُلْت الْمُرَادُ بِالْمُبَاحِ مُقَابِلُ الْحَرَامِ لَا مَا لَيْسَ مَمْلُوكًا فَلَا اسْتِدْرَاكَ (وَإِنْ كَانَ) ثَمَّ (زَحْمَةٌ) مِنْ الطَّارِقِينَ (لَمْ يَكْفِ) فِي الْإِحْرَازِ (مُلَاحَظَتُهُ) الْمَتَاعَ (وَلَوْ فِي دُكَّانِهِ) ؛ لِأَنَّهَا لَا تَبْقَى ثَابِتَةً حِينَئِذٍ (فَتُقَاوَمُ) أَيْ فَيَنْبَغِي أَنْ تُقَاوَمَ (الزَّحْمَةُ بِكَثْرَةِ الْمُلَاحِظِينَ) لِيَصِيرَ الْمَتَاعُ حِرْزًا بِهِمْ كَمَا يُقَاوَمُ طَارِقٌ مُلَاحِظٌ
(وَمَا فِي الْجَيْبِ، وَالْكُمِّ مُحْرَزٌ) بِهِمَا فَيُقْطَعُ سَارِقُهُ وَإِنْ لَمْ يَرْبِطْ الْكُمَّ وَلَمْ يَزُرَّ الْجَيْبَ (وَكَذَا الْمَرْبُوطُ فِي الْعِمَامَةِ) عَلَى الرَّأْسِ مُحْرَزٌ بِهَا بِخِلَافِ غَيْرِ الْمَرْبُوطِ وَكَالْمَرْبُوطِ بِهَا الْمَشْدُودُ بِهَا (وَإِنْ أَجَابَهُ) شَخْصٌ (إلَى حِفْظِ ثَوْبٍ) لَهُ (وَكَذَا) إلَى حِفْظِ (حَانُوتٍ) لَهُ (مَفْتُوحٍ) بَعْدَ طَلَبِهِ الْحِفْظَ مِنْهُ (فَأَهْمَلَهُ) حَتَّى سُرِقَ الثَّوْبُ أَوْ مَا فِي الْحَانُوتِ (ضَمِنَهُ) بِإِهْمَالِهِ (وَإِنْ سَرَقَهُ) هُوَ (لَمْ يُقْطَعْ) ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ مُحْرَزًا بِالنِّسْبَةِ إلَيْهِ (أَوْ) إلَى حِفْظِ حَانُوتٍ (مُغْلَقٍ فَبِالْعَكْسِ) أَيْ، فَإِنْ أَهْمَلَهُ حَتَّى سُرِقَ مَا فِيهِ لَمْ يَضْمَنْ؛ لِأَنَّهُ مُحْرَزٌ
ــ
[حاشية الرملي الكبير]
كَانَتْ دُونَهَا فِي الْقِيمَةِ وَقَدْ يَكُونُ حِرْزًا لِجَلِّ الدَّابَّةِ لِأَنَّهُ تَابِعٌ
(قَوْلُهُ وَإِنْ أَدَامَ مُلَاحَظَتَهُ إلَخْ) الْمُرَادُ مِنْ إدَامَةِ الْمُلَاحَظَةِ أَنْ لَا يَشْتَغِلَ عَنْهُ بِنَوْمٍ وَلَا غَيْرِهِ وَالْمُرَادُ الْإِدَامَةُ الْمُتَعَارَفَةُ فَالْفَتَرَاتُ الْعَارِضَةُ أَثْنَاءَ الْمُلَاحَظَةِ لَا تَقْدَحُ فِي الْإِحْرَازِ عَلَى الْمَشْهُورِ لِلْعُرْفِ، فَإِذَا تَغَفَّلَهُ فِيهَا فَسَرَقَ قُطِعَ فِي الْأَصَحِّ وَكَتَبَ أَيْضًا قَالَ الْبُلْقِينِيُّ مُقْتَضَى نُصُوصِ الشَّافِعِيِّ وَكَلَامِ أَصْحَابِهِ أَنْ يَكْتَفِيَ بِأَنْ يَنْظُرَ إلَيْهِ مِنْ غَيْرِ اعْتِبَارِ الْقُرْبِ قَالَ: وَشَرْطُ الْمُلَاحَظَةِ كَوْنُ الْمُلَاحِظِ بِحَيْثُ يَرَاهُ السَّارِقُ حَتَّى يَمْتَنِعَ مِنْ السَّرِقَةِ إلَّا بِتَغَفُّلِهِ، فَإِنْ كَانَ فِي مَوْضِعٍ لَا يَرَاهُ السَّارِقُ فَلَا قَطْعَ إذْ لَا حِرْزَ يَظْهَرُ لِلسَّارِقِ حَتَّى يَمْتَنِعَ مِنْ السَّرِقَةِ مَا ذَكَرَهُ لَيْسَ بِشَرْطٍ فَقَدْ قَالَ الْبَغَوِيّ وَغَيْرُهُ وَالْحَدُّ أَنَّ كُلَّ مَا لَا يُنَاسِبُ الْمُودَعَ إلَى التَّقْصِيرِ بِالْوَضْعِ عِنْدَ إطْلَاقِ الْإِيدَاعِ فَحِرْزٌ وَمَا يَنْسُبُ فَلَيْسَ بِحِرْزٍ (تَنْبِيهٌ) أَفْهَمَ كَلَامُهُمْ أَنَّ سَطْحَ الدَّارِ لَيْسَ بِحِرْزٍ وَهُوَ كَذَلِكَ ذَكَرَهُ ابْنُ الرِّفْعَةِ لِلِاسْتِدْلَالِ لِمَسْأَلَةٍ فِي كِتَابِ الْإِيمَانِ مِنْ الْكِفَايَةِ قَالَ فِي الْأَنْوَارِ: وَأَصَحُّهُمَا
السَّطْحُ لِلْحَطَبِ وَالْقَصِيلِ وَالتِّبْنِ (قَوْلُهُ كَمَدَاسِهِ) بِفَتْحِ الْمِيمِ وَحُكِيَ كَسْرُهَا (قَوْلُهُ أَوْ خَاتَمِهِ) قَالَ إبْرَاهِيمُ الْمَرُّوذِيُّ فِي تَعْلِيقِهِ إلَّا أَنْ يَكُونَ مُخَلْخَلًا فِي أُصْبُعِهِ أَوْ كَانَ فِي الْأُنْمُلَةِ الْعُلْيَا فَلَا قَطْعَ (قَوْلُهُ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ تَبَعًا لِلْأَذْرَعِيِّ وَالْكَلَامُ فِي مَتَاعٍ يُعَدُّ التَّوَسُّدُ بِهِ حِرْزًا لَهُ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ وَكَتَبَ وَهُوَ مُقْتَضَى مَا ذَكَرَهُ فِي الْحُلِيِّ وَالنَّقْدِ فِي الصَّحْنِ وَالصِّفَةِ قَالَ الْبُلْقِينِيُّ لَيْسَ ذَلِكَ عِنْدَنَا بِمُعْتَمَدٍ وَلَا فَرْقَ عِنْدَنَا فِي ذَلِكَ فَجَمِيعُ مَا يُوضَعُ تَحْتَ رَأْسِهِ مُحْرَزٌ بِهِ لِأَنَّ الْمُدْرَكَ فِي إحْرَازِهِ أَنَّهُ إذَا جَرَّهُ السَّارِقُ انْتَبَهَ النَّائِمُ وَذَلِكَ يَقْتَضِي الِاسْتِوَاءَ وَفِي أَصْلِ الرَّوْضَةِ أَنَّهُ لَوْ أَخَذَ الْخَاتَمَ مِنْ أُصْبُعِ النَّائِمِ قُطِعَ وَلَمْ يُفَرَّقْ بَيْنَ خَاتَمٍ وَخَاتَمٍ وَقَدْ يَكُونُ فِيهِ فَصٌّ يُسَاوِي أَلْفًا أَوْ أَكْثَرَ جَمَعَ بَيْنَهُمَا بِحَمْلِ الْقَطْعِ عَلَى مَا إذَا كَانَ بِحَيْثُ لَوْ أُخِذَ لَتَنَبَّهَ غَالِبًا وَعَدَمُهُ عَلَى خِلَافِهِ (قَوْلُهُ وَيَنْبَغِي تَقْيِيدُهُ بِشِدَّةٍ تَحْتَ الثِّيَابِ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ وَمَا ذَكَرَهُ كَأَصْلِهِ فِي الثَّانِيَةِ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ وَكَتَبَ عَلَيْهِ: قَدْ ذَكَرُوا مِثْلَهُ فِيمَا لَوْ نَحَّى حَافِظَ الْخَيْمَةِ النَّائِمِ فِيهَا ثُمَّ سَرَقَ فَالْمُعْتَمَدُ فِيهِمَا وَفِيمَا إذَا أَلْقَى النَّائِمُ عَلَى الْجَمَلِ عَنْهُ وَأَخَذَهُ عَدَمُ الْقَطْعِ لِأَنَّهُ لَا يُعَدُّ حَافِظًا لِمَا ذُكِرَ فَهُوَ مُضَيِّعٌ لِمَا نَامَ عَلَيْهِ أَوْ فِيهِ.
(قَوْلُهُ وَاَلَّذِي نَعْتَقِدُهُ الْقَطْعُ بِخِلَافِهِ) ضَعِيفٌ (قَوْلُهُ فَإِنْ قُلْت: يُفَرَّقُ إلَخْ) الْفَرْقُ فِيهِمَا وَاضِحٌ فَإِنَّ الْمَالَ فِي الْمَقِيسِ عَلَيْهِ مُحْرَزٌ دُونَ الْمَقِيسِ فَإِنَّ صَاحِبَهُ ضَيَّعَهُ بِتَقْصِيرِهِ إذْ حَقُّهُ أَنْ لَا يُحْرِزَ شَيْئًا بِنَوْمِهِ عَلَيْهِ وَقَدْ تَبَيَّنَ بِعَدَمِ شُعُورِهِ بِقَلْبِ السَّارِقِ لَهُ عَنْهُ أَنَّ وُجُودَهُ كَعَدَمِهِ فَهُوَ أَوْلَى بِعَدَمِ الْقَطْعِ مِمَّا إذَا لَمْ يُدِمْ الْمُلَاحَظَةَ الْمُعْتَادَةَ فِي الْأَمْكِنَةِ الْمَذْكُورَةِ فَالْمُعْتَمَدُ مَا ذَكَرَهُ الشَّيْخَانِ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ وَنَظَائِرِهَا وَالْمُعْتَمَدُ فِي مَسْأَلَةِ الْجَمَلِ كَلَامُ الْبَغَوِيّ أَيْضًا (قَوْلُهُ لَكِنْ قَالَ الْبَغَوِيّ فِي هَذِهِ بِعَدَمِ الْقَطْعِ أَيْضًا) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ قَالَ فِي الْأَصْلِ) وَيَنْبَغِي أَنْ لَا يُفَرَّقَ فِيمَا ذَكَرْنَا إلَخْ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ
(قَوْلُهُ وَمَا فِي الْجَيْبِ) أَيْ الضَّيِّقِ أَوْ الْوَاسِعِ الْمَزْرُورِ
فِي نَفْسِهِ وَلَمْ يَدْخُلْ تَحْتَ يَدِهِ وَإِنْ سَرَقَهُ هُوَ قُطِعَ.
(وَلَا بُدَّ فِي دَارٍ حَصِينَةٍ مُنْفَرِدَةٍ) عَنْ عِمَارَةٍ لِبَلَدٍ وَلَوْ بِبُسْتَانٍ (أَوْ بِبَرِّيَّةٍ) أَيْ لَا بُدَّ فِي كَوْنِهَا حِرْزًا (مِنْ حَارِسٍ) سَوَاءٌ أَكَانَ بَابُهَا مَفْتُوحًا أَمْ مُغْلَقًا لِلْعُرْفِ (فَيَحْتَاجُ مَعَ فَتْحِ الْبَابِ إلَى دَوَامِ الْمُلَاحَظَةِ) لَا مَعَ إغْلَاقِهِ حَتَّى وَلَوْ كَانَ فِيهَا مَعَ إغْلَاقِهِ مُبَالًى بِهِ وَلَوْ كَانَ نَائِمًا فَحِرْزٌ خِلَافًا لِمَا اقْتَضَاهُ إطْلَاقُ الْمِنْهَاجِ كَأَصْلِهِ (وَإِنْ كَانَتْ فِي بَلْدَةٍ فَإِغْلَاقُهَا) وَلَوْ (مَعَ نَوْمِهِ) وَلَوْ فِي زَمَنِ الْخَوْفِ لَيْلًا أَوْ نَهَارًا (وَكَذَا مَعَ غَيْبَتِهِ فِي) زَمَنِ (الْأَمْنِ نَهَارًا كَافٍ) فِي كَوْنِهَا حِرْزًا اعْتِمَادًا عَلَى مُلَاحَظَةِ الْجِيرَانِ فِيهِمَا وَلِأَنَّ السَّارِقَ فِي الْأُولَى عَلَى خَطَرٍ مِنْ اطِّلَاعِ النَّائِمِ وَتَنَبُّهِهِ بِحَرَكَتِهِ وَاسْتِغَاثَتِهِ بِالْجِيرَانِ، وَخَرَجَ بِمَا ذَكَرَهُ فِي الثَّانِيَةِ زَمَنُ الْخَوْفِ، وَاللَّيْلُ وَلَوْ فِي زَمَنِ الْأَمْنِ قَالَ الْبُلْقِينِيُّ وَيُلْتَحَقُ بِإِغْلَاقِ الْبَابِ مَا لَوْ كَانَ مَرْدُودَهُ وَخَلْفُهُ نَائِمٌ بِحَيْثُ لَوْ فُتِحَ لَأَصَابَهُ وَانْتَبَهَ وَقَالَ: إنَّهُ أَبْلَغُ مِنْ الضَّبَّةِ، وَالْمِتْرَاسِ قَالَ وَكَذَا لَوْ كَانَ نَائِمًا أَمَامَ الْبَابِ بِحَيْثُ لَوْ فُتِحَ لَانْتَبَهَ بِصَرِيرِهِ كَمَا قَالَهُ الدَّارِمِيُّ وَنَقَلَهُ الْأَذْرَعِيُّ عَنْهُ وَعَنْ غَيْرِهِ (وَفَتْحُهَا مَعَ غَيْبَتِهِ مُطْلَقًا أَوْ) مَعَ (نَوْمِهِ وَلَوْ نَهَارًا) وَزَمَنَ أَمْنٍ (تَضْيِيعٌ) لِمَا فِيهَا فَلَيْسَتْ حِرْزًا لَهُ وَيُخَالِفُ أَمْتِعَةَ الْحَانُوتِ الْمَوْضُوعَةَ عَلَى بَابِهِ؛ لِأَنَّ الْأَعْيُنَ تَقَعُ عَلَيْهَا دُونَ مَا فِي الدَّارِ وَلَا نَظَرَ لِلَحْظِ الْجِيرَانِ فِي الثَّانِيَةِ لِتَسَاهُلِهِمْ فِيهِ إذَا عَلِمُوا بِأَنَّ الْحَافِظَ فِيهَا: نِعَمْ مَا فِيهَا مِنْ بَيْتٍ مُغْلَقٍ فَهُوَ حِرْزٌ لِمَا فِيهِ كَمَا حَكَاهُ الشَّيْخُ أَبُو حَامِدٍ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ الْمَرْوَزِيِّ وَجَزَمَ بِهِ ابْنُ الصَّبَّاغِ وَالْقَاضِي وَغَيْرُهُمَا.
وَقَوْلُهُ مِنْ زِيَادَتِهِ مُطْلَقٌ لَا حَاجَةَ إلَيْهِ بَلْ تُوهِمُ أَنَّ مَا قَبْلَهُ مُخَالِفٌ لِمَا بَعْدَهُ وَلَيْسَ كَذَلِكَ (وَالْمُسْتَيْقِظُ غَيْرُ الْمُلَاحِظِ كَالنَّائِمِ) فِيمَا مَرَّ، فَإِنْ كَانَ مُلَاحِظًا لَهَا مُبَالًى بِهِ فَمُحْرَزَةٌ بِهِ وَإِنْ كَانَ بَابُهَا مَفْتُوحًا نَعَمْ لَوْ لَمْ يُبَالِغْ فِي الْمُلَاحَظَةِ مَعَ فَتْحِ الْبَابِ فَتَغَفَّلَهُ إنْسَانٌ فَسَرَقَ لَمْ يُقْطَعْ لِتَقْصِيرِهِ بِإِهْمَالِهِ الْمُرَاقَبَةَ مَعَ الْفَتْحِ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ حُكْمُ مَا بَعْدَ الْفَجْرِ إلَى الْإِسْفَارِ حُكْمَ اللَّيْلِ وَمَا بَعْدَ الْغُرُوبِ وَقَبْلَ انْقِطَاعِ الطَّارِقِ حُكْمَ النَّهَارِ (وَإِنْ ضَمَّ الْعَطَّارُ أَوْ الْبَقَّالُ) أَوْ نَحْوُهُمَا (الْأَمْتِعَةَ وَرَبَطَهَا) بِحَبْلٍ (عَلَى بَابِ الْحَانُوتِ أَوْ أَرْخَى) عَلَيْهَا شَبَكَةً (أَوْ خَالَفَ لَوْ حِينًا عَلَى بَابِ حَانُوتِهِ فَمُحْرَزَةٌ) بِذَلِكَ (بِالنَّهَارِ) وَلَوْ نَامَ فِيهِ أَوْ غَابَ عَنْهُ؛ لِأَنَّ الْجِيرَانَ، وَالْمَارَّةَ يَنْظُرُونَهَا وَفِيمَا فَعَلَ مَا يُنَبِّهُهُمْ لَوْ قَصَدَهَا السَّارِقُ (وَكَذَا بِاللَّيْلِ) هِيَ مُحْرَزَةٌ بِذَلِكَ لَكِنْ (مَعَ حَارِسٍ) أَمَّا إذَا تَرَكَهَا مُفَرَّقَةً وَلَمْ يَفْعَلْ شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ فَلَيْسَتْ بِمُحْرَزَةٍ (، وَالْبَقْلُ وَنَحْوُهُ) كَالْفُجْلِ (إنْ ضُمَّ بَعْضُهُ إلَى بَعْضٍ) وَتُرِكَ عَلَى بَابِ الْحَانُوتِ (وَطَرَحَ عَلَيْهِ حَصِيرًا) أَوْ نَحْوَهُ فَهُوَ (مُحْرَزٌ بِحَارِسٍ وَإِنْ رَقَدَ سَاعَةً وَدَارَ) عَلَى مَا يَحْرُسُهُ (أُخْرَى، وَالْأَمْتِعَةُ النَّفِيسَةُ) الَّتِي تُتْرَكُ عَلَى الْحَوَانِيتِ (فِي لَيَالِيِ الْأَعْيَادِ) وَنَحْوِهَا (لِتَزْيِينِ الْحَوَانِيتِ وَتُسْتَرُ بِقَطْعٍ وَنَحْوِهِ مُحْرَزَةٌ بِحَارِسٍ) ؛ لِأَنَّ أَهْلَ السُّوقِ يَعْتَادُونَ ذَلِكَ فَيَقْوَى بَعْضُهُمْ بِبَعْضٍ بِخِلَافِ سَائِرِ اللَّيَالِيِ (وَالثِّيَابُ) الْمَوْضُوعَةُ (عَلَى بَابِ حَانُوتِ الْقَصَّارِ) وَنَحْوِهِ (كَأَمْتِعَةِ الْعَطَّارِ) الْمَوْضُوعَةِ عَلَى بَابِ حَانُوتِهِ فِيمَا مَرَّ
(وَتُحَرَّزُ الْقُدُورُ) الَّتِي يُطْبَخُ فِيهَا فِي الْحَوَانِيتِ (بِشَرَائِجَ) بِالْجِيمِ أَيْ بِسُدَدٍ تُنْصَبُ (عَلَى بَابِ الْحَانُوتِ) لِلْمَشَقَّةِ فِي نَقْلِهَا إلَى بِنَاءٍ وَإِغْلَاقِ بَابٍ عَلَيْهَا (وَ) يُحْرَزُ (الْحَطَبُ وَطَعَامُ الْبَيَّاعِينَ) الَّذِي فِي غَرَائِرَ (بِشَدِّ الْغَرَائِرِ، وَالْحِطَابِ بِبَعْضٍ) أَيْ يُشَدُّ بَعْضَ كُلٍّ مِنْهُمَا (إلَى بَعْضٍ) بِحَيْثُ لَا يُمْكِنُ أَخْذُ شَيْءٍ مِنْهُ إلَّا بِحَلِّ الرِّبَاطِ أَوْ فَتْقِ بَعْضِ الْغَرَائِرِ (حَيْثُ اُعْتِيدَ) ذَلِكَ بِخِلَافِ مَا إذَا لَمْ يُعْتَدْ، فَإِنَّهُ يُشْتَرَطُ أَنْ يَكُونَ عَلَيْهِ بَابٌ مُغْلَقٌ وَبَاءٌ بِبَعْضٍ زَائِدَةٌ (وَ) تُحَرَّزُ (الْأَجْذَاعُ الثَّقِيلَةُ بِالتَّرْكِ) لَهَا (عَلَى الْأَبْوَابِ) أَيْ أَبْوَابِ الْمَسَاكِنِ دُونَ الصَّحْرَاءِ (، وَالْحَانُوتُ الْمُغْلَقُ بِلَا حَارِسٍ حِرْزٌ لِمَتَاعِ الْبَقَّالِ فِي) زَمَنِ (الْأَمْنِ) وَلَوْ
ــ
[حاشية الرملي الكبير]
قَوْلُهُ حَتَّى وَلَوْ كَانَ فِيهَا مَعَ إغْلَاقِهِ مُبَالًى بِهِ وَلَوْ نَائِمًا فَحِرْزٌ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ وَكَتَبَ عَلَيْهِ هَذَا هُوَ الْأَقْوَى فِي زَوَائِدِ الرَّوْضَةِ وَالْأَقْرَبُ فِي الشَّرْحِ الصَّغِيرِ وَقَالَ الْبُلْقِينِيُّ: إنَّهُ الْأَرْجَحُ لِلْفَتْوَى وَذَكَرَ نَصًّا لِلْأُمِّ يُوَافِقُهُ وَالْمَنْقُولُ فِي الذَّخَائِرِ وَغَيْرِهِ عَنْ الْعِرَاقِيِّينَ أَنَّهُ إذَا كَانَ نَائِمًا وَهِيَ مُغْلَقَةٌ فَهِيَ حِرْزٌ وَلَمْ يَذْكُرُوا سِوَاهُ، وَهَذَا هُوَ الْمُوَافِقُ لِكَلَامِ الْأَصْحَابِ فِي الْخَيْمَةِ بِالصَّحْرَاءِ بَلْ الدَّارُ الْمُغْلَقَةُ أَوْلَى بِكَوْنِهَا حِرْزًا مِنْ الْخَيْمَةِ وَقَدْ جَمَعَ صَاحِبُ الْمُعْتَمَدِ فِي اتِّفَاقِ مَسَائِلِ الْمَذْهَبِ الْمُجَرَّدِ عَنْ الشَّافِعِيِّ فَقَالَ: كُلُّ بَيْتٍ أَوْ خَيْمَةٍ فِي الصَّحْرَاءِ لَا يَصِيرُ حِرْزًا بِإِغْلَاقِ بَابِهِ مَا لَمْ يَنَمْ فِيهِ أَوْ عَلَى بَابِهِ حَارِسٌ وَقَالَ فِي الشَّافِي وَإِذَا كَانَتْ الدَّارُ فِي بَرِّيَّةٍ لَمْ تَكُنْ حِرْزًا بِالْغَلْقِ حَتَّى يَنَامَ فِيهَا أَوْ عَلَى بَابِهَا أَوْ يَقْعُدَ مُقَابِلَهَا أَوْ بِالْقُرْبِ مِنْهَا حَارِسٌ إذَا عَلِمْت هَذَا عَرَفْت أَنَّ الْمَذْهَبَ الْمَشْهُورَ أَنَّهَا إذَا كَانَتْ مُغْلَقَةً وَبِهَا حَارِسٌ نَائِمٌ كَانَتْ حِرْزًا كَالْخَيْمَةِ الْمَزْرُورَةِ.
(قَوْلُهُ وَكَذَا مَعَ غَيْبَتِهِ فِي زَمَنِ الْأَمْنِ نَهَارًا كَافٍ) قَالَ فِي التَّوْشِيحِ فِيمَا لَوْ أَغْلَقَ بَابَهُ وَوَضَعَ الْمِفْتَاحَ فِي نَجْشٍ فَأَخَذَهُ السَّارِقُ وَفَتَحَ بِهِ الْبَابَ وَسَرَقَ الظَّاهِرُ أَنَّ وَضْعَ الْمِفْتَاحِ هُنَا تَفْرِيطٌ فَيَكُونُ شُبْهَةً تَدْرَأُ الْقَطْعَ قَالَ وَلَمْ أَجِدْ الْمَسْأَلَةَ مَنْصُوصَةً فَإِنْ صَحَّتْ وَجَبَ اسْتِثْنَاؤُهَا مِنْ قَوْلِهِمْ: إنَّ الدَّارَ الْمُغْلَقَةَ نَهَارًا حِرْزٌ وَقَوْلُهُ الظَّاهِرُ: إنَّ وَضْعَ الْمِفْتَاحِ إلَخْ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ قَالَ الْبُلْقِينِيُّ وَيَلْتَحِقُ بِإِغْلَاقِ الْبَابِ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ وَكَذَا قَوْلُهُ قَالَ وَكَذَا لَوْ كَانَ نَائِمًا إلَخْ (قَوْلُهُ فَلَيْسَتْ حِرْزًا لَهُ) إلَّا أَنْ يَكُونَ قَدْ نَامَ عَلَى الْبَابِ الْمَفْتُوحِ كَمَا قَالَهُ الدَّارِمِيُّ وَغَيْرُهُ (قَوْلُهُ وَجَزَمَ بِهِ ابْنُ الصَّبَّاغِ إلَخْ) وَأَمَّا أَبْوَابُهَا بِمَا عَلَيْهَا مِنْ غَلْقٍ وَحِلَقٍ وَمَسَامِيرَ فَمُحْرَزَةٌ بِتَرْكِيبِهَا وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِي الدَّارِ أَحَدٌ كَمَا ذَكَرَهُ هَؤُلَاءِ أَيْضًا وَمِثْلُهَا كَمَا قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَغَيْرُهُ سُقُوفُ الدَّارِ وَرُخَامُهَا وَجُدْرَانُهَا كَمَا سَيَأْتِي (قَوْلُهُ بَلْ يُوهِمُ أَنَّ مَا قَبْلَهُ مُخَالِفٌ لِمَا بَعْدَهُ وَلَيْسَ كَذَلِكَ) مُخَالَفَتُهُ لَهُ بِسَبَبِ أَنَّهُ لَيْسَ مُقَيَّدًا بِنَوْمِهِ وَكَتَبَ أَيْضًا يُخَالِفُ مَا بَعْدَهُ بِشُمُولِهِ حَالَ تَيَقُّظِ الْحَارِسِ (قَوْلُهُ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ) أَيْ وَغَيْرُهُ وَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ إلَخْ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ لِأَنَّ أَهْلَ السُّوقِ يَعْتَادُونَ ذَلِكَ) فَمَنْ سَرَقَ الْمَتَاعَ مِنْ الدَّكَاكِينِ فِي اللَّيْلِ وَفِي السُّوقِ حَارِسٌ قُطِعَ