الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بِسَمْنٍ وَأَقِطٍ وَأَكَلَهُ كَذَلِكَ
(وَلَوْ حَلَفَ لَا يَلْبَسُ الْخَاتَمَ فَجَعَلَهَا) الْأَوْلَى قَوْلُ أَصْلِهِ فَجَعَلَهُ (فِي غَيْرِ خِنْصَرِهِ) مِنْ أَصَابِعِهِ (حَنِثَتْ الْمَرْأَةُ لَا الرَّجُلُ) ؛ لِأَنَّهُ الْعَادَةُ فِي حَقِّهَا دُونَهُ أَمَّا جَعَلَهُ فِي الْخِنْصَرِ فَيَحْنَثُ بِهِ كُلٌّ مِنْهُمَا وَمَا قَالَهُ تَبِعَ فِيهِ ابْنَ الرِّفْعَةِ وَغَيْرَهُ أَخْذًا مِنْ كَلَامِهِمْ فِي الْوَدِيعَةِ بَلْ نَقَلَهُ ابْنُ الرِّفْعَةِ عَنْ الْجَامِعِ الْكَبِيرِ رَدًّا عَلَى قَوْلِ الْأَصْلِ فَعَنْ الْمُزَنِيّ فِي الْجَامِعِ أَنَّهُ لَا يَحْنَثُ؛ لِأَنَّهُ لَا يُلْبَسُ عَادَةً فِي غَيْرِ الْخِنْصَرِ وَتَابَعَهُ الْبَغَوِيّ وَقَاسَهُ عَلَى مَا لَوْ حَلَفَ لَا يَلْبَسُ الْقَلَنْسُوَةَ فَجَعَلَهَا فِي رِجْلِهِ وَاَلَّذِي حَكَاهُ الرُّويَانِيُّ عَنْ الْأَصْحَابِ أَنَّهُ يَحْنَثُ أَيْ مُطْلَقًا قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: وَهُوَ الرَّاجِحُ لِوُجُودِ حَقِيقَةِ اللُّبْسِ وَصِدْقِ الِاسْمِ قَالَ: وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ لُبْسِهِ فِي الْأُنْمُلَةِ الْعُلْيَا وَالْوُسْطَى وَالسُّفْلَى
(فَصْلٌ) لَوْ (حَلَفَ لَا يَخْرُجُ فُلَانٌ إلَّا بِإِذْنِهِ) أَوْ بِغَيْرِ إذْنِهِ أَوْ حَتَّى يَأْذَنَ لَهُ (فَخَرَجَ بِلَا إذْنٍ) مِنْهُ (حَنِثَ أَوْ بِإِذْنٍ فَلَا) يَحْنَثُ (وَلَوْ لَمْ يَعْلَمْ) بِإِذْنِهِ لِحُصُولِ الْإِذْنِ (وَانْحَلَّتْ الْيَمِينُ فِي الْحَالَيْنِ) أَيْ حَالَتَيْ الْحِنْثِ وَعَدَمِهِ حَتَّى لَوْ خَرَجَ بَعْدَ ذَلِكَ بِغَيْرِ إذْنٍ أَوْ بِإِذْنٍ لَمْ يَحْنَثْ (وَلَوْ كَانَ) الْحَلِفُ (بِطَلَاقٍ) كَأَنْ قَالَ لِزَوْجَتِهِ: إنْ خَرَجْت أَوْ إنْ خَرَجْت أَبَدًا بِغَيْرِ إذْنِي فَأَنْت طَالِقٌ (فَخَرَجَتْ وَادَّعَى الْإِذْنَ) لَهَا فِي الْخُرُوجِ وَأَنْكَرَتْ وَلَا بَيِّنَةَ لَهُ (فَالْقَوْلُ قَوْلُهَا) بِيَمِينِهَا (وَتَنْحَلُّ) الْيَمِينُ (بِخَرْجَةٍ) وَاحِدَةٍ سَوَاءٌ أَكَانَتْ بِإِذْنٍ أَمْ لَا؛ لِأَنَّهَا تَعَلَّقَتْ بِخَرْجَةٍ وَاحِدَةٍ إذْ لَيْسَ فِيهَا مَا يَقْتَضِي التَّكْرَارَ فَصَارَ كَمَا لَوْ قَيَّدَهَا بِوَاحِدَةٍ؛ وَلِأَنَّ لِهَذِهِ الْيَمِينِ جِهَةَ بِرٍّ، وَهِيَ الْخُرُوجُ بِإِذْنٍ وَجِهَةَ حِنْثٍ، وَهِيَ الْخُرُوجُ بِدُونِهِ؛ لِأَنَّ الِاسْتِثْنَاءَ يَقْتَضِي النَّفْيَ وَالْإِثْبَاتَ جَمِيعًا وَإِذَا كَانَ لَهَا جِهَتَانِ وَوُجِدَتْ إحْدَاهُمَا تَنْحَلُّ الْيَمِينُ بِدَلِيلِ مَا لَوْ حَلَفَ لَا يَدْخُلُ الْيَوْمَ الدَّارَ وَلَيَأْكُلَن هَذَا الرَّغِيفَ فَإِنَّهُ إنْ لَمْ يَدْخُلْ الدَّارَ فِي الْيَوْمِ بَرَّ، وَإِنْ تَرَكَ أَكْلَ الرَّغِيفِ، وَإِنْ أَكَلَهُ بَرَّ، وَإِنْ دَخَلَ الدَّارَ وَلَيْسَ كَمَا لَوْ قَالَ إنْ خَرَجْت لَابِسَةً حَرِيرًا فَأَنْت طَالِقٌ فَخَرَجَتْ غَيْرَ لَابِسَةٍ لَا تَنْحَلُّ حَتَّى يَحْنَثَ بِالْخُرُوجِ ثَانِيًا لَابِسَةً لَهُ؛ لِأَنَّ الْيَمِينَ لَمْ تَشْتَمِلْ عَلَى جِهَتَيْنِ، وَإِنَّمَا عَلَّقَ الطَّلَاقَ بِخُرُوجٍ مُقَيَّدٍ فَإِذَا وُجِدَ وَقَعَ الطَّلَاقُ (لَا فِي) التَّعْلِيقِ بِلَفْظِ (كُلَّمَا) أَوْ كُلَّ وَقْتٍ فَلَا يَنْحَلُّ بِخَرْجَةٍ وَاحِدَةٍ بَلْ يَتَكَرَّرُ الْحِنْثُ بِتَكَرُّرِ الْخُرُوجِ لِاقْتِضَائِهِ التَّكْرَارَ هَذَا إنْ كَانَتْ مَدْخُولًا بِهَا وَإِلَّا فَلَا تَكْرَارَ
(وَكَذَا لَوْ قَالَ إنْ خَرَجْت أَوْ مَهْمَا خَرَجْت) أَوْ نَحْوَهُمَا (غَيْرَ لَابِسَةٍ خُفًّا أَوْ حَرِيرًا) فَأَنْت طَالِقٌ (فَخَرَجَتْ لَابِسَةً) لَهُ (انْحَلَّتْ) يَمِينُهُ لِمَا مَرَّ (وَإِنْ قَالَ كُلَّمَا) خَرَجْت بِغَيْرِ إذْنِي فَأَنْتِ طَالِقٌ (فَطَرِيقُهُ) فِي عَدَمِ تَكَرُّرِ وُقُوعِ الطَّلَاقِ أَنْ يُجَدَّدَ الْإِذْنُ لِكُلِّ خَرْجَةٍ وَيُغْنِيهِ عَنْ ذَلِكَ (أَنْ يَقُولَ أَذِنْت لَك فِي الْخُرُوجِ كُلَّمَا أَرَدْت فَإِنْ أَذِنَ لَهَا) فِي الْخُرُوجِ (ثُمَّ رَجَعَ) عَنْ الْإِذْنِ (فَخَرَجَتْ) بَعْدُ (لَمْ يَحْنَثْ فِي قَوْلِهِ) فِي تَعْلِيقِهِ (حَتَّى) أَوْ إلَى أَنْ (آذَنَ) لَك؛ لِأَنَّهُ جَعَلَ إذْنَهُ غَايَةَ الْيَمِينِ، وَقَدْ حَصَلَ الْإِذْنُ (وَيَحْنَثُ فِي قَوْلِهِ) فِيهِ (بِغَيْرِ إذْنِي) أَوْ إلَّا بِإِذْنِي أَوْ بِلَا إذْنِي؛ لِأَنَّ خُرُوجَهَا بَعْدَ رُجُوعِهِ خُرُوجٌ بِغَيْرِ إذْنٍ وَلَا مَانِعَ قَالَ الْبَغَوِيّ فِي فَتَاوِيهِ وَلَوْ قَالَ لَا أَخْرُجُ حَتَّى أَسْتَأْذِنك فَاسْتَأْذَنَهُ فَلَمْ يَأْذَنْ فَخَرَجَ حَنِثَ؛ لِأَنَّ الِاسْتِئْذَانَ لَا يُغْنِي لِعَيْنِهِ بَلْ لِلْإِذْنِ وَلَمْ يَحْصُلْ نَعَمْ إنْ قَصَدَ الْإِعْلَامَ لَمْ يَحْنَثْ
(النَّوْعُ الْخَامِسُ فِي الْكَلَامِ هِجْرَانُ الْمُسْلِمِ حَرَامٌ فَوْقَ ثَلَاثٍ)
مِنْ الْأَيَّامِ (إلَّا لِبِدْعَةٍ أَوْ مَصْلَحَةِ دِينٍ أَوْ مُجَاهَرَةٍ بِظُلْمٍ أَوْ فِسْقٍ) كَمَا مَرَّ ذَلِكَ فِي بَابِ الشِّقَاقِ مَعَ التَّسْوِيَةِ بَيْنَ الْمُجَاهِرِ وَغَيْرِهِ، وَقَدْ صَوَّبَهَا الْإِسْنَوِيُّ وَجَزَمَ بِهَا الْأَذْرَعِيُّ قَالَ بَلْ الْمُسْتَتِرُ بِذَلِكَ أَوْلَى بِالْهِجْرَانِ؛ لِأَنَّهُ أَقْرَبُ إلَى الِارْتِدَاعِ مِنْ الْمُجَاهِرِ
(فَإِنْ قَالَ وَاَللَّهِ لَا أُكَلِّمُك فَتَنَحَّ عَنِّي أَوْ قُمْ) أَوْ اُخْرُجْ أَوْ غَيْرَهَا (وَلَوْ مُتَّصِلًا) بِالْيَمِينِ (حَنِثَ) ؛ لِأَنَّهُ كَلَّمَهُ (لَا) إنْ كَلَّمَهُ (بِرَسُولٍ وَكِتَابٍ وَإِشَارَةٍ) بِرَأْسٍ أَوْ غَيْرِهِ وَلَوْ مِنْ أَخْرَسَ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يُكَلِّمْهُ حَقِيقَةً، وَإِنَّمَا أُقِيمَتْ إشَارَةُ الْأَخْرَسِ فِي الْمُعَامَلَاتِ مَقَامَ النُّطْقِ لِلضَّرُورَةِ كَذَا ذَكَرَهُ الْأَصْلُ وَتُعُقِّبَ بِمَا فِي فَتَاوَى الْقَاضِي مِنْ أَنَّهُ لَوْ حَلَفَ الْأَخْرَسُ لَا يَقْرَأُ الْقُرْآنَ فَقَرَأَهُ بِالْإِشَارَةِ حَنِثَ
ــ
[حاشية الرملي الكبير]
قَوْلُهُ وَمَا قَالَهُ تَتَبَّعَ فِيهِ ابْنُ الرِّفْعَةِ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ
(قَوْلُهُ قَالَ وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ لُبْسِهِ فِي الْأُنْمُلَةِ الْعُلْيَا وَالْوُسْطَى) وَالسُّفْلَى قَالَ ابْنُ الْعِمَادِ مَحَلُّهُ أَيْضًا مَا إذَا لَبِسَهُ فِي الْأُنْمُلَةِ السُّفْلَى الْمُتَّصِلَةِ بِالْكَفِّ فَإِنْ لَبِسَهُ فِي الْأُنْمُلَةِ الْعُلْيَا مِنْهَا لَمْ يَحْنَثْ وَقَدْ ذَكَرَ الْقَاضِي فِي فَتَاوِيهِ الَّتِي رَتَّبَهَا الْبَغَوِيّ أَنَّهُ لَا يَكُونُ مُتَخَتِّمًا إذَا لَبِسَهُ فِي غَيْرِ الْأُنْمُلَةِ السُّفْلَى
[فَصْلٌ حَلَفَ لَا يَخْرُجُ فُلَانٌ إلَّا بِإِذْنِهِ فَخَرَجَ بِلَا إذْنٍ]
(فَصْلٌ)(قَوْلُهُ لَوْ حَلَفَ لَا يَخْرُجُ فُلَانٌ إلَّا بِإِذْنِهِ) حَذَفَ الْمُصَنِّفُ قَوْلَهُ أَصْلُهُ لَوْ قَالَ إنْ خَرَجْت بِغَيْرِ إذْنِي لِغَيْرِ عِيَادَةٍ فَأَنْت طَالِقٌ فَخَرَجَتْ لِعِيَادَةٍ وَعَرَضَتْ لَهَا حَاجَةٌ فَاشْتَغَلَتْ بِهَا لَمْ تَطْلُقْ، وَإِنْ خَرَجَتْ لَهَا وَلِغَيْرِهَا فَفِي الشَّامِلِ عَنْ الْأُمِّ أَنَّهُ لَا يَحْنَثُ وَذَكَرَ الْبَغَوِيّ أَنَّهُ الْأَصَحُّ قَالَ النَّوَوِيُّ: قُلْت الصَّوَابُ الْجَزْمُ بِأَنَّهُ لَا يَحْنَثُ وَقَالَ فِي الْمُهِمَّاتِ هُنَا أَنَّ مَا ذَكَرَهُ النَّوَوِيُّ هُنَا مِنْ أَنَّهُ لَا يَحْنَثُ قَدْ ذَكَرَ فِي كِتَابِ الطَّلَاقِ خِلَافَهُ (قَوْلُهُ فَالْقَوْلُ قَوْلُهَا بِيَمِينِهَا) وَقَالَ ابْنُ كَجٍّ الْقَوْلُ قَوْلُهُ بِيَمِينِهِ
(قَوْلُهُ غَيْرَ لَابِسَةٍ خُفًّا أَوْ حَرِيرًا) أَوْ إلَّا لَابِسَتَهُ
(النَّوْعُ الْخَامِسُ)(قَوْلُهُ هَجْرُ الْمُسْلِمِ حَرَامٌ فَوْقَ ثَلَاثٍ) قَالَ ابْنُ الْعِمَادِ وَمَحَلُّ جَوَازِ الْهَجْرِ أَنَّ فِي الثَّلَاثِ فِي غَيْرِ الْأَبَوَيْنِ أَمَّا الْأَبَوَانِ فَيَحْرُمُ عَلَى الْوَلَدِ مُهَاجَرَتُهُمَا مُطْلَقًا وَكَذَلِكَ الْأَنْبِيَاءُ صَلَّى اللَّهُ وَسَلَّمَ عَلَيْهِمْ وَالسَّادَاتُ وَمَنْ تَجِبُ طَاعَتُهُ مِنْ وُلَاةِ الْأُمُورِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الأَمْرِ مِنْكُمْ} [النساء: 59] وَقَوْلُهُ {اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُمْ} [الأنفال: 24] وَقَوْلُهُ فَيَحْرُمُ عَلَى الْوَلَدِ إلَخْ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ
(قَوْلُهُ فَإِنْ قَالَ وَاَللَّهِ لَا أُكَلِّمُك فَتَنَحَّ إلَخْ) وَلَوْ قَالَ وَاَللَّهِ لَا أُكَلِّمُك ثُمَّ أَعَادَ مَرَّةً أُخْرَى حَنِثَ بِالْإِعَادَةِ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ سَكَتُوا عَنْ ضَبْطِ الْكَلَامِ الَّذِي يَحْنَثُ بِهِ وَيَنْبَغِي أَنْ يُقَالَ هُوَ اللَّفْظُ الْمُرَكَّبُ وَلَوْ بِالْقُوَّةِ لِإِفَادَةِ الْمُخَاطَبِ مَا فِيهِ وَاعْتَبَرَ الْمَاوَرْدِيُّ وَالْقَفَّالُ الْمُوَاجِهَةَ بِهِ (قَوْلُهُ وَتَعَقَّبَ بِمَا فِي فَتَاوَى الْقَاضِي مِنْ أَنَّهُ لَوْ حَلَفَ إلَخْ) إذَا أَشَارَ بِالْقِرَاءَةِ كَالنُّطْقِ بِهَا لِلضَّرُورَةِ وَإِلَّا لَمْ تَصِحَّ صَلَاتُهُ بِهَا وَكَتَبَ أَيْضًا إنَّمَا أُقِيمَتْ إشَارَةُ الْأَخْرَسِ مَقَامَ نُطْقِهِ فِي مَسْأَلَةِ الْقِرَاءَةِ أَخْذًا مِنْ الِاكْتِفَاءِ بِهَا عَمَّا طُلِبَ مِنْهُ مِنْ الْقِرَاءَةِ فَلَا فَرْقَ بَيْنَ مَنْ كَانَ أَخْرَسَ حَالَ حَلِفِهِ وَمَنْ طَرَأَ خَرَسُهُ وَفِي مَسْأَلَةِ الْمَشِيئَةِ؛ لِأَنَّهَا مِنْ الْمُعَامَلَاتِ
وَبِمَا مَرَّ فِي الطَّلَاقِ مِنْ أَنَّهُ لَوْ عَلَّقَهُ بِمَشِيئَةِ نَاطِقٍ فَخَرِسَ وَأَشَارَ بِالْمَشِيئَةِ طَلُقَتْ وَيُجَابُ عَنْ الْأَوَّلِ بِأَنَّ الْخَرَسَ مَوْجُودٌ فِيهِ قَبْلَ الْحَلِفِ وَفِي مَسْأَلَتِنَا بَعْدَهُ وَعَنْ الثَّانِي بِأَنَّ الْكَلَامَ مَدْلُولُهُ اللَّفْظُ فَاعْتُبِرَ بِخِلَافِ الْمَشِيئَةِ، وَإِنْ كَانَتْ تُؤَدَّى بِاللَّفْظِ (وَيَرْتَفِعُ بِهَا) أَيْ بِالرِّسَالَةِ وَالْكِتَابَةِ وَالْإِشَارَةِ (الْإِثْمُ) أَيْ إثْمُ الْهِجْرَانِ (فِي حَالِ الْغَيْبَةِ) لِأَحَدِهِمَا (إنْ) صَوَابُهُ أَوْ (كَانَتْ الْمُوَاصَلَةُ) بَيْنَهُمَا قَبْلَ الْهِجْرَانِ (بِهَا وَتَضَمَّنَتْ) فِي الْحَالَيْنِ (الْأُلْفَةَ) بَيْنَهُمَا (لَا إنْ كَانَ فِيهَا إيذَاءٌ) وَإِيحَاشٌ فَلَا يَرْتَفِعُ بِهَا الْإِثْمُ بَلْ هِيَ زِيَادَةُ وَحْشَةٍ وَتَأْكِيدٍ لِلْمُهَاجَرَةِ وَلَا إنْ كَانَتْ فِي حَالِ الْحُضُورِ وَلَمْ تَكُنْ الْمُوَاصَلَةُ بَيْنَهُمَا قَبْلَ الْهِجْرَانِ بِهَا وَلَوْ حَلَفَ أَنْ يُهَاجِرَهُ فَرَاسَلَهُ أَوْ كَاتَبَهُ أَوْ أَشَارَ إلَيْهِ فَإِنْ كَانَ إثْمُ الْهِجْرَانِ لَا يَرْتَفِعُ بِهَا مَا لَمْ يَحْنَثْ وَإِلَّا حَنِثَ صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ (وَيَحْنَثُ) فِيمَا لَوْ حَلَفَ لَا يُكَلِّمُهُ أَوْ لَا يُسَلِّمُ عَلَيْهِ (بِسَلَامٍ عَلَيْهِ) ؛ لِأَنَّهُ كَلَامٌ وَسَلَامٌ.
(وَكَذَا) بِسَلَامٍ (عَلَى قَوْمٍ هُوَ فِيهِمْ) وَعَلِمَ بِهِ (وَإِنْ كَانَ سَلَامُ الصَّلَاةِ) عَمَلًا فَظَاهِرُ اللَّفْظِ وَظَاهِرٌ أَنَّ مَحَلَّ ذَلِكَ إذَا سَمِعَ سَلَامَهُ، وَبِهِ صَرَّحَ الْبَغَوِيّ كَمَا نَقَلَهُ الْأَذْرَعِيُّ وَنُقِلَ عَنْ الْمَاوَرْدِيِّ أَنَّهُ لَوْ كَلَّمَهُ، وَهُوَ مَجْنُونٌ أَوْ مُغْمًى عَلَيْهِ وَكَانَ لَا يَعْلَمُ بِالْكَلَامِ لَمْ يَحْنَثْ وَإِلَّا حَنِثَ، وَإِنْ لَمْ يَفْهَمْهُ وَأَنَّهُ لَوْ كَلَّمَهُ، وَهُوَ نَائِمٌ بِكَلَامٍ يُوقِظُ مِثْلَهُ حَنِثَ وَإِلَّا فَلَا، وَأَنَّهُ لَوْ كَلَّمَهُ، وَهُوَ بَعِيدٌ مِنْهُ فَإِنْ كَانَ بِحَيْثُ يَسْمَعُ كَلَامَهُ حَنِثَ، وَإِلَّا فَلَا، سَمِعَ كَلَامَهُ أَمْ لَا وَسَتَأْتِي مَسْأَلَةُ الْإِيقَاظِ مَعَ زِيَادَةٍ تُوَافِقُ كَلَامَ الْبَغَوِيّ وَتَوَقَّفَ الْأَذْرَعِيُّ فِي الْحِنْثِ بِسَلَامِ الصَّلَاةِ وَقَالَ الرَّاجِحُ الْمُخْتَارُ الَّذِي دَلَّتْ عَلَيْهِ قَوَاعِدُ الْبَابِ وَالْعُرْفُ الظَّاهِرِ أَنَّهُ لَا يَحْنَثُ بِهِ؛ لِأَنَّهُ لَا يُقَالُ كَلَّمَهُ أَصْلًا بِخِلَافِ السَّلَامِ مُوَاجَهَةً خَارِجَ الصَّلَاةِ وَفِيمَا قَالَهُ نَظَرٌ (لَا إنْ اسْتَثْنَاهُ) مِنْ الْقَوْمِ فِي سَلَامِهِ عَلَيْهِمْ (وَلَوْ بِنِيَّتِهِ) فَلَا يَحْنَثُ؛ لِأَنَّ اللَّفْظَ الْعَامَّ يَقْبَلُ التَّخْصِيصَ (وَيَحْنَثُ بِتَفْهِيمٍ بِقِرَاءَةٍ) بِأَنْ قَرَأَ آيَةً أَفْهَمَهُ بِهَا وَلَمْ يَقْصِدْ قِرَاءَةً؛ لِأَنَّهُ كَلَّمَهُ بِخِلَافِ مَا إذَا قَصَدَهَا؛ لِأَنَّهُ لَمْ يُكَلِّمْهُ (لَا بِفَتْحِهَا) أَيْ الْقِرَاءَةِ عَلَيْهِ (وَلَا بِتَسْبِيحٍ وَلَوْ لِسَهْوٍ) مِنْ إمَامِهِ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يُكَلِّمْهُ وَظَاهِرٌ مِمَّا مَرَّ فِي الصَّلَاةِ أَنَّ مَحَلَّ ذَلِكَ إذَا قَصَدَ بِهِ الْقِرَاءَةَ أَوْ الذِّكْرَ وَإِلَّا فَيَحْنَثُ بِهِ فَيُسَاوِي قِرَاءَةَ الْآيَةِ الْمُفْهِمَةِ لِلْغَرَضِ، وَإِنْ فَرَّقَ بَيْنَهُمَا بَعْضُهُمْ بِأَنَّ ذَلِكَ مِنْ مَصَالِحِ الصَّلَاةِ بِخِلَافِ قِرَاءَةِ الْآيَةِ وَقَوْلُهُ وَلَوْ مِنْ زِيَادَتِهِ
(فَرْعٌ) لَوْ (حَلَفَ لَا يَتَكَلَّمُ حَنِثَ) بِكُلِّ كَلَامٍ حَتَّى (بِشِعْرٍ) رَدَّدَهُ مَعَ نَفْسِهِ؛ لِأَنَّهُ كَلَامٌ (لَا بِذِكْرٍ) مِنْ تَسْبِيحٍ وَتَهْلِيلٍ وَتَكْبِيرٍ وَدُعَاءٍ (وَقِرَاءَةِ قُرْآنٍ) وَلَوْ جُنُبًا؛ لِأَنَّ الْكَلَامَ عُرْفًا يَنْصَرِفُ إلَى كَلَامِ الْآدَمِيِّينَ فِي مُحَاوَرَاتِهِمْ وَفِي خَبَرِ مُسْلِمٍ إنَّ هَذِهِ الصَّلَاةَ لَا يَصْلُحُ فِيهَا شَيْءٌ مِنْ كَلَامِ النَّاسِ إنَّمَا هُوَ التَّسْبِيحُ وَالتَّكْبِيرُ وَقِرَاءَةُ الْقُرْآنِ وَعُلِمَ بِذَلِكَ تَخْصِيصُ عَدَمِ الْحِنْثِ بِمَا لَا يُبْطِلُ الصَّلَاةَ وَبِهِ صَرَّحَ الْقَاضِي أَبُو الطَّيِّبِ فَلَوْ حَلَفَ لَا يَسْمَعُ كَلَامَ زَيْدٍ لَمْ يَحْنَثْ بِسَمَاعِ قِرَاءَةِ الْقُرْآنِ قَالَهُ الْجِيلِيُّ (وَ) لَا (قِرَاءَةِ شَيْءٍ مِنْ التَّوْرَاةِ) أَوْ الْإِنْجِيلِ (لِلشَّكِّ) فِي أَنَّ الَّذِي قَرَأَهُ مُبَدَّلٌ أَمْ لَا وَيُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّهُ لَا يَحْنَثُ بِمَا يَعْلَمُهُ مُبَدَّلًا كَأَنْ قَرَأَ جَمِيعَ التَّوْرَاةِ أَوْ الْإِنْجِيلِ
(أَوْ) حَلَفَ (لَيُثْنِيَن عَلَى اللَّهِ بِأَحْسَنِ الثَّنَاءِ أَوْ أَعْظَمِهِ) أَوْ أَجَلِّهِ (فَلْيَقُلْ لَا أُحْصِي ثَنَاءً عَلَيْك أَنْتَ كَمَا أَثْنَيْت عَلَى نَفْسِك) زَادَ عَلَيْهِ إبْرَاهِيمُ الْمَرُّوذِيُّ فَلَكَ الْحَمْدُ حَتَّى تَرْضَى وَذَلِكَ؛ لِأَنَّ أَحْسَنَ الثَّنَاءِ مَثَلًا ثَنَاءُ اللَّهِ عَلَى نَفْسِهِ؛ وَلِأَنَّ الِاعْتِرَافَ بِالْقُصُورِ عَنْ الثَّنَاءِ وَالْحَوَالَةِ عَلَى ثَنَائِهِ عَلَى نَفْسِهِ أَبْلَغُ الثَّنَاءِ وَأَحْسَنُهُ وَزَادَ الْمُتَوَلِّي فِي أَوَّلِ الذِّكْرِ سُبْحَانَك (أَوْ) حَلَفَ (لَيَحْمَدَنهُ بِمَجَامِع الْحَمْدِ) أَوْ بِأَجَلِّ التَّحْمِيدِ (فَلْيَقُلْ الْحَمْدُ لِلَّهِ حَمْدًا يُوَافِي نِعَمَهُ وَيُكَافِئُ مَزِيدَهُ) يُقَالُ إنَّ جِبْرِيلَ عَلَّمَهُ لِآدَمَ عليهما السلام
ــ
[حاشية الرملي الكبير]
(قَوْلُهُ وَبِمَا مَرَّ فِي الطَّلَاقِ مِنْ أَنَّهُ لَوْ عَلَّقَهُ إلَخْ) ؛ لِأَنَّ إشَارَتَهُ بِمَشِيئَتِهِ كَنُطْقِهِ بِهَا لِلضَّرُورَةِ وَلَا ضَرُورَةَ إلَى إقَامَتِهَا مَقَامَ الْكَلَامِ فِي الْحِنْثِ (قَوْلُهُ صَوَابُهُ) أَوْ هُوَ كَذَلِكَ فِي بَعْضِ النُّسَخِ (قَوْلُهُ وَعَلِمَ بِهِ) فَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ أَنَّهُ لَمْ يَحْنَثْ وَيُسْتَثْنَى مَا لَوْ قَالَ لَا أُكَلِّمُهُ عَامِدًا وَلَا نَاسِيًا فَإِنَّهُ إذَا كَلَّمَهُ نَاسِيًا يَحْنَثُ بِلَا خِلَافٍ لَوْ إذَا حَكَمْنَا بِعَدَمِ الْحِنْثِ فِي النَّاسِي وَالْجَاهِلِ فَلَا تَنْحَلُّ الْيَمِينُ عَلَى الْأَصَحِّ وَلَوْ قَالَ لَا أُكَلِّمُهُ الْيَوْمَ سِتَّةَ أَشْهُرٍ فَعَلَيْهِ أَنْ يَدَعَ الْكَلَامَ فِي ذَلِكَ الْيَوْمِ كُلَّمَا زَادَ فِي سِتَّةٍ إلَّا شَهْرٍ وَلَوْ قَالَ فِي يَوْمِ السَّبْتِ لَا أُكَلِّمُهُ الْيَوْمَ عَشَرَةَ أَيَّامٍ فَالْيَمِينُ عَلَى سَبَّتَيْنِ وَكَذَا لَوْ قَالَ لَا أُكَلِّمُهُ يَوْمَ السَّبْتِ يَوْمَيْنِ (قَوْلُهُ وَظَاهِرٌ أَنَّ مَحَلَّ ذَلِكَ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ وَكَأَنْ لَا يَعْلَمَ بِالْكَلَامِ) كَمَا لَوْ كَلَّمَهُ، وَهُوَ أَصَحُّ (قَوْلُهُ وَسَتَأْتِي مَسْأَلَةُ الْإِيقَاظِ) قَدَّمَ الْمُصَنِّفُ كَأَصْلِهِ حُكْمَ التَّكْلِيمِ فِي هَذِهِ الْأَحْوَالِ وَغَيْرِهَا فِي كِتَابِ الطَّلَاقِ (قَوْلُهُ وَفِيمَا قَالَهُ نَظَرٌ) وَرَدَّ ذَلِكَ الْبُلْقِينِيُّ وَقَالَ إنَّمَا أَخَذَهُ الرَّافِعِيُّ مِنْ الشَّامِلِ، وَإِنَّمَا ذَكَرَهُ فِي الشَّامِلِ بَحْثًا فَقَالَ أَنَّهُ الَّذِي يَقْتَضِيهِ الْمَذْهَبُ (قَوْلُهُ لَا إنْ اسْتَثْنَاهُ وَلَوْ بِنِيَّتِهِ فَلَا يَحْنَثُ) بِخِلَافِ مَا لَوْ حَلَفَ لَا يَدْخُلُ عَلَى فُلَانٍ فَدَخَلَ عَلَى قَوْمٍ هُوَ فِيهِمْ وَاسْتَثْنَاهُ بِقَلْبِهِ فَإِنَّهُ يَحْنَثُ لِوُجُودِ صُورَةِ الدُّخُولِ وَالْفَرْقُ بَيْنَهُمَا أَنَّ الِاسْتِثْنَاءَ لَا يَصِحُّ فِي الْأَفْعَالِ أَلَا تَرَى أَنَّهُ لَا يَصِحُّ أَنْ يُقَالَ دَخَلْت عَلَيْكُمْ إلَّا زَيْدًا وَيَصِحُّ سَلَّمْت عَلَيْكُمْ إلَّا زَيْدًا (قَوْلُهُ وَلَمْ يَقْصِدْ قِرَاءَةً) بِأَنْ قَصَدَ التَّفْهِيمَ فَقَطْ أَوْ أَطْلَقَ (قَوْلُهُ بِخِلَافِ مَا إذَا قَصَدَهَا) وَلَوْ مَعَ التَّفْهِيمِ (قَوْلُهُ وَظَاهِرٌ مِمَّا مَرَّ فِي الصَّلَاةِ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ
(فَرْعٌ) سُئِلَ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ عَنْ رَجُلٍ حَلَفَ لَيَنْفَرِدَن بِعِبَادَةِ اللَّهِ تَعَالَى لَا يُشَارِكُهُ فِيهَا غَيْرُهُ أَوْ نَذَرَ ذَلِكَ فَأَجَابَ بِأَنَّ سَبِيلَهُ أَنْ يَنْفَرِدَ بِالطَّوَافِ إذَا خَلَا الْبَيْتُ؛ لِأَنَّ غَيْرَهُ مِنْ الْعِبَادَاتِ يَجُوزُ أَنْ يُوَافِقَهُ غَيْرُهُ فِيهَا فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ قَالَ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ وَكَذَلِكَ الِانْفِرَادُ بِالْإِمَامَةِ الْعُظْمَى فَإِنَّ الْإِمَامَ لَا يَكُونُ إلَّا وَاحِدًا فَإِذَا قَامَ بِهَا وَاحِدٌ فَقَدْ انْفَرَدَ بِهَا بِعِبَادَةٍ، وَهِيَ أَعْظَمُ الْعِبَادَاتِ وَسُئِلَ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ عَنْ رَجُلٍ قَالَ لِزَوْجَتِهِ إنْ لَمْ أَشْتَرِ لَك كُلَّ شَيْءٍ فَأَنْت طَالِقٌ أَوْ نَذَرَ لَيَشْتَرِيَن لَهَا كُلَّ شَيْءٍ فَأَجَابَ بِأَنَّهُ يَشْتَرِي لَهَا مُصْحَفًا كَرِيمًا فَلَا يَحْنَثُ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {مَا فَرَّطْنَا فِي الْكِتَابِ مِنْ شَيْءٍ} [الأنعام: 38] (قَوْلُهُ وَعُلِمَ بِذَلِكَ تَخْصِيصُ عَدَمِ الْحِنْثِ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ وَكَذَا قَوْلُهُ وَيُؤْخَذُ مِنْهُ إلَخْ.
(قَوْلُهُ وَلَوْ حَلَفَ لَيُثْنِيَن عَلَى اللَّهِ بِأَحْسَنِ الثَّنَاءِ أَوْ أَعْظَمِهَا إلَخْ) وَلَوْ قَالَ لَأَدْعُوَنهُ بِاسْمِهِ الْأَعْظَمِ قَالَ الْبَغَوِيّ فِي تَعْلِيقِهِ دَعَاهُ بِتِسْعَةٍ وَتِسْعِينَ اسْمًا فَيَبَرُّ